عن حسن معاملة الزوجة

قال ابن حجر في "فتح الباري. كتاب النكاح. باب غيرة النساء ووجدهن": وأصل الغيرة غير مكتسب للنساء. لكن إذا أفرطت في ذلك بقدر زائد عليه تُلام".
وقال رحمه الله تعالى: "إذا كان الزوج مقسطاً عادلاً وأدى لكلٍ من الضرتين حقها فالغيرة إن كانت لما في الطباع البشرية التي لم يسلم منها أحد من النساء ، فتعذر فيها ما لم تتجاوز إلى ما يحرم عليها من قول أو فعل. وعلى هذا يُحمل ما جاء عن السلف الصالح من النساء في ذلك" أ.هـ.
وفي الأحاديث التالية : وكلها من صحيح البخاري- النبراس الذي يجب على الرجال أن يهتدوا به في تعاملهم مع نسائهم. وثمرة ذلك الحياة الأسرية الكريمة الطيبة في الدنيا. والأجر العظيم من الله سبحانه وتعالى في الآخرة .

عن أنس رضي الله عنه قال: "كان النبي صل الله عليه وسلم عند بعض نسائه فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام فضربت التي كان النبي صل الله عليه وسلم- في بيتها يد الخادم فسقطت الصحفة فانفلقت ، فجمع النبي صل الله عليه وسلم فِلَق الصحفة ، ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ويقول: غارت أمكم. ثم حبس الخادم حتى أُتي بصحفة من عند التي هو في بيتها فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كُسِرتْ صحفتها وأمسك المكسورة في بيت التى  كسرت فيه" أ.هـ. وبذلك نرى أن النبي صل الله عليه وسلم- بيّن عذر أم المؤمنين لمن حضر وأنها فعلت ذلك غيرة. ولم يعنفها وإنما غرّمها الصحفة التي كسرتها فقط لأن ذلك من حقوق الآخرين. ولو فعلت إحدى نسائنا مثل هذا وهي غائرة غضبى فكسرت إناءً أو مزقت ثوباً أو رمت شيئاً فما ظنكم أن يكو رد الفعل من كثير من رجالنا؟!

عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما غِرتُ على أحد من نساء النبي صل الله عليه وسلم ما غرتُ على خديجة. وما رأيتُها ولكن كان النبي صل الله عليه وسلم يُكثر ذكرها. وربما ذبح الشاة ثم يقطِّعها أعضاءً ثم يبعثها في صدائق خديجة فربما قلتُ له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة؟ فيقول: إنها كانت وكانت وكان لي منها ولد"أ.هـ. ففي الحديث ، أن الرسول صل الله عليه وسلم- شمل حُسنُ خلقه  مع الأمواتَ والأحياء. وحسن عهده لزوجته المتوفاة واتسع صدره لزوجته المتوفاة ,  ولان جانبه لزوجته التي معه ولم يعنف عائشة رضي الله عنهما لأن الذي دفعها إلى ذلك هو محبتها لرسول الله صل الله عليه وسلم وغيرتها وهي طبيعة في النساء لا يمكن إلغاؤها ، ولكن تهذيبها وتشذيبها ولا يكلف الله سبحانه وتعالى نفساً إلا وسعها.موقع من فقه الإسلام للشيخ سامى ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

مفاهيم خاطئة عن المرأة :

ينبغي على المرأة أن تكون عونا لزوجها على طاعة الله تعالى وطاعة رسوله صل الله عليه وسلم ، وكذلك الرجل يحب عليه أن يكون فإن كانوا كذلك صحت الشركة والمشاركة ، وتحولت بيوتنا إلى مدارس تربوية يكون للمرأة أولا فيها دورها المؤثر والايجابي، في تربيتها لأولادها وتنشئتهم النشأة الصالحة ولذلك نجد في تراثنا الإسلامي الرفيع قصص رائع ومواقف مشرقة في حياة الصحابة السلف رضي الله عنهم وذلك عندما كان الرجل يخرج من بيته سعيا على طلب الرزق الحلال فتصحبه زوجته إلى الباب تودعه ببسمة وكلمة طيبة قائلة له: يا عبد الله اتقي الله فينا فإنا نصبر على الجوع ولا نصبر على الحرام فلا تطعمنا إلا حلالا. إن العلاقة بين الزوجين ليست علاقة دنيوية مادية ولا شهوانية بهيمية ، إنها علاقة روحية كريمة ، وحينما تصح هذه العلاقة وتصدق هذه الصلة فإنها تمتد إلى الحياة الآخرة بعد الممات قال تعالى :" جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم " سورة الرعد، الآية 23.

إن الزوجة الصالحة مسؤولة عن حث زوجها على الاجتهاد في الطاعة والعبادة والحرص عليها ، كما أن الزوج الصالح مسؤول عن ذلك مع زوجته وتأملوا قول النبي صل الله عليه وسلم-: "رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها- يعني رش عليها الماء رشاً رفيقا- ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فصلى ، فإن أبى نضحت في وجهه الماء" .حقا إن طاعة المرأة لزوجها في غير معصية الله من ألزم الواجبات التي تهاون فيه كثير من النساء اليوم , وقد جاءت الآيات والأحاديث تحض على الترغيب والترهيب في حرص المرأة على معاملة زوجها معاملة كريمة وكذلك الرجل يجب عليه ذلك تجاه زوجته وأم أولاده لكن هناك بعض المرويات التي قد تحمل لنا في طياتها ما يعكر صفو البيت بما يؤدي إلى الخصومة والشجار،

وهذه أحاديث إما مكذوبة لا أصل لها وأما أنها فهمت بعيدا عن الصواب ومن هذه الأحاديث التي تخالف تعاليم الإسلام ومنهج السنة النبوية الشريفة،التي نقف أمامها متعجبين كيف برسول الله رحمة الله للعالمين صل الله عليه وسلم ـ أن يقف مع هذه المرأة هذا الموقف الصعب الشديد وقعه على النفس والعاطفة وهو القائل :" رفقا بالقوارير " والحديث يبين لنا أن الأب يسكن في الطابق الأسفل وابنته في الطابق الأعلى والرسول صل الله عليه وسلم يمنعها من الذهاب لأبيها عندما طلبت الاذن منه لماذا ؟ حسبة وطاعة لزوجها طبعا هذا الموقف لم يثبت عن النبي صل الله عليه وسلم ـ ولكن هناك من يستغل هذه المرويات الباطلة في تمرير ما يريد ،إن كان رجلا مستبدا يستخدمه لصالحه ليكون سيفا قاطعا على رقبة بناتنا وأخواتنا وعماتنا وخالتنا بل وأمهاتنا , وإن كان عدواً يطعن به في الإسلام،

وإليك أخي القارئ الحديث بنصه عن أنس بن مالك أن رجلا غزى " يعني كتب في غزوة "وامرأته في علو البيت وأبوها في أسفله وأمرها زوجها أن لا تخرج من بيتها فاشتكى أبوها فأرسلت إلى رسول الله صل الله عليه وسلم فأخبرته واستأذنته فأرسل إليها أن أتقي الله وأطيعي زوجك ثم إن أباها مات فأرسلت إلى رسول الله صل الله عليه وسلم تستأذنه وأخبرته فأرسل إليها أن اتقي الله وأطيعي زوجك فخرج رسول الله صل الله عليه وسلم فصلى على أبيها فقال لها ان الله قد غفر لأبيك بطواعيتك لزوجك ."انظر بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث و الكامل في ضعفاء الرجال . هذا الحديث مما يُخالف ظاهره لفظا ومعني منهج القرآن والسنة الصحيحة في الأمر بالوفاء بحق الوالدين وبرهما وهو بذلك يقطع ما أمر الله به أن يوصل وهو من الأحاديث التي تُسئ للإسلام عامة وللمرأة خاصة ومن ذلك أيضا هذا الكلام : "اثنان لا تأمنهم: الدهر ولو صفا لك والمرأة ولو طالت عشرتها". وذكره ابن عبد البر في بهجة المجالس ، والحصري في زهر الآداب. وهذا الكلام مما يُسئ للمرأة كذلك فليست كل النساء بهذا الوصف الدنئ والمرأة والرجل في ذلك سواء من الطباع والأخلاق . فلتقر المرأةُ المسلمةُ عيناً بهذه الحفاوة وهذا الإكرام ، والرعاية والإحسان الذي حباها به منهج الإسلام , ومن ثم ينبغي على المسلم أن يحذر هذه المرويات الساقطة لفظا ومعني ويحذر غيره منها .والله أعلم. وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
#موقع_من_فقه_الاسلام_للشيخ_سامي_محمود

اجتماعيات في حياتنا الأسرية :

                                                 أبغض الحلال إلى الله تعالى الطلاق :

الطلاق جريمة اجتماعية إذا ما اقترفت بدون وجه حق وهو أبغض الحلال إلى الله عز وجل وأول خطوة في طريق تفكك الأسرة وبروز المشاكل الاجتماعية، ولكن في حالات قد يتسع فيها الخلاف بين الزوجين ويشتدّ الخصام بحيث تغدو الحياة الزوجية مستحيلة الاستمرار ويتعذر الإصلاح، ولكن المشكلة التي نود الحديث عنها فيمن يستخدم الطلاق كأول الحلول للتعامل مع المشكلات الزوجية ويسيء استخدام هذا التشريع. وبالرغم من الآثار السلبية التي تنتجُ عن الطلاق إلا أن الشرع أجازه وحلّله، وذلك عند الضرورة القصوى، واستنفاد كل الحلول الممكنة، كما روي في حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن الرسول صل الله عليه وسلم ورد عنه - "إن أبغض الحلال عند الله الطلاق"، ومعناه كما يقول أهل العلم : أن ترك الطلاق أفضل إن لم تدعوا إليه الحاجة "وكذلك حديث أبي موسي رضي الله عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم : " إن الله لا يحب كل ذواق من الرجال ولا كل ذواقة من النساء "و قال: "تزوجوا ولا تطلقوا، فإن اللهَ لا يحب الذواقين والذوّاقات"،

، ومعناه الذي يتزوج ثم يُطلق ويُكرر ذلك رغبة في التنقل كما جاء في مناسبة أسباب ورود الحديث , أخرجه بن أبي شيبة في مصنفه , قال: حدثنا أبو بكر قال حدثنا محمد بن فضيل عن ليث عن شهر بن حوشب قال :تزوج رجل وامرأة على عهد النبي صل الله عليه وسلم فطلقها فقال له النبي صل الله عليه وسلم : " طلقتها ؟ قال : نعم؛ قال : من بأس ؟ قال : لا يا رسول الله ؛ ثم تزوج أخرى ثم طلقها فقال له رسول الله صل الله عليه وسلم : طلقتها ؟ قال : نعم ؛قال : من بأس ؟ قال : لا يا رسول الله ؛ ثم تزوج أخرى ثم طلقها فقال له رسول الله صل الله عليه وسلم : أطلقتها ؟ قال : نعم ؛ قال : من بأس ؟ قال : لا يا رسول الله صل الله عليه وسلم فقال رسول الله صل الله عليه وسلم في الثالثة : " إن الله لا يحب كل ذواق من الرجال ولا كل ذواقة من النساء "

وكما أن الإسلام حرم الطلاق الذي لا مبررَ له، وذلكَ للحدّ من هذه الظاهرة لما لها من سلبيات تدمر الأسرة ,وتعمل على خراب البيوت , وتشتت الأولاد ، فإن الله تعالى يُناشد الدوافع النبيلة في قلوب الأزواج حيث سابق المودة والرحمة في هذه الآية الكريمة بقوله : "فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان عليا كبيراً"، سورة النساء : الآية 34 ـ والمعني كما في تفسير الميسر وفيه توجيه للأولياء وخاصة الزوج " فإن أطعنكم فاحذروا ظلمهن، فإن الله العليَّ الكبير وليُّهن، وهو منتقم ممَّن ظلمهنَّ وبغى عليهن." اهـ بتصريف. وقال سبحانه وتعالى: "واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن و لا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، وتلك حدود الله ومن يتعدَّ حدود الله فقد ظلم نفسه". سورة الطلاق : الآية 1ـ والمعني : ولا يجوز لهن الخروج منها بأنفسهن، إلا إذا فعلن فعلة منكرة ظاهرة كالزنى، وتلك أحكام الله التي شرعها لعباده، ومن يتجاوز أحكام الله فقد ظلم نفسه، وأوردها مورد الهلاك. لا تدري- أيها المطلِّق-: لعل الله يحدث بعد ذلك الطلاق أمراً لا تتوقعه فتراجعها " اهـ مصدر سابق ,

وحتى يتفادى المجتمع وخاصة الأسرة المنوطة بهذا الأمر الأسباب والمشاكل التي تجر إلى الطلاق ووقوعه نلفت النظر إلى ضرورة تحدث الأهل مع ابنتهم الزوجة عن مسئوليات وأعباء الزواج و لفت انتباهها إلى أن المعاملة اللطيفة مع زوجها التي لا تدخلها في مشاكل معه وتوضيح فكرة أنها ليست نِدا له عند معاملته ومن ثم لا يجب عليها مبارزته وكذلك الحال بالنسبة لأهل الرجل الزوج فيجب عليهم أن يشرحوا لابنهم أن الرجولة والفحولة إنما تكمن في تحمل المسئولية واحتواء الزوجة وحمايتها وليس قهرها والتحكم بها مع أهمية محاولة الزوجين على حل مشاكلهم بعد الزواج بهدوء وبالتوصل إلى حل يرضي الطرفين مع ضرورة إعلاء قيمة التسامح بينهما. قال الله تعالى :" وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا" سورة النساء : الآية 128ـ

وإن علمت امرأة من زوجها ترفعاً عنها، وتعالياً عليها أو انصرافاً عنها فلا إثم عليهما أن يتصالحا على ما تطيب به نفوسهما من القسمة أو النفقة، والصلح أولى وأفضل. وجبلت النفوس على الشح والبخل. وإن تحسنوا معاملة زوجاتكم وتخافوا الله فيهن، فإن الله كان بما تعملون من ذلك وغيره عالماً لا يخفى عليه شيء، وسيجازيكم على ذلك.اهـ الميسر . والله أعلم .دعاء مؤلف :اللهم يا من لا تضيع ودائعه نستودعك نفوسنا وديننا وبيوتنا وأهلنا وأولادنا وأموالنا وخواتيم أعمالنا فاحفظهم لنا بما تحفظ به عبادك الصالحين. ..". موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم