شباب حول الرسول ( صل الله عليه وسلم )

شباب حول الرسول

قال تعالى :" إنهم فتية أمنوا بربهم وزدناهم هدى " سورة الكهف 13_

هؤلاء الشباب آمنوا بربهم إيمانا صادقا وعرفوا ما لهم وما عليهم وامتلأت قلوبهم بالحب والرضا والزهد واليقين وصاحبنا من كان له فضل السبق إلى الإسلام وممن بايع رسول الله صل الله عليه وسلم مع من بايع من الأنصار عند بيعة العقبة الثانية , ملك عليه الحب قلبه فأحب الله ورسوله , وأحب كتاب الله وسنة نبيه فالتزم ولم يتخلف يوما عن رسول الله فى مشهد أو غزوة من الغزوات , وقد جمع بين الإيمان العميق والفهم الدقيق والعلم الواسع والفقه الذكى والرأى السديد ما جعله أهلا لقول النبى صل الله عليه وسلم ( أعلم أمتى بالحلال والحرام معاذ بن جبل ) رضى الله تعالى عنه _ ولذا كان يقول " تعلموا ما شئتم أن تتعلموا فلن ينفعكم الله بالعلم حتى تعملوا به " وعندما كلفه رسول الله صل الله عليه وسلم ووجه إلى اليمن يعلم أهلها ويفقهم ويحكم بينهم سأله رسول الله صل الله عليه وسلم بما تحكم يامعاذ؟ فيجيبه الصحابى الجليل رضى الله عنه بما اكتسبه من حكمة وما أفاضه الله عليه من علم , بكتاب الله , فيقول له معلم الناس الخير فإن لم تجد فى كتاب الله ؟ فيقول معاذ : أقضى بسنة رسول الله صل الله عليه وسلم قال الهادى البشير فإن لم تجد فى سنة رسوله , قال معاذ أجتهد رأى ولا آلوا , أى لا أقصر فيستبشر وجه رسول الله صل الله عليه وسلم وهو يقول " الحمد لله الذى وفق رسول , رسول الله صل الله عليه وسلم لما يرضى رسول الله " إنهم شباب عرفوا ربهم فعرفهم ومكن لهم دينهم الذى ارتضى لهم فكانوا قدوة وقادة وكانوا بحق رجالا صدقوا الله فيما عهدوا الله عليه وفيما يقدمونه من أعمال فى السلم والحرب وفى الحضر والسفر كانوا نموذج خير وبر لغيرهم ومن بعدهم فليت شباب اليوم يأخذ من ذلك الدرس والعظة فيثوبوا إلى رشدهم ويعودوا إلى دينهم الصحيح فتكون لهم السعادة فى الدنيا والآخرة

الصحابى الجليل أبو ذر الغفارى رضى الله تعالى عنه

جلست أمرأته وفى قلبها حزن عميق على قارعة الطريق قرب صحراء " الربذة " وليس معها أحد سوى أطفالها الثلاثة وإلى جوارها جثمان زوجها الصحابى أبو ذر رضى الله عنه .. ويمر عليها ركبان فى الطريق وفيهم الصحابى عبد الله بن مسعود لاضى الله عنه , فنادت عليهم المرأة أعينونى على دفن زوجى صاحب رسول الله صل الله عليه وسلم , ونزل عبد الله بن مسعود ليرى ما الخبر وكشف الغطاء عن الميت المسجى فى ثيابه فإذا به أبو ذر رضى الله تعالى عنه _ أبو ذر الذى ترك الدنيا كلها حين قرأ قوله تعالى " قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا " سورة النساء 77_ الآية وقد أراد أبو ذر رضى الله عنه أن يحمل الناس على الزهد الرفيع فمنعه الخليفة الراشد عثمان ابن عفان رضى الله تعالى عنه ونفاه إلى الربذة "
ولقد قال عنه رسول الله صل الله عليه وسلم ما أقلت الغبراء ولا أظلت السماء رجلا أصدق لهجة من أبى ذر , أبو ذر يعيش وحده ويموت وحده ويبعث يوم القيامة وحده " وتذكر هذا عبد الله بن مسعود رضى الله عنه وبكى ما شاء الله له أن يبكى ثم صلى عليه وواراه التراب وصحب أسرته إلى خليفة المسلمين
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الأحنف بن قيس فى سطور :

سيد بنى تميم وفاتح قاشان وخرسان وحليم العرب , كان تقيا ورعا كثير التدين قوى الإيمان , قال عنه عمر رضى الله تعالى عنه " الأحنف سيد أهل المشرق , وقال عنه أيضا " الأحنف سيد أهل البصرة " وقال عنه الحسن البصرى رحمه الله _ ما رأيت شريف قوم أفضل منه _ وكان رجلا صالحا كثير الصلاة بالليل وكان يسرج المصباح ويصلى ويبكى حتى الصباح وكان يضع إصبعه فى المصباح ويقول : حس يا أحنف ما حملك على كذا ؟ ما حملك على كذا ؟ ويقول إن لم تصبر على المصباح فكيف تصبر على النار الكبرى ؟ وقيل له إنك تصوم كثيرا وإن ذلك يرق المعدة فقال إنى أعد ذلك لسفر طويل " ومن دعائه - اللهم هب لى يقينا تهون به على مصيبات الدنيا " ومرت به جنازة فقال رحم الله من أجهد نفسه لمثل هذا اليوم - وبلغ الأحنف أن الرسول صل الله عليه وسلم دعا له فسجد لله شكرا فماذا بعد هذا الفضل " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الصحابى الجليل عبد الله بن عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنهما

هو أحد العبادلة من الصحابة وهم , عبدالله بن عباس , وعبد الله بن عمرو بن العاص

وعبد الله بن مسعود , وعبد الله بن الزبير , وهو عبد الله بن عمر رضى الله تعالى عن الصحابة أجمعين
وهو القرشى العدوى شقيق أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب , ولد بمكة قبل بعثة النبى صل الله عليه وسلم بسنة وقد توفى عام 72_ أو 74_ ودفن قريبا من مكة أسلم وهو صغير وهاجر إلى المدينة قبل أبيه وشهد
أول مشاهده الخندق وشهد مؤتة واليرموك وشارك فى فتح مصر وافريقية وفى حروب الردة وهو من أكثر الصحابة رواية للحديث عن رسول الله صل الله عليه وسلم " ذلك لأنه اشتهر بكثرة الإتباع لآثار الرسول صل الله عليه وسلم وكان شديد الإحتياط والتوخى لدينه فى الفتوى حتى إنه ترك المنازعة للخلافة مع ميل أهل الشام إليه
ولم يشارك فى شئ من الفتن التى وقعت بين المسلمين "
                                   وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

حق على كل مسلم أن يقبل رأس

عبد الله بن حذافة السهمى

ذكر الحافظ بن عساكر فى ترجمة عبد الله بن حذافة السهمى
, أحد أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم , وأنه قد أسرته الروم
فجاؤوا به إلى ملكهم فقال له : تنصر وأنا أشاركك فى مُلكى وأزوجك ابنتى
فقال له , لو أعطيتنى جميع ما تملك , وجميع ما تملكه العرب , على أن أرجع عن دين محمد , طرفة عين , ما فعلت فقال إذن أقتلك قال : أنت وذاك , قال : فأمر به فصلب , والرماح ترمى قريبا من يديه ورجليه وهو يُعرض عليه النصرانية
فيأبى , ثم أمر به فأنزل , ثم أمر بتنور من نحاس فأحميت , وجاء بأسير مسلم فألقاه
وهو ينظر إليه , فإذا هى عظام تلوح , فعُرض عليه فأبى فأمر به أن يلقى , فلما رفع بالكيرة ليلقى فيها , بكى فطمع فيه , فدعاه فقال إنما بكيت , لأن نفس واحدة فى هذا القدر , فأحببت أن يكون بعدد كل شعرة فى جسدى , نفسا تعذبه فى الله
, وفى بعض الرويات : أنه سجنه ومنع عنه بعض الطعام والشراب أيام
ثم أرسل إليه خمرا ولحم خنزير , فلم يقربه , ثم استدعاه وقال له , ما منعك أن تأكل ؟ فقال له أما إنه لا يحل لى , ولم أكن لأشمتك بى فقال له الملك : تقبل رأسى وأنا أطلقك ؟ قال له , وتطلق جميع أسرى المسلمين , فلما رجع قال عمر ابن الخطاب رضى الله عنه :" حق على كل مسلم أن يقبل رأس عبد الله ابن حذافة , وأنا أبدأ
وقام وقبله رضى الله تعالى عن الصحابة أجمعين .
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الفدائى المناضل

البراء بن مالك رضى الله تعالى عنه :

فى صفحات التاريخ سطر البراء بن مالك بن النضر , كثيرا من البطولات والمواقف
التى تشهد له بالشموخ والإعتزاز بدينه , فقد شهد البراء كثيرا من المعارك وأبلى فيها بلاء حسنا , ولكن بطولته ومواقفه من المرتدين ومقاتلتهم فى عهد الخليفة أبى بكر الصديق يظل التاريخ يذكره , ولقد كان من أشد المرتدين بنو حنيفة أتباع مسليمة الكذاب وقد أرسل أبو بكر جيشا بقيادة عكرمة , ثم أرسل لهم نجدة أخرى بقيادة خالد بن الوليد ودارت المعركة طاحنة بين الطرفين , راح ضحيتها كثيرا من الجانبين
ومع ذلك لم تحسم المعركة وعندئذ استعان , خالد بالبراء بن مالك لشجاعته وبطولته
وحسن صوته فى شحذهمم المقاتلين ,ونادى البراء بصوته المؤثر هلموا إلى ثم حملوا على المرتدين , مما أرغمهم على التحصن فى نقطة حصينة , وأغلقوا على أنفسهم أبواب أسوارها العالية

, وفكر المسلمون كيف يقتحمون هذه الأسوار والأماكن الحصينة , وكان البراء يرى أن يقتحم هو بنفسه الأسوار ليتمكن من فتح أبواب ليسهل على الجنود دخول الحصن , ولكن عورض رأيه حيث العواقب غير مأمونة والعدو من الداخل يشرع سهامه وسيوفه , لكل من يحاول الإقتحام ومع اصرار البراء واستحلافهم بالله على تركه , وبأن يحمل حتى يعتلى جدار الحصن
ثم يلقى بنفسه على الأعداء وتحقق له , ما أراد فأخذ يقاتل حتى تمكن من قتل حارس باب الحصن واندفع المسلمون من الباب , الذى انفتح على أعدائهم واشتد القتال من داخل الحصن فقتل زعيمهم رأس الفتنة , مسيلمة الكذاب وانتصر المسلمون بفضل الله وبفدائية البراء بن مالك , وجنب الله تعالى المسلمين من فتنة المرتدين بعد وفاة الرسول صل الله عليه وسلم , رضى الله تعالى عن البراء بن مالك المجاهد الشجاع وعلى صحابة رسول الله أجمعين "
 وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

البارع فى البيان , الشجاع فى الميدان

وخطيب الإسلام ثابت بن قيس الأنصارى رضى الله تعالى عنه :

لقد صنعت العقيدة الإسلامية رجالا رباهم , رسول الله صل الله عليه وسلم على عينه , مما جعلهم يضحون فى سبيل ذلك بكل غال ونفيس
والعقيدة الصادقة حين تستقر فى قلب المرء ووجدانه , فإنها تجعل منه قوة متدفقة
معطاءة فى كل ميادين الحياة , فجعتلهم ينتشرون فى الأرض عملا وعطاء , فى سبيل إعلاء راية الحق وتثبيت دعائم العدل , والفضيلة فى كل نواح الحياة وفى سائر أحوالهم عملا وسلوكا .

ومن هذه النماذج الوضاءة وأولئك , الرجال الذين وهبوا أنفسهم لله للحق الذى اعتقدوة لتكون لبنة صالحة فى بنيان الحق الشامخ , لتظل رايته خفاقة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها , إنه ثابت بن قيس الأنصارى .. الذى انتدبه الرسول صل الله عليه وسلم _ ليكون خطيبه فى مواجهة خطيب بنى تميم الذى أعلن افتخاره بمزاعم الجاهلية الواهية فرد عليه ثابت بكلمات , خرجت من فمه قوية صادقة رائعة وكان منها :" لله الذى السماوات والأرض خلقه , قضى فيهن أمره ووسع كرسيه علمه
ولم يك شيئا قط , إلا من فضله ثم كان من فضله أن جعلنا أئمة , واصطفى من خير خلقه رسولا , أكرمهم نسبا وأصدقهم حديثا , وأفضلهم حسيا , فأنزل عليه كتابه
وائتمنه على خلقه فكان خيرة الله من العالمين "

وقد وطن ثابت نفسه للدعوة إلى الإسلام بحسن بيانه وصدق تعبيره , كما جعل من نفسه عنصرا من عناصر الدفاع عن العقيدة , والوقوف فى وجه المعتدين , فشهد مع رسول الله صل الله عليه وسلم , غزوة أحد وما بعدها من الغزوات , حتى كانت حروب الردة , فتجلت بطولاته وظهرت فدائيته فى موقعة اليمامة , حتى رأى وقع الهجوم الخاطف الذى شنه مسيلمة الكذاب على المسلمين , أول المعركة فصاح بصوته الجهير " والله " ما كنا هكذا نقاتل مع رسول الله صل الله عليه وسلم ثم ذهب غير بعيد , وعاد وقد لبس أكفانه

, وانضم إليه حامل راية المهاجرين , سالم مولى رسول الله صل الله عليه وسلم , وحفر كل واحد منهم لنفسه حفرة عميقة ثم نزل فيها قائمين , وأهال الرمال عليهما حتى غطر وسط كل منهما , وهكذا وقف طودين شامخين يصدان جيش الوثنية والكذب , إذ راحا يضربان بسيفيهما كل من يقترب منهما من جيش مسليمة الكذاب حتى استشهدا مكانهما , وكانا رضى الله عنهما بمشهدهما هذا أعظم صيحة أسهمت فى رد المسلمين إلى موقعهم , حيث جعلوا من جيش الكفر ترابا تطؤه الأقدام , رضى الله تعالى عن ثابت فى العالمين وصحبه المتقين ورسول الله ولى الصالحين , اللهم إنا نسألك الشهادة فى سبيلك أو الموت فى بلد رسولك "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا

حب رسول الله صل الله عليه وسلم [الخليق بالإمارة ]

جاء الإسلام ليجمع بين الناس على أساس من الحب الصادق , القائم على العقيدة الإسلامية الصحيحة , والإيمان العميق بالله رب العالمين , وهذه الرابطة تعلوا على
كل الروابط المادية التى تربطها المصالح الشخصية , والأهواء النفسية , فالرابطة الإولى قلوب تقية وأرواح نقية , وأما الرابطة الثانية فهى تجمع أبدان لا أثر له فى المعانى السامية , وما كان لله دام واتصل وما كان لغيره انقطع وانفصل وكما تقول أم المؤمنين عائشة رضى الله تعالى عنها : شبيه الشئ منجذب له " فالأرواح تتواصل والقلوب تتلقى وصدق رسول الله صل الله عليه وسلم حين قال : الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف , وفى التاريخ الإسلامى
ما يعبر لنا عن النماذج الصادقة , من الأمثلة الواقعية فى مجال التطبيق العملى
لهذا المعنى الكريم فى العلاقات السامية التى يربطها الإخلاص ويظللها الوفاء

وتثريها المودة والرحمة المتبادلة , وفى قصة الصحابى الجليل زيد بن حارثة رضى الله تعالى عنه , البيان العملى والتطبيق الواقعى , فقد أخذ _ زيد بن حارثة _ أسيرا وهو غلام فى سن الثامنة , وسيق ليباع فى سوق الرقيق حتى يصل به الحال إلى بيت السيدة خديخة أم المؤمنين رضى الله تعالى عنه , وإذ بها تهديه لزوجها محمد بن عبد الله صل الله عليه وسلم , ويحظى زيد بكريم الصحبة الطاهرة فى بيت النبوة
وينعم بجميل الصفات الكريمة , وفى هذه الآونة كانت أسرة " زيد " التى فوجعت
فى غياب قرة عينها وفلذة كبدها , فالأم لا تهدأ لها لوعة , ولا يطرف لها جفن
والأب لم يوقف تحريه وبحثه فى كل بلد وأرض , ويسأل عنه كل ذاهب وآت
حتى شاء القدر أن رأى نفر من قوم زيد فى مكة وهم يرون زيدا وهم يعرفونه

وإذ بهم يحملون الخبر ويبشرون أبيه , الذى لم يتوان فى البحث عن وليده بكل ما يملك ويستطيع , ويسمع الأب الخبر عن ولده ويجد فى السير إليه إلى مكة , ويصحبه أخوه كعب بن شراحيل فلما بلغ مكة , دخل " على محمد بن عبد الله صل الله عليه وسلم " وقالا له : يابن عبد المطلب , أنتم جيران الله تفكون العانى , وتطعمون الجائع , وتغيثون الملهوف وقد جئناك فى ابننا الذى عندك , وحملنا من المال ما يفى بفدائه , فامنن علينا وفاده لنا بما تشاء فقال محمد صل الله عليه وسلم
وهل لكم فيما هو خير من الفداء ؟ إننا نخيره فإذا اختاركم فهو لكم بغير مال , وإن اختارنى , فما أنا _ والله _ بالذى يرغب عمن يختاره فما كان من " زيد "ودون تردد إلا أن يختار البقاء مع محمد رسول الله صل الله عليه وسلم " قائلا إنى رأيت

من هذا الرجل شيئا وما أنا بالذى يفارقه , أبدا فما كان إلا أن أخذه " محمد " – صل الله عليه وسلم _ ووقف به فى حجر إسماعيل على ملأ من قريش , وقال اشهدوا أن هذا ابنى يرثنى وأرثه , فطابت نفسا أبيه وعمه بذلك , وعادا إلى قومهما مرتاحى البال , ومنذ ذلك اليوم أصبح " زيد بن حارثة " ويدعى زيد بن محمد " , وظل كذلك حتى ابطل الله تعالى التبنى , وأنزل الله تعالى قوله :" أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله " سورة الأحزاب وكان زيد وزينب بنت جحش رضى الله تعالى عنهما _ النموذج التطبيقى والعملى لهذا التحريم , قال تعالى :" فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكى لايكون على المؤمنين حرج فى أزواج أدعيائهم " سورة الأحزاب
ولم يكن يدور بخلد وفكر " زيد " حين فضل المكث مع " محمد بن عبد الله " على العودة إلى أهله وعشيرته , : أنه يكون إحدى اللبنات الإولى فى بناء دولة الإسلام العظمى فلم تمض على حادئة التخير سوى بضع سنوات حتى بعث الله محمدأ _ صل الله عليه وسلم _ رسولا إلى الناس كافة , بدين الهدى والحق

, فكان زيد من أول المؤمنين به , وأحد قواده المعدودين _ حتى قال عنه صل الله عليه وسلم _ :" وأيم الله لقد كان زيد بن حارئة خليقا بالإمارة وكان أحب الناس إلى .
وفى السنة الثامنة من الهجرة يخرج رسول الله صل الله عليه وسلم _ جيشه إلى " مؤتة " بقيادة زيد بن حارثة فإن أصيب فالقيادة لجعفر بن أبى طالب , فإن أصيب فالقيادة لعبد الله بن رواحة , فإن أصيب فليختر المسلمون لأنفسهم , رجلا منهم
وعلى أرض مؤتة جالد زيد بن حارثة عن راية رسول الله صل الله عليه وسلم
_ جلادا لم يعرف له مثيل فى تاريخ البطولات , حتى خرقت جسده مئات الرماح
فهوى صريعا يسبح فى دمه الزكية , فى سجل الشهداء الأبطال الذين يسعدن بالحياة
فى جوار الله الكريم الرحيم , فاللهم ارض عن الصحابة أجمعين والتابعين بإحسان إلى يوم الدين , " اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الصحابى الجليل زيد بن ثابت ( أول من ترجم فى الإسلام )

اختار الله سبحانه وتعالى لصحبة نبيه , محمد صل الله عليه وسلم : رجالا أبطالا ناهضين , ضحوا بكل ما يملكون فى , سبيل توطيد دعائم الدعوة إلى الله تعالى
وتأصيل قواعد الدين لتسير على نهجها الأجيال المتعاقبة , والذى يقرأ التاريخ والسير يجد أن كل رجل من صحابة رسول الله صل الله عليه وسلم كان له عمل
تفرد به عن غيره ليشهد له بهذا الصنيع بالشكر الجميل , وكان هذا من فضل الله تعالى عليهم أن جعل لهم الآثار الباقية , ليظل مدد حسناتهم مستمرا كما ذكر الله تعالى فى القرآن الكريم : "إنا نحن نحى الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شئ أحصيناه فى كتاب مبين " سورة يس الآية 12 _

ومن هؤلاء الرجال الصحابى الجليل زيد بن ثابت الذى يدين له كل مسلم له بالفضل
حين يقرأ فى كتاب الله عز وجل فإنه يحس بالسعادة , وهو مرتب سورة سورة وآية آية حسب ما هو مسجل فى اللوح المحفوظ , وقد اعتنق زيد بن ثابت الإسلام منذ صباه مع أهله من بنى الخزرج , إذ كانت سنه يوم قدم النبى صل الله عليه وسلم _ إلى المدينة مهاجرا إحدى عشر سنة , وقد فرح حين دعا له الرسول صل الله عليه وسلم بالبركة , حين قرأ سبعة عشرة سورة , بدأ زيد مشاركته فى خدمة الإسلام
منذ غزوة الخندق وقد ساهم فى هذا المجال , من الجهاد بنصيب وافر إلا أن الله تعالى جلت حكمته , لم يشأ أن تكون مشاركته مقصورة على ميادين القتال فحسب
بل تعددت نواحى مشاركته فى خدمة الإسلام كمثقف متعدد المواهب

وقد فطن الرسول صل الله عليه وسلم إلى ذلك , فأمره أن يتعلم اللغة العبرية إذ قال له تعلم
كتاب يهود فإنى ما أمنهم على كتابى , فما أن مضى نصف شهر إلا وقد تعالى زيد
اللغة العبرية , فكان يكتب للنبى صل الله عليه وسلم رسائله إليهم , ويقرأ له رسالتهم إليه , ثم تعلم اللغة السريانية فى وقت وجيز , حين عوم النبى صل الله عليه وسلم
, على أن يراسل الملوك والأمراء ليعلمهم دعوة الإسلام , فكان زيد بذلك أول من ترجم فى الإسلام , وفوق ذلك فقد ادخرت المقادير له شرف مهمة هى من أنبل المهام فى تاريخ الإسلام كله وهى مهمة جمع القرآن , وكان يتابع القرآن الكريم حفظا

, ويكتب الوحى للرسول صل الله عليه وسلم , بما جعله ذلك أهل ثقة للخلفاء
الراشدين فى النهوض بهذه المهمة فى مرحلتيها ,:
الإولى : كانت فى عهد الخليفة أبى بكر الصديق رضى الله تعالى عنه : وكانت تهدف إلى تسجيل القرآن الكريم مكتوبا على الألواح مرتبا , إذ تدوينه فى صدور الرجال فحسب ظهرت سلبياته فى موقعة , اليمامة حين استشهد أكثر حفاظه
الثانية : كانت فى عهد الخليفة عثمان رضى الله تعالى عنه , والتىقصد منها توحيد القراءات , فكان لابد من الجمع الموحد على لغة قريش , وفى كل مرحلتى الجمع سعد " زيد بن ثابت " ومن شاركه فى تنفيذ هذه المهمة بتوفيق الله , وكأن هذا هو التطبيق العملى لوعد الله تعالى القائل " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون "
فرضى الله تعالى عن زيد بن ثابت , وعن سائر صحابة رسول الله صل الله عليه وسلم الذين شاءت إرادة الله أن يكون لكل منهم موقف متفرد وخصوصية كريمة فى خدمة الإسلام "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

جار الرسول صل الله عليه وسلم فى الجنة

        الصحابى الجليل طلحة بن عبيد الله رضى الله تعالى عنه

طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن كعب , أسلم على يد أبى بكر الصديق رضى الله عنه
روى الترمذى من حديث على بن أبى طالب رضى الله تعالى عنه : قال سمعت أذنى من فم رسول الله صل الله عليه وسلم وهو يقول : طلحة والزبير جاراى فى الجنة "
وقد شهد طلحة غزوة أحد وما بعدها , وأبلى بلاء حسنا , وثبت مع رسول الله صل الله عليه وسلم : حين انكشف منه الناس , ووقاه بيده فشلت , وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة , وأحد الثمانية المبشرين بالإسلام , وأحد الستة الذين جعل عمر رضى الله عنه فيهم الشورى , وأحد الخمسة الذين أسلموا على يد أبى بكر الصديق رضى الله عنه , اشتهر طلحة بالجود والكرم وسماحة النفس وكثرة العطاء , والصدقة وصلة الرحم وقد تصدق يوما بمائة ألف درهم ,

ولقد كانت لطلحة منزلة كبيرة فى الإسلام , والدفاع عن النبى صل الله عليه وسلم , فكان عند النبى صل الله عليه وسلم , منفردا يفتديه بروحه , فقد كان يصد هجمات المشركين عن يمينه وعن يساره ومن أمامه ومن خلفه , بنفس كلها إيمان بالله وكان يدافع عن دينه وعقيدته
ممثلة فى رسول الله صل الله عليه وسلم , ورفع النبى صل الله عليه وسلم من قدره ومنزلته فقال : من سره أن ينظر إلى شهيد يمشى على وجه الأرض , فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله "

ولقد استشهد رضى الله تعالى عنه , فى موقعة الجمل وذلك يوم الخميس لعشر مضين من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين وقيل إن مروان بن الحكم هو الذى قتله
ويقال إن سهما طائشا , آتاه فوقع فى حلقه , فقال باسم أمر الله قدرا مقدورا
فرضى الله عن طلحة بن عبيد الله وجزه عن الإسلام ونبى الإسلام خير الجزاء "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

فارس يوم بدر

المقداد بن عمرو رضى الله عنه

إنه بطل من أبطال السلام , وفارس من فرسانه , ومن أوائل المهاجرين , وكان له موقف قبل أن تبدأ معركة بدر , فحين وجد المسلمون أنفسهم فى معركة النفير بعد
أن لم يرض الله بالعير .
شهد كثير من الغزوات , وأهمها غزوة بدر , وأحد , وقد شهد له الصحابة بشجاعته
وبسالته فى القتال فى غزوة بدر عندما رأوه يصول ويجول , ويضرب هنا وهناك , لايخشى رهبة الأعداء , ولا أسنة الرماح , حتى قال أحدهم , ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد , فاستحق عن جدارة واستحقاق , أن يكون الفارس الأول فى موقعة بدر وكان يغضب كثيرا عندما كان يسمع المدح والإطراء والتحدث عن شجاعته وبطولته

, لأنه يؤمن بأن البسالة والشجاعة والإقدام فى القتال , هو واجب كل مسلم نحو عقيدته ونصرة دينه , والدفاع عن دعوة الإسلام ونبيه صل الله عليه وسلم ,
لقد كان للمقداد بن عمرو كما تذكر لنا كتب السير والتاريخ , عتاب شديد فى حق من يتكلم عن الجهاد وهو لايجاهد , فإذا نادى منادى الجهاد تخاذل وجبن , وإذا طلب منه التبرع بالمال لتسليح الجيش بخل وضن بماله , وكيف تنتصر الأمة إذا لم تضحَ بالنفس والمال والولد .