نبي الإسلام ورسول الإنسانية ( محمد بن عبد الله صل الله عليه وسلم)

نبي الإسلام ورسول الإنسانية محمد بن عبد الله ( صل الله عليه وسلم)

عن أدبه, وشخصيته, وإنسانيته..

لقد كان رسول الله صل الله عليه وسلم:ـ هو المثل الأعلي للإنسان الكامل والمربي الفاضل, ليكون خير قدوة للناس. وليكون نورا وهدي يهديهم إلي سواء السبيل, وكيف لا وقد قال عن نفسه " أدبني ربي فأحسن تأديبي" رواه العسكري عن على رضي الله عنه وفي سنده ضعف ولكنه صحيح المعني وصححه أبو الفضل بن ناصر من طريق آخر, وكانت حياته العظيمة المثل الأعلي في مكارم الأخلاق وجلائل الأعمال, وكان في دعوته وعبادته وفي سلمه وحربه, وفي أسرته وبين أصحابه, وفي كل مظهر من مظاهر حياته مصداقا لقول الله تعالى:" وإنك لعلي خلق عظيم" سورة القلم ... وعملا بقوله صلوات الله عليه وآله وسلم:" إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" رواه ابن ماجة ومالك في الموطأ من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه.
ولقد اختاره الله عز وجل ليحمل الدعوة إلي الإسلام, اختاره الله تعالى ليدعوا الناس إلي عبادة الله سبحانه الواحد الأحد مخلصين له الدين حنفاء... ويُقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة,كما يدعوهم إلي عادات طيبة غير ما كانوا يعتادون عليها, وإلي أخلاق كريمة غير ما كانوا يألفون.
اللهم صل وسلم وبارك علي سيدنا ومولانا محمد وعلي آله وصحبه وسلم .

هذه حقيقة أكدتها السماء بأن يختار الله عز وجل نبيا ورسولا امتاز بالعزم القوي والخلق الرشيد, والعقل السديد.
لقد كان رسول الله صل الله عليه وسلم مثالا رائعا للحياة الإنسانية المتكاملة..
كان أرحم الناس بالناس, وخير الناس للناس. وأنفع الناس للناس.
كان أكثرهم كرما, وأصدقهم حديثا, وأوسعهم صدرا,وأحسنهم عشرة .
كان لا يحتقر مسكينا لفقره, ولا يهاب مَلكاً لملكه .
كان أبعد الناس غضبا, وأقربهم إلي العفو والتسامح مادام ذلك في رضا الله الكريم الحليم.
كان أعدل الناس,وأعف الناس,وكان أكثرهم تواضعا وعطفا علي البائسين والمحرومين.
اللهم صل وسلم وبارك علي سيدنا ومولانا محمد وعلي آله وصحبه وسلم

كان يكرم أهل العلم والفضل,وكان يصل ذوي رحمه,من غير أن يفضلهم علي من هو أفضل منهم.
وظل رسول الهدي ونبي الرحمة صل الله عليه وسلم ـ متواضعا طوال حياته,ولم تُغيره الأيام...كان متواضعا في ضعفه وانتصاره,وكان متواضعا عندما كان وحيدا,وحينما أصبح سيد العرب بالحق والعدل, وعندما تجمع حوله الأنصار والأتباع الأقوياء.
فعندما هُزمت أمامه جيوش قريش التي حاربته نحواً من عشرين عاما, ودخل مكة فاتحاً, سألهم قائلا : ما تظنون أني فاعل بكم قالوا خيرا أخو كريم وابن أخ كريم, فرد عليهم بعفو شامل وكرم نادر وقال:" اذهبوا فأنتم الطلقاء"
وها هو صلوات ربي وتسليمه عليه وعلي آله وصحبه وسلم ـ في مجلسه , إذ أقبل عليه أعرابيٌ وهو يرتعد خوفا, فيقول له الرسول الكريم صل الله عليه وسلم ـ " هون عليك يا أخي, فإنما أنا ابنُ امرأة من قريش كانت تأكل القديد ومعناه " اللحم المجفف"
اللهم صل وسلم وبارك علي سيدنا ومولانا محمد وعلي آله وصحبه وسلم

وظل رسول الله صل الله عليه وسلم ـ يستمع إلي العبد والأرملة , والعجوز والمسكين, ويقف في الطريق لكل من يصافحه, يستمع إليه وإلي مشكلاته, وكانه الأب الرحيم, والأخ الحبيب, ونسي كل ما فعله أهل مكة معه من اضطهاد وتعذيب له ولأتباعه.
وكان صل الله عليه وسلم ـ زاهدا في مسكنه ومأكله ومشربه ومَلبسه وسائر أموره وجميع أحواله, فكان طعامه ادة الخبز والماء, وكثيرا ما تتابعت عليه الشهور ولم يوقد في بيته نار, فهل بعد ذلك مكرمة ومفخرة؟
فحبذا محمد صل الله عليه وسلم ـ من رجل متقشف, خشن الملبس والمأكل, مجتهد في الله دائب في نشر دين الإسلام, غير طامح فيما يطمح فيه غيره من رتبة أو دولة أو سلطان.
ولو كان غير ذلك لما استطاع أن يلاقي من العرب الغلاظ الشداد احتراما وإجلالا, ولما استطاع أن يقودهم أو يعاشرهم معظم وقته , وهم ملتفون حوله, يُقاتلون بين يديه ويُجاهدون في الله حق جهاده.
اللهم صل وسلم وبارك علي سيدنا ومولانا محمد وعلي آله وصحبه وسلم

لقد كان في قلوب هؤلاء العرب جفاء وقسوة, وكان من الصعب قيادتهم وتوجيههم , ولهذا كان من يقدر علي ترويضهم واخضاعهم بطلا عظيما هو محمد صل الله عليه وسلم .
ولولا ما وجدوا فيه من النبل والفضل,لما خضعوا لإرادته ولما انقادوا لقيادته.
كان إذا غاب رجل من أصحابه ثلاثة أيام سأل عنه . فإن كان غائبا دعا له , وإن كان مريضا زاره.
وكان إذا ودع رجلا أخذ بيده , فلا يأخذها حتى يكون الرجل هو الذي يدعُ يده, وكان لايرد أحدا سأله , بل يعطيه إن كان عنده وإلا وعده.
وذات يوم جاءت إليه امرأة من العرب, ومعها بردةٌ وقالت : يا رسول الله : أكسوك هذه البردة, فأخذها النبي صل الله عليه وسلم ـفلبسها, فرآها رجل عليه , فقال ما أحسن هذه البردة؛ فأعطني إياه يا رسول الله بأبي هو وأمي صل الله عليه وسلم ـ
فقال: نعم وأعطاه البُردة , مع أنه كان في حاجة شديدة إليها, ولما قام المصطفي صل الله عليه وسلم لام أصحابه هذا السائل , وقالوا له : إنك تعلم أن رسول الله صل الله عليه وسلم محتاج إليها, وأنه إذا سُئل عن شئ لا يمنعه.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما

وذات يوم أعتطه امرأة ثوبا كان في شديد الحاجة إليه, وبعد قليل طلب إليه أحد الناس شيئا يَصلح لأن يكون كفناً لميت فأعطاه ذلك الثوب.
وكان لا يتكلم في غير حاجة, وهو القائل :من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت" وكان لا يتدخل في الكلام فيما لا يهمه , وكان يقول في ذلك " من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه".
وكان لا يعبس في وجه مُحدثه, ولا يتركه إلا إذا أقنعه "وأرضي نفسه, وكان يخلطب كل شخص على قدر فهمه وخبرته ويقول صل الله عليه وسلم :" خاطبوا الناس علي قدر عقولهم "
وكان يَسُرُ نفس محدثه , ويبشره دائما بالخير , ويقول صل الله عليه وسلم :" بشروا ولا تنفروا "
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما

وكان حلو الحديث لا يؤذي أحدا أبدا بكلمة جارحة, حتى لو كان من أعدائه, وقد دعانا إلي أن نتكلم مع الناس بكلام طيب , فقال صل الله عليه وسلم:" الكلمة الطيبة صدقة"
وكان إذا تكلم استمع إليه الجميع في صمت وهدوء, وإذا سكت تكلموا, وكان أحيانا يمزح ولا يقول إلا حقا, وفي مُزاحه أن امرأة عجوز جاءته تقول له يا رسول الله : ادع الله تعالى لي أن يُدخلني الجنة, فقال لها النبي الكريم صل الله عليه وسلم ـ " يا أم فلان إن الجنة لا يدخلها عجوز " فولت المرأة تبكي منزعجتا ظنا منها أنها لن خل الجنة, فلما رأي ذلك منها بين لها صلوات الله عليه وآله وسلم غرضه قائلا لها : إن الله تعالى يقول :" إنا أنشأنهن إنشأ فجعلناهن أبكارا عربا أترابا" سورة الواقعة الآية 35 ـ 36 ـ
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما

لقد كان رسول الله صل الله عليه وسلم يُحب السرور وما يجلبه ويدعوا إليه ويكره الحزن وما وما يدفع إليه من متاعب ويستعيذ بالله تعالى من شره ويقول :" اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ...الخ الدعاء من حديث أنس رضي الله تعالى عنه ـ
وكان يُقبل علي من يتحدث معه , ويصغي إليه بوجه باش, ونفس منفتحة وهو القائل صل الله عليه وسلم ـ : إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم , وإنما يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخُلق.
وكان يستمع إلي من يحدثه في تواضع ظاهر وحلم جم, ولا يتعجل مُحدثه ولا يقطع عليه حديثه.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما

وذات يوم دخل نفر علي زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه , فقالوا له حدثنا أحاديث رسول الله صل الله عليه وسلم ـ فقال ماذا أحدثكم ؟ كنت جاره فكان إذا نز عليه الوحي بعث إلي فكتبته له , وكنا إذا ذكرنا الدنيا ذكرها معنا, وإذا ذكرنا الآخرة ذكرها كذلك معنا, وإذا ذكرنا الطعام ذكره معنا, فكل هذا أحدثكم به عن رسول الله صل الله عليه وسلم ـ
وهو في خلوته يصلي ويطيل الخشوع البكاء حتى تورمت قدماه, ولكنه في الحياة ومع الناس بشرا سويا يأكل الطعام ويمشي في الأسواق.
وبهذا نتعلم معاشر المسلمين من خلال هذا المختصر في حديثنا عن رسول الله صل الله عليه وسلم ـ أن قمة الإنسانية والعطاء والحلم والأمانة والصدق وسمو الأخلاق وأمهات الفضائل قد جُمعت في هذا النبي الكريم صل الله عليه وسلم ـ بلا منازع وقد وصل إلي العلا ونبل الصفات في كل شئ , لأنه رسول الهدي ونبي الرحمة الصادق الوعد الأمين المبرء من كل الدنايا والشبهات. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . وصل الله وسلم وبارك علي سيدنا ومولانا وحبيبنا وشفيعنا وقرة أعيننا وعلي آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا.
.#موقع_من_فقه_الإسلام_للشيخ_سامي_محمود