أركان الإيمان :

أركان الإيمان :

     أركان الإيمان هي: الإيمان بالله و ملائكته وكتبه و رسله و اليوم الآخر و القدر خيره و شره, و لا يتم إيمان أحد إلا إذا آمن بها جميعا على الوجه الذي دل عليه كتاب الله و سنة رسوله صل الله عليه و سلم. وأما من جحد شيئا منها فقد خرج عن دائرة الإيمان و صار من الكافرين.
أما عن الأدلة التي بين الله تعالى فيها أركان الإيمان الستة فمنها قوله تعالى,: "آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه و المؤمنون كل آمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله, لا نفرق بين أحد من رسله, و قالوا سمعنا و أطعنا, غفرانك ربنا و إليك المصير" (البقرة, الآية 285) والمؤمن الصادق يعتقد إعتقادا جازما بوجود الله تعالى وملائكته وكتبه ورسله .
وفى ذلك قوله :" ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من أمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبين وآتى المال على حبه ذوى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفى الرقاب وأقام الصلاة وأتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عهدوا والصبرين فى البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون " الأية 177 ـ سورة البقرة .
وقوله تعالى :" إنا كل شئ خلقناه بقدر " الأية 49 ـ سورة القمر

وقوله تعالى :" إنا كل شئ خلقناه بقدر " الأية 49 ـ سورة القمر
ففي الآية الأولى ذكر الله تعالى خمسة أركان وهي:
1ـ الإيمان بالله
2ـ الإيمان بالملائكة
3ـ الإيمان بالكتب
4 ـ الإيمان بالرسل
5 ـ الإيمان باليوم الآخر
وفي الآية الثانية ذكر الله تعالى الركن السادس ، وهو الإيمان بالقدر.  
ويقول النبى صل الله عليه وسلم :" الإيمان : أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر , وتؤمن بالقدر خيره وشره " وفى رواية : حلوه ومره " رواه البخارى ومسلم . وسنتحدث عن ذلك بإذن الله تعالى تباعا .

الركن الأول الإيمان بالله :

أساس العقيدة الإسلامية الإيمان بالله عز وجل :

ـ الله عز وجل علم على الذات المقدسة لايشاركه فى هذا الاسم أحد , رب السموات والأرض وما بينهما الرحمن فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا ؟ عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم , لايلحقه موت ولا فناء ولايعجزه شئ فى الأرض ولا فى السماء الواحد الأحد الفرد الصمد , الذى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ... كل الكائنات تنزع إليه , وكل المخلوقات تُقر بربوبيته , قال تعالى :" وله أسلم من فى السموات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون " سورة آل عمران فمن نطق بلسانه صدقه وجدانه , والفطرة تهتف من داخله , قال تعالى :" فطرة الله التى فطر الناس عليها لاتبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لايعلمون " سورة الروم .

إنه الله الذى خلق فسوى وقدر فهدى , والعوالم المختلفة تشهد بوجود الله الخالق البارئ المصور , والعقل يؤكد ويقر بأن لكل مخلوق خالقا , كما أن لكل مصنوع صانعا , وخالق الوجود وصانعه هو الله عز وجل , والفطرة البشرية تنزع إلى خالقها وتقر له بالوحدانية قال تعالى :" أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا " سورة الأنعام والنظام الدقيق لهذا الكون وما فيها من موجودات ليس محض الصدفة , فالأفلاك العلوية , والأجرام السماوية , والمخلوقات الأرضية , وما ينتظم ذلك من نشأة وتطور , كل ذلك ليس محض الصدفة ولكن الذى خلقها هو الذى يدبر شأنها قال تعالى :" هو الله الذى لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم , هو الله الذى لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر , سبحان الله عما يشركون , هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسن يسبح له مافى السموات والأرض وهو العزيز الحكيم " سورة الحشر

ولقد أخبر الأنبياء والرسل بوجود الله سبحانه وتعالى , ودعا كل رسول قومه للإيمان بالله تعالى قال تعالى :" وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحى إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون " سورة الأنبياء ـ والأنبياء اصطفاهم الله تعالى من خيار البشر فهم من أرجح الناس عقلا وأصدقهم حديثا , كما أخبر العلماء والحكماء والفلاسفة عن وجود الله تعالى وأقروا له بالإيمان , وأخلصوا له الدين والعبادة وامتثلوا طاعة أوامره , لما ثبت لديهم بالأدلة على أنه الله بعد تأمل وتجريب ونظر قال تعالى :" يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذى خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون " سورة البقرة . موقع من فقه الإسلام للشيخ سامى ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ثمرة الإيمان بالله تعالى :

ـ إن من ثمرة الايمان بالله تعالى الرضا به سبحانه وتعالى ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صل الله عليه وسلم نبيا ورسولا , ومن ثم ينكعس ذلك إيجابا طمأنينة للنفس , وتربية للوازع الدينى فى القلوب الصادقة والضمائر الحية , وبذلك يعيش العبد مع ربه عز وجل فى ظلال المراقبة فى السر والعلانية , ويتأكد بذلك الإيمان بالقضاء والقدر , والتوكل على الله تعالى الذى خلق فسوى , والاعتصام به سبحانه عند النوائب والشدائد , والتضرع إليه فى السراء والضراء , والتقرب إليه بالطاعات وفعل الخيرات , من امتثال للأوامر واجتناب النواهى , وبذلك تمتلئ نفس المسلم بالأمل ويبتعد عن اليأس , ويقبل على الحياة وتخلص نفسه لله تعالى وهو يقول :" اللهم إن وكلتنى إلى نفسى عجزت , وإن تركتنى إلى الناس ضعت فدبر لى أمورى فأنا لا أحسن التدبير " موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من صفات الله تعالى :

من العقيدة الاسلامية الإيمان بما وصف الله به نفسه ووصفه به رسوله صل الله عليه وسلم ـ ويقول صل الله عليه وسلم :" تفكروا فى خلقه ولاتفكرو فى ذاته فتضلوا "
ومن ثم فإن لله تعالى أسماء وصفات تدل على ذاته العليا سبحان وتعالى ـ يجب على المسلم أن يؤمن بها كما جاءت عنه سبحانه وتعالى فالله عزو جل موصوف بكل صفات الكمال ونعوت الجلال لايشبهه أحد من خلقه قال تعالى :" ليس كمثله شئ وهو السميع البصير " سورة الشورى الأية 11ـ ومن هذه الصفات الوحدانية :
الله واحد ليس له شريك فى ملكه وخلقه , لأنه لو شاركه أحد لتنازعا الملك وغلب أحدهما الآخر أو تساويا وكلاهما باطل فى حقه عز وجل فثبت أن الله واحد لاشريك له قال تعالى :" أم اتخذوا آلهة من دون الله هم ينشرون , لو كان فيهما ألهة إلا الله لفسدتا , فسبحان الله رب العرش عما يصفون , لايسأل عم يفعل وهم يسألون , أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم هذا ذكر من معى وذكر من قبلى بل أكثرهم لايعلمون الحق فهم معرضون " سورة الأنبياء الأية 21 ـ 24 ـ
موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ومن صفاته تعالى الوجود :

فالسلم يؤمن بوجود الله تعالى وأنه مهيمن على العالم يصرف الرياح حيث يشاء , ويرزق من يشاء بغير حساب , وينزل الغيث ويعلم مافى الأرحام وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس بأى أرض تموت " فإن لم موجودا كان معدوما ولو كان معدوما لما وجدت المخلوقات ولكنها موجودة , فدل ذلك على أنه تعالى موجود واجب الوجود قال تعالى :" أفلم ينظرو إلى السماء فقوقهم كيف بنينها وزينها وما لها من فروج والأرض مددناها وألقينا فيها رواسى وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج , تبصرة وذكرى لكل عبد منيب ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد , والنخل باسقات لها طلع نضيد , رزقا للعباد وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج " سورة ق الأية من 6 ـ 11 ـ موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ومن صفاته الحياة :

فالله سبحانه وتعالى حى أبدى سرمدى لايدركه زوال ويمد الوجود بالحياة , ويتصرف فى ملكه بالإيجاد والفناء وهو حى قيوم باق أزلا قديم بلا ابتداء الآخر بلا انتهاء قال تعالى :" هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شئ عليم " سورة الحديد الأية 3 ـ ويقول تعالى :" الله لا إله إلا هو الحى القيوم , لا ـاخذه سنة ولانوم , له مافى السموات والأرض " سورة البقرة الأية 255 ـ موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

فى صفات الكمال الواجبة لله تعالى :

من الصفات الواجبة لله تعالى التى يجب على المسلم أن يؤمن بها القدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام , والدليل العقلى على ذلك هو أن الله تعالى لو لم يكن قادرا مريدل سميعا بصسرا متكلما لكان متصفا بأضداد هذه الصفات , وأضدادها نقص فى حقه تعالى , ومن ثم وجب اتصافه سبحانه بصفات القدرة والإرادة والعلم والسمع والبصر والكلام .. والدليل النقلى يقول تعالى :" وكان الله على كل شئ قديرا " سورة النساء الأية 123 ـ وقال :" إن ربك فعال لما يريد " سورة هود الأية 107 ـ
ويقول عز وجل :" إنه هو السميع العليم " سورة فصلت الأية 26 ـ
ويقول سبحانه :" وكلم الله موسى تكليما " سورة النساء الأية 164 ـ
موقع من فقه الإسلام للشيخ سامى ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

مخالفة الله فى ذاته وصفاته للحوادث :

بمعنى أن الله تعالى يتصف بصفات تليق بالذات المقدسة العلية وصفاته تعالى تخالف الحوادث , فإن لم يكن مخالفا للحوادث كان مماثلا الله , وهذا مستحيل فى حق الله , لأنه لو كان مماثلا لها لجاز عليه الفناء والفناء نقص والنقص فى حقه تعالى مُحال , فاستحال عليه المماثلة ووجبت له صفة المخالفة للحوادث .. قال تعالى :" فاطر السموات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يدرؤكم فيه ليس كمثله شئ وهو السميع البصير " سورة الشور الأية 11
موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ومن صفاته تعالى التى يجب أن نؤمن بها ونعرفها , أن الله عليم , وأن الله سميع , وأن الله بصير :

1ـ الله عليم : إننا فى حياتنا الدنيا نؤمن بكثير من الأشياء ولكن نجهل حقيقتها , فمثلا الكهرباء التى نستعملها فى إحداث الحرارة فى السخانات , وفى التبريد للثلاجات , وفى حركة المركبات ولكن هل نعرف ما الكهرباء ؟ فلا نعرف عن حقيقتها شيئا , وإنما نعلم كيف نستخدمها , وأما هيئتها وحقيقتها فلا يعلمها إلا الله , فالله وحده عليم بكل شئ فى البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها , ويعلم مافى الأرض والسماء فى الماضى والحاضر والمستقبل , والله سبحانه لم يسبق علمه جهل بالأشياء , ولا يطرأ عليه نسيان ولايمكن أن يخالف الواقع , قال تعالى :" يعلم ما يلج فى الأرض وما يخرج منها وماينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور " سورة سبأ الأية 2ـ موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

وبذلك يتبين لنا أن علم الله محيط بكل شئ ـ بالحاضر والغائب , بالظاهر والباطن , بالدنيا والآخرة , فهو يعلم كل شئ نسمعه , وكل شئ نبصره , بل يعلم خائنة الأعيم وما تخفى الصدور وما تحفظه العقول . قال تعالى :" ألم تر أن الله يعلم مافى السموات ومافى الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شئ عليم " سورة المجادلة الأية 7 ـ
الدليل العقلى على اتصاف الله تعالى بالعلم :
1ـ أن الله عز وجل خلق هذا العالم البديع بما فيه من مخلوقات شتى من انسان وحيوان , ونبات وجماد , وبحار وأنهار وغير ذلك من المخلوقات , وهذا يدل على كمال علمه سبحانه , لأن الله تعالى يخلق هذا العلم كله على غير مثال سابق لابد له من علمه بأسرار خلقه واتقانه وابداعه قال تعالى :" الذى أعطى كل شئ خلقه ثم هدى " سورة طه الأية 50 ـ موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

2 ـ أن الله تعالى يدبر أمر المخلوقات بقدرته وحكمته , فهو الذى ينظم حركة حياتها , ويقدر أرزاقها , ويحدد آجالها , وهذا يدل على كمال علمه تعالى بكل ما يتعلق بهذه المخلوقات قال تعالى :" وما من دآبة فى الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل فى كتاب مبين " سورة هود الأية 6 ـ
3 ـ أن الله تعالى لو لم يكن متصفا بكمال العلم لكان متصفا بالجهل ولو اتصف بالجهل لما استطاع أن ييسر للمخلوقات سبل العلم والمعرفة , إذن فلا بد وأن يكون الله تعالى عالما بكل شئ قال تعالى :" وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما " سورة النساء الأية 113 ـ موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الدليل النقلى على اتصاف الله تعالى بالعلم :

قال تعالى :" هو أعلم بكم إذا أنشأكم من الأرض وإذ انتم أجنة فى بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى " الأية 32 ـ سورة النجم
وقال تعالى :" هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شئ عليم " سورة الحديد الأية 3 ـ وقال تعالى :" إليه يرد علم الساعة وما تخرج من ثمرات من أكمامها وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه " سورة فصلت الأية 47 ـ موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

عن ثمرة الإيمان بصفة العلم  فى حياة المؤمن :

إن المؤمن الصادق يعتقد اعتقادا جازما أن الله تعالى واسع العلم لايخفى عليه شئ فى الأرض ولا فى السماء , فهو سبحانه مطلع على أقوال العباد وأعمالهم , يسجلها عليهم ويحسبها لهم ليجزيهم عليها يوم القيامة إما بالنعيم المقيم فى الجنة , أو بالعذاب الأليم فى النار قال تعالى :" إن تبدو شيئا أو تخفوه فإن الله كان بكل شئ عليما " سورة الأحزاب الأية 54 ـ وهذا كله يدفع المؤمن إلى أن يقبل على طاعة ربه باتباع أوامره فى عمل الخير والتمسك بالسلوك المستقيم والمنهج القويم , واجتناب نواهيه بالبعد عن الشر طمعا فى ثوابه وخوفا من عقابه قال تعالى :" ومن يؤمن بالله يهد قلبه إن الله بكل شئ عليم " سورة التغابن الأية 11 ـ كما يدعوه ذلك إلى التزود بالعلم والتفوق فى تحصيله , والعمل بما يهدى إليه يقول صل الله عليه وسلم :" من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة " رواه مسلم وما أروع القرآن الكريم عندما حصر خشية الله تعالى على وجهها الأكمل فى العلماء قال تعالى :" إنما يخشى الله من عباده العلماء " سورة فاطر الأية 28 ـ ولأن العلماء بما أوتوا من صفات النظر العميق , والتحقيق الدقيق , يقفون على أسرار الإبداع الإلهى , فى خَلْقِ الله العظيم قال تعالى :" سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم حتى يتين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شئ شهيد " سورة فصلت الأية 53 ـ  موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الله سميع :

الله سبحانه وتعالى ـ سميع فهو يسمع كل صوت فى هذا الكون أيا كان مصدره القريب أو البعيد أو الظاهر والخفي قال تعالى :" إن الله سميع عليم " سورة الأنفال الأية 17 ـ إنه سبحانه وتعالى يسمع ما يدور على ألسنة الناس من كلام يتهامسون به فى سرهم ونجواهم , ويسمع خفقات القلوب فى خفايا الصدور , ويسمع دبيب النمل على الصخرة الصماء فى الليلة الظلماء قال تعالى :" وله ما سكن فى الليل والنهار وهو السميع العليم " سورة الأنعام الآية 13 ـ وفى قصة سيدنا سليمان عليه السلام شاهد وذلك عندما خرج ذات يوم فى جيش كثيف لمقاتلة الأعداء ومر فى واد عميق فإذا نملة تهمس فى جماعة النمل بأن تدخل فى باطن الأرض حتى لاتتعرض للهلاك , فسمعها سليمان عليه السلام وابتسم ضاحكا من قولها , واتجه ببصره إلى السماء شاكرا نعمة الله عليه , فمن الذى أسمع سيدنا سليمان عليه السلام صوت النملة ؟ إنه الله وحده السميع العليم ,

, فهو سبحانه يسمع بغير ما نسمع نحن البشر , فهو سبحانه يسمع بغير موجات صوتية لأن شأنه سبحانه وتعالى غير شأن البشر قال تعالى :" ليس كمثله شئ وهو السميع البصير " سورة الشورة الأية 11 ـ وكذلك قصة المجادلة وهى المرأة التىجاءت إلى رسول الله صل الله عليه وسلم ـ تشكو سوء تصرف زوجها معها , فيشير الرسول الكريم عليها بالصبر , حتى يقضى الله فى شأنها , فجعلت تبتهل بالدعاء فسمع الله دعائها واستجاب لشكواها , وأنزل فى شأنها قرآنا نتعبد الله تعالى بتلاوته قال تعالى :" قد سمع الله قول التى تجادلك فى زوجها وتشتكى إلى الله واله سمع تحاوركما إن الله سميع بصير " الأية 1ـ سورة المجادلة

ولقد سمع الرسول صل الله عليه وسلم جماعة من أصحابه يرفعون أصواتهم بالدعاء ويبالغون فيه , فأرشدهم إلى الصواب قائلا له :" أربعوا على أنفسكم " أى أرفقوا بها " فإنكم لاتدعون أصما ولا غائبا , إنكم تدعون سميعا قريبا وهو معكم " رواه البخارى ومسلم إننا ندعوا ربا عليما سميعا بصيرا يرحم العباد وهو أقرب إلى أنفسهم من حبل الوريد قال تعالى :" وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداعى إذا دعان فليستجيبوا لى وليؤمنوا بى لعلهم يرشدون " سورة البقرة الأية 186 ـ

الدليل العقلى على اتصاف الله تعالى بالسمع :

1ـ أن الله تعالى يحاسب الناس يوم القيامة على أقوالهم وأفعالهم فكيف يحاسبهم على أعمال لم يسمعها ؟ ومن ثم لابد وأن يكون الله سميعا .
2 ـ أن السمع من صفة الكمال فى الإنسان , فإذا لم يسمع عد ذلك نقصا فيه , فكيف يتصف المخلوق بصفة الكمال ويتصف الله تعالى بصفة النقص ؟
3 ـ أن الخلق جميعا يتوجهون إلى الله بالدعاء يسألونه قضاء حوائجهم ودفع الضر عنهم , فكيف يستجيب لهم من لايسمعهم ؟ ومن هنا لابد وأن يكون الله سميعا .
قال تعالى :" أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض"
سورة النمل الأية 62 ـ

الدليل النقلى على اتصاف الله تعالى بالسمع :

قال تعالى :" وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم "
سورة الأنفال الأية 61 ـ
وقال تعالى :" الحمد الله الذى وهب لى على الكبر إسماعيل وإسحاق إن ربى لسميع الدعاء " سورة إبراهيم الأية 39 ـ
وقال تعالى :" ذلك بأن الله لم يكن مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا مابأنفسهم وأن الله سميع عليم " سورة الأنفال الآية 53 ـ

ثمرة الإيمان بهذه الصفة فى سلوك المسلم :

إن المؤمن الصادق يعتقد أن الله تعالى ـ وسع سمعه الأصوات كلها فى هذا الوجود , وأن سماعه لصوت لايُشغله عن سماع قوم آخرين , وانه يُسجل عليه كل ماينطق به لسانه أو تفعله جوارحه , خيرا أو شرا سرا أو جهرا ليحاسبه على ذلك يوم القيامة قال تعالى :" ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد " سورة ق الأية 18 ـ
وهذا يدفع المسلم لأن يمسك عليه لسانه , ويضبط سلوكه , فلا يتكلم إلا بالجميل من القول وأصدقه , كتلاوة القرآن الكريم كما فى الحديث عنه صل الله عليه وسلم قال :" ما أذن الله لشئ إذنه لنبى حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به " رواه البخارى ومسلم وقوله ما أذن يعنى ما استمع ـ لشئ إذنه يعنى استماعه . ـ  موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الله بصير :

يذكر لنا القرآن الكريم موقف سيدنا موسى عليه السلام ـ حينما شرفه الله تعالى بالرسالة سأل ربه أن يضم إليه أخاه هارون ليحمل معه أعباء الرسالة والدعوة فأجابه الله تعالى إلى طلبه , ولما أمرالله تعالى موسى وهارون بالذهاب إلى فرعون وقومه , خافا من بطشه وطغيانه وفى ذلك قوله تعالى :" قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى قالا لاتخافا إننى معكما أسمع وأرى " سورة طه الأية 45 ـ 46 ـ
فالله عزوجل بصير بعباده ويرى كل شئ فى هذا الوجود , فى الليل والنهار , فى الأرض والسماء , فى الظلمات والنور , فى الظاهر والمستور قال تعالى :" وما تكون فى شأن وماتتلوا منه من قرآن ولاتعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه " سورة يونس الأية 61 ـ

ـ فالله سبحانه وتعالى مع كل كائن يراه ويسمعه من بدء الخليقة إلى يوم القيامة , وما قبل ذلك وما بعد ذلك , فإذا كنت ثالث ثلاثة مثلا فاعلم أن هناك رابعا هو الله يبصر ما تفعلون ويسمع ما تقولون , قال تعالى :" ألم تر أن الله يعلم مافى السموات ومافى الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شئ عليم " سورة المجادلة الأية 7 ـ
فالله سبحانه وتعالى يبصر بغير ما نبصر به , فهو سبحانه يبصر بغير عين ولا حدقة ولاضياء , ولا وسيلة من وسائل الإبصار وكما بينا أن سمعه لايشيه سمع المخلوقات , فإن بصره لايشبه كذلك أبصارهم , قال تعالى :" لاتدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير " سورة الأنعام الأية 143 ـ

الدليل العقلى على الإيمان باتصاف الله تعالى بصفة البصر :

1 ـ أن الله تعالى هو خالق الكون بما حوى , وما فيه من إنسان وحيوان ونبات وجماد
وهو الذى خلق البصر للإنسان والحيوان والطير ... , فكيف يكون الذى يخلق البصر غير مبصر ؟ ومن ثم لابد وأن يكون الله بصيرا .
2 ـ أن هذا العالم فى حاجة دائمة إلى تدبير أمره , وتنظيم حركته وسكونه فكيف يدبر أمره من لايبصر حاله ؟ إذن لابد وأن يمون الله بصيرا .
3 ـ أن البصر يُعد من صفات الكما فى الإنسان , فإذا سُلبها عُدت نقصا فيكون المخلوق أكمل من الخالق ؟ وعلى هذا يتأكد لنا أن الله تعالى بصيرا .