عن نظام الحكم فى الإسلام

ومن أهم هذه الصفات التى يجب أن تتوافر فيه :

أولا : الفهم والعلم :

والحاكم يجب أن يكون فطنا صاحب فكر سليم, وعلم نافع وعلى الأقل أن يكون ملما فيما يتعلق بالأحكام الشرعية , فى اطار الأوامر والنواهى قادرا بنفسه أو بمن يحوطه من نوابه على معرفة الصحيح من الباطل , والحلال والحرام فقد تحمل أمانة على المسلمين , وكلف برسالة الرعاية لهم , وفى الحديث عن النبى صل الله عليه وسلم " إن الله تعالى سائل كل راع عما استرعاه أحفظ أم ضيع حتى يسأل الرجل عن أهل بيته " رواه ابن حبان (3)

ثانيا : العدالة:

والعدل هو الذى يجب أن يتمثل فى حياة الناس, ومعاملتهم والحكم بينهم وكما بينا من قبل أن العدل الشامل من أسس الحكم وقواعده , ولن أن يقوم بما عليه من التزامات العدل على وجهه الصحيح دون أن تتوافر, فيه صفات العدالة ومطلباتها ومن كان كذلك فلا يحيد فى حكم ولا يتجاوز لطائفة, على حساب أخرى ولا يحابى أحد من شعبه لما له من قرابة أو منزلة , أو من أجل مصلحة أو جاه فالكل عنده سواسية
                                      (4)

ثالثا : الديمقراطية :

وهى من أهم ما يجب على الحاكم أن يتمثله , فى تطبيق مبدأ الشورى فلا يستقل برأى دون الجماعة وليس للحاكم أن يملى , عليها ما ترله غير محققا لمصالحها
وقد بينا من قبل أن مبدأ الشورى من المبادئ التى جعلها الدين أساسا من أسس الحكم
                                (5)

رابعا : الكفاية :

والكفاية تتأكد فى كمال شخصيته من النواحى , الجسمية , والعقلية , والوجدانية
والسلوكية , ليكون قدوة صالحة , وجديرا بالمهابة والإحترام , وقادرا على تصريف شئون الرعية وذلك بما توجبه أحكام الدين , وما تقتضيه المصلحة العامة .
واشرط الفقهاء كذلك أن يكون سليم الحواس , بريئا من العاهات حتى لا يكون عرضة للازدراء , أو يقع فريسة ويستغل من أجل ضعفه وعجزه ." (6)

وأن تكون له من الخبرة والتدابير لشئون الرعية , فى الحرب والسلم ومخلصا فى أداء واجبه , وذلك بما يمليه عليه الواجب ويقتضيه الإخلاص , من تهيئة الفرص التى تحقق للشعب الأمن والسعادة , من إعداد جيش قوى يدافع عنه , ومن عناية
فائقة بتنمية الموارد , والنهوض بالمرافق العامة , والحفاظ على المال العام وعدم إنفاقه إلا فيما يفيد ويعود على المجتمع بالخير , وأن تكون علاقته بغيره من المجتمعات والدول على أساس السيادة والمنعة , بحيث يكون موقفه من بلاده ووطنه
كموقف الأب من أسرته ." (7)

_ وأن يكون قدوة صالحة فى صحة الوجدان واستقامة السلوك , ويكون حريصا على مبادئ الدين وفى علاقته مع ربه , وعلاقته مع شعبه , وأن يتخذ الدين النبراس الهادى فى كل ما يتخذ من أمر أو نهى , وفى اختيار أعوانه وفى سياسته وصلاته بالدول الأخرى .
وأن يكون حريصا فى سلوكه على أن تكون وفق , مبادئ الدين وفضائله والقانون العام مما لايخالف قواعد الدين العامة وأحكامه الكلية ." (

وأن يتعهد أحوال المحكومين فى جميع النواحى , التى تقوم عليها حياتهم : المعيشية
والصحية , والاجتماعية , والاقتصادية , وأن يتخذ الواسائل الكفيلة بذلك : من تفقد أحوالهم , وعدم الإحتجاب عنهم , ومراقبة أعوانه , والإستماع إلى مظالم الشعب
والعمل على رفع المعاناة عنه , وتذليل كل الصعوبات التى تواجهه مع الرفق به
وعدم القسوة عليه , ولا يثقل كاهله بما لا يطيق من التكاليف , وإذا نزلت به نازلة
أو وقع فى أزمة عمل على إزالة كل صعوبات أو عقبة , حتى يبعث الرضا إلى نفسه
ويدفعه إلى التعاون معه , ومن ثم تتم للأمة وحدتها وترابطها وقوتها ." (9)

ومما لاشك فيه أن توافر تلك الصفات فى الحاكم , تؤثر أثرها فى الحكم فتجعله حاكما صالحا , جديرا بالثقة والتأييد , وتؤتى ثمارها للمحكومين بما تهيئه من : الأمن وانصراف الجهود لما ينهض بالمجتمع , ويكفل له وحدته وترابطه و سعادته , ولذلك يجب على الشعب أن يتحرى الدقة فى اختيار حكامه , وأن لا يعطى ثقته إلا لمن كان جدير بها , ممن تؤهلهم صفاتهم القيادة الرشيدة , وتَحمُّل تبعات الحكم على خير الوجوه وأتمها "   وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم  (10)