إن المتتبع لسيرة الحبيب المصطفي يرى أنه صلوات الله عليه وآله وسلم - أتسم بالعديد من الصفات والشمائل العظيمة فعرف بصدقهِ وأمانته، وحكمته، وسَعَةِ عَقْلِهِ، وشجاعته وكان يصل الرحم ويحمل الكل ويقري الضيف ويكسب المعدوم ويعين على نوائب الحق كما كان أصدقَ الناسِ حتى لقَّبَهُ الجميعُ بالصادِقِ الأمين، وحدث أن لقي أحدُ المشركين أبا جهلٍ فقال له: إنه ليس هنا إلا أنا وأنت فأخبرني: هل محمدٌ كاذبٌ أم صادقٌ؟ قال أبو جهل: لا ما كذبَ محمدٌ قط. لقد كان صل الله عليه وسلم بليغَ الحكمةِ واسعَ العقلِ حليماً صابراً يعفو عمن ظلمه ويعطي من حرمه ,ويصل من قطعه , وكيف لا يكون كذلك وقد أدبه ربه فأحسن تأديبه بقوله:" خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين" سورة الأعراف ,فسأل رسولُ الله صل الله عليه وسلم جبريل عن تأويلها فقال: يا محمد إن الله يأمرك أن تصلَ من قطعَكَ وتعطيَ من حرمَكَ وتعفوَ عمن ظلمك ، وقال عن نفسه صلوات الله عليه وآله وصحبه وسلم :" أدبني ربي فأحسن تأديبي" وقال له ربه عز وجل :" واصبر علي ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور" سورة لقمان, عرف التاريخ الكثير من العظماء الذين اتصفوا بالحلم والكرم والشهامة والمروءة والشجاعة فما أحد من هؤلاء إلا عرفت عنه زلة وسقطة، وحفظت عنه هفوة، أما نبينا صلوات الله عليه وآله وسلم فكل الكمالاتِ نبعت من ذاته الشريفة صل الله عليه وسلم، فلا يزداد مع كثرة الإيذاء إلا صبراً، وعلى إسراف الجاهل إلا حلماً،