محبة المسلم لأخيه

المتحابون فى ظل عرش الله يوم لاظل إلا ظله :

ولقد بلغ من حرص الإسلام على بقاء المحبة بين الناس , أن حذر من كل ما يتسبب فى ضياع هذا الحب مثل النميمة , وغيرها من الآفات التى تدعوا إلى الشحناء والعداوة , وأوجب الصلح بين الأخوة اذا نزغ الشيطان بينهم اننا فى زمان نحتاج فيه الى من يبث فينا روح الحب والمحبة وعن أنس بن مالك رضى الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ما تحابا اثنان فى الله تعالى الا كان أفضلهما أشدهما حبا لصاحبه " ورابطة الحب فى الله ليست شيئا ماديا وانما هى رابطة الإيمان التى هى لله وحده وما كان لله دام واتصل وما كان لغيره انقطع وانفصل ومن ذلك حديث السبعة الذين يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل الا ظله " رجلان تحابا فى الله اجتمع عليه وتفرقا عليه " حديث رواه البخاري ومسلم " وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

دعاء :

__اللهم اجعل شبابنا واخواننا دعاة ثورة بناءة تقوم على الحق والعدل تهدم مافى المجتمع من مظاهر التخلف والجهل والظلم وتبنى مجتمع متماسك متحاب لا تحقد فيه فئة على فئة ولا تعتدى فيه قلة منه على حقوق الكثرة الغالبة واجعلهم السنة الشعب الناطقة بالصدق المطالبة بحقوقه والمدافعة عن قضاياه حتى يرى فيهم الشعب اكرم من حمل لواء الاصلاح واصدق من خدم قضايا الجماهير واوعى من عالج مشكلات المجتمعات اللهم اجعل محمد صل الله عليه وسلم مربيهم فى الاخرين كما جعلته مربى اسلافهم فى الاولين وسلام على المرسلين والحمد الله رب العالمين " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

المسلم باذل عونه للآخرين :

_ ان الانسان اذا ما أصيب بتعب أو اشتكى من ألم فى عضوا من أعضاء جسمه أصيب بالتعب والسهر بقية أعضاء جسمه فكذلك الحال بالنسبة للمسلمين انهم جميعا كالجسد الواحد وكل فرد مهم يمثل عضوا من تلك الا عضاء وفى ذلك قوله صل الله عليه وسلم مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد اذا اشتكى منه عضوا تداعى له سلئر الاعضاء بالسهر والحمى رواه البخارى ان المسلم يلتزم حقوق الاخوة ويذل من العون ما يستطيع بمقتضى قبوله لتلك العلاقة لانه يعلم اتها دين يحاسب عليه وأمانة لابد من أدائها وفى ذلك قوله صل الله عليه وسلم المسلم أخو السلم لايظلمه ولايسلمه ومن كان فى حاجة أخيه كان الله فى حاجته ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله فى الدنيا والاخرة رواه البخارى وأبو داود وعنما يسعى المسلم فى تخفيف الضوئق وحل المشكلات فانه يعمل بذلك لنفسه ويمهد لها ويخفف عنها يوم الحساب قال تعالى انما نطعمكم لوجه الله لاتريد منكم جزاء ولا شكورا انا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا فوقهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا سورة الانسان وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الحب فى الله طريق الجنة :

_ ومما امتاز به الإسلام أنه جعل الحب فى الله من الإيمان وقد جعل دخول الجنة متوقفا على الإيمان وجعل الإيمان متوقفا على الحب بين المسلمين يقول النبى صل الله عليه وسلم من حديث أبى هريرة رضى الله تعالى عنه عن النبى صل الله عليه وسلم قال " لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا أو لا أدلكم على شئ إن فعلتموه تحببتم أفشوا السلام بينكم " رواه البخاري ومسلم وقد وعد الله تعالى المتحابين بوعود فى الآخرة ومنها أن المتحابين فى الله يظلهما الله تعالى فى ظل عرشه يوم لا ظل الا ظله _ وكذلك المتحابين فى الآخرة يأتنس بعضهم ببعض فى الجنة قال تعالى " الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو الا المتقين " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

محبة السلم لأخيه :

_ حث الاسلام أتباعه على أن تكون العلاقة فيما بينهم قائمة على المحبة والمودة وجعل لها من اسباب التعاطف والتألف , ما يدعمها ويساعد على قيامها وأساس ذلك إنما هو العقيدة الصحيحة والعمل الصالح , ومن منطلق الايمان والعمل تشيع المودة بين القلوب ويكون الحب والقبول فى قلوب الناس قال الله تعالى :" إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا " سورة مريم ومن حديث أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صل الله عليه وسلم قال :" إذا احب الله سبحانه وتعالى عبدا نادى جبريل ان الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه جبريل فينادى جبريل فى اهل السماء ان الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه اهل السماء ثم يوضع له القبول فى الارض " وفى سبيل دعم أواصر المحبة وروابطها , حرص الاسلام على أن تقوم بعيدة عن الأغراض الهابطة والأسباب الرخيصة , ولا يكون ذلك الا على اساس الاخلاص لله وحده ومن ثم يحس المسلم الصادق إيذاء هذه العلاقة الربانية بحلاوة الايمان (1)

ومن حديث انس رضى الله عنه عن النبى صل الله عليه وسلم :" ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الايمان أن يكون الله ورسوله احب اليه مما سواهما وان يحب المرء لايحبه الا لله وان يكره ان يعود فى الكفر بعد ان انقذه الله منه كما يكره ان يقذف فى النار" رواه مسلم وهذه المحبة واجبة على المسلم تجاه أخيه وليست تفضل ولا إمتنان ومن هنا اصبح أخوك جزء منك والعكس فلا تميز نفسك عنه ولا ترضى له بما هو أدنى وكمال الايمان أن تحب له ما تحب لنفسك وتكره له ما تكره لنفسك روى البخارى عنه صل الله عليه وسلم :" لايؤمن احدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه" وكلما كان المسلم صادق المشاعر والأخوة حريص على المودة والالفة بين الناس كان أفضل عند الله تبارك وتعالى من حديث أنس رضى الله عنه عنه صل الله عليه وسلم قال :" ما تحابا اثنان فى الله تعالى الا كان افضلهما اشدهما حبا لصاحبه "
( 2)

والمسلم الصادق يظل حبه لإخوانه ثابتا لايتغير لأنه قائم على الوفاء والإخلاص لله وحده ما كان لله دام واتصل وما كان لغيره إنقطع وإنفصل وعلى هذا فان الله تعالى قد رفع درجات المتحابين فيه لدرجة أنهم يكونون فى ظل الله يوم لا ظل لا ظله وياتى ضمن السبعة الذين يظلهم الله فى ظله ومن ذلك رجلان تحابا فى الله اجتمعا عليه وافترقا عليه وفى الحديث القدسى يقول الله تعالى يوم القيامة اين المتحابين بجلالى اليوم اظلهم فى ظلى يوم لا ظل الا ظلى ولسمو هذه العلاقة جعل الاسلام لها من الثواب والعطاء فى الآخرة ما يكشف عن ثمرة الاخلاص واستقامة القلب وسلامته " (3)

فعلاقة المحبة والمودة يجب أن تكون بعيدة عن العصبية والمحاباة فهى ليست من أجل أرحام تربطها ولا مديات تؤكدها بل هى الروحية الصافيه والمودة الصادقة فعن عمر رضى الله عنه قال قال رسول الله صل الله عليه وسلم ان من عباد الله اناسا ما هم بانبياء ولا شهداء يغبطهم الانبياء والشهداء يوم القيامة لمكانهم من الله قالوا يا رسول الله صفهم لنا ؟ قال هم قوم تحابوا بروح الله على غير ارحام بينهم ولا امول يتعاطونها فوالله ان وجوهم لنور وانهم لعلى منابر من نور لايخافون اذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس ويؤكد المسلم محبته لأخيه بالتعاون والتزاور فيظل موصولا بربه حتى فى علاقته مع إخوانه وفى الحديث القدسى :" وجبت محبتى للمتحابين فى والمتجالسين فى والمتزاورين فى والمتباذلين فى " رواه ابو داود وصل الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ( 4)

الإسلام يدعوا إلى المحبة :

جاء الإسلام بالمبادئ السليمة والأخلاق القويمة , لنشر رسالة الخير بين الناس ,
وخاصة بين المسلمين , حتى تسود بينهم روابط المحبة والتسامح والتآلف والبر والتعاون والتكافل والتراحم , ولقد شرع الإسلام لنا من الأسباب التى توصل إلى ذلك
منها : أداء الصلوات الخمس مع الجماعة فى المساجد , حيث يلتقى المسلمون عندها خمس مرات كل يوم فيتعارفون ويتألفون , ويتصفحون فيما بينهم , ثم يتسع الإجتماع فتكون صلاة الجمعة من كل أسبوع , يحصل لهم الإجتماع خلف خطيب واحد ويستمعون الخطبة والموعظة , ثم يكون لهم بعد ذلك فى الحج الأكبر دروسا فيجتمعون فى مؤتمر عالمى من جميع أقطار الأرض ليشهدوا منافع لهم

, ومن أسباب المحبة أيضا ما سنه الرسول صل الله عليه وسلم _ من سنن كإفشاء السلام بين المسلمين الذى يكون به الأمان والمحبة كما قال صل الله عليه وسلم :" لاتدخلوا الجنة حتى تؤمنوا , ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم على شئ إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم " رواه مسلم وكما فى حديث عمرو ابن العاص رضى الله عنهما أنه : صل الله عليه وسلم _ سئل :" أى الإسلام خير ؟ قال :" تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف " رواه البخارى ومسلم "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

قالوا :

ـ الذين لايعرفون معنى الحب لا يتألمون من عذاب الحرمان " فلنقارن بين ما أمرنا الله به من صور البر والمعروف والحب والألفة , وبين ما نراه فى هذا الزمان , من شتى صور الجحود ونكران الجميل , ومن صور الفرقة والبغضاء والكراهية . وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

بين الحب والبغض :

ـ يقول الإمام على كرم الله وجهه ورضى الله عنه ـ أحب حبيبك هونا ما , عسى أن يكون بغيضك يوما ما , وأبغض بغيضك هونا ما , عسى أن يكون حبيبك يوما ما " ويقول الله تعالى :" عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم " سورة الممتحنة الآية 7 ـ والمعنى : أن قلوب البشر بيد الله عز وجل يصرفها كيف يشاء يصبح الرجل مؤمنا ويمسى كافرا ويمسى مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض زائل من أعراض الدنيا وكما يزرع الله تعالى الإيمان به فى القلوب كذلك يضع القبول والمحبة أو البغضاء والكراهية ولهذا قال :" والله غفور رحيم " لمن لم يصر على المعاصى والكفر وتاب وأصلح وكل عداوة قد تنقلب إلى محبة إلا عداوة الشيطان وحزبه من شياطين الإنس والجن " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الحب في الله تعالى ثمرة الإيمان الصادق وأساس العقيدة الراسخة:

الإيمان بالله تعالى عقيدة راسخة تثمر في قلب المؤمن الهدوء والصفاء والسكينة ؛ قال الله تعالى: " ومن يؤمن بالله يهد قلبه " سورة التغابن: الآية 11ـ فالمسلم بسبب إيمانه واستقامته على طاعة الله سبحانه يهتدي، ويتأثر سلوكه بحب الله عز وجل ؛ فلا يصدر منه شر بقول أو فعل نحو أحد من الناس أبداً.قال الله تعالى:" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا , يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما " سورة الأحزاب: 70، 71. ـ فتقوى الله تعالى هي تدفع الإنسان إلى كل خلق كريم ، ومن حسن إيمانه زكت صفاته وحسنت أخلاقه وصفت نفسه حتى أصبح يُحب لغيره من الخير ما يحب لنفسه. كما في حديث أنس رضي الله عنه عليه أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال:" لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" متفق عليه.

ومن ثم تسمو هذه الصفة أعني بذلك صفة المحبة في نفس المسلم الحق حتى يسعد يفرح عندما يرأى الخير يصل إلى غيره من الناس، و كأن هذا الخير قد وصل إليه ووضع بين يديه .وهكذا ينبغي أن يكون قلب المؤمن, ينبغي أن يكون ساحة تسع كل الناس حباً ، ويتمنى أن ينفع كل أُحد من بني جنسه، وفي الحديث الصحيح يقول النبي صل الله عليه وسلم أنه قال : أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور يدخله على مسلم، أو يكشف عنه كربة ، أو يقضي عنه دينا ، أو يطرد عنه جوعا ، ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد " يعني : مسجد المدينة " شهرا." حسنه الألباني .ومن أجل ذلك جعل الإسلام من أهم مبادئ نظامه الاجتماعي أن يحرص كل فرد من أفراده على مصلحة غيره حرصه على مصلحته، وأن يحب للآخرين الخير الذي يحبه لنفسه، من حلول النعم وزوال النقم فلا يحسد ولا يحقد حبا في الله تعالى وأملاً في طلب رضاه, وكذا ينبغي أن تكون علاقتنا بغير علاقة حب وسلام ووئام . ". موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي محمود. وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.