من أسباب النصر العزة بالإسلام هي طريق الخلاص للمسلمين

التمسك بالحق من صفات المؤمنين الصادقين

الصراع بين الحق والباطل , والخير والشر قائم على, مسرح الحياة منذ بدء الخلق
وسيبقى كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .
والتمسك بالحق , والوقوف فى مواجهة الباطل , والصبر على تحمل الأذى والمكاره
فى سبيل الله والتصدى للنزعات الملحدة والعقائد الفاسدة ,حق واجب على كل مسلم

من حديث ثوبان رضى الله تعالى عنه _ قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم "
لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق , لا يضرهم من خذلهم , حتى يأتى أمر الله وهم كذلك " رواه مسلم
لقد بعث الله سبحانه رسوله محمد صل الله عليه وسلم بالحق والعدل ودعوة الناس إلى التراحم والمساواة , وأعرض المشركون عن دعوته , فقد أحسوا بالخطر الذى يتهددهم , حيث أن الإسلام جاء من أجل القضاء على المزاعم الباطلة والأهواء المريضة والعادات والتقاليد الفاسدة , و يدعواإلى التوحيد الخالص الذى يتمثل فى عبادة الله
الواحد الأحد الذى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد , وقد دعاهم رسول الله صل الله عليه وسلم إلى أن يقولوا لا إله إلا الله فقالوا " أجعل الألهة إلها واحدا إن هذا لشئ عجاب " سورة ص الآية 5_" وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه " ( 1)

أزهد الناس فى النبى والولى أهله

وقالوا _ العالم كالكعبة يأتيه البعداء , ويزهد فيه القرباء

ولهذا حاربوا النبى صل الله عليه وسلم, وحاولوا القضاء على دعوته , وهى فى مهدها ولكن الله سلم وشملها برعايته , وأيدها بقدرته , ويأبى الله تعالى إلا أن يتم نوره وينتصر الدين الحق , على الباطل قال تعالى " هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون " سورة الصف الآية 8_
ولقد أرسل الله تعالى رسوله محمد صل الله عليه وسلم مؤيدا بالوحى الأعلى , ومن خلاله وضح معالم الطريق , وأسس الدين والدولة , وأقام صرح الحياة الطيبة شامخا
على هدى الله , وثبت دعائم الحضارة الإسلاميه على نور العلم وقوعد الخير والعمل الصالح , وقضى على الوثنية والإلحاد , وعلم الناس وسائل الخير , وسبل الهدية
وظل رسول الله صل الله عليه وسلم يجاهد فى سبيل دينه ومولاه الكفار والمشركين والأعداء والمنافقين , وما معه إلا قلة من المسلمين , فخضعت لهم عروش الأكاسرة, وذلت لهم رقاب الجبابرة ,ودانت لهم الأمم, وفتحوا البلاد والأمصار , ولم تستطع قوى الشر , أن تصد مسيرتهم أو توهن عزيمتهم , وسرعان ما انتشر الإسلام وشرق وغرب هنا وهناك , لأن الإسلام هو دين الفطرة السليمة , والعدالة المطلقة والحرية , والاخاء بين الناس "" وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه " ( 2)

المبادئ الدينية والأخلاق الاسلامية من أسباب انتشار الاسلام

وبهذه المبادئ القويمة , والتعاليم المنبثقة من هدى السماء , انتشر الإسلام أرجاء الحياة الانسانية , وقامت دولة الحق الاسلامية قوية عالية , وخضعت لها وجوه الفرس والروم , وبادت دولة الباطل , وعم العدل والسلام , وظهرت مبادئ العدل والاسلام على الأرض, قال تعالى " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا فى الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم فى الأرض " سورة القصص الآية 6_
إن المسلم الصادق هو الذى ينصر الدعوة الإسلامية بكل من يملك من فكر ومال ونفس , فالوقوف مع الدعوة الإسلامية ومؤازرتها فى كل زمان ومكان , واعلاء لكلمة الحق وانتصارا لدين الله واجب دينى على كل مسلم , والمؤمن الصادق من لايخشى فى الحق لومة لائم .
إن على أهل العلم أن يخلصوا فى دعوتهم ليستبن الحق من الباطل , وأن يعملوا على اصلاح المفاهيم الدينية للشباب , وترسيخ العقيدة فى نفوسهم , ودعم سلوكهم على أساس من الأخلاق الفاضلة, والتعاليم الدينية الصحيحة, وتربيته تربية اسلامية واعية بعيدة عن الإفراط والتفريط , أو الميل إلى التهاون والتشدد "

" وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه " ( 3)

لم يتأخر المسلمون بسبب دينهم

ولهذا تأخر المسلمون , فلم يتأخر المسلمون بسبب دينهم , ولكنهم تأخروا لأنهم لم يحرصوا على دينهم ولم يحافظوا , على قيمه الروحية ومبادئه الخلقية , واتجهوا إلى الحياة المادية ونسوا أنهم كلفوا برسالة وأداء أمانة قال تعالى " إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقنا منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا " سورة الأحزاب الآية 72_
وعندما ابتعد  المسلمون عن دينهم أو أبعدوا عنه , بعض الوقت وناموا عن مبادئهم القويمة , وأمجادهم العظيمة فقد أتاحوا الفرصة , للأفاعى المسمومة أن تطل برؤسها
وتنفث فى جسم الإسلام سمومها , وها نحن نرى الأفكار الخبيثة التى تأتى عبر الشيوعية الملحدة والصليبية, الحاقدة واليهودية الضائعة , وانتشرت النزعات الفاسدة , والتقاليد الوافدة , والعقائد الباطلة , وخاصة المفاهيم المغلوطة عن الشريعة وما يأتى عن المتحللين باسم تحرير المرأة , كل هذا وغيره أصبح يغزوا شباب المسلمين
فى عقر دارهم , ويتسلل إلى نواديهم وجامعاتهم ومعاهدهم , تحاول أن تضلهم وتزعزع عقيدتهم وتبعدهم عن الحق والحقيقة...,," وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه " ( 4)

لن يخذل الله دينه ولن يخفض رايته ولن يذل أتباعه

قال تعالى " وإن جندنا لهم الغالبون " سورة الصافات الآية 173-

ولكن مهما حدث وكان لن يوقف المد الإسلامى , والزحف الإيمانى , فلن تخلوا الأرض من قائم لله بحجة , تتمثل فى طائفة من الناس تقوم بحفظ الدين , وتعمل على بقاءه قويا فى النفوس صالحا إلى يوم الدين , ما داموا بالحق عاملين وبكتاب الله وسنة رسوله الكريم قائمين ومستمسكين قال تعالى " فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد فى الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم , واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين " سورة هود الآية 116_
وها نحن نرى فى معظم البقاع الإسلامية , صحوة دينية , ويقظة إسلامية , حيث قامت طوائف إسلامية , تدافع عن الدين , وتحبط مؤامرات المشككين , وأباطيل السفهاء والمجرمين , وتدعم العقيدة والدين ....,,
وستظل هذه الطوائف المسلمة وإن إختلفت أسماؤهم لكنهم على الحق ظاهرين , لايضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ( 5)

اطلبوا الرزق بعزة الأنفس فإن ما عند الله لاينال بمعصيته :

من حديث ابن مسعود رضى الله تعالى عنه – عنه صل الله عليه وسلم قال : " ليس من عمل يقرب إلى الجنة إلا قد أمرتكم به , ولا عمل يقرب إلى النار إلا قد نهيتكم عنه , فلا يستبطئن أحد منكم رزقه , إن جبريل ألقى فى روعى أن أحدا منكم لن يخرج من الدنيا حتى يستكمل رزقه , فاتقوا الله أيها الناس وأجملوا فى الطلب , فإذا استبطأ أحد منكم رزقه فلا يطلبه بمعصية الله , فإن الله _ عز وجل _ لاينال فضله بمعصيته " رواه الحاكم والجامع للسيوطى . ( 6)

البيان والإرشاد :

لم ينتقل الرسول صل الله عليه وسلم _ إلى الرفيق الأعلى إلا بعد أن ترك أمته على المحجة البيضاء , ليلها كنهارها , لايزيغ عنها إلا هالك , ولم يترك بابا من أبواب العلم والخير إلا أمر أمته به , وأرشد إليه , ولم يترك بابا من أبواب الشر إلا وسد كل طريق إليه , وحذر من سلوكه , فقد بين لأمته أن من أراد سعادة الدنيا وعز الآخرة
فليمتثل ما أمر الله به , ويجتنب ما نهى الله عنه , وإن عز الدنيا والنجاة فى الآخرة أساسهما تقوى الله بنصر دينه واعزاز أمره , والمؤمن إن لم تعزه التقوى فلا عز له ولا هناءة ولاسعادة , قال سفيان الثورى رحمه الله تعالى : " اتق الله فما وجدت تقيا محتاجا " والمعنى ان من أعز أوامر الله بالعمل , وابتعد عما نهى وزجر , أذل الله له عظماء خلقه فكان غنيا بفضل الله تعالى قال الحسن البصرى رحمه الله تعالى :" أعز أمر الله يعزك الله " وقال الإمام الشافعى رحمه الله _ :" من أراد عزا بلا عشيرة , وجاها بلا سلطان , وغنى بلا فقر فليخرج من ذل المعصية إلى عز الطاعة " ( 7)

لقد طبق السلف الصالح منهج الإسلام كما تعلموه , عن رسول الله صل الله عليه وسلم _ فكانت لهم العزة والنصرة فى الدنيا , والفوز والفلاح والنجاة فى الآخرة
قال عمر رضى الله تعالى عنه _ فى وصيته لقائد جيشه , سعد ابن أبى وقاص حين أرسله لفتح فارس : أما بعد :" فإنى آمرك ومن معك بتقوى الله تعالى , على كل حال فإن تقوى الله _ تعالى _ أفضل العدة على العدو , وأقوى المكيدة فى الحرب , وآمرك ومن معك بأن تكونوا أشد احتراسا , من المعاصى منكم من عدوكم , فإن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم " (

ومن حديث جابر بن عبد الله رضى الله تعالى عنهما قال : خرج علينا رسول الله عليه وسلم _ يوما فقال :" إنى رأيت فى المنام كأن جبريل عند رأسى , وميكائيل عند رجلى , فقال : أحدهما لصاحبه : اضرب له مثلا , فقال لى : اسمع سمعت أذناك
واعقل عقل قلبك , إنما مثلك ومثل أمتك , كمثل ملك اتخذ دارا ثم بنى فيها بيتا , ثم جعل فيها مآدبة , ثم بعث رسولا يدعوا الناس , إلى طعامه فمنهم من أجاب الرسول ومنهم من تركه , فالله الملك , والدار الإسلام , والبيت الجنة , وأنت يا محمد : الرسول , فمن أجابك دخل فى الإسلام ومن دخل فى الإسلام دخل الجنة , ومن دخل الجنة أكل منها " كما جاء فى الصحيح
والرسول صل الله عليه وسلم يرشد أمته إلى طاعة الله ورسوله , ليفوزوا بدار العز والنعيم المقيم ," فى جنات عالية قطوفها دانيه , كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم فى الأيام الخالية " سورة الحاقة الآية 24 _ وفى ذلك يقول الرسول ضل الله عليه وسلم :" كل أمتى يدخلون الجنة إلا من أبى , قالوا ومن يأبى يارسول الله ؟ قال : من أطاعنى دخل الجنة , ومن عصانى فقد أبى " رواه البخارى (9)

وكما أرشد النبى صل الله عليه وسلم أمته إلى طريق الجنة والأعمال التى توصل إليها , فكذلك حذرها من النار وكل ما يدعوا إليها , وإن كل ما يوصل إلى النار هو فعل الحرام والكسب منه .
روى الإمام أحمد والبزار أن النبى صل الله عليه وسلم قال : " ولا اكتسب عبد مالا حراما فتصدق به فيقبل منه , ولا ينفقه فيبارك له فيه , ولا يدعه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار , فإن الله لايمحو السيئ بالسيئ , ولكن يمحو السيئ بالحسن "
وروى أبو داود أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال :" من اكتسب مالا من مأثم فوصل به رحمه , أو تصدق به , أو أنفقه فى سبيل الله , جمع الله له ذلك كله فقذف به فى جهنم , بل إن العبد يحرم الرزق بالذنب يصيبه " رواه ابن ماجة ولا يتنافى هذا مع حديث " إن الرزق لاتنقصه المعصية " فالحديث الأول يقع ذلك فى حق أحبابه وأولياءه وكما قالوا ( دقائق العقوبات على قدر جلائل الدرجات ) والحديث الثانى فى حق العصاة عامة وخاصة أهل الكفر والعياذ بالله . ( 10)

إن الرزق والأجل حددهما الله تعالى _ قبل أن يخلق الإنسان فى هذه الحياة
وفى ذلك قوله صل الله عليه وسلم :" إن الرزق ليطلب العبد كما يطلبه آجله " رواه الطبرانى .
وإذا كان عمر الإنسان محدودا , ومن المعلوم أنه لا خلود لبشر , والرزق لايأكله أحد غيره , فلماذا أيها لعبد تطلب الرزق بمعصية الله , وتدخل فيه الحرام الذى يغضب الله تعالى عليك , من حديث أبى هريرة رضى الله عنه _ أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال :" من طلب الدنيا حلالا استعفافا عن المسألة , وسعيا على أهله , وتعطفا على جاره , بعثه الله تعالى يوم القيامة ووجهه كالقمر , ومن طلبها حراما مكاثرا بها مفاخر لقى الله – عز وجل وهو عليه غضبان " رواه أبو نعيم فى الحلية
فاتقوا الله أيها الناس وأجملوا فى الطلب " اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك , وبطاعتك عن معصيتك , وأغننا بفضلك عمن سواك "
  وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ( 11)

من أسباب النصر العزة بالإسلام هي طريق الخلاص للمسلمين :

إن اعتزاز المسلم بنفسه ودينه وربه سمة وعنوان على تواضعه , و كبرياء إيمانه وكبرياء الإيمان غير كبرياء الطغيان , فهذا " إذا قيل له اتقي الله أخذته العزة بالإثم وسعي في الأرض فسادا مهلكا الحرث والنسل .
أما كبرياء الإيمان معناه الترفع على مغريات الأرض وأهواء الناس ومزاعمهم وأباطيل الحياة
والتواضع معناه : الانخفاض إلى خدمة المسلمين , والتبسط معهم  وإحترام الحق الذي يجمعهم به إيمانا منه بأن لكل وجهه ومن هنا فان الإسلام يربي أبنائه على خلق التواضع في غير مذله أو مهانة وتواضع المسلم عزة ورفعه لان تواضعه لله وفي الله
روى مسلم عنه صل الله عليه وسلم :" ما نقص مال من صدقة وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزة وما تواضع أحدا لله إلا رفعة  الله " ويثنى الله سبحانه على عباده المتواضعين بقوله "يحبهم ويحبونه أذله على المؤمنين أعزة على الكافرين" سورة المائدة ( 12)

والعزة والكرامة والإباء من أهم الصفات التي يجب على كل مسلم أن يتخلق بها فيحدد بها وجهته ويميز سلوكه بين الناس , والطريق إلى العزة يكون بطاعة العزيز سبحانه وتعالى  والإسلام عندما طلب من المسلم إن يحتفظ بعزة نفسه هداه إلى أسبابها ويسر له وسائلها وأفهمه أن الكرامة في التقوى وأن السمو في العبادة والإخلاص له سبحانه و تعالى في السر والعلانية قال تعالى "من كان يريد العزة فلله العزة جميعا" سورة فاطر إن العزة الحقيقية التي ينشدها تكون بالاعتزاز و بالإسلام والفخر بإحكامه الالهيه وما شرع من عقائد وسن من تعاليم وذلك هو مفتاح عودة المسلمين إلى دينهم وعودة الإسلام إلى حياتهم " (13)

والإسلام لا يرضي لأتباعه العجز والمهانة والحياة الذليلة , ولأنه يجعل العزة حق من حقوق المؤمنين وسمة ومن سماتهم قال الله تعالى " ولله العزة ولرسوله والمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون" سورة المنافقون  عن زيد ابن أرقم قال كنت مع رسول الله صل الله عليه وسلم في غزوة تبوك فقال عبد الله بن أبي  بن سلول :" لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل " قال فأتيت رسول الله صل الله عليه وسلم فأخبرته قال فحلف عبد الله أنه لم يكن شئ من ذلك قال فلامنى قومي وقالوا ولى ما أردت إلى هذا؟ قال فانطلقت فنمت كئيبا حزينا قال فأرسل إلى رسول الله صل الله عليه وسلم فقال إن الله قد أنزل عذرك وصدقك " قال فنزلت هذه الآية " من سورة المنافقون " لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا – إلى هم الذين يقولون لئن رجعنا إلى المدينة يخرجن الأعز منهم الأعز منها الأذل"  " وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه " (14)

ومن أمثله العزة :

أرسل عمر بن الخطاب رضي الله عنه _ إلى سعد ابن أبي وقاص رضي الله عنهما فقال :" لا يغرنك من الله أن قيل ( خال ) رسول الله وصاحب رسول الله صل الله عليه وسلم _ فان الله تعالى لا يمحى السيئ بالسيئ ولكن يمحو السيئ بالحسن وان الله ليس بينه وبين احد نسبا إلا طاعته فالناس شريفهم و وضيعهم في ذات الله سواء الله ربهم وهم عبادة يتفاضلون بالعافية ويدركون ما عنده بالطاعة فانظر الأمر الذي رأيت رسول الله صل الله عليه وسلم عليه  منذ بعث إلى أن فارقنا فألزمه فانه الأمر هذه عظتي إياك إن تركتها ورغبت عنها حبط عملك وكنت من الخاسرين
ومن أمثله العزة أيضا تدل على عزة المؤمن ذكر أن الحسن بن على رضي الله تعالى الله عنهما :" رأى رجلا يمشي مشيه فيها قوة وسمو فقال لمن حوله انظروا إلى خيلاء الشاب " وسمعه حبر الأمة وترجمان القران عبد الله بن عباس رضى الله عنهما : وقال يا بن آخى ليست هذه خيلاء الشاب ولكنها عزة المؤمن " ( 15)

ونظر عمر بن الخطاب رضي الله عنه _ رجلا مطأطأ الرأس فقال له ارفع رأسك فإن الإسلام ليس بمريض ورأى رجلا أيضا مظهرا النسك متماوتا فخفقه بالدرة فقال لا تمت علينا ديننا أماتك الله "
ورأت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها رجلا يطاف به حول الكعبة وهو محمول على الأكتاف يلبي بصوت خافت فقالت من هذا من هؤلاء؟ فقالوا هذا رجلا فطر قلبه الخوف من الله  فقالت إن الزهد صبر وعزم وجادة لا يضعف المؤمن بل يزيده  قوة على قوة لقد كان عمر رضي الله عنه _ أخوفنا في الله وكان إذا مشي أسرع وإذا نطق اسمع وإذا ضرب في ذات الله أوجع " " وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه " (16)

إن المؤمن الحق لا يخضع  لسيطرة عدو دينه وعقيدته ومفسد وطنه وبلادة فان رضي بالهوان فقد انحرف عن طريق الإيمان كما يقول الرسول صل الله عليه وسلم " من أعطى الذلة من نفسه غير مكره فليس منا"رواه الطبراني إن من ثمرة الإيمان عند كل مؤمن تقتضى الثورة على الذله والإباء على الهوان والقوة في مواجه الظلم ومكافحة الطغيان أينما كان وقد عاب القران الكريم الذين استكانوا لقوى الكفر وخضعوا تحت سيطرة الطغيان فظلموا أنفسهم وأضاعوا إيمانهم وقال الله تعالى " إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيما كنتم؟ قالوا كنا مستضعفين في الأرض الم تكن ارض الله واسعة فتهاجروا فيها؟ فأولئك مأواهم جنهم وساءت مصيرا"
وقد عزر الله العجز من الرجال الذين فقدوا القدرة على الانتقال ولا يجدون وسيله للنجاة وضم إليهم النساء والأطفال فقال إلا المستضعفين من الرجال النساء والولدان   لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا فلؤلئك عسي الله إن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا  " سورة النساء (17)

إن إباء المسلم ورفضه للذلة والهوان هو النتيجة الطبيعية لعقيدته  التي تجعله يوقن إن الكون كله في قبضة الله وأن العباد كلهم  أخوه , يتفاضلون بالإخلاص والعافية ويدركون ما عند الله بالطاعة والتقوى ويتمايزون بالجهاد والتضحية , فليس فيهم من يستحق إن يحني له المسلم هامته أو إن يطأطئ له رأسه أو يشعر نحوه بالرهبة والخشوع  قال الله تعالى" إنما ذلكم الشيطان  يخوف أوليائه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين" سورة آل عمران ومن هنا  فإن الاسلام يحرر الناس من عبادة بعضهم بعضا ويجعلهم جميعا عبيدا للواحد القهار قال ربعى بن عامر رضى الله عنه _ " لرستم ملك الفرس " جئنا لنخرج الناس من عباده العباد الى عباده الله وحدة ومن جور الأديان الى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا الى سعه الدنيا والآخرة "" وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه " (18)

الرزق والأجل والنفع والضرر بيد الله وحده :

والمسلم يعلم أن كل مايحرص عليه بعيدا عن أيدي الناس لا يتصرف فيه إلا الله فالرزق والأجل والنفع والضرر بيد الله وحدة قال الله وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها سورة هود وقال أيضا "وفى السماء رزقكم وما توعدون"  وعن الحسن البصري قال بلغني أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال قاتل الله أقواما  اقسم لهم ربهم لم يصدقوا ويقول الأصمعي أنه  سمع قارئا يقرا قوله تعالى " فورب السماء والأرض انه لحق مثل إنكم لا تنطقون" قال الإعرابي سبحان الله من أحوج العظيم إلى  أن يقسم .
من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن الترمذي بن ماجه قال قال رسول الله صل الله عليه وسلم قال الله تعالى يا ابن ادم تفرغ لعبادتى أملاء قلبك غني وأسد فقرك وإلا تفعل ملئت صدرك شغلا ولم أسد فقرك " ( 19)

"إن الرزق ليطلب العبد كما يطلبه أجله" فالمسلم الحق لا يذل نفسه ولا يبذل كرامته في سبيل التكالب على ما سيأتيه بقدر محدود وأجل عند الله معلوم ولهذا حث الرسول صل الله عليه وسلم على طلب الرزق بثقة ويقين وفي مهل وتؤدة حتى يحتفظ الإنسان بكرامته ويصون ماء وجهه فقال : عن بن مسعود رضي الله عنه أنه صل الله عليه وسلم قال : " ليس من عمل يقرب الى الجنة الا وأمرتكم  به ولا عمل يقرب الى النار وإلا وقد نهيتكم عنه فلا يستبطئن احد منكم رزقه"
فإن جبريل ألقي في روعى إن أحدا منكم لن يخرج من الدنيا حتى يستكمل رزقه فاتقوا الله وأجملوا في الطلب فإن استبطأ أحد منكم رزقه فلا يطلبه بمعصية الله فإن الله لا ينال فضله بمعصيته"
ذلك على الرزق والأجل كذلك مرهون عند الله بساعة وميقات " فأذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون" فلا يقصر العمر قول الحق والشجاعة في مواجهه الباطل كما لا يطليه الجبن والاستكانة والخضوع والنفع والضرر كذلك بيد الله وحده فهو القادر على الإسعاد والأشقاء وليس في أيدي العباد من ذلك شئ " (20)

وحين تستقر هذه الحقيقة في قلب المسلم لا ترهبه قوة ولا يؤثر فيه إغراء بل يتبع الحق أينما كان ويقاوم الباطل مهما أحيط بالقوة والسلطان
فلن يستطيع البشر إذلال من أعز الله أو إعزاز من  أذل الله " ما يفتح الله للناس من رحمه فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم" سورة فاطر
وقد أجمل هذا كله رسول الله صلوات الله عليه واله  حين يقول " وإعلم أن الامه لو إجتمعت على أن ينفعوك بشئ لم ينفعوك إلا بشئ قد كتبه الله لك وإن اجتمعوا على أن يضروك بشئ لم يضروك لا بشئ قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف   رواه الترمذي إن هذه المعاني تزرع الإباء وتنبت القوة وتؤسس العزة في نفوس أنباء الإسلام   " وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه " (21)

كيف يتم للمسلمين عزتهم :
               
إن الاستعمار الذي بليت به بلاد المسلمين أعظم ذله حاقت بهم وأكبر طعنه وجهت إلى كيانهم فليس هناك أفظع من أن يعيش المسلمون أذله في ديارهم قد تحكم فيهم أعداؤهم إن أعداء الإسلام لم يتم لهم  ذلك إلا بعد إن ذابت في بلاد المسلمين عناصر القوة التي تمنع حرماتهم وتذود عن كرامتهم وتحمى مقدساتهم
ولئن كانت معظم بلاد المسلمين تحررت في عبودية الاستعمار فقد بقيت بعض بلاد المسلمين تحت سيطرة ألغاضب الأثيم ولن تتم للمسلمين عزتهم ولن يصح   إسلامهم إذا طهروا كل ديارهم من ذل الاستعمار ورجسه فان ذلك مقتضي الإيمان وثمرة العزة التي يهبها الله تعالى للمؤمنين قال تعالى :" ولن يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلا " سورة النساء ( 22)

ولهذا كان الجهاد في سبيل الله عنصرا أساسيا في شخصيه المسلم يؤدى به واجبه نحو عقيدته ومجتمعه فيجئ بقوته ليكون متعدى في كل حين لحماية الحرية والدفاع عن الحقيقة وإلا فلا يسلم له إيمان ولا يكمل لقول الرسول صل الله عليه وسلم :" من مات ولم يغزو ولم تحدث  نفسه بغزو مات على شعبه من النفاق وفي رواية لأبي داود " من لم يغزو ولم يجهز غازيا أو لم يخلف غازيا في أهله بخير أصابه الله تعالى بقارعه قبل يوم القيامة عن المسلم  وإذا تخلي المسلم  عن الجهاد وغفل عن العدو المتربص به فانه يخون أمانته وينقض عهده مع ربه وهو ليس أهلا لحمل رسالة الإسلام  وأدائها للعالمين
" ألا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا " سورة التوبة قيل يا رسول الله اى الناس أفضل قال " مؤمن مجاهد بنفسه وماله في سبيل الله
ولذلك يبادر المسلم إلى الجهاد ولا يركن إلى الدعة أو يجنح إلى السلامة وألا غشيه الذل وضاعت الكرامة "
" انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون " (3 2)

ويقول صل الله عليه وسلم " الجهاد واجب عليكم مع  أمير برا كان أو فاجرا"
والحديث يبين إن الجهاد واجب على كل مسلم نحو عقيدته أولا فلا يضيره أن يقاتل خلف إي قائد مادام سبيل الله غايته ونصرة الإسلام قصده وتحقيق الحرية أملة
ألا وحده إسلاميه جامعه ترسوا على قاعدتي العدل والإنصاف فتجتث بذور الشقاق وتنيت الثقة لتنتهي آلامنا ومرارتها ليفرح المؤمنون ويقولون وداعا أيها الحزن ألا وحده ثم مجالدة العدو دون تباطؤ دون تثاقل دون إلقاء الواجب على الآخرين منا وقد حذرنا الله من  التباطؤ فقال عز من قائل
"يا أيها الذين امنوا إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل"
لا تحزن فلن تموت قبل حينك واعلم أن التعلق بغير الله شقاء قال تعالى " فما كان له من  فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا" سورة الكهف " وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه " (24)

الواقع الأليم بين القوة والفعل :

إن حياتنا اليوم كعرب تجمع بين المتناقضات , حياة الأضداد وازدواجية الشخصية
حياة الشئ واللاشئ , حياة النهار المشرق الوضاء إلى حد الظلام الدامس , حياة الإسترخاء الهادئ إلى حد اللهاث النائح , حياة الشبع والتخمة إلى حد الجوع المفرط
حياة الإنبساط إلى حد العبوس القاطم , حياة التجشؤ من بطر النعمة إلى حد المعانة من الأمراض وذل الحاجة , فكيف السبيل إلى سلوك منهج الإعتدال والخروج من هذه الأزمات الناكرة والأعمال المتناقضة , إننا فى زمان لامكان فيه إلا للأقوياء القوة بمعناها الشامل لمفاهيم ديننا وتعاليم ربنا العزيز القادر قال تعالى " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم " سورة الأنفال الآية 60ـ ومن حديث أبى هريرة رضى الله عنه ـ قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم :" المؤمن القوى خير وأحب إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف وفى كل خير .. إلخ الحديث رواه مسلم النسائى . (25)