من صور العدل فى الإسلام

فى عدل النبى صل الله عليه وسلم :

_ روى الطبرانى من حديث خولة بنت قيس امرأة حمزة بن عبد المطلب رضى الله تعالى عنهما " قالت كان على سرول الله صل الله عليه وسلم " وسق من تمر لرجل من بنى ساعدة فآتاه يقتضيه , فأمر رسول الله صل الله عليه وسلم رجلا من الأنصار أن يقضيه , فقضاه تمرا دون تمره فأبى أن يقبله فقال أترد على رسول الله صل الله عليه وسلم ؟ قال نعم ومن أحق بالعدل من رسول الله صل الله عليه وسلم , فاكتحلت عينا رسول الله صل الله عليه وسلم بدموعه ثم قال صدق ومن أحق بالعدل منى , لاقدس الله أمة لايأخذ ضعيفها حقه من شديدها ولا يتعته ( أى من غير أن يصيبه أذى يقلقه أو يزعجه ) ثم قال يا خولة عديه واقضيه فإنه ليس من غريم يخرج من عند غريمه راضيا إلا صلت عليه دواب الأرض ونون البحار , وليس من عبد يلوى غريمه وهو يجد إلا كتب الله عليه فى كل يوم وليلة إثما " ورواه الإمام أحمد بنحوه من حديث عائشة رضى الله تعالى عنها بإسناد جيد قوى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

عدل عمر رضى الله عنه :

_ أخرج ابن سعد فى طبقاته _ عن عطاء رضى الله عنه قال : كان عمر رضى الله عنه يأمر عماله أن يوافوه بالموسم ( يعن الحج ) فإذا اجتمعوا قال : " أيها الناس إنى لم أبعث عمالى عليكم ليصيبوا من أبشاركم ولا من أموالكم , إنما بعثتهم ليحجزوا بينكم , وليقسموا فيئكم بينكم , فمن فعل به غير ذلك فليقم " فما قام أحد إلا رجل , قام فقال : يا أمير المؤمنين إن عاملك فلان ضربنى مائة سوط قال فيم ضربته ؟ قم فاقتص منه فقام عمرو بن العاص رضى الله عنه فقال يا أمير المؤمنين إنك إن فعلت هذا يكثر عليك , وتكون سنة يأخذ بها بعدك , فقال أنا لا أقيد , وقد رأيت رسول الله صل الله عليه وسلم يقيد من نفسه قال : فدعنا لنرضيه , دونكم فأرضوه , فاقتدى منه بمائة دينار كل سوط بدينارين " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من أخلاق الإسلام العدل

وبالعدل قامت السموات والأرض , وهو من أوجب الفرئض الدينية وهو من الضروات الإجتماعية التى لاتستقيم الحياة إلا به فهو من السنن الإلهية فى الحياة والكون ولهذا فإن الله تعالى مع أهل العدل ولو لم يكونوا مسلمين ويخذل الظلمة والظلمين وإن كانوا مسلمين , فالله تعالى ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة , ويخذل الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة وعندما وجه النبى صلى الله عليه وسلم أصحابه فى بدء الإسلام أن يهجروا إلى الحبشة قال لهم إن بها ملكا عادلا ولا يظلم عنده أحد وكان هذا الملك نصرانيا , فالعدل أساس الملك , وقد أمر الله تعالى به فى حق أى إنسان كأنا من كان فقال تعالى " إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى " سورة النحل وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

إن الله يحب المقسطين :

وأخبر سبحانه أن أقرب الناس وأحبهم إليه سبحانه أهل العدل فقال " وأقسطوا إن الله يحب المقسطين " سورة الممتحنة وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كرامتهم فقال فيما رواه مسلم " إن المقسطين عند الله تعالى  على منابر من نور الذين يعدلون فى حكمهم وأهليهم وما ولوا " رواه مسلم  وقال تعالى "وإذا قلتم فاعدلوا ولوكان ذا قربى " سورة الأنعام وقال سبحانه " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل " سورة النساء والمسلم الحق من يعدل فى قوله وفعله ويتحرى العدل فى كل شأن من شئون الحياة مع ربه ونفسه والمجتمع الذى يعيش فيه ومن كان كذلك يصبح العدل وصفا من صفاته وخلاقا لايفارقه ومن ثم يبتعد عن الحيف والجور والظلم ولا يميل به الهوى ولا تجرفه شهوة أو دنيا قال تعالى " ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا إعدلوا هو أقرب للتقوى وإتقوا الله إن الله عليم خبير " سورة المائدة ومن حديث أبى هريرة رضى الله تعالى عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " من شهد على مسلم شهادة ليس لها بأهل فليتبوأ مقعده من النار " رواه الإمام أحمد فى مسنده وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

العدل من أعظم قيم الإسلام:

_ عندما تولى سيدنا أبو بكر الخلافة قال فى أول خطبة له " الضعيف فيكم قوى عندى حتى آخذ الحق له , والقوى فيكم ضعيف عندى حتى آخذ الحق منه إن شاء الله " ويأمر الله تعالى بالعدل والشهادة بالحق ولو على النفس قال تعالى :" كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين " سورة النساء آية 135 _ إن الدين يرفض التحيز واتباع الهوى , ومنهج العدل ينبغى أن يسود فى حياتنا العامة والخاصة , وفى كل مناحى الحياة , والعدل يعنى المساواة بين الناس فى الحقوق والواجبات , وعدم التميز بينهم لأى سبب من الأسباب , ومن العدل المساواة أمام القانون وفى الحقوق العامة والخاصة وفى القيمة الإنسانية , وهذا مما يقوى أواصر الترابط بين الناس , والعدل يتحقق عندما يأخذ كل ذى حقه حقه , وهذا مما يحقق لأفراد المجتمع جميعا الكرامة الإنسانية " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

منهج الإسلام فى تقويم الأشخاص :

_ نحن فى عصر عز فيه الإنصاف وإقامة العدل بين الناس , لا سيما فى الحكم لهم أو عليهم , قال تعالى :" يا أيها الذين أمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون " سورة المائدة الآية 80 _ لقد أصبحت الأهواء هى التى تتحكم بالأراء والتوجيهات بدلا من أن نرجع إلى كتاب الله ومنهج السلف الصالح , فى حكمنا على الأشياء , إن الواحد منا قد يتغاضى عن أخطاء وعيوب من يحب مهما كانت كبيرة ويبررها له , بل من المنكن أن يحول هذه الأخطاء إلى محاسن ويجعل من يحبه فى أعلى الدرجات , وهو لايقبل فيه نقدا ولا مراجعة ,, وفى المقابل , إذا أبغض أحدا لهوى فى نفسه أو تقليدا لغيره , جرده من الفضائل , ولم ينظر إلا إلا سيئاته وزلاته يضخمها له ويشيعها عليه , وهو ينسى له محاسنه وفضائله الأخرى , مهما كانت ظاهرة وواضحه وكما قيل _ عين الرضا عن كل عيب كليلة _ وعين السخط تبدى المساويا " اللهم إنى أعوذ بك من صديق أو جار سوء إذا رأى منى خيرا كتمه وإذا رأى منى شرا أذاعه " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الناس يصلحهم العدل والحق :

كتب والى خرسان يوما إلى أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه _
فى أن يرخص له فى استخدام بعض القوة , والعنف مع أهلها قائلا فى رسالته
" إنهم لايصلحهم إلا السيف والسوط " فكتب إليه عمر قائلا .
" كذبت بل يصلحهم العدل والحق , فابسط ذلك فيهم , واعلم أن الله لايصلح
عمل المفسدين " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

أركان الملك

جاء فى كتاب سراج الملوك للطرطوشى :

أن المنصور العباسى قال : ما كان أحوجنى أن يكون على بابى أربعة , لايكون على بابى أعف منهم , قيل من هم يا أمير المؤمنين ؟ قال : هم أركان الملك لايصلح الملك إلا بهم , كما أن السرير لايصلح إلا بأربع قوائم , فإن نقصت قائمة واحدة عابه ذلك
الأول : قاض لا تأخذه فى الله لومة لائم , والثانى : صاحب شرطة ينصف الضعيف
من القوى , والثالث : صاحب خراج يستقضى ولا يظلم الرعية فإنى غنى عن ظلمهم ثم عض على أصبعيه وقال ثلاثة مرات آه , آه ؛؛ قيل من هو يا أمير المؤمنين ؟ قال صاحب بريد يكتب لى بخبر هؤلاء على الصحة .
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ليسوا فى حاجة للقضاء :

عندما يتمثل العدل بين الحاكم والرعية , ويتعامل كل منهم من خلال صدق ايمانه , مع الله وحده ولا يتعاملون مع المصالح الشخصية , والمنافع الذاتية , وحب الزعامات الكاذبة , وعرف كل من الحاكم والمحكوم عنه ما له وماعليه , و كان الحكم بالعدل والرحمة والمساواة والإخاء , ولم يرتفع الحاكم على رعيته , ولم يختص منهم بشئ دونهم , بل الكل كان سواسية عنده سواء وهو كان واحد منهم , وقد كان عمر رضى الله قاضيا على أهل المدينة , فى زمن الصديق رضى الله عنه ـ وقد مكث سنة كاملة ولم يفتح جلسة واحدة , ولم يحكم فى قضية من القضايا , ولم يأتى إليه أحد يشكوا إليه خصومة , ولم تحدث مشكلة من المشاكل ولم يجد الفاروق رضى الله عنه ـ

ـ بد إلا أن يذهب إلى أبى بكر رضى الله عنه ـ يطلب منه إعفاءه من منصب القضاء , فقال له : أبو بكر رضى الله عنه ـ أمن مشقة القضاء تطلب الإعفاء ؟ فقال : الفاروق عمر رضى الله عنه ـ لا يا خليفة رسول الله صل الله عليه وسلم ـ ولكن لاحاجة بى عند قوم مؤمنين , عرف كل منهم ماله من حق فلم يطلب أكثر منه , وما عليه من واجب فلم يقصر فى أدائه , وقد أحب كل منهم لغيره ما يحبه لنفسه , فإذا غاب أحدهم تفقدوه , وإذا مرض عادوه , وإذا افتقر أعانوه , وإذا احتاج ساعدوه , وإذا أصيب واسوه , دينهم النصيحة , وخلقهم الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر , ففيم يختصمون " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من عدل الولاة :

ـ قال معاوية بن أبى سفيان رضى الله عنه ـ إنى لأستحى أن أظلم من لا يجد على ناصر إلا الله " وقيل: يوم المظلوم على الظالم أشدّ من يوم الظالم على المظلوم.
وقيل: من طال عدوانه زال سلطانه.
وقال أحدهم: من دعا لظالم بالبقاء فقد أحبَّ أن يعصي الله في أرضه.
وقال الشاعر في ذلك:فلم أر مثل العدل للمرء رافعاً ولم أر مثل الجور للمرء واضعاً
وكما في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صل الله عليه وسلم قال:" إن الظلم ظلمات يوم القيامة " متفق علية. وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

المساواة فى الإسلام :

والإسلام ينادى بالمساواة فى المجتمع الإسلامى , كقاعدة أساسية فى إقامة المجتمع الفاضل , حيث يحرم التفرقة العنصرية , التى تقوم على اللون أوالجنس أو النوع ,فالناس جميعاً متكافئون في الحقوق والواجبات ولا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى وكذلك إن أكرمهم عند الله أتقاهم أي أن صفة التقوى هي التي تميز فقط بين البشر , قال تعالى :" يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير " سورة الحجرات : الآية 13ـ
وفى ذلك قول النبي صل الله عليه وسلم :" الناس سواسية كأسنان المشط"

ويبين الرسول صل الله عليه وسلم أن الناس متساوون أمام الله عز وجل بأشكالهم وأموالهم فلا يُميز الإنسان الجميل عن القبيح لأنه سبحانه وتعالى هو الذي خلقهم جميعاً بصورهم المختلفة ولا يميز الغني عن الفقير لأن الملك بيده كله يهب منه لمن يشاء وهو مالك الملك ولكن ينظر الله إلى قلوبهم وما تحتوي عليه من حب وخير أو كره وشر لأن لكل إنسان نفس تعرف الفجور والتقوى وبيده تزكيتها أو الوضع من شأنها, وفي ذلك ,حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم" : إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم , ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " رواه مسلم " والإسلام يعترف بجميع الشرئع السابقة وفى ذلك قوله تعالى :" أمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل أمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله " سورة البقرة الآية 285 ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

العدل في الإسلام :

العدل قيمة من أهم قيم الإسلام التي جاء بها ودعا إليها والتي يجب أن يتحلى بها كافة البشر، ولهذا حرم الله تعالى الظلم على نفسه , و جعله بين العباد محرما لا فرق عند تطبيقه بين مؤمن وكافر أو بار وفاجر , وقد جاءت آيات القرآن الكريم بكافة تشريعاته ونظمه وقوانينه ، تؤكد على التعامل به بين الناس عند القضاء، وكتابة العقود والمواثيق ، وفي الأعمال والأقوال ، وقد توعد الله تعالى من يترك العدل في أعماله وسائر تصرفاته بعقاب شديد وإثم عظيم نظراً لخطورة هذا الأمر على وحدة المجتمع الإسلامي وعلى الهدف من وجود الإنسان على الأرض.

يقول الزهراني: الإنسان يحتاج إلى العدل في شتى جوانب حياته فهو يتعامل مع أفراد مختلفين لا تجمعه بهم صلة أو قرابة أو معرفة فإذا كان شعار إفراد المجتمع العدل فانه سيعيش وهو مطمئن لأنه لن يظلم وسيأخذ كل حقوقه ومطالبه من غير عناء مهما كانت منزلته " ومن صور العدل عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:بعثني رسول الله صل الله عليه وسلم : إلى اليمن قاضيا فقلت: يا رسول الله ترسلي إلى اليمن وأنا حديث السن ولا اعلم بالقضاء ؟ فقال :إن الله سيهدي قلبك ويثبت لسانك فإذا جلس بين يديك خصمان فلا تقضي حتى تسمع من الأخر كما سمعت من الأول فانه أحرى أن يتبين لك القضاء قال: فما زلت قاضيا أو شككت في قضاء بعد "

ويلزم على كل من تولى أمراً من أمور المسلمين أن يعدل فيما بينهم وأن يتقي الله في حقوقهم , وقد بين لنا الرسول صل الله عليه وسلم أن الإمام العادل يأتي يوم القيامة في ضمن السبعة الذين يظلّهم الله في ظلّه يوم لا ظل إلاّ ظله " إمامٌ عادل ......الخ الحديث " متفقٌ عليه وقبل هذا قال الله تعالى : " إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي " الآية سورة النحل الآية 90 ـ و قد قيل : " اعلم أن عدل الإمام يوجب محبته , وجوره يوجب الافتراق عنه " وكتب بعض عمال عمر بن عبد العزيز - يشكو إليه من خراب مدينته , ويسأله مالاً يرمِمُها به - فكتب إليه عمر بقوله : " قد فهمت كتابك فإذا قرأت كتابي هذا فحصّن مدينتك بالعدل , ونقِّ طرقها من الظلم فإنه يرمِمُها"

ومن عدل الرسول صل الله عليه وسلّم وهو النبي العادل عدله بين أزواجه عليه الصلاة والسلام إذْ أنّه كان إذا أراد أن يخرج إلى الغزو أقرع بين نسائه فآيتهن يخرج سهمها خرج بها " رواه البخاري , فالعدل هو ميزان الله تعالى في الأرض الذي يؤخذ به للضعيف من القوي , والمحقّ من المبطل , وبالعدل يتساوي الخلق , و ويحصل التراحم فيما بينهم , والمحافظة على حقوقهم , وبالعدل تسير الحياة كما نريد ويريدها الله جل في علاه , وبالعدل يتم لنا الرضي بما قسم الله لنا من أرزاق وأموال وأولاد , وبالعدل تهنأ النفوس , وتستريح الأفئدة , وتبتهج الخواطر,قال تعالى : " وأقسطوا إن الله يحب المقسطين " سورة الحجرات الآية 9 ـ . ". موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم