ميلاد أمة الهدى فى بعثة خاتم النبين وسيد المرسلين ( محمد رسول الله صل الله عليه وسلم )

ميلاد أمة الهدى :

إن شهر ( ربيع الأول ) ربيع الرحمة الصادقة التي تنزلت على هذه الأمة منذ ميلاد خاتم النبيين سيدنا محمد صل الله عليه وسلم قال تعالى " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " سورة الأنبياء وقال عن نفسه عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم " إنما أنا رحمة مهداه " وقد جاء سيدنا محمد صل الله عليه وسلم بالرسالة الخاتمة والعامة لكل البشر قال تعالى " قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السموات والأرض " سورة الأعراف وقد ختمت رسالته عليه الصلاة والسلام بقانون للبشر أجمعين قال تعالى " فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر " سورة الكهف _ فالحرية عند الله تعالى _ حق للمخلوق _ فمن شاء أن يقر لربه وخالقه بالألوهية والوحدانية _ ويؤمن بما أنزل على عبده ورسوله مخلصا له الدين فهذا ما يرضاه الله لعباده ومن شاء أن يخرج عن هذه الحقيقة فكأنما يصعد في السماء أو تهوى به الريح في مكان سحيق _ هناك قوى ومراكز في المجتمع لا ترضى بهذه الحقيقة فهي وشأنها وأما عندما يقولوا زورا وبهتانا أن هذا الدين لايصلح لحكم الناس فهذا افتراء وكذب على سيدنا رسول الله صل الله عليه وسلم بل هو تزوير للحقائق وتدليس على جماهير الناس وهذه المراكز وتلك القوى ليس من مبادئها وبرنامجها كتاب الله وسنة رسوله صل الله عليه وسلم ولا حتى إيمان بقومية هذه الأمة تلك القومية التي صدعوا بها رؤوس الآخرين وهم عنها بعيدين إنهم طلاب حكم بما تسمح به علمانيتهم اللادينية وكل منهم يتطلع على أغلبية يستولي بها على الحكم ولا عجب أن رأينا الواحد منهم يهاجم الإسلام نفسه , وكما يقول أحد الحكماء في وصف العرب إلا ما رحم ربي :" يكذبون بمنتهى الصدق. ويغشون بمنتهى الضمير. وينصبون بمنتهى الأمانه . ويخونون بمنتهى الإخلاص ويدعمون أعدائهم بكل سخاء. ويدمرون بلدانهم بكل وطنيه. ويقتلون إخوانهم بكل إنسانيه." اللهم أيقظ همم أمة الهدى وأهدهم إلى صراطك المستقيم وجلي ياربنا صفاء ما ينفع للناس , فالله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله " والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون ." . موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
(1)

تعريفه صل الله عليه وسلم بنفسه :

_ قال ابن إسحاق حدثنى ثور بن يزيد الطلاعى عن بعض أهل العلم أن نفرا من أصحاب النبى صل الله عليه وسلم قالوا يارسول الله أخبرنى عن نفسك ؟ قال نعم أنا دعوة ابراهيم وبشرى أخى عيسى ورأت أمى حين حملت بى نور أضاء لها قصور الشام واسترضعت فى بنى سعد ابن بكر " وفى ذلك اشارة الى النور الذى عم الآفاق ببعثته صل الله عليه وسلم اذا انتشر الإسلام فى كل أرجاء الأرض بعد أن عاش الناس قرونا فى جاهلية جهلاء وضلالة عمياء فأنقذ الله تعالى به من الشرك وبصر من العمى وهدى الى الخير والحق والعلم وخالص الإيمان ودعوة ابراهيم نسمعها فى قوله تعالى " ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم أيتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم انك أنت العزيز الحكيم " سورة البقرة وبشرى عيسى فى قوله " يا بنى اسرائيل إنى رسول الله اليكم مصدق لما بين يدى من التوراة ومبشرا برسول يأتى من بعدى اسمه  أحمد " سورة الصف وصل الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة (2 )

من أدب الإسلام توقيره صل الله عليه وسلم حيا وميتا :

تذكر لنا كتب التاريخ , أن أبا جعفر المنصور ناظر الإمام مالك
بن أنس رحمه الله تعالى فى مسجد رسول الله صل الله عليه وسلم
فقال له الإمام مالك يا أمير المؤمنين لاترفع صوتك فى هذا المسجد
فإن الله تعالى أدب قوما فقال " يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبى
ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون " سورة الحجرات
ومدح قوما فقال " إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى
لهم مغفرة وأجر عظيم " سورة الحجرات
وذم قوما فقال " إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون " سورة الحجرات
وإن حرمته حيا كحرمته ميتا صل الله عليه وسلم فاستكان لها المنصور
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (3)

فى ذكرى ميلاد خير البشر :

_ يجب أن تكون ذكرى ميلاد رسول الله صل الله عليه وسلم ـ ماثلة فى ذهن كل مسلم لاتغيب عنه لحظة واحدة , إن مسيرة الأمة الإسلامية كما يؤكد لنا التاريخ يرتبط صعودها وهبوطها , بمقدار الإقتراب من سيرة الرسول صل الله عليه وسلم ـ والتمسك بقيمه وأخلاقه , ولما كان المسلمون أشد حرصا على السير على هديه والإقتباس من سنته كانوا فى الصدارة وسادوا العالم كله , وعندما ضلوا الطريق وانحرفوا عن هذه المعالم المضيئة , تشعبت بهم السبل ووقعوا فريسة للتفرق والتمزق والتخلف وتحكم فيهم الأعداء , وعندما نعطى أول درس بهذه المناسبة نصول ونجول من خلال الواقع المؤلم , فالمجتمعات الإسلامية فى العالم قد انحرفت عن تعاليم رسول الله صل الله عليه وسلم ـ فأصبح المسلمون يتقاتلون فيما بينهم من أجل عرض زائل , ويعتدى الأعداء على المسلمين فى أوطانهم كما فى فلسطين المحتلة , وبورما والشيشان وكشمير وغيرها ولايجد مسلمو هذه البلاد من يؤازرهم ويقف بجوارهم , (4)

, وتلاشت الأخلاق وترك كثير من المسلمين العبادات , وضيعوا الحقوق , وانتهكت المحارم , وتركوا الحلال الطيب وأقبلوا على فعل الحرام الخبيث , وغزت الحضارة المادية بلاد المسلمين بثقافات غريبة وعادات شاذة , وامتلأت وسائل الأعلام بالسخافات والخرفات والهراء , ولم يعد هناك من يقوم بعمله كما يجب أن يكون , وضيعت الأمانة , ووسد الأمر لغير أهله , وانتشرت الرشوة باسم الهدية والإكرامية , وأصبح بين المسلمين ودينهم فجوة وبعدا عن تعاليم دينهم ومبادئه , التى لو طبقوها لسادوا العالم , ولكن للأسف أصبحنا فى مؤخرة الصفوف , وأصبح كل مسلم يسأل كيف يبدأ الإصلاح وكيف يكون ؟ إن الطريق واضح ولن يصلح أمر هذه الأمة اليوم إلا بما صلح به أولها ولنأخذ من حيث انتهى سلفنا الصالح , من الإستقامة على النهج السوى , والعمل الصالح المرضى لله تعالى , ويتبع ذلك وحدة على الخير تجمع صفوف الأمة وتوحد كلمتها , وتلم شملها فلتكن ذكرى رسول الله صل الله عليه وسلم ـ ايذانا لنا بإحياء سنته , والسير على منهجه , ولزوم الطريق الأمثل الذى من تمسك به نجا ومن حاد عنه خاب وخسر " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ( 5)

عن الأسوة الحسنة من خلال الإحتفاء بمولده صل الله عليه وسلم :

ـ على أبناء الأمة الإسلامية أن يحتفلوا بذكرى ميلاده صل الله عليه وسلم ـ احتفالا يتناسب مع مكانته من خلال ما جاء به من مبادئ وأخلاق وقد حثنا القرآن الكريم أن نذكر أنفسنا وغيرنا بأيام الله وبما تحمله من نفحات وخيرات قال تعالى :" وذكرهم بأيام الله " سورة ابراهيم وقال سبحانه :" وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين " سورة الذريات وعندما سئل رسول الله صل الله عليه وسلم ـ عن سبب صومه ليوم الإثنين من كل أسبوع فقال :" ذاك يوم ولدت فيه , ويوم بعثت فيه , ويوم هاجرت فيه " فكان رسول الله صل الله عليه وسلم يتذكر هذا اليوم بالصيام والطاعة والعبادة وفيما رواه الإمام أحمد عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال :" ولد رسول الله فى شهر ربيع , واستنبأ فى شهر ربيع , وهاجر فى شهر ربيع " ومما لايجوز فعله ألا يكون الإحتفال به شكليا , كما يفعل من لاعلم لهم بدق الطبول , ونفخ المزامير وغير ذلك من المخالفات والبدع , ( 6)

, أما الإحتفاء الحقيقى والذى ينبغى أن يكون على مستوى الدنيا أفرادا وجماعات , ودول وحكومات , هو أن نأخذ الدرس والعبرة , وأن نتخلق بأخلاقه , وأن نتأسى به ونطبق هديه , فهو قدوة الإنسانية جميعها , فالسياسى و الإقتصادى والإجتماعى , والطبيب والمهندس والحاكم والمحكوم وغير هؤلاء كل منهم له فى رسول الله أسوة حسنة , إنه لا سبيل لإصلاح من فسد من أحوالنا إلا بالعودة إلى جوهر الإسلام النقى , ومبادئه الرفيعة , وقيمه النبيلة , وكل ذلك يتمثل فى ترسم خطى الحبيب صل الله عليه وسلم ـ وتعاليمه التى تلقاها عن ربه وهى تدعوا للعناية بالإنسان جسدا وعقلا , نفسا وخلقا , وتحث على العلم النافع وتلزم الفرد بحب الآخرين ما يحبه لنفسه , واعتبارهم أخوته يحزن لحزنهم ويتألم لألامهم ويفرح لسعادتهم إلى غير ذلك ..... " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ( 7)

الإقتداء بالرسول صل الله عليه وسلم :

_ فى " أخلاقه " من الواجب على كل مسلم رجلا كان أو امرأة شابا أوشيخا صغيرا أوكبيرا , أن يتمسك بهدى رسول الله صل الله عليه وسلم ـ وأن يتحلوا بأخلاقه , لأنه القدوة الحسنة والمثل الأعلى للجميع , وقد وصفه ربه بقوله تعالى :" وإنك لعلى خلق عظيم " سورة القلم وعندما سئلت السيدة الفاضلة أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها عن أخلاقه قالت :" كان خلقه القرآن " أى كان صل الله عليه وسلم قرآنا حيا ومتجسدا فى أقواله وجميع أعماله وأحواله , ومن ثم يجب علينا أن نتأسى به وأن نعمل بسنته , ويجب على كل مسلم أن يتدبر سيرته قراءة وفهما وعملا , وأن يتعظ بما يقوله أهل العلم المخلصين من نصائح ومواعظ , ومما يجب على الآباء والمربين تربية النشء على الصدق فى القول والعمل , واحترام الكبير إلى غير ذلك مما جاء عن رسول الله صل الله عليه وسلم ـ وإذا ما تمسك المسلمون بدينهم , وعملوا بسننه وآدابه وأخلاقه فإننا سنتقدم على جميع الأمم , وإذا تخلت الأمة عن أخلاقها وميراث نبيها صل الله عليه وسلم ـ سواء أريد لها أو بإرادتها تأخرت الأمة ووقع البناء وكما قيل ـ إنما الأمم الأخلاق مابقيت _ فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (

الرسول والاحتفال الأمثل :

قال الله تعالى :" هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويُعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين " سورة الجمعة الآية 2ـ
إن الاحتفال بذكرى مولد خاتم النبيين نبي الرحمة وسيد المرسلين سيدنا محمد صل الله عليه وسلم ـ من أفضل الأعمال وأجل القربات لأنها تعبير عن الفرح والحب للنبي صل الله عليه وآله وسلم ومحبة النبي صل الله عليه وآله وسلم أصل من أصول الإيمان.وكما في الحديث أن النبي صل الله عليه وآله وسلم قال: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين" ، وقال ابن رجب: محبة النبي صل الله عليه وآله وسلم من أصول الإيمان ، وقد قرنها الله تعالى بمحبته ، وتوعد من قدم عليهما محبة شيء من الأمور المحببة فطرة وطبيعة في النفس وجبلت عليها من الأقارب والأموال والأوطان وغير ذلك وليس في حب هذه الأشياء مذمة في ذاتها , إلا إذا عارضت محبة الله ورسوله وفضلت عليها تفضيلا .( 9)

، قال الله تعالى:" قل أن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره".سورة التوبة ولما قال عمر للنبي صل الله عليه وآله وسلم: يا رسول الله، لأنت أحب إلى من كل شىء إلا من نفسي ، قال النبي صل الله عليه وآله وسلم: " لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك" ، فقال له عمر: فإنه الآن والله لأنت أحب إلى من نفسي، فقال النبي صل الله عليه وآله وسلم: "الآن يا عمر" رواه البخاري. "... " موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه

في حكم الاحتفاء بمولد الهادي البشير :

لقد تحدث القرآن الكريم عن رسالة النبي صل الله عليه وآله وسلم ـ وأن مبعثه للدنيا رحمة للعالمين ، وهذه الرحمة لم تكن محدودة بل هي رحمة عامة , فهي تشمل تربية الإنسان وتزكيته وتعليمه وهدايته نحو الصراط المستقيم وتقدمه على صعيد حياته المادية والمعنوية ، كما أنها لا تقتصر على أهل زمان بعينه بل تمتد على امتداد التاريخ بأسره كما قال تعالى :" وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم " سورة الجمعة الآية 3 ـ ولهذا كان الاحتفال بمولده صل الله عليه وآله وسلم هو الاحتفاء به وبرسالته ، والاحتفاء به صل الله عليه وآله وسلم أمر مقطوع بمشروعيته لأنه أصل الأصول ودعامتها الأولى ، فقد علم الله سبحانه وتعالى قدر نبيه ، فعرف الوجود بأسره باسمه وبمبعثه وبمقامه وبمكانته ، فالكون كله في سرور دائم وفرح مطلق بنور الله وفرجه ونعمته على العالمين وحجته قال تعالى :" قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون " سورة يونس الآية 58 ـ

وقد درج سلفنا الصالح منذ القرن الرابع والخامس على الاحتفال بمولد الرسول الأعظم صلوات الله عليه وسلامه بإحياء ليلة المولد بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام ، وتلاوة القرآن ، والأذكار، وإنشاد الأشعار والمدائح في رسول الله صل الله عليه وآله وسلم كما نص على ذلك غير واحد من المؤرخين مثل الحافظين ابن الجوزى وابن كثير، والحافظ ابن دحية الأندلسى، والحافظ ابن حجر، وخاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطى رحمهم الله تعالى.ونص جماهير العلماء سلفا وخلفا على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوى الشريف ، بل ألف في استحباب ذلك جماعة من العلماء والفقهاء، بينوا بالأدلة الصحيحة استحباب هذا العمل بحيث لا يبقى لمن له عقل وفهم وفكر سليم إنكار ما سلكه سلفنا الصالح من الاحتفال بذكرى المولد النبوى الشريف ,

وما درج عليه البعض عند الاحتفال بمولده صل الله عليه وسلم ـ من وقوع بعض المخالفات لهو من أقبح المنكرات لمصاحبتها كثير من البدع والخرفات والمحرمات من الكبائر ومساوئ الأخلاق , وهذا مما لايشك فيه عاقل وما لا يقبله أي مسلم غيور على الدين , حيث يرتكب باسم الرسول صل الله عليه وسلم ـ ما يندى له الجبين ويتحسر عليه الحر الأمين على إضاعة الأموال وارتكاب مزيد من المحرمات , مما لا يخفي على كل ذي مروءة وحياء وهذا مما لاشك في حرمته قولا واحداً . نسأل الله تعالى أن يعصمنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يهدى الجميع على عمل الخير والصواب , والله أعلم .

والمراد من الاحتفال بذكرى المولد النبوى هو تجمع الناس على الذكر، والإنشاد في مدحه والثناء عليه صل الله عليه وآله وسلم وإطعام الطعام صدقة لله تعالى ، كإدخال السرور وتبادل الهدايا بين أهل البيت والجيران وصلة الأرحام فإنه يصبح مستحبا مندوبا إليه ، فإذا كان ذلك تعبيرا عن الفرح بمولد المصطفى صل الله عليه وآله وسلم كان أشد مشروعية وندبا واستحبابا إعلانا لمحبة سيدنا رسول الله صل الله عليه وآله وسلم وإعلانا لفرحنا بيوم مجيئه الكريم صل الله عليه وآله وسلم.ومما يلتبس على بعضهم دعوى خلو القرون الأولى الفاضلة من أمثال هذه الاحتفالات ، ولو سلم هذا - لعمر الحق- فإنه لا يكون مسوغا لمنعها, لأنه لا يشك عاقل فى فرحهم رضي الله تعالى عنهم به صل الله عليه وآله وسلم ولكن للفرح أساليب شتى فى التعبير عنه وإظهاره،

ولاحرج فى الأساليب والمسالك, لأنها ليست عبادة فى ذاتها، فالفرح به صل الله عليه وآله وسلم عبادة وأى عبادة ، والتعبير عن هذا الفرح إنما هو وسيلة مباحة ، لكل فيها وجهة هو موليها.وقد ورد فى السنة النبوية ما يدل على احتفال الصحابة الكرام بالنبي صل الله عليه وآله وسلم مع إقراره لذلك وإذنه فيه , فعن بريدة الأسلمى رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صل الله عليه وآله وسلم فى بعض مغازيه، فلما انصرف جاءت جارية سوداء فقالت: يا رسول الله ، إني كنت نذرت أن ردك الله سالما أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى، فقال لها رسول الله صل الله عليه وآله وسلم: " إن كنت نذرت فاضربي ، وإلا فلا" رواه الإمام أحمد والترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب.فإذا كان الضرب بالدف إعلانا للفرح بقدوم النبي صل الله عليه وآله وسلم من الغزو أمرا مشروعا أقره النبي صل الله عليه وآله وسلم وأمر بالوفاء بنذره، فإن إعلان الفرح بقدومه صل الله عليه وآله وسلم إلى الدنيا بالدف أو غيره من مظاهر الفرح المباحة في نفسها أكثر مشروعية وأعظم استحبابا.

وإذا كان الله تعالى يخفف عن أبى لهب وهو من هو كفرا وعنادا ومحاربة لله ورسوله بفرحه بمولد خير البشر بأن يجعله يشرب من نقرة من كفه كل يوم إثنين في النار؛ لأنه أعتق مولاته ثويبة لما بشرته بميلاده الشريف صل الله عليه وآله وسلم،كما جاء في صحيح البخاري، فما بالكم بجزاء الرب لفرح المؤمنين بميلاده وسطوع نوره على الكون. ، وكما ورد الأمر الشرعي أيضا بالتذكير بأيام الله تعالى في قوله سبحانه:" وذكرهم بأيام الله "، ومن أيام الله تعالى أيام الميلاد وأيام النصر ولذلك كان النبي صل الله عليه وآله وسلم يصوم يوم الإثنين من كل أسبوع شكرا لله تعالى على نعمة إيجاده واحتفالا بيوم ميلاده كما سبق في حديث أبى قتادة الأنصاري في صحيح مسلم ، كما كان يصوم يوم عاشوراء ويأمر بصيامه شكرا لله تعالى وفرحا واحتفالا بنجاة سيدنا موسى عليه السلام.

في مدح النبي محمد صل الله عليه وسلم :

إن الأقوال والأشعار في مدح خاتم المرسلين سيدنا محمد صل الله عليه وسلم لا تعد ولا تحصى ، وتاج كل الأقوال مدح الله عز وجل له بقوله عز وجل : " وانك لعلى خلق عظيم ، وقوله تبارك وتعالى فيه : ولو كنت فظا غليظ القول لانفضوا من حولك ، وقول الرسول نفسه عن نفسه وهو الذي لا ينطق عن الهوى : انما أتيت لأتمم مكارم الأخلاق ، وقوله عليه الصلاة والسلام : أنا سيد الخلق أجمعين ، وهنا قصيدة للشاعر احمد شوقي في مدح الرسول صل الله عليه وسلم يقول فيها : ولد الهدى فالكائنات ضياء .... وفم الزمان تبسم وسناء الروح والملأ الملائك حوله .... للدين والدنيا به بشراء والعرش يزهو والحظيرة تزدهي .... والمنتهى والسدرة العصماء والوحي يقطر سلسلا من سلسل .... واللوح والقلم البديع رواء يا خير من جاء الوجود تحية .... من مرسلين إلى الهدى بك جاؤوا بك بشر الله السماء فزينت .... وتوضأت مسكا بك الغبراء يوم يتيه على الزمان صباحه .... ومساؤه بمحمد وضاء يوحي إليك النور في ظلمائه .... متتابعا تجلى به الظلماء والآي تتري والخوارق جمة ....

جبريل رواح بها غداء دين يشيد آية في آية .... لبنائه السورات والأضواء الحق فيه هو الأساس وكيف لا .... والله جل جلاله البناء بك يا ابن عبد الله قامت سمحة .... بالحق من ملل الهدى غراء بنيت على التوحيد وهو حقيقة .... نادي به اسقراط والقدماء ومشى على وجه الزمان بنورها .... كهان وادي النيل والعرفاء الله فوق الخلق فيها وحده .... والناس تحت لوائها أكفاء والدين يسر والخلافة بيعة .... والأمر شورى والحقوق قضاء الاشتراكيون أنت أمامهم .... لولا دعاوي القوم والغلواء داويت متئدا وداووا طفرة .... وأخف من بعض الدواء الداء الحرب في حق لديك شريعة .... ومن السموم الناقعات دواء والبر عندك ذمة وفريضة .... لا منة ممنوحة وجباء جاءت فوحدت الزكاة سبيله .... حتى إلتقى الكرماء والبخلاء أنصفت أهل الفقر من أهل الغنى .... فالكل في حق الحياة سواء يا من له الأخلاق ما تهوى العلا .... منها وما يتعشق الكبراء زانتك في الخلق العظيم شمائل .... يغرى بهن ويولع الكرماء." . موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

سنة حسنة :

   عمل المولد الشريف سنة حسنة ولا يقال عنه لو كان خيرا لدل الرسول صل الله عليه وسلم أمته عليه ، فجمع المصحف ونقطه وشكله عمل خير، مع أنه صل الله عليه وسلم ما نص عليه ولا عمله ، فهؤلاء الذين يمنعون عمل المولد بدعوى أنه لو كان خيرا لدلنا الرسول صل الله عليه وسلم :ـ عليه ، وهم أنفسهم يشتغلون في شكل المصحف وتنقيطه ، يقعون في أحد أمرين: فإما أن يقولوا إن نقط المصحف وشكله ليس عمل خير، لأن الرسول صل الله عليه وسلم : ما فعله ولم يدل الأمة عليه ، ومع ذلك نحن نعمله ، وإما أن يقولوا إن نقط المصحف وشكله عمل خير، لو لم يفعله الرسول عليه السلام ولم يدل الأمة عليه لذلك نحن نعمله ، وفي كلا الحالين ناقضوا أنفسهم. ولهذا نرى أن الخلاف بين  أهل العلم خلاف لفظي سواء منهم المتأخرين والمعاصرين فقد أجازوا الاحتفال بالمولد النبوي الشريف مع بعض الضوابط الشرعية فهم جميعا أنكروا ما يقع في بعض الاحتفالات  من بدع مثل السحر والرقص و الاختلاط بين الرجال والنساء  إلى غير ذلك من منكرات  و بناء على ذلك مما يُستفاد من كلام أهل العلم  أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ، هو من الأمور التي لم يرد فيها نص بالفعل أو الترك ، وينظر في ذلك إلى المفاسد ، والمصالح التي تترتب على طريقة الاحتفال ، فهي التي تحدد مدى قبوله من رفضه . ". موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

في شهر ميلاد أعظم مولود عرفته البشرية منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها...

لقد ارتضى الله عز وجل لنا الإسلام دينا وفضلنا على كثير من الأمم بهذا الرسول الأعظم والنبي الأكرم محمد بن عبد الله صل الله عليه وآله وصحبه وسلم وقد أعطاه الله تعالى ما لم يعط الأولين والآخرين، ولذلك يجب علينا أن نعلم قدر نبينا عند ربه الأعلى، وعظمة نبينا بين أنبياء الله ورسله فوق كل عظمة، فعلينا أن نفرح بهذه النعمة الكبرى التى وهبها الله لنا وهو هذا النبى الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته، وهذا الرسول الحبيب الذي جعله الله لنا نبينا ورسولا، وجعله حبيبنا وشفيعنا وقرة أعيننا وجعله إمامنا، حيث قال النبي صل الله عليه وعلي آله وصحبه وسلم :" أنا أول الناس خروجا إذا بعثوا وأنا خطيبهم إذا وفدوا وأنا مبشرهم إذا أيسوا لواء الحمد يومئذ بيدي وأنا أكرم ولد آدم على ربي ولا فخر " سنن الترمذي من حديث أنس رضي الله تعالى عنه..اللهم صل و سلم و بارك علي سيدنا ومولانا محمد معلم الناس الخير والداعي لكل معروف وبر و علي آله وصحبه أجمعين وأزواجه أمهات المؤمنين وسلم تسليماً كثيراً. موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي محمود

التهنئة مطلوبة ولكن :

ليس هذا حديثا عن الرسول صل الله عليه وسلم ـ كما يُتقول أن النبي صل الله عليه وسلم قال هذا وهو من الكذب الافتراء عليه :" من يبارك الناس في شهر ربيع حرم على جسده النار " الدرجة مكذوب "ـ إن شهر ربيع الخير هو أحد الشهور الحبيبة إلى قلوب المسلمين حيث ولد فيه أعظم رسول عرفته البشرية منذ أن خلق الله سيدنا آدم عليه السلام , هذا الرسول هو سيدنا محمد صل الله عليه وسلم ـ الذي جاء بأعظم رسالة جمعت لنا فيها صلاح أمورنا في الدنيا والآخرة فمن أطاعه نجا ومن عصاه فقد أبى كما في حديث  أبي هريرة  رضي الله عنه ـ أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال:  "كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبَىَ ، قيل: ومن يأبى؟!، قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبَىَ " رواه البخاري .والتهنئة بحلول هذا الشهر وغيره من الشهور العربية أمر مستحب وتتأكد التهنئة في هذا الشهر خاصة حيث يذكر العلماء فيه كثيرا من أخلاقه وشمائله ليبعثوا في نفوس الناس الأمل والرحمة والفرح بفضل الله تعالى :" قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون " سورة يونس الآية 58 ـ

ولهذا كان مولده صل الله عليه رحمة ونور وهدي ولا دخل للتهنئة بالحديث عن دخول الجنة أو النار كما ورد في هذا الحديث الذي لا أصل له وفيه قوله :" من يبارك الناس في شهر ربيع حرم على جسده النار " الدرجة مكذوب وفي ذلك كذب وافتراء على سيدنا رسول الله صل الله عليه وسلم فرجاء التحذير من مثل هذا الأحاديث الموضوعة والباطلة والتي لا أصل لها حتى لا نفتري على الله الكذب ومهما كانت نوايانا طيبة فالحق أحق أن يتبع. لأن من ينسب شيء من ذلك للسنة مع علم صاحبه بعدم ثبوته يدُخله في زمرة الكاذبين على النبي صل الله عليه وسلم . فعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال : سمعت النبي صل الله عليه وسلم يقول : "إن كذِباً عليَّ ليس ككذبٍ على أحدٍ ، من كذب عليَّ متعمِداً فليتبوأ مقعده من النار "رواه البخاري ومسلم. والله أعلم . ". موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.