أبو بكر الصديق رضى الله تعالى عنه ( مواقف وعبر من حياته )

تعريف مختصر عن الخليفة الأول :

أبو بكر الصديق أول الخلفاء للمسلمين وثانى اثنين اذ هما فى الغار وصاحب رسول الله صل الله عليه وسلم ووزيره الأول وكان أبو بكر الصديق رضى الله عنه أول من أمن من الرجال وأسرعهم استجابة لدعوة رسول الله صل الله عليه وسلم وقد جاء الحديث الشريف يقول النبى صل الله عليع وسلم ما دعوت أحدا الى الإسلام الاكانت له كبوة الا ما كان من أبى بكر رضى الله عنه وكان أبوبكر الصديق رضى الله عنه من أعلم الناس بالرجال وأنساب العرب وتفسير الرؤيا ولما اعتنق الاسلام أخذ يدعوا اليه خاصة اخوانه وصفوة أهل وده فأسلم على يديه رهط كبير من عظماء الإسلام منهم عثمان بن عفان وسعد بن أبى وقاص وطلحلة بن عبيد الله والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم أجمعين وكان أبو بكر الصديق حسن الصوت بالقرآن وقد بنى مسجدا فى داره يقرأ القرآن ويبكى فيجتمع حوله النسلء والصبيان والشباب يزدحمون عليه ويصفون فى اعجاب فى قرآته ومن مناقبه رصى الله عنه _- كان أبو بكر الصديق أشبه الناس برسول الله صل الله عليه وسلم فى حلمه ورقته وأخلاقه وكانا صَديقين فى الجاهلية قبل الإسلام فلما دعاه الرسول صل الله عليه وسلم الى الإسلام لم يتردد فهوأعرف الناس بصحبه وكان أبوبكر الصديق رضي الله عنه تاجرا يملك أربعين ألف درهم فقدم ماله لخدمة الإسلام وكان يشترى العبيد المسلمين الذين تعرضوا لعذاب قريش ويعتقهم فقال له أبوه إنك تشترى كبار السن من العجزة والضعفاء ولو اشتريت أرقاء من من الشباب وأعتقهم لكانوا لك أتباعا وسندا فى المستقبل فقال له أبو بكر الضديق انى أعتقهم فى الله وكلهم يعذب فى الله وقد ساهم أبو بكر الصديق فى تجهيز جيش العسرة بجميع ماله وسأله النبى صل الله عليه وسلم ماذا أبقيت لأهلك يا أبا بكر ؟ قال أبقيت لهم الله ورسوله صل الله عليه وسلم وحدثت مشادة بين ابى بكر الصديق وعمر الفاروق رضى الله تعالى عنهما وبلغت النبى صل الله عليه وسلم فقال إن الله بعثنى إليكم فقلتم كذبت وقال أبو بكر صدق وواسانى بنفسه وماله فهل أنتم تاركوا لى صاحبى ؟ قالها مرتين فما أوذى أبو بكر بعدها أبدا وقد شهد أبو بكر الصديق المشاهد كلها مع رسول الله صل الله عليه وسلم وكان مرافقا للنبى صل الله عليه وسلم وقريبا منه فى غزواته وفى غزوة بدر وأحد و الخندق والحديبية وفتح خيبر وفتح مكة وغزوة تبوك وغزوة حنين والطائف كما حضر أبو بكر الصديق عددا من السريا التى لم يشارك فيها النبى صل الله عليه وسلم وكان أبو بكر يجنح الى الحلم والسلم وفى أسرى بدر قال يا رسول الله صل الله عليه وسلم امنن عليهم بالفداء لعل الله أن يهديهم للإسلام وكان رأى عمر الفاروق أن يقتلوا حتى تزاح هذه القوة من وجه الإسلام وقد نزل وحى السماء مؤيدا رأى عمر بن الخطاب رضى الله عنه وعن أبى بكر الصديق والصحابة جميعا والتابعين وتابعيهم باحسان الى يوم الدين موقع من فقه الإسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم

الصديق أبو بكر رضى الله تعالى عنه :

_ روى أن جبريل عليه السلام نزل على رسول الله صل الله عليه وسلم _ ذات يوم وقال له : يا محمد صل الله عليه وسلم " السلام يقرئك السلام ويقول لك : بلغ أبا بكر الصديق السلام وقل لأبى بكر : إن الله تعالى راض عنك فهل أنت راض عن الله تعالى ياأبا بكر ؟ فبلغ الرسول صل الله عليه وسلم ذلك لأبى بكر فأجابه , أبو بكر الصديق كيف لاأرضى عن الله وأنا الذى أتمنى رضاه " وذكر بعض المفسرين أن قوله تعالى " وسيجنبها الأتقى الذى يؤتى ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى " سورة الليل أن هذه الآية نزلت فى أبى بكر الصديق رضى الله تعالى عنه . وكذلك قوله تعالى " رضى الله عنهم رضوا عنه ذلك لمن خشى ربه " من سورة البينة " . وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

أبو بكر الصديق رضى الله تعالى عنه :

هو عبد الله بن أبى قحافة التيمى القرشى _ ولد بعد ميلاد النبى صل الله عليه وسلم
بعامين ( 573 ) وكان اسمه قبل الإسلام عبد الكعبة , فلما أسلم سماه الرسول صل الله عليه وسلم " عبد الله " وعرف بالصديق لأنه صدق الرسول صل الله عليه وسلم فى كل ما جاء به , واشتهر بأبى بكر , لأنه دخل الإسلام مبكرا قبل غيره .

أبو بكر قبل الإسلام :

لقد كانت حياته رضى الله تعالى عنه قبل الإسلام , تكاد تكون انتظارا لبزوغ فجر الحق ونور النبوة , بعد أن عرفت فطرته السوية أن ما عليه قومه , ليس بالحق وقد علم من أسفاره وترحاله أن من جاورهم من أقوام ليسوا بأفضل من قومه فى شئ
كان أبو بكر تاجرا ذا مال وثراء , معروفا بالصدق والأمانة وحسن الخلق , يحب الخير للناس جميعا ويعطف على الفقراء والضعفاء منهم , فاحترموه ووثقوا به وكانوا يأخذون مشورته فى كل أمر يهمهم , وقد كان عالما بأنساب قريش وأحوال العرب جميعا , ومع ذلك لم يتأثر بعادتهم ومعتقداتهم .

حياته بعد اسلامه :

لقد كانت حياته بعد اسلامه موقفا واحد لمن أمعن النظر , فى حياته ودرس جوانب شخصيته فقد كان صديقا وفيا لسيدنا رسول الله صل الله عليه وسلم _ وقد كان فى تجارة له باليمن قابله فيها عالم من الأزد , أخبره أن الله تعالى سيبعث فى هذا الزمن
رسولا بمكة , وما أن عاد من اليمن حتى أخبره أبو جهل أن صديقه محمدا صل الله عليه وسلم يدعى أنه رسول من عند الله , فأسرع أبو بكر إليه مستفسرا عما أخبره به أبو جهل فقال له الرسول صل الله عليه وسلم , " إنى رسول الله إليك وإلى الناس جميعا " فصد قه أبو بكر ولم يتردد فى الإيمان به وبرسالته , وبذلك كان أبو بكر اول من أسلم من الرجال , وقد جاء فى الحديث عنه صل الله عليه وسلم قال : " ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت عنده كبوة , إلا ما كان من أبى بكر "

جهوده فى خدمة الإسلام :

1- دعوته إلى الإسلام :

بعد اسلام أبى بكر رضى الله تعالى عنه , ما لبث أن أصبح أول داعية للحق بعد رسول الله صل الله عليه وسلم , فكان يدعوا إلى الإسلام كل من وثق به من قومه
ممن كانوا يجالسونه ويطمئن إليهم , فاستجاب له عدد كبير منهم ( عثمان بن عفان
- وسعد بن أبى وقاص _ وطلحة بن عبيد الله _ والزبير بن العوام _ وعبد الرحمن بن عوف _ وأبو عبيدة بن الجراح – ومن النساء أسماء وعائشة بنتاه ) ولقد كان لهؤلاء اعظم الأثر فى تاريخ الدعوة الإسلامية , كما كانوا قدوة لغيرهم فى الإيمان برسول الله صل الله عليه وسلم .

موقف المشركين من أبى بكر

ينبئ بذلك موقفه من حادثة الإسراء والمعراج , حين أراد القوم الذين لايعلمون أن يتخذوها معولا هداما لما شيده محمد صل الله عليه وسلم , فى نفوس أتباعه فخفقوا إليه يخبرونه خبرصاحبه وما يتحدث به, من ذهابه إلى بيت المقدس وعروجه إلى السموات العلا وعودته بعد ذلك فى جزء من الليل , وهم يضربون أكباد الإبل إليها
فى شهور فألجمهم قائلا : " إن كان حدَََث بذلك فقد صدق "
وآن ذاك أحست قريش بالخطر من شدة تأثير أبى بكر , فيمن يتصل بهم فخصته بمزيد من الإضطهاد والإعتداء عليه , حتى إن " عتبة بن ربيعة " ضربه ضربا شديدا على وجهه حتى سالت دماؤه , حينما قام خطيبا يدعوا القرشين إلى الله ورسوله وذلك بعد أن أذن له الرسول فى دعوة الناس إلى الله تعالى جهرا .
وكناه الرسول صل الله عليه وسلم بالصديق , وأكرمه ربه بالصحبة مع نبيه فكان ثانى إثنين , ووزيره الأول .

2_ دفاعه عن الرسول صل الله عليه وسلم

لم يتحمل أبو بكر أن يرى الكفار يسخرون , من الرسول صل الله عليه وسلم
ويستهزئون به قائلين له , فى تهكم " أنت محمد الذى سفهت عقولنا وعبت ألهتنا
وسخرت من أصنامنا " ثم جذبوه من ردائه وَلفُوا ثيابه حول عنقه وخنقوه خنقا شديدا , فنهض أبو بكر مسرعا مُعَرضْا نفسه للإيذاء ودفع الكفار , عنه قائلا " أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله ؟"
والصديق رضى الله تعالى عنه تعز مواقفه عن الحصر, يذكرنا دفاعه عن النبى صل الله عليه وسلم بما حدث منه فى غزوة بدر , وذلك حين حمى الوطيس ورسول الله صل الله عليه وسلم فى عريشة يرفع أكف الرجاء لمولاه , يستنجزه وعده بالنصر
حتى يسقط الرداء من فوق كتفيه والصديق الصدََيق يعيد الرداء ويقول , هون عليك يارسول الله إن الله تعالى منجز وعده , وكذلك موقفه من صلح الحديبية يوم أبرم النبى صل الله عليه وسلم , صلحا مع قريش وجموع المسلمين ضائقة صدورهم من صدهم عن البيت الحرام , وقد خرجو إليه معتمرين يفصح عن ذلك الفاروق عمر رضى الله عنه للصديق فيقول : إنه رسول الله فالزم غرزه "

3_ عن كرمه وانفاق ماله فى سبيل الله

لقد بلغ مال أبى بكر رضى الله عنه أول الإسلام , أربعين ألف درهم أنفقها كلها فى سبيل الله .
أ_ ولقد كانت نفقاته فى تحرير العبيد ومساعدة المستضعفين الذين , الذين لقوا بسب إسلامهم كثيرا من العذاب على أيدى , الكفار الذين حبسوهم ومنعوا عنهم الطعام والشراب , وقد اشترى سبعة منهم ومنحهم الحرية , كبلال بن رباح , وعامر بن فهيرة وغيرهما حتى إن والد أبى بكر لم يكن قذ أسلم , قال له يا بنى إنك تعتق الضعفاء ونحن لا نستفيد منهم فى تجارة , أو عمل فلو أنك أعتقت رجالا أقوياء
ليناصروك ويدفعون عنك ... فقال له ابو بكر , يا أبت أعتقُ من أعتقْ لوجه الله تعالى وكلهم يعذب فى الله تبارك وتعالى
ب_ وقد شارك الصديق رضى الله تعالى عنه , كذلك فى إعداد الجيش وتموينه فى غزوة تبوك بأربعة آلاف درهم كانت هى كل ماله , ولما سأله رسول الله صل الله عليه وسلم _ " ما أبقيت لأهلك " قال : " أبقيت لهم الله ورسوله "
وهو بذلك يفضل مصالح المسلمين العامة على مصلحته الخاصة , حتى قال عمر رضى الله تعالى عنه فيه عندما بلغه ما قدمه أبو بكر " ما استبقنا إلى خير قط إلا سبقنى إليه ..."
وقد حدثت مشادة بين أبى بكر وعمر وبلغت النبى صل الله عليه وسلم فقال : إن الله ابتعثنى إليكم فقلتم كذبت , وقال أبو بكر صدق وواسانى بنفسه وماله , فهل أنتم تاركوا لى صحبى ؟ قالها مرتين فما أوذى أبو بكر بعدها "

4_ هجرته إلى المدينة المنورة مع رسول الله صل الله عليه وسلم

وأنعم به من حدث فى تاريخ أبى بكر الصديق رضى الله تعالى عنه , هجرته إلى المدينة مصاحبا فى ذلك الرسول صل الله عليه وسلم , _ ومشاركا فى الإعداد للهجرة فاشترى راحلتى السفر , واستأجر عبد الله ابن أريقط ليقود الرحلة لخبرته بمسالك الصحراء الآمنة , كما جند أبناءه وعامر بن فهيرة لمعاونتهما فى الهجرة حتى وصلا إلى المدينة سالمين , وأثناء وجودهما فى الغار أظهر أبو بكر رضى الله تعالى عنه حدية فدائية وسد ثقوب الغار , ودخل أبو بكر الغار فقال أبو بكر : يارسول الله لو نظر أحدهم تحت قدميه , لأبصرنا فقال النبى صل الله عليه وسلم : "
ما ظنك بإثنين الله ثالثهما "

جهاد أبى بكر رضى الله عنه

5_ بعد أن أذن الله تعالى لرسوله صل الله عليه وسلم بالجهاد , لازمه أبو بكر رضى الله عنه فى جميع غزواته فقد شارك فى غزوة بدر , وكان معه أثناء المحنة فى غزوة أحد , واشترك معه فى غزوة الأحزاب وبنى قريظة , وكان معه فى فتح مكة وصلح الحديبية وغزوة تبوك , وغزوة حنين والطائف , كما حضر أبو بكر عدد من السريا التى لم يشترك فيه النبى صل الله عليه وسلم .
وكان أبو بكر أشبه الناس فى حلمه ورقته وأخلاقه برسول الله صل الله عليه وسلم وكان يجنح إلى الحلم والسلم عندما يستشار كما فى أسرى بدر قال يارسول امنن عليهم بالفداء , لعل الله أن يهديهم للإسلام وكان الرأى لعمر أن يقتلوا حتى تزاح هذه القوة من وجه الإسلام وقد نزل الوحى يؤيد رأى عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنهم جميعا.

أسباب توليه للخلافة رضى الله عنه

فى يوم الإثنين 12 _ من ربيع الأول سنة 11 _ من الهجرة انتقل الرسول صل الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى وعمره 63 _ عاما بعد مرض عانى منه اثنتى عشر يوما , ولم ينقل عنه أنه رشح أبا بكر خليفة للمسلمين من بعده , ولكن رشحته أمور ضمنية لتحمل مسؤلية الخلافة وهى :
1_ تكليف الرسول له بإمامة المسلمين فى الصلاة أثناء مرضه الذى توفى فيه , وتصميمه على ذلك بقوله : مروا أبا بكر فليصل بالناس " وقد رأت السيدة عائشة رضى الله عنها محاولة اعفاء أبيها من هذه المسؤلية شفقة عليه على أن يتولى هذه المسؤلية عمر بن الخطاب رضى الله عنه
2_ تقديمه على جميع الصحابة فى كل عمل مهم , فقد كلفه الرسول صل الله عليه وسلم بمهمة الحج فى السنة التاسعة من الهجرة , وذلك عندما فضل الرسول صل الله عليه وسلم البقاء بالمدينة لاستقبال الوفود التى تقصد المدينة , لتعلن اسلامها ولهذا ولغيره من اعتبارات انتهى الخلاف الذى أثاره بعض الأنصار حول من الأحق بالخلافة ؟ واقتنع جميع المسلمين بأولوية أبى بكر للخلافة ,وقالوا رضيه لنا رسول الله صل الله عليه وسلم لديننا أفلا نرضاه لدنيانا , وتعاونوا معه لمواجهة الأخطار التى تهدد الإسلام بعد وفاة رسول الله صل الله عليه وسلم .

دستور أبى بكر فى الحكم :

بعد أن تولى أبو بكر الخلافة قام خطيبا فى الناس ليحدد لهم , الأسس والقواعد التى يقوم عليها حكم المسلمين فقال :
" أيها الناس , إنة وليت عليكم ولست بخيركم , فإن احسنت فأعينونى , وإن أسأت فقومونى , ألا إن أقواكم عندى الضعيف حتى آخذ الحق له , وأضعفكم عندى القوى حتى آخذ الحق منه , أطيعونى ما أطعت الله فيكم وإن عصيت فلا طاعة لى عليكم "
وكان رضى الله عنه يسير على منهج وخطى النبى صل الله عليه وسلم وأنه متبع وليس بمبتدع شيئا من عنده ويتمثل ذلك فى بعثه جيش أسامة بن زيد رضى الله عنه .

بعث جيش أسامة رضى الله عنه

كان أول عمل قام به أبو بكر رضى الله عنه بعد توليه الخلافة إرساله , جيش أسامة وقد نجح فى ذلك نجاحا عظيما وقد أرسله إلى المكان الذى استشهد فيه " زيد بن حارثة " وجعفر بن أبى طالب , وعبد الله بن رواحة , فى غزوة مؤته , وكان الرسول صل الله عليه وسلم قد أعد هذا الجيش أثناء مرضه , وجعل قيادته لأسامة بن زيد بن حارثة وعمره لا يتجاوز , العشرين عاما وفى الجيش كثير من كبار الصحابة ممن لهم خبرة وتجربة وعلم بفنون الحرب والقتال , مما جعل بعض الصحابة يقترحون اسناد القيادة إلى واحد من هؤلاء
ولكن أبا بكر رفض وصمم على تنفيذه ما أراده الرسول صل الله عليه وسلم _ قبل وفاته , وخرج فى وداعه ماشيا على قدميه , فقال له أسامة : يا خليفة رسول الله لتركبن أو لأنزلن فقال : أبو بكر : والله لاركبت ولا تنزل , وما على أن أغبر قدمى فى سبيل الله ساعة وقد سار الجيش وعاد غانما منتصرا كما أنه , روع المشركين والمرتدين وأبرز قوة المسلمين أمام الجزيرة العربية كلها .

المشكلات التى واجهها أبو بكر فى خلافته

من المعلوم أنه عند وفاة النبى صل الله عليه وسلم _ لم يكن الإسلام قد تعمق فى قلوب كثير من العرب والأعراب , فمنهم من دخل فيه تجنبا لخوض الحروب
ومنهم من دخله طمعا فى جاه أو سلطان أو مغنم , ولذلك كانت وفاة الرسول صل الله عليه وسلم فرصة ليظهر هؤلاء على حقيقتهم , فأعلنوا ارتدادهم عن الإسلام مفسرين
بعض آيات القرآن الكريم تفسيرا خاطئا , يوافق هواهم فمنعوا الزكاة المفروضة
فكان موقفه من مانعى الزكاة موقفا قويا وذلك حين قال : " والله لو منعونى عقال بعير كانوا يؤدونه لرسول الله صل الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه , وإن معاركه الشرسة ضد المرتدين من مانعى الزكاة حفظا للإسلام وقوة دولته الفتية , مما كان له أكبر الأثر, فى تثبيت دعائم الإسلام وارساء قواعده . وازداد الأمر سوء بظهور طائفة أخرة تدعى النبوة , يتزعمها مسيلمة الكذاب فى اليمامة الرياض الحالية والتف حوله قومه بنوا حنيفة, وكان لدسائس الفرس والروم أثرها الواضح فى هذا المجال رجاء تجديد نفوذهم القديم واستعادته .

موقف أبى بكر من المرتدين _ ومدعى النبوة _ ومانعى الزكاة

وقد جمع أبو بكر رضى الله عنه الصحابة واستشارهم فيما يعمل بهؤلاء , فرأى بعضهم ألا قدرة لهم بحرب هؤلاء جميعا , ولكن أبا بكر لم يرى هذا الرأى وأقسم ليحاربن الجميع حتى يعودوا إلى الحق , أو يموت فى سبيل الله , حينئذ استجاب المسلمون لرأيه , وكون أحد عشر جيشا على رأس كل منها بطل من أبطال الإسلام
وبعثها إلى أماكن الفتنة , ولم يمض وقت طويل حتى عاد إلى شبه الجزيرة العربية وحدتها وتماسكها وذلك , بفضل ايمان أبى بكر , والتزامه بمبادئ الإسلام وسُنةَ الرسول صل الله عليه وسلم .

فتوحات أبى بكر رضى الله عنه :

بعد أن استقرت الأمور للمسلمين أراد أبو بكر أن يؤمن حدود الدولة , فأرسل الجيوش إلى الفرس والروم , فاستولى " خالد بن الوليد" على الحيرة , وأخضع القبائل جنوبي الفرات , وسيطر على الكثير من الأراضي العراقية بعد أن هزم جيوش الفرس هزائم ساحقة .
أما في الشام فقد انتصرت الجيوش الموحدة في معركة اليرموك , وقضت على كل أمل لجيوش الروم في النصر , وبذلك تحقق لأبي بكر ما أراده في تأمين الدولة الإسلامية .

جمع القرآن الكريم :

كانت حروب الردة قاسية , فقد استشهد فيها عدد كثير ممن حفظوا القرآن الكريم ,فى معركة اليمامة , حتى خشي المسلمون ضياعة ,بموت القراء فأشار بعضهم على " عمر بن الخطاب " أن يكلم " أبا بكر " في جمع القرآن ,غير أن "أبا بكر " عارض هذه الفكرة أول الأمر لأن الرسول – عليه الصلاة والسلام – لم يقم بهذه المهمة في حياتة , وفي النهاية استجاب أبو بكر لرأى عمر والمسلمين ,فأمر "زيد بن ثابت " أن يقوم بهذه المهمة التى أتمها بكل دقة , وقد جلس على باب المسجد وقال : من كان عنده شئ من القرآن فليأتنا به وكان رضى الله عنه لايكتب آية إلا إذا شهد شاهدان , إن هذا كان مما يتلى فى حياة الرسول صل الله عليه وسلم , وتم جمع المصحف الشريف بمشورة عمر رضى الله عنه واقتناع أبى بكر رضى الله عنه , وهمة زيد بن ثابت وبمساعدة جمهور الصحابة وقال الإمام على بن أبى طالب رضى الله عنه :" أعظم الناس أجرا فى المصاحف أبو بكر رضى الله تعالى عنه هو أول من جمع بين اللوحين
وبذلك تم جمع المصحف في آخر حياة الخليفة , وحفظ ببيت السيدة " حفصة بنت عمر ابن الخطاب " زوج رسول الله- صلي الله عليه وسلم .

استخلاف عمر بن الخطاب :

بعد أن مرض أبو بكر , واحس بقرب أجله استشار صحابته في ترشيح عمر بن الخطاب للخلافة من بعده , على أن يتم ذلك بعد موافقة أهل الشورى والمسلمين جميعا , وقد فعل أبو بكر ذلك خشية أن يتفرق المسلمون من بعده والجيوش الإسلامية مازالت في ميادين القتال تؤكد تأمين حدود الدولة , ولحب الناس لأبي بكر وثقتهم فيه وافق الجميع على خلافة " عمر " من بعده ليكمل المسيرة , ويتم ما بدأه أبو بكر الصديق.

وفاة أبي بكر :

وفي جمادى الآخرة من السنة الثالثة عشر من الهجرة توفي أبو بكر الصديق عم 63 عاما بعد أن استمرت خلافته سنتين وثلاثة أشهر , ودفن بالمدينة المنورة بجوار قبر الرسول – علية الصلاة والسلام , ولما دفن زارته الصديقة بنت الصديق عائشة رضى الله تعالى عنها فقالت : نضر الله وجهك يا أبى , لقد كنت للدنيا مذلا بإعراضك عنها وكنت للآخرة معزا بإقبالك عليها .
حقا لو وضع إيمان أبو بكر الصديق فى كفة , وإيمان الأمة فى كفة الميزان الأخرى
لرجح إيمان الصديق رضى الله تعالى عنه "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم