من يسر الإسلام فى تكاليفه :

يسر الإسلام فى تكاليفه :

أرسل الله تعالى سيدنا محمد صل الله عليه وسلم بالإسلام دينا عاما وجعله خاتم الأديان وامتازت تكليفه بالسهولة واليسر
ومعنى يسر الإسلام فى تكاليفه أنه ما طلب من الناس أن يؤدوه من فرائض يستطيعون أداءها بلا مشقة أو حرج لأنه فى حدود طاقتهم البشرية قال تعالى
" وما جعل عليكم فى الدين من حرج " آخر سورة الحج وقال تعالى " لا يكلف الله نفسا الا وسعها " سورة البقرة
وهذه البساطة من السهولة واليسر تظهر فيما يأتي
أولا- فى عقيدته التى يتقبلها العقل وتتفق وفطرة الإنسان الذى يحس أن له وللكون الذى حوله ربا وخالقا قال تعالى " ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله " ثانيا _ وفى فرائضه : التى يسهل على الإنسان أداؤها فالصلاة تؤدى فى وقت وجيز والصوم المفروض شهر واحد من العام كله والزكاة لا تجب الا على الأغنياء الذين يحول الحول على ما يدخرون من أموال وما فى جنساها من أثمان ومقدار ما يجب إخراجه زكاة من المال قليل
والحج لا يجب الا على من يستطيعه ولا يجب الا مرة واحدة فى العمر
والى جانب هذا اليسر فى الأداء العام لأصحاب العزائم الا أن الله تعال جعل رخصا للمسلم أذا طرأ عليه عذر يجعل قيامه بالعبادة شاقا عليه  فان الله تعالى ييسر عليه فى أدائها ,

ومن أمثلي ذلك:

1 ـ أن لا يستطيع القيام فى الصلاة المفروضة يصلى جالسا أو مضطجعا على جنبه أو مستلقيا على ظهره إن لم يستطع غير ذلك
2 ـ ومن شق عليه صوم رمضان لشيخوخة أو مرض لا يرجى شفاؤه يفطر ويخرج فدية عن كل يوم إطعام مسكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو إخراج قيمة ذلك عن كل يوم بمعنى يقدر ثمن الوجبة عن كل يوم ويخرج ذلك نقودا
3 ـ ومن طرأ عليه عذر يبيح الفطر فى رمضان كسفر أو مرض أفطر وفضي بعد رمضان الأيام التى أفطرها
4 ـ ومن ضره استعمال الماء فى الوضوء أو الغسل يتيمم ويكون تيممه طهرا له من العبادات ما يبيحه الغسل أو الوضوء
5 ـ ومن ربط جرحا أو جبيرة على جرح أو كسر وكان فك الرباط يضره مسح على رباطه بالماء ولم يغسل الجرح المصاب

وهكذا  نرى أن الله تعالى يسر لنا الدين ويمن علينا بنعمه التيسير فيقول تعالى : " يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر "
فلا ينبغي لمسلم أن يشق على نفسه فيرفض رخص الله التى تفضل بها عليه فعن بن عمر رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال "
إن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه " رواه أحمد والرخصة تخفيف الحكم الشرعي كقصر صلاة المسافر
وقد بلغ النبي صل الله عليه وسلم _ أن جماعة من الصحابة أراد أحدهم أن يصوم دائما ولا يفطر وأراد آخر أن بقوم الليل متعبدا ولا ينام وأراد ثالث ألا يتزوج حتى لا يشغله الزواج عن ربه وعبادته فلم يرض منهم ما عزموا
وأفهمهم أنهم منحرفون عن الدين مخالفون لسنته لأنه صل الله عليه وسلم :" يصوم ويفطر ويقوم جانبا من الليل وينام سائرة ويتزوج النساء
وإن من يشق علي نفسه فى العبادة يخالف روح الإسلام وينتهي به الأمر الى الملل والضجر منها أو العجز عن أدائها
وكان من أثر يسر الإسلام أن كل مسلم يسهل عليه أداء تكاليف فى جميع الأحوال من غير مشقة فيخف لأدئها                               
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

منهج الإسلام فى العبادة :

من حديث أبى هريرة عن النبي صل الله عليه وسلم قال :
" إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحدا الا غلبه فسددوا وقاربوا وابشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشئ من الدلجة رواه البخارى
معنى الكلمات
يسر _ سهل – يشاد يغالب _ سددوا : اعتدلوا فلا تسرفوا فى العبادة ولا تقصروا – قاربوا _ اقتربوا من كمال العمل ما استطعتم _ أبشروا انتظروا الخير وحسن الجزاء _ الغدوة سير أول النهار _ الروحة السير بعد الزوال ( من الظهر الى العصر ) الدلجة السير بالليل ,

الإسلام دين سهل لم يكلف المسلم أن يشدد على نفسه فى أداء ما طلب الله تعالى منه أن يؤديه كأن يحج ما شيا أو يقف على جبل عرفه فى حر الشمس أو يسرف فى النوافل ( وهى العبادات التى تزيد على الفرض ) إسرافا مرهقا فإن ذلك قد يصل به الى الملل أو الضجر أوالإعتلال أو العجز جملة عن أداء ما عليه من تكاليف دينية وأعمال دنيوية
فالواجب على المسلم أن يعتدل فى عبادته فلا يقصر فيها ولا يبالغ وأن يقترب من الكمال فى أدائها ما إستطاع من غير أن يضيع كل جهوده ووقته فيها لأن الإسلام يطلب أن نعمل للدنيا كما نعمل للآخرة ولا يرضى لنا أن نهمل إحداهما قال الله تعالى " وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا " سورة القصص
وينبغي للمسلم أن يتخير أوقات النشاط لعبادته فى أول النهار ووسطه وبعض أوقات الليل قبل النوم أو فى السحر بعد الراحة فإن ذلك يعينه على حسن أدائها ومن فعل ذلك فقد رفق بنفسه وأرضى ربه وأستحق الفوز بخير الدنيا وحسن الجزاء فى الآخرة وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الوسطية وتعاليم الإسلام :

أجمع أهل العلم على أن الوسطية فى الإسلام منهج كامل , له خصائصه المتميزة فى حياة المسلمين وفكرهم وسلوكهم يقول تعالى :" وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا " سورة البقرة الآية 143 ـ
وقد جاء فى الأثر :" اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لأخرتك كأنك تموت غدا "
ونهى عن الإسراف ودعى إلى التوسط فى النفقة بقوله تعالى :" وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين " سورة الأعراف الآية 31 ـ وكما نهى الإسلام عن الإسراف دعا إلى عدم التقتير وبسط اليد كل البسط قال تعالى :" والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما " سورة الفرقان الآية 67 ـ كما يدعوا الإسلام إلى الوسطية فى مجال العبادات والتقرب إلى الله تعالى , فليس من الإسلام الرهبانية وهى الإنقطاع عن الحياة الدنيا , إلى حياة العزلة والبعد والانطواء عن حياة المجتمع كما أراد أن يفعل بعض المسلمين فى حياة الرسول صل الله عليه وسلم ـ فأرشدهم ودلهم على التوسط ,

كما في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه يقول جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صل الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صل الله عليه وسلم فلما أخبروا كأنهم تقالوها فقالوا وأين نحن من النبي صل الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قال أحدهم أما أنا فإني أصلي الليل أبدا وقال آخر أنا أصوم الدهر ولا أفطر وقال آخر أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقال أنتم الذين قلتم كذا وكذا أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني " رواه البخاري في كتاب النكاح .فدلهم على الأخذ بالعبادة والإقبال على الله تعالى, مع الحرص على مطالب الجسد دون تقصير أو تشدد , فوسطية أهل الإسلام المستقيمين على هديه، تبدو في الاعتدال والتوازن بين مطالب الدنيا والنظرة إليها، ومطالب الآخرة والعمل لها، والأخذ بالأسباب المؤدية إلى ذلك، دون إفراط أو تفريط، ودون إسراف أو تقتير، قال الله- تعالى:" وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك " سورة القصص: الآية 77،ـ وهذه الغاية جاءت من لدن خلاق عليم، وسع كل شيء رحمة وعلماً، قال تعالى:" ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير " سورة الملك: 14الآية ـ. ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الإسلام دين اليسر :

ـ الدين الإسلامى يسر لامشقة فيه , والله سبحانه وتعالى لايطلب من عباده الطائعين ما لايُطيقون , فمن فعل خيراً نال خيراً , ومن فعل شراً نال شراً , فاللهم لا تعاقبنا إن نسينا فيما أمرتنا به أو أخطأنا فيما نهيتنا عن فعله , ولا تكلفنا من الأعمال الشاقة ما كتبته على العصاة من قبلنا عقوبة لهم , ربنا ولا تحملنا ما لانستطيعه من التكاليف والمصائب , وامح ذنوبنا واستر عيوبنا , وأحسن إلينا أنت ربنا مالك أمرنا ومدبر شئوننا فدبر لنا فإنا لانحسن التدبير , وانصرنا يامولانا على من جحدوا دينك وأنكروا وحدنيتك , وكذبوا بنبيك سيدنا محمد صل الله عليه وسلم ـ واجعل العاقبة لنا عليهم فى الدنيا والآخرة ". موقع من فقه الإسلام للشيخ سامى ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الأدب والدين:

يقول بعض الصالحين : الأدب أدبان : أدب الغريزة وهو الأصل , وأدب الرواية وهو الفرع ولا يتفرع شئ عن أصله ولايتم شئ إلا باتصال المادة " وبعد: فإن المنهج الإسلامي يتعامل مع الإنسان بواقعية من حيث إنه إنسان ويُجارى الفطرة فيه بما تشتمل عليه نفسه من ضعف أو قوة , ومن ثم فإن الله تعالى لايكلف الإنسان مالا يطيق ولا يقدر قال تعالى :" يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا " سورة النساء الآية 28 ـ والمنهج الإسلامي يحقق للإنسان توازنه بين مطالبه الجسدية والعقلية والروحية ويمزجها بعضها ببعض لتعمل مرتبطة ,قال تعالى :" لايكلف الله نفسا إلا وسعها " سورة البقرة الآية 286 ـ

والله سبحانه وتعالى يطلب منك كما تعمل لدنياك , ألا تنسى العمل لآخرتك قال تعالى :" فلله الآخرة والأولي " سورة النجم الآية 25 ـ  ومن حديث أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعا :" خيركم من لم يترك آخرته لدنياه ، و لا دنياه لآخرته ، و لم يكن كلا على الناس" . وفى إسناده ضعف أخرجه السيوطي والحديث يبين لنا أن الدنيا خير وسيلة للوصول إلى الآخرة لمن أحسن التعامل معها والعمل فيها , ولهذا ورد في الأثر:"نعمة المطية الدنيا فارتحلوها تبلغكم الآخرة   " .  موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

عن الإسلام وفضائل هذه الأمة :

ما أحوج المسلمين اليوم إلى من يرُد عليهم إيمانهم بأنفسهم وثقتهم بماضيهم ورجاءهم في مستقبلهم ، وما أحوجهم لمن يرُد عليهم إيمانهم بهذا الدين الذي يحملون اسمه ويجهلون كنهه ، ويأخذونه بالوراثة أكثر مما يتخذونه بالمعرفة.إن الإسلام عقيدة استعلاء ، من أخص خصائصها أنها تبعث في روح المؤمن بها إحساس العزة من غير كبر، وروح الثقة في غير اعتزاز، وشعور الاطمئنان في غير تواكل. وأنها تشعر المسلمين بالتبعة الإنسانية الملقاة على كواهلهم، تبعة الوصاية على هذه البشرية في مشارق الأرض ومغاربها ، وتبعة القيادة في هذه الأرض للقطعان الضالة ، وهدايتها إلى الدين القيم ، والطريق السوي ، وإخراجها من الظلمات إلى النور بما آتاهم الله من نور الهدى والفرقان ، يقول تعالى: " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله " سورة آل عمران الآية 110 ـ ، ويقول تعالى : " وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء علي الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا " سورة البقرة الآية 143ـ

1ـ عن صلاح الشريعة ومقاصدها :

فمنذ بعث الله تعالى رسوله صل الله عليه وسلم بشريعة الإسلام كان هدفها ومقصدها واضحاً جلياً في بناء الفرد الصالح والأسرة والأمة الصالحة ، قال تعالى: " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " سورة الأنبياء الآية 107.فالإسلام جاء رحمة بالناس بتحصيل كل ما يصلحهم ، وتقليل كل ما يفسدهم ، وكل شرائعه وأحكامه تهدف إلى أن يصل الفرد والجماعة إلى تحقيق السعادة في الحياة وبعد الممات ، قال تعالى: " من عمل صالحا من ذكر أو أنثي وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة " سورة النحل الآية 97.ولما كان الإنسان مركبا من روح وجسد، وفيه غرائز طبيعية فطرية، وله عقل يتميز به عن الحيوان ، فقد أعطى الإسلام لكل ذي حق حقه من مكونات الإنسان. فكانت تعاليمه متوازنة تعطي الروح حقها من الغذاء الروحي الذي يترقى بها في سلم الوصول إلى خالقها وفاطرها ، وفي نفس الوقت لم يكبت غرائز الجسد ، واحتياجاته الفطرية ، لكنه هذبها ووجهها الوجهة الصحيحة ، فأباح له النكاح والاكتساب والطيبات جميعاً ، قال تعالى :" قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق " سورة الأعراف الآية32 ـ

.وقال في آية لها دلالة عجيبة قال تعالى :" نساؤكم حرث لكم " سورة البقرة الآية 223. وقال:" وقدموا لأنفسكم واتقوا الله " سورة البقرة الآية 223.فأباح لهم الاستمتاع بالشهوات الحلال ، ثم ذكره بتقوى الله ، والاستعداد ليوم القيامة.وفي الجانب العلمي دعا الإسلام إلى التعلم والنظر والاستدلال ، قال تعالى " : و قل رب زدني علما " سورة طـه الآية 114ـ . قال تعالى :" قل إنما أعظكم بواحدة " سورة سـبأ الآية 46.وذم الإسلام التقليد بلا دليل مهما كانت منزلة المُقَـلَّـد أباً كان ، أو سيداً مطاعاً أو غيرهما، فقال: " وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وغلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آبائنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ". سورة المائدة الآية ـ 104.

وجملة تعاليم الإسلام في هذا الجانب تهدف إلى إيجاد العقلية العلمية لدى المسلم ، العقلية التي تؤمن بالبرهان في الحسيات ، والتثبت في النقليات ، والدليل في العقليات ، وهو الذي حارب الخرافات والسخافات ، وحرر العقل من الأساطير والأباطيل. وفي الجانب الاجتماعي دعا الإسلام الفرد إلى الاجتماع ونهى عن الافتراق ، دعا إلى التكتل ، ونهى عن التشتت ، فهو دين الائتلاف وليس دين الاختلاف ، ففي الحديث: يد الله مع الجماعة. وقال صل الله عليه وسلم: " إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية." وأمر بتنصيب رؤوساً تسوس هذه التجمعات ، وتضبط خلافاتها ، وتسير بها نحو هدفها بسلام. ودعا الإسلام في هذا الجانب أيضاً إلى إسقاط الفوارق العرقية والمالية إذا كانت هي مقاييس التفاضل بين الناس ، فهو لا يعبأ بالسلالات مجردة عن كل خير، قال تعالى :" فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم " سورة التوبة الآية 55ـ .

وقال إِن أكرمكم عند الله اتقاكم " سورة الحجرات الآية 13ـ وفي الجانب النفسي عني الإسلام بالنفس ، وجعل فلاح الإنسان منوطاً بتزكيتها ، فقال تعالى :" ونفس وما سواها , فألهمها فجورها وتقواها " سورة الشمس الآية 7-8 ـوأرجع الإسلام صلاح الإنسان ، واستقامة أحواله ، وتغييرها من حال إلى حال إلى نفسه، فقال تعالى ": إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم" سورة الرعد الآية 11ـ وإذا كانت النفس بهذه الأهمية فحري بكل عاقل أن يسعى لإصلاح نفسه وتزكيتها.."

2ـ أمة أساس دينها هو التوحيد الذي دعت إليه جميع الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام.فإن الإسلام قد منح الإنسانية الإجابة على أعظم قضية تشغلها ، والتي خلق الإنسان من أجلها ، وعاش بسببها ، وبعد ذلك مات ليحاسب عنها ، ألا وهي قضية الإيمان بالله تعالي فالإسلام أرشد الإنسانية إلى عقيدة التوحيد الصافية الغالية ، السهلة السائغة ، الحافزة للهمم ، الباعثة للحياة ، التي لم تنل ، ولن تنال الإنسانية مثلها إلى يوم القيامة ، هذه العقيدة تقول إن هذا العالم له ملك واحد هو: خالقه ، وصانعه ، وحاكمه ، ومدبِّره ، له الخلق والأمر كله ، وله الحكم ، يقول تعالى:" سبح لله ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم له ملك السموات والأرض يحيي ويميت وهو قدير هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شئ عليم هو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوي على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير له ملك السموات والأرض وإلى الله ترجع الأمور يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وهو عليم بذات الصدور " سورة الحديد الآية 1-6.

فَإن أجلها وأَفضلها تَوحيد الله وإِفراده بِالعبادة إِنّها الغاية من خلقِ الجنّ والإنسِ ، بِه أُرسلَت الرسل وأُنزلَت الكتب ، ولأَجله نصبت الموازين ووضعت الدواوين ، وقَام سوق الجنَة والنَار، وانقَسمت الخليقَة إِلى مؤمنين وكُفَار، وعليه يقَع الثَواب والعقَاب ، وعلَيه نصبت القبلَة وأُسست الملَةُ ، وَلأَجلِهِ جُرِّدَت سُيُوفُ الجِهَاد ِ، وَهُوَ حُقُّ اللهِ عَلَى جميعِ العِبَادِ ، قَالَ تَعَالى: َ" وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " سورة الذريات الآية 56 ـ ، وَقَال سبحانه :" كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ألا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير " سورة هود الآية 2ـ بهذه العقيدة تخلص الإنسان من كل خوف ووجل ، وصار لا يخاف أحداً إلا الله ، وعلم علم اليقين أن الله وحده هو الضار، والنافع ، والمعطي ، والمانع ، وأنه وحده الكفيل لحاجات البشر، فتغير العالم كله في نظره بهذه المعرفة الجديدة والاكتشاف الجديد ، وصار مصوناً عن كل نوع من العبودية والرق ، وعن كل رجاء وخوف من المخلوق ، وعن كل ما يشتت البال ، ويشوش الأفكار، فاعتز بنفسه وفرح بكرامته وعرف أنه مخلوق مكرم من خالقه ، وأنه لا يستحق أن يعبد أحداً غير الله عز وجل.

3ـ تدعوا إلى المساواة بين الناس :

يقول النبي صل الله عليه وسلم في ذلك :" أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد ، كلكم لآدم ، وآدم من تراب ، إن أكرمكم عند الله أتقاكم ، وليس لعربي على أعجمي فضل إلا بالتقوى،" في هذا الإعلان النبوي دعوة لترسيخ المبادئ والحقوق عند المسلمين وغير المسلمين وهذه حقيقة لا شك فيها تقول أن الإنسان أخو الإنسان من جهتين ، أخوه من جهة الأساس لأن الرب واحد ، وأخوه من جهة التناسل لأن الأب واحد ، وهذا في قوله صل الله عليه وسلم :" كلكم لآدم وآدم من تراب " يقول تعالى:" يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام عن الله كان عليكم رقيبا "، سورة النساء الآية1 ـ

فالناس جميعا في أصلهم وفي شرفهم وفي عنصرهم ينتسبون إلى أصل واحد هو الطين والتراب ولذلك لا يتفاوتون في هذا لا يتفاوتون في الأصل ولا في الشرف إنما يتفاوتون في الأمور الدينية في طاعة الله تبارك وتعالى وفي متابعة رسوله صل الله عليه وسلم أما تقسيمهم إلى شعوب وإلى قبائل وأما اختلافهم في الأنساب فالمقصود منه التعارف والتآلف روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صل الله عليه وسلم قال: " تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم فإن صلة الرحم محبة للأهل ومثراة للمال ومنسأة للأثر"، رواه أحمد وأبو داود.

4ـ تهتم بالحقوق والواجبات :

لا يوجد دين اهتم بالحقوق والواجبات تجاه الأفراد والجماعات , والدول والمجتمعات مثل الإسلام فقد جاء بمنهج كامل فكريا واجتماعيا وسياسيا , وكان واضحا كل الوضوح في بيان ما على الإنسان تجاه أخيه الإنسان مهما كانت عقيدته ولونه وجنسه , وخاصة فيما يتعلق بحقوق المرأة , فإن الإسلام يُقدم لها من الأحكام وهو يتحدي الأعراف الفاسدة والتقاليد البالية والضلالات المستوردة , والإسلام يُعطي الحقوق لأصحابها دون خوف من استغلال غيره لهذه الحقوق ، ولقد أعطت الشريعة الإسلامية المرأة حقوقها في اختيار الزوج وفي التملك والهبة والميراث والخروج من دارها بضوابط معروفة ومقررة , ومطلوب من الرجال نصيبهم من هذه الضوابط أيضا دون أن تخشى الشريعة أن تستغل النساء هذه الحقوق في مجاوزة الحد.
وقد تعقدت مشكلة المرأة في العالم الإسلامي بعد أن فَرض الحل المستورد نفسه على الساحة ، فأصبح لزاما على منهج الإسلام من خلال شريعته السمحة أن يواجه تطرفين ، تطرف التقاليد وتطرف الحلول الوافدة ،

والقرآن الكريم والسنة الشريفة المطهرة يحتويان على نصوص كثيرة جاءت حريصة على المرأة لترفع من مكانتها في المجتمع ، وبيان منزلتها عند الله ، وقدرتها على تكوين المجتمع الصالح ، ودائماً ما تقرن الآيات والنصوص النبوية المرأة بالرجل في قبول الأعمال ، والنجاة ، والسعادة ، والفوز بالآخرة ، يقول تعالى:" ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثي وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا " سورة النساء الآية 124" وقال تعالى :" والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم " سورة التوبة الآية 71ـ والرسول صل الله عليه وسلم يقول :" إن النساء شقائق الرجال " وغير ذلك من الأحاديث التي تحرض على حسن معاملة المرأة واحترامها .

5ـ تدعوا لعدم اليأس :

بين لنا الإسلام أن الخطأ والوقوع في المعاصي والذنوب من الأمور التي قد يقع فيها الإنسان بجهله وغروره وقصر نظره أحيانا ًوفي هذا يقول النبي صل الله عليه وسلم :" كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون " وأن الاعتراف بالذنب ، والندامة ، على الوقوع في الزلات أصل من أصول فطرته ، وجوهر إنسانيته ، يقول تعالى عن سيدنا آدم وزوجه عندما خالفا ووقعا فيما نهاهما ربهما عنه :" قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين " سورة الأعراف إن الابتهال إلى الله ، والتضرع إليه ، والعزم الأكيد على عدم العودة إلى الذنب ، دليل على شرف الإنسان ، وأصالة معدنه .

.وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال للنبي صل الله عليه وسلم: " علمني دعاء أدعوا به في صلاتي فقال : " قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا و لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم " رواه مسلم. والإنسان في الإسلام مسئول عن نفسه بالدرجة الأولى ، يملك مصير ه ، ويملك إرادته ، لا يجبره أحد ولا ينقص من عزيمته شيء ، فهو يستهل حياته بنفسه ، ويستحق الثواب والعقاب والجنة والنار بعمله ، وهو غير مسئول على عمل غيره ، يقول تعالى: " ألا لاتزر وازرة وزر أخرى وان ليس للإنسان إلا ما سعي وأن سعيه سوف يري ثم يجزاه الجزاء الأوفى وأن على ربك المنتهي " ، سورة النجم 38-42 .

6ـ تجمع بين الدين والدنيا معا :

الإسلام صلة بين العبد وربه ، وصلة بين العبد ونفسه ، وصلة بين العبد ومجتمعه ، وصلة بين العبد وبيئته ، وصلة بين العبد وسائر الحيوانات والكائنات الحية التي تحيط به ، وصلة بينه وبين الأشياء كلها حتى لو كانت جامدة ، لأن الإسلام قد وضع للإنسان مبادئ وتعاليم تنظم علاقته بكل ناحية من نواحي الحياة.وقد جعل القرآن العلاقة بين الدنيا والدين ، علاقة سببية ، فما تفعله في الدنيا سيحدد مصيرك بلا شك في الآخرة ، يقول تعالى: " ومن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " سورة البقرة الآية 201ـ ، وقال تعالى :" فأتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يُحب المحسنين " سورة آل عمران الآية 148 ـ

.فالعبادات في الإسلام لا تقتصر على المسجد ، وبالتالي فهي ليس بمعزل عن هذه الحياة ، إنما هي إضافة إلى كونها عبادات وشعائر وطقوساً وتلاوات وأذكار, فهي في نفس الوقت توجيه وإرشاد ، وتعليم وتنظيم لأمور الدنيا والحياة.فلو أخذنا الصلاة مثلاً والتي يظن البعض أنها مجرد صلة بين الإنسان وربه, هذه الصلاة لو تأملنا فيها كما أراد الإسلام ، وكما علمنا رسول الله صل الله عليه وسلم بقوله: "صلوا كما رأيتموني أصلي"، ففد جمعت الآية بين العبادة والعمل ، وبين الدين والدنيا في وقت واحد ، ففي الصلاة عبادة عن طريق المناجاة والعروج الروحي ، وفي الصلاة قيادة وسياسة عن طريق الإمامة ، وفي الصلاة وحدة عن طريق الجماعة ، وفي الصلاة نظام عن طريق الاصطفاف ، وتسوية الصفوف ، وتناغم الحركات، وفي الصلاة ضبط عن طريق التوقيت ،