مواقف من حياة الرسول صل الله عليه وسلم :

مواقف من حياة الرسول صل الله عليه وسلم :

لقد أرسل الله سبحانه وتعالى رسوله صل الله عليه وسلم ـ رحمة وهداية لنا , وأمرنا أن نقتدى به فى أقواله , وفى أفعاله حتى نكون من السعداء فى الدنيا والآخرة قال تعالى :" لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً " سورة الأحزاب الآية 21 ـ

ومن مواقفه صل الله عليه وسلم :

تُظهر لنا هذه القصة موقفا من مواقف الشجاعة فى حياته عليه الصلاة والسلام ـ تعبر عن إحساسه بالمسئولية عن أهله وقومه وعشيرته .
وفى ليلة من ليالى الشتاء الباردة المظلمة , سمع المسلمون فى " المدينة المنورة " صياحا وضوضأ وحركة غير عادية , فظنوا أن الأعداء من المشركين واليهود يستعدون لمهاجمتهم , لأنهم كانوا يتوقعون منهم الغدر والخيانة دائما .
هب المسلمون جميعا من نومهم , واخذوا يعدون عدتهم بسرعة لمقاومة هؤلاء المعتدين , وكان جماعة من المسلمين قد أسرعوا فى شجاعة نحو مصدر الصوت , لمعرفة حقيقة الأمر .

وعندما اقتربت هذه الجماعة من مصدر الصوت , فوجئت بالنبى صل الله عليه وسلم ـ راجعا على فرسه , وسيفه فى يده الشريفة , وقال لهم حين رآهم : لن تراعوا , أى عودوا مطمئنين , لاخوف عليكم , فعادوا , وطمأنوا أهلهم فى المدينة , وعرف الناس بعد ذلك حقيقة الأمر , وهو أن جماعة من التجار قد وصلوا ليلا إلى المدينة , فأحدثوا هذا الصياح وهذه الضوضاء , وعندما سمع الرسول صل الله عليه وسلم ـ هذه الأصوات التى لم يعرف مصدرها لم ينتظر , ولم يرسل أحد من المسلمين لاستطلاع الخبر , ولم يصحب معه أحدا منهم , بل وثب مسرعا على ظهر فرسه , وليس معه إلا سيفه فى يده وانطلق نحو الصوت , فلما عرف الحقيقة عاد ليطمئن قومه وأهله .

وانظر أخا الإسلام كيف خرج الرسول صل الله عليه وسلم ـ وحده فى الليل المظلم
وهو أمر فى غاية الصعوبة والخطورة ؛؛ لأنه لا يعلم ما سوف يلاقى , وهذا يدلنا على مدى إهتمام المسئول عن رعيته , التى لابد أن يكون حريصا على حمايتها والدفاع عنها , من كل ما يُروعهم ويهدد أمنهم , ونأخذ من هذا الموقف لرسول الله صل الله عليه وسلم ـ درسا فى الشجاعة والشعور بواجب الدفاع عن الوطن من غير انتظار , ونأخذ أيضا من هذا الموقف أن الذى يؤمن بالله تعالى ـ حق الإيمان لايخاف أحدا غير الله , ومن المعلوم أن رسولنا صل الله عليه وسلم ـ كان من أشجع الناس قلبا , ومن أجود الناس يداً وسخاءً .

ولا ننسى لرسول الله صل الله عليه وسلم ـ قولته المشهورة , حين عرض عليه عمه أبو طالب ما طلبته منه قريش , وهو أن يعطوه كل ما يريد من مال وجاه , على أن يترك دينه الإسلامى , الذى يدعوا فيه إلى عبادة الله وحده , فلم يقبل , فاتجوه بعد ذلك إلى تهديده بأشد أنواع التهديد , إلى درجة القتل , لكن شجاعته صل الله عليه وسلم ـ لم تجعله يخف ولم يخضع لتهديدهم , كما لم يخضع قبل ذلك لإغرائهم له بالمال والجاه , وقال مقولته المشهورة هذه : " والله ياعم : لو وضعوا الشمس فى يمينى , والقمر فى يسارى , على أن أترك هذا الأمر " أى الدعوة إلى عبادة الله " ما تركته , حتى يظهره الله تعالى أو أهلِكَ دونه "

ومن هذا الموقف يوضح لنا كيف كان الرسول صل الله عليه وسلم ـ محبا لأصحابه قريبا منهم فى كل شئ , إلى درجة أنه كان يُشارك بعضهم فى شراء حاجتهم , وكان يبتسم فى وجوههم عند لقائه بهم , وكان يجلس فى وسطهم كأنه واحد منهم , ولم يتخذ لنفسه مكانا أحسن من أماكنهم , حتى كان من لايعرفه عندما يدخل يسال ويقول : أيكم رسول الله صل الله عليه وسلم ـ كما كان يخرج معهم فى رحلاتهم , ويشترك معهم فى إعداد الطعام , وإحضار الماء ... إلى غير ذلك وكتب السيرة تروى لنا أنه صل الله عليه وسلم خرج فى جماعة من أصحابه , فجاؤا بشاة . فقال : أحد الصحابة
على ذبحها , وقال : آخر , على سلخلها , وقال الثالث : على طبخها , فقال صل الله عليه وسلم وعلىَّ جمع الحطب , فقالوا يارسول الله نكفيك ذلك " أى نقوم نحن بهذا العمل , وكأنهم استكثروا ذلك على الرسول صل الله عليه وسلم ـ فرد عليهم صل الله عليه وسلم ـ قائلا : أعلم ما تقولون , ولكنى أكره أن أتميز عليكم .

وكذلك شارك رسول الله صل الله عليه وسلم ـ عندما هاجر إلى المدينة مع أصحابه فى بناء أول مسجد فى الإسلام , وهو مسجد قباء " فكان يحمل معهم التراب والحجر , وغير ذلك من الأعمال التى تستلزم عمليه البناء , حتى تم بناء المسجد .
وبعد : فهذه هى أخلاق رسول الله صل الله عليه وسلم ـ فى شجاعته , وفى تواضعه , وفى حبه للعمل , وفى حسن معاملته لأصحابه بصفة خاصة , ولقد صدق صل الله عليه وسلم حين قال :" إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " رواه الإمام مالك وغيره
. موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم