اثر العلاقات الانسانيه في المجتمع الانسانى :

عن أثر العلاقات الإنسانية في المجتمع الإسلامي :

التعصب للأشخاص آفة تتنافى مع الدين :

التعصب للأشخاص آفة تتنافى مع الدين :

إن الإسلام لا يعترض على العلاقات الخاصة فيما بين الناس طالما كانت هذه العلاقات مشروعة والغاية منها الخير ولا اختلاف حول الحب في الله بين المؤمنين وفى أي من مجالات التخصصات الحياتية أو لقربات أو مصاهرات أو علاقات إنسانية وإنما يكون الاعتراض والاختلاف حول الانحراف بهذه العلاقات فتصير تمحورا حول شخصية أو عصبية معينة ويكون ذلك التمحور ذا أثر سيء على فقه الدعوة إلى الله ونظام العمل الإسلامي وسياسته للحياة والحب في الله تعالى والالتقاء عليه علاقة طيبة نحن مأمورون بها شرعا وهى علاقة لا تثمر إلا أطيب الثمار هكذا تحدث ربنا سبحانه عن الشجرة الطيبة قائلا " أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها " سورة إبراهيم ( 1)

ولكي يستطيع المسلم في هذه الحياة أن يحقق وظيفته فلابد وأن تكون له علاقات عامة وخاصة إنك إذا رأيت أشخاصا قد تحولوا إلى أدوات مسخرة تدعوا لفكرة طائشة أو لفرد متسلط عنيد ووجدتهم قد تحولوا من دعوة الناس إلى الله تعالى إلى دعاة لشخص فتنوا به أو عصبية استحوذت عليهم إذا وجدت أناسا استدرجوا لبث مثل هذه الدعوات فقد كفاك الله موءنة الكشف عنهم والتعرف عليهم وصدق الله تعالى إذ يقول " والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا سورة الأعراف ( 2)

والحقيقة التي لاخلاف عليها أن دعوة الإسلام ربانية والله هو الغاية والمقصود والرسول صل الله عليه وسلم هو القدوة وليس للأشخاص شئ فوق الحب في الله _ لا قداسة لفرد ولا هيلمان لشخص القادة جنود ومن بين الجنود يخرج القادة ولما قيل لخالد بن الوليد رضي الله عنه يوما ألزم الصف وسلم الراية لزم الصف وسلم الراية وانطلق جنديا يؤدى عمله وواجبه بنفس الكفاءة ونفس الإيمان ثم لا تكون العصمة من تلك المخاطر والمعاطب والشرور إلا بلزوم فقه الجماعة المسلمة وفكرها العام وما كان عليه سلفنا الصالح , وتجنب المناجاة الجانبية والآراء الفردية بما يتعارض مع خط الدعوة الواضح الصحيح والتزام الشرعية دائما في العمل الإسلامي , ومجاهدة النفس باستمرار لتذوب الأنا في المجموع قال صل الله عليه وسلم " عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد رواه الترمذي ( 3) وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

علاقة المسلم بإخوانه تقوم على الحب :
                                                     
وحب المسلم لأخيه المسلم يعنى ميلا إليه ورغبة فى صحبته وحرصا على كل ما ينفعه فى الدنيا ويسعده فى الآخرة .
والتعبير عن الحب يأخذ صورا لا تتناهى يعلمنا القرآن والسنة من مثلها الكثير لكن رسول الله "صلى الله عليه وسلم"يجمعها تحت قانون يشملها "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"الشيخان والترمذي والنسائي من حديث انس رضى الله عنه
وهذه أدنى درجات المحبة والمقصود أن تنزل أخاك منك منزلة نفسك فتحب له كل ما تحب لنفسك وتكره له ما تكره لنفسك هذا شرط للإيمان لا يتم ولا يكمل إلا به"
ولا يمكن أن يحصل هذا إلا بان تحب الشخص لأنك لا تحب الخير لمن تكره ولا يتصور أن تحب الخير الا لمن تحب " (4)

قال ابن جرير الطبري رحمه الله في تفسير هذه الآية إبانة من الله عز وجل عن حال الفرقين أعنى المؤمنين والكافرين ورحمة أهل الإيمان بهم ورأفتهم بأهل الخلاف لهم وقساوة قلوب أولئك وغلظتهم على أهل الإيمان .قال قتادة في قوله تعالى"هاأنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله " فوا لله إن المؤمن ليحب المنافق ويأوي إليه ويرحمه ولو أن المنافق يقدر في المؤمن على ما يقدر عليه المؤمن منه لأباد خضراءه فهؤلاء أئمة التفسير وسلف الأمة يقولون أن المسلم خير للكافر والمنافق منهما حبا ورحمة ومعاملة.وكذلك قالوا السني مع المبتدع يقول شيخ الإسلام بن تيمية أن من علامة أهل السنة أن يرحموا المخالف لهم ولا يقطعوا إخوته في الدين لذلك يذكرون في كتب العقائد "لا نكفر أحد من أهل القبلة "ولقد كان من علماء الحديث كالبخاري ومسلم والإمام أحمد وأصحاب السنن يرون عن الخوارج والشيعة والمعتزلة ولا يلتفتون إلى مذهب الراوي بل إلى عدلته في نفسه أولا " ( 5)

وأما الكفار والمعاهدون فلهم حقوق شرعية متبادلة ولأهل الذمة حقوق فوقها في المجتمع الإسلامي وهى معروفة أن لهم ما لنا وعليهم ما علينا , وبالنسبة للمسلمين كما يقول : شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله سره " فإذا اجتمع في الرجل الواحد خير وشر وبر وفجور وطاعة ومعصية وسنة وبدعة استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير واستحق من المعاداة والعقاب بحسب ما فيه من الشر فيجتمع في الشخص الواحد موجبا الإكرام والإهانة فيجتمع له من هذا وهذا كاللص الفقير تقطع يده لسرقته ويعطى من بيت المال ما يكفيه لحاجته هذا هو الأصل الذي اتفق عليه أهل السنة والجماعة خلافا لفقه الخوارج وفلسفة المعتزلة ومن وافقهم "" وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه "(6)

طاعة الله هي أساس كل حب :

إن من شعار المسلم انه يسالم من يسالمه ويحارب من حاربه.إ ن من سلك طريق الاعتدال عظم من يستحق التعظيم وأحبه وولاة وأعطى الحق حقه.فيعظم الحق ويرحم الخلق ونتيجة هذا كله أن الإنسان يكون في التساهل والمحبة والرحمة لإخوانه البشر على قدر تمسكه بالإيمان الصحيح وقربه من الحق والصواب فيه.وهذا الواجب قد تناساه وأهله أكثر المسلمين اليوم من زماننا هذا بل لا تكاد تجد إلا قليلا ممن يحبون إخوانهم المسلمين حبا دينيا حقيقيا مجردا عن الهوى والمصلحة والعصبية وموالاة المسام ومحبته باب عظيم من أبواب الخير في الآخرة والشعور بحلاوة الإيمان في الدنيا كما في الصحيحين قوله"صل الله عليه وسلم":ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه من سواهما وان يحب المرء لا يحبه إلا لله وان يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار"رواه البخاري ومسلم والنسائي (7)

وقد يظن ظنا ان المحبة عمل قلبى ولا يستطيع الإنسان ان يتحكم فيه فكيف يرغم على محبة المسلمين والجواب أن هذا خطأ لان القلب تابع للعقيدة والإيمان فمن آمن بالله وأحبه فلابد وأن يحب من يحب الله والمسلم مفروض فيه أن يحب الله ويطيعه ولذلك وجب علينا محبه المسلم لمحبتنا لله ولدينه ولا معنى لحب الله دون اتباع أوامره "ا
إن المحب لمن يحب مطيع" إنه لا يتصور إيمان أصلا دون أن يحب المسلمون بعضهم بعضا , والمسلم لا يحب طمعا فى ماله ولا تزلقا لجاهه ولا تقربا لأجل سلطانه إنما لكونه يشاركه فى طاعة الله وحده ويبين الرسول صل الله عليه وسلم فى الحديث " إن لكل ما تريدون ان يفعل الناس بكم افعلوا هكذا انتم أيضا بهم
وأن الحب فى الله والبغض فى الله من أوثق عرى الإيمان , وأقوى روابطه بين أهله وزويه. (

روى الإمام احمد فى سنده من حديث معاذ رضي الله عنه "انه سال رسول الله صل الله عليه وسلم عن أفضل الإيمان قال:أفضل الإيمان ان تحب فى الله وتبغض لله وتعمل لسانك فى ذكر الله قال وماذا يارسول الله قال أن تحب للناس ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك وان تقول خيرا او تصمت"
والمؤمن يحب الناس جميعا لأنهم إخوته فى الآدمية وشركاؤه فى العبودية لله جمع بينه وبينهم رحم ونسب
قال تعالى :"ياايها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق من زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذى تساءلون به والأرحام ان الله كان عليكم رقيبا" ( 9)

ولقد شرع الإسلام أوامر من شانها إنها تؤدى إلى التآخي الخاص بالإسلام وبتسامحه مع دائرة المسلمين تشمل كل من شهد أن لا اله إلا الله وان محمدا رسول الله واستقبل قبلتنا وصلى صلاتنا وأكل ذبيحتنا " وفى البخاري " فذلك المسلم له ما لنا وعليه ما علينا " فشعور المسلم لبنى الإنسان جمعيا ليس أمرا ثانويا عنده ولا نافلة في دينه إنما هو عقيدة يدين بها لله ويلقاه يوم القيامة ويرطب لسانه ذكرا.لله يرجوا عند القربة " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه " (10)

موقف الإسلام من الدعوات الضالة و المنحرفة :

وأما الرحم العامة فقد قال الله تعالى " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة " سورة النساء والأرحام يراد بها الأرحام الإنسانية التي تصل بين الناس جميعا بدليل فاتحة الآية أما الهدف المشترك والعدو المشترك فقال فيهما " يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير سورة فاطر فالحياة الآخرة الباقية والخلود في نعيمها هو الهدف المشترك والشيطان هو المعوق عنها هو العدو المشترك وعقيدة المسلم لا تسمح بنزعات عنصرية ونعرات جنسية فالمسلم يعتقد أن الناس جميعا لآدم وآدم من تراب وإن اختلاف الألسنة والألوان ليست إلا دليلا على قدرة الله وعلى عظمة الصانع وآياته في خلقه قال تعالى " ( 11)

" ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين سورة الروم روى الإمام أحمد وأبو داود عن زيد بن أرقم قال كان رسول الله صل الله عليه وسلم يدعوا دبر كل صلاة اللهم ربنا ورب كل شئ ومليكه أنا شهيد أنك الرب وحدك لا شريك لك اللهم ربنا ورب كل شئ أنا شهيد أن محمدا عبدك ورسولك اللهم ربنا رب كل شئ أنا أن العباد كلهم أخوة "أرأيت كيف تسموا الأخوة البشرية في ضمير المسلم إنها في المرتبة التالية لتوحيد الله والإقرار برسالة محمد عليه الصلاة والسلام " المسلم يوالى وإن ظلمك واعتدى عليك والكافر يعادى وإن أكرمك وأحسن إليك " شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله
( 12)

إن معاداة الكافر لكفره تكون على عمومها فالكافر الذي يحارب المسلمين ويعاديهم لأجل دينهم وإخراج المسلمين من ديارهم أو أعان على إخراجهم فهو عدو للمسلمين حبه حرام وبغضه واجب وهذا مما لا يختلف فيه مسلم ومسلم
وقد بين القرآن الكريم أساس هذه العلاقة قال تعالى " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون سورة الممتحنة
وبهذا يتضح لنا موقف الإسلام من الدعوات الحديثة التي تنادى بالإخاء بين بني الإنسان والبشر جميعا " ( 13)

إن المسلمين مطالبون لا بالمشاركة فحسب فى هذه الدعوات وإنما بقيادتها والتبشير بما هو حق وصادق فيها أيضا فالإسلام سبق هؤلاء بقرون بتقرير وحدة الأصل الإنساني وبما يترتب عليها من شعور بالإخاء العام بين الناس قال تعالى " يا أيها الناس إن خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم " سورة الحجرات
إن التجاوب مع الصحيح من هذه الدعوات المتجهة لخير الإنسانية شئ والذوبان فى التيارات الخفية التى تقوم بتخدير المسلمين تمهيدا للقضاء عليهم شئ آخر كالماسونية والعلمانية الادينية وغيرهم مما يعملون فى الخفاء , للقضاء على الإسلام وإن ظهروا بشعارات الإخاء والمحبة والمساواة ولكنهم كاذبون فيما يدعون ويبشرون " ( 14)

والدعوة إلى الإخاء الإنساني لا تعنى هدم مقومات الشعوب من دين ولغة والدعوة إلى تعارف إنساني لا تعنى إلغاء شخصية الشعوب الضعيفة لتسود وتتغلب غيرها من الشعوب القوية أرأيت كيف يصنع الإسلام من المسلم إنسانا لا يرى نفسه في الدنيا وحده وإنما يرى أخوته المؤمنين جميعا معه يحب لهم من الخير ما يحبه لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه بل يرى الناس جميعا إخوته ولا يضمر لأحد شرا ولا يحمل لأحد ضغينة " " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه " (15)