من معالم الهجرة النبوية تنمية الذات الإنسانية :

من معالم الهجرة النبوية تنمية الذات الإنسانية :

_ إن الإنسان من أحوج الخلائق الى تنمية ذاته وبناء قدراته النفسية حتى تبلغ رشدها وكمالها ولهذا كان من دعاء النبى عليه الصلاة والسلام {اللهم قني شر نفسى وأعنى على رشد أمري }ومن دعائه أيضا اللهم آت نفسى تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولها :والتنمية معلم بارز من معالم التربية الإسلامية والتنمية معناها الزيادة بعد النقصان أو التمام بعد التقصير ومن ثم فهى إضافة ايجابيه للذات الإنسانية مهما كان حجم هذه التنمية فقد قيل {اذا وقف الجالس فقد تحرك واذا وقف الماضي فقد تجمد} ومن إيحاءات الهجرة النبوية المباركة وما عاصرها من أحداث وموقف سبقت عليها أو لحقت بها تشدنا الى تصرفات فذة تملك علينا كل المشاعر ونري فيها سلوكيات تربوية رائدة تبرز لنا معالم محددة اذا تضافرت واجتمعت تحقق التنمية الايجابية للذات الانسانيه " (1)

موقف الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ساعة خروجه من بيته -- موقف الصديق أبى بكر رضى الله عنه وهو ينتظر الصحبة فى الهجرة وهو يعد لها متطلباتها -- موقف الفاروق عمر وهو يهاجر علنا معتزا بإسلامه ومتحديا خصومه -- موقف صهيب ومصعب فى التجرد والدعوة والنصرة وهذه الموقف والتصرفات معلومة ومشهورة ومن نافلة القول ان نعيد تفصيلها لكن الجديد منها الذى نعرضه من خلالها تلك المعالم البارزة على الدرب -- تنمية الذات الإنسانية -- الثقة بالله الى حد اليقين بالمدد الرباني -- الانضباط السلوكي الى حد الالتزام الحرفي -- قوة الشخصية والتمكن الى حد المجاهرة بالرأىوالذود عنه --والتضحية فى سبيل العقيدة الى حد النزول عن كل ما يملك الإنسان -- الانشغال بالدعوة الى حد التفرغ -- الانحياز الى الحق الى حد الوقوف الى جوار المخالفين فى الرأي " (2)

من معالم الهجرة :

- نعم هذه جوانب سلوكية هامة تُسهم مجتمعة فى تكامل بناء الشخصية الإنسانية عامة والأحرى بالمسلم الملتزم خاصة ان يحرص على تنمية ذاته بها -- أرأيتم موقف الرسول صل الله عليه وسلم _ ساعة خروجه من بيته ليلة الهجرة وهو يعتصم بالله تاليا قرآنه {وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لايبصرون }فتحقق المدد الرباني أنام المولى سبحانه فرسان مكة وشجعانها المحاصرين لبيت الرسول صل الله عليه وسلم وانطلق الرسول صل الله عليه وسلم واثقا كل الثقة بأن عناية الله تحرسه ولم لا وقد تكفل المولى تبارك وتعالى فى صريح القرآن بذلك { ياأيها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس } المائدة (3)

- إنها قمة الثقة واليقين ما أحرنا بالتحليق فى سمائها وصدق من قال واذا العناية لاحظتك عيونها *نم فالمخاوف كلهن أمان --وتصرف آخر معلوم ومشهور ذلكم ان الرسول صل الله عليه وسلم _ قد أذن لصحابته بالهجرة واستبقى أبا بكر الصديق رضى الله عنه وسمع الصديق وأطاع ولم يتعجل بالهجرة طالبا للنجاة ولم يعص أمر لرسول الله بل كان حريصا على الصحبة مع رسول الله صل الله عليه وسلم وأخذ من ماله ما يلزم لأخطر هجرة فى تاريخ الإنسانية إذ هى هجرة بالإسلام الى أرض جديدة وليقرأ من طلب المزيد تفاصيل هذا الموقف ليتعرف أنه قمة فى الانضباط السلوكي وكم تحتاج الذات الإنسانية وهى على الطريق الى تنمية هذا الجانب في مسيراتها ويا له من جانب هام "

وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (4)

من معالم الهجرة :

- ومعلم ثالث تبرزه أحداث الهجرة المباركة لتنمية الذات وهو التفرقة بين علنية الدعوة والمجاهرة بها وسرية التكوين والإعداد ذلكم أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قد أسمع الدنيا كلها أنه مهاجر بدينه لايصده عن هجرته طواغيت مكة وان اجتمعوا فقد قال فى سمع الزمان قولته {من أراد أن تثكله أمه أو ييتم ولده أو تترمل نساؤه فليقنى وراء هذا الجبل فاني مهاجر فقد أبى عليه إيمانه ان بها جر كغيره سرا ومن هنا نعلم أن الإعداد يحتاج الى تكوين والتكوين يحتاج الى تربية والتربية تحتاج الى دعوة والدعوة تحتاج الى قادة وجنود ومن مكونات الإعداد التمرس على الشجاعة والاقدام وأقلها شجاعة الرأي وأعلاها شجاعة الميدان ومن هنا نعلم أن التربية عملية فاعلة ومتحركة تقوم على الهدم والبناء وأساس التربية التحلي ولتخلى وكما قيل ان العصفور المتحرك خير من الأسد الرابض وهكذا نرى التربية النبوية يعيشها الصحابه بصورة عملية فهذا أبو بكر الصديق رضى الله عنه يطلب الأذن فى الهجرة فقال له رسول الله صل الله عليه وسلم لاتعجل لعل الله يجعل لك صاحبا ويضحى أبو بكر الصديق ويبذل كل ماله فيسأله الرسول صل الله عليه وسلم ماذا تركت لعيالك ؟ فيقول تركت لهم الله ورسوله" (5)
-

- وأما على بن أبى طالب رضى الله عنه _ فقد بقى مع الرسول صل الله عليه وسلم بمكة بل و بقى بعده ليقوم برد الودائع التى كانت عنده لأصحابها وهذا صهيب يضحى بكل ما يملك من أجل نصرة دين الله فينزل الله تعالى فيه وفى أمثاله قرآنا يتلى فيقول ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رءوف بالعباد ذلك ان صهيبا كان له مالا كثيرا فأراد المشركون ان يقتلوه ويأخذوا ماله فما ان اقتربوا ا منه الا قال لهم قد تعلمون أنى من أرماكم رجلا والله لن تصلون الى او يموت منكم عدد كبير فاتركوني وشأني قالوا فاترك مالك فألقى إليهم ما معه من مال ودلهم على ماله بمكة
ليأخذوه فانصرفوا وتركوه ويستقبله رسول الله صل الله عليه وسلم بقوله ربح البيع يا صهيب وهذا مصعب الفتى الشاب الثرى المدلل يضحى بكل شئ ويصبح آية من آيات الجهاد والتضحية للشباب المسلم فى كل مكان وصل الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم (6)