الشباب والزواج ( المشكلة والعلاج )

الشباب والزواج ( المشكلة والعلاج )

الزواج إنتفاء وإختيار وعلى أساس الدين يكون الخيار :

قال تعالى " وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنيهم الله من فضله والله واسع عليم " سورة النور
إن الإسلام بتشريعه السامي ونظامه الشامل الكامل قد وضع أمام الخاطب والمخطوبة قواعد وأحكاما إن اهتدى الناس بها وساروا على نهجها كان ذلك بداية خير ونشأالزواج فى غاية التفاهم والمحبة والوفاق وكانت الأسرة المكونة من البنين والبنات فى ذروة الإيمان المكين والجسم السليم والعقل الناضج والنفسية المطمئنة الصافية "
ومن ثم أرشد النبى صل الله عليه وسلم أولياء المخطوبة على البحث عن الخاطب صاحب الدين والأخلاق الكريمة والصفات الحسنة ليقوم بواجبات الزواج وما عليه من حقوق للأولاد والقوامة الصحيحة فى الغيرة على الشرف والعرض والقيام بنفقات البيت بالبذل والإنفاق " ولهذا جاء فى حديث أبى هريرة رضى الله تعالى عنه يقول النبي صل الله عليه وسلم : " إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة فى الأرض وفساد كبير وفى رواية عريض , وأية فتنة أعظم على الدين والتربية والأخلاق من أن تقع الفتاة المؤمنة فى شباك خاطب متحلل أو زوج لا يرقب فى مؤمن إلا ولا ذمة ولا يقيم للشرف والعرض والغيرة وزنا ولا اعتبار . " ( 1)

وأى مصيبة تجر الويلات والخراب على المرأة الصالحة عندما تقع فى عصمة زوج ماجن متحلل أو إباحي فاجر يكرهها على السفور والإختلاط بالرجال ويجبرها على إحتساء الخمر ومراقصة الرجال ويقسرها على الفوضى والتحلل من الأخلاق باسم التمدين والبعد عن الدين باسم الحرية والحضارة وما ذلك إلا من أجل أهوائه الشخصية ومصالحة الذاتية
فكم من قتاة كانت فى بيتها وبين أسرتها مثالا للعفة والطهر فلما إنقلبت إلى بيت إباحى وزوج متحلل فاجر إنقلبت إلى إمرأة مستهترة ومتهتكة لاتقيم لمبادئ الفضيلة والأخلاق أية قيمة ولا لمفهومات الشرف والعفة أى اعتبار ومما لاشك فيه أن الأولاد الذين يعيشون فى هذا البيت الإباحى الماجن الآثم سينشئون على الإنحراف والإباحية ويتربون على الفساد والمنكر
وعلى هذا كان الإختيار على أساس الدين والأخلاق من أهم العوامل التى تحقق للزوجين السعادة وتحاط الأسرة بسياج من المودة والرحمة الذى يضمن للأولاد التربية الإسلامية الفاضلة وللإسرة الشرف الثابت والإستقرار المنشود  " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم "                (2)

فوائد الزواج :

فلولا الزواج لانتشرت الرذائل والمفاسد وتحللت الأخلاق وفى الحديث عن ابن مسعود رضى الله تعالى عنه قال عن رسول الله صل الله عليه وسلم " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج , فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فأنه له وجاء " رواه مسلم
إن قضية تزويج الشباب لها أثرها وخطرها فى الحياة الفردية والإجتماعية والشباب هم عماد الأمة فى حاضرها ومستقبلها وهم فى سن تشتد فيها قوة الجسم وتزداد حيويته وطاقته وقد يضطرب الشباب بين نداء الدين وواقع الغريزة وربما إنحرفت به الطريق فضل وتردى فى الرذيلة ولحل هذه المشكلة فإن الإسلام يدعوا إلى تتبع الخطوات الأتية :         (3)

أولا_ أن يبادر بالزواج الشباب القادرون على تكاليفه من مهر ونفقة ومسكن وأثاث بالقدر الذى تفرضه الحياة الزوجية على كل منهم
إنه لاعاصم لغير المتزوج الذى لايستطيع الزواج من هذا البلاء إلا التقوى وغض البصر ومجاهدة النفس بالصوم والصبر على طاعة الله ومع ذلك فهو عرضة لوساوس الشيطان وفى الزواج دعوة لإستقرار النفس والمحافظة على الصحة وتنظيم الحياة وصيانة للشاب من العبث والوقوع فى الشهوات المحرمة والنزوات الطائشة وانظر إلى الأسر التى يدركها الزواج فى سن استحقاقه والقدرة عليه يكون فيه الزوجين على حظ وافر من قوة الجسم ومن النقاء الدينى والخلقى _ ويكون نسلها أقوى وأطهر وتنتج ذرية صالحة تعمل لكيان المجتمع وتنهض به ولا تعرضه للأخطار والمفاسد التى تشيع مع عدم الزواج أو الإبطاء المسرف من أجل كماليات ليس لها فى دنيا العقلاء نصيب " ( 4)

ثانيا _ الإسلام يعالج الشباب الذين يعجزون عن مطالب الزواج وجموح الغريزة فيهم بالصوم لأنه من الناحية النفسية والطبية يكسر من حدتها ومن الناحية الدينية والأخلاقية يتسامى بها ويوجهها إلى حب الله والإرتباط به ويقيم من الوازع الدينى ومن الضمير وقوة الإرادة ما يصونها ويكبح جماحها ويشترك علماء النفس فى علاج هذه القضية وإعلاء الغريزة بطرح وسائل حديثة وقد يؤيدها الدين إذا ما سارت وفق مبادئه ولم تكن مجافية لتعاليمه ومن ذلك القراءة والبحث وممارسة التربية الرياضية واشباع الميل الأدبى والعلمى وبهذا نرى الإسلام يقف من هذه المشكلة موقفا متوازنا بين طبيعة الشباب وإمكاناته واندفاعه المتهور وما فيه خيره ويرسم الطريق السوى لعلاجعها فى ظل قيمه الدينية ومبادئه الخالدة
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم " (5)

من مقدمات الزواج الخطبة والنظر إلى المخطوبة :

وعن المغيرة ابن شعبة رضى الله تعالى عنه أنه خطب امرأة " فقال له النبى صل الله عليه وسلم :" أنظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما " رواه الترمذى والنسائى
وهذا الحديث يوجه المسلم الوجهة الدينية الصحيحة والتى تتمثل فيما يلى :_ 1_ أن ينظر الخاطب إلى من يريد خطبتها وأن يبنى زواجه بها على أساس صالح من هذه الرؤية
وذلك لأن الخطبة تساعد على زواج يسوده الوفاق وتستمر فيه الحياة الزوجية , فقد شرع الزواج مؤبدا , وأريد به أن يكون قاعدة صلبة لتكوين الأسر وحفظ النسل , وتربيته تربية صحيحة بعيدة عن عوامل الضعف وعواصف التشرد ولا يتسنى تحقيق هذه الغايات مع تسرع الزوجين وجهل كل منهم بصاحبه "
2_ ويبين لنا الحديث الضواط الأخلاقية والمحافظة الإجتماعية عند دخول البيوت حيث يوجه الخاطب إلى النظر المشروع الذى يقف عند حده وهو رؤية الوجه و الكفين والقدمين ممن يريد خطبتها وعن طريق ذلك يستطيع أن يتعرف على التكوين الجسمى وبعض النواحى النفسية والخلقية لمن يخطبها " ( 6)

وأما ما وراء ذلك فيكون بالتقصى والبحث وقد يساعد على ذلك بعض النسوة الأمناء من أقاربه أو غيرهم
3_ وبذلك تعلم أن الإختلاط الذى تبيحه بعض الأسر باسم المدنية والتقدمية والتطور العصرى أمر خارج على تعاليم الدين وفيه شر كبير على الفتاة كثيرا ما سجلته المأسى عندما تتعرض لها فتيات هذه الأسر حين تفسخ الخطبة وكثيرا ماندم بسبها الأباء والأمهات حيث لا ينفع الندم
وبذلك يقف الإسلام موقفا آمنا عندما حدد رؤية الوجه الكفين والقدمين للمخطوبة وفى ذلك  رعاية للخاطب وللغاية من الزواج وفيه حفاظ على كرامة الفتاة ومستقبلها وعلى سلامة المجتمع ونقائه
والى كل أب وأخ مسئول عن الفتاة ألا يزوج كريمته ممن ساء خلقه وضعف دينه أو يعلم أنه سيقصر فى القيام بحقوقها المشروعة ومن فعل ذلك فقد جنى عليها وأساء اليها وتعرض لسخط الله بما قطع من حق الرحم وسوء الإختيار , وفى الأثر من زوج كريمته من فاسق فقد قطع رحمها
وقد سأل رجل الحسن البصرى رحمه الله تعالى قد خطب ابنتى  جماعة ( يعنى طلبوها للزواج ) فممن أزوجها قال ممن يتقى الله فإنه إن أحبها أكرامها وإن أبغضها لم يظلمها "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (7)