مفاهيم تربوية فى إصلاح النفس .

مفاهيم تربوية :

نصيحة :

ليعلم كل مسلم ومسلمة أن من أهم الواجبات بعد الإيمان بالله تعالى , هو اصلاح النفس وتزكيتها قال تعالى :" قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها " سورة الشمس
وتزكيتها إنما يكون بتطهيرها من الرذائل والمعاصى , وأول إصلاح يجب الإهتمام به سلامة العقيدة وقوة الإيمان وكمال اليقين فى الله تعالى .
وسلامة العقيدة هى المدخل الصحيح الذى يؤدى لتزكية النفس , ومن خلال ذلك يمكن الإنطلاق والإصلاح لكل شأن من شئون الحياة , قولا وفعلا وسلوكا ومعاملة
وهذا هو الدليل الصحيح والواقع المتطابق مع العقيد السليمة ,

قال تعالى :" الذين أمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون " سورة الأنعام ولما نزلت هذه الآية الكريمة اشتد ذلك على أصحاب النبى صل الله عليه وسلم ـ وقالوا يا رسول الله ما منا وإلا ويظلم نفسه " فقال صل الله عليه وسلم ـ ليس الظلم هنا بالذى ذهبتم إليه , ألم تقرءوا قول العبد الصالح لقمان رضى الله عنه :" إن الشرك لظلم عظم "

وهناك حوار آخر دار بين رسول الله صل الله عليه وسلم ـ وبين الصحابى الحارث بن مالك رضى الله عنه ـ يوضح لنا مدى الفهم العميق لنور الإيمان الصادق , والشعور برقابة الله تعالى كما يصوره موقف الحارث بن مالك رضى الله عنه ـ
فقد روى ابن عساكر عن أنس رضى الله عنه قال أن رسول الله صل الله عليه وسلم ـ
دخل المسجد والحارث بن مالك راقد فحركه برجله قال : ارفع رأسك ؛ فرفع رأسه , فقال بأبى أنت وأمى يا رسول الله ؛ فقال النبى صل الله عليه وسلم ـ كيف أصبحت يا حارثة بن مالك ؟ قال : أصبحت يارسول الله مؤمنا حقا , قال : إن لكل حق حقيقة
فما حقيقة ما تقول ؟ قال : عزفت نفسى عن الدنيا وأظمأت نهارى وأسهرت ليلى , وكأنى أنظر إلى عرش ربى بارزا , وكأنى أنظر إلى أهل الجنة فيها يتزاورون , وإلى أهل النار يتعادون ,

فقال : النبى صل الله عليه وسلم ـ :" أنت امرؤ نور الله قلبك , عرفت فالزم , ونودى يوما يا خيل الله اركبى ؛ فكان أول فارس ركب وأول فارس استشهد " فهذه أمثلة سطرت بأحرف من نور , تحمل لنا فى طياتها وعبارتها كل معانى الصفاء والنقاء والفهم السليم , والتصور للإيمان الحق , واليقين الراسخ والعقيدة الصحيحة , والميزان العادل , والنفس المطمئة التواقة إلى رحاب الله ,
المتطلعة إلى رضوانه وفضله وثوابه , وهذا ما يحتاجه كل مسلم وهو فى طريق لربه عز وجل ليقوم سلوكه , ويسلك الطريق الحق لتزكية نفسه . من فقه الاسلام للشيخ سامى . وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

اجلس بنا نؤمن ساعة :

يجب على كل مسلم أن ينظر إلى واقع حياته , ويحاسب نفسه من خلال ذلك , وأن يعلم أنه يوما سيقف بين يدى الله وحده قال تعالى :" وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً " سورة مريم 5 ـ وإن يومها لن يدرك توبة ولا أوبة وعنه صل الله عليه وسلم أنه قال :" عش ما شئت فإنك ميت , واعمل ما شئت فإنك مجزى به , وأحبب من شئت فإنك مفارقه , واعلم أن شرف المؤمن قيام الليل , وعزه استغناؤه عن الناس "
ويقول تعالى :" واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا " سورة الكهف الأية 28 ـ وهذا أمر من الله تعالى بالتزام الصبر مع هؤلاء من غير ملل ولا استعجال , فى صحبتهم ومجالستهم , لأن فيهم الخير , فوجهتهم إلى الله , لايبغون جاها ولا متاعا ولا انتفاعا , إنما يبغون وجه الله ويرجون مغفرته ورضاه .

ولنحذر الأمانى فإنها بضاعة الموتى , يقول الحسن البصرى رحمه الله تعالى مذكرا ومعلما ومحذرا من غلفة القلوب , وغلبة الأمانى والأحلام , :" هيهات هيهات أهلك الناس الأمانى , قول بلا عمل ومعرفة من غير صبر , وإيمان بلا يقين , مالى أرى رجالا ولا أرى عقولا , وأسمع حسيسا ولا أرى أنيسا , دخل القوم والله ثم خرجوا وعرفوا ثم أنكروا , وحرموا ثم استحلوا , إنما دين أحدكم لعقة على لسانه , إذا سئل أمؤمن أنت يوم الحساب ؟ قال نعم , كذب ومالك يوم الدين , إن من أخلاق المؤمن قوة فى دين , وإيمانا فى يقين , وعلما فى حلم , وحلما بعلم , وكيسا فى رفق , وتجملا فى فاقة , وقصدا فى غنى , وشفقة فى نفقة , ورحمة لمجهود , وعطاء فى الحقوق , وانصافا فى الإستقامة , ولا يحيف على من يبغض , ولا يقصر فى مساعدة من يحب , ولا يلمز ولا يغمز ولا يلغوا ولا يلهوا , ولا يلعب , ولا يمشى بالنميمة ولا يتبع ما ليس له , ولا يجحد الحق الذى عليه .

علينا أن ننظر إلى هذه الأخلاق المقتبسة من تعاليم ربنا وسنة نبينا صل الله عليه وسلم ـ ونعرض أنفسنا عليها عرضا من خلال قوله تعالى :" خذ الكتاب بقوة " سورة مريم وتغطى بذلك حياتك ومنهجك اليومى وتحافظ على ذلك , ولا نغفل عن تذكر الجنة والنار , وذكر الموت وقصر الحياة وأنها مهما طالت فهى فى زوال .
ولتظلنا رقابة الله عند كل عمل وفى كل حال قال تعالى :" يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور " سورة غافر وقوله :" يعلم السر وأخفى " سورة طه وقوله تعالى :" ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد " سورة ق فلنحرص على الإخلاص فى أعمالنا كلها , ولنسعى دائما لمجاهدة نفوسنا من وساوس الشيطان والتسميع بالأعمال والرياء , ولنحذر أعراض الناس , ولنحفظ ألسنتنا من ذكر سوأتهم والولوغ فى أعراضهم , وألا نخون ولا نكذب عليهم , ولننظف قلوبنا من الحقد والحسد والكبر والغرور , وسوء الظن والنفاق , وحب الثناء والمدح وحب الظهور .

وقد جاء أن ناسا مدحوا أبا بكر الصديق رضى الله عنه وهو من هو فقال : لهم :" الله أعلم بى من نفسى , وأنا أعلم بنفسى منكم , فأستغفر الله مما لاتعلمون , وأسأله ألا يؤخذنى بما يقولون " فانظر إلى نفسك هل يتطابق باطنك مع ظاهرك ؟ ومخبرك مع مظهرك ؟ ولنحذر التكلف فى خشوع الظاهر مع فراغ القلب من خشية الله وهذا يسمى فى لسان الشرع نفاقا , عافانا الله وإياك , وهذا الخشوع الأجوف كان سلفنا الصالح يستعذون منه كما روى عن عمر رضى الله عنه :" استعيذوا بالله تعالى من خشوع النفاق قالوا : وما خشوع النفاق , قالوا : وما خشوع النفاق ؟ قال : أن ترى الجسد خاشعا القلب ليس بخاشع "

يقول تعالى :" لقد أنزلنا إليكم كتابا فى ذكركم أفلا لاتعلقون " سورة الأنبياء آية 10ـ
هذه الأية الكريمة تقرر أن هذا الكتاب القرآن الكريم , زاد المسلمين وهو سبحانه وتعالى يذكر المؤمنين بنسبهم الحقيقى , وشرفهم ومكانتهم الذى به كيانهم وحياتهم
وقد قرأ الأحنف بن قيس رحمه الله تعالى " هذه الأية : وهو جالس يوما فانتبه وقال : على بالمصحف لألتمس ذكرى اليوم حتى أعلم من أنا ؟ ومن أشبه ؟ فنظر فى المصحف فمر بقوم " كانوا قليلا من الليل ما يهجعون , وبالأسحار هم يستغفرون , وفى أموالهم حق للسائل والمحروم " سورة الذريات الأية 17 ـ 19 ـ

ومر بقوم " تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون " سورة السجدة الأية 16 ـ ومر بقوم :" يبيتون لربهم سجدا وقياما " سورة الفرقان الأية 64 ـ ومر بقوم من :" الذين ينفقون فى السراء والضراء , والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس " سورة آل عمران الأية 134 ـ ومر بقوم :" يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون فى صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون " سورة الحشر الأية 9 ـ
ومر بقوم :" يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون , والذين استجابوا لربهم واقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون " سورة الشورى الآية 37 ـ 38 ـ

فوقف ثم قال :" اللهم لست أعرف نفسى ههنا "
ثم أخذ فى السبيل الآخر فمر بقوم :" إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون , ويقولون أئنا لتاركوا ألهتنا لشاعر مجنون " سورة الصفات الأية 35 ـ 36 ـ
ومر بقوم قيل فيهم :" وإذا ذكر الذين الله وحده اشمأزت قلوب الذين لايؤمنون بالآخرة , وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون " سورة الزمر الأية 45 ـ
ومر بقوم يقال لهم :" ما سلككم فى سقر , قالوا لم نك من المصلين , ولم نك نطعم المسكين , وكنا نخوض مع الخائضين , وكنا نكذب بيوم الدين حتى آتنا اليقين فما تنفعهم شفاعة الشافعين " سورة المدثر الأية 42 ـ 48 ـ

ثم توقف ثم قال :" اللهم إنى أبرأ إليك من هؤلاء " وظل يقلب أوراق المصحف ويلتمس لنفسه موقفا ومثلا حتى وقع على هذه الأية :" وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم , إن الله غفور رحيم " سورة التوبة الأية 102 ـ فقال : " اللهم هؤلاء " ثم قال تعالوا نذكر ذكراً فى القرآن بأمانة ودقة وجد وعزم .

إن القرآن يقرن من خلال توجيهاته ووصاياه وأمره ونهيه بين بين الترغيب والترهيب , ويأتى بوصف الصالحين والمنحرفين , ويتحدث عن الجماعات كما يتحدث عن الأفراد فيقول :" ومن الناس من يعجبك قوله فى الحياة الدنيا وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى فى الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد , وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد " سورة البقرة الأية 204 ـ و206 ـ ويتحدث عن الجماعة بقوله تعالى :" يا أيها الذين أمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتى الله بقوم يحبوهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين , يُجاهدون فى سبيل الله ولا يخافون لومة لائم , ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم " سورة المائدة الأية 54 ـ

فهل من عودة حميدة إلى كتاب الله وسنة رسوله صل الله عليه وسلم ـ ولنسترجع معا تاريخ الذين نزل فيهم القرآن الكريم , وتربوا على مائدة الحديث النبوى الشريف
وهم يقولون ويعملون ورضى الله عن سيدنا عمر بن الخطاب حين قال لأصحابه موجها ومرشداً لم ينبغى أن يكونوا عليه ويردد قول الله تعالى :" كنتم خير أمة أخرجت , للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله " سورة آل عمران الأية 110 ـ ثم قال من أراد أن يكون من أهل هذه الأية فلؤد شرط الله تعالى فيها " فهل من مدكر . . من فقه الاسلام للشيخ سامى . وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من مفاهيم الإسلام التربوية:

بين الأخلاق الإسلامية ...والقيم الإنسانية ...وتربية النفس.
لقد جاء الإسلام بمنهج شامل لكل نواح حياتنا لا يغادرصغيرة كانت أو كبيرة ،وقد راعى من خلال تشريعاته وأحكامه وقواعده من جملة ماراعاه موضوع النفس البشرية التي استخلفها الله في أرضه،والأخذ بها من أوحال الرذائل والضلال والضياع والتخلف إلى صراط الله المستقيم ، وإلي العبودية الحقة لله رب العالمين ,وإلى الراحة والسعادة في الدنيا والآخرة .ومن ثم كان من الثابت ديناً وواقعاً أنه لا يمكن لأي إنسان أن يعيش من غير قيم أو أن يحي من غير أخلاق, لأن ضياع أخلاق الفرد يساوي انهيار المجتمع وسقوطه , فإذا صلح الفرد صلح المجتمع , وإذا فسد الفرد فسد المجتمع , وكما قال الشاعر :
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت ... فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا .

ولذلك نحن نري أن هناك تغيرات كثيرة في أخلاق الناس, نتيجة عادات نشأ الناس عليها أو كانوا ينشأون عليها, فأصبح التمسك بهذه الأخلاقيات صعبا لأسباب عدة منها ضعف الإيمان وهو الذي يؤدي إلي عدم الانضباط , كما يرجع هذا أيضا إلي قلة تناول مسألة الأخلاق في المناهج التعليمية أو في الأواسط الاجتماعية نتيجة ما أصاب الأسرة نفسها من تفكك نتيجة انشغالها عن تربية الأبناء التربية الصالحة, كما أنه قد لا يوجد في نفوس الآباء النموذج التعليمي الذي يقتدي به. ولقد حرص الإسلام علي القيم التي دعا إلي وجودها وفرضها مثل العدل والتعاون والصدق والأمانة.. الخ وأن تطبق واقعيا في حياتنا الملموسة حتى يتحقق الإسلام كاملا في حياتنا من منظور أخلاقيات التي قال عنها رسول الله صل الله عليه وسلم:" إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" رواه الإمام مالك في الموطأ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه,

فالتمسك بالأخلاق يدل دلالة واضحة علي شدة ارتباطها بصميم الإسلام, فالإيمان لن يكتمل إلا بها.. وبالتطبيق الذي يحقق للناس اقتناعا وحضورا في أذهانهم وضرورة الاهتمام بها وبثها في النطاق الاجتماعي وإذا اتضحت هذه القيم وآثارها فإننا بذلك نستطيع أن نرد علي أي شبهة توجه نحو احترام الإسلام للإنسان ومن خلال ذلك لا يمكن الشك مثلا في العدل في الإسلام حيث إننا نعلم أن الله هو العدل وأن الله حرم الظلم وأنه أنزل الأنبياء بما معهم من كتب لذلك, وبذلك نقول إن الظلم الذي يتعرض له الإنسان لا يجب أن ينسب إلي الإسلام وإنما إلي من يسيئون فهم الإسلام. ". موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

التغير إلي الأحسن أو الأفضل:

ليس فقط التغير المطلوب من الناحية الدينية أو الدنيوية بل كلاهما معا , وسنة الله تعالى لا تسمح للقادر على العمل وبلوغ الكمال المادي والروحي ثم هو يؤثر الفراغ والكسل ويتبع هواه,قال تعالى :" إن الله لا يُغير ما بقوم حتى يُغيروا ما بأنفسهم " سورة الرعد الآية 11ـ وعبادة الله عز وجل من أفضل الأعمال التي تساعد الإنسان على التغير للأحسن فهي تمحو ما في النفس من أمراض ، وتبعث الأمل على الاستمرار والبحث حتى الوصول للأفضل والنجاة بالوصول إلى رب غفور، وجنة عرضها كعرض السموات والأرض، وكلمة الأحسن أو الأفضل كلمة لها صداها العميق بالنفس فكلنا نحلم أن نكون الأفضل في كل شيء ، في المسكن ، والمأكل ، والملبس ، ونسعى للأفضل في العمل والحياة ، فما أحوجنا لمعرفة الوصول للأفضل في هذه الأيام التي وصل بها العلم إلى بما حققته القدماء من بني البشر، فمن سهوله العيش والرغد نحن نعيش بأفضل المقتنيات لكن دون تحقيق الأفضل بالمضمون حتى نسمو بشرف الاعتزاز، فنحن نريد الأفضل بما نمتلك ، قد نحصل عليه كهدية ، أو قد يكون ميراث الأجداد والآباء وهذا ليس قبيحاً ، ولكن الأفضل ما تسعى إليه أنت وتحققه بنفسك.

إن ما حققه الغرب الآن ما هو إلا حصيلة الأفضل للعمل ، وفي المقابل هذا ميراث آبائنا الذي ضيعناه ، فلو أن كل فرد منا كمجتمع مسلم علم في نفسه ما يريد وحلم بشيء يحبه وعشقه وسعى إليه لما وصل الحال بنا إلى ما وصلنا إليه، فمعرفة الفرد لنفسه وتصور حلمه الأول، وتحديد ما يريد هي الخطوة الأولى في سلم النجاح. تغيير حياتك للأفضل عليك أن تحرص على ترتيب أحلامك حسب أولويتها وأهميتها، ثمّ تحديد خطوات السعي إليها؛ وتحقيق الحلم يحتاج منك إلى أن تثق بنفسك ثقة كاملة أنّك قادر على تحقيقه على قدر حبّك لهذا الحلم، ولكن هذا يحتاج منك إلى مجهود، وصرف، وطاقة، والتزام، ومثابرة للوصول إلى ما تريد. لا تنسى أن هذا الطريق محفوف بالكثير من المخاطر، وستجد كثيراً ممّن حولك ممّن يحاول أن يثبطك عن تحقيق الحلم ، وقد يكون ذلك لسلبية من حولك فابتعد عنهم وحاول الاقتراب إلى من يساعدك ويقف بجانبك ومن يقودك ويسهل عليك الطريق،

,كما أن نفسك أحياناً تكون خطراً عليك لأن المتابعة والمجهود المستمر يقاومها الكسل والتعب، قاوم هذا الشعور وادعم نفسك بتخيّل تحقيق الحلم؛ فما أجمل سعادة النفس حين الوصول إليها؛ ولا تنسَ أن بعد الحلم الصغير حلم أكبر منه، ولا ننسى قول الله تعالى في محكم كتابه: " أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى"، أي سنصل يوماً إلى الهدف والحلم ، فيجب أن نعلو ونسمو بأحلامنا حتى نرتقي بالمجتمع وبمن نحب، حتى نبدع ونرتقي ونتميّز بمواهبنا.
إن معرفة الإنسان لنفسه وتصوره لما يُقدم من أعمال ، وتحديده لما يريد هي الخطوة الأولى في سلم نجاحه وتميزه.لكن اعلم أن نفسك قد تكون خطر عليك لأن المتابعة والمجهود المستمر يقاومه الكسل والتعب والله سبحانه يقول: " أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى"سورة آل عمران الآية 195ـ ولهذا ينبغي على الإنسان أن يسمو بنفسه ويرتقي بأعماله حتى يبدع ويتميز بمواهبه . والمسلم الذي يرغب في نيل رضا ربه عز وجل دائما يسعى بكل ما أوتي من قوة لفعل ما أمر الله تعالى به واجتناب ما نهي عنه ويجعل عمله و أقواله بل حياته كلها و مماته لله رب العالمين.

وحين خلق الله سبحانه و تعالى الإنسان جعل فيه من النوازع و الشهوات ، و زرع فيه حب متاع الدنيا الزائل ، فالله سبحانه و تعالى يعلم ضعف عباده ، و يعلم ما تعهد به الشيطان من غواية بني آدم ، ولهذا رتب الله سبحانه و تعالى الجوائز للصابرين الذين يرجون رحمة الله و رضوانه فيعملون الصالحات و يجتنبون المنكرات ، فالمسلم الموحد الذي يرغب في نيل رضا ربه يسعى لذلك بكل ما أوتي من قوةٍ ، و يجعل عمله و أقواله بل حياته و مماته لله رب العالمين ، قال تعالى :" قل عن صلاتي ونسكى ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين " سورة الأنعام الآية 162 ـ و لا ريب أن ذلك يحتاج إلى تثبيت المولى جل و علا لقلوب المسلمين على الطريق المستقيم ، فالقلوب متغيّرةٌ متقلّبةٌ يقلّبها الرّحمن حيث يشاء ، و قد بين الله سبحانه أنه يثبت الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا و في الآخرة ،

، فالتثبيت على الخير و الصلاح مطلوبٌ بل هو غاية المسلم في هذه الحياة الدّنيا ، و إن أي تغييرٍ يسعى إليه المسلم و ينشده هو التّغيير الذي يطرأ على حياته و يؤدّي به إلى الأفضل و يؤدّي به إلى النجاح و الفلاح في الدّنيا و الآخرة . فمن وسائل تغيير الإنسان لحياته نحو الأفضل هو إتباع منهجٍ واضحٍ في الحياة ، فالمسلم الفطن الذّكي على بصيرةٍ من أمره دائماً ، فتراه في العبادات يسعى للاستزادة منها بل و تأديتها في صورةٍ أفضل و أكمل ، فكلما تقرب العبد إلى ربه بالنوافل و الطّاعات كلما أحبه الله عز وجل و قربه إليه فيشعر حينئذٍ بالدنيا و قد حيزت إليه و يشعر بالرحمة و السكينة و الاطمئنان من لدن الله عز و جل ، و كذلك يحرص المسلم على تأدية صلاته في خشوعٍ و طمأنينةٍ لأنّه بذلك تتوثّق صلته بربه و يجني مقاصد العبادة و آثارها في النّفس و الجسد و المال .

. و إن الإنسان المسلم كذلك مأمورٌ بالسّعي في الحياة الدنيا لتحصيل منافعها و تحقيق مصالحه و تأمين قوت عياله ، و النجاح في عمل الإنسان مطلوبٌ بل و إن إتقان الإنسان لعمله لهو من أسباب نيل محبة الله سبحانه و رضاه ، و الإتقان في العمل يستلزم السعي نحو التغيير دائماً لتحقيق الأفضل في الحياة .إن تغيير حياة الإنسان من حال إلى أفضل منها مطلوبٌ في ديننا الإسلامي لأن الله سبحانه و تعالى سوف يطلع على أعمالنا و أحوالنا ، قال تعالى :" و قل اعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله والمؤمنون " . سورة التوبة . " . موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم