كيف عالج الإسلام الفقر

كيف عالج الإسلام الفقر

الإسلام يرى فى الفقر خطرا على العقيدة , وخطرا على الأخلاق والسلوك , خطرا على الفكر الإنسانى , وخطرا على المجتمع واستقراره وينكر الإسلام الإقتصار على الإحسان الفردى , والصدقات التطوعية كما ينكر اعتبار الغنى هو المالك الحقيقى لماله وثروته وهو صاحبالحق الأول والأخير فيه , ويرى الإسلام أن المال مال الله , وأن الغنى مستخلف فيه وأمين عليه وبعبارة أخرى هو نائب عن المالك الحقيقى فى رعايته وتنميته وتصريفه وفقا لأوامره ومرضاته , قال تعالى " وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه " سورة الحديد الآية 7_ وقوله تعالى " وآتوهم من مال الله الذى آتاكم " سورة النور الآية 33_ وقال تعالى " وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتى أحدكم الموت " سورة المنافقون الآية 10_ ومن ثم فإن الله تعالى خالق الإنسان وخالق المال وخالق الكون كله على الأغنياء حقا معلوما فى أموال الله الذى آتاهم ولا يكتفى الإسلام بمجرد الوعظ والترغيب والترهيب , فهذا وحده لا يكفى , إذا قست القلوب وتبدلت الضمائر وتبلدت الأحاسيس وضعف الإيمان ولكن الإسلام يضم إلى ذلك تدخل الدولة باسم الشرع لتأخذ من الأغنياء وترد على الفقراء فمن امتنع أن يخضع لقانون الله قوتل على ذلك حتى ينقاد للحق طوعا أو كرها " وقرر لفقهاء أن فى المال حق سوى الزكاة على الأغنياء القادرين فى كل بلد حتى يكتفى فقراؤه وتسد حاجتهم الأصلية بحيث تتحقق للفقراء ثلاثة أمور منها : 1_ الغذاء الكافى الذى يحتاج إليه الجسم ليحيا صحيحا قادرا 2_ الملابس المناسب الساتر للعورة الواقى من الحر والبرد وللصيف والشتاء 3_ المسكن الملائم الذى يقى من القيظ والمطر وعيون المارة يقول النبى صل الله على وسلم " ليس بمؤمن من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم " رواه الطبرانى والبيهقى واسناده حسن وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

كراهية الإسلام للفقر :

_ مما لاشك فيه أن للقفر تأثيرا سلبيا على سلوك الآخرين وأفكارهم وأخلاقهم , وقد يستغل أعداء الله والإسلام والمسلمين حاجة غيرهم لبث سمومهم وأفكارهم الخبيثة , وتحويل المسلم عن عقيدته , وهذا هو أكبردليل على خطر الفقر ولهذا نجد الرسول صل الله عليه وسلم _ يستعيذ بالله من الفقر فيقول :" اللهم إنى أعوذ بك من الكفر والفقر , اللهم إنى أعوذ بك من عذاب القبر لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك " رواه أبو داود وكان يقول صل الله عليه وسلم " اللهم إنى أعوذ بك من الفقر والقلة والذلة , وأعوذ بك من أن أظلم أو أظلم " رواه أبو داود ويقول عمر رضى الله عنه " لو كان الفقر رجلا لقتلته " ولقد من الله تعالى على أهل مكة عندما دعاهم لعبادته وهو يذكرهم بإطعامهم من جوع وتأمينهم من خوف قال تعالى " لايلاف قريش ايلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذى أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ". موقع من فقه الإسلام للشيخ سامى  ـ  وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

فى التكافل الإجتماعى إحسان للفقراء وعطف على اليتامى والمساكين
وفضل الإنفاق فى سبيل الله

قال تعالى " مثل الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله كمثل , حبة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة , والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم , الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله , ثم لايتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولاخوف عليهم ولاهم يحزنون , قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى , والله غنى حميد " سورة البقرة من الآية 261_ إلى 263_
الإسلام من مبادئه أنه يدعوا إلى السلام والإستقرار والأمن والأمان بين أفراد المجتمع ,وقد حرص الإسلام على بناء دولة قوية ,وتربية أفراد هذه الدولة تربية قويمة تكفل لهم النجاح والرقى ولايتحقق ذلك إلا فى ظلال من الإخوة الصادقة والمحبة والألفة , والتعاون البناء , وفى المجتمع الفاضل كل فرد فيه يعلم أن عليه مسئووليات موزعة تجاه نفسه أولا كفرد , وكذلك تجاه الآخرين فى مجتمعه الذى

يعيش فيه , والمسلم مطالب أن يعمل على قدر طاقته لا على قدر حاجته , ليستطيع أن يعول نفسه ومن تلزمه نفقته ,ثم هو بعد ذلك يتجه بالإنفاق على كل ضعيف , لايستطيع العمل أو ممن لايجد ما يكفيه من الفقراء والمساكين واليتامى والأرامل , وغيرهم سواء كان الإنفاق مفروضا كالزكاة , أو من الكفارات ( كاكفارات الأيمان والظهار وغيرها ) أو كان نافلة كالصدقة , والرسول صل الله عليه وسلم يحكى لنا موقفا عن تراحم الأشعرين وايثارهم والأشعرين ( نسبة الى أشعر قبيلة من اليمن )
من حديث أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه _ قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم : " إن الأشعرين إذا أرملوا فى الغزو , أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم فى ثوب واحد , ثم إقتسموه بينهم فى إناء واحد بالسوية فهم منهم وأنا منهم " ومعنى أرملوا ( أى فنى زادهم , وأصله الرمل من القلة , كما قيل : ترب الرجل إذا افتقر كأنه لصق بالتراب , فهم منى يعنى متصلون بى , لأنهم يفعلون ما أحب " وهذا الحديث يشير لنا فيه الرسول صل الله عليه وسلم " إلى سلوك اجتماعى محبوب لدى الأشعرين وهو تكافلهم وتكاتفهم فى وقت الشدة والمجاعة , عل أن أوقات الشدة مظنة الأنانية , وايثار النفس بالموجود والحرص عليه وعدم الإلتفات إلى حاجة الغير وماهم فيه من فقر .

ولقد كان الأشعريون إذا قل زادهم فى الحرب وهم بعيدون عن المدينة , أعطى كل ما عنده من زاد وطعام , ليكون ملكا للجماعة ومشتركين فيه ومتساوين فى نصيبهم منه , ولم يكن هذا السلوك مقتصر على وقت الشدة فى الحروب , بل كان ذلك خلقهم وهم مقيمون فى المدينة أيضا ومستقرون , بين عيالهم فكانوا إذا دهمتهم مجاعة , جمعوا ما عندهم من أقوات ووزعوها بينهم دون مفاضلة لأحد على أحد , وذلك هو الخلق الذى يحبه رسول الله صل الله عليه وسلم , ويطلبه ممن يريد أن يصبح متصلا به , مؤمنا بمبادئه مهتديا بهديه , حتى يصبح من الرسول صل الله عليه وسلم والرسول منه .

شرح الآيات وما جاء فى فضل الإنفاق

والآيات التى معنا تصور عظيم ثواب , الإنفاق الخالص لوجه الله والبعيد عن المن والأذى , بصورة حسية مألوفة ملموسة , ومما يجب على كل مسلم أن يحرص على الإنفاق فى وجوه الخير والبر , ومن ذلك الإنفاق على طلبة العلم لمواصلة تعليمهم , أو مريضا على نفقات مرضه , أو فقيرا صاحب حاجة يسد حاجته أو فى بناء المساجد والمدارس والمستشفيات وغيرها , والنفقة فى سبيل الله ينميها الله تعالى , كبذرة وضعت فى أرض خصبة يمدها الله تعالى بالنماء والعطاء , ويحميها من الآفات , حتى تعطى عطاء مضاعفا " كسبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة فالصدقة الواحدة يضاعف الله حسناتها للمتصدق إلى سبع مائة ضعف , والله يضاعف لمن يشاء , والله تعالى واسع الفضل عظيم الخير , يعطى الثواب المضاعف لمن يعلم أنه أهل لذلك بإخلاصه وتقواه , وكمال أخلاقه , من حيث ترفق بمن تصدق عليه , فجنب صدقته المن الذى يجرح المتصدق عليه , والأذى الذى يحط من قدره , وذلك لأن إيمانه يقوده بوعى إلى التكافل والتعاون , ويحفظه من التعدى والتطاول , لأنه يؤمن أن المنفق عليه صاحب حق , وأن ثواب الإنفاق فى سبيل الله يطهر المنفق ويضاعف ماله , والإسلام يعلم المسلم أدب الإنفاق , وأنه إذا طرق بابه صاحب حاجة , أو قابله فى طريقه ولم يكن معه ما يتصدق به , فعليه أن يحفظ كرامة أخيه المسلم , بأن يرده بعبارة كريمة مؤدبة لطيفة , فإذا صدر من صاحب الحاجة , ما يغضبه فإنه يطلب من الله أن يغفر له , ويعينه على قضاء حاجته , فإن فعل ذلك كان ثوابه عند الله عظيما , وخيرا من صدقة تشوه بالمن والأذى , وتستوجب العقوبة من الله "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة (1)

الإسلام يحث على العمل

عن أبى عبد الله الزبير بن العوام رضى الله عنه _ أن النبى صل الله عليه وسلم قال : " لأن ياخذ أحدكم حبله ثم يأتى الجبل , فيأتى بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها فيكف الله بها وجهه خيرا له من أن يسأل الناس أعطوه أم منعوه " رواه البخارى

الإسلام يحض على العمل ويحث أتباعه عليه ويحترم العامل ويقدره ويدعوا إلى إتقان العمل , لأن التنمية فى جميع نواحيها تقوم على أساسه , كما كره الإسلام البطالة فى شتى أشكالها فيحارب الباطلين والقاعدين عن العمل , لأنهم فقدوا عزتهم وكرامتهم قال تعالى " ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين " سورة المنافقون الآية (
وكان سيدنا عمر يطارد القاعدين عن العمل ويقول " إنى لأبغض الرجل الفارغ من العمل لا هو فى عمل الدنيا ولا فى عمل الآخرة " وكان يدعوا رضى الله عنه إلى الأخذ بالأسباب مع التوكل على الله بقوله " إن السماء لاتمطر ذهبا ولا فضة "

وفى هذا الحديث الشريف يشجع الرسول صل الله عليه وسلم أتباعه على العمل أيا كان نوعه ما دام يأتى العمل فى إطار المباح , فيدعوا إلى اكتساب حرفة حتى ولو كانت بسيطة , كأن يجمع حزمة من حطب فيبيعها لينفق من ثمنها فيسد حاجته ويصون وجهه عن الإستجداء , فلا يعرض نفسه لمذلة , الإعطاء حينا والمنع أحيانا كثيرة , إن العمل أساس فى حياة الفرد لأنه يوفر له حاجاته , ويحفظ كرامته ويهيئ له ومن يعوله مستوى كريما من العيش , كما هو أساس المجتمع , لأن ثروة الأمة هى فى انتاج عمل أفرادها ولا سبيل لزيادة الإنتاج إلا بالعمل فى مجالات العمل المختلفة من زراعة وصناعة وتجارة وتعمير وتعليم وغير ذلك من مجالات الإستثمار التى فيها نفع البلاد والعباد قال تعالى " وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون " سورة التوبة الآية 105_
وأما المتواكلين والقاعدين عن طلب الرزق فإنها حالة تجعل المرء عالة على حساب المجتمع ومثله كالأعشاب الضارة التى تمتص غذائها لتهلك النبات النافع والكائن الحى قال تعالى " ولاتبغ الفساد فى الأرض والله لايحب المفسدين " القصص
والإسلام يطلب من المسلم فى أن يحترف حرفة تعينه على إشباع حاجاته , وتحميه من ذل السؤال وتؤمنه من الفاقة والعوز , ولهذا نجد الرسول صل الله يدعوا أصحابه إلى الإحتراف فيقول : " إن الله يحب المؤمن المحترف " رواه البخارى
ويقول صل الله عليه وسلم :" من أمسى كالا من عمل يده , أمسى مغفورا له " رواه الطبرانى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

أفضل الكسب من عمل اليد

عن المقدام _ رضى الله تعالى عنه _ أن النبى صل الله عليه وسلم قال : " ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده , وإن نبى الله داود كان يأكل من عمل يده " رواه البخارى
وفى الحديث النبوى الشريف توجيه للمسلم أن يجتهد فى طلب قوته وكيف يحص عليه , ويؤكد الإسلام أن أطيب كسب يحصل عليه المسلم ما جاء عن طرق عمله وسعيه فيه , حتى لاتنزل به مذلة السؤال , ولا يقصر فى عمله الذى يقوم به , فيصبح عالة على غيره ويعيش على هامش الحياة .
والرسول الكريم صل الله عليه وسلم فى هذا الحديث ,يبين لنا أن العيش الشريف من عمل الإنسان لايعدله عيش من عمل آخر , فما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده وفكره وجده , فى هذه الحياة حيث يشعر بلذة العمل واجتهاده فيه

وإن نبى الله داود كان يأكل من عمل يده , حيث كان يعمل حدادا ورسولنا محمد صل الله عليه وسلم وهو القدوة الطيبة قد اشتغل برعى الغنم وبالتجارة , كما كان أصحابه مثلا عليا , للعمل والكفاح فى سبيل لقمة العيش وعندما هاجروا إلى المدينة وآخى بينهم وبين إخوانهم الأنصار لم يقعد واحد منهم عن العمل , وإنما ذهبوا إلى السوق فتاجروا وربحوا وعاشوا فى عزة وكرامة قال تعالى " هو الذى جعل لكم الأرض ذلولا فامشور فى مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور " سورة الملك الآية 15_
إن الإسلام يحارب البطالة تحت ستار من الفهم الخاطئ , لمعنى الدين , ولقد دخل رسول الله صل الله عليه وسلم – ذات يوم المسجد فوجد رجلا , قد ترك العمل وتفرغ للعبادة فقال لأصحابه , من ينفق عليه فقالوا , أخوه ينفق عليه فقال أخوه أعبد منه , وسيدنا عمر رضى الله عنه مر برجل يجلس على قارعة الطريق وهو يقول اللهم أرزقنى , فضربه بدرته وقال : لايقعد أحدكم عن طلب الرزق وهو يقول : اللهم أرزقنى وقد علم أن السماء لاتمطر ذهبا ولا فضة , وإنما يرزق الله الناس بعضهم من بعض "
إن الإسلام لايرضى لأتباعه إلا العيش فى كرامة , وهو يرفض لهم هذا الخلق الذميم , خلق الكسل والدعة والإستكانة خلق التسول والمذلة والمهانة "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

كيف يحقق المسلم العزة لنفسه
أولا:
قال تعالى " من كان يريد العزة فلله العزة جميعا " سورة فاطر الآية 10_
عزة المسلم تتحقق باتباع أوامر الله العزيز , واجتناب نواهيه وتطبيق أحكامه وشرائعه قال تعالى ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولاتتبع أهواء الذين لايعلمون إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وأن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولى المتقين " سوة الجاثية الآية 18_
وفى أداء المسلم للعبادات تغرس فى نفسه وقلبه  أسمى معانى العزة ففى الصلاة لايفتر لسان المسلم عن ذكر الله تعالى وتمجيده وتعظيمه , فالمسلم يردد شعار الله أكبر , ويقول ذلك عند الأذان , وحين يدخل فى الصلاة , وعند الركوع والرفع من ركوعه , ويقولها حين يسجد ويرفع من سجوده , والصلاة تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر ,ويتحقق فيها الخشوع والخضوع لله تعالى , والإحسان فى أدائها يجعل المصلى واقف بين يدى خالقه سبحانه يعبد الله كأنه يراه فإن لم يكن يراه فإنه يراه , وهذا المعنى يتأكد فى نفس  المصلى الذى يقوم بأداء الصلاة على حقيقتها من شأنه أن يربى المسلم على العزة , وألا يحنى هامته ويطأطئ رأسه لغير خالقه سبحانه وتعالى . قال تعالى " إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين " سورة آل عمران الآية 175_

ثانيا :
وكذلك تتحقق عزة المسلم بالبعد عن سفاسف الأمور وعن مجالس السفهاء وأصدقاء السوء , ورحم الله الشاعر العربى الذى يقول :
اصحب ذوى الفضل وأهل الدين __ فالمرء منسوب إلى القرين
وفى البعد عن السفهاء وقرناء السوء , ترفع عن الدنايا , لأن عزة المسلم تأبى المذلة ولا ترضى الهوان وفى ذلك يقول الرسول صل الله عليه وسلم " لاينبغى للمؤمن أن يذل نفسه , قالوا : كيف يذل المؤمن نفسه يارسول الله ؟ قال : " أن يتعرض من البلاء لما لايطيق "
ويجب على المسلم أن يفرق بين الكبر وعزة النفس فعندما سئل الحسن بن على رضى الله عنهما : إن الناس يزعمون أن فيك كبرا فرد الحسن بحزم : لا والله ما بى من كبر وما تراه منى إنما هو عزة المؤمن ثم تلا قول الله تبارك وتعالى " ولله العزة ولرسوله وللؤمنين ولكن المنافقين لايعلمون " سورة المنافقين الآية 8_
ومن عزة المؤمن أن يكون له عمل يكسب منه ويعيش بماله دون تقتير أو إسراف كما فى الحديث عن النبى صل الله عليه وسلم " لأن يأخذ أحدكم حبله ....إلخ الحديث
وحديث النبى صل الله عليه وسلم " ...... وإن نبى الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده "

والرسول صل الله عليه وسلم " كان يعمل بالتجارة للسيدة خديجة رضى الله عنها . وكان يرعى الغنم فى صغره لأهل مكة بالأجر , وحين هاجر الرسول صل الله عليه وسلم وصحبه إلى المدينة أراد الأنصار أن يقاسموا إخوانهم المهاجرين أموالهم , ولكن عزة نفوسهم أبت أن يكونوا عالة على إخوانهم الأنصار , فدعوا الله لهم بالخير والبركة فى أموالهم وأرزقهم بأنفسهم , وكان سيدنا عمر رضى الله عنه _ يسأل الرجل من المسلمين : ألك حرفة ؟ فإن قال : لا سقط من عينه . والإسلام لايحتقر أى عمل شريف أو مهنة يتكسب منها المرء عن طريق حلال .
وعزة المؤمن تتحقق فى عفته وبعده عن مذلة السؤال إذ لم تكن هناك حاجة أو ضرورة لأنه لابركة فيما أخذ عن تطلع وشرة وفى ذلك يقول النبى صل الله عليه وسلم " أن من أخذ المال بسخاوة نفس بورك له فيه . ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه وكان كالذى يأكل ولا يشبع , واليد العليا ( أى المعطية ) خير من اليد السفلى ( أى الآخذة)
رواه البخارى ومسلم ومعنى أخذ المال بسخاوة نفس _ عدم الطمع فيه _ ومعنى إشراف نفس تطلعها إلى الشئ وطمعها فيه
ومن عزة المؤمن أن يعمل من أجل بناء وطنه ومجتمعه الذى يعيش فيه , كل يعمل حسب التسلسل الوظيفى فالكل مسئول أمام الله تعالى عن ذلك فكلكم راعى وكلكم مسئول عن رعيته " قال تعالى " وقل إعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون " سورة التوبة الآية 105_ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

قالوا

ميزان الله فى الأرض الفقير , يوزن به صلاح المجتمع وفساده , وعندما لم يرضى الأغنياء بحكم الله فى صرف أموالهم حسب ما جاء فى الشريعة الإسلامية , سلط الله عليهم من يستولى على أموالهم ويحكم فيها بحكم الشيطان " قال تعالى " وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهى ظالمة إن أخذه أليم شديد , إن فى ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود " سورة هود وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

فى المال حق غير الزكاة

ومن هذه الحقوق التى تجب على الموسر ومن يملك مال , قرر الفقهاء فى الإسلام أن من الواجب الدينى فرض حقوق إضافية من غير الزكاة , على الأغنياء القادرين لكفالة المحتاجين فى كل بلد حتى يكتفى فقراؤه وتُسدَُ حاجاتهم الأصلية بحيث يتحقق لهم ثلاثة أمور 1_ الغذاء الكافى الذى يحتاج إليه الجسم ليحيا صحيحا قادرا 2_ الملبس المناسب الساتر للعورة الواقى من الحر والبرد 3_ المسكن الملائم الذى يقى من القيظ والمطر وعيون المارة " ولقد أقام الإسلام العلاقة الإقتصادية بين المسلمين على أساس من الأخوة والمودة والرحمة روى البخارى عن رسول الله صل الله عليه وسلم " ترى المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم , كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من حقوق الفقراء:

_ قال صل الله عليه وسلم :" ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان , فيقول أحدهما : اللهم أعط منفقا خلفا , ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا " رواه البخارى إن البذل والإنفاق والسخاء والكرم , من أهم الركائز التى يقوم عليها المجتمع الإسلامى المتواد المتراحم , به يقوى ويحصل التعاون والتضامن بين أفراد المجتمع , وبه يقترب الإنسان من ربه سبحانه وتعالى , وبه تحصل الألفة والمحبة بين الفقراء والمحتاجين والأرامل والمساكين , والمصابين والضعفاء وبذلك يتطهر المجتمع من الحقد والكراهية , التى تضعف أركان المجتمع وتقوض بنيانه , وكما أن السخى قريب من الله وقريب من قلوب الخلق فإنه كذلك قريب من الجنة وبعيد عن النار يقول صل الله عليه وسلم :" السخى قريب من الله , قريب من الناس , قريب من الجنة بعيد عن النار , والبخيل بعيد عن الله , بعيد عن الناس , بعيد عن الجنة , قريب من النار , ولجاهل سخى أحب إلى الله تعالى من عابد بخيل " رواه الترمذى ففى السخاء والبذل والعطاء والتعاون على الخير , من مرضاة الكريم الرحيم , وفى البخل وغل اليد عن العطاء وما يسفر عن ذلك من حرمان للآخرين , مقت من الله تعالى ونفور من الناس وبعد " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

نماذج فى حياة النبلاء :

_ فى فضل الإحسان للفقراء والمحتاجين _ ومما يروى عن عثمان بن عفان رضى الله عنه وحبه للإحسان : أنه كان لعثمان بن عفان رضى الله عنه _ على طلحة بن عبيد الله خمسون ألف درهم فخرج عثمان يوما إلى المسجد , فقال له طلحة : قد تهيأ مالك , فاقبضه فقال عثمان هو لك يا أبا محمد , معونة لك على مروءتك " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من مقومات حفظ الإنسان :

_ الله سبحانه وتعالى خلقنا وجعل لنا من وسائل الحياة , ما يحفظ علينا أنفسنا وأمرنا أن نأخذ بالأسباب لتجنب كل ما يؤذى كالجوع , والعطش , وتجنب الحرارة الشديدة , والبرودة المفرطة ولهذا يقول النبى صل الله عليه وسلم :" من بات آمنا فى سربه , معافى فى بدنه , عنده قوت يومه فقد حيزت له الدنيا بحذفيرها " وكان صل الله عليه وسلم يتعوذ بالله تعالى من الجوع فيقول :" اللهم إنى أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع , وأعوذ بك من الخيانة فإنها بئست البطانة " فالجوع والخوف له أثر سئ على الإنسان ومستقبل حياته , لا سيما إذا كان له بيت وأولاد وزوجة ينفق عليهم فإنه يجد كثير عناء من أجل إدراك الحصول على لقمة العيش ولهذا يقول النبى صل الله عليه وسلم :" إن من الذنوب ذنوبا لايكفرها إلا السعى على المعاش " فالخوف من المجهول أو الموت أو الأعداء , وغير ذلك من مصائب الحياة , كثيرا ما يكون ذلك سببا فى شقاء الإنسان ولذلك يذكرنا الله تعالى فيقول :" ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين " سورة البقرة آية 155ـ وقال تعالى :" فليعبدوا رب هذا البيت الذى أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف " سورة قريش آية 3ـ4ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الإنسان وجمع المال :

قد يتضاعف المال عند من يحرص على جمعه , ويرونه كل شئ فيسرعون فى تكثيره فى رجاء وحرص شديدين ظنا منهم أن , الغاية من الحياة هى جمع المال
واحراز الثروة ونحن لانقلل من امتلك المال , ولكن ليس بهذه الصورة التى وصلنا
إليها من القوة والتناحر فى سبيله مثلما بلغ , فى زماننا هذا فترى كثيرا من الأغنياء
إلا من رحم ربك يبتعدون عن مخالطة الفقراء , ويقربون الأغنياء وينقبضون عند البسطاء , ويسرون عند الكبراء فهم لايعترفون , بأهمية عمل الأخلاق فى سلوكهم وأعمالهم كاعترافهم بالمال والذهب غير أن المال , ليس كل شئ إنما هو وسيلة وليس غاية ,

, ولهذا نجد الإسلام يبين لنا أن الإنسان , القانع الراضى بما قسمه الله له
ولو كان فقيرا هو المفلح والغنى يقول : الرسول صل الله عليه وسلم ـ قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه " فجدير بكل إنسان فى هذه الحياة أن تكون له غاية غير جمع المال فى مشوار حياته , ومن أشرف الغايات أن يهذب الإنسان نفسه ويسمو بسلوكه , ويعمل على تنمية قدراته ومعارفه , لنكون مما أتوا خيرا وبرا وعلما وأخلاقا , ولنول وجوهنا شطر ديننا , فهو المقوم الوحيد لإصلاح ما اعوج فينا قال تعالى :" إن هذا القرآن يهدى للتى هى أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً كبيراً " سورة الإسراء الآية 9 ـ
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

أحب الناس إلى الله :

جاء الدين الإسلامى يدعوا إلى التعاون والتكافل , بين الناس وفى ذلك الإستقرار الكامل بين الفرد والجماعة , وهكذا كانت رسالة النبى صل الله عليه وسلم _ دعوة للحب والمودة , والقيام والسهر على حل مشاكل الناس , و جعل هذا من أفضل العبادات , ومن أعظم القربات إذ يقول : صل الله عليه وسلم _ " لأن أمشى مع أخ لى فى حاجة أحب إلى من أن اعتكف فى مسجدى هذا شهراً "
ويُسأل النبى صل الله عليه وسلم _ عن أحب الناس إلى الله ؟ فيقول : صل الله عليه وسلم _ " أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس "
ويحث الرسول صل الله عليه وسلم _ الناس على التكافل الإجتماعى , الذى هو سبب التراحم والتعاطف  ويبين أن السعى على خدمة الناس تؤمن العبد من عذاب الله كما رواه الطبرانى : عنه صل الله عليه وسلم _ " إن لله خلقا خلقهم لحوائج الناس ؛ يفزع الناس إليهم فى حوائجهم , أولئك الأمنون من عذاب الله "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الرزق والعمل :

_ إذا كان الله سبحانه وتعالى قد قدر الرزق والآجل فليس معنى هذا أن يمسك الإنسان عن السعي لأنه لايدرى متى يأتيه بل لابد له من طلب الرزق بالسعى المتواصل والعمل الدؤب الذى يرضى الله ورسوله حتى يحقق لنفسه ما تتمناه ويصلح أمره فى الدنيا والآخرة وهذا من فضل الله ورحمته وقد كان عمر رضى الله تعالى عنه يقول " لايقعدن أحدكم عن طلب الرزق فيقول اللهم ارزقنى فإن السماء لاتمطر ذهبا ولا فضة ويقول رضى الله عنه أيضا إنى لأبغض الرجل أراه فارغا لا هو فى عمل الدنيا ولا عمل الآخرة وقال الله تعالى " هو الذى جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور" سورة الملك

ومما هو معلوم أن الرزق بمقتضى سنة الله فى الكون خاضع لمبدأ الأسباب والمسببات كما هو مرتبط بالسعى والعمل قال تعالى " قال فمن ربكما ياموسى قال ربنا الذى أعطى كل شئ خلقه ثم هدى " سورة طه والطير لاتجلس فى أعشاشها ويساق إليها الرزق بل تخرج فى الصباح وهى جائعة تبحث وتسعى على رزقها وعن عمر رضى الله تعالى عنه قال عن رسول الله صل الله عليه وسلم " لو أنكم كنتم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا " رواه الترمذي وبن ماجة وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

فى فضل السعى على اليتيم وغيره :

الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صل الله عليه وسلم :" الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار" الحديث رواه البخاري في صحيحه  فهذا النبي صل الله عليه وسلم يخبر بثواب الأجرعلى  الساعي للأرملة والمسكين ولا شك أن اليتم أيضا مسكين إلا أن يكون قد ترك له أبويه مالا ينفق به على نفسه فلا يجوز النفقة عليه . ومعنى الساعي أي الراعي القائم بالرعاية من نفقة وتربية وسكنى وحماية ، بما من شأنه أن يجعل الأرملة والمسكين يشعرون بالأمن والاستقرار، بفضل الله ثم بفضل الساعي عليهم ، والسعي بمعنى الكفالة ، ولا يشترط ان يباشر ذلك بنفسه ، فلو وظف أناسا يقومون بشؤون الأرملة والمسكين وهو تحمل كل نفقاتهم فهو ساعي وكافل لهم , والفقير واليتيم المسكين والأرملة الأقارب أولى من غيرهم قال تعالى :" وأت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا " سورة الإسراء الآية 26 ـ  " ـ . موقع من فقه الإسلام للشيخ سامى ـ وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الإحسان لليتيم :

لقد أوصانا ديننا الحنيف بالأطفال الصغار خيرا , حيث اعتنى بهم من كل النواحي النفسية ...والتربوية ...والمادية.. وخاصة الطفل اليتيم فقد دعانا الإسلام للإحسان إليه , وعدم التعرض له بالقسوة في القول أو الفعل فقال تعالى :" فأما اليتيم فلا تقهر " سورة الضحي وعن ابن عمر أن رسول اللّه صل اللّه عليه وسلم قال ": إن اليتيم إذا بكى اهتز لبكائه عرش الرحمن ، فيقول اللّه تعالى لملائكته: يا ملائكتي ، من ذا الذي أبكى هذا اليتيم الذي غيبت أباه في التراب ، فتقول الملائكة ربنا أنت أعلم ، فيقول اللّه تعالى لملائكته: يا ملائكتي ، اشهدوا أن من أسكته وأرضاه؟ أنا أرضيه يوم القيامة"
من هو اليتيم هو من فقد أحد والديه فلم يجد أباً يحنو عليه , ولم يجد أبا يُلاعبه ويحمله على كتفه ويأخذ بيده .. يُشجعه .. و يعلمه الوقوف والمشي.أو أماً تعطف عليه، وتُسقيه مع لبنها الحنان ...والأمان وافتقد دفئ حُضنها وبَرد قُبلاتها ولذة تدليلها ,

وإن هذا لهو غاية الحرمان.. وذلك عندما يتغافل كثيرٌ من الناس عنهم ، وقد شغلتهم أموالهم وبنوهم ، في الوقت الذي أمر به القرآن الكريم بإكرامهم وتخفيف معاناتهم وتعريف الناس بمصيبتهم ، وبالظروف العابسة التي أحاطت بهم وأطفأت الابتسامة من على هذه الوجوه الصغيرة , يقول الرسول اللّه صل اللّه عليه وسلم ":من ضم يتيما فكان في نفقته ، وكفاه مؤونته ، كان له حجابا من النار يوم القيامة ، ومن مسح برأس يتيم كان له بكل شعرة حسنة " فلنكن جميعا ذاك ، المحسن.. الرفيق.. الساعي إلى بر الأيتام.. ومسح دموعهم ، بيدك.. ومالك.. وإدخال السرور في قلوبهم..