عقيدة المسلم :

دعاء :

كان من دعائه صل الله عليه وسلم :

" اللهم إنى أعوذ بك أن أشرك بك شيئا أعلمه وأستغفرك مما لا أعلمه " والمسلم مطالب أن يصون لسانه كما يطهر قلبه عما يتنافى مع العقيدة الإسلامية الصحيحة من الأقوال والأعمال وقد دخل رجل على النبى صل الله عليه وسلم فقال ما شاء الله وشئت فقال له رسول الله صل الله عليه وسلم أجعلتنى لله ندا , قل ما شاء الله ثم شئت " وهكذا المسلم إذا توكل فإنه يتوكل على الله وحده فإذا أراد أن يحفذ همة أحد بعمل يطلبه منه فلا يقول له أنا متوكل على الله وعليك فهذا لون من الشرك ولكن عليه أن يقول متوكل على الله ثم عليك وكذلك فى كل عمل لابد أن يسيطر توحيد الله تعالى وعبوديته وحده على بواعث الفعل والترك قال تعالى " فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحد " سورة الكهف وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

التنزيه الخالص :

قال تعالى :" يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولايحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء " سورة البقرة الآية 255_
وقال تعالى :" يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولايحيطون به علما " سورة طه الآية 110_
وقال النبى صل الله عليه وسلم " إن الله احتجب عن البصائر كما احتجب عن الأبصار , وإن الملأ الأعلى يطلبونه كما تطلبونه أنتم " اتحاف السادة المتقين للزبيدى    
وقال على كرم الله وجه ورضى الله تعالى , كل ما يتصور فى الأوهام فالله بخلافه"
وقال الشافعى رضى الله عنه _: من انتهض لطلب مدبره , فإن اطمأن إلى موجود
ينتهى إليه , فكره فهو مشبه وإن اطمأن, إلى نفى محض فهو معطل , وإن اطمأن
إلى موجود واعترف بالعجز عن إدراكه فهو موحد "
          وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

فى النهى عن الحلف بغير الله :

الحديث عن عمر رضى الله تعالى عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال " من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك " والحديث عام يتناول كل محلوف بغير الله والحلف بغير الله من الشرك الأصغر الذى قال فيه الرسول صل الله عليه وسلم " أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر " وكفارة ذلك أن يستغفر الله ويقول لا إله إلله الله وأن يعود لسانه على الكلم الطيب ليطابق ظاهره باطنه _ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الناس والحق :

إن الناس إن لم يجمعهم الحق فرقهم الباطل , وإن لم توحدهم عبادة الرحمن فرقتهم عبادة الشيطان , وإن لم يستهوهم نعيم الآخرة تخاصموا على متاع الدنيا الزائل " قال تعالى " الله ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيه خالدون " سورة البقرة وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله صحبه وسلم

فى فضل لا إله إلا الله :

من حديث عبد الرحمن بن سمرة رضى الله عنه عن النبى صل الله عليه وسلم فى قصة منامه الطويل , وفيه رأيت رجلا من أمتى انتهى إلى أبواب الجنة , فأغلقت دونه , فجاءت شهادة لا إله إلا الله ففتحت له الأبواب , وأدخله الجنة " وخرج الطبرانى مرفوعا " شعار هذه الأمة على الصراط , لا إله إلا أنت " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الإيمان بالقدر من أركان العقيدة الاسلامية :

قال تعالى " ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهدى قلبه والله بكل شئ عليم " سورة التغابن الآية 11_ المسلم يؤمن أن الله تعالى يعلم مصائر العباد , ويحيط بأحوالهم ويدبر أمورهم فلا يقع فى الكون شئ إلا بإذن الله ولا يصيب الناس نفع ولاضر إلا بإرادته وقدرته وهذا هو معنى الإيمان بالقضاء والقدر , والمسلم لايرى الكون بحرا تضطرب فيه , الأمواج ولا مصطرعا لايحكمه قانون بل , إن له من ضوابط القدرة الالهية ما يجعل كل شئ فيه حساب وما ينظم فيه , الأحوال فلا فوضى ولا اضطراب قال تعالى " إنا كل شئ خلقناه بقدر " سورة القمر الآية 49_ وقال تعالى " وما أصاب من مصيبة فى الأرض ولا فى أنفسكم إلا فى كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير " سورة الحديد الآية 22_ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

توحيد الله :

قال تعالى " وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم " والمعنى : أيها الناس : إلهكم _ إله واحد ليس كمثله شئ متفرد فى ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله , وعبودية خلقه له سبحانه وتعالى لا شريك له دون سواه , فلا معبود بحق إلا هو , الرحمن المنعم على خلقه جميعا بدقائق النعم التى لاتعد ولا تحصى , المتصف بالرحمة فى ذاته وأفعاله لجميع الخلق , وهو الرحيم بالمؤمنين خاصة فى الدنيا والآخرة " ويقول النبى صل الله عليه وسلم " أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلى لا إله إلا الله وحده " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

عن معنى الإخلاص :

قال تعالى " وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة " سورة البينة الآية 5_ وقال تعالى " فاعبد الله مخلصا له الدين ألا لله الدين الخالص " الآية 2_ 3 _ سورة الزمر وقال صل الله عليه وسلم " أخلص عملك يكفيك القليل " وقال صل الله عليه وسلم " إن الله لاينظر إلى صوركم ولا إلى أجسامكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من عقيدة المؤمن أن يرضى بما قدره الله تعالى عليه :

_ إن من حسن صلة المسلم بربه سبحانه وتعالى ,الفيض الغامر الذى يحوط أرجاء نفسه , حيث شعوره بنعم الله تعالى عليه فى كل حين وفى كل وقت وحال , وهذا الإحساس الذى يسيطر على بواعث الفعل والترك فى شخصية المسلم , لايفقده صوابه بنعم الله عليه أبدأ وإن مسته البأساء والضراء , وعصفت به الأنواء والشدائد , فالمؤمن راض بما قدر الله عليه , إيمانا يباشر حنايا القلب وخلجات النفس بأن الله تعالى لا يفعل للإنسان إلا ماهو خير فى صالحه ومن أجل صلاحه , فليس هناك شيئا يحدث عبثا فى كون الله ومخلوقاته , ولا يريد الله العسر لعباده , فهو سبحانه أرحم بالإنسان من الوالدة بولدها , وأن الخير يمكن أن يكون مطويا فى صفحات ما نظن نحن أنه شر وبلاء , وما ينغص به حياتنا التى نعيشها قال تعالى :" فعسى أن تكرهو شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا " سورة النساء وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الإيمان الصادق يتنافى مع الحيرة والشك:

_ الإيمان الحق الذى نطق بحقيقته الكتاب والسنة , وأيد ذلك المنطق والعقل , واقتضته طبيعة الفطرة السوية , وشهد له الكون المفتوح , كل ذلك يجعل المسلم بعيد عن الشك والحيرة والإضطراب والقلق النفسى , التى يتجرعها الجاحدون والمنكرون قال تعالى :" أفى الله شك فاطر السموات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى " سورة إبراهيم الآية 10 _ بهذا عرف المؤمن طريقه ومبدأه ومصيره وغايته ومهمته , وانحلت عقدة الشك ووساوس الصدر , وقد عرف أن له ربا _ هو رب كل شئ , خلق فسوى وقدر فهدى , وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة فاطمأن إلى ربه وعاش فى رحابه واعتصم بحبله , وأوى إلى الحقيقة الكبرى والإيمان الصادق , واستمسك بالعروة الوثقى التى لا إنفصام لها " ومن دعاء النبى صل الله علبه وسلم :" اللهم قنى شر نفسى واعزم لى على رشد أمرى " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

التنفير من الشرك بالله:

_ إن كل عاقل يقرأ القرآن والسنة النبوية المطهرة يجد أن أعظم الذنوب عند الله تعالى , وأشدها تنفيرا منها أن تجعل لله ندا وشريكا وهو سبحانه وتعالى خلقك , فسواك فعدلك وقد جاءت الآيات ناطقة صريحة بذلك بأن كل الذنوب قد يغفرها الله , إلا الإشراك بالله قال تعالى :" إن الله لايغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى اثما عظيما " سورة النساء الآية 48_ فالله سبحانه وتعالى لايغفر لمشرك مات على شركه , ويغفر ما دون ذلك من الذنوب , لمن شاء أن يغفر له , ومن يشرك بالله تعالى فى عبادته غير خالقه سبحانه وتعالى , فقد ارتكب من الآثام والكبائر ما لاتتعلق به المغفرة وقد أورد الإمام بن كثير رحمه الله تعالى عند تفسيره لهذه الآية ثلاثة عشر حديثا نبويا تتعلق بها ومن هذه الأحاديث قوله صل الله عليه وسلم :" لا تزال المغفرة بالعبد ما لم يقع الحجاب , قيل يانبى الله وما الحجاب ؟ قال : الإشراك بالله ثم قرأ هذه الآية _ صل الله عليه وسلم " اللهم إنى أعوذ أن أشرك بك شيئا وأنا أعلم وأستغفرك مما لا أعلم " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

بلسم الجراح :

_ الإيمان بالقضاء والقدر _ إن مما يجب على كل مسلم , أن يؤمن الإيمان اليقين أن الله تعالى , عالم بأحوال خلقه , وما يصيرون إليه , يدبر الأمر ويقضى بما يريد , وفق علمه وحكمته ولا يقع فى كون الله شئ إلا بإذنه , وكل شئ عنده بمقدار , ولا يصيب الإنسان من نفع أو ضرر إلا فى كتاب وفق إرادته وقدرته , قال تعالى :" ما أصاب من مصيبة فى الأرض ولا فى أنفسكم إلا فى كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير " سورة الحديد الآية 22_ ومن ثم يجب على المسلم أن يقابل قدرالله ما ينزل به من نفع أو ضرر بنفس راضية مطمئنة وثقة تامة فى أن ما يختاره الله له هو الخير , وإن بدا له فى الظاهر ما يكره قال تعالى :" قل لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا هو مولنا وعلى الله فليتوكل المؤمنون " سورة التوبة الآية 51 _ ومن ثم فإن الإيمان بالقضاء والقدر ركن من أركان الإيمان الستة , وهو يحمى المسلم من القلق , ويعصمه من الجزع والحسرة , ويملأ قلبه ونفسه بالطمأنية والهدوء , ويكسبه السعادة وراحة البال , والمسلم يصبر على قضاء الله وقدره , محتسبا الأجر والثواب من الله رب كل شئ , فإذا نزل به مايكره لا يجزع ولا يحزن , وإذا وفقه للخير والنجاح يفرح ولكن بقدر ومن غير خيلاء قال تعالى :" لكيلا لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لايحب كل مختال فخور " سورة الحديد الأية 23_ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

فى الإيمان بالقضاء والقدر سكينة وطمأنينة :

_روى الإمام أحمد وغيره عن النبى صل الله عليه وسلم قال :" لايبلغ العبد حقيقة الإيمان , حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه , وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه "
لايستطيع أحد كأنا من كان أن يصيبك , بشئ لم يقدره الله تعالى لك , وكذلك لن ينفعك أحد بشئ وإن وعدك به إذا كان الله تعالى لم يرده لك , قال تعالى :" ما أصاب من مصيبة فى الأرض ولا فى أنفسكم إلا فى كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير " سورة الحديد وهذا يدلنا على أنه لا استسلام ولا تواكل وأن التوكل الحقيقى فى الأخذ بالأسباب , والعمل من أجل مرضاة الله تبارك وتعالى , وفى ذلك أبلغ درس لأولئك الجبناء الذين , وأولئك المتخاذلين و المستسلمين لشهواتهم  وأهوائهم عندما يحتجون . بالثضاء والقدر لإنحرافهم وضلالهم واصرارهم على المعصية يحتجون بتقدير الله تعالى  عليهم و وهذا مما يتنافى مع حقيقية الإيمان بالقضاء والقدر الذى أمرنا بالعمل به قال تعالى " وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون  " سورة التوبة والتوكل صفة من صفات المؤمنين وثمرة من ثمار الإيمان بالقضاء والقدر قال تعالى " وعلى الله فليتوكل المؤمنون " سورة التغابن , وحين يتوكل المسلم على ربه سبحانه , فإنه يستند إلى السبب الأقوى والركن المتين , إنه بستند إلى ذى الحكمة والقوة والرحمة
ومالك الأمر والتدبير وهو سبحان لن يضيع من استند إليه ولن يخذل من توكل عليه قال تعالى " ومن يتوكل على الله فهو حسبه " سورة الطلاق وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

القضاء والقدر بين الخير والشر :

_الله سبحانه وتعالى قد منح الإنسان , إرادة وقدرة وترك له الإختيار بين الهدى والضلال , وهذه هى الأمانة والمسؤلية التى حملها الإنسان , إنه كان ظللوما جهولا
قال تعالى :" فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر " سورة الكهف الآية 29 _
إن موقف الإنسان من الطاعة والمعصية , ليس كموقفه من الآجل والرزق والإنسان العاقل صاحب الفطرة السليمة , والشخصية السوية هو الذى يشعر أن له إرادة وقدرة تحركه فى الإتجاه , إلى طريق الطاعة أو المعصية , وهو لايجد نفسه مجبرا على سلوك أى طريق منها كما بينت الآية السابقة , ولكن الموت قدر محض لادخل للإنسان فيه , ولا سلطان له فى دفعه ومنعه , وكذلك الرزق فى ضيقه وسعته

وأما المعصية التى يقع فيه الإنسان فإنه , يرتكبها وهو مستيقظ الإرادة وذلك بعد عزم وعمد , ومن ثم لايحق له أن يجادل بالباطل , ويزعم أن ذلك قضاءُ قَدَرٍ
لا إختيار له فيه ولا إرادة ...
وغاية علم الله القديم فى تحديد مصائر العباد , ما كان منها وما يكون هذا العلم يكشف ولايرغم أحد على شئ , إن علم الله لا مدخل له فى تحديد اتجاه البشر
الذى يصدر منهم عن اختيار وحرص , وذلك هو موقف القضاء والقدر , من أفعال العباد واتجاهتهم بين الخير والشر .
فالمسلم الحق يسدد عمله , ويحكم خطئه فى اتجاهه فى الحياة .
وقد بين له سبحانه أسباب النجاة وأسباب الهلاك قال تعالى " وهديناه النجدين " سورة البلد الآية 10 _
وهذا كله مما يؤكد لنا أن الإرادة الإنسانية حرة , ولها أن تتجه كما تشاء , ما دام للحساب يوم , وما دام أن كل إنسان سيجزى يوم القيامة على ثمرة سعيه وما قدم فى الحياة " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من حقائق الإيمان :

_ إن من حقائق الإيمان الصادق , أن يؤمن العبد بما كان وما يكون بين يدى الساعة , وما أخبر به القرآن الكريم عن ذلك والسنة الشريفة المطهرة , ولئن كان هناك من المكذبين الضالين بهذا اليوم وما فيه من أهوال وشدائد , وجعلوا ذلك من الخرفات وأساطير الأولين كما أخبر عنهم القرآن الكريم , إلا أن المسلم الحق , يعتقد بما جاء به الشرع الحكيم , وينفى ماعدا ذلك من سخافات وجهالات , وحسبه أن يكون تصوره فى ذلك قرآنا صدقا , والمسلم يعلم أنه عندما ينتهى عمره ويحضره أجله , تأتى إليه ملائكة كرام من السماء موكلون بإحضار روحه بعد قبضها فالمؤمن يتلقونه بالتكريم والسلام قال تعالى :" الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم " سورة النحل الآية 32_ ثم يصعدون بروحه إلى السماء فيقبلُ الله عمله , ويأذن له بالرحمة والمغفرة , ثم يهبطون بروحه إلى الأرض فيسأل فى قبره عن الإله الذى يعبده , وعن الدين الذى يؤمن به , وعن إعتقاده فى الرسول الذى بعث إلى أمته , والمؤمن الصادق ينجح فى هذا الإختبار , فقد عاش على العقيدة الصحيحة , والسلوك القويم , والعمل الصالح ,

, ومثل هذا يفتح له باب إلى الجنة , يأتيه من ريحها وطيبها , ويحاط بالبشارة والإيناس , وعلى النقيض من ذلك أمر الفاجر الكافر , حيث يحاط بالفزع والخوف عند موته قال تعالى :" ولو ترى إذا يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق , ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد " سورة الأنفال الآية 50 _ 51_ وإذا قبضت روحه , أغلقت دونها أبواب السماء قال تعالى :" إن الذين كذبوا بأيتنا واستكبروا عنها لاتفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل فى سم الخياط " سورة الأعراف الآية 40 _ وعندما يسأله الملائكة فى قبره لايستطيع أن يرد بالجواب السديد , لأنه عاش كالسائمة , لايعرف له ربا , ولايؤمن بحساب , ومثل هذا يفتح له باب إلى النار فأتيه من حرها وسمومها , ويوكل به من يعذبه فى قبره حتى تقوم الساعة " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الإيمان بالقضاء والقدر وحقيقته :

_ وهو ركن من أركان الإيمان الستة كما جاء فى حديث جبريل عليه السلام _ قال تعالى " إنا كل شئ خلقناه بقدر " سورة القمر الآية 49_ وقال الإمام أحمد رحمه الله عندما سئل عن القدر قال تعالى " قل إن الأمر كله لله " سورة آل عمران ومن هنا يجب على المسلم أن يؤمن بالقدر خيره وشره حلوه ومره فالله سبحانه هو الخالق للخير والشر بما كسبت أيدى الناس فقدر الله يكشف لنا الحقائق من كسبنا نحن وذلك هو علم الله تعالى فينا ولكن علمه يكشف ولايرغم وإن كان الله تعالى أوجد الخير والشر بفعلنا ولكن لاينسب إليه الشر بحال فإذا أردت أن يدفع الله عنك الشر فلا تقل ياخالق الشر ولكن قل يا من بيده الخير إدفع عن الشر ولهذا كان من دعاء النبى صل الله عليه وسلم " اللهم إنى أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم " ( 1)

والإنسان مسير فى أمور لادخل له فيها مثل تفاوت العقول حسب نسبة الذكاء والغباء والمكان الذى يولد فيه وكذلك الذى يحيا فيه والأب والأم اللذَّين تولد منهما والموت والحياة والسعة والضيق كل ذلك ومثله لابد للإنسان فيه فالقدر هنا هو الذى يحكم ولا معقب لحكمه ولا راد لقضائه وكل هذه الأمور لامجال فيها لمحاسبة ولا لمؤاخذة قال تعالى وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون فالإنسان مجبور أن يأكل وأن يشرب وأن ينام إلى غير ذلك وأما مسألة التخير فهى تدخل فى إرادة الإنسان نفسه وكسبه وهو على نفسه بصيرة إما أن يفعل أو لايفعل فالإرادة مستقلة والله تعالى بريد القلب من الإنسان الذى يريد أن يؤمن قبل أن يذهب إليه بجسده قال تعالى فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر " سورة الكهف ( 2)

فلو كان الإنسان مجبورا دائما ما نسبت إليه هداية أو ضلال ومن الإيمان بالقدر أن تؤمن أن الله تعالى يسير هذا الكون من خلال سنن لايخرج عنها فالله الذى قال فى القرآن الكريم " وإن من شئ إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم وهى من آيات القدر هو الى قال " فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور " سورة الملك فإنزال الله للأرزاق وغيرها بقدره وقضائه ولكنه سبحانه جعل لها أسباب وهو السعى فى الأرض وطلب الرزق وهذه هر سنة الله وكذلك دخول الجنة والنار بقدره وقضائه ولكن جعل الله لهما سببا أهل الطاعة فى الجنة و أهل المعصية فى النار فما ذكر الله تعالى من هدايته لقوم وإضلاله للآخرين قائم على هذه السنن ونظام الأسباب والمسببات ففى سبب الإضلال يقول تعالى " يضل به كثيرا ويهدى به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين " سورة البقرة وبقول فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لايهدى القوم الفاسقين " سورة الصف ( 3)

فهاتان الأيتان تبين لنا أن الجزاء من جنس العمل من ضل فإنما يضل عليها ومن انحرف أزاغ الله تعالى قلبه والهداية كذلك جعل الله تعالى لها الأسباب قال تعالى والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين " سورة العنكبوت وقال تعالى ويهدى إليه من أناب " سورة الرعد فلما راى الله منه العزم والتصميم على الطاعة والعبادة وبذل الجهد للوصول إلى مرضاته وفقه وهداه وأحبه واصطفاه وكل ذلك داخل فى الأسباب والمسببات فهل بعد هذا الكلام يأتى أحدنا ويقول أنا مسير ولست مخير " أو يقول قدر الله على الضلال فما ذنى ؟؟ إن هذا لهو الإفك المبين وشبيه به كلام أهل الشرك عندما قالوا كما حكى عنهم القرآن " لو شاء الله ما أشركنا نحن ولا آباؤنا من قبل " سورة الأنعام وهل تتخاذل الأمة عن الأخذ بأسباب النهوض والعزة والنصر وما يجعلها فى قمة الريادة والرفعة وتحتج بتخلفها وترمى بشماعة ضعفها على القضاء والقدر " كل هذا الكلام من لعب الشيطان بالعقول ليخرجها عن الجادة والإيجابية " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه سلم ( 4)

الرضا بالقضاء :

_ أخرج ابن عساكر عن الحسن بن على رضى الله عنهما أنه قيل له إن أبا ذر رضى الله عنه يقول : الفقر أحب إلى من الغنى , والسقم أحب إلى من الصحة , فقال : رحم الله أبا ذر ؛ أما أنا فأقول : من اتكل على حسن اختيار الله له لم يتمن أنه فى غير الحالة التى اختار الله له , وهذا حد الوقوف على الرضا بما تصرف به القضاء " وأخرج أبو نعيم فى الحلية عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال : ما أحد من الناس يوم القيامة الا يتمنى أنه كان يأكل فى الدنيا قوتا وما يضر أحدكم على ما أصبح , وأمسى من الدنيا إلا أن تكون فى النفس حزازة , ولأن يعض أحدكم على جمرة حتى تطفأ خير من أن يقول لأمر قضاه الله : ليت هذا لم يكن " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من علامات الساعة :

قال : عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما _
إن من أشراط الساعة : أن يبسط القول , ويُخزن الفعل
ويُرفع الأشرار , ويوضع الأخيار , وأن تُقرأ المثناة
على رءوس الناس لاتغير .
قيل : وما المثناة ؟
قال : ما استكتب من غير كتاب الله .
قيل : فكيف بما جاء من حديث رسول الله صل الله عليه وسلم ؟
قال : ما أخذتموه عمن تأتمنونه على نفسه ودينه فاعقلوه , وعليكم
بالقرآن فتعلموه وعلموه أبنائكم , فإنكم عنه تسالون وبه تُجزون
وكفى به واعظا لمن عقل .
" وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

حلاوة الإيمان :

إن عموم الإيمان عند المعرفة به , أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقضاء خيره وشره حلوه ومره , وكما ورد عنه صل الله عليه وسلم :" الإيمان ما وقر فى القلب وصدقه العمل " فالإيمان الحق ليس كلمات تردد , ولايتمثل فى شكليات وحركات مجردة عن حقائقه وأركانه , حيث بين لنا القرآن نعيا على قوم قوله تعالى :" قالت الأعراب امنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولم يدخل الإيمان
فى قلوبكم وإن تطيعوا الله ورسوله لايلتكم من أعمالكم شيئا إن الله غفور رحيم "
سورة الحجرات الآية 14 ـ وفى الآية الكريمة زجر لمن يظهر الإيمان ومتابعة السنة وأعماله تشهد عكس ذلك , ومن ثم تأتى الآية التى بعدها لتوضح لنا حقيقة الإيمان الصادق ,

قال تعالى :" إنما المؤمنون الذين أمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله أولئك هم الصادقون " سورة الحجرات الآية 15 ـ
وقد جاءت الآيات فى القرآن الكريم تبرهن , على أن الإيمان الحق هو ما تمكن فى القلب وأصبح له لذة وحلاوة يحس بها المؤمن كما فى حديث أنس رضى الله عنه عن النبى صل الله عليه وسلم _ قال : ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما , وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله , وأن يكره أن يعود فى الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف فى النار " ويقول صل الله عليه وسلم :" ذاق طعم الإيمان من رضى بالله ربا , وبالإسلام دينا , وبمحمد صل الله عليه وسلم نبيا ورسولا " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم