شباب حول الرسول ( صل الله عليه وسلم )

ودعوة المقداد وعتابه الشديد لكل من يتخلف عن الجهاد , بالنفس والمال والولد عامة شاملة لكل العصور والأزمنة , فليس عتابه مقصورا على فئة من المسلمين دون فئة
أو عصر دون عصر بل هو لكل المسلمين فى كل العصور , ويوم يستجيب المسلمون لدعوة المقداد , ويأخذون بعين الإعتبار كلامه وعتابه الشديد للمقصرين
فى حق دينهم وعقيدتهم وأوطانهم , ويومئذ لانجد أمة أو وطنا من أوطان الإسلام
يعتدى عليه أو تنتهك حرمة من حرمات المسلمين , أو تستباح مقدساتهم
رضى الله تعالى عن المقداد بن عمرو وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الداعية الفاتح

العلاء بن الحضرمى رضى الله تعالى عنه

وهو من الصحابة الأجلاء الذين نالوا شرف كتابة الوحى , وتدوين القرآن الكريم انتدبه النبى صل الله عليه وسلم , للمهام الجسام التى تتطلب الكفاءة وحسن تصريف
الأمور , وقد جمع بين العبقرية السياسية والعسكرية , فسبق رأيه سيفه وعقلت حكمته قوته , ففتح بالحكمة ما لاتفتحه الشوكة , وأسهم فى نشر نور الحق والدفاع عن الدعوة , فكان من الدعاة الفاتحين الذين لهم , قدم صدق قيما يحب الله تعالى ويرضى جعله رسول الله صل الله عليه وسلم , وفدا عنه إلى ملك البحرين يدعوه
إلى الإسلام فكان لحكمته وحسن سياسته , فضل فى كسب أرض للإسلام جديدة
فولاه النبى صل الله عليه وسلم أميرا عليها .

ولما كانت فتنة الردة والتى لم يسلم منها أهل البحرين , كان العلاء بن الحضرمى قائد جيش المسلمين لقمعها , فسلك بجيشه أقصر الطرق عبر الصحراء , ليرد الخطر قبل أن يستفحل وفى إحدى وقفات الراحة والتزود , عبر طريق التحرك الصحراوى الطويل فرت الإبل من مرابضها , وفوق ظهورها أكثر متاع الجيش
وهرولوا لقائدهم وإذا به يطمئنها فى ثبات قلب , ويؤكد لهم أن الخذلان بعيد عن كفتهم وحين أذن مؤذن الفجر , وقضيت صلاة الصبح دعوا الله أن يرد عليهم إبلهم
فإذا بالإبل تقبل عليهم من كل جهة ليستأنف الجيش سيره , وزحفه ويصل حيث أراد

فيأمر القائد بإقامة معسكره قرب خطوط عدوه , يستطلع قوتهم ويأخذ الفسحة للتنسيق
مع أعوانه من أهل البحرين , ليحسم الموقف لصالحه وواتته الفرصة بأقل الخسائر
حين سمع جلبة فى معسكر أعدائه , فأرسل من يأتيه بخبرها وعلم أن الخمر قد لعبت برؤوسهم , ونالت منهم كل منال فكر عليهم وشتتهم وطارد فلولهم "
فأكرم يارب بها من صحبة تجمعنا بهم وبرسول الإسلام صل الله عليه وسلم فى جنات ونهر , ومقعد صدق عند مليك مقتدر "
وصل الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

سابق الأنصار إلى تعلم وتعليم القرآن الكريم

الصحابى الجليل رافع بن مالك بن العجلان بن زريق الأنصارى

لقد هيئ الله سبحانه وتعالى للدعوة , إلى الحق والخير فى كل جيل وفى كل زمان , رجالا مؤمنين صادقين مصدقين , بما أنزله الله تعالى على رسله , أمنوا بذلك عن يقين واقتناع وامتزج ايمانهم بالحب الخالص الذى يمتلك عليهم مشاعرهم ويوجه أحاسيسهم , إلى الدعوة إليه ونشر مبادئه فى العالمين تطبيقا عمليا وتعليما لمن حولهم من الناس.
ومن هؤلاء الصفوة الصحابى الجليل , رافع بن مالك بن العجلان بن زريق الأنصارى , والذى يقرأ مواقفه وبطولاته , يجدها تمتثل ضياء ونورا يمتزج فيه قبله بالإيمان الصادق وإشراق الروح .

وقد شهد الصحابى رافع بن مالك : بيعة العقبة .. وكان أحد النقباء الإثنى عشر
من أهل المدينة المنورة , الذين عقدوا العهد فى هذه البيعة مع النبى صل الله عليه وسلم : على أن يمنعوه مما يمنعون منه نسائهم وأولادهم , إن هو هاجر إليهم وإذا بهم يوفون بذلك وأكثر . وليس بموقف زعيمهم سعد بن عبادة فى غزوة بدر بمجهول : إذ _ قال رسول الله صل الله عليه وسلم _ : " خذ من أموالنا ما شئت
لما شئت , وما أخذت أحب ألينا مما تركت , وعاد من شئت وسالم من شئت "
فكان رافع بن مالك _ أول من مد يده للنبى صل الله عليه وسلم , ليلة العقبة ليبايع على ذلك .

ولقد كان رافع الصاحبى الجليل موضع ثقة , الرسول صل الله عليه وسلم _
إذ أعطاه ما أنزل عليه من القرآن الكريم , فى المدة التى سبقت , وهى تبلغ عشر سنوات وتزيد . لدرجة أن الحافظ ابن حجر العسقلانى رضى الله عنه _ يقول عنه فى ترجمته: هو أول من قدم المدينة المنورة بسورة يوسف .
وكما هو معلوم عن أهل الخير , فى كل جيل الحرص على نشر مبادئ الحق و الدعوة إليه والتضحية من أجل ذلك .

رافع الصحابى رضى الله عنه _ يبنى مسجدا بنى زريق قبل هجرة النبى صل الله عليه وسلم إلى المدينة , ليكون المسجد ملتقى لأهله وذويه , ولمن يحب من المسلمين يتعلمون فيه القرآن الكريم ويتلون آياته , تمهيدا لمقدم النبى صل الله عليه وسلم _ وبذلك يكون مسجد بنى زريق الذى بناه رافع بن مالك أول مسجد أسس بالمدينة المنورة قُرئ فيه القرآن بعد المسجد الحرام بمكة المكرمة .
حقا لقد كان صحابة رسول الله صل الله عليه وسلم _ اللبنة الطيبة فى بنيان الإسلام الشامخ فخطوا سطور الإسلام بدمائهم , وشيدوا بنيانه بأجسادهم , فاستحقوا بذلك رضوان الله الذى هو أكبر من كل شئ , فرضى الله تعالى عن صحابة رسول الله صل الله عليه وسلم الأبرار الأطهار المصطفين الأخيار وكل من سار على نهجهم
واقتفى آثارهم "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

قائد عربى هزم الفرس

" المثنى بن حارثة " رضى الله عنه

لقد عاصر هذه القائد العظيم , أشد الفترات حرجا عاشها المسلمون , فى حربهم مع الفرس , كما أنه عاش أعظم الفترات انتصارا , تحت إمارة خالد بن الوليد وشهد أصعب فترات العمر عند هزيمة المسلمين فى موقعة " الجسر " أمام الفرس , وعاش أعظم ساعات البطولة عندما وكل إليه , أمر الجيش فى عدة مرات وعندما انتهى به الأمر فى آخر مرة , منها إلى النصر الساحق على الفرس وجنودهم فى موقعة " البويب " .
ولقد حاول الفرس استعمال الحيلة , بتأليب القبائل العربية على المثنى وجيشه

وكان من بينها قبيلة بكر بن وائل , وهى قبيلة المثنى واكتشف المثنى هذه الأساليب
فى الوقت المناسب وأمكنه القضاء عليها , واثارة النعرة العربية بين قومه وبين القبائل العربية التى ظلت على ولايتها , لجيش المسلمين ولقوميتها العربية بل إن نصارى العرب فى العراق , قاتلوا بجوار المسلمين ضد الفرس حتى تحقق النصر فى موقعة " البويب " .

وبعد انتهاء المعركة صمَ المثنى أخاه , مسعود وأنس بن هلال النصرانى إليه
, بعد أن قتل فى المعركة _ وتوجع لما أصابهما , ولم يفرق بينهما من اختلاف دينهما من وجده وحزنه عليهما , وكان انتصار المسلمين فى موقعة " البويب "
قد محى آثار هزيمتهم فى معركة الجسر , وجعل كلمة المسلمين هى العليا , وألقى فى نفوس المسلمين الرعب والفزع .

وكان المثنى بن حارثة أول مسلم , ذهب إلى دلتا الفرات ودجلة , ودعا أبو بكر
للتفكير فى فتح العراق , ولولا ذهابه إليها ومغامراته فيها لما فكر , الخليفة فة مواجهة فارس , ولولا براعته وحسن رأيه وإقدامه لما استطاع المسلمون أن يثبتوا للفرس وأن يواجههم بعد أن ذهب خالد بن الوليد إلى الشام .

وظل المثنى بن حارثة بطلا شجاعا فاتحا منتصرا , حتى وافته المنية وهو متأثر بإصابته فى موقعة " الجسر " فكان مثلا يحتذى به , فى الطاعة للقيادة فهو الذى لم يغضب عندما أمْر عمر رضى الله عنه , عليه أبا عبيدة بن مسعود الثقفى ثم عندما أمْر عليه سعد بن أبى وقاص .
وذلك لأنه كان مؤمنا حسن الإيمان بالله ورسوله , فضرب المثل الأعلى فى التضحية
والبذل والعطاء , والنظام والطاعة , وسما بنفسه فوق الأهواء والشهوات .
رحم الله القائد البطل وجزاه عنا وعن الإسلام , خير الجزاء "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

يطأ فى الجنة بعرجته

        الصحابى الجليل عمرو بن الجموح رضى الله تعالى عنه

كان عمرو بن الجموح من كبار زعماء يثرب فى الجاهلية , وسيد بنى سلمة وقد أسلم بعد أولاده الثلاثة معوذ ومعاذ وخلاد وزوجته هند , وكان فى الستين من عمره وبعد أن تذوق حلاوة الإيمان ندم على كل لحظة , فاتته قبل الإسلام وأقبل على الدين , ووضع نفسه وماله وولده فى طاعة الله ورسوله , بعد معركة بدر الكبرى , والتى شهدها أبناؤه الثلاثة , وتخفوا عنه لكبر سنه وعرجته الشديدة , جاء يوم أحد ونظر إلى أبنائه الثلاثة وهو يتلهفون شوقا , إلى نيل الشهادة , والفوز بالرضوان من الله

فثارت حميته وعزم أن يغدو معهم , ولكن الفتية أجمعوا على منع أبيهم وقالوا
له : يا أبانا إن لك عذرك فعلام تكلف نفسك , بما أعفاك الله منه ؟ فغضب أشد الغضب وانطلق إلى رسول الله صل الله عليه وسلم _ يشكوهم فقال له : " يا نبى الله
إن أبنائى  هؤلاء يريدون أن يحبسونى , عن هذا الخير وهم يتذرعون بأننى أعرج
, والله إنى لأرجوا أن أطأ بعرجتى هذه الجنة , فقال صل الله عليه وسلم _
لأبنائه ( دعوه لعل الله عز وجل يرزقه الشهادة ) فوافقوا على ذلك إذعانا لأمر رسول الله صل الله عليه وسلم _

وقبل الخروج إلى غزوة أحد ودع عمرو زوجته
وداع مفارق ورفع كفيه إلى السماء , قائلا " اللهم ارزقنى الشهادة ولا تردنى إلى
أهلى خائبا ودارت المعركة , وحمى الوطيس وتفرق الكثير عن رسول الله صل الله عليه وسلم _ ولكن ابن الجموح يمضى وثبا , على رجله الصحيحة يضرب هنا وهناك ويجالد عن رسول الله صل الله عليه وسلم _ حتى خر صريعا مع أحد أبنائه
ويخبر النبى صل الله عليه وسلم _  خبره ويعلم أهله أنه قد وطئ بعرجته الجنة
رحم الله تعالى الصحابى الجليل عمرو بن الجموح وجمعنا الله به حيث لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

كاتم اسرار النبى صل الله عليه وسلم

           الصحابى الجليل : حذيفة بن اليمان رضى الله تعالى عنه

إن اكتشاف مزايا الخير فى الناس , والإفادة من مواهبهم وطاقاتهم الكامنة , فى شخصية كل واحد منهم , سنة أصيلة ودعامة أساسية للسياسة الحكيمة التى وضعها المعلم الأول والحاكم الرشيد محمد صل الله عليه وسلم _ وبذلك تمضى السياسة فى الإسلام على وضع الرجل المناسب فى المكان المناسب .
ومن هنا كان لهؤلاء الصفوة من الصحابة الذين اجتمعوا حول , النبى صل الله عليه وسلم _ الفضل فى مختلف المواقف , وفى جميع نواحى الحياة المختلفة , وبذلك تكون المجتمع الفاضل الذى يعمل جميع أفراده , على رفع مكانته بما يملك من خبرات عالية

فيسخرها لخدمة دينه , ووطنه ليصير كل منهم علما وضاء وتكتب له آثاره بأحرف من نور على مر التاريخ . مع بطل من أبطال الإسلام , وأحد الصحابة الكرام من السابقين إلى الإسلام , وصاحب سر رسول الله صل الله عليه وسلم ـ وهو من الرجال العظام الذين وهبوا أنفسهم للدفاع عن الإسلام , وعن صاحب الدعوة إلى الله صل الله عليه وسلم ـ وقد نشأ حذيفة بن اليمان رضى الله عنه ـ فى بيت يعتنق الإسلام ويعمل بأحكامه , ومن ثم ربى بين أبوين من السابقين فى الإسلام , فكان لذلك الأثر الحميد والقدوة الطيبة فى شخصية هذا البطل " حذيفة بن اليمان " الصحابى الجليل : الذى ولد فى مكة المكرمة فشبت عيناه على مسجدها الحرام , وكعبتها المشرفة ثم شاءت قدرة الله عز وجل أن يُجمع له بين الحسنين , فينشأ فى المدينة المنورة ليكون بذلك مكى الأصل مدنى النشأة وذات يوم سأل حذيفة رسول الله صل الله عليه وسلم ـ هل أنا من المهاجرين أم من الأنصار يا رسول الله صل الله عليه وسلم ؟ فقال له عليه الصلاة والسلام ـ إن شئت كنت من المهاجرين , وإن شئت كنت من الأنصار , فاختر لنفسك ما تحب " فقال حذيفة : بل أنا من الأنصار يا رسول الله صل الله عليه وسلم ـ وسبب هذا السؤال أن اليمان والد حذيفة كان مكى الأصل من بنى عبس , لكنه أصابه دما فى قومه , فخرج إلى يثرب التى صار اسمها المدينة المنورة بعد الهجرة " وهناك حالف بنى عبد الأشهل ,

ولما أشرق نور الإسلام على الدنيا , كان " حذيفة بن اليمان " أحد عشرة رجال من بنى عبس أقبلوا على رسول الله صل الله عليه وسلم _ وأعلنوا إسلامهم بين يديه وذلك قبل أن يُهاجر إلى المدينة , ومن هنا كان حذيفة رضى الله عنه مكى الأصل , مدنى النشأة , ولقد شهد حذيفة رضى الله عنه المشاهد كلها إلا غزوة بدر " وذلك بسبب العهد والميثاق الذى أخذه كفار قريش عليه , يقول أبو حذيفة , كنت وأبى خارج المدينة فأخذنا كفار قريش وأبوا أن يُطلقونا , إلا بعد العهد بألا ننصر محمدا صل الله عليه وسلم ـ عليهم , وألا نقاتل معه ثم أطلقوا سراحنا
ولما أخبرنا رسول الله صل الله عليهم وسلم ـ بذلك وسألناه ماذا نصنع ؟ فقال صل الله عليه وسلم ـ نفى بعهدهم ونستعين عليهم بالله "
ولما جاء حذيفة إلى رسول الله صل الله عليه وسلم _ ووقف بين يديه إستطاع الرسول صل الله عليه وسلم _ أن يكتشف شخصية حذيفة ويتعرف على ما يتصف به من مواهب وكان من هذه الصفات :
1_ ذكائه الذى يؤهله لحل المعضلات ومواجهة المشاكل والصعاب .
2_ سرعة البديهة التى تسيطر على جنبات نفسه وتفكيره .
3_ قوته النفسية والروحية على كتمان الأسرار لايستطيع أحد مهما أوتى من حنكة وسياسة  أن ينفد إلى ما يريده منه .

وهذه الصفات هى التى جعلت الرسول صل الله عليه وسلم _ أن يقع اختياره عليه كأمين لكتم أسراره فى أكبر المشكلات التى تواجه , المجتمع الإسلامى فى المدينة , ولهذا أصبح  حذيفة بن اليمان محل الثقة والتقدير أمينا لايبوح بسر ائتمن عليه , ولذلك عهد إليه رسول الله صل الله عليه وسلم ـ  برصد حركاتهم  وتتبع نشاطهم , وهى وجود المنافقين وما يكيدون به من , تدبير المؤامرات ضد الإسلام ونبى الإسلام صل الله عليه وسلم _ وقد أخبر النبى صل الله عليه وسلم _ حذيفة رضى الله عنه بأسماء المنافقين , فى حين أن الإسلام لم يأخذ عليهم شيئا من ذلك , لأن الله تعالى أمر المؤمنين أن يأخذوا الناس بالظاهر , وأن يكلوا البواطن لله سبحانه فهو العليم بها والمطلع عليها ومنذ ذلك اليوم دعى حذيفة رضى الله عنه بصاحب سر رسول الله صل الله عليه وسلم ـ, .وفى غزوة أحد , أبلى فيها حذيفة بلاء حسنا , ودافع عن رسول الله صل الله عليه وسلم ـ دفاعا مستميتا , وصمد هو وكل الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه , فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا " ولقد كان لحذيفة بن اليمان دور مؤثر فى غزوة الأحزاب , حيث كلفه الرسول صل الله عليه وسلم ـ بأن يأتى له باخبار الأعداء فى جنح الليل المظلم , فلم يخاف ولم يتردد من أن يقع فى أيدى الأعداء ولكنه توكل عليه الله وهو واثق بأن الأعمار والآجال بيد الله , فإن الإقدام لايُقصر عمراً , ولاالإحجام يُطيل أجلا ومن هذا المنطلق نجح حذيفة بن اليمان فى أن يأتى لرسول الله صل الله عليه وسلم ـ بأخبار الأعداء , على الرغم من الأخطار التى كانت تُحيط به من كل جانب فأحبه رسول الله صل الله عليه وسلم ـ وسُر من شجاعته , وقدرته الفائقة فى الحصول على أسرار العدو العسكرية ,

وتكفل حذيفة رضى الله عنه بهذه المهمة الخطيرة , وذلك برصد حركات المنافقين
وتتبع نشاطهم والعمل على , درء خطرهم عن الإسلام وأهله , وقد نجح حذيفة فى القيام بهذه المهمة التى عهدها إليه , الرسول الأعظم صل الله عليه وسلم _ وقد ظل أمينا على هذا السر ما بقيت حياته , إلى زمن الخلفاء الذين كانوا يرجعون إليه فى أمر المنافقين وهو لم يخبر أحد بما أطلعه عليه , الرسول الكريم صل الله عليه وسلم
لذلك : كان عمر رضى الله عنه _ إذا مات أحد من المسلمين يسأل : عن حذيفة أحضر حذيفة للصلاة عليه ؟ فإن قالوا : نعم صلى عليه , وإن قالوا لا شك فيه وأمسك عن الصلاة عليه , وقد سأله مرة أفى عمالى أحد من المنافقين ؟ فقال واحد
فقال : دلنى عليه فقال لا أفعل , قال حذيفة لكن عمر ما لبث أن عزله كأنما هداه الله إليه , حتى أن عمر رضى الله تعالى عنه على جلالة قدره , وعلو منزلته كان يتهم نفسه بالنفاق ويذهب كل ليلة , إلى حذبفة ويقول له نشدتك بالله هل سمانى لك رسول الله صل الله عليه وسلم : فيقول حذيفة له ولا زكى أحدا بعدك .

والجدير بالذكر أن حذبفة بن اليمان رضى الله تعالى عنه – قد ضرب بذلك أروع الأمثلة فى الوفاء والإخلاص والتمسك بما إئتمنه عليه رسول الله صل الله عليه وسلم
وكان بذلك أيضا النموذج الرائع , فى ضمن السلسلة الذهبية الكريمة , التى أنارت لنا الطريق بسيرتهم وأعمالهم عبر صفحات التاريخ , فاستحقوا عن جدارة أن يمدحهم رسول الله صل الله عليه وسلم _ ويثنى عليهم حيث قال : والذى نفس محمد بيده لو أنفق أحدكم مثل جبل أحد ذهب ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه " وقال عنهم مولاهم :" والذين جاءو من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل فى قلوبنا غلا للذين أمنوا ربنا إنك رءؤف رحيم  " سورة الحشر الآية 10_, وقد ظل حذيفة بن اليمان رضى الله عنه طوال حياته جنديا مناضلا ومستبسلا فى الدفاع , عن دينه وإسلامه ورسالة نبيه صل الله عليه وسلم ـ حتى أدركته المنية ولقى ربه راضيا مرضيا , فرضى الله عن حذيفة وجزاه عنا وعن الإسلام خير الجزاء , وأسكنه فسيح جناته . ـ موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الباحث عن الحقيقة والعالم العامل , والصحابى الجليل سلمان الفارسى : رضى الله عنه _ الذى قال عنه الرسول صل الله عليه وسلم _ سلمان منا آل البيت رضى الله عنهم جميعا .

كان سلمان رضى الله عنه _ مثلا يحتذى فيما يقوم به من أعمال , وكان أهلا لكل من يقصده ليأخذ عنه العلم النافع , فكان رضى الله عنه بحق يمتاز بالحياء , وكان أهلا ومثلا للعالم العامل كما يصوره الإسلام , ويجب أن يكون ولقد كانت شخصية سلمان رضى الله عنه شخصية طيبة قابلة للخير , وأهلا لأن تنتفع وتنفع غيرها ولقد عَمُر قلبه باليقين وخالط قلبه الإيمان الصادق , والحب الخالص لرسول الله صل الله عليه وسلم :ولقد دخل فى الإسلام عن بحث وتنقيب عن الحق والحقيقة , فلما هدى للإسلام آمن به عن شوق واعتنقه عن اقتناع , وطالت مجالسته ولقائاته بالرسول صل الله عليه وسلم _ ولازمه واختلط به كثيرا , حتى قالت عنه السيدة عائشة رضى الله تعالى عنها لقد كان مجلس من رسول الله صل الله عليه وسلم _ حتى كاد أن يغلبنا .

يعنى يستأثر برسول الله صل الله عليه وسلم _ ويمكث معه أكثر منا وقال ابو الدرداء يوما لبعض المسافرين إلى المدائن , إن فيكم رجلا كان رسول الله صل الله عليه وسلم _ إذا خلا به لم يبغ أحداً غيره , ..يقصد سلمان رضى الله عنه .
وذلك لأنه كان متميزاً بشخصية واعية ومتفتحة , تمتاز بالفهم السريع والعقل الناضج
وبما كان يحمله من الخبرة , فيما يتصل بالناحية الدينية , ما يمنكنه من كشف الزيف
والدخيل من الأراء والتوقف عن قبوله وعدم الإقتناع به , ولقد أخذ سلمان رضى الله عنه عن رسول الله صل الله عليه وسلم _ علما كثيرا ولقد استطاع بشخصيته الفذة
وبفهمه السليم للأمور وتجربته النافعة , أن يكون من حكماء الإسلام ومن أصحاب الرأى الصائب السديد والنافع المفيد

وقد روى أبو نعيم فى الحلية _ عن زاذان الكندى قال كنا عند على رضى الله عنه _ ذات يوم فوافق الناس منه طيب النفس , فقالوا يا أمير المؤمنين حدثنا عن أصحابك , قال عن أى من أصحابى , قالوا عن أصحاب محمد صل الله عليه وسلم _ قال كل أصحاب محمد صل الله عليه وسلم _ أصحابى فعن أيهم ؟ قالوا : عن الذين رأيناك تلطفهم بذكرك , والصلاة عليهم دون القوم .. حدثنا عن سلمان رضى الله عنه _ قال من لكم بمثل لقمان الحكيم , ذاك امرؤ منا وإلينا أهل البيت , أدرك العلم الأول والعلم الآخر , بحر لاينضب , ولم يكتم سلمان علمه عن الناس وإنما بذله فى تواضع واخلاص , وقدمه فى مواطن الحاجة لكل محتاج وسائل .