التوكل علي الله :

التوكل علي الله :

ـ لو كنت متوكلا على الله حق التوكل لما قلقت للمستقبل ولوكنت واثقا من رحمته تمام الثقة لما يئست من الفرج ولوكنت موقنا بحكمته كل اليقين لما عتبة عليه فى قضائه وقدره ولو كنت مطمئنا الى عدالته بالغ الاطمئنان لما شككت فى نهاية الظالمين ان الايمان والامل متلازمان فالمؤمن اوسع الناس املا واكثرهم تفاؤلا واستبشارا وابعدهم عن عن التشاؤم والتبرم والضجر اذ الايمان الاعتقاد بقوة عليا تدبر هذا الكون لايخفى عليها شئ ولاتعجز عن شئ الاعتقاد بقوة غير محصورة ورحمة غير متناهية وكرم غير محدود الاعتقاد باله قدير رحيم يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء انه هو ارحم بعباده من الوالدة بولدها وابر بخلقه من انفسهم انه يداول الايام بين الناس فيبدل من بعد الخوف امنا ومن بعد الضعف قوة ويجعل من كل ضيق فرجا ومن كل هم مخرجا ومع كل عسر يسرا وصل الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من صفة المؤمن التوكل على الله :

_ وعلى أساس الحب الصادق لله تبارك وتعالى يكون توكل المسلم على ربه حق التوكل فالله سبحانه هو صاحب القدرة القاهرة والعلم الواسع والغنى المطلق وهو القادر على النفع والضرر والإعطاء والمنع وكيف لا يتوكل عليه المسلم وهو مولاه الذى يهديه ويرعاه قال تعالى " وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا " سورة ابراهيم والتوكل على الله تعالى ثمرة من ثمرات الإيمان والحب وصفة من صفات المؤمنين " الله لااله إلا هو وعلى الله فليتوكل المؤمنون " سورة التغابن وحين يتوكل المسلم على ربه فإنه يستند الى السبب الأقوى والركن المتين يستند الى ذى الحكمة والرحمة والقوة والتدبير وهو سبحانه لن يضيع من استند اليه ولن يخذل من توكل عليه " ومن يتوكل على الله فهو حسبه " سورة الطلاق والتوكل على الله هو الذى يمنح القلب الطمأنية والثبات فى مواجهة الأحداث كما ينمى العزيمة ويقوى الإرادة ويفتح أبواب منافذ الأمل وأبواب الرجاء وهو قوة ايجابية تدفع الى الكفاح وتسد أبواب القلق وتعصم من الجزع وتقضى على الحيرة والتردد إن التوكل على الله خلق من أخلاق البطولة يحتاج اليه المسلم وهو يخوض معارك الحياة " . وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الثقة بالله :

_ عندما يرى الله تعالى من عباده الصدق والثقة والاستعانة به وحده فى كل أمر من أمور الحياة مهما كانت صغيرة فإن الله تعالى يحب أن يسأل ويغضب على من لم يسأله فيقول صل الله عليه وسلم " ليسأل أحدكم ربه حاجتها كلها حتى شسع نعله إذا إنقطع " فإذا لم يرزقه الله تعالى فلن يستطيع إصلاح نعله أو أن يشترى غيره وكذلك يغضب على من لم يسترجع ( يعنى يقول إنا لله وإنا إليه راجعون ) يقول النبى صل الله عليه وسلم " ليسترجع أحدكم ربه حاجتها كلها حتى شسع نعله إذا إنقطع " والدعاء ينفع فيما نزل ومالم ينزل مالم يقل العبد دعوت فلم يستجب لى ومن مواقف الحق سبحانه لعباده الصادقين عند الابتلاء فى الدنيا موقف سيدنا إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم وذلك عندما أراد النيروز بن كنعان أن يحرقه فى النار قال كلمة واحدة ( حسبنا الله ونعم الوكيل ) والحق قريب مجيب فيأتيه ميكائيل فيقول له أنا الموكل بالمطر فآمره أن يمطر على النار بإذن الله فيطفئها فقال له إبراهيم لا تفعل وأتاه جبريل عليه السلام فقال له يا إبراهيم هل لك الى حاجة ؟ وهما يقولان ذلك بعد أن ضجت الملائكة فى السماء قائلين يارب إبراهيم الذى يوحدك سيموت فقال لهم الله سبحانه " إن استغاث بكم فأغيثوه وإن استغاثنى فسيجدني قريبا مجيبا فقال إبراهيم لجبريل كيف أحتاج إليك وأنسى الذى أرسلك ؟ قال الله تعالى " قلنا يا نار كونى بردا وسلاما على إبراهيم وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين " صدق الله العظيم ـ . وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

فى رحاب الله :

_ الإنسان يتطلع من خلال ضعفه وعجزه الى قدرة الله المدبرة فيعتصم بها ويفيء الى ظلها _ ومن الدعاء المأثور " اللهم هذا حالنا لايخفى عليك وضعفنا ظاهر بين يديك اللهم عاملنا بالإحسان إذ الفضل منك وإليك " وهكذا يسير بالإنسان تفكيره وتقوده فطرته إلى الالتجاء الى خالق الوجود الذى تنطق المخلوقات بوجوده وتؤكد وحدانيته " وفى الدعاء المأثور " اللهم إنى أسالك بك نفسا مطمئنة تؤمن بلقائك وترضى بقضائك وتقنع بعطائك " ومن هنا يتقرب الإنسان الى ربه ويقبل عليه لأنه سبحانه ملاذ النفس وملجأ القلب فإنه لاملجأ من الله الا إليه سبحانه وعند ذلك يجد القوة والعزة والنصرة والراحة والأمان والستر والأمن من الحيرة والضلال وحينئذ يطمئن الإنسان ويخلد الى السكينة والاستقرار ويهرع إليه سبحانه إذا أصابه هم أو ألم به مكروه ويفزع إليه بالتضرع والدعاء والخوف والخشية فإن الولاية لله الحق فى جميع الأحوال فإليه المفزع وإليه الملجأ ولا يمكن للعبد أن يستغنى عن رحمته وكرمه وعونه الدائم ومعينه الذى لا ينضب قال تعالى " هنالك الولاية لله الحق هو خير ثوابا وخير عقبا " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من كنوز الجنة :

قال تعالى :" ولولا إذ دخلت جنتك فقلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا " سورة الكهف يقول الإمام ابن كثير : أي هلا إذ أعجبتك حين دخلتها ونظرت إليها حمدت الله على ما أنعم به عليك وأعطاك من المال والولد ما لم يعطه غيرك وقلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله ولهذا قال بعض السلف من أجبه شئ من حاله أو ماله أولده فليقل ما شاء الله لاقوة إلا بالله وهذا مأخوذ من الآية الكريمة وعن انس رضي الله عنه قال صل الله عليه وسلم :" ما أنعم الله على عبد نعمة من أهل أو مال أو ولد فليقل ما شاء الله لا قوة إلا بالله فير فيه آفة دون الموت " وكان يتأول هذه الآية :" ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله " ومن حديث أبى هريرة قال رسول الله صل الله عليه وسلم :" إلا أدلك على كنز من كنوز الجنة لا حول ولا قوة إلا بالله " فعلى السلم إن يكون له قدوة في رسول الله صل الله عليه وسلم في أقوله وأفعاله وجميع أحوله وان يتخلص من عادته السيئة في القول والعمل والسلوك وأن لا يكون حبيس الأمثال الشائعة التي كثير ما تخالف تعاليم الإسلام وخاصة فيما يتصل بأمور العقيد والتي تتنافى مع منهج الإسلام في القول والعمل " وصل الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم

وعلى الله فتوكلوا :

التوكل على الله و تفويض الأمر إليه سبحانه ، و تعلق القلوب به جل وعلا من أعظم الأسباب التي يتحقق بها المطلوب و يندفع بها المكروه ، وتقضى الحاجات ، و كلما تمكنت معاني التوكل من القلوب تحقق المقصود أتم تحقيق ، و هذا هو حال جميع الأنبياء و المرسلين ، ففي قصة نبي الله إبراهيم – عليه السلام – لما قذف في النار روى أنه أتاه جبريل ، يقول : ألك حاجة ؟ قال : "أما لك فلا و أما إلى الله فحسبي الله و نعم الوكيل " فكانت النار برداً و سلاماً عليه ، و من المعلوم أن جبريل كان بمقدوره أن يطفئ النار بطرف جناحه ، و لكن ما تعلق قلب إبراهيم – عليه السلام – بمخلوق في جلب النفع و دفع الضر .و نفس الكلمة رددها الصحابة الكرام يوم حمراء الأسد – صبيحة يوم أحد – يقول تعالى: " الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل , فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم " سورة آل عمران : 173 – 174 "

و لما توجه نبي الله موسى – عليه السلام – تلقاء مدين كما في قوله تعالى :" ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تزودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتي يُصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير فسقي لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب لما أنزلت على من خير فقير " سورة القصص : 23 – 24 " أوقع حاجته بالله فما شقي ولا خاب ، و تذكر كتب التفسير أنه كان ضاوياً ، خاوي البطن ، لم يذق طعاماً منذ ثلاث ليال ، و حاجة الإنسان لا تقتصر على الطعام فحسب ، فلما أظهر فقره لله ، و لجأ إليه سبحانه بالدعاء ، و علق قلبه به جل في علاه ما تخلفت الإجابة ، يقول تعالى: " فجاءته إحداهما تمشى على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا " سورة القصص : 25 "

وكان هذا الزواج المبارك من ابنة نبي الله شعيب عليه السلام ، و نفس الأمر يتكرر من نبي الله موسى ، فالتوكل سمة بارزة في حياة الأنبياء عليهم السلام – لما سار نبي الله موسى و من آمن معه حذو البحر ، أتبعهم فرعون و جنوده بغياً و عدواً ، فكان البحر أمامهم و فرعون خلفهم ، أي إنها هلكة محققة ، و لذلك قالت بنو إسرائيل: إنا لمدركون ، قال نبى الله موسى كما في قوله تعالى : " كلا إن معي ربى سيهدين" قال العلماء : ما كاد يفرغ منها إلا و أُمر أن أضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم ، فكان في ذلك نجاة موسى و من آمن معه ، و هلكة فرعون و جنوده ، و لذلك قيل : فوض الأمر إلينا نحن أولى بك منك ، إنها كلمة الواثق المطمئن بوعد الله ، الذي يعلم كفاية الله لخلقه قال تعالى :" أليس الله بكاف عبده ويُخوفونك بالذين من دونه " سورة الزمر الآية 36 ـ

بين التوكل والتواكل:

قد تتخرق الأسباب للمتوكلين على الله ، فالنار صارت برداً و سلاماً على إبراهيم ، و البحر الذي هو مكمن الخوف صار سبب نجاة موسى و من آمن معه ، ولكن لا يصح ترك الأخذ بالأسباب بزعم التوكل كما لا ينبغي التعويل على الحول و الطول أو الركون إلى الأسباب ، فخالق الأسباب قادر على تعطليها، و شبيه بما حدث من نبى الله موسى ما كان من رسول الله صل الله عليه و سلم يوم الهجرة ، عندما قال أبو بكر – رضي الله عنه - : لو نظر أحد المشركين تحت قدميه لرآنا ، فقال له النبي صل الله عليه و سلم :" ما بالك باثنين الله ثالثهما ، لا تحزن إن الله معنا "، و هذا الذي عناه سبحانه بقوله: " إلا تنصروه فقد نصره الله غذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لانحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا " سورة التوبة : 40 ".

". والأخذ بالأسباب هو هدى سيد المتوكلين على الله صلوات الله و سلامه عليه - في يوم الهجرة و غيره ، إذ عدم الأخذ بالأسباب قدح في التشريع، و الاعتقاد في الأسباب قدح في التوحيد ، و قد فسر العلماء التوكل فقالوا : ليكن عملك هنا و نظرك في السماء ، و في الحديث عن أنس بن مالك – رضى الله عنه – قال : قال رجل : يا رسول الله أعقلها و أتوكل ، أو أطلقها و أتوكل ؟ قال : "اعقلها و توكل " رواه الترمذي و حسنه الألباني ، وأما عدم السعي فليس من التوكل في شيء، و إنما هو اتكال أو تواكل حذرنا منه رسول الله صل الله عليه و سلم ، و التوكل على الله يحرص عليه الكبار و الصغار و الرجال و النساء ، يحكى أن رجلاً دخل مسجد النبي صلى الله عليه و سلم بالمدينة فرأى غلاماً يطيل الصلاة ، فلما فرغ قال له : ابن من أنت؟ فقال الغلام : أنا يتيم الأبوين ، قال له الرجل : أما تتخذني أباً لك ، قال الغلام : و هل إن جعت تطعمني ؟ قال له : نعم ، قال : و هل إن عريت تكسوني؟ قال له : نعم ، قال : و هل إن مرضت تشفيني؟ قال: هذا ليس إلي ، قال : و هل إن مت تحييني ، قال : هذا ليس إلى أحد من الخلق ، قال : فخلني للذي خلقني فهو يهدين و الذي هو يطعمني و يسقين ، و إذا مرضت فهو يشفين ،و الذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين " ، قال الرجل : آمنت بالله ، من توكل على الله كفاه " .

. و في قصة الرجل الذي كان يعبد صنماً في البحر ، و التي نقلها ابن الجوزي عن عبد الواحد بن زيد دلالة على أن التوكل نعمة من الله يمتن بها على من يشاء من خلقه حتى و إن كان حديث العهد بالتدين ، فهذا الرجل لما جمعوا له مالاً و دفعوه إليه ، قال : سبحان الله دللتموني على طريق لم تسلكوه ، إني كنت أعبد صنماً في البحر فلم يضيعني فكيف بعد ما عرفته ، و كأنه لما أسلم وجهه لله طرح المخلوقين من حساباته ، فغنيهم فقير ، و كلهم ضعيف و كيف يتوكل ميت على ميت : " وتوكل على الحي الذي لا يموت و سبح بحمده". " الفرقان: 58 ".و في الحديث :" لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً و تروح بطاناً " رواه أحمد و الترمذي و قال: حسن صحيح .

و كان من دعاء رسول الله صل الله عليه و سلم :" اللهم أسلمت وجهي إليك و فوضت أمري إليك و ألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك ". رواه البخاري و مسلم و كان يقول : "اللهم لك أسلمت و بك آمنت و عليك توكلت و إليك أنبت و بك خاصمت ، اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني ، أنت الحي الذي لا يموت و الجن و الإنس يموتون ". رواه مسلم ، و كان لا يتطير من شئ صلوات الله و سلامه عليه ، و أخذ بيد رجل مجذوم فأدخلها معه في القصعة ثم قال : "كُلْ ثقةً بالله و توكلا عليه " رواه أبو داود و ابن ماجة .

التوكل على الله نصف الدين:

ينبغي للناس كلهم أن يتوكلوا على الله عز و جل مع أخذهم بالأسباب الشرعية ، فالتوكل كما قال ابن القيم: نصف الدين و النصف الثانى الإنابة ، فإن الدين استعانة و عبادة ، فالتوكل هو الاستعانة و الإنابة هي العبادة ، و قال أيضاً : التوكل من أقوى الأسباب التي يدفع بها العبد ما لا يطيق من أذى الخلق و ظلمهم و عدوانهم ، و قال سعيد بن جبير : التوكل على الله جماع الإيمان ، و عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون و يقولون : نحن المتوكلون ، فإن قدموا مكة سألوا الناس ، فأنزل الله تعالى: " وتزودا فإن خير الزاد التقوى" سورة البقرة : 197 " وروي أن نبي الله موسى عليه السلام ـ كان يقول : اللهم لك الحمد و إليك المشتكى و أنت المستعان ، و بك المستغاث و عليك التكلان ، ولا حول ولا قوة إلا بك ." إن الله تعالي هو الوكيل ، الذي يُتوكل عليه وحده ، و يُفوض إليه في الأمور كلها ليأتي بالخير و يدفع الشر.

من أسماء الرسول صل الله عليه وسلم:المتوكل:

و من أسماء رسول الله صلى الله عليه و سلم " المتوكل " كما في الحديث: " و سميتك المتوكل " .و إنما قيل له ذلك لقناعته باليسير و الصبر على ما كان يكره ، و صدق اعتماد قلبه على الله عز و جل في استجلاب المصالح و دفع المضار من أمور الدنيا و الأخرة و كلة الأمور كلها إليه ، و تحقيق الإيمان بأنه لا يعطي ولا يمنع ولا يضر ولا ينفع سواه ، و لكم في نبيكم أسوة حسنة و قدوة طيبة ، فلابد من الثقة بما عند الله و اليأس عما في أيدي الناس ، و أن تكون بما في يد الله أوثق منك بما في يد نفسك ، و إلا فمن الذي سأل الله عز وجل فلم يعطه ، و دعاه فلم يجبه و توكل عليه فلم يكفه ، أووثق به فلم ينجه؟ إن العبد لا يؤتى إلا من قبل نفسه ، و بسبب سوء ظنه ، و في الحديث: " أنا عند ظن عبدي بي ، فليظن بي ما شاء "و الجزاء من جنس العمل ، فأحسنوا الظن بربكم و توكلوا عليه تفلحوا ، فإن الله يحب المتوكلين ".

حقيقة التوكل :

التوكل على الله هو اعتماد القلب على الله تعالى في استجلاب المصالح ودفع المضار، ومعناه ـ تفويض الأمر لله ، والإستعانة به في جميع الأمور، و ربط الأشياء بمشيئته ، والتوكل صفة إيمانية ، و يقين ، و ثقة ، ويكون التوكل مقرونا بالسعي و الحركة ، وعند مبادئ الأمور، و في سائر الأحوال. ولا يتحقق معناه بغير عمل فمن أراد الرزق أوالنجاح بذل الجهد متوكلا على الله ، وترك العمل تواكل مذموم ، قال الله تعالى :" ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شئ قدرا " سورة الطلاق الآية 3ـ فمن توكل على الله تعالى كفاه ما أهمه فى سائر أحواله وجميع أموره , إن الله بالغ امره , لايفوته شئ ولايعجزه , وقد جعل الله تعالى لكل شئ أجلا ينتهى إليه , وتقديرا لايُجاوزه " قال تعالى :" وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده وكفي به بذنوب عباده خبيرا " سورة الفرقان آية:٥٨ ـ ويقول سعيد بن جبير رضي الله عنه التوكل جماع الإيمان " . موقع من فقه الإسلام للشيخ سامى ـ وصل اله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم