الدعاء المستجاب من الكتاب والسنة :

من فوائد الدعاء :

_ فضلا عن أن الدعاء عبادة قائمة بذاتها , إلا أنه له فوائد عظيمة فى استقامة الإنسان على طاعة الله تبارك وتعالى وترك المعاصى , لأن من تعلق قلبه ووجدانه وفكره بربه سبحانه وتعالى , دعيا ومبتهلا كان أقرب إلى طاعة الله والبعد عن معاصيه ولقد سن لنا رسول الله صل الله عليه وسلم من الأدعية بما يعين العبد على الإجتهاد فى الطاعة التنفير من المعاصى كما فى حديث استفتاح الصلاة وغيرها عند البخارى ومسلم عنه صل الله عليه وسلم :" اللهم باعد بينى وبين خطاياى كما باعدت بين المشرق والمغرب , اللهم نقنى من خطاياى كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس , اللهم اغسلنى من خطاياى , بالثلج والماء والبرد " ومن أدعية الصلاة أيضا عند السجود ما رواه مسلم فى صحيحه عنه صل الله عليه وسلم :" اللهم إنى أعوذ برضاك من سخطك , وبمعافاتك من عقوبتك , وأعوذ بك منك , لا أحصى ثناء عليك كما أثنيت على نفسك " وغير ذلك من الأدية كثير مما ينبعى على المسلم ترديدها والحرص عليها " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

لاتشكو غير الله :

شكا رجل إلى آخر الفقر فقيل له ياهذا تشكو من يرحمك إلى من لايرحمك "
وقال : الأحنف بن قيس : شكوت إلى عمى وجعا فى بطنى فنهرنى ثم قال :
ياابن أخى إذا نزل بك شئ فلا تشكه إلى أحد فإنما الناس رجلان : صديق
تسوءه وعدو تسره , والذى بك لاتشكه إلى مخلوق مثلك , لايقدر على دفع
مثله عن نفسه , ولكن أشكو لمن ابتلاك به فهو قادر عن أن يفرج عنك ,
يا ابن أخى إحدى عينى هاتين ما أبصر بها , سهلا ولا جبلا من أربعين سنة
وما أطلع على ذلك حتى امرأتى ولا أحد من أهلى ..؛
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من فوائد الدعاء أن أعتنى بما يصدر عنى من أعمال :

_ لأن الكثيرين من المسلمين حين يتوجهون بالدعاء إلى ربهم من أجل دفع الشر واستجلاب الخير , وهم متغافلين عن أنهم مسؤلون عما نزل بهم وما يجرى عليهم ولذلك جاءت الأحاديث تدعوا إلى الإهتمام بالنفس وما تنضح به من عيوب وآفات , مع الأخذ الكامل بأسباب الطهر والنقاء ثم بعد ذلك يأتى الدعاء فيما رواه زيد بن أرقم قال لاأقول لكم إلا كما كان يقول رسول الله صل الله عليه وسلم :" اللهم آت نفسى تقواها وزكها أنت خير من زكاها , أنت وليها ومولها , اللهم إنى أعوذ بك من علم لا ينفع , وقلب لايخشع , ونفس لاتشبع , ودعوة لايستجاب لها " رواه مسلم ومن ثم يصبح الدعاء وسيلة لتذكير النفس بما تفعل وأنه مسؤل عن ذلك ,

ولهذا لما سئل إبراهيم بن أدهم رحمه الله عن أسباب عدم استجابة الدعاء أننا ندعوا فلا يستجاب لنا ؟ فقال لأنكم عرفتم الله تعالى فلم تطيعوه , وعرفتم الرسول فلم تتبعوا سنته , وعرفتم القرآن فلم تعملوا به , وأكلتم نعم الله تعالى فلم تؤدوا شكرها , وعرفتم الجنة فلم تطلبوها , وعرفتم النار فلم تهربوا منها , وعرفتم الشيطان فلم تحاربوه , بل وافقتموه , وعرفتم الموت فلم تستعدوا له , ودفنتم موتاكم فلم تعتبروا بهم , وتركتم عيوبكم وانشغلتم بعيوب الناس " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من وظيفة الدعاء التنفير من المعاصى والآفات :

_ فلقد دعا الإسلام كل مسلم أن يفتش فى نفسه وأن يستبصر عيوبه وأخطاءه قال تعالى :" وفى أنفسكم أفلا تبصرون " فالعاقل هو من يرصد آفات نفسه ويقومها ويطلب من الله تعالى المعونة , بقوله فى الصلاة :" إياك نعبد وإياك نستعين " وهو من أفضل الأدعية حيث يكرره المسلم فى اليوم والليلة أكثر من خمسة عشرة مره , وبهذا الدعاء يعلم المسلم أن عليه واجبات نحوا نفسه وربه وغيره من الناس , وعن شكل بن حميد رضى الله عنه قال : قلت : يارسول الله : علمنى دعاء : قال : قل : " اللهم إنى أعوذ بك من شر سمعى , ومن شر بصرى , ومن شر لسانى , ومن شر قلبى , ومن شر منيى " رواه أبو داود والترمذى وقال حديث حسن فالحديث يرشدنا إلى التفكير فى الشرور التى نقع فيها وكيف السبيل إلى التوبة والخلاص منها , حتى لا يكون دعاؤنا سلبيا لافائدة فيه " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

تنمية الذات من خلال الأدعية النبوية :

جاءت الأدعية والتعويذ المأثورة , عن النبى صل الله عليه وسلم ـ لتبصر الناس بأمر دنياهم وآخرتهم بما تحمله من تضرع وابتهال , يحمل العبد على التبصر والتفكير فيما يقوم به من أعمال وهى تركز على التنفير , من الوقوع فى آفات نفسية قد تجلب
للعبد التقصير والوقوع فى الخلل النفسى والإجتماعى , ومن ذلك ما رواه أنس رضى الله عنه قال كنت أخدم النبى صل الله عليه وسلم ـ فكنت أسمعه يكثر من أن يقول : اللهم إنى أعوذ بك من الهم والحزن , والعجز والكسل , والبخل والجبن , وضلع الدين وغلبة الرجال " ومما لاشك فيه أن هذه الأمراض لو اجتمعت فى شخص , فإنها تدفع إلى الشلل فى الإرادة وعدم المبادرة فى الفعل ,

, ولهذا جاءت الأدعية والتعويذ تدعوا إلى التنفير منها , وإذا كان رسول الله صل الله عليه وسلم ـ من أبرأ
الناس عيوبا ومع ذلك يحافظ على هذه الأدعية , فكيف بمن دونه وكل الناس دونه
ومما لايخفى على أحد أن هذه الآفات هى التى يقع , فيها كثير من الناس اليوم
وتنغص عليهم حياتهم الفردية أو الإجتماعية , إنها مصدر الإكتئاب والإنهزامية , ومصدر الضعف والتخاذل , ومصدر الغش والكسل , ومصدر التدهور والإنحطاط فى المعنويات الخلقية والنفسية , ولهذا لما سئل رسول الله صل الله عليه وسلم ـ عن أكثر ما يستعيذ من المغرم ؛؛ فقال : إن الرجل إذا غرم حدث فكذب , ووعد فأخلف "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الدعاء هو السبيل الصحيح إلى العمل :

كثير من الناس تسمعه يلهج بالدعاء ويكثر من إستعماله , إلا أنه لايقوم بأى عمل صالح مما كلف به من عبادات وغيرها , فهو يظن أن الدعاء يقوم مقام العبادة ويغنى عنه وهذا فهم مغلوط وانحراف فى السلوك , وزيغ فى الإعتقاد لا أصل له فى الدين
وأما العبادة الصحيحة هى التى يرافقها عمل صالح , مع التضرع والدعاء ومن ثم فلا يصح تعطيل الدعاء باسم العمل , أو تعطيل العمل باسم الدعاء فكلاهما مطلوب
ولايغنى أحدهما عن الآخر والأسوة لنا فى ذلك الرسول صل الله عليه وسلم ـ بسيرته وأقواله وجميع أعماله وسائر تصرفاته , فعندما كذبت قريش ورفضت هُدى الله الذى دعاها إليه محمد صل الله عليه وسلم ـ وأصرت على حربه والتأليب ضده خرج ماشيا على قدميه , إلى الطائف وكان ذلك فى صيف السنة العاشرة من البعثة النبوية
وفى الطائف والطريق إليها أخذ رسول الله صل الله عليه وسلم ـ يدعوا إلى ما بعثه الله به واجتهد وجاهد فى سبيل دينه وربه ,

, وقد مكث فى الطائف عشرة أيام يدعوا
ويبين تعاليم دينه وآدابه السامية , ولم يجد منهم إلا عنتا ونفوراً بل أشد مما لقيه من أهل مكة , وآنذاك توجه إلى ربه بالدعاء النافع , بعد معانة شديدة قاسية قوله :" اللهم إنى أشكوا إليك ضعف قوتى , وقلة حيلتى , وهوانى على الناس يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعين وأنت ربى , إلى من تكلنى ؟ إلى بعيد يتجهمنى ؟ أم إلى عدو ملكته أمرى ؟ إن لم يكن بك غضب على فلا أبالى , ولكن عافيتك أوسع لى , أعوذ بنور وجهك الذى أشرقت له الظلمات , وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة , من أن ينزل بى غضبك , أو يحل على سخطك , لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم " فالرسول صل الله عليه وسلم ـ فى هذا الدعاء يعرب عن
ضعفه وقلة حيلته بعد ان أبلى بلاء حسنا , من الكدح والمعاناة والبذل , وهو يفوض أمره إلى الله تعالى بعد أن قدم كل مافى وسعه واستطاعته .

ومن ذلك أيضا ما روته السيدة عائشة رضى الله عنها ـ أن رسول الله صل الله عليه وسلم ـ كان يقسم بين نسائه ويعدل ثم يقول بعد ذلك :" اللهم هذا قسمى فيما أملك
فلا تؤخذنى فيما تملك ولا أملك " رواه الترمذى وأبو داود وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين .
وأعظم برهان فى حياة الناس ما جاء فى قصة الثلاثة أصحاب الغار , كما جاء فى الصحيحين فهى تشير لنا إلى ضرورة الجمع بين الدعاء , والعمل الصالح والتوسل بهما مقترنين كما ورد عن النبى صل الله عليه وسلم _ من هذه القصة قال :" انطلق ثلاثة نفر ممن قبلكم حتى أواهم المبيت إلى غار فدخلوه , فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار , فقالوا : إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح
أعمالكم " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

بين صلاة الإستسقاء والعمل الصالح :

شرع الإسلام صلاة الإستسقاء طلبا للسقيا , عند الجدب واحتباس المطر وهى نوع من الدعاء والتضرع إلى الله تعالى , أن ينزل غيثه و ينشر رحمته على عباده وسن لها رسول الله صل الله عليه وسلم ـ أدعية مخصوصة كما فى حديث أبى داود وصححه الألبانى :" اللهم اسقنا غَيثا مُغيثا مَريئا مَرِيعا , نافعا غير ضار , عاجلا غير آجل " كما يستحب الدعاء لمن رأى نزول المطر قوله صل الله عليه وسلم ـ " اللهم صيبا نافعا " رواه البخارى وكذلك يستحب الذكر بعد نزول المطر قوله صل الله عليه وسلم ـ مطرنا بفضل الله ورحمته " رواه البخارى ومسلم

كما يستحب الدعاء من أجل الإستصحاء ودفع المطر كما فى قوله صل الله عليه وسلم ـ " اللهم حوالينا لا علينا , اللهم على الآكام والظراب , وبطون الأودية ومنابت الشجر " رواه البخارى ومسلم كما سن للناس قبل الدعاء ومعه أعمالا , من التوبة والخروج والتجمع والصلاة والوعظ , واظهار الرغبة فى اصلاح الحال الفاسد , فعند ذلك يحصل المقصود من الإستسقاء المشروع وتكمل ثمرته المطلوبة , يقول عبد الله ابن عمر رضى الله عنه ـ إذا أردت أن تدعو فقدم صدقة , أو صلاة , أو خير , ثم ادع بما شئت " رواه مسلم وقال تعالى :" إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه " سورة فاطر الآية 10 ـ والمعنى إليه يصعد ذكره والعمل الصالح يرفعه "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه

الدعاءلتأكيد الأخوة :

سن لنا رسول الله صل الله عليه وسلم ـ الدعاء لتأكيد معنى الأخوة وبث روح المحبة
بين المسلمين , ومن خلال المداومة على هذه الأدعية تتحرك عواطف الرحمة والشفقة والتناصر والتأزر والتضامن بين المؤمنين , ومن هذه الأدعية ما ذكر فى القرآن الكريم قال تعالى :" والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل فى قلوبنا غلا للذين أمنوا ربنا إنك رءوف رحيم "
سورة إبراهيم وقوله تعالى :" ربنا اغفر لى ولوالدى وللمؤمنين يوم يقوم الحساب " وقوله تعالى :" واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات " سورة محمد .

وفى الصلاة تقرأ سورة الفاتحة لأكثر من سبع عشرة مرة , فى كل يوم وليلة حيث جاء النصف الثانى من سورة الفاتحة , يلهج بالدعاء الذى يدعوا المؤمنين إلى الإنتماء وتقوية روح الجماعة فيما بينهم , من طلب الهداية والثبات على الصراط المستقيم حيا ومتجددا فى نفس كل مسلم , وكذلك دعاء التشهد الذى يدعو به المصلى بالسلامة والأمان لكل عباد الله الصالحين ومن ذلك :" السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين " والنبى صل الله عليه وسلم يقول :" إن المصلى إذا قال هذا أصاب كل عبد صالح فى السماء والأرض " متفق عليه ـ كما رغبت السنة فى الدعاء للمسلم بظهر الغيب وتشجيعا على ذكرهم وتجديد العهد لهم من ذلك قوله صل الله عليه وسلم ـ قال :" من دعا لأخيه بظهر الغيب قال : الملك الموكل به : آمين ولك بمثل "

وكذلك الدعاء عند صلاة الجنازة التى ما شرعت إلا من أجل الدعاء , وطلب الرحمة للميت ومن قبل ذلك الرهبة والخشوع الذى يحوط , المسلم بما يحمله الموت من موعظة , وكما سن الدعاء للميت _:" اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره وأهلا خير من أهله وزوجا خيرا من زوجه , وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر " وعذاب النار " رواه مسلم ولم يقتصر الدعاء على الميت بل امتد ليشمل , كل مسلم ومن ذلك " اللهم اغفر لحينا وميتنا , وشاهدنا وغائبنا , وصغيرنا وكبيرنا , وذكرنا وأنثانا , اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام , ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان " متفق عليه
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه

فى فضل الدعاء وثمرته :

قال الله تعالى :" وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لى وليؤمنوا بى لعلهم يرشدون " سورة البقرة الآية 186 ـ
إن الدعاء من أعظم العبادات التى يتقرب بها العبد إلى الله عز وجل , ولهذا بين لنا الرسول صل الله عليه وسلم :" أن الدعاء مخ العبادة " فالدعاء سلاح المؤمن , والله سبحانه وتعالى يكرم عباده الصالحين , ممن استجابوا لأوامره واستقاموا على طاعته , وتمسكوا بالأخلاق الحسنة والأعمال الصالحة مع الثبات على الصراط المستقيم بلا زيغ ولا اعوجاج وهو الطريق الصحيح الموصل إلى رضوان الله وثوابه وجنته فى الآخرة .

ومن القصص الذى يدلنا على أهمية الدعاء وثمرته , ما تحكى لنا كتب السير عن السرى بن يحيى أنه قال : بلغنا أن ملكا من الملوك الأعاجم أقبل , فى جيش فلقى عصبة من المسلمين , فلما رأوه اعتصموا بربوة فصعدوا فوقها , فقال ذلك الملك : ما أحد ولا شئ أشد عليهم أن نحيط بهم ثم ننزلهم مكانهم , حتى يموتوا من العطش .
فأحطوا بهم فأصابهم حر شديد وعطشٌ , فاستسقوا الله عز وجل , فأقبلت سحابة فجعل الرجل يحمل قلنسوته يتلقى بها الماء , حتى تمتلئ ثم يشرب حتى يرتوى فقال ذلك الملك لجنوده , ارتحلوا فوالله لا أقتل قوما سقاهم الله من السماء وأنا أنظر .
فعلى المسلم أن يلحأ إلى ربه ويلوذ إلى خالقه , بالتضرع والدعاء فإنه لا يتعاظم على الله شئ " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

مناجاة تضرع :

_ من حديث عبد الرحمن بن سباط قال : كان رسول الله صل الله عليه و سلم يدعو بهؤلاء الكلمات ويعظمهن : اللهم فارج الهم ، وكاشف الكرب ، ومجيب المضطرين ، ورحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ، ارحمني اليوم رحمة واسعة تغنيني بها عن رحمة من سواك " رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" بسند صحيح عن عبد الرحمن بن سابط ، لكن عبد الرحمن هذا من التابعين ، ولم يدرك النبي صل الله عليه وسلم ، كما في ترجمته في "تهذيب التهذيب" ، فيكون حديثه مرسلا ، والحديث المرسل يستأنس به في الأذكار والدعاء. وبعد:أيها العبد الفقير إلى ربه وخالقه , إذا رفعت يداك بالدعاء وقلت يارب قال الله تعالى لك لبيك عبدي , ولكن بشرط ألا تجعل بينك وبين الله حجابا من المعاصي والآثام , فإذا حققت ذلك وكنت من الطائعين فادعوا الله تعالى وأنت موقن بالإجابة . " . وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الله تعالى يجيب دعاء الصادقين :

الدعاء مخ العبادة والدعاء متى صدر من لسان صادق وقلب سليم , ومن مشاعر نقية ومع حسن الصلة بالخالق عز وجل لم يكن له دون عرش الله تعالى مكان , ولهذ يقول سيدنا عمر رضى الله عنه ـ إن لا أحمل هم الإجابة وإنما أحمل هم الدعاء , فإذا ألهمت الدعاء كانت الإجابة معه " وقد ساق لنا القرآن الكريم نماذج متعددة لأناس تضرعوا إلى الله سبحانه وتعالى رغبا ورهبا وفى خشوع وإخبات , فأجاب الله تعالى دعاءهم , وهذا سيدنا نوح عليه السلام ـ دعا قومه إلى وحدانية الله عز وجل , وإلى مكارم الأخلاق ألف سنة إلا خمسين عاما ’ فلم يؤمن به سوى عدد قليل ,

فلم يؤمن به سوى عدد قليل وتضرع إلى الله تعالى , وأجاب الله عز وجل دعاءه يقول تعالى :" ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم ونصرناهم من القوم الذين كذبوا بأياتنا إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين " سورة الأنبياء الأية 76ـ 77 ـ و أيضا المرأة التى جادلت الرسول صل الله عليه وسلم فى زوجها , حيث يبين الله تعالى موقفها بين يدى رسول الله صل الله عليه وسلم ـ وهذه المرأة هى خولة بنت ثعلبة الصحابية الجليلة , يحدث بينها وبين زوجها نزاع فيقول لها زوجها , أنت على كظهر أمى , وكان هذا اللفظ شائع فى الجاهلية فإذا قاله الرجل لزوجته لم تحل له حتى تتزوج بزوج آخر , وتحمل هذه المرأة الطاهرة النقية هم بيتها وتشرد أولادها , وتذهب إلى رسول الله صل الله عليه وسلم ـ لينظر فى أمرها وتحكى له ماحدث بينها وبين زوجها ,

, ويقول لها النبى صل الله عليه وسلم ـ ياخولة لم ينزل فى شأنك شئ وما أراك إلا طالقة من زوجك , ولكنها لم تيأس وجعلت تدعوا الله تعالى وتقول : اللهم إنك تعلم أن زوجى شيخ كبير وأنا امرأة عجوز ولا غنى له عنى ولا غنى لى عنه , وإن لى منه أولاد إن تركنهم عنده ضاعوا , وإن أخذتهم معى جاعوا , اللهم ففرج كربتى واحلل عقدتى , وقبل أن تقوم من مكانها وهى إلى جانب الرسول صل الله عليه وسلم ـ أنزل الله تعالى قرآنا يتلى إلى يوم الدين قوله تعالى :" قد سمع الله قول التى تجادلك فى زوجها وتشتكى إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير " سورة المجادلة وبذلك فرج الله تعالى كربتها وأصلح شأنها وأقام بيتها , وهكذا كل إنسان يدعوا الله تعالى مخلصا مستقيما يجيب الله تعالى دعاءه ويحقق له رجاءه , ويكون له الفوز الفلاح فى الدنيا والآخرة . موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الدعاء بين الإيمان واليقين :

قال تعالى :" وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لى وليؤمنوا بى ولعلهم يرشدون " الآية 186 ـ سورة البقرة .
أمرنا الولى تبارك وتعالى أن ندعوه وأن نسأله , ويؤكد ربنا سبحانه أنه يُجيب دعوة من دعاه , والإنابة إلى الله تعالى بالدعاء إحدى ركائز الإيمان , التى تُشعر العبد بربه عزوجل وأنه الخالق الرازق وبيده ملكوت كل شئ , ومنه العون وييسر لعبده المؤمن أسباب الحياة والسعادة , مادام يسير فى الحياة مطيعا وفق منهج ربه عاملا بما يرضيه , فإذا عاش العبد مع ربه متلبسا بأن له ملجأ يحتمى به , ويلتمس عنده الغوث والعون والمدد , ويحس بقوة تثبته إذا أحاطت به الشدائد أو غلبه عدو أو عدا عليه ظالم جبار , فعلى المؤمن الصادق أن يلجأ إلى الله فى السراء والضراء , وأن يجعل الله تعالى دائما عوننا ونصيرنا وولينا , عند كل صغيرة وكبيرة تتعلق بأمور الدنيا والآخرة ,

, فالله سبحانه وتعالى أمرنا بأن ندعوه وإذا دُعى المولى أجاب , وأفاض فى عطائه ولم يخيب أبدا عبداً دعاه ونداه ورجاه , ووقف على بابه ومن أدمن قرع الباب يوشك أن يفتح له , ومن ثم يجب علينا أن نعلم أن للدعاء شروطا وأوقاتا هى أحظى بالقبول والإجابة , وأساس ذلك كله الإيمان الخالص والثقة الكبرى , واليقين الصادق التى جاء وصفها فى قول الحبيب صل الله عليه وسلم ـ " إدعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة " لكن الله سبحانه وتعالى لايستجيب لظالم , ولا لقاطع رحم , ولا لآكل ربا , ولا لآكل مال اليتامى ظلما , فعلى المسلم أن يتهيأ للدعاء المستجاب بصدق النية , وسلامة الطوية , وحتى يكون دعاءنا أقرب للقبول أن ندعوا لأنفسنا وأهلينا , وأبنائنا ونطلب للجميع منهم من خيرى الدنيا والآخرة , وإذا دعا المسلم لإخوانه بظهر الغيب قال الملك الموكل بذلك ولك بمثل ما دعوة . ". موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الدعاء وأوقات الإجابة :

الدعاء مخ العبادة , والله سبحانه وتعالى يُحب أن يسأل وهوسبحانه يجيب دعاء من ناداه , وهو أقرب إلى عباده من حبل الوريد , قال تعالى :" وإذا سالك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لى وليؤمنوا بى لعلهم يرشدون " الأية 186 ـ سورة البقرة ويستحب الدعاء , فى أثناء السجود , والثلث الآخير من الليل , وعند الأذان والإقامة , وعقب الصلوات , وفى شهر رمضان , ويوم عرفة ,
ووقت السحر , وعند نزول المطر , وعند الخوف " . موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

مناجاة :

يقول ابن عطاء الله وهو يناجى ربه :
كيف يُتصور أن يحجبه شئ ـ وهو الذى ظهر فى كل شئ
كيف يُتصور أن يحجبه شئ ـ وهو الذى أظهر كل شئ .
ما أجمل أن يتأمل العبد نعم الله ويتدبر عظمته فى مخلوقاته
وهذا يدل على مدى إحساس القلب المؤمن , ونقاء سريرته
وصفاء النفوس , وإخلاص العمل , وكمال اليقين , وعلو درجة
المحبة , وكمال الإيمان الصادق , وحلية الإحسان والإحساس
بلذة العبادة والقرب من الخالق الذى خلق سبحانه وتعالى . ". موقع
من فقه الاسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله
وصحبه وسلم