مواعظ وعبر في ذكر الموت وحقيقته .

أولاً : عن يوم وفاة النبي صل الله عليه وسلم :

من المعلوم أن رسول الله صل الله عليه وسلم أسوة حسنة للمسلمين في أقواله وأفعاله وجميع تصرفاته وسائر أحواله قال الله تعالى :" لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا" سورة الأحزاب ومن الثابت أيضا أنه ليس هناك أحد في المخلوقين أحب إلى الله تعالى من رسول الله صل الله عليه وسلم ومع هذا لم يؤخره الله تعالى حين انقضى أجله وقد لقي رسول الله صل الله عليه وسلم من الموت شدة" وروى البخاري في صحيحه من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت كان بين يدي رسول الله صل الله عليه وسلم ـ ركوة أو علبة فيها ماء فجعل يدخل يده في الماء فيمسح بها وجه ويقول :" لا اله إلا الله " إن للموت لسكرات" وفى صحيح البخاري ومن حديث أنس رضي الله عنه قال لما ثقل النبي صل الله عليه وسلم " جعل يغشاه الكرب فقالت فاطمة رضي الله عنها الزهراء البتول واكرب أبتاه ،فقال لها ليس على أبيك كرب بعد اليوم " وروى ابن مسعود قال اجتمعنا في بيت أمنا عائشة رضي الله عنها فنظر إلينا رسول الله صل الله عليه وسلم فدمعت عيناه فنعى إلينا نفسه وقال مرحبا حياكم الله بالسلام وحفظكم الله رعاكم الله جمعكم الله نصركم الله وفقكم الله نفعكم الله رفعكم الله سلمكم الله أوصيكم بتقوى الله وأوصى الله بكم وأستخلفه عليكم قلنا يا رسول الله صل الله عليه وسلم متى أجلك ؟ قال : قد دنا الأجل والمنقلب إلى الله والى سدرة المنتهى وجنة المأوى والفردوس الأعلى فقلنا يا رسول الله صل الله عليه وسلم من يصلى عليك ؟ وبكينا فقال مهلا رحمكم الله وجزاكم عن نبيكم خيرا إذا غسلتموني و كفنتموني فضعوني على سريري هذا على شفير قبري ثم أخرجوا عنى ساعة فان أول من يصلى على خليلي وحبيبيي جبريل ثم ميكائيل ثم اسرافيل ثم ملك الموت ثم ملائكة كثيرة ثم اخلوا على فوجاً فوجاً فصلوا على وسلموا تسليما ولا تؤذوني بتذكية ولا برنة ولا بصيحة وليبدأ بالصلاة على أهل بيتى ثم نساؤهم ثم أنتم بعد وأقرؤوا السلام على من غاب عنى من أصحابي وعلى من تابعني على ديني إلى يوم القيامة ألا أنى أشهدكم أنى قد سلمت على كل من دخل (1) ـ في الإسلام ولقد دخل عليه جبريل قبل موته بثلاثة أيام فقال إن الله قد أرسلني إليك يسألني عما هو أعلم به منك يقول كيف تجدك ؟ فقال أجدني يا جبريل مغموما وأجدني يا جبريل مكروبا ثم أتاه في اليوم الثاني فأعاد الكلام وأعاد عليه الجواب ثم جاءه في اليوم الثالث وأعاد عليه الكلام فأعاد عليه الجواب فإذا ملك الموت يستأذن فقال جبريل يا أحمد هذا ملك الموت يستأذن عليك ولم يستأذن على آدمي قبلك ولا يستأذن على آدمي بعدك فقال ائذن له فدخل فوقف بين يديه وقال إن الله أرسلني إليك وأمرني أن أطيعك فان أمرتني أن أقبض نفسك قبضتها وإن أمرتني أن أتركها تركتها قال صل الله عليه وسلم وتفعل يا ملك الموت قال كذلك أمرت أن أطيعك فقال جبريل يا أحمد إن الله قد اشتاق إليك فقال فا مض لما أمرت به يا ملك الموت فقال جبريل عليه السلام السلام عليك يا رسول الله هذا آخر موطني في الأرض إنما كنت حاجتي من الدنيا (2 ) ـ فتوفى رسول الله صل الله عليه وسلم مستندا إلى صدر الصديقة بنت الصديق عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وعن أبيها" ثاني اثنين إذا هما في الغار "في كساء ملبد وإزار غليظ وقامت الزهراء البتول سيدة نساء العالمين في الدنيا و الآخرة ورضي الله تعالى عنها تقول وتندب يا أبتاه أجاب ربا دعاه يا أبتاه جنة الفردوس مأواه يا أبتاه إلى جبريل ننعاه يا أبتاه من ربه ما أدناه فلما دفن قالت فاطمة رضي الله عنها يا أنس أطابت أنفسكم أن تحثوا التراب على رسول الله صل الله عليه وسلم وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه لما رأيت نبينا متجدلا __ضاقت على بعرضهن الدور __-وارتعت روعة مستهام واله ـ والعظم منى واهن مكسورا _-أعتيق ويحك إن حبك قد ثوى _-وبقيت منفردا وأنت حسير __- ياليتنى من قبل مهلك صاحبي __غيبت في جدث على صخور ـ ( 1) ـ حديث ضعيف جدا رواه ابن سعد في الطبقات والطبراني في الدعاء انظر شرح الإحياء (2 ) ـ رواه الطبراني من حديث الحسين بن على وفى سنده عبد الله بن ميمون القداح قال أبو حاتم متروك , وقال البخاري ذاهب الحديث وقال ابن حبان لا يجوز أن يُحتج بما انفرد به " وصل الله علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم

كل من عليها فان :

ان الموت نهاية كل حى ولايتفر د بالبقاء الا الله سبحانه وتعالى " يقول تعالى إنك ميت وانهم ميتون " سورة المؤمنون وفى الموت يستوى كل البشر بما فيهم محمد رسول الله صل الله غليه وسلم والموت ليس نهايه المطاف انما هو حلقة لما بعدها من حلقات النشأت المقدرة المدبرة التى ليس شئ منها عبثا ولا سدى وان لنا فى السلف الصالح أسوة حسنة وقدوة طيبة فقد كانوا يكثرون من ذكر الموت حتى فى أوقات الصفاء وأيام السرور وكان ذلك يبعثهم دائما على الجد فى طاعة الله والبعد عن ما يسخطه سبحانه استعداد للموت وما بعد الموت ولكن نحن اليوم الغفلة قد استحوذت علينا واشتغلنا بحطام الدنيا حتى نسينا الموت وأهوال يوم الفيامة وغرنا بالله الغرور والله تعالى يقول يا أيها الناس إتقوا ربكم وإخشوا يوما لا يجزى والدعن ولده ولامولود هو جاز عن والده شيئا إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور سورة لقمان ويقول تعالى كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام " سورة الرحمن فا عملوا للحياة الباقية ولخلود الأبد واعلموا أنكم ميتون وأنكم على رب العزة ستعرضون " قال تعالى ليجزى الذين أساءو بما عملوا ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى سورة النجم وفى الحديث القدسى عن رب العزة جل وعلا " وعزتى وجلالى لا أجمع على عبدى خوفين ولا أجمع له أمنين إن أمننى فى الدنيا أخفته يوم القيامة وإن خافنى فى الدنيا آمنته يوم القيامة " إن السعادة والشقاء فى الآخرة منوطان بأعمال المرء فى الحياة الدنيا _ والناس مجزيون بأعمالهم إن خيرا فخير وإن شرا فشر _ وكل ما عمله الإ نسان مسطور فى صحيفته وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال " قرأ رسول الله صل الله عليه وسلم يومئذ تحدث أخبارها " ثم قال أتدرون ما أخبارها قالوا الله ورسوله أعلم قال فان أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها تقول عملت كذا وكذا فى يوم كذا وكذا فهذه أخبارها رواه الترمذى وقال حسن صحيح " . وصل الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم

في ذم الدنيا وذكر الموت :

ذكر في بعض الآثار كما قيل في صحف إبراهيم عليه السلام :"
عجبت لمن أيقن بالنار ثم هو يضحك ـ
وعجبت لمن أيقن بالموت ثم هو يفرح ـ
وعجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها ثم اطمأن إليها
وعجبت لمن أيقن بالحساب غدا ثم لا يعمل ـ اهـ.
وفي الحديث قال رجل من الأنصار للنبي صل الله عليه وسلم :"من أكيس الناس ؟ قال : أكثرهم ذكرا للموت وأشدهم استعدادا له .أولئك الأكياس ذهبوا بشرف الدنيا وكرامة الآخرة .وقال عيسى ابن مريم عليه السلام : كما تنامون كذلك تموتون ، وكما تستيقظون كذلك تبعثون .وقال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه : أيها الناس اتقوا الله الذي إن قلتم سمع ، وإن أضمرتم علم ، وبادروا الموت الذي إن هربتم أدرككم ، وإن أقمتم أخذكم .وقال العلاء بن المسيب : ليس قبل الموت شيء إلا والموت أشد منه ، وليس بعد الموت شيء إلا الموت أيسر منه .وقال بعض الحكماء : إن للباقي بالماضي معتبرا ، وللآخر بالأول مزدجرا ، والسعيد لا يركن إلى الخدع ، ولا يغتر بالطمع .وقال بعض الصلحاء : إن بقاءك إلى فناء ، وفناءك إلى بقاء ، فخذ من فنائك الذي لا يبقى ؛لبقائك الذي لا يغني .أدب الدنيا والدين.ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

إن للموت لسكرات :

قال تعالى - وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ماكنت منه تحيد " سورة ق __ عند ذلك يستشعر الإنسان الندم على ما مضى ويحس بعواقب التفريط والإهمال وقد تغير لونه وغارت عيناه ومال عنقه وأنفه وذهب حسنه وجماله وخرس لسانه وصار بين أهله وأصدقائه ينظر ولا يفعل ويسمع ولا ينطق ويقلب بصره فيمن حوله من أولاده وأهله وإخوانه وأقاربه وأحبابه وجيرانه ينظرون ما يقاسيه من كرب وشدةولكنهم عن انقاذه وتخفيف كربه عاجزون وبعد أن كانوا يحبون حياته وبقائه صاروا يتمنون موته وراحته وهو يعلم أنه عما قليل مأخوذ من بينهم حيث لا يقدرون على منعه ولا يستطيعون رد روحه الى بدنه " قال تعالى " فلولا اذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون ونحن أقرب اليه منكم ولا تبصرون فلةلا إن كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صادقين " سورة الواقعة ثم لايزال يعالج سكرات الموت ويشتد به النزع وقد تتابع نفسه واختل نبضه وتعطل سمعه وبصره كما تعطل قبل ذلك لسانه حتى اذا جاء الأجل ونفد القضاء وفاضت روحه الى السماء صار جثة هامدة وجيفة بين أهله وعشيرته قد استوحشوا من جانبه وتباعدوا من قربه ومات اسمه الذى كانوا يعرفون كما مات شخصه الذى كانوا يأنسون به وأصبحوا يقولون (الميت ) بعد ما كانوا ينادونه باسمه حيا إنا لله وإنا اليه راجعون ثم أخذه الغاسل فجرده من ثيابه وصار يقلبه بين يديه عريانا ويضع يده فى سوءته وعورته وقد كان يستحى من ذلك ويخجل منه حال حياته ثم أدرج فى أكفانه كما يدرج المتع فى لفافته وبعد الصلاة عليه يحملونه الى حفرة عمبقة ضيقة مظلمة موحشة وتركوه فيها وحيدا فريدا لا أنيس له ولا رفيق سوى عمله ورحمة مولاه فيضمه القبر وتحضره الملائكة يسألونه عن إعتقاده فى الله ورسوله وكتابه وعن طاعته وعبادته وكيف كانت معاملته للناس أما المؤمن الطائع فملهم موفق مكرم مرحوم وأما المنافق العاصى فمضطرب مخذول مهان معذب والقبر بعد ذلك روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار فيا عباد كفى بالموت واعظا فأكثروا من تذكره وأطيلوا التفكر فيما بعده من مخاوف القبر وأهوال يوم القيامة فان تذكركم الموت يحمل على الاستعداد له ويكف المرء عن الشرور والغواية ويهون عليه كثير من هموم الدنيا والدنيا كلها متاعب وهموم والآخرة راحة وصفاء " وإن الدار الآخرة لهى الحيوان لو كانوا يعلمون " إن المعاصى شهوة قصيرة عاجلة وشقوة ملازمة ونار حامية وذل شديد وعذاب أليم فى الدنيا والآخرة فخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك وتزود لسفر طويل واستعد لحساب عسير يوم ينظر المرء ما قدمت يداه يوم يعض الظالم نادما على ماجناه" يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار وترى المجرمين مقرانين فى الأصفاد سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار ليجزى الله كل نفس ماكسبت هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا انما هو إله واحد وليذكر ألوا الألباب "سورة ابراهيم وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من أحب لقاء الله :

جمع الله تعالى الموت والحياة فى عدد غير قليل من آيات القرآن الكريم فالحياة ميلاد وكدح واختبار والموت بعده حساب وجزاء قال تعالى " كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام " ويقول تعالى " كل شئ هالك الا وجهه له الحكم واليه ترجعون " وقال تعالى " انك ميت وانهم ميتون " وكراهية الموت ظاهرة طبيعية لأن الموت انتقال من دار مألوفة الى دار غير مألوفة ولكن المؤمن عندما يرى مكانته فى الجنة وثواب الأعمال الصالحة يحب لقاء الله ويحب الله لقائه وفى الحديث النبوى الشريف أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال " من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقا ءه فقالت عائشة رضى الله تعالى عنها ليس ذاك ولكن المؤمن اذا كان فى اقبال على الآخرة وأعرض عن الدنيا فحين يكشف الغطاء وير ما أعده الله له من الثواب يحب لقاء الله ويحب الله لقاءه والكافر أو الفاجر حين يكشف الغطاء يكره لقاء الله ويكره الله لقاءه
" اللهم انا نسألك بك نفسا مطئنة تؤمن بلقائك وترضى بقضائك وتقنع بعطائك " . وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثرا عدد ما ذكرك الذاكرون وغفل عن ذكرك الغافلون

الإستعداد للموت قبل الموت :

عن ابن مسعود رضى الله تعالى عنه قال تلا رسول الله صل الله عليه وسلم قوله تعالى " فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد الى السماء " سورة الأنعام فقال إن النور إذا دخل الصدر انفسح فقيل يارسول الله هل لذلك من علامة تعرف ؟ قال تعم التجافى عن دار الغرور والإنابة الى دار الخلود والإستعداد للموت قبل قبل نزوله رواه البيهقى فى الشعب وابن أبى الدنيا وغيرهم من طرق عديدة وقال عمر رضى الله عنه التؤده فى كل شئ خير الا فى أعمال الخير للأخرة _ وقال بن مسعود رضى الله عنه ما منكم من أحد أصبح الا وهو ضيف وماله عارية والضيف مرتحل والعارية مؤداة رواه الطبرانى _ وكان الحسن يقول فى موعظته " المبادرة المبادرة فإنما الأنفاس لو حبست انقطعت عنكم أعمالكم التى تتقربون بها الى الله عزوجل رحم الله امرأ نظر الى نفسه وبكى على عدد ذنوبه ثم قرأ هذه الآية " إنما نعد لهم عدا " سورة مريم يعن الأنفاس " آخر العدد خروج نفسك آخر العدد خروج فراقك أهلك آخر العدد دخولك فى قبرك رواه ابن أبى الدنيا فرحم الله أمرأ علم أن الدنيا ساعو فجعلها طاعة وابتغى الرحمة وهرب من العقوبة حتى جاءه أجله وهو على ذلك " . وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من الكلمات الجامعة :

عن سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه " خير الغنى غنى النفس وخير الزاد التقوى وشر العمى عمى القلب وأعظم الخطايا الكذب وشر المكاسب الربا وشر المأكل مال اليتيم ومن يعف يعف الله عنه ومن يغفر يغفر الله له" وقال عيسى ابن مريم عليه السلام : لا تنازعوا أهل الدنيا في دنياهم فينازعوكم في دينكم ، فلا دنياهم أصبتم ، ولا دينكم أبقيتم .وقال علي بن أبي طالب : لا تكن ممن يقول في الدنيا بقول الزاهدين ، ويعمل فيها عمل الراغبين ، فإن أعطي منها لم يشبع ، وإن منع منها لم يقنع .يعجز عن شكر ما أوتي ، ويبتغي الزيادة فيما بقي ، وينهى الناس ولا ينتهي ، ويأمر بما لا يأتي .يحب الصالحين ولا يعمل بعملهم ، ويبغض الطالحين وهو منهم . وقيل لأبي هريرة رضي الله عنه : ما التقوى ؟ فقال : أجزت في أرض فيها شوك ؟ فقال : نعم .فقال : كيف كنت تصنع ؟ فقال : كنت أتوقى .قال : فتوق الخطايا .وقال عبد الله بن المبارك : أيضمن لي فتى ترك المعاصي وأرهنه الكفالة بالخلاص أطاع الله قوم واستراحوا ولم يتجرعوا غصص المعاصي " دعاءمؤلف : اللهم حسن أخلاقنا وأصلح نياتنا وأصلح لنا أعمالنا واسترنا بسترك الجميل ولا تفضحنا بين خلقك " اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

عظة الموت :

العظة بالموت يعرفها كل إنسان ولكن للأسف لايلقى لها بالا ولا يهتم بها بل تمر عليه مر الكرام والبعض قد يتخذ منها مجالا للتندر والفكاهة وكأنهم يجلسون فى مجلس لهو وسمر , قال تعالى " ياأيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملقيه , فأما من أوتى كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا , وينقلب إلى أهله مسرور, وأما من أوتى كتابه وراء ظهره فسوف يدعوا ثبورا, ويصلى سعيرا, إنه كان فى أهله مسروا, إنه ظن أن لن يحور , بلى إن ربه كان به بصيرا " سورة الإنشقاق - والمعنى من التفسير _ من الآية 6_ ياأيها الإنسان إنك ساع إلى الله وعامل أعمالا من خير أو شر , ثم تلاقى الله يوم القيامة فلا تعدم منه جزاء بالفضل أو العدل _ والآية 7_ 9_ فأما من أعطى صحيفة أعماله بيمينه وهو المؤمن بربه فسوف يحاسب حسابا سهلا ويرجع إلى أهله فى الجنة _ والآية _ 10_15_ وأما من أعطى صحيفة أعماله من وراء , وهو الكافر بالله فسوف يدعوا بالهلاك والثبور , ويدخل النار مقاسيا حرها إنه كان فى أهله فى الدنيا مسرورا مغرورا ولايفكر فى العواقب إنه ظن أن لن يرجع إلى خالقه حيا للحساب بلى سيعيده الله كما بدء , ويجازيه على أعماله إن ربه كان به بصيرا عليما بحاله من يوم خلقه إلى أن بعثه " فاأيها الإنسان تذكر يوم أن تحمل على أعناق الرجال وأنت تنادى قائلا _ ياأهلى وياأحبابى ياعشيرتى ويا أصحابى يا من أخذتم أموالنا ولبستم ثيابنا وسكنتم ديارنا لاتلعبن بكم الدنيا كما لعبت بنا لقد جمعت لكم المال من حلاله وحرامه وتركته لكم تستمتعون به وسأحاسب عليه وحدى أمام ربى , وتذكر يوم أن تدخل القبر ويقول لك القبر يا عبد الله , جمعت الدنيا أم الدنيا جمعتك ؟ تركت الدنيا أما الدنيا تركتك ؟ استعددت للمنية أما المنية عاجلتك , يا ابن آدم : خرجت من التراب بلا ذنوب وعدت إلى التراب وكلك ذنوب وتذكر يوم يقول لك الله _ سبحانه وتعالى " عبدى رجعوا وتركوك , وفى التراب وضعوك , ولو ظلوا معك ما نفعوك , ولم يبق إلا أنا , وأنا الحى الذى لايموت وقد ورد فى الأثر " من أراد واعظا فالموت يكفيه " ويقول عبد الله ابن مسعود رضى الله تعالى عنه " أيها الناس إنكم فى ممر الليل والنهار فى آجال منقوصة , وأعمال محفوظة , والموت يأتى بغتة فمن زرع خيرا حصد خير ومن زرع شرا حصد الندامة ولكل زارع مثل ما زرع " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

أصلح نفسك :

مع أن الموت معلوم والموتى كل يوم يشيعون , ويظهر ذلك فى كل وقت وآن إلا أن الناس غافلون عن ربهم ومنغمسون فى شهواتهم ومتصارعون متكالبون على حطام دنيا بالية , ونسوا أن الموت لابد من مجئ , وهو لايرسل رسولا ليستعتب ولايدق الباب ليستئذن والموت أقرب إلى أحدنا من شراك نعله , لينتقل بك من دار الفناء إلى دار القرار , ليحاسبك فيها الملك القهار فإما إلى الجنة أو النار ويؤتى بالموت فى هيئة كبش ويذبح بين الجنة والنار ,  وينادى على أهل الجنة خلود بلا موت فيفرحوا ويسعدوا , وينادى على أهل النار خلود بلا موت فيستحسرو وخاب كل جبار عنيد ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورأهم عذاب غليظ قال تعالى ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين " سورة الأعراف الآية 44_ وقال تعالى " ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بأيتنا يجحدون " الآية 50 _51_ سوة الأعراف لتتذكر النفوس الظالمة والمفسدة والطامعة وما وقعت فيه وأن مألها إلى التراب فربما تفيق وتخشع وتعود وتندم وتتعظ فى ساعة من ليل أونهار فينصلح حالها وتقدم لدينها وما ينفعها فى آخرتها قبل أن يكون الخزى والندم قال تعالى " كلا إذا دكت الأرض دكا دكا , وجاء ربك والملك صفا صفا , وجيئ يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى يقول ياليتنى قدمت لحياتى " سورة الفجر
                       وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من وصايا الإمام على رضى الله تعالى عنه

يقول أوصيكم عباد الله بتقوى الله الذى ألبسكم الرياش _ وهو اللباس الفاخر _ وأسبع عليكم المعاش , ولو أن أحدا يجد إلى البقاء سلما , أو إلى دفع الموت سبيلا لكان ذلك سليمان ابن داود عليه السلام _ الذى سخر له ملك الجن والإنس والنبوة وعظيم الزلفة فلما استوفى طعمته , رزقه المقسوم , واستكمل مدته رمته قٍسىُ الفناء بنبال الموت وأصبحت الديار من خالية , والمساكن معطلة وورثها قوم آخرون , وإن لكم فى القرون السابقة لعبرة , أين العمالقة وأبناء العمالقة ؟ أين الفراعنة وأبناء الفراعنة ؟ أين أصحاب مدائن الرّس الذين قتلوا النبين , وأطفأوا سنن المرسلين وأحيوا سنن الجبارين ؟ أين الذين صاروا بالجيوش , وهزموا بالألوف وعسكروا العساكر , ومَدّنوا المدائن ؟ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

إلى العلاج :

إن من أسباب العلاج لضعف نفوسنا التذكر الدائم للموت وحقيقته وما يتبعه من عذب القبر , والحشر , والحساب , والجنة والنار , والقدوم على الله تعالى والوقوف بين يديه , والله سبحانه لم يطلب منا ترك الدنيا بل إن ترك الدنيا فضيلة وترك المعاصى فريضة فالدنيا ليست مذمومة لذاتها ولكن تذم إذا أنست العبد ربه وشغلته عن ذكره وطاعته  , والله سبحانه استخلفنا فى الأرض وطلب منا إعمارها قال تعالى " فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور " سورة الملك 15_ الآية_ ولكن حذرنا من تعلق قلوبنا بالدنيا , مثل التعلق بالمال , أو الزوجة أو الولد , أو المنصب أو الجاه , فالقلوب إذا تعلقت بشئ صارت تابعة له لذلك , كان التحذير الشديد , فحب الدنيا هو رأس كل خطيئة قال تعالى " قل إن كان أباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال إقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد فى سبيله فتربصوا حتى يأتى الله بأمره والله لايهدى القوم الفاسقين " سورة التوبة الآية 24_ وحتى تنقطع القلوب عن حب الدنيا والإنغماس فيها والأمن من مكر الله تعالى والإسترسال فى المعاصى وإرتكاب الذنوب والمنكرات مع الإتكال على سعة رحمة الله وعفوه , إنه ولابد من قصر الأمل وأن يحدد الإنسان هدفه مع اتباع الوسائل المشرعة للوصول إلى الغاية المنشودة ولو نظر كل منا إلى طموحاته وآماله نظرة موضوعية لوجدها تنتهى بالموت , ومهما نجح فى تحقيق ما يصبوا إليه فلن يستطيع الحفاظ عليه لأن الموت يأتى فى أى لحظة فيفرق بينه وبين ما أفنى حياته فى جمعه وتحصيله سواء كان مال أو جاه فماذا يقدم للإنسان المجد الشخصى والفخر بما حصل من أمور الدنيا , كل هذاسينتهى بالموت فكما قالوا لافخر لميت , فالكل فى التراب الغنى والفقير , الرئيس والمرؤوس , إننا نودع كل يوم أناس كانت لهم طموحات وآمال مستقبلية وفجأة جاءهم الموت وال بينهم وبين أحلامهم يقول عمر رضى الله تعالى عنه " كل يوم يقال مات فلان وفلان , ولابد من يوم يقال فيه مات عمر فالمسلم الصادق هو الذى يتعامل مع الدنيا بميزان لايضل ولايطغى يجمع فيه بين عبادته لربه وتحصيل متطلباته الحياتية وعن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبى فقال , كن فى الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل , وكان ابن عمر يقول " إذا أصبحت فلا تنتظر المساء , وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح , وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك " رواه البخارى " . وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

يوم الإمتحان

من أصعب الإمتحانات التى ندخل فى خضمها ونخوض معمعتها الإمتحان عند الفزع الأخير وهو الموت قال تعالى كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور " سورة آل عمران لذالك طالبنا رسول الله صل الله عليه وسلم أن نتعرف إلى الله تعالى فى الرخاء يعرفنا فى الشدة فإذا تعرفت إلى الله تعالى وأنت قوى تعرف إليك وأنت ضعيف وإذا تعرفت إليه وأنت صحيح معافى تعرف إليك وأنت سقيم مريض واعرفه فى فراغك يعرفك فى شغلك واعرفه فى حياتك يعرفك عند موتك ويوم العرض عليه وهنا يأتى موعد النطق بالشهادة شهدة أن لاإله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأنذاك يتمثل لك الشيطان وتجتمع عليك عناصر الشر ويقول لك الشيطان اكفر واسقك الماء قال تعالى " كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إنى برئ منك إنى أخاف الله رب العالمين " سورة الحشر وقال تعالى " يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله مايشاء " سورة إبراهيم والمعنى أن الله تعالى يثبت الذين آمنوا بالقول الحق الراسخ وهو شهادة أن لاإله إلا اله وأن محمدا رسول الله وما جاء به من الدين الحق يثبتهم الله به فى الحياة الدنيا وعند مماتهم بالخاتمة الحسنة وفى القبر عند سؤال الملكين بهديتهم إلى الجواب الصحيح ويضل الله الظالمين عن الصواب فى الدنيا وفى الآخرة ويفعل الله مايشاء من توفيق أهل الإيمان وخذلان أهل الكفر والطغيان " حقا إنه إمتحان عسير وأمر خطير وحتى لانكون فى ريب من أمرنا ونجتاز هذا الإمتحان ونعبر به بر النجاة والأمان لابد لنا أن نأخذ بأسباب النجاح من العمل بكتاب الله وسنة رسوله صل الله عليه وسلم وأن نأخذ دائما بالأحوط والأرشد بما تصح به أعمالنا قال تعالى فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولايشرك بعبادة ربه أحدا " سورة الكهف وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

وفاة نبى الله داود عليه السلام
مما يروى أن داود عليه السلام _ كانت له وصيفة تغلق الأبواب كل ليلة وتأتيه بالمفاتيح ثم تنام , ثم يقبل بعد ذلك نبى الله داود على ورده فى العبادة , فأغلقت الأبواب ذات ليلة وجاءت بالمفاتيح ثم ذهبت لتنام , فرأت رجلا قائما وسط الدار فقالت له , ما أدخلك هذه الدار فإن صاحبها رجل غيور قد حذرك ؟ فقال لها , أنا الذى أدخل الدور على الملوك بغير إذنهم , فلما سمع داود ذلك وكان فى المحراب واقفا يصلى فزع واضطرب وقال ما أدخلك هذه الدار فى هذا الوقت بغير إذن ؟ فقال أنا الذى أدخل على الملوك الدور بغير إذنهم , فقال له إذن فأنت ملك الموت قال نعم : قال أفجئت داعيا أم ناعيا ؟ فقال ناعيا فقال داود عليه السلام فهلا أرسلت إلى قبل ذلك وأذنتنى لأستعد للموت ؟ فقال كم أرسلت إليك فلم تنتبه ؟ قال ومن كانت رسلك التى أرسلت إلى ؟ فقال : يا داود أين أبوك وأين أمك , وأين أخوك وأين جارك وأين فلان وفلان فقال ماتوا كلهم .. فقال أما علمت أنهم رسلى إليك وأن التوبة تبلغك"
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة(1)

والموت يأتى بغتة
وفى هذا المعنى يقول الصديق رضى الله تعالى عنه لا يزال المرء ينعى أخاه حتى يكونه وقد يرجوا الرجا فيحول الموت دونه " يقول بعض الشعراء
وإذا حملت إلى القبور جنازة فاعلم بأنك بعدها محمول
وإذا وليت أمور قوم مدة فاعلم بأنك عنهموا معزول
وكان عمر داود عليه السلام أنذاك مائة عام كما تحكى لنا كتب التاريخ والتراجم
إن الموت سنة الحياة ونظام البشريةمن لدن آدم عليه السلام إلى يومنا هذا وحتى قيام الساعة والموت يترائ لنا فى كل لحظة فى أنفسنا وأصدقائنا ومن نحبهم دون أن نعتبر أو أن نفكر فيما يأتى فى غد وبعد غدا وليس أحد مخلد فقد كتب الموت على كل نفس قال تعالى كل نفس ذائقة الموت " سورة آل عمران وقال تعالى " وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإين مت فهم الخالدون " سورة الأنبياء صفحة(2)
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

بداية النهاية  

 قال تعالى " وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد " سورة ق الآية 19_ أى وجاءت شدة الموت وغمرته بالحق الذى لامرد له ولامناص , ذلك ما كنت منه تهرب _ أيها الإنسان تهرب وتروغ _  لابد من الموت لأنه خروج من مكان يستحيل البقاء فيه وانتقال من دار الفناء إلى دار البقاء , يحاسب فيه القهار عباده وبعدها ينتهى الإنسان من الحساب قال تعالى " ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان ميثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين " الآية 47_ ولابد من الموت لأنه رجوع إلى الأصل الذى خلق منه الإنسان فكما خلقه مولاه من تراب لابد وأن يكون ترابا , قال تعالى " منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى " الآية 55_ سورة طه لتتذكر كل نفس ما أسلفت وما قدمت , لتتذكر النفوس الظالمة والمفسدة , والطامعة , ما وقعت فيه ومآلها فى التراب فربما تخشع يوما أو تتعظ ساعة فينصلح حالها وتقدم لدنياها ما ينفعها فى آخرتها " قال تعالى " يوم لاتملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله " سورة الإنفطار ووقال تعالى " يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل إمرئ منهم يومئذ شأن يغنيه " سورة عبس وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

مواعظ

أكثروا من ذكر الموت ويوم خروجكم من قبوركم ويوم وقوفكم بين يدى ربكم سبحانه وتعالى يهن عليكم المصاب , والعمر أقصر من أن تعلم فيه كل ما يحسن بك علمه , فتعلم الأهم فا لأهم , وإن إزالة الجبال أسهل من إزلة دولة قد أقبلت , فا ستعينوا بالله واصبروا فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ذكر الموت :

ـ إن من أهم أسباب علاج النفس وإصلاحها , التذكر الدائم للموت والقبر والبعث والحشر والحساب والجنة والنار والقدوم على الله , روى عن النبي صل الله عليه وسلم أنه قال : أكثروا من ذكر هادم اللذات " رواه الترمذي من حديث أبى هريرة رضي الله عنه : وقال صل الله عليه وسلم " كفى بالموت واعظا " قال الحافظ العراقي رواه الطبراني والبيهقى في شعب الإيمان من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه بسند ضعيف ولكن معناه صحيح ـ موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

موعظه
يقول بعض الصالحين :
الدنيا إن حلت أوحلت , وإن كست أوكست
وإن وهنت أو هنت , فالسعيد من خرب ربعها
وإن مدت إليه باعها , كم قبور تبنى ولا تبنى
وكم من مريض عدنا ولا عدنا , يا مغتر بالسلامات
كم من عاشق سلامات , وكم من ملك دقت له الطبول
ونشرت على رأسه العلامات , فلما علا مات
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

حكم ونصائح
عندما دخل الإمام الحسن البصرى البصرى رضى الله تعالى عنه
على أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رضى الله تعالى عنه
قال أمير المؤمنين للحسن البصرى عظنى يا تقى الدين ؟
فقال له : صم عن الدنيا , وأفطر على الموت , وأعد الزاد
لليلة صبحها يوم القيامة .
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الحقيقة هى الموت

الموت حقيقة أزلية أوجدها الله تعالى فى هذا الكون , ليستمر العمران وتستمر الحياة فى هذا الكون , ويرحل أقوام ويولد أخرون تلك هى سنة الحياة ولن تجد لسنة الله تبديلا قال تعالى " الذى خلق الموت والحياة لبيلوكم أيكم أحسن عملا " سورة الملك 2_ ولقد خلق الله تعالى الموت لبكون حافزا ودافعا ليتسابق العبد مع نفسه فى عمل الصالحات وفعل الطاعات , ليعمر بذلك حياته الثانية ووطنه الأول , وحتى ينادى عليه بعد موته من قوله تعالى " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعى إلى ربك راضية مرضية فادخلى فى عبادى وإدخلى جنتى " سورة الفجر الآية 27_ 30_ ومن دعاء النبى صل الله عليه وسلم " اللهم إنى أسألك بك نفسا مطمئنة - تؤمن بلقائك , وترضى بقضائك , وتقنع بعطائك " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الموت

من أهم عوامل السعادة الأبدية الإيمان بالموت , والإيمان بالقضاء والقدر , والإطمئنان أن العمر بيد الله وأن الرزق بيد الله سبحانه وتعالى فيجب علينا أن نعمل ونكدح , ونحاول تعمير هذه الحياة الدنيا لأنها مزرعة الآخرة , ويجب علينا أن ندفع عن أنفسنا الجزع والهلع والخوف والحيرة والتردد والإحباط وأن ننظر إلى الموت نظرة علمية دينية , نستقبلها فى هدوء وإيمان بعدالة الله الحكيم العليم "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (1)

الموت واعظ للخير

ولقد خلق الله تعالى الموت ليكون حافزا ودافعا ليتسابق الإنسان مع نفسه فى عمل الصالحات يقدمه بين يدى ربه وخالقه برهان منه على حبه وولائه وصدقه وإخلاصه حتى ينادى عليه بعد الموت قال تعالى " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعى إلى ربك راضية مرضية فادخلى فى عبادى وادخلى جنتى " سورة الفجر الآية 27_ 30_ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (2)

من هدى الإسلام توجيه المحتضر إلى القبلة وتغميض عينه وتسجيته عند موته

مما ينبغى على من يقوم بتجهيز الميت , أن يوجه المحتضر وهو من ظهرت عليه أمارات الموت إلى القبلة , مضطجعا على شقه الأيمن وإن لم يكن فمستلقيا على ظهره ورجلاه إلى القبلة , وإن اشتدت به سكرات الموت يستحب أن يقرأ عليه سورة يس , رجاء أن يخفف الله عنه ببركتها لقوله صل الله عليه وسلم " اقراؤا يس على موتاكم " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (1)

الدعاء للميت بخير

وأما إذا فاضت روح المسلم وجب تغميض عينه وشده بغطاء وأن لا يقال عنده إلا خيرا " اللهم اغفر له اللهم ارحمه " لقول النبى صل الله عليه وسلم : إذا حضرتم المريض أو الميت فقولوا خيرا فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون " ودخل رسول الله صل الله عليه وسلم إلى سلمة وقد شق بصره ( أى نظر إلى شئ لا يرتد إليه بصره " عندما مات فأغمضه ثم قال :" إن الروح إذا قبض تبعه البصر فضج ناس من أهله فقال :" لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم( 2)

حسن الخاتمة

يقول النبى صل الله عليه وسلم " تعرف على الله فى الرخاء يعرفك فى الشدة " وأى شدة أعظم على المسلم من لقائه ربه سبحانه قال تعالى " يثبت الله الذين أمنوا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الآخرة " سورة إبراهيم وشدة الإنسان تكون على الإختبار الأخير وهو الموت ونطق الشهادة وكلمة التوحيد , وأنذاك تكثر الفتن ويشتد الإمتحان والإنسان فى حالة ضعف ويحتاج إلى قوة عليا تأخذ بيده وتثبت فؤاده فلا يجد إلا قيوم السموات والأرض وهو الله " فلو ركن الظهر على الله ووكل الأمر كله لله تعالى وترك الحول والقوة له سبحانه لقال له الله لبيك عبدى , فاللهم ارزقنا حسن الختام والوفاة على الإسلام غير خزيا ولا ندمين ولا ضالين ولا مضلين بفضلك وكرمك يا أكرم الأكرمين ويا أرحم الراحمين " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم