من مفاهيم الإسلام (حرية الرأى )

حرية الرأى لا الهدم والقتل :
 _ يميل كل إنسان الى أن يكون له مطلق الحرية فى إبداء رأيه وإذا كان من الظلم كبت الآراء أو تضيق المساحة لها فمن الظلم أيضا ترك مطلق الحرية فى ذلك دون قيد يحدمن الخطر ويمنع الضرر فأنت حر مالم تضر فإذا تعارضت حريتك مع حرية الآخرين فمن هنا يكون الضرر ومكمن الخطر والحرية المطلوبة التى تسير فى مسارها الصحيح وتكون أداة بناء لا أداة هدم ومن هنا شرط الإسلام الحكمة والموعظة الحسنة عند المحاورة وإبداء الرأى فقال تعالى " إدع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن " سورة النحل وقال تعالى " قل تعالوا الى كلمة سواء بيننا أن لا نعبد إلا الله ولا يتخذ بعضنا بعضنا أربابامن دون الله  فإن تولوا فقولوا إشهدوا بأنا مسلمين " فإذا كان هذا الحوار وتلك المجادلة مع غير المسلمين فما بالنا ونحن أصحاب دين واحد وعقيدة واحدة نصلى الى قبلة واحدة ونصوم فى وقت واحد ونحج فى مكان واحد فلا اقل من أن يلتمس كل منا لأخيه العذر فيما ليس فيه اعتداء على مقاصد الإسلام الخمس _ الدين - والعقل _ والعرض _ والنفس _ والمال - وأدخل بعض العلماء النسل _ ولذلك فإن الحكمة تقتضى من صاحبها شرف القصد وحسن الغرض والعرض فى موعظته الحسنة والنزاهة فى النقد بدون اعتداء على هذه المقاصد التى بينها حتى لانكون من الآثمين وليس من الحكمة إبداء الرأى دون تمحيص أو تفنيد أو لإرضاء شهوة نفسية أو ايثار لمصلحة شخصية أو حزبية وقد جاء فى القرآن قوله تعالى " ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا " سورة الإسراء وقال تعالى " هأنتم هؤلاء حججتم فيما ليس لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون " سورة آل عمران وليس من الحكمة مصادرة رأى الآخرين أو البدء بالإيذاء فإن الله تعالى لايحب المعتدين وليس من الحكمة مجادلة الجهلاء قال تعالى " خذ العفو وأمر بالعفو وأعرض عن الجاهلين " سورة الإعراف وكذلك من أدب الإسلام أن لايضيق صدر المتحدث مع الآخرين فيستعمل فى الرد عليه الأساليب المنفرة المنطوية على السخرية والإستهزاء قال تعالى " ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم " سورة الأنعام ومن ثم قرر الإسلام حق التعبير فى ابداء الرأى فى إطار تلك الحدود من الضوابط الأخلاقية فلا تجريح ولا سخرية ولا تشهير قال تعالى " يأيها الذين آمنوا لايسخر قوم من قوم " سورة الحجرات وقال ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا إعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون سورة المائدة وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الإنسان والعقل:
_ يقول المرحوم عباس محمود العقاد _ التفكير فريضة إسلامية _ وعلى هذا فقد فضل الله سبحانه الإنسان على سائر مخلوقاته بنعمة العقل وتلك هى ميزة الإنسان التى جعلته أهلا للحساب والثواب والعقاب وكما يقول علماء الأصول العقل مناط التكليف والإنسان يتصرف فى هذه الحياة على أساس ما فضله الله به وميزه ولذلك كان لابد على الإنسان أن يعقل ويتفهم ويميز الصواب من الخطأ والحق من الباطل والغث من السمين والخبيث من الطيب وإلا كان فى عداد الغافلين المحرومين _ والله سبحانه لم يطلب من خلقه أن يؤمنوا بعقائد الإسلام دون تفكير وتدبر واستعمال العقل الذى منحهم الله إياه ولهذا قال شيخ الإسلام محمد عبده رحمه الله " أن إيمان المقلد غير مقبول " ولهذا طلب من العباد أن يعقلوا ويتدبروا ويفكروا فى آيات فى الكون وفى أحوال الأمم من قبلهم وفى الأدلة العقلية التى يسوقها لهم ليثبت بها إيمانهم وليكون هذا الإيمان قائما راسخا على إقتناع عقلى وليكون تصديق الرسول فيما جاء به عن ربه تصديقا لايشوبه شك ولتكون محبة الله ورسوله مقدمة على حب كل شئ سواهما ولا يكون الإيمان صادقا إلا على هذا الأساس قال تعالى " قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال إقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد فى سبيله فتربصوا حتى يأتى الله بأمره والله لايهدى القوم الفاسقين " سورة التوبة " , وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

حرية الرأى والتفكير :
_ تمتد قائمة حقوق الإنسان مع الإسلام ورسول الله صل الله عليه وسلم " لتشمل حرية الرأى والتفكير أيضا فكان الرسول صل الله عليه وسلم يحترم رأى الآخرين ويشجعه وكان يرى رأيا , ويرى بعض أصحابه رأيا آخر خلافه وفيه مصلحة للمسلمين ويرجع عن رأيه إلى رأى من يخالفه وما حدث فى غزوة أحد خير شاهد على ذلك , حيث نزل النبى صل الله عليه وسلم على رأى الشباب وكانوا الأغلبية , الذى فضل الخروج لملاقاة قريش خارج المدينة وكان هذا الرأى مخالفا لرأيه " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

المسلمون يحترمون المقدسات
إن الإسلام يعترف بالديانة اليهودية والديانة المسيحية ويقرر أن الإيمان بموسى وعيسى عليهما السلام شرط لتحقيق الإيمان بمحمد صل الله عليه وسلم , فليس بمسلم من يؤمن بمحمد صلوات الله عليه وآله ويكفر بموسى أو عيسى عليهما السلام وفى هذا يقول الله تعالى " قولوا أمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتى موسى وعيسى وما أوتى النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون " سورة البقرة
ومن هنا كان بقاء بيت المقدس فى أيدى المسلمين خير ضامن للحرية الدينية واحترام الأماكن المقدسة للمسلمين وغير المسلمين .
لأن المسلمين بحكم دينهم يحترمون مقدساتهم ومقدسات غيرهم من أهل الكتاب , يهودا كانوا أو نصارى ,وأما اليهود فإنهم لا يعترفون بالإسلام ولا يقدسون مقدسات المسلمين وهم كذلك لايعترفون بالديانة المسيحية ولا يحترمون مقدسات المسيحين ..
إنهم لا يحترمون المقدسات إحتراما ناشئ عن الدين وإذ احترموا هذه المقدسات فإن احترامهم ينبع عن سياسة لهم وفرق بين الإحترام الناشئ عن الدين والناشئ عن السياسة أن الأول ينبع عن عقيدة لها جذورها وخلودها وأما الثانى فهو احترام سطحى ومحدد بالظرف السياسى والمصالح الشخصية وأهوائهم المريضة قال تعالى " لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا " سورة المائدة
وإنى أوجه التحية والإكبار للشعب الفلسطينى وهو يدافع عن المسجد الأقصى .
ونقول لكم القدس فى قلوبنا ومشاعرنا جميعا وندعوا الله لكم أن يثبتكم وينصركم نصرا عزيزا
ويجعل الحق والخير على أيديكم ولن يضيع حق وراءه مطالب .
إنه من الواجب على المسلمين أن يدفعوا العدوان التام عن المسجد الأقصى ولو أدى ذلك إلى الشهادة من أجل نصرة دين الله واعلاء كلمته وأن نفتدى بكل ما نملك أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين الذى تشد إليه الرحال
وإننا معاشر المسلمين لو قصرنا فى الدفاع عن الأقصى الشريف سيكون العقاب من الله تعالى لنا فى الدنيا قبل الآخرة وإن الإعتداء على الأقصى الشريف لهو من الأمور التى تنفر منه جميع الأديان السماوية لأنه يمثل عدوانا سافرا على بيت من بيوت الله .
وإن أى عدوان على بيت من بيوت الله هو من أشنع المحرمات وأبشع الجرائم كما يجب أن تكون لبيوت الله تعالى الهيمنة والهيبة وأن ندافع عنها بكل ما نملك " نسأل ان يوفقنا للخير وعمل الخير وأن يوحد صفوف المسلمين للعمل لما يحب ويرضى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم