الزواج انتفاء واختيار :

من أهم عوامل النجاح فى الزواج حسن الإختيار :

روى الترمذى عن رسول الله صل الله عليه وسلم " إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه الا تفعلوا تكن فتنة فى الأرض وفساد عريض وفى رواية قال كبير "إن إختيار كلا من الزوجين للآخر على أساس الدين والأخلاق من أهم العوامل التى تحقق للزوجين سعادتهما الكاملة المؤمنة بكلمات الله ومن كان كذلك فإنه يضمن للأولاد التربية الإسلامية الفاضلة وللأسرة والعائلة شرفها الثابت وإستقرارها المشود والرجل الذى يعمل بأوامر الله ويجتنب نواهيه يكون برا بزوجته أمينا عليها والمرأة صاحبة الدين كذلك لاتنخدع لهواها ولا ترخص نفسها ولا تهمل شأن بيتها ولا تغفل عن تربية أبنائها وتأديبهم وإصلاح شأنهم ولا عن حقوق زوجها والدين المقصود فى الحديث هو الفهم الحقيقى للإسلام ويكون ذلك عن يقين وإقتناع ويشمل كذلك التطبيق العملى السلوكى لكل فضائله السامية وآدابه الرفيعة " ولهذا جاء فى الحديث الدين المعاملة " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (1)

الإسلام وتيسير الزواج

الدين الإسلامى يدعوا إلى الإعتدال ويقوم على الوسطية ويحذر من الغلو فى الأفعال والسلوك ولأن التشدد فى الدين منهى عنه , فلم يترك الإسلام أمرا يهم المسلم إلا ويسره ليسهل اتباعه والعمل به فمثلا فى الحياة الإجتماعية وشئون الإسرة حيث إقامة البيت المسلم نجد أن الإسلام يسر الطريق إلى الزواج ومهد السبل للوصول إليه وبين للمسلم الرجل والمرأة كيف يختار شريك حياته يقول تعالى " الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات , والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات " سورة النور الآية 26_
وقال تعالى "ولا تنكحوا المشركات حتى  يؤمن  لأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم , ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعوا إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون " سورة البقرة 221_ ويقول النبى صل الله عليه وسلم " تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس " ويقول صل الله عليه وسلم " إياكم وخضراء الدمن , قالوا وما خضراء الدمن يا رسول الله ؟ قال المرأة الحسناء فى المنبت السوء " وقال صل الله عليه وسلم " تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك " ويرشد الأولياء عند اختيار الزوج لبناتهم وأخواتهم فيقول صل الله عليه وسلم "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة فى الأرض وفساد كبير " وفى رواية عريض " وهذا شبيه بقوله تعالى فى سورة الأنفال والذين كفروا بعضهم أولياء بعض , إلا تفعلوه تكن فتنة فى الأرض وفساد كبير " الآية 73_ والمعنى والذين كفروا نصراء بعض , وإن لم تكونوا _ أيها المؤمنون _ نصراء بعض تكن فتنة فى الأرض فتنة للمؤمنين عن دين الله بالصد عن سبيل الله وتقوية دعائم الكفر " فانظر رحمك الله إلى مآل تلك العاقبة عندما يتولى المسلمين الكافرين من دون المؤمنين , فكذلك إن لم يزوج المؤمنون الرجل المتدين وتفضيل غيره عليه من أهل المعصية لأن المتدين مثلا فقير أو لايملك كذا وكذا ...؟
         وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة (2)

وفى تيسير الزواج بركة

وعندما يسأل أحد المسلمين الحسن رحمه الله تعالى ويقول لقد تقدم لخطبة ابنتى جماعة من الناس فمن أختار له فقال له الحسن زوج كريمتك للتقى المتدين الذى إذا أحبها أكرمها وإذا أبغضا لم يظلمها " وزوج رسول الله صل الله عليه وسلم رجلا من المسلمين بما ما معه من القرآن , وقال لآخر يريد الزواج وليس معه شئ فقال له إلتمس ولو خاتما من حديد ويبين الرسول صل الله عليه وسلم أن البركة فى قلة تكاليف الزواج فيقول صل الله عليه وسلم " أقلهن مهرا أكثرهن بركة " وهى بركة معنوية قبل أن تكون مادية حيث تعود على الأسرتين بالخير حيث يوجد التفاهم الذى هو ركيزة العلاقات و فيها تيسير لصلة الأرحام الذى به تنعم البيوت حيث يسود البشر والتواصل لما يعود على المجتمع بالإستقرار الدائم والمودة والرحمة
وبذلك معاشر الأولياء الكرام تعملوا على ترويج سوق العفة و الزواج الذى به تختفى الرذائل وتكونون قد أديتم ما عليكم من أمانة وساعدتم على اقامة سنة من سنن الحياة ألا وهى الزواج قال صل الله عليه وسلم " النكاح من سنتى فمن رغب عن سنتى فليس منى "
ويقول صل الله عليه وسلم " تناكحوا تناسلوا فإنى مباه بكم الأمم يوم القيامة "
ويحض الرسول صل الله عليه وسلم على الزواج فيقول " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج , ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " ولنا فى سيدنا عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه الأسوة والقدوة يوم ساعد الشباب على الزواج وإقامة البيت المسلم بما فاض من أموال الزكاة فليت الأغنياء يأخذون منه القدوة وبدلا من الحج إلى بيت الله تعالى مثنى إلى أكثر من عشر حجات وكذلك العمرات إلى أكثر من عشرين عمرة أن يساعدوا الشباب بحق على تكاليف الزواج فإن هذا أفضل من حج النافلة وعمرة التطوع المتكرره , ويو أن نيسر سبيل الزواج ونتبع فقه الكتاب والسنة ونعمل بفقه الأولويات لن نجد مجرما أو منحرفا ونعيش مجتمع الفضيلة وآنذاك تختفى الرذائل ولا يظهر إى ما هو خير " وفق الله الجميع لما فيه خير البلاد والعباد إنه على مايشاء قدير وبالإجابة جدير , وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة (3)

الاختيار على أساس الأخلاق :

وقد أجاب الرسول صل الله عليه وسلم ـ من سأله عن معنى الدين فقال الدين الأخلاق كما جاء في الحديث المرسل أن رجلا سأل رسول الله صل الله عليه وسلم قال ما الدين يا رسول الله ؟؛ قال الدين حسن الخلق وهو ألا تغضب قيل وما الشؤم يا رسول الله قال الشؤم سوء الخلق ". فالدين لا يقام صرحه ولا تزدهر معالمه ولا يتألق بين أهله إلا بالأخلاق الكريمة والعادات السليمة والقيم النبيلة كما أن فريضة الحج لا تتم إلا بالوقوف بعرفات كما يقول صل الله عليه وسلم الحج عرفه " أي أن ركن الحج العظيم هو الوقوف بعرفة فكذلك الدين لا يتم ولا يتأكد إلا بالأخلاق فلا إيمان بدون أخلاق ولا أخلاق بدون إيمان فبدون أخلاق لا يستقيم قانون ولا تقوم شريعة ولا تنتظم شئون الحياة قال الشاعر : وإنما الأمم الأخلاق إذا ما بقيت __ فان هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا ـ ومن ثم عُللت الرسالة الإسلامية وبعثته صل الله عليه وسلم ـ إلى العالمين بتقويم الأخلاق وإرساء قواعدها وبيان معالمها ونشر مكارمها في أرجاء المعمورة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " رواه مالك في الموطأ . وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة (4)

وليست الأخلاق محفوظات تحشى بها

الأذهان ونظريات مدونة فى الكتب

إن النصوص وحدها لا تصنع شيئا وإن المصحف وحده لايعمل حتى يكون انسانا رجلا كان أو إمرأة وان المبادىء وحدها لا تعيش الا أن تكونا منهاجا وسلوكا وما أدق ما سنه لنا الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضى الله عنه لما وضع الموازين الصحيحة لمعرفة الأشخاص واظهار حقائق الرجال وذلك حينما جاءه رجل يشهد لرجل آخر فقال عمر : أتعرف هذا الرجل ؟ فأجاب نعم قال هل أنت جاره الذى يعرف مدخله ومخرجه ؟ فأجاب الرجل لا قال عمر هل عاملته بالدرهم والدينار الذى يعرف به ورع الرجل فأجاب الرجل لا فقال عمر هل صاحبته فى السفر الذى تعرف به مكارم الأخلاق ؟ فأجاب الرجل لا فصاح به عمر وقال لعلك رأيته قاعدا قائما يصلى فى المسجد يرفع رأسه تارة ويخفضه أخرى فرد الرجل نعم ، فقال عمر اذهب فانك لاتعرفه والتفت الى الرجل وقال له ائتنى بمن يعرفك فعمر رضى الله عنه لم ينخدع لمظهر الرجل وشكله ولكن عرف الحقيقة بموازين صحيحة كشفت عن حاله ودلت على تدينه وأخلاقه "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة(5)

نماذج أخلاقية :

وفى عهد عمر رضي الله عنه أصدر قانونا بمنع غش اللبن بالماء وعين القانون لا ترى كل مخالف ولا تستطيع أن تقبض على كل خائن وغاش ولكن الإيمان يعمل عمل القانون وهنا تُحكى القصة المشهورة الأم تريد أن تخالط اللبن بالماء والبنت الصالحة تذكر الأم بمنع أمير المؤمنين عمر فتقول الأم وأين أمير المؤمنين فإنه لا يرانا وترد البنت بالجواب المفعم والضمير الحي إن كان أمير المؤمنين لا يرانا فالله مطلع علينا ويرانا ويدور الحديث بين الأم والبنت ويسمعه عمر رضي الله عنه وهو يسير يتفقد الرعية كعادته ويرسل ابنه عاصم ليطلب الزواج من هذه البنت فتكون جدة الخليفة الخامس عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه هكذا فلتكن النساء في معاملتهن فإنهن مصانع الرجال "وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة (6)

من الهدى النبوى :

من حديث سهل بن سعد الساعدى قال : جاءت امرأة إلى رسول الله صل الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله : جئت أهب لك نفسى قال : فنظر إليها رسول الله صل الله عليه وسلم : فصعد إليها النظر وصوبه , ثم طأطأ رسول الله صل الله عليه وسلم رأسه , فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئا جلست , فقام رجل من أصحابه فقال : يارسول الله , إن لم يكن لك فيها حاجة فزوجنيها , فقال : " وهل عندك شئ ؟ قال : لا والله ما وجدت شيئا فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ـ انظر ولو خاتما من حديد " فذهب ثم رجع فقال : لا والله يارسول الله ولا خاتما من حديد , ولكن هذا ازارى
قال سهل ما له رداء فلها نصفه , ( 7 )

, فقال صل الله عليه وسلم وما تصنع بازارك ؟ إن لبسته لم يكن عليها منه شئ , وإن لبسته لم يكن عليك منه شئ " فجلس الرجل حتى طال مجلسه قام , فرآه النبى صل الله عليه وسلم ـ موليا , فأمر به فدعى , فلما جاء
قال :" ما معك من القرآن ؟ " قال : معى سورة كذا وسورة كذا ـ لسور عددها فقال صل الله عليه وسلم :" تقرؤهن عن ظهر قلب ؟ " قال : نعم قال صل الله عليه وسلم ـ
اذهب فقد ملكتك بما معك من القرآن " رواه البخارى
. موقع من فقه الاسلام وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (

من القصص الإسلامي :

قصة زواج المبارك والد عبد الله بن المبارك وهي قصة عجيبة تدل على أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ـ فقد كان المبارك رقيقا فأعتقه سيده ، وعمل أجيرا عند صاحب بستان ، وفي يوم خرج صاحب البستان ومعه نفر من أصحابه إلى البستان وأمر المبارك أن يحضر لهم رمانا حلوا ، فجمع لهم فلما ذاقه  قال للمبارك: أنت ما تعرف الحلو من الحامض؟ فقال المبارك:لم تأذن لي إن آكل حتى أعرف الحلو من الحامض.فظن صاحب البستان أن المبارك يخدعه ، وقال له: أنت منذ كذا وكذا سنة تحرس البستان وتقول هذا؟ثم سأل بعض الجيران عنه فشهدوا له بالخير والصلاح وأنهم ما عرفوا أنه أكل رمانة واحدة ، فجاءه صاحب البستان وقال له إذا أردت أن أزوج ابنتي فممن أزوجها؟ فقال  المبارك: إن اليهود يزوجون على المال ، والنصارى يزوجون على الجمال ، والمؤمنين يزوجون على التقوى والدين فانظر من أي الناس أنت؟فقال:وهل أجد لابنتي من هو خير منك؟وعرضها عليه فقبل المبارك وبني بها ورزق منها أولادا كان منهم عبد الله بن المبارك رحمه الله ، فسبحان الله ، عف عن الرمان فسيق إليه البستان وصاحبته ،ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه . ".. موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ( 10)