عن نسبه الشريف صل الله عليه وسلم

*عن نسبه الشريف صل الله عليه وسلم :

مولد النبي محمد صل الله عليه وسلم يوم الاثنين لإثنتى عشرة ليلة من شهر ربيع الأول من عام الفيل سنة ( 570 )ميلادية
ولدته أمه " آمنة بنت وهب " يتيم الأب إذ مات أبوه " عبد الله بن عبد المطلب "
وهو جنين في بطن أمه وكان ذلك في أثنا ء رحلة تجارية قام بها الأب الشاب إلى غزة في بلاد الشام
ولما ولدته أمه أرسلت إلى جده عبد المطلب تقول له لقد ولد له غلام فجاء ليراه ويسعد بطلعته ثم دخل بت الكعبة وشكر الله لما أعطاه ثم رجع بت إلى أمه ليعيده اليها
وفرح به جده عبد المطلب فرحا عظيما وسماه " محمد ا" وكان هذا الإسم نادرا بين العرب اذ لم تعرف العرب من تسمى بهذا الإسم قبل الرسول ( صل الله عليه وسلم )إلا ثلاثة تمنى آباؤهم حين سمعوا بقرب بعث نبى فى الحجاز إسمه محمد أن يكون لهم خاصة "
              صفحة (1 )

وعن نشأته صل الله عليه وسلم :

كان ولابد أن يعهد بكل طفل من قريش الى إحدى مرضعات البادية وقد كانت هذه العادة معمولا بها من زمن بعيد عندهم
وجاءت مرضعات بنى سعد من البادية الى مكة وجاءت معهن حليمة السعدية وأعرض أغلب المرضعات عن محمد اليتيم الفقير مقبلات على أطفال الأغنياء من قريش وإضطرت " حليمة السعدية " فى آخر الأمر الى أخذ محمد خشية أن تعود الى البادية بلا طفل فيشمت بها باقى المرضعات
وأقام محمد( صل الله عليه وسلم )  فى البادية فى بنى سعد بن بكر أربع سنوات وكان فى خلالها موضع رعاية " حليمة " التى أرضعته وابنتها الشيماء التى حضنته وأبنائها الذين رافقوه ولعبوا معه وقد كسب محمد صل الله عليه وسلم من البادية الكثير ومن ذلك ملكة النطق واللغة وإشتداد العود والبنية وصفاء الذهن وكان عليه الصلاة والسلام كثيرا ما يردد حين يقول " أنا أعرابكم أنا قرشى وإسترضعت فى بنى سعد بن بكر "
وعاد " محمد " الى مكه وهو قتى فى الخامسة من عمره ليكتمل يتمه ويشتد فقره
إذ فقد أمه وفقد بعدها جده وولى أمره " عبد المطلب "
أما وفاة أمه فوقعت فى أثناء الرحلة التى أخذت فيها " محمدا " صل الله عليه وسلم "
لزيارة أخواله فى بنى النجار من " بنى النجار" فى يثرب ( المدينة المنورة ) وبالمكان الذى توفى به أبوه وقد تركت وفاة أمه أثرا عميقا مؤلما فى قلب "محمد " صل الله "
ويظهر فى كثرة حديثه عنها الى صحابته فيما بعد"                  -____    صفحة (2 )

وفاة جده عبد الطلب وكفالة عمه أبو طالب له :

ومثل هذا الأثر تركه أيضا فى وفاة جده " عبد المطلب " فى نفسه فكان دائم البكاء وهو يشيع جده الى قبره وكان وقتئذ قد بلغ الثامنة .
وجده " عبد المطلب" هو ابن هاشم بن عبد مناف بن قصى ابن كلاب وقصى هو الزعيم العربى الذى وضع أمجاد قريش وجمع شملها ووحد كلمتها فحظيت بالهيبة وشرف المنزلة بين العرب جميعهم
وجاء " عبد المطلب " من بعده فاستطاع بقوة شخصيته أن يتولى أبرز المناصب فى مكة وهى : " السدانة" وهى الإشراف على الكعبة و" السقاية " وهى توفير الماء للحجيج " والرفادة " وهى توفير الطعام والقيادة وهى إمارة القوم فى القتال والتجارة
ولهذا قال النبى صل الله عليه وسلم : " إن الله اصطفى من ولد ابراهيم واسماعيل
اصطفى من اسماعيل كنانة واصطفى من كنانة قريشا واصطفى من قريش بنى هاشم واصطفانى من بنى هاشم فأنا خيار من خيارمن خيار أى من خيار الناس وأعلاهم مكانة وأسماهم منزلة
ومات جده عبد المطلب فتولى عمه أبو طالب أمره وقال له لاتحزن ياابن أخى أنا لك بدل أبيك وأمك وجدك لن تحزن يا محمد ما دمت حيا
وعاش محمد مع أبى طالب يحب عمه ويحبه عمه حتى كبر وصار شابا وفى شبابه تعلم محمد أن يرعى الغنم وعرف الناس جميعا فى مكة أن محمد أحسن راعى غنم قال لأصحابه " ما بعث الله نبيا إلا راعى غنم " فقالوا وأنت يا رسول الله ؟
قال : " وأنا رعيتها لأهل مكة "
ونشأ محمد صادقا لايكذب وكان أمينا لا يغش وكان عطوفا لا يخاصم أحدا وكان لطيفا لا يكرهه أحد
اشتهر محمد ( صل الله عليه وسلم ) بين الناس جميعا بأنه صادق وأمين ولطيف وعطوف
أحبه الناس جميعا
ووثق به الناس جميعا

وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم    _____         صفحة (3 )

محمد الأمين فى ذكرى مولده صل الله عليه وسلم :

فى يوم من الأيام أراد أهل مكة أن يجددوا بناء الكعبة واشتركوا جميعا
فى تجديد بنائها ثم أراد أن يضعوا الحجر الأسود فى موضعه من الكعبة
فاختلفوا من الذى يضعه ؟ لأن الحجر الأسود أشرف قطعة فى الكعبة
وكان للعرب فى مكة زعماء أربعة يؤتمر بأمرهم
قال كل زعيم منهم :
أنا الذى أحمل الحجر الشريف وأضعه فى موضعه
وتخاصم الزعماء الأربعة وكادت الحرب تقع بينهم
قال شيخ عاقل من أهل مكة
لاتختلفوا وليحكم بينكم أول قادم عليكم
وفى تلك اللحظة دخل عليهم محمد صل الله عليه وسلم
صاح الناس جميعا فرحين هذا هو الصادق الأمين محمد بن عبد الله
سمع محمد الحكاية فخلع ردائه وفرشه على الأرض ثم وضع الحجر الشريف على ردائه وقال الزعماء الأربعة ليحمل كل منكم طرفا من هذا الرداء فحملوه جميعا وتصالح المتخاصمين
وما أعقل محمد وما أذكاه , وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة (4)

سيدنا محمد صل الله عليه وسلم :

هو سيد الأولين والآخرين , وإمام الأنبياء وخاتم المرسلين الذى أرسله ربه رحمة للعالمين
نسبه _ هو سيدنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم يتصل نسبه صل الله عليه وسلم إلى نبى الله اسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام .
وأمه : _ سيدة نساء مكة ومن أطهر بيوتها _ هى السيدة آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة
مولده _ ولد : صل الله عليه وسلم فى مكة فى شعب بنى هاشم يوم الإثنين الثانى عشر من ربيع الأول الموافق للعشرين من شهر أبريل من سنة واحد وسبعين وخمسمائة من الميلاد فى عام عرف عند العرب بعام الفيل للحادثة المعروفة التى وقعت إبان مولده صل الله عليه وسلم
ولد : يتيم الأب فقد مات أبوه وهو صل الله عليه وسلم فى بطن أمه وقد سماه جده عبد المطلب " محمدا" ليكون محمودا فى الأرض وفى السماء .
مراضعه : أول من أرضعته أمه آمنة رضى الله تعالى عنها ثم ثويبة جارية أبى لهب ثم حليمة السعدية ... ماتت أمه وهو فى الساسة من عمره وعاش مع جده عبد المطلب عامين , ثم عاش مع عمه أبا طالب حتى تزوج صلى الله عليه وسلم من السيدة خديخة بنت خويلد رضى الله تعالى عنها ,
كان يتحنث بالعبادة قبل أن ينزل عليه والوحى  كما تذكر لنا كتب السير أنه صلى الله عليه وسلم كان يخلو بنفسه فى غار حراء شهرا فى كل عام يتعبد بشريعة إبراهيم عليه السلام , وبعد أن بلغ الأربعين من عمره آتاه الوحى من السماء عن طريق جبريل عليه السلام ,
ونزل عليه القرآن الكريم ...واستمرت دعوته صل الله عليه وسلم ثلاثة وعشرون عاما , بلغ فيها رسالة الله إلى الناس أجمعين .
                      وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (5)

وأما عن زوجاته صل الله عليه وسلم :
1_ فقد تزوج من السيدة خديجة بنت خويلد رضى الله تعالى عنها
2_ السيدة سودة بنت زمعة رضى الله تعالى عنها
3_ السيدة الصديقة بنت الصديق عائشة رضى الله تعالى عنهما
4_ والسيدة حفصة بنت الفاروق عمر رضى الله تعالى عنهما
5-والسيدة زينب بنت خزيمة رضى الله تعالى عنها
6_ السيدة جويرية بنت الحارث الخزاعية رضى الله تعالى عنها
7_ والسيدة زينب بنت جحش رضى الله تعالى عنها
8_ والسيدة أم سلمة رضى الله تعالى عنها
9_ والسيدة صفية بنت حيى بن أخطب رضى الله تعالى عنها
10_ والسيدة أم حبيبة رملة بنت أبى سفيان رضى الله تعالى عنها
11_ والسيدة ميمونة بنت الحارث الهلالية رضى الله تعالى عنها
ومن السرارى كانت السيدة مارية القبطية التى أهداها له المقوقس ملك مصر ,
والسيدة ريحانة بنت زيد القراظية التى كانت من سبابا بنى قريظة رضى الله تعالى عنهم أجمعين
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (6)

وأما عن أولاده صل الله عليه وسلم :
 
الذكور هم : أبو القاسم , وعبد الله , وإبراهيم وقد ماتوا صغارا ., وأما عن الإناث
زينب ورقية , وأم كلثوم , وفاطمة رضى الله تعالى عنهم أجمعين
ومن أعمامه صل الله عليه وسلم : الحارث , وجحل , والمقوم , والزبير وأبو لهب
وصفار , وأبو طالب والعباس , وحمزة والذى أسلم منهم العباس وحمزة رضى الله تعالى عنهما
وعماته صل الله عليه وسلم : أميمة , وأم حكيم , وبرة , وعاتكة , وصفية , وآروى "
وأما أخواله صل الله عليه وسلم " أسود وعبد يغوث وعمير
خالاته صل الله عليه وسلم : ( فُريصة )( وفَاختة )

إخوته فى الرضاع :

1_ من ثويبة :_ كان عمه حمزة رضى الله تعالى عنه وأبو الأسود بن عبد الأسد , مسروح بن ثويبة
2_ ومن حليمة السعدية : كان عبد الله بن الحارث , والشيماء , وأنيسة بنت الحارث
وكانت وفاته صل الله عليه وسلم فى الثانى عشر من ربيع الأول فى السنة الحادية عشر من الهجرة
فى عمر يناهز الثلاث وسبعين عاما " اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا عدد ما ذكرك الذاكرون وغفل عن ذكرك الغافلون صفحة ( 7)

هل ما يقول به بعض الناس ـ أن محمد صل الله عليه وسلم _ هو نور انتقل من أصلاب الرجال , إلى أرحام النساء حتى استقر ذلك فى بطن أمه ؛؛ ...

إن الذى ورد عن رسول الله صل الله عليه وسلم ـ هو حديث " خلقت من نكاح ولم أخلق من سفاح , ولم يصبنى من سفاح الجاهلية شئ , من لدن آدم حتى انتهيت إلى أبى وأمى , فأنا خيركم نسبا وخيركم أبا " وفى اسناد الحديث ضعف وله رواية أخرى عند أبى نعيم فى الحلية , وتذكر لنا كتب السير والتاريخ " أن آدم أوصى ولده " شيث " ألا يضع النور الذى فى وجهه إلا فى المطهرات من النساء , حتى أوصل الله النور إلى عبد المطلب وولده عبد الله , فطهر الله تبارك وتعالى بذلك نبيه من السفاح " والمعروف أن نسبه صل الله عليه وسلم ـ شريف وهو خيار من خيار , ولئن كان نوره صل الله عليه وسلم ـ تظهر بركته فى كل الأنبياء فإنه بشر كسائر البشر فى حمله وولادته وأبوه عبد الله وأمه آمنة . (

وبذلك نعلم أن الرسول صل الله عليه وسلم ـ ليس فى حاجة إلى أن نخترع له أشياء تزيد من شرفه وليس لها سند ودليل شرعى , وأن المزيدة فى هذا الباب كذب وافتراء عليه ومنهى عنه , وليس هناك حديث صحيح يدل على انه صل الله عليه وسلم ـ مخلوقا كنور قبل أن يخلق الله سيدنا آدم عليه السلام ـ بل قبل أن يخلق الله العالم كما يقول بذلك الجاهلون والحديث المروى فى ذلك لا أصل له كما يقول : أهل النقد من علماء الحديث "  والذى ثبت فى هذا الباب أن النبى صل الله عليه وسلم قال : " كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد "    وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ( 9)

فى يوم ميلاده :

نقول : هذا هو محمد صل الله عليه وسلم ـ فى أداءه , فى خطاه , عند كلامه , بل فى أحلامه وأمانيه وخاطرات نفسه , كانت من أول يوم أشرق فيه على الدنيا حقا وصدقا للناس جميعا وكأن الله تعالى : اراد أن يقول للناس هذا رسولى إليكم وسيلته المنطق والعقل , وهذه حياته كلها منذ كان جنينا , وبكل ما معكم من منطق وعقل تدبروا وتفكروا هل ترون فيه شبهة ؟ هل كشف عورة ؟ هلى تخلى عن مروءة ؟ هل شتم أحدا ؟ هل سجد لصنم ؟ هل شرب خمرا ؟ أبحثوا ودققوا طويلا وانظروا كثيرا ,
فليس هناك ستر ولا حجاب على شخصيته و ما كان من حياته كما ترون , ونقول لكم هل أبصرتم نقاء أو صدقا أو عظمة , مثل ما كان من محمد صل الله عليه وسلم ـ فهل يجوز لكم منطقا وعقلا رجل حياته مثل هذا أن تتهموه بالكذب بعد سن الأربعين والله تعالى يقول :" قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدى عذاب شديد " سورة سبأ الآية 46 ـ
" وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ( 10)

عن شرف الأمية فى حقه صل الله عليه وسلم :

ـ الأمية شرف فى حق النبى صل الله عليه وسلم ـ ونقص وعيب فى حق غيره من بعده فلا يجوز لإنسان ما أن يترك التعليم بحجة أن الرسول صل الله عليه وسلم كان أميا ,  وكما قال أهل التفسير بأن الأمى هو الذى لايقرأ ولايكتب والأمي في لغة العرب هو الذي لا يكتب ؛ قال الأزهري في "تهذيب اللغة" 1/ 204ـ   " قيل للذي لا يكتب: أمي ؛ لأن الكتابة مكتسبة ، فكأنه نُسب إلى ما ولد عليه ، أي: هو على ما ولدته أُمه عليه " اهـ. وكما فى الحديث عنه صل الله عليه وسلم :" إنا أمة أمية لانقرأ ولانحسب " رواه البخارى ومسلم وعلى هذا المعنى تواطأ المفسرون
وأما تفسير الأمية بأنها: عدم العلم بالكتاب استنادا إلى قوله تعالى: " وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ " سورة البقرة الآية 78 ـ
فالجواب عنه: أن الآية ليست صريحة في الدلالة على هذا المعنى ، بل فهم منها المفسرون الأمية بمعنى عدم القراءة والكتابة ، ويؤيد هذا المعنى قوله تعالى في الآية:" إلا أماني " ومعناها: أنهم لا يعلمون من الكتاب إلا أحاديث يسمعونها من كبرائهم ، وقد فسر النبي صل الله عليه الأمية بما يفيد أنها تعني عدم الكتابة ، وذلك في حديث: "إنا أمّة أمّية لا نكتب ولا نحسُب" ، وعليه فلا دلالة في الآية على أن الأمية ينحصر معناها في عدم العلم بالكتاب.

قال الرازي في تفسير هذه الآية: " اختلفوا في الأمي فقال بعضهم هو من لا يقر بكتاب ولا برسول. وقال آخرون: من لا يحسن الكتابة والقراءة ، وهذا الثاني أصوب؛ لأن الآية في اليهود وكانوا مقرين بالكتاب والرسول...
ولأنه عليه الصلاة والسلام قال: " نحن أمة أمية لا نكتب ولا نحسب"
وذلك يدل على هذا القول ، ولأن قوله تعالى : " لا يعلمون الكتاب لا يليق إلا بذلك "
وقد نقل الطبري عن أبي جعفر رد تأويل الأميين في الآية بأنهم الذين لا يقرون بكتاب ولا رسول فقال: " قال أبو جعفر: وهذا التأويل تأويل على خلاف ما يعرف من كلام العرب المستفيض بينهم ، وذلك أن" الأمي" عند العرب:هو الذي لا يكتب.
ولو فسرنا الأمية في كل آية وردت فيها بأنها عدم العلم بالكتاب .. لأدى هذا إلى تناقضات عجيبة ، فمثلا لو فسرنا الأمية بأنها عدم العلم بالكتاب في قوله تعالى: " الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ" سورة الأعراف الآية 157 ـ لكان معنى الآية: " الذين يتبعون الرسول الذي لا يعلم الكتاب" ، ولا يخفى ما في هذا المعنى من الفساد!

إثبات أمية النبي صل الله عليه وسلم:

إن أمية النبي صل الله عليه وسلم - بمعنى أنه لم يكن يعرف الكتابة - ثابتة بدلالة الكتاب والسنة ، واتفق علماء الأمة على تفسيرها بهذا المعنى:
فقال تعالى: " الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ" سورة  الأعراف الآية  157ـ
وقال تعالى: " قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ"  سورة الأعراف الآية  158ـ
قال الواحدي: " والأمي: الذي لا يكتب ولا يقرأ في قول جميع المفسرين، قال الزجاج: " معنى "  الْأُمِّيَّ " : الذي هو على خِلْقَة الأُمَّة ، لم يتعلم الكتاب، فهو على جبلته" . وقد قال صل الله عليه وسلم -: "إنا أمّة أمّية لا نكتب ولا نحسُب".

قال الأزهري: " وقد قيل للنبي - صل الله عليه وسلم -: الأمي ؛ لأن أمة العرب لم تكن تكتب ولا تقرأ المكتوب ، وبعثه الله رسولاً وهو لا يكتب ولا يقرأ من كتاب ، وكانت هذه الخلة إحدى آياته المعجزة ؛ لأنه تلا عليهم كتاب الله منظومًا -تارة بعد تارة- بالنظم الذي أنزل عليه فلم يغيره ولم يبدل ألفاظه ، وكان الخطيب من العرب إذا ارتجل خطبة ثم أعادها زاد فيها أو نقص ، فحفظه الله على نبيّه كما أنزله وأبانه من سائر من بعثه إليهم بهذه الآية ، وفي ذلك أنزل الله: " وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ " ـ قال مجاهد: كان أهل الكتاب يجدون في كتبهم أن النبي  صل الله عليه وسلم- لا يخط بيمينه ، ولا يقرأ كتابًا ، فنزلت هذه الآية "

الحكمة من أمية النبى صل الله عليه وسلم :

والحكمة من أمية النبي صل الله عليه وسلم هي حفظ الرسالة الشريفة من أن تنالها يد الطعن ، حتى إذا ما قال قائل: إن القرآن من عند محمد صل الله عليه وسلم وقد اختلقه من علوم البشر التي تعلمها .. كان الجواب المفحم: أن محمدا صل الله عليه وسلم نبي أمي لم يعلمه بشر، فكيف جاء بهذا الكتاب العظيم، " وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا " سورة النساء: الآية  82. ـ قال الأزهري: " وقد قيل للنبي - صل الله عليه وسلم -: الأمي ؛ لأن أمة العرب لم تكن تكتب ولا تقرأ المكتوب ، وبعثه الله رسولاً وهو لا يكتب ولا يقرأ من كتاب ، وكانت هذه الخلة إحدى آياته المعجزة ؛ لأنه تلا عليهم كتاب الله منظومًا - تارة بعد تارة- بالنظم الذي أنزل عليه فلم يغيره ولم يبدل ألفاظه وقد أشار القرآن الكريم نفسه إلى هذه الحكمة في عدة آيات منها قوله تعالى: " وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إذا لارتاب المبطلون " العنكبوت 48 ـ

قال مجاهد: كان أهل الكتاب يجدون في كتبهم أن النبي  صل الله عليه وسلم- لا يخط بيمينه، ولا يقرأ كتابًا ، فنزلت هذه الآية
وقال الطبري: " يقول تعالى ذكره: " وَما كُنْتَ"  يا محمد " تَتْلُوا يعني: تقرأ " مِنْ قَبْلِهِ"  يعني: من قبل هذا الكتاب الذي أنزلته إليك " مِنْ كِتَابٍ وَلا تخُطُّهُ بِيَمِينِكَ"  يقول: ولم تكن تكتب بيمينك ، ولكنك كنت أمِّيًّا " إذًا لارْتابَ المُبْطِلَونَ"  يقول: ولو كنت من قبل أن يُوحَى إليك تقرأ الكتاب ، أو تخطه بيمينك، " إذًا لارْتَابَ"  يقول: إذن لشكّ - بسبب ذلك في أمرك ، وما جئتهم به من عند ربك من هذا الكتاب الذي تتلوه عليهم- المبطلون القائلون إنه سجع وكهانة ، وإنه أساطير الأوّلين.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

.وقال الزمخشري: " إِذاً لو كان شيء من ذلك –أي: من التلاوة والخط- لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ من أهل الكتاب وقالوا: الذي نجده في كتبنا أمي لا يكتب ولا يقرأ وليس به. أو لارتاب مشركو مكة وقالوا: لعله تعلمه أو كتبه بيده". انتهى.وبهذا تكون الأمية في حقه صل الله عليه وسلم تشريفا ورفعا لقدره صل الله عليه وسلم؛ لأنه الأمي الذي علم المتعلمين ما علمه الله تعالى، ولأن أميته فيها صيانة لعرضه من أن يتهم بأنه اختلق القرآن الكريم من علوم البشر التي تعلمها .ولهذا قال الفقهاء: إن من كان أميا -من أمته صل الله عليه وسلم- فلا يجوز له أن يدافع عن نفسه بأن الرسول صل الله كان أميا؛ لأنه قياس مع الفارق ؛ فالأمية في حقه صل الله عليه وسلم شرف وصيانة ، وفي حق غيره نقص يعاب على صاحبه ، ويلزمه أن يسعى في إزالته، ولا ينفعه الاستشهاد بأمية النبي صل الله عليه وسلم.موقع من فقه الإسلام للشيخ سامى  ـ وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم