من الفقه الإسلامى أحكام ( الصلاة وكيفيتها )

من الفقه الإسلامى

         أحكام الصلاة وبيان كيفيتها

الباب الأول :

أولا : وجوب الصلاة وما يتعلق به:

الصلاة عبادة تتضمن أقوالا وأفعالا مخصوصة , مفتتحة بتكبير الله تعالى , مختتمة بالتسليم .  
وقد أجمع الفقهاء من أهل العلم قديما وحديثا على فرضية الصلاة , ووجوبها بالكتاب والسنة وإجماع الأمة قال تعالى :" إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر " سورة العنكبوت آية 45 – وقوله تعالى :" واستعينوا بالصبر والصلاة " سورة البقرة آية 45 _
وثبت وجوبها أيضا فى السنة النبوية المطهرة قولا وفعلا وحضا على أدائها مثل حديث يقول النبى صل الله عليه وسلم :" رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد فى سبيل الله " رواه مسلم  وحديث :ابن عمر رضى الله تعالى عنهما : قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم :" بنى الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله , وأن محمداً رسول الله , وإقام الصلاة , وإيتاء الزكاة , وصوم رمضان , وحج البيت لمن إستطاع إليه سبيلا " رواه البخارى ومسلم ( 1)

وقد أجمعت الأمة على أن الصلاة أحد أركان الإسلام الأساسية , بل وأهم الفرائض التى حث عليها الإسلام من حديث عبد الله بن قرط رضى الله عنه قال ؛ قال رسول الله صل الله عليه وسلم :" أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة , فإن صلحت صلح سائر عمله , وإن فسدت فسد سائر عمله " رواه الطبرانى
وقد ورد فى الأثر : الصلاة عماد الدين من أقامها فقد أقام الدين ومن هدمها فقد هدم الدين " وهى من آخر ما وصى به النبى صل الله عليه وسلم : أمته عند مفارقة الدنيا
وهو يلفظ أنفاسه الآخيرة _ :" الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم " (2)

وعن حكمة الصلاة :

ومن الحكمة لمشروعية الصلاة أنها طهارة , للنفس وتزكية لها من من الذنوب والآثام كما أنها تؤهل العبد لمناجاة ربه سبحانه وتعالى , فى الدنيا وتكون سببا لمجاورته فى الآخرة , فاالصلاة هى الوسيلة المثلى التى فرضها الإسلام ليصل
المخلوق بخالقه خمس مرات فى كل يوم وليلة فيشعر برقابته عليه ويجدد معه العهد
ويستمد منه العون , يؤكد له الإنابة والخضوع قال تعالى :" وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداعى إذا دعان , فليستجيبوا لى وليؤمنوا بى لعلهم يرشدون " سورة البقرة آية 186_ والصلاة سمة من المسلم , ومدرسة دائمة لايزال يتعلم منها حقائق الإيمان , ويصل بها إلى أعلى درجات اليقين , فهى ميزان إسلامة وطريق نجاته قال : صل الله عليه وسلم :" من يحافظ عليهن _ أى الصلوات _ عاش بخير , ومات بخير , وكان من ذنوبه كيوم ولدته أمه " رواه أبو داود ( 3)

ثانيا : على من تجب الصلاة :

تجب الصلاة على كل من توافرت فيه هذه الشروط وهى :
* الإسلام * البلوغ * العقل * دخول الوقت * خلو المرأة من الحيض أو نفاس "
فلا تجب الصلاة على كافر , لأنها قربى إلى الله وعباد ة دينية , لا تصح من الكافر
العبادات ولا القربات إلا بعد الإقرار الإيمانى بكلمة التوحيد .
كما لاتجب على الصبى ولكن يلزم ولى أمره , أن يعلمه أدائها حتى يتعود على ذلك من الصغر لقول النبى صل الله عليه وسلم :" مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها إذا بلغوا عشراً وفرقوا بينهم فى المضاجع " من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رواه أبو داود الترمذى . ( 4)

كما لاتجب على من فقد عقله بأى سبب سواء كان جنونا , أو إغماء , أو سكرأً
لحديث النبى صل الله عليه وسلم :" رفع القلم عن ثلاث , عن النائم حتى يستيقظ , وعن الصبى حتى يحتلم وفى رواية حتى يبلغ "وعن المجنون حتى يفيق " وفى ذلك تفصيل قال الشافعى ومالك فى المغمى عليه , لايلزمه قضاء الصلاة إلا أن يفيق فى جزء من وقتها كما فى حديث عاشة رضى الله عنها سألت رسول الله صل الله عليه وسلم : عن الرجل يغمى عليه , فيترك الصلاة ؟ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم : ليس من ذلك قضاء إلا أن يغمى عليه فيفيق فى وقتها فيصلها " وقال أبو حنيفة إن أغمى عليه خمس صلوات قضاها وإن زادت سقط فرض القضاء فى الكل , لأن ذلك يدخل فى التكرار فأسقط القضاء كالجنون . ( 5)

. وفعل الصحابة أولى بالإتباع لما روى عن عمار رضى الله عنه : غثى عليه أياما لايصلى ثم استفاق بعد ثلاث فقيل له : هل صليت فقال : ما صليت منذ ثلاث : فقال أعطونى وضوءاً فتوضأ ثم صلى تلك الليلة " وقيل يصلى مع كل صلاة صلاة مثلها "مروى عن سمرة بن جندب رضى الله عنه
وأما السكران فمن شرب محرما تسبب فى زوال عقله وقتا دون آخر فلا يؤثر ذلك فى اسقاط التكليف , وعليه أن يقضى ما فاته فى حالة زوال عقله قال صاحب المغنى ولا نعلم فى ذلك خلافا , ولأنه إذ أوجب القضاء بالنوم المباح فبالسكر المحرم أولى .
( 6)

ولا تجب الصلاة قبل دخول وقتها المحدد شرعا لقوله تعالى :" إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا " فلو أداها المكلف قبل دخول وقتها لم تقبل منه إلا فى حالة جمع التقديم وجمع التأخير كمن يجمع العصر مع الظهر , أو العشاء مع المغرب فى السفر وخاصة عند أداء فريضة الحج .
ويسقط وجوب الصلاة عن المرأة أثناء حيضها ونفاسها , ولو أدت المرأة الصلاة على حالتها فى الحيض والنفاس لم تصح منها ولا يجب عليها قضاؤها .
فقد روى البخارى عن معاذة رضى الله تعالى عنها : قالت سألت عائشة رضى الله عنها _ فقلت مابال الحائض تقضى الصوم ولا تقضى الصلاة ؟ فقالت كان يصيبنا ذلك مع رسول الله صل الله عليه وسلم _ فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة " لأن الصلاة تتكرر فى اليوم خمس مرات , أما الصوم يأتى فى العام مرة واحدة . ( 7)

ثالثا : العدد الواجب المفروض من الصلاة :

العدد الواجب فى أداء الصلاة : خمس صلوات فى اليوم والليلة وهى موزعة على سائر الساعات ليكون العبد على إتصال دائم بربه سبحانه وتعالى , فلا تخطفه الشياطين , ولا تتفرق به السبل , ولا تلهيه شواغل الحياة الدنيا عن ذكر الله
كما فى الحديث المتفق عليه عن طلحة بن عبيد الله قال : جاء رجل إلى رسول الله صل الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس نسمع دوى صوته , ولا يُفقه ما يقول : حتى دنا فإذا هو يسأل عن الإسلام ؛ فقال : رسول الله صل الله عليه وسلم _ " خمس صلوات فى اليوم والليلة , فقال هل على غيرها ؟ قال : لا , إلا أن تطوع " قال رسول الله صل الله عليه وسلم _ وصيام رمضان قال هل على غيره ؟ قال : " لا , إلا أن تطوع " قال وذكر له رسول الله صل الله عليه وسلم _ الزكاة , قال هل على غيرها ؟ قال : لا , إلا أن تطوع " قال فأدبر الرجل وهو يقول : والله لا أزيد على هذا ولا أنقص قال رسول الله صل الله عليه وسلم _ أفلح إن صدق " (

وعن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال : " الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما لم تغش الكبائر " رواه مسلم
وأخرج النسائى فى سننه الإمام أحمد فى مسنده من حديث أنس رضى الله عنه قال :
فرضت الصلاة على النبى صل الله عليه وسلم _ ليلة أسرى به خمسين , ثم نقصت حتى جعلت خمسا , ثم نودى : إنه لايبدل القول لدى , وإن لك بهذه الخمس أجر خمسين . " ( 9)

رابعا : حكم ترك الصلاة :

من المعلوم أن ترك الصلاة له حالتان ولكل منهما الحكم الشرعى الواجب :
الحكم الأول : وهو يتعلق بمن ترك الصلاة جحوداً ومنكرأ فرضيتها
وهو بذلك يكون كافراً لأنه أنكر معلوما من الدين بالضرورة , فإذا ترك الصلاة جحوداً بعد النطق بالشهادتين ودخول الإسلام , فإنه يكون فى هذه الحالة مرتداً
وليس له من الحقوق ما للمسلمين , فلا يورث ولا يورث , ولا يتزوج من مسلمة
وإذا مات لايغسل ولا يكفن و ولا يصل عليه الجنازة , ولا يدفن فى مقابر المسلمين ,
ويجب على الحاكم المسلم أن يأمره بالصلاة , فإذا فعلها فقد عصم دمه وإلا فقد حل دمه وذلك لورود الأحاديث الصريحة فى هذا الشأن بكفر تارك الصلاة ومنها على سبيل المثال ما رواه مسلم من حديث جابر رضى الله عنه _ أن النبى صل الله عليه وسلم _ قال : " بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة " وما رواه الإمام أحمد عن بريدة _ رضى الله عنه _ أن رسول الله صل الله عليه وسلم _ قال :" العهد الذى بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " ( 10)

الحالة الثانية :

فى من تركها كسلا : وأما من ترك الصلاة تكاسلا بها من غير جحود لها و لااستخفاف بفرضيتها فقد اختلف الفقهاء فى حكمه فمنهم من أخذ بالأحاديث على العموم بكفره مطلقا فى من تركها عامة والصحيح ما عليه جمهور العلماء , فقد حكموا بفسقه أى بخروجه عن طاعة الله , لأنهم حملوا الأحاديث على من تركها منكرا لفرضيتها واستدلوا بقوله تعالى :" إن الله لايغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء " وهذا يدل على أن تارك الصلاة ليس مشركا , وبالتالى فهو معرض لرحمة الله تعالى واستدل الجمهور على ذلم بحديث رواه مسلم عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم _ لكل نبى دعوة مستجابة , فتعجل كل نبى دعوته , وإنى اختبأت دعوتى شفاعتى لأمتى يوم القيامة فهى نائله إن شاء الله , من مات لايشرك بالله شيئا "
ومع أن تارك الصلاة كسلا ليس بكافر بل هو فاسق إلا أنه يجب على الحاكم أن يحمله عليها بمختلف الوسائل التى تجعله يقيمها . ( 11)

خامسا : المواقيت والآذان :

أوقات الصلاة : للصلاة المفروضة أوقات بينتها , السنة فلا تصح الصلاة إلا إذا قدمت على أوقاتها ويحرم تأخيرها عليها ,بغير عذر شرعى إلا فى جمع التقديم والتأخير , وأوقات الصلاة كما بينتها السنة هى :

صلاة الظهر : وقت زوال الشمس عن وسط السماء , ويمتد إلى أن يصير ظل كل شئ مثله سوى فئ الزوال , " وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر" رواه مسلم من حديث عبد الله بن عمر رضى الله عنهما , إلا أنه يستحب تأخير صلاة الظهر عن أول الوقت عند شدة الحر حتى لايذهب الخشوع , والتعجيل فى غير ذلك من حديث أنس رضى الله عنه قال : " كان النبى صل الله عليه وسلم " إذا اشتد البرد بكر بالصلاة , وإذا إشتد الحر أبرد بالصلاة " رواه البخارى ( 12)

صلاة العصر : كما ورد فى الحديث :" وقت العصر ما لم تصفر الشمس " رواه مسلم حديث عبد الله بن عمر رضى الله عنهما : ومن حديث أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صل الله عليه وسلم قال :" من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر " رواه الجماعة ورواه البيهقى بلفظ :" من صل من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس ثم صلى ما بقى بعد غروب الشمس لم يفته العصر " ولا يجوز ترك الصلاة إلى بعد اصفرار الشمس إلا لعذر فعن أنس رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول : تلك صلاة المنافق , يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرنى الشيطان قام فنقرها أربعا , لايذكر الله إلا قليلا " رواه الجماعة إلا البخارى وابن ماجة ( 13 )

.كما يستحب التعجيل بصلاة العصر فقد حث القرآن الكريم على المحافظة عليها فقد ذكر النبى صل الله عليه وسلم فى الحديث أن الصلاة الوسطى هى صلاة العصر " فقد قال يوم الأحزاب كما فى رواية أحمد وأبى داود :" شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر " وقال صل الله عليه وسلم فى حديث رواه أحمد وابن ماجة من حديث بريدة الأسلمى قال كنا مع رسول الله صل الله عليه وسلم فى غزوة فقال : بكروا بالصلاة فى يوم الغيم , فإن من فاتته صلاة العصر حبط عمله " يقول بن القيم والترك نوعان : ترك كلى لا يصليها أبدا , فهذا يحبط العمل جميعه " وترك معين فى يوم معين , فهذا يحبط عمل اليوم " ( 14)

صلاة المغرب : أوله وقت غروب الشمس وآخره مغيب الشفق لحديث ابن عمر رضى الله عنهما أن النبى صل الله عليه وسلم قال :" وقت المغرب ما لم يغب الشفق " وعن السائب بن يزيد أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال :" لا تزال أمتى على الفطرة ما صلوا المغرب قبل طلوع النجوم " رواه أحمد والطبرانى
صلاة العشاء : إذا غاب الشفق الأحمر , ويمتد إلى نصف الليل كما فى حديث عائشة رضى الله عنها قالت : كانوا يصلون العتمة ( العشاء ) فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل الأول " رواه البخارى ( 15 )

صلاة الصبح : كما فى حديث ابن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال : ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر , ما لم تطلع الشمس , فإذا طلعت الشمس فأمسك عن الصلاة فإنها تطلع بين قرنى شيطان " رواه مسلم
ملحوظة : اوقات الصلاة تعرف الآن من الإذعة والصحف اليومية وعن طريق الساعات وسماع الأذان . ( 16)

سادسا : أحكام تتعلق بالصلاة :

ومن أدرك ركعة من الوقت فقد أدرك الصلاة لحديث النبى صل الله عليه وسلم :" من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة " روه الجماعة وهذا عام فى جميع الصلوات وأن الصلاة تقع كاملة بإدراك جزء من الوقت تؤدى فيه ركعة كاملة , وإن كان لا يجوز تعمد التأخير عن الوقت الأخير إلا لعذر
ومن نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لحديث أبى قتادة رضى الله عنه قال : ذكروا للنبى صل الله عليه وسلم :" نومهم عن الصلاة فقال :" إنه ليس فى النوم تفريط إنما التفريط فى اليقظة , فإذا نسى أحدكم صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها " رواه النسائى والترمذى وصححه ( 17)

ومن الأوقات المنهى عنها فى الصلاة بعد صلاة الصبح حتى تغرب الشمس
وعند استوائها حتى تميل إلى الغروب , وبعد صلاة العصر حتى تغرب من حديث أبى سعيد رضى الله عنه أن النبى صل الله عليه وسلم قال :" لا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس , ولا صلاة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس " رواه البخارى ومسلم وهذه الأوقات تكره فيها الصلاة كراهة تحريمة وهو التنفل المطلق الذى ليس له سبب كما قال الإمام الشافعى رضى الله عنه : أن الصلاة التى لها سبب متقدم عليها فلا تكره فى هذه الأوقات , كقضاء الفوئت من الفرائض , والسنن والنوافل التى إتخذها الإنسان ورداً ولأن النبى صل الله عليه وسلم صلى بعد العصر ركعتين وقال :" هما اللتان بعد الظهر " رواه الشيخان (18)

وكذلك لاتكره الصلاة التى لها سبب مقارن كصلاة تحية المسجد , وصلاة الجنازة , وسجود التلاوة والشكر , وصلاة الخسوف والكسوف , والإستسقاء وأما التى لها سبب متأخر فإنها تكره فى هذه الأوقات كصلاة الإستخارة وركعتى الإحرام
ويستثنى من النهى وقت الزمان وقت الإستواء يوم الجمعة لمن دخل المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين كما فى الحديث
وكذلك يستثنى وقت المكان مكة زادها تشريفا وتعظيما لقوله صل الله عليه وسلم :" يا بنى عبد مناف من ولى منكم من أمر الناس شيئا فلا يمنعن أحداً طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة من ليل أو نهار رواه الترمذى ( 19)

كما يجوز صلاة ركعتي نافلة الصبح بعد الصلاة لمن لم يدرك النافلة قبل صلاة الصبح من حديث ابن عمر رضى الله عنهما قال : إن رسول الله صل الله عليه وسلم خرج علينا ونحن نصلى فى هذه الساعة ( يعنى بعد صلاة الصبح ) فقال :" ليبلغ شاهدكم غائبكم أن لا صلاة بعد الصبح إلا ركعتين " رواه أحمد وأبو داود
كما لايجوز التطوع أثناء إقامة الصلاة , فإذا أقيمت الصلاة كره الإشتغال بالتطوع
من حديث أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صل الله عليه وسلم قال : " إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة " وفى رواية " إلا التى أقيمت " رواه أحمد ومسلم وأصحاب السنن ( 20)

ثامنا : مشروعية الأذان والإقامة :

الأذان والإقامة و معناهما الإعلام بدخول وقت الصلاة بألفاظ مخصوصة .وهما مشروعان بالكتاب والسنة واجماع الأمة قال تعالى :" وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا " سورة المائدة وقال تعالى :" إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة " وقال صل الله عليه وسلم : إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم " رواه الشيخان وفى رواية " فأذنا وأقيما " وشرط الأذان الإسلام والتميز والعقل والذكورة والأذان يتعلق بنظر المؤذن لايحتاج إلى إذن الإمام , بخلاف الإقامة فإنها تتعلق بإذن الإمام .
وعن جكم الأذان هو سنة مؤكدة على الكفاية لأهل الحى الواحد , فإذا أداها أحد منهم سقط الإثم عن الباقين من أهل الحى , وإذا تركوها فعليهم جميعا الإثم . ( 21)

وعن فضله : حديث أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم :
قال :" لو يعلم الناس ما فى الأذان والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا , ولو يعلمون ما فى التهجير لاستبقوا إليه , ولو يعلمون ما فى العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا " رواه البخارى وغيره والمعنى أن الناس لو يعلمون
ما الأذان والصف الأول من الفضيلة وعظم المثوبة لحكموا القرعة بينهم , لكثرة الراغبين فيها , والتهجير هو التبكير إلى صلاة الظهر , والعتمة هى صلاة العشاء
وحبوا من حبا الصبى إذا مشى على أربع "
وعن معاوية أن النبى صل الله عليه وسلم قال :" إن المؤذنين أطول الناس أعناقا يوم القيامة " رواه أحمد ومسلم وابن ماجة .
حكمة الأذان والهدف منه :
الأذان إعلام بدخول وقت الصلاة حتى يعلم , ذلك المسلم المشغول فى عمله الذى لايتذكر وقت الصلاة أو لا يعرف هذا الوقت .
وحكمته تذكير الناس بحلول وقت الفرض , فيسارعون إلى أداء الصلاة ( 22)

صيغة الأذان : من حديث أبى محذورة وهو من مسلمى الفتح أخذ به الشافعى والإمام مالك رحمهما الله وفيه ترجيع الشهادتين بالسر فيكون الأذان :
الله أكبر الله أكبر , الله أكبر الله أكبر , ثم يخفض صوته عند " أشهد أن لا إله إلا الله
أشهد أن لاإله إلا الله , أشهد أن محمدأ رسول الله , أشهد أن محمدا رسول الله ويكون ذلك فى السر ثم يجهر بصوته أشهد أن لا إله إلا الله , أشهد أن لا إله إلا الله , أشهد أن محمدا رسول الله , أشهد أن محمدا رسول الله , حى على الصلاة حى على الصلاة , حى على الفلاح حى على الفلاح , الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله "
رواه مسلم : إلا أن الإمام مالك رحمه الله قال التكبير فى أوله مرتان فيكون الأذان عنده سبع عشرة كلمة , والإمام الشافعى الأذان عنده تسع عشرة كلمة . ( 23)

وعن حديث عبد الله بن زيد وهو الذى رأى الأذان فى المنام وهو الأذان الذى كان يؤذن به بلال رضى الله عنه وعدد كلماته خمس عشرة كلمة _ أى من غير ترجيع الشهادتين وهذا هو الراجح لأدلة منها :
1_ أنه هو الذى رآه عبد الله بن زيد رضى الله عنه :
2_ أن أمر النبى صل الله عليه وسلم لأبى محذورة كان خاصا به حيث كان لايزال لم يستقر الإيمان فى قلبه _ كما ورد فى قصته , فكان تلقين الرسول صل الله عليه وسلم له بالإسرار بالشهادتين لأن ذلك مدعاة للإخلاص .
3_ أن أبا محذورة علمة النبى صل الله عليه وسلم فى فتح مكة ثم ذهب صل الله عليه وسلم : إلى المدينة وما زال بلال يؤذن ولم يأمره بالتغير . ( 24)

وعن صفة الأذان : الترسل والتمهل , لقول عمر رضى الله عنه لمؤذن بيت المقدس
إذا أذنت فترسل وإذا أقمت فأحذم , الإقامة الحذر وعدم التطويل ,ويرفع صوته بالأذان قائما , ويدير وجهه عن يمينه إذا قال حى على الصلاة , وعلى يساره حى على الفلاح ولا يحرك قدميه لحديث أبى جُحيفة رضى الله عنه " رأيت بلالا رضى الله عنه يؤذن واتتبع فاه ههنا وههنا .
صيغة الإقامة : يقول الإمام أبو حنيفة الإقامة مثل الأذان كم فى حديث أبى محذورة
والإمام مالك رحمه الله يرى أخذ جانب الصلاة مرة واحدة قال بن القيم ولم يصح عن رسول الله صل الله عليه وسلم أنه أفرد " قد قامت الصلاة " البتة وقال بن عبد البر هى مثناة على كل حال . (25)