خواطر حول ( رعاية الشباب )

خواطر حول رعاية الشباب :
جاء الإسلام من أجل اعداد الإنسان لمهمة وغاية والمهمة هى اعمار الحياة على أسس سليمة تجعله صالحا للإقامة على هذه الأرض , ومن أجل ذلك أرسل الله تعالى الرسل بمنهج يساير هذا الإنسان ويتمشى مع فطرته وحاجاته , والقرآن الكريم والسنة الشريفة المطهرة كفيلان بهذا كله فهما يعملان للإنسان وجاء من أجله وليس لأحد غيره وبما أن الإنسان بنيان الله فى الأرض والخليفة بأمره فقد أحاطت عنايته سبحانه هذا الإنسان بما ضمن له من سلامة التفكير وحسن التدبير, حتى يستعمل عقله فيما يعود عليه وعلى المجتمع الذى يعيش فيه من خير وبر ورحمة , وتلك هى الغاية والثمرة المرجوة من وراء الوجود الإنسانى ,
والإنسان خلق لمهمة وغاية وأداء رسالة من خلال منهج ربانى ولذلك نجد الإسلام قد اهتم بإعداده وتربيته التربية الصالحة من المهد إلى اللحد فى كل مراحل حياته "
( 1)

ومن أهم هذه المراحل هى رعاية الشباب فى الإسلام , ومن ذلك حديث الرسول صل الله عليه وسلم " إن الله تعالى يباهى بالشباب العابد الملائكة بقوله " انظروا إلى عبدى ترك شهوته من أجلى "
وصدق رسول الله صل الله عليه وسلم حين قال " شاب سخى حسن الخلق أحب إلى الله تعالى من شيخ بخيل عابد سئ الخلق " والذى يتتبع أحاديث الرسول فهما وتدبرا يجد يجد حرصه على رعاية الشباب فى الإسلام وهذا الأمر لايأتى إلا من خلال جهد يتمثل فى تربية سليمة وتنشئة إسلامية صحيحة إذ أوجب الإسلام العناية به ليكون قويا روحيا وماديا وفى ذلك قوله صل الله عليه وسلم " المؤمن القوى خير من المؤمن الضعيف وفى كل خير "
ويقول صل الله عليه وسلم فى العناية به روحيا حتى جعله ضمن السبعة الذين يظلهم الله تعالى فى ظله يوم لا ظل إلا ظله " ومنهم شاب نشأ فى عبادة الله " وفى الحديث القدسى " أحب التائبين وحبى للشاب التائب أشد " صفحة ( 2)
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الرعاية الصحية والجسمية :

وهذه الرعاية تشمل سلامة الجسم وقوة بنيانه , والبعد عن ما يكون سببا فى الأمراض , ليكون أقدر على مواجهة الصعاب وتحمل أعباء ما كلف به من عمل وغيره , ولذلك نجد الإسلام يهتم بصحة الإنسان عامة والشباب خاصة ذكورا كانوا أو اناثا ويدعوا إلى الإعتدال فى المأكل والمشرب , ووقاية لهم من أمراض الهضم والكسل مما يسبب تبلد الفكر وفشله فى الحياة قال تعالى " يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لايحب المسرفين " سورة الأعراف
وحث الإسلام الشباب على الطهارة والنظافة بتفصيلات كثيرة وفى ذلك قوله صل الله على وسلم " تنظفوا بكل ما استطعتم فإن الإسلام بنى على النظافة " (3)

ومن ذلك أيضا ضرورة ممارسة شئ من ألوان النشاط الرياضى الذى يقوى الجسم ويكسبه الحيوية بالإضافة إلى أن الياضة تغرس فيه روح الإستعداد لمواجهة قتال الأعداء , فالرعاية الصحية حق واجب لكل مواطن فى الدولة الإسلامية وتتأكد فى حق الشباب وكذلك الرعاية الروحية فيقول صل الله عليه وسلم " لاتزول قدما ابن آدم يوم القيامة حتى يسأل عن أربع : عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه , وعن علمه فيما عمل , وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه " وقال تعالى " إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا " سورة الأحزاب صفحة(4)

أنشطة الشباب فى المجتمع المسلم :

الله تعالى خلق النفس البشرية وقد جبلت على حاجات متعددة لإشباعها وهى حاجات نفسية وعقلية وجسمية , والإسلام لم يمنع الإنسان مما يشبع ميوله الخيرة فى حدود ما أحل الله واجتناب ما حرم , ومن الأنشطة التى كانت موجودة على عهد الرسول صل الله عليه وسلم ويقرها الإسلام سواء بالأمر بإتباعها أو بالمشاركة فيها أو بعد النهى عنها ولأن الإسلام جاء ليصحح الأوضاع فى حياة الناس فما كان من خير أقره ومن كان من شر نهى عنه وحذر منه , ومما أقره , الجرى والعدو والفروسية وسباق الخيل والمصارعة وليست هى المصارعة التى نراها تنقلب إلى دموية ويتقاتل المتصارعان كما لو كانوا ( تيران فى غابه مع عدم الحياء وكشف العورة فإن هذا لا يقره الإسلام لأبنائه فعلا أو مشاهدة فمثل هذا ينمى الروح العدوانية ويدعوا إلى التعرى وعدم الحياء ) ( 5)

ومما أباحه الإسلام رفع الأثقال والرماية والسباحة يقول عمر رضى الله تعالى عنه " علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل " وهذا كلام مقتبس من نور ومشكاة النبوة التى تربى فى مدرستها الفاروق رضى الله عنه وأباح كذلك الصيد , والغناء البرئ واللهو البرئ فى المناسبات السارة عند الزواج , وقدوم غائب والحفاوة بالمولود وغير ذلك والمزاح والمداعبة بما لايخدش عرض أو يحط من كرامة وكما حث على المسابقات العلمية إعمالا للعقل و اثراء للتفكير كل هذا شرط ألا يخرج عن الأدب الإسلامى ,
والترويح عن النفس ليس مجرد شغل لأوقات الفراغ ولكن الأصل ما يعود على الإنسان من فوائد جسمية وروحية وعقلية " (6)

وقد نهى رسول الله صل الله صل عليه وسلم عن اللهو إلا ما كان فيه ترويحا ومرحا يعود على فاعله بالخير" ولا خير فى لذة يعقبها نكد " الحديث " كل شئ يلهو به ابن آدم فهو باطل إلا ثلاثا رميه على قوسه , وتأديبه فرسه وملاعبته أهله فإنهن من الحق "
وبذلك نرى الإسلام ينتهج المنهج القويم الذى به يحكم المسلم كل ما يتردد عليه من أنشطة عامة تعود عليه بالخير فيزولها أو يبتعد عنها عندما تنتفى عنها الفوائد والمصالح التى تعود على الفرد والمجتمع
ومن ذلك أيضا الجلوس فى الطرقات وما يسمى أيضا بالمقاهى فإنه يدخل فى ذلك وفى هذا حديث النبى صل الله عليه وسلم " إياكم والجلوس فى الطرقات ؟ قالوا ما لنا من مجالسنا بدا يا رسول الله فقال إن أبيتم إلا الجلوس فأعطوا الطريق حقها قالوا وما حق الطريق يا رسول الله فقال غض البصر _ ورد السلام _ وكف الأذى _ وارشاد الضال , واغاثة الملهوف " فإن لم تتأكد هذه الأداب فى سلوك المسلم فإنه يحرم عليه أن يجلس فى هذه الأماكن وغيرها وبالله التوفيق وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة(7)

رسالة لكل شاب وقتاة:

الشباب فى كل أمة هم عمادها , ونهضتها وفى كل نهضة سر قوتها وحامل رايتها قال تعالى " إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى " سورة الكهف الآية 13_ والإيمان بالله يزيد الشباب من الجنسين قوة وعزيمة , ويمنحه الثقة بالنفس والتضحية والفداء , الإيمان بالله يمد الشباب بمدد إلهى غامر ونور ربانى شامل لكل نواحى حياته بما يجعله وثيق الصلة بهدى السماء وبركة الوحى , والتربية الإسلامية الصحيحة للشباب تجعله دعامة نافعة لأسرته التى يتكون منها البنين والبنات يحترم كبيرهم ويرحم صغيرهم ويخاف على ضعيفهم ويحميه ويحوطه من ورائه وخاصة أخواته من الإناث يعرف لهن حقهن ويعمل من أجل سعادة بيته وأسرته بل إن هذا النفع يمتد إلى أمته ودينه ووطنه , هكذا تعمل التربية السليمة تمد الشباب , بالزاد الروحى والعلمى والعملى وتبث فيه روح الأمل والصبر والكفاح " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (

الزواج السعيد:

من أهم المشكلات التى تواجه من يريد الزواج اليوم هو غلاء المهور فهل من سبيل إلى العلاج ؟

لقد أصبح الزواج المشكلة الكبرى , التى تؤرق كل شاب وفتاة , مما أدى ذلك إلى القلق والإكتئاب النفسى , وركوب قطار الإنتظار الذى أصاب كثير, من الشباب والفتيات باللإحباط وقتل روح التفكير الذى سيطر على الكثير , والسبب فى ذلك هو ارتفاع أرقام المهور إلى درجة تأخذ بلب الحكيم ومما زاد الأمر سوء هو أن يتشبه الفقير بغيره من ذوى المال والثروات , ويضع الجميع شروطا تعسفية تثبط الهمم لأنها تخرج عن حدود العقل وروح الدين , وسبب ذلك أن الكل ينظر إلى غيره وكيف تزوج , وماذا عمل فى شقته ؟ وكيف كانت ليلته وما أنفق فيها من تكاليف ؟ ويقول ولى أمر الفتاة إن ابنتى لاتقل عن هؤلاء جمالا , ولا مكانة فلماذا أتنازل ؟ وكل ذلك شروط مجحفة وتعقيدات صعبة , قد تؤدى فى بعض الأحيان إلى عدم اتمام الزواج وهروب العريس , ( 9)
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

, وهو الأمر الذى يترتب عليه عواقب وخيمة , من فساد للأخلاق وانحراف السلوك لدى الشباب والفتيات , وبسبب نقص معدلات الزواج , وارتفاع سن الزواج لدى الشباب والفتيات , وإذا كان الإسلام أطلق المهر ولم يحدد المقدار , ولكن هذا للقادرين الذين لايضرهم كما قال تعالى :" ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين " سورة البقرة 236_
وأما الفقراء الذين يقترضون ويستدينون , من أجل بناتهم وأبنائهم والمولى عزوجل
يقول :" لا يكلف الله نفسا إلا وسعها " سورة البقرة 286_ إنه من الواجب على ولى أمر الفتاة أن ييسر ولا يعسر , لأن ظروف الحياة أصبحت صعبة , وحصول الشاب على المال ليس أمراً هينا , وأسعار الشقق وغيرها من لوزم الزواج فى ارتفاع , فعلينا أن نتقى الله عز وجل فى بناتنا وأخواتنا وفى اخواننا وأن نسعى جميعا فى تحقيق الخير لهم , مما يعود على المجتمع الإسلامى بالسعادة واليمن والبركة
بسبب تيسيركم سبل الحياة لغيركم , ولنعلم جميعا أننا محاسبون عما نقدم من خير أو شر أمام الله تبارك وتعالى :" لله مافى السموات والأرض ليجزى الذين أساءوا بما عملوا ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى " سورة النجم 31_ ( 10)
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

فلنقتدى بسنة رسول الله صل الله عليه وسلم _ فى تزويج أبنائنا وبناتنا ولنقتصد فى تكاليف الزواج وعدم المغالاة فى المهور , ولنعلم أن صلاح الرجل وتدينه أفضل بكثير من المال والثروة , قال تعالى :" وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإماءكم إن يكونوا فقراء يغنيهم الله من فضله والله واسع عليم " سورة النور الآية 32_ وفيما رواه الترمذى عنه صل الله عليه وسلم _ :" إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة فى الأرض وفساد كبير " وحتى لا نكون سببا فى تأخر سن البنات وعزوف الشباب عن الزواج , يجب أن نكون واقعين لآن ظروف الحياة اليوم , أصبحت غير ما كان بالأمس من جميع النواحى , التى يمر بها الأفراد والمجتمعات وقديما قالوا :" الفرصة لاتأتى إلا مرة واحدة ولن تعود "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ( 11)