المرأة فى التشريع الإسلامى ( ما لها وما عليها )

لا ظلم على المرأة ولا استبداد في الإسلام :

ليس في الإسلام مجال كي يظلم الرجل المرأة لان الرجل لا يحكم بهواه بل هو محكوم بشريعة الله عز وجل والمرأة كذلك محكومة بشريعة الله سبحانه وتحقيق الخير في المجتمع الإسلامي يتوقف على فقه الشريعة التي تحكم الرجل والمرأة ثم تنفيذ هذه الشريعة سواء رضي الطرفين أو لم يرضيا وفى ذلك قوله تعالى *وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ". - سورة البقرة وأما عن سبب تأخر المرأة والظلم الواقع عليها في ديار المسلمين ذلك إن الأوضاع التي نحياها بعيدة عن الإسلام في شئون الحياة في السياسة والاقتصاد والتعليم والاجتماع وبسب هذا البعد عن الإسلام نشأت أوضاع فاسدة إن الظلم الواقع على المرأة في مجتمعاتنا وبيوتنا كالظلم الواقع على الرجل سواء بسواء وليس سببه الإسلام الذي نؤمن به بل سببه البعد عن الإسلام ومحاولة فصل الدين عن الحياة " . وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة ( 1 )

عن مكانة المرأة في المجتمع الإسلامي :

وأما عن مكانة المرأة في المجتمع الإسلامي , فالذي يعايش المسلمين ويعرف الإسلام يدرك أن المرأة المسلمة تتبوأ المكانة العالية , مكانة تحفظ لها كرامتها , وتحفظ إنسانيتها , وتصون عفافها , والإسلام لا يعتبر المرأة جرثومة خبيثة كما اعتبرتها اليهودية والنصرانية , والإسلام جاء ليرفع الآصار والأغلال ويزيل الهوان الذي وصمت به الأديان المحرفة والتقاليد الفاسدة , الإسلام جاء ليقول إن المرأة خلقت من الرجل وان خلق المرأة نعمة ينبغي أن يحمد الرجال ربهم عليها , يقول تعالى :" ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون " . سورة الروم وقوله تعالى *يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رحالا كثيرا ونساء سورة النساء ". وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة (2 )

الرجل والمرأة

العلاقة بين الرجل والمرأة هى علاقة حرب ودية تجمع بين أمتع ما فى العداء من لذة الانتصار وأمتع ما فى الصداقة من لذة الألفة والمعاونة .

ومن كلام الحكماء  أربع من كنوز الجنة : كتمان المصيبة _ وكتمان الصدقة _ وكتمان الفاقة _ وكتمان الوجع _ وأربع من النساء فى الجنة : امرأة عفيفة ,طائعة لله ولزوجها وامرأة ولود صابرة وأخرى قانعة باليسير مع زوجها وامرأة ذات حياء إن غاب عنها زوجها حفظت نفسها وماله وإن حضر أمسكت لسانها عنه وثوابها كما يقول الرسول صل اله عليه وسلم يستغفر لها الطير فى الهواء والملائكة فى السماء وعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أن النبى صل الله عليه وسلم قال " أربع من أعطيهن فقد أعطى خير الدنيا والآخرة قلب شاكر , ولسان ذاكر وبدن على البلاء صابر , وزوجة لا تبغيه حوبا فى نفسها وماله " هكذا فلتكن النساء والرجال يستوعبون هذه الدر الغالية ويضعونها فى عقولهم ويرسمونها فى أنفسهم لتكون لهم مرآة صادقة تخطط لهم اتجاهاتهم وتصلح من شأنهم ومسار حياتهم وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ( 3 )

المرأة بين أحكام الإسلام والنشوز الفكرى :

من فضل الإسلام على المرأة :

كانت المرأة قبل الإسلام تمتهن كرامتها , وتكتسب بعرضها وتعيش على حساب أنوثتها , وتستهين بالعقاب فلما جاء الإسلام , حافظ على طهرها وشرفها وعفافها
ووضع عنها مهانة الجاهلية , وأخذ بيدها إلى مستوى الإنسانية وحدد لها رسالة تقوم بها فى الحياة , ولقد أعطى الإسلام للمرأة حقوقا لم تحظى بها فى أى شريعة من الشرائع , التى أنزلت من قبل ومن ذلك أن الإسلام , منحها حق الإختيار عند زواجها وحق ابداء رأيها ومشورتها , وحق استقلالها بذمتها المالية , وأباح لها مخالعة زوجها إذا تعذرت حياتها معه , " والمخالعة ـ من الخلع وهى تركها لزوجها الذى تكره على عِوض " ومنحها حق التعليم والثقافة وما قدر لها من كمال أدبى , وحق العمل والكسب عند حاجتها لذلك , فعمل المرأة فى الإسلام حاجة وضرورة , ولها حق الإشتراك فى بناء الدولة ونهضة الأمة , " ( 4)

وعندما أعطى الإسلام هذه الحقوق للمرأة أعطاها تكريما ما بعده تكريم , وهى أن تكون الجنة تحت أقدامها , فإن الإسلام قد سمح لها بذلك فى حدود ضوابط شرعية , لممارسة هذه الحقوق وحتى تلتزم المرأة التزاما كاملا بتعاليم دينها , وتشكر ربها على ما أولاها من نعم , وما أضفى عليها من فضل , وما أسبغ عليها من عوارف
لقد اهتم الرسول صل الله عليه وسلم ـ بالمرأة وعلم أن لها رسالة يجب أن تقوم بها
فجعل لها يوما فى الأسبوع يدرس لهن فيه العلم , وينبههن إلى أن اخلاص المرأة لزوجها يعدل جهاد الرجل فى سبيل الله , وبهذا التكريم كان للمرأة المسلمة الفخار
بما نالت من حظ عظيم , وكانت المرأة أنذاك وعلى مر التاريخ الإسلامى تحترم دينها , ولا تهرف بما لاتعرف , ولا تقحم نفسها فيما ليس من حقها , ولا تبدى رأيا يمس قدسية دينها , أو يقدح فى عقيدتها , أو يتعارض مع أحكام الإسلام العامة وثوابتة وأصوله , " (5)

ولذلك لم نسمع أن امرأة فى عصر الرسول صل الله عليه وسلم ـ وغيره من عصور الإسلام المتوالية , أن طالبت بأن تكون قوامة على الرجل , أو متساوية معه فى الميراث , ولم نسمع أن امرأة اعترضت على أحكام الزواج والطلاق ونادت بسن قوانين جديدة , تلبى لها رغبتها وأهوائها , وتخالف بذلك تعاليم الإسلام كما يحدث ونسمع به الأن , فى مجتمعاتنا الإسلامية والعربية , من بعض النساء الناشزات فكريا فقد ابتليت مجتمعاتنا المعاصرة , بنساء بلغن من الكبر عتيا
ومع ذلك لم يبلغن سن الرشد والفهم الصحيح لهذا الدين , لأنهن ناشزات فكريا وعقيمات اجتماعيا , ولاهيات لاغيات عن خدمة المجتمع , إذ لاهم لهن إلا الخروج على شرع الله , والمطالبة بتعديل أحكام الميراث , وهى من ثوابت الأحكام التى جاءت فى القرآن مما لايجوز فيها النقاش أو الإجتهاد , والمطالبة بإلغاء ما قاله الأئمة والفقهاء فى كتب الفقه , " (6)

ولايجدن حرجا من الحديث والمجاهرة بهذه الأراء المشبوهة والمفاهيم الممجوجة والتى لاتلقى قبولا عند جماهير المسلمين والمسلمات , ولو كان عندهن ذرة من حياء لاشتغلن بخدمة المجتمع بدلا من هذا الهراء , وما اكثر الأدوار التى
تستطيع المرأة أن تؤديها , وما أكثر الخدمات التى يمكن للمرأة أن تقوم , بها لو تفكرن فى ذلك ولتعلم هؤلاء النسوة النواشز فكريا , أن البيت لايقوم إلا على رجل وامرأة وليس على رجلين , والمرأة عندما تطالب أن تتساوى مع الرجل , فيما ليس من حقها , فإنما تطلب بالخروج على الفطرة , التى فطر الله عليها الذكر والأنثى
وإذا طالبت المرأة أن تتساوى فى الميراث , فإنما تطلب بتعديل المصحف الشريف
وهذه الأراء وتلك المطالب تجعل من تقول بها خارجة عن دائرة الإسلام وأحكامه العامة وقواعده الشرعية , لأنها بذلك تنكر ماهو معلوم من الدين بالضرورة , وما نص عليه القرآن الكريم والسنة المطهرة , إن كل من تعتقد هذا الأراء الشاذة عليها أن تجدد إيمانها وتسارع بالتوبة واللجوء إلى الله , ولتعلم مثل هذه النسوة أن نشوزهن الفكرى لن يغير من حقائق الإسلام شيئا , وأنه لاتبديل لكلمات الله " وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لامبدل لكلماته وهو السميع العليم " سورة الأنعام الآية 115 ـ  (7)

تصحيح مفاهيم :

المرأة فى الإسلام :

عندما جاء الإسلام كانت الأوضاع التى تعيش المرأة , فى ظلها أوضاعا سيئة فلم يكن لها حقوقا تحترم , أو رأى يُسمع فانتشلها من هذه الأوضاع المريبة , وأعلى مكانتها ورفع عنها الكثير من الظلم , الذى كانت تتعرض له وجعلها تشعر بكيانها
كانسان , مثل الرجل سواء بسوء , وضمن لها حقوقها المشروعة فى اطار رسالتها
وأسقط عنها تهمة اغواء آدم , فى الجنة بوصفها أصل الشر فى العالم كما أطلقوا عليها قبل الإسلام , وقد بين الإسلام من خلال أحكامه أن الشيطان هو الذى أغوى
سيدنا آدم وزوجه حواء معا , كما سجل القرآن ذلك فقال :" فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه " سورة البقرة الآية 26 ـ
إن عصيان آدم وزجه وهما فى الجنة كان ذلك من قبل التكليف , لابعده وأيضا لايُعد هذا عصيانا لأنه لم يتعمد المعصية , وقد وقع فيها عن نسيان والمؤاخذة عليها من باب حسنات الأبرار سيئات المقربين , ولذلك قال عنه ربه :" ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى " سورة طه , (

إن ما يروى من أن الشيطان دخل فى جوف حية ليصل إلى آدم , لا قيمة له سنداً ولا معنى , لذا لم يروى فى كتاب أو سنة , وهو من قبيل الإسرائيليات المدسوسة على ديننا الحنيف والتى
تحمل المرأة وحدها وزر الخطيئة الإولى , وما ترتب عليها من شقاء وعلى هذا , فالصلة بين الإنسان والشيطان معنوية , كصلة الإشعاع بما يشع عليه , فالشيطان يصل للإنسان بوساوسه , بحكم هذه الصلة كما يقول الرسول صل الله عليه وسلم ـ
:" إن الشيطان يجرى من ابن آدم مجرى الدم "
إن ما يروى على أنه حديث ولفظه : " لولا حواء لم تخن أنثى زوجها الدهر " وهو ليس بحديث وما خانت حواء آدم ولا أغرته بالأكل من الشجرة , وهذا من أكاذيب التوراة والقرآن صريح النص والدلالة وحاكم بأن آدم هو الذى عصى ربه , ومن هنا نعلم أن القول بتوريث خطيئة آدم , والتى يتناقلها الأحفاد عن الأجداد ما جاءت إلا من مزاعم مسيحة بولس والمسيح عليه السلام من برئ , والمسئولية فى القرآن فردية وهو ما يتفق وعدل الله سبحانه قال تعالى :" كل نفس بما كسبت رهينة " سورة المدثر الآية 8 ـ  إن هناك أناس دون فهم للقرآن والسنة ينقلون أفكاراً ما تقف عقبة أمام سير الدعوة الإسلامية " ( 9)

استوصوا بالنساء خيرا :

لقد جعل النبي صل الله عليه وسلم- يوصي بالنساء كما في الحديث فيقول: الصلاة الصلاة ، وما ملكت أيمانكم ,لا تكلفوهم ما لا يطيقون.الله الله في النساء فإنهن عوان في أيديكم- يعني أسراء- أخذتموهن بأمانة الله , واستحللتم فروجهن بكلمة الله". رواه مسلم إن الزوجة فراش زوجها , وموضع سره ، وأسيرة بيته ، إنها موطن المودة والرحمة التي قال الله عنها: " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون " سورة الروم: الآية 21, إنها موضع قضاء وطره , وعفاف نفسه ، وطاهية طعامه , وكانسة منزله ، ومنظفة ملابسه ، ومرتبة حاله ، ومربية أولاده ، فهل أدرك كل هذه الأبعاد؟ إن كثيراً من الأزواج لم يعد يأبه بزوجته فلم يتق الله في أهله ، ولم يرع العهود التي بينه وبين زوجه ، فيسيء تعاملها ، فيظلمها ، ويهينها ، ويضربها ، ويعمل على أذيتها كأنها عدو داخل بيته ،

فلنتق الله في زوجاتنا ولتكن معاملتنا معهن بالرفق واللين ، ومزيداً من حسن العشرة ، ولطف الكلام وطيب الحديث مع زوجاتنا , وحسن الخُلق في معاملة الأزواج لزوجاتهم لا يعني أن يتساهل الرجل في حق من حقوق الله تعالى وعليه أن لا يوافق هواها إذا جمح بها عن دائرة المعروف وأخرجها إلى دائرة المكروه والمحرم , بل عليه أن يقفل باب المنكرات في بيته فإنه مسئول عن ذلك وكذلك المرأة مسئولة عن نصح زوجها بالكلمة الطيبة والصبر الجميل .قال الله تعالى: " يا أيها الذين أمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة سورة التحريم: الآية 6 .وقال سبحانه وتعالى: " يا أيها الذين أمنوا إن من أزواجكم وأولادكم غدوا لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم , إنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم " سورة التغابن الآية 14 ـ 15 ـ ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين ، واجعلنا للمتقين إماماً ، اللهم استر نساءنا وبناتنا ، واحفظ شبابنا ، وردنا إلى الحق رداً جميلاً برحمتك يا أرحم الراحمين. " موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم