المسلم الحق من هجر ما حرم الله

المسلم الحق من هجر ما حرم الله :

من حديث أبى هريرة وعمرو بن العاص رضى الله تعالى عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر مانهى الله عنه " رواه النسائى
إن الإسلام هو الدين الخاتم الذى أرسله الله تعالى إلى الناس كافة وتتجلى عظمة هذا الدين فى أن الله تعالى حفظه وصانه من التحريف والتبديل كشأن الديانات الأخرى التى تموج بأتباعها أقطار الأرض فهؤلاء معنى الدين عندهم ينحصر فى العقيدة والعبادة وفقط أما سائر المعاملات والأحكام التى هى ثمرة العقيدة والعبادة فإنهم يأخذونها من أى نظام من أنظمة الأحكام السائدة فى حياة البشر دون إلتفات هل هى من دينهم ترضى الله أو لاترضيه إنهم لا يعرفون ربهم إلا ساعة الإجتماع فى المعابد والكنائس ..
أما الإسلام فكما أنه دين عقيدة وعبادة فإنه كذلك دين منهج ودولة ونظام حياة والإسلام يشمل منظومة الحياة كلها الآداب فى المنازل والمجتمعات والتعاون بين الأفراد والجماعات ويشمل كذلك العقود والمصالح وسائر الإلتزامات وتتسع دائرة الإسلام فتشمل نظام الحكم كله فى المجتمع الإسلامى قال تعالى " قل إن صلاتى ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لاشريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين" ( 1 ) وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الهجرة ان تهجر ما حرم الله :

- إن حكمة الهجرة والباعث عليها هو أن الاسلام وطن ودولة تقام فيه معاني الاسلام كلها ويعمل فيه بأحكامه وأنظمته فى دواوين الدولة ومرافق الأمة ومعاملات الأفراد وآداب البيوت بقدر ما يعمل فيه بشعائر العبادات وبقدر ما تحمى فيه حقائق العقيدة التى لا يكون الاسلام إسلاما الا بها وقد غفل عن بعض هذه المعاني من أمر الاسلام بعض الذين دخلوا فيه على عهد رسول الله صل الله عليه وسلم _ فلبثوا فى وطنهم مكة مستضعفين فيها لا يستطعون إعلاء كلمة الله لغلبة الباطل يومئذ على الحق ولا يهاجرون الى المدينة فيقوى بهم الاسلام فنزل فيهم قول الله من سورة النساء {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيما كنتم قالوا كنا مستضعفين فى الأرض قالوا أولم تكن أرض واسعة فتهاجروا فأولئك مأواهم جهنم وسأت مصير }هذه الآية نزلت فى قوم أسلموا وكانوا يؤدون صلواتهم على النهج الشرعي فى منازلهم أو فى الحرم إن استطاعوا وكانوا صحيحي العقيدة والعبادة الا أنهم كانوا سبب ضعف الاسلام برضوخهم لنظام غير نظامه وإحجامهم عن تقوية الاسلام فى وطنه ودار هجرته تكثيرا لسواد المسلمين وإعزاز لأمر الدين واستمداد لنصرة وتأيده فى العالمين {( 2) وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الهجرة ان تهجر ما حرم الله :

_ إن الاسلام دين يسر ومن مبادئه أن تقدر الضرورات بقدرها والضرورة تزول بزوال أسبابها كما عرف ذلك علماء الأصول فاقتضت حكمة الله أن تكون هناك رخصة لأهل الأعذار من الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ولم يهاجروا في أول الأمر فكان من تمام رحمته سبحانه أن يقول :" إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا فأولئك عسى الله ان يعفوا عنهم وكان الله عفوا غفورا " النساء - فقد عذر الله سبحانه العجزة من الرجال الذين فقدوا القدرة على الانتقال ولا يجدون وسيلة النجاة وضم إليهم النساء والأطفال وقد أخرج الطبراني عن النبى صل الله عليه وسلم من أعطى الذلة من نفسه طائعا غير مكره فليس منا } (3)

روى أبو داود والترمذي ان النبى صل الله عليه وسلم قال - أنا برئ من كل مسلم يقيم بين ظهراني المشركين حديث مرسل كما يقول شيخنا العلامة يوسف القرضاوي حفظه الله فى كتابه كيف نتعامل مع السنة النبوية هذا الحديث يلتقي مع الآيات التى تحث على الهجرة من مكة الى المدينة وتنعى على من يستطيعون الهجرة ولا يهاجرون ومنها قوله تعالى { ان الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيما كنتم قالوا كنا مستضعفين فى الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فألئك جهنم وسأت مصيرا سورة النساء آية 79 -والهجرة من دار الكفر الى دار الاسلام باقية الى يوم القيامة لكن هى واجبة ام مندوبة ؟قال العلماء ان خاف المسلم على دينه وخلقه او على ماله وجب عليه ان يهاجر وان لم يخف لم تجب الهجرة وتكون سنة " (4)
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الهجرة ان تهجر ما حرم الله :

_ وفيها مسائل فقهية لاغني لكل مسلم ومسلمة عن معرفتها ولكن قال المحققون إذا وجد المسلم أن بقائه في دار الكفر يفيد المسلمين الموجودين فى دار الكفر مثل تعليمهم وقضاء مصالحهم أو يفيد الاسلام نفسه بنشر مبادئه والرد على الشبه الموجهة إليه كان وجوده فى هذا المجتمع أفضل من هجرته ويتطلب ذلك أن يكون قوي الإيمان والشخصية والنفوذ حتى يمكنه أن يقوم بهذه المهمة وقد كان لبعض الرعاة والتجار فى الزمن الأول أثر كبير فى نشر الاسلام فى بلاد الكفر مسائل فقهية حول الحديث فقد يفهم البعض من هذا الحديث تحريم الإقامة فى بلا د غير المسلمين بصفة عامة مع تعدد الحاجة الى ذلك فى عصرتا - للتعلم والتدوى والعمل والتجارة والسفارة وغير ذلك وخصوصا بعد ان تقارب العالم حتى غدا كأنه قرية كبري كما قال بعض الأدباء؛؛ولفظ الحديث بعث رسول الله صل الله عليه وسلم سارية الى خثعم فاعتصم ناس منهم بالسجود فأسرع فيهم القتل فبلغ ذلك النبى صل الله عليه وسلم فأمرهم بنصف العقل{يعنى الدية} وقال أنا برئ من كل مسلم يقيم بين ظهراني المشركين قالوا يا رسول لم ؟ قال لا تترائي نارهم فجعل لهم نصف الدية وهم مسلمون لأنهم أعانوا على قتل أنفسهم واسقطوا نصف حقهم بإقامتهم بين المشركين المحاربين لله ورسوله صل الله عليه وسلم وشدد فى مثل هذه الإقامة التى يترتب عليها مثل ذلك من القعود عن نصر الله ورسوله " (5)

والله سبحانه فى مثل هؤلاء يقول :" والذين أمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم حتى يهاجروا وان استنصروكم فى الدين فعليكم النصر الا على قوم بينكم وبينهم ميثاق} سورة الأنفال -- فنفى الله ولاية المسلمين غير المهاجرين اذا كانت الهجرة واجبة فمعنى قوله عليه الصلاة والسلام أنا برئ من كل مسلم يقيم بين ظهراني المشركين أى برئ من دمه اذا قتل لأنه عرض نفسه لذلك بإقامته بين هؤلاء المحاربين لدولة الاسلام ومعنى هذا انه اذا تغيرت الظروف التى قبل فيها هذا النص فالحكم يدور مع علته الملحوظة من ورائه فى مصلحة تجلب أو مفسدة تدفع فالمفهوم أن ينتقى الحكم قال : الإمام الخطابي فى تعليل إسقاط نصف الدية لأنهم أعانوا على أنفسهم بمقامهم بين ظهراني الكفار فكانوا كمن هلك بجناية نفسه وجناية عيره فسقطت حصة جناية فى الدية " انتهى انظر كيف نتعامل مع السنة النبوية للعلامة القرضاوي وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (6)

شهر المحرم :

شهر المحرم أحد الأشهر الحرم التى حرم الله تعالى فيها القتال ,ودعا فيها للسلام إلا لرد العدوان قال تعالى : " إن عدة الشهور عند الله إحدى عشر شهرا فى كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين " سورة التوبة الآية 36_ قوله تعالى : إن عدة الشهور , أى فى حكم الله وفيما قضى وكتب فى اللوح المحفوظ اثنا عشر شهرا , يوم خلق السموات والأرض , منها أربعة حرَّم الله تعالى فيهن القتال وهى " ذو القعدة , وذو الحجة , والمحرم , ورجب الفرد " وذلك هو الدين المستقيم الذى لاالتواء فيه ولا انحراف , فلا تظلموا فيهن أنفسكم بتأكد تحريمها , وكون الظلم فيها أشد من غيرها , لا أن الظلم فى غيرها جائز ولكنه محرم فى كل وقت ولكنه يتأكد فى هذه الشهور الأربعة , ويبن الله سبحانه وتعالى أن القتال محرم فى هذه الشهور إلا إذا أعتدى عليكم فكونوا بالمثل مع من اعتدى عليكم من أهل الكفر والشرك , فالقتال فى الإسلام جاء من أجل رد العدون والدفاع عن الإسلام وتأمين الطريق من أجل الدعوة إلى الله "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ( 7)

حدث فى شهر المحرم :

وفى هذا الشهر تمت البيعة لسيدنا عثمان رضى الله عنه _ سنة أربع وعشرين للهجرة , وقد اتخذ سيدنا عمر رضى الله عنه من هذا الشهر بدأ للتاريخ الهجرى "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (