فى ذكرى ميلاد خير البشر ( صل الله عليه وسلم )

في ذكرى ميلاد خير البشر( محمد بن عبد الله صل الله عليه وسلم )

ـ علموا أولادكم محبة رسول الله صل الله عليه وسلم :يقول الله تعالى " يأيها الذين آمنوا لاترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كهجر بعضكم لبعض أن أتحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون سورة الحجرات بين يدي رسول الله صل الله عليه وسلم نشهد أنك أديت الرسالة وبلغت الأمانة ونصحت الأمة وجاهدت في سبيل الله حتى آتاك اليقين ونشهد الله تعالى على أننا نحبك يارسول الله ونحب من يحبك عسى الله أن يحشرنا بفضله وعفوه في زمرتك ثم يدخر هذه المحبة في معيتك ويوردنا حوضك نشرب منه شربة هنيئة لانظمأ بعدها أبدا ومما لا شك فيه أنها فرحة عظمى وسعادة كبرى نحس بها ونحن نسترجع جانبا من جوانب السيرة العطرة نعطر بها نفوسنا في موسم الذكريات ونقوى بها إيماننا ونشحذ بها هممنا ونملأ بها عواطفنا في غير تبديل أو ابتداع أو تضليل وإنما في متابعة وترديد لصدى ذكريات كريمة ملأت الكون بهجة وسرورا بصورة ما تزال هذه الأمة تقتبس شعلة الإيمان لتواصل بها إنارة الطريق أمام أجيال أمة محمد صل الله عليه وسلم جيلا بعد جيل يتوارثون حب محمد صل الله عليه وسلم وآل بيته وأصحابه فيكتمل بذلك إيمانهم ويكونون معه صل الله عليه وسلم وها هو يقول للأعرابي في كلمة من جوامع الكلم الذي جاء إليه يسأله يا رسول الله صل الله عليه وسلم متى الساعة ؟ قال عليه الصلاة والسلام وماذا أعدت لها ؟ قال الأعرابي ما أعددت لها كثير صلاة ولا صيام ولا صدقة؟ إلا أنني أحب الله ورسوله فجاء جوابه عليه أفضل الصلاة والسلام شافيا كافيا وافيا يعمق الحب له ويدعوا إليه ويؤكد الانتفاع به حيث قال " المرء مع من أحب " وقد علق راوي الحديث أنس بن مالك رضي الله عنه على هذا بقوله "ما رأيت المسلمين فرحوا بعد الإسلام كفرحهم بذلك " صفحة (1)

حب الصحابة لرسول الله صل الله عليه وسلم

لقد أحبوه وأيدوه رضوان الله عليهم ـ وعلمونا معنى محبة رسول الله صل الله عليه وسلم ـ إنهم رجال صدقوا ما عهدوا الله عليه وفى محبتهم لرسول الله وفى الإيمان به ( وقالوا ربنا سمعنا مناديا ينادى للإيمان أن آمنوا بربكم فأمنا ) سورة آل عمران ـ وبذلوا نفوسهم رخيصة في سبيل الدعوة وخضعوا وتواضعوا وخفضوا أصواتهم وبذلوا أرواحهم من أجل رسول الله صل الله عليه وسلم وصدرت عنهم عجائب الإيمان بالغيب والحب لرسول الله صل عليه وسلم وآثروا الآجلة على العاجلة والهدية على الجباية
وكيف لا وقد جعل الله طاعة رسوله صل الله عليه وسلم من طاعته فقال " من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا " سورة النساء ـ وجعله القدوة والأسوة لمن أراد أن يقتدي ويتأسى به قال تعالى " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا " سورة الأحزاب ـ ننظر في هذه الآيات الكريمة نستشف منها أمر الله سبحانه وتعالى للمؤمنين بطاعته ومحبته وإيضاح مكانته صل الله عليه وسلم وتقرير ما ينبغي لمكانته وما يجب أن تكون عليه في نفوس المسلمين من حيث الخطاب ألا يرفع المخاطب له صوته فوق صوته بل يغض الصوت ويخاطبه بأدب ولين وتعظيم وتكريم وإجلال وإعظام ولا يكون الرسول كأحد منهم بل يميزونه في خطابهم كما تميز عن غيره في وجوب حقه على الأمة ووجوب الإيمان به والحب الذي لايتم الإيمان إلا به فإن في عدم القيام بذلك محذورا خشية أن يحبط عمل العبد وهو لا يشعر فالأدب معه صلوات الله عليه وآله ـ من أسباب حصول الثواب وقبول الأعمال قال تعالى " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم " سورة محمد ـ فمحبة الرسول صل الله عليه وسلم طريق إلى الجنة " صفحة (2)

ولهذا فإن محبة رسول الله صل الله عليه وسلم تتأكد بالمنهج الذي حدده الله سبحانه وتعالى قال تعالى " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم " سورة آل عمران ـ وكما في حديث أنس رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صل الله عليه وسلم: "يا بني إن قدرت أن تصبح وتمسي وليس في قلبك غش لأحد فافعل، ثم قال: يا بني وذلك من سنتي، ومن أحب سنتي فقد أحبني، ومن أحبني كان معي في الجنة" رواه الترمذي. لقد كانت محبة رسول الله صل الله عليه وسلم المنزلة العظمى والمكانة الآسنى التي يتسابق إليها المسلمون إليها ويتنافسون عليها ويعملون جاهدين لبلوغها بالنفس والنفيس " وقد جاء في سبب نزول الآية لاترفعوا أصواتكم ,,,"
روى الإمام أحمد من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال لما نزلت هذه الآية كان ثابت بن الشماس رفيع الصوت فقال أنا الذي أرفع من صوتي على رسول الله صل الله عليه وسلم أنا من أهل النار حبط عملي وجلس في أهله حزينا ففقده النبي صل الله عليه وسلم فانطلق بعض القوم إليه فقالوا له تفقدك رسول الله صل الله عليه وسلم مالك فقال أنا الذي أرفع من صوتي فوق صوت النبي صل الله عليه وسلم وأجهر له بالقول حبط عملي أنا من أهل النار فأتوا النبي صل الله عليه وسلم فأخبروه بما قال فقال رسول الله صل الله عليه وسلم لا بل هو من أهل الجنة فقال أنس رضي الله عنه فكنا نراه يمشى بين أظهرنا ونحن نعلم أنه من أهل الجنة " هكذا ارتعشت قلوبهم وارتجفت تحت دفع هذا النداء الحبيب وذلك التحذير الرهيب هكذا نهى الله عن رفع الصوت عند قبره صل الله عليه وسلم دائما بل يجب أن يخاطب بسكينة ووقار وتعظيم ولا نجهر له بالقول أي كما قال الله تعالى " لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا " سورة النور
صفحة (3)

المحبة الواجبة لرسول صل الله عليه وسلم :

ثم ننظر في حديثه صل الله عليه وسلم وهو يخاطب الفاروق عمر رضي الله عنه وهو يقول يا رسول الله لأنت أحب إلى من كل شئ إلا نفسي قال لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك فقال عمر رضي الله فإنك ألآن والله أحب إلى من نفسي قال الآن يا عمر هكذا في جلاء ووضوح حدد رسول الله صل الله عليه وسلم كمال الإيمان الواجب بمحبته ثم هو بعد ذلك يحدد لنا منهج هذا الحب ويحذر من مغبة الشرك فيه فقال صل الله عليه وسلم " لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم " وقد أطرت النصارى عيسى بن مريم بصورة جعلته شريكا لله تعالى قدره فقالوا إنه ابن الله وقالوا ثالث ثلاثة " فكانت محبتهم محبة خالطها شرك وأفسدها ابتدع أدخلهم في تلك المتاهة وقد أطروه بما لم يأمره الله به فكبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا وقد سأل الله تعالى عيسى كما جاء في القرآن بقوله " وإذا قال الله ياعيسى بن مريم أأنت قلت للناس إتخذونى وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بى حق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن أعبدوا الله ربى وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ شهيد سورة المائدة فالرسول صل الله عليه وسلم يوضح لنا أبعاد هذا الإطراء ومخاطره والتحذير مما فيه من شرك فربط الصورة بكل وضوح بين الإفراط والتفريط الذي يؤدى إلى الغلو المنهي عنه " وأين تذهبون وقد علمنا رسول الله صل الله عليه وسلم من دعائه ما هو خير لنا ( اللهم إني أسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يقربني إلى حبك " وبذلك تصبح محبتنا لرسول الله صل الله عليه وسلم ايجابية فعالة تؤتى ثمارها الطيبة فإن من الواجب ربطها بالمنهج الذي حدده الله تعالى له ." . وصل الله على سيدنا وعلى آله وصحبه وسلم صفحة (4 )

هل من عودة إلى الكتاب والسنة :

كلما هل علينا شهر ربيع الأول , وتذكرنا ما كان عليه سلفنا الصالح من الآباء والأجداد , انبعثت فى نفوسنا الآمال , نحو هدى سيد الأنبياء وأمين من فى السماء
محمد بن عبد الله صل الله عليه وسلم _ الذى خاطبه ربه بقوله :" وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " سورة الأنبياء الآية 107 _ فكانت رسالته عامة لجميع من مخلوقات الله إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها , وكذلك خاطبنا بقوله :" لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم " سورة التوبة الآية 128 ـ وفى مدى حرصه علينا ورحمته ورأفته بنا قال تعالى :" النبى أولى بالمؤمنين من أنفسهم " سورة الأحزاب الآية 6 ـ فهل أدركنا معنى هذا الحب ومدى هذا الحرص , وأتبعنا هذا بالتمسك الجاد بهديه ومنهجه , لما فى ذلك من السعادة الأبدية فى الدنيا والآخرة , و فى المخالفة والبعد عن منهجه يكون الشقاء والضنك كما وصف لنا القرآن الكريم ذلك بقوله :" فإما يأتينكم منى هدى فمن اتبع هدى فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لما حشرتنى أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك أياتنا فسيتها وكذلك اليوم تنسى وكذلك نجزى من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى " سورة طه الآية 123 ـ 126 ـ ( 1)

وهذا هو الشقاء والضنك الذى خيم على حياتنا , حتى كاد أن يعم الناس جميعا بسبب بعدنا عن منهج ربنا وسنة نبينا صل الله عليه وسلم _ وهانحن نجنى ثمار غفلتنا واصرارنا على ما وقعنا فيه من الفساد والمنكر , والله تعالى ينبهنا ويوقظ فينا هذه الغفلة بقوله :" ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس ليذيقهم بعض الذى عملوا لعلهم يرجعون " سورة الروم الآية 41 ـ كل هذا بسبب حصائد ألسنتنا , وفساد قلوبنا , وانغماسنا فى المعاصى والذنوب , إنه لانجاة لنا ولا خلاص مما نحن فيه إلا بتوبة نصوح يستتبعها عزيمة صادقة , ونية خالصة وارادة قوية لأن الله تعالى يقول :" إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " سورة الرعد الآية 11 ـ إننا فى حاجة ماسة إلى التغير الذى نبدأ به من بيوتنا وأسرنا , ثم مجتمعاتنا وأنظمتنا وجميع حياتنا , وذلك بعد أن أصبحنا نعيش فى فتن كقطع الليل المظلم ,
ولن يرفع الله عنا ما نزل بنا من فتن , إلا بالصحوة من تلك الغفلة وعدم الإستغراق فى هذا الثبات العميق , الذى تسبب فى تقصيرنا وبعدنا عن كتاب ربنا وسنة نبينا محمد صل الله عليه وسلم _ ( 2)

إن الإحتفال الحقيقى بذكرى مولد المصطفى صل الله عليه وسلم _ والذى يجب أن يكون هو فى اتباع هديه والتمسك بمنهجه , والنور الذى أنزله الله معه حيث قال تعالى :" ألر , كتاب أنزلنه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد " سورة إبراهيم الآية 1 ـ
فلو رجع المسلمون إلى كتاب ربهم وهدى رسولهم صل الله عليه وسلم _ لخرجوا من ظلمات الجهل إلى نور العلم , ومن حيرة الشك إلى صدق الإيمان ونور اليقين , ومن ذل الإهانة إلى حقيقة العزة والكرامة , فهل من مدكر ؟ يصحح فينا أوضاعنا وما ذقناه بسبب بعدنا وغفلتنا , والأمل فى الله كبير حتى يتغير ما نحن فيه من ضنك , ويرجع للمسلمين مجدهم وعزهم قال تعالى :" ونريد ان نمن على الذين استضعفوا فى الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم فى الأرض " سورة القصص الآية 5 ـ 6 ـ ( 3)
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

حول سيرة المصطفى صل الله عليه وسلم :

_ إنه من الواجب على كل مسلم ومسلمة , القراءة والتعرف على أخلاق سيد المرسلين ومناقبه وشمائله , من خلال السيرة العطرة وتتبع التراث الإسلامى , لأن من يدرس سيرة النبى الكريم صل الله عليه وسلم ـ يتعلم كيف يكون زوجا ناجحا , وأبا صالحا , وستتعلم المرأة كذلك كيف تؤدى حق زوجها وكيف تحافظ على بيتها وأولادها وتربيهم التربية الصحيحة , وسيتعلم الحاكم كيف يكون قائداً عادلا ومعلما ومرشداً , وسيتعلم المسلم العفو والتسامح حتى مع أعدائه , وسيتعلم الأخلاق النبيلة والمعاملة السمحة , مع جيرانه ولو كانوا يخالفوه فى العقيدة والفكر , إنه سيتعلم كيف يحترم انسانية الإنسان , بعيدا عن النظر إلى عقيدته أو لونه أو جنسه " إننا ونحن نحتفى بذكرى ميلاد خير البشر صل الله عليه وسلم ـ لاتنسينا البهجة والفرحة , أن نربى أبنائنا وبناتنا على محبة رسول الله صل الله عليه وسلم ـ ومحبة القرآن الكريم والعمل به , ومحبة آل بيته وصحابته رضوان الله عليهم أجمعين , وأن نأخذ من هذه الذكرى العطرة كيف يكون الإقتداء والمتابعة وكيف يكون التخلق بأخلاق الحبيب صل الله عليه وسلم ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ( 4)

علموا أولادكم محبة رسول الله صل الله عليه وسلم :

فقد اخرج الديلمي عن عليَّ رضي الله عنه عن النبي صل الله عليه وسلم أنه قال : أدبوا أولادكم على ثلاث خصال : حب نبيكم وحب آل بيته وتلاوة القرآن. . الخصلة الأولى وتتمثل في محبة الله ورسوله: إن حب الله تعالى هو من أسمى أنواع الحب , وهو الأساس الذي تقوم عليه جميع أعمال المؤمن قال تعالى :" ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله , والذين أمنوا أشد حبا لله " سورة البقرة 165ـ وتأتي بعد ذلك محبة النبي صل الله عليه وآله وسلم تظهر على الإنسان في أمور حياته وسلوكه العملية ثم تكسو القلب في ظاهرة وجوارحه فيعرف أن هذا محب للنبي صل الله عليه وآله وسلم، وقد روى الترمذي والحاكم عن ابن عباس عن النبي صل الله عليه وسلم أنه قال : "أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه ، وأحبوني بحب الله ، وأحبوا أهل بيتي لحبي."

ولذلك كانت أقوى ركيزة في تربية الأولاد هي المحبة الصادقة والتعلق الشديد بشخص رسول الله صل الله عليه وآله وسلم ، والذي يبعث على متابعته في أخلاقه وسلوكه والتمسك بشريعته والصبر على طاعته ، يقول تعالى: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الأخر". سورة الأحزاب : الآية 21ـ والخصلة الثانية التي وصانا النبي صل الله عليه وآله وسلم أن نربي عليها أبناءنا هي حب آل بيته الأطهار، وقد جاء في مسند الإمام أحمد عن زيد ابن أرقم رضي الله عنه عن النبي صل الله عليه وآله وسلم: "إنى تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما". رواه الترمذي ورواه أحمد والطبراني عن زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه

فعلموا أولادكم أن الله قد أذهب الرجس عن أهل البيت وطهرهم تطهيرا، وعلموهم محبة آل بيت رسول الله صل الله عليه وآله سلم، وأنهم عترة رسول الله صل الله عليه وآله سلم، وأنهم أحباب رسول الله صل الله عليه و آله سلم من أحبهم فقد أحب رسول الله صل الله عليه وآله سلم كما بين لنا الحديث الشريف. فمن أكرمهم فقد أكرم رسول الله صل الله عليه وآله سلم، ومن أعزهم فقد أعز رسول الله صل الله عليه وآله سلم ومن قدرهم فقد قدر رسول الله صل الله عليه وآله سلم، ومن وصلهم فقد وصل رسول الله صل الله عليه وآله سلم، ومن ودهم فقد ود رسول الله صل الله عليه و آله سلم.ـ

. أما عن الخصلة الثالثة التي أمرنا النبي صل الله عليه وآله وسلم أن نربي عليها أولادنا هي تلاوة القرآن الكريم الذي هو دستورنا ومنهج حياتنا، وكان الإمام الغزالي رضي الله عنه يوصي كتابه "إحياء علوم الدين" بتعليم القرآن للأطفال وتحفيظه، وأوضّحُ أنّ تعليم القرآن هو أساس التعليم في جميع المناهج الدراسيَّة، لأنَّه شعارٌ من شعائر الدين يؤدّي إلى تثبيت العقيدة ورسوخ الإيمان.فعلينا تعليم أولادنا تلاوة القرآن منذ الصغر فهذا القرآن ربيع القلوب تلاوته عبادة، وحفظُهُ عبادة، وفهمُهُ عبادة، وتطبيقُهُ سعادة، منهجُنا المُقرر، ولا يوجد شيء أروع في الطفل من أن يُتقن القرآن، يُتقن تلاوته يُتقن فهمه، ويُتقن العمل به،

وهذا معنى قولِهِ تعالى :" الذين أتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون " سورة البقرة الآية :121ـ وفي فضل تلاوة القرآن وتعلمه كما في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم:"مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة طعمها طيب وريحها طيب , ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة طعمها طيب ولا ريح لها, ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر, ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها" رواه البخاري ومسلم وغيرهما وقراءة القرآن حق تلاوته أن تقرأه قراءةً صحيحة، وأن تفهمهُ فهماً صحيحاً، وأن تُطبّقهُ تطبيقاً صحيحاً. اللهم زك نفوسنا , وربي لنا أولادنا , واحفظ نسائنا ومُن علينا بالحكمة وعلمنا ما لم نكن نعلم إنك أنت العزيز الحكيم .". موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

المحبة الواجبة إيثار وتضحية :

كما في الصحيح من حديث عبد الله بن هشام، قال عمر: يا رسول الله! لأنت أحب إلى من كل شيء إلا نفسي، فقال:" لا.. والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك، فقال عمر: فأنت الآن والله أحب إلى من نفسي، فقال: الآن يا عمر".أنه يجب علينا أن ندرك أن محبة رسول الله صل الله عليه وسلم ليست محبة عقلية فحسب بل هي محبة عاطفية، فالإنسان يحب ابنه وأهله ووالده ونفسه، والمسلم مطالب بأن يحب رسول الله صل الله عليه وسلم أكثر من ماله وولده وأهله وعشيرته ونفسه، مشيرا إلى أن من يطع الله ورسوله يكون مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، يقول تعالى: ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

وقصة حب زيد بن حارثة للنبي صل الله عليه وسلم وتفضيله للنبي صل الله عليه وسلم ـ على رجوعه مع أبيه وعمه إلى أهله، فزيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبد العزى، كان طفلا حين سبي ووقع بيد حكيم بن حزام بن خويلد حين اشتراه من سوق عكاظ مع الرقيق، فأهداه إلى عمته خديجة، فرآه الرسول صل الله عليه وسلم عندها فاستوهبه منها فوهبته له، فأعتقه وتبناه، وصار يعرف في مكة كلها "زيد بن محمد". وذلك كله قبل الوحي.منذ أن سلب زيدا رضي الله عنه- ووالده يبحث عنه، حتى التقى يوما نفر من حي حارثة بزيد في مكة، فحملهم زيد سلامه وحنانه لأمه و أبيه، وقال لقومه: "أخبروا أبي أني هنا مع أكرم والد... فلم يكد يعلم والده بمكانه حتى أسرع إليه، يبحث عن الأمين محمد عليه الصلاة والسلام ولما لقيه قال له: يا بن عبد المطلب، يا بن سيد قومه، أنتم أهل حرم، تفكون العاني، وتطعمون الأسير، جئناك في ولدنا، فامنن علينا وأحسن في فدائه.

فأجابهم صل الله عليه وسلم: "ادعوا زيدا، وخيروه، فان اختاركم فهو لكم بغير فداء، وان اختارني فو الله ما أنا بالذي أختار على من اختارني فداء".أقبل زيد رضي الله عنه- وخيره الرسول صل الله عليه وسلم-، فقال زيد:" ما أنا بالذي أختار عليك أحدا، أنت الأب و العم"... ونديت عينا رسول الله صل الله عليه وسلم- بدموع شاكرة وحانية، ثم أمسك بيد زيد، وخرج به إلى فناء الكعبة، حيث قريش مجتمعة ونادي: "اشهدوا أن زيدا ابني... يرثني وأرثه"، وذلك قبل أن يلغى التبني.وقال إن من شدة حب علي بن أبي طالب لرسول الله صل الله عليه وسلم نام في فراشه ليلة الهجرة من مكة للمدينة ولم يعبأ بما يمكن أن يحدث له من كفار مكة، ومن شدة حب أبي بكر الصديق له أن صحبه في رحلته وخوفه عليه، وعندما سأله النبي صل الله عليه وسلم عن سر خوفه قال له أبو بكر: لئن قتلت أنا فأنا رجل واحد، وأما إذا قتلت يا رسول الله فأنت أمة.

وأما عن حب الجمادات لرسول الله صل الله عليه وسلم فقال إن الكون كله تفاعل مع النبي صل الله عليه وسلم بما فيه من كائنات ومن ضمن هذه الكائنات الجبال والحصى، وقال رسول الله صل الله عليه وسلم عن جبل أحد: "أحد جبل يحبنا ونحبه"، وكان الصحابة رضوان الله عليهم يسمعون تسبيح الحصى في يديه، وما قصة الجذع الذي حن لرسول الله بعد أن قام يخطب على المنبر إلا واحدة من هذا الحب والحنين له صل الله عليه وسلم.دعاء مؤلف:اللهـم إنا نسألك إيماناً كاملاً ,ويقـينـاً صادقـاً, وقـلباً خاشعاً, ولساناً ذاكراً , وعملا صالحاً ,وتوبةً نصوحاً قبل الموت, وراحة عند الموت ,والعـفـو عـند الحساب,والفوز بالجنة والنجاة من النار.".موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

حق الرسول صل الله علية وسلم:

كما في حديث أنس رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صل الله عليه وسلم: "يا بني إن قدرت أن تصبح وتمسي وليس في قلبك غش لأحد فافعل، ثم قال: يا بني وذلك من سنتي، ومن أحب سنتي فقد أحبني، ومن أحبني كان معي في الجنة" رواه الترمذي.قوله: "يا بني" تصغير ابن لطفاً ومرحمة وشفقة. "أن تصبح وتمسي" أي تدخل في وقت الصباح والمساء، والمراد جميع الليل والنهار "وليس في قلبك"الجملة حال من الفاعل، تنازع فيه الفعلان أي وليس كائناً في قلبك "غش" بكسر الغين، وضد النصح الذي هو إراداة الخير للمنصوح له "لأحد" هو عام للمؤمن والكافر، فإن نصيحة الكافر أن يجتهد في إيمانه، ويسعى في خلاصة من ورطة الهلاك باليد واللسان. وبالتألف بما يقدر عليه من المال، قاله الطيبي. "فافعل" أي نصحيتك "وذلك" أي خلو القلب من الغش "من سنتي" أي طريقتي.

قال الطيبي: قوله: "فافعل" جزاء كناية عما سبق في الشرط من المعنى إن فعلت ما نصحتك به فقد أتيت بأمر عظيم، ولهذا أشار بقوله "وذلك" للإشعار بأنه رفيع المنزلة، بعيد التناول "ومن أحب سنتي" ... الخ. كذا وقع في المشكاة من الإحباب في الموضع الثلاثة، وكذا في المصابيح، ووقع في نسخ الترمذي الموجودة عندنا "ومن أحيا سنتي فقد أحياني، ومن أحياني كان معي في الجنة"، من الإحياء في المواضع الثلاثة، وهذا يدل على اختلاف نسخ الترمذي في هذا اللفظ، ويؤيد كونه من الإحباب ما ذكره في الكنز عزواً إلى السجزي في الإبانة بلفظ: "من أحيا سنتي فقد أحبني، ومن أحبني كان معي في الجنة" .

ومن أحب سنتي أي فعمل بها "فقد أحبني" أي حياً كاملاً؛ لأن محبة الآثار علامة محبة مصدرها "ومن أحبني كان معي" أي معية متقاربة لا معية متحدة في الدرجة "في الجنة" فإن المرء مع من أحب. "رواه الترمذي" في العلم، وقال: في الحديث قصة طويلة، هذا حديث حسن غريب. وأخرجه أيضاً السجزى كما في الكنز ـ وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم :" من تمسك بسنتي عند فساد أمتي، فله أجر مائة شهيد" رواه ... قوله: "عند فساد أمتي" أي عند غلبة البدعة والجهل والفسق فيهم "فله أجر مائة شهيد" لما يلحقه من المشقة بالعمل بها وبإحيائها وتركهم لها، كالشهيد المقاتل مع الكفار لإحياء الدين بل أكثر.

قال الطيبي: لم يقل إفسادهم لأنه أبلغ، كأن ذواتهم قد فسدت فلا يصدر منهم صلاح، ولا ينجع الوعظ فيهم، لا سيما إذا ظهر ذلك في العلماء منهم والمقتفين آثارهم، فإذن المجاهدة معهم أصعب وأشق من المجاهدة مع الكفار، ولذلك ضوعف أجر من جاهدهم على من جاهد الكفار أضعافاً كثيرة "رواه بعده بياض في الأصل،الحديث أخرجه البيهقي في الزهد، وابن عدى في الكامل عن ابن عباس من رواية الحسن بن قتيبة الخزاعي المدائني. قال ابن عدى: أرجو أنه.. مشكاة المصابيح . دعاء مؤلف :اللهم أصلح شأننا كله، وادفع عنا كيد الفاجرين والمنافقين وأعداء الدين وشياطين الإنس والجن أجمعين." .موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد آله وصحبه وسلم

الاحتفال الأمثل يكون في تأكيد المحبة للنبي صل الله عليه وآله وسلم:

إن احتفال المسلم بمولد النبي صل الله عليه وسلم ليس مجرد احتفالا تقليديا يقوم على الاجتماع والتفرق من غير أن يكون لذلك أثر في الأعمال والأقوال , والسلوك والأخلاق فهذه احتفالات لا قيمة لها ولا وزن في ميزان تعاليم الإسلام , وهدي النبي الكريم صلوات الله عليه وآله , ولهذا كانت محبة رسولنا صل الله عليه وسلم ـ فريضة على كل إنسان وهذه المحبة لازمة للإيمان. وعندما يدرك المسلم أن رسول الله صل الله عليه وسلم أحب إليه من كل شئ حينئذ يذوق حلاوة الإيمان وينشرح صدره بالإسلام ويطمئن قلبه بالإيمان , فقد أخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أنس بن مالك، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: "ثلاث من كن فيه وجد بهن طعم الإيمان: من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، ومن أحب عبدا لا يحبه إلا لله، ومن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار.

فحقيقة المحبة لرسول الله صل الله عليه وسلم ـ أن يكون أحب إليك من والدك وولدك والناس أجمعين ,كما أخرج البخاري ومسلم والنسائي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم ـ يقول: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده، وولده، والناس أجمعين.وللنسائي في رواية: حتى أكون أحب إليه من ماله وأهله والناس أجمعين. وحب النبي محمد صل الله عليها وسلم ـ يجب أن يفوق الدنيا كلها ويقدم علي المال والأهل والولد ويسبق حب النفس والذات ويتفرد به القلب والقالب,قال تعالى: "قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين " سورة التوبة : الآية 24 ـ .وفي الصحيح من حديث عبد الله بن هشام، قال عمر: يا رسول الله! لأنت أحب إلى من كل شيء إلا نفسي، فقال: لا.. والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك، فقال عمر: فأنت الآن والله أحب إلى من نفسي، فقال: الآن يا عمر" أي الآن صدق في إيمانه وثبت له يقينه.

إن حبنا لرسول الله صل الله عليه وسلم يجب أن يكون أعظم الحب وأقدس الحب وأبقاه لأنه حب لله تعالى وفي الله سبحانه, قال تعالى :" والذين آمنوا أشد حبا لله " سورة البقرة 15 ـوعلى ضوء هذا يدرك كل منا واجبه من خلال مسؤوليته في هذه الحياة ، وكيف يستثمر وقته , وكيف يؤدي دوره الإيجابي في بيته نحو أبنائه وأهله وأسرته ونحو مجتمعه وأقاربه وأصدقائه ومع كل من يجالسهم ولو ساعة واحدة ، من خلال تصحيح وضعه واستقامته ونشر منهج الإسلام بين الناس بالحكمة والموعظة الحسنة ، وصدق الواحد منا مع الله كفيل أن يرد أنواع الفتن بشدائدها وأهوالها الكبيرة، وهنيئا لكل من أحيى سنة الحبيب صل الله عليه وسلم عند فساد أمته . ورسول الله صل الله عليه وسلم ـ يقول:" من أحيا سنتي عند فساد أمتي فله أجر مائة شهيد". والمعني :هذا الثواب في الأجر وليس في الفضل فهناك فرق بين الأجر والفضل . وكما في حديث أنس رضي الله عنه يقول عليه الصلاة والسلام:"من أحيا سنتي فقد أحبني ومن أحبني كان معي فى الجنة " رواه الترمذي .".موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من يُطع الرسول فقد أطاع الله :

والقرآن الكريم أمرنا بطاعة النبي صل الله عليه وسلم ـ طاعة مطلقة في كل ما أمر به أو نهى عنه، قال الله تعالى :" يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا " سورة النساء: الآية59 .ـ وفي التفسير الميسر . يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، استجيبوا لأوامر الله تعالى ولا تعصوه، واستجيبوا للرسول صل الله عليه وسلم فيما جاء به من الحق، وأطيعوا ولاة أمركم في غير معصية الله، فإن اختلفتم في شيء بينكم، فأرجعوا الحكم فيه إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله محمد صل الله عليه وسلم، إن كنتم تؤمنون حق الإيمان بالله تعالى وبيوم الحساب. ذلك الردُّ إلى الكتاب والسنة خير لكم من التنازع والقول بالرأي، وأحسن عاقبة ومآلا.اهـ .