الصحابى الجليل : والخليفة الراشد : ذو النورين ( عثمان بن غفان ) رضى الله تعالى عنه

ذو النورين

الصحابى الجليل والخليفة الراشد : عثمان بن عفان رضى الله عنه :

كان عثمان بن عفان معروفا فى الجاهلية , بالعقل والحزم والجود وثقة أبى بكر رضى الله عنه فيه هى التى دفعته إلى , دعوته للإسلام أول ما ظهر وقبل أن يدخل
رسول الله صل الله عليه وسلم _ دار الأرقم بن أبى الأرقم , قال له ويحك يا عثمان إنك لرجل حازم وما يخفى عليك الحق من الباطل , هذه الأوثان التى يعبدها قومك
أليست حجارة صماء لاتسمع ولا تبصر ولا تضر ولاتنفع , قال عثمان بلى والله إنها لكذلك قال أبو بكر رضى الله عنه , هذا محمد صل الله عليه وسلم بعثه الله برسالة فهل لك أن تأتيه وتسمع منه , قال نعم . ( 1)

ولكنهما قبل أن يفرغا من حديثهما مر بهما رسول الله صل الله عليه وسلم _ فقال يا عثمان أجب الله إلى دينه فما تمالك عثمان
إلا أن أعلن شهادة الإسلام وإذا كان أبو بكر رضى الله عنه_ قد دخل فى الإسلام دونما تردد وأقبل عليه بإخلاص بالغ , وعمر دخله بحمية وشجاعة واستعداد للقتال
فإن عثمان رضى الله عنه دخله على استعداد للتضحية , بالمال وتحمل المتاعب ولم يكن له رضى الله عنه شجاعة عمر رضى الله عنه _ أو قوته ولكنه خدم الإسلام من أبواب أخرى غير القوة والشجاعة . ( 2)

كان عثمان رضى الله عنه فى الرابعة والثلاثين يوم أسلم , وله أزواج وأولاد فلما نزلت على رسول الله صل الله عليه وسلم _ سورة المسد غضب عمه أبو لهب وقال هجانى وطلب من ولديه عتبة وعتيبة أن يتخليا , عن ابنتى رسول الله صل الله عليه وسلم _ رقية وأم كلثوم رضى الله تعالى عنهما _ ولم يكونا قد دخلا بهما بعد وكانت أم كثلوم مسماه على عتبة , ولم يُعقد قرانهما فتزوج عثمان رقية , وقد كانت على حظ من الجمال وكان عثمان أيضا جميلا وكانوا يقولون .. إن أجمل شئ يبصر الإنسان .. رقية وزوجها عثمان . ( 3)

هاجر بها إلى الحبشة وكان أول من هاجر إليها , ولكنها مرضت فى شهر رمضان
فى السنة الثانية من الهجرة , فلم يستطع عثمان أن يحضر غزوة بدر الكبرى لشغله بتمريضها وماتت يوم أن جاءت البشرى بنصر المسلمين ,

وأصاب عثمان على رقية رضى الله عنهما هم وكآبة وسأله رسول الله صل الله عليه وسلم _ مرة عما به فقال _ وهل دخل على أحد ما دخل على , ماتت ابنة رسول الله صل الله عليه وسلم _ التى كانت عندى وانقطع ظهرى وانقطع الصهر , بينى وبينك فزوجه رسول الله صل الله عليه وسلم _ أختها أم كلثوم على مثل صداقها , وماتت عام الوفود سنة تسع ( 4)

وقال رسول الله صل الله عليه وسلم _ لو أنا لنا ثالثة لزوجناكها وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة وأعماله للإسلام تشى عن عمق إيمانه , واستعداده للتضحية فى سبيل الله وقد قام بتجهيز ثلث جيش غزوة العسرة , وكان ثرؤه يعينه على الإنفاق
فقد قد للمحاربين ألف ظهر منها تسعمائة وخمسون بعيرا , ومنها خمسون فرسا
وجاء بألف دينا فوضعها فى حجر , رسول الله صل الله عليه وسلم فقال : ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم ومن دعاء رسول الله صل الله عليه وسلم _ له ( غفر الله لك يا عثمان ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت , وماهو كائن إلى يوم القيامة
( 5)

وهو من كتاب الوحى , وكان رسول الله صل الله عليه وسلم _ يملى عليه ويقول أكتب يا عثمان وكان له الفضل على , أهل المدينة يشرائه لهم بئر رومة وكانت بئر ذات ماء عذب يملكها يهودى ويبيع ماءها , على الناس ويشتط فى الثمن فعرض عليه عثمان أن يشاركه فيها , وأغلى له الثمن فباع نصفها وأخذ كل واحد يوما
فترك عثمان يومه للناس بلا مقابل , فلم يذهب أحد للشراء من اليهودى فباع النصف الآخر بثمن زهيد فتركه عثمان للناس أيضا , وكرم عثمان كان مشهودا فى غير ما موقف لأنه كان موفقا فى التجارة ميسورا , كان له على طلحة بن عبيد الله خمسون ألف فوجده يوما فى المسجد فقال طلحة , ياأبا عبد الله قد تهيأ مالك فاقبضه فقال له عثمان هو لك معونة , ( 6)

وقحط الناس فى زمن أبى بكر فلم يجد أبو بكر ما يصنع لهم
فقال لا تمسون حتى يفرج الله عليكم , فلما كان الغد والخليفة مهموم جاءته البشرى
أن ألف راحلة برا وطعاما لعثمان قدمت المدينة , وبكر التجار يقرعون باب عثمان
فقالوا معنا كى نسد حاجة الناس ودخلوا داره , فإذا ألف وقر وقد صبت فيها وقال لهم
كم تربحوننى فأخذوا يزيدونه حتى ظنوا , أنهم بالغوا فى الزيادة حتى قال لهم أخيرا
هل تدفعون عن كل درهم عشرة ...قال أشهدكم أنها صدقة على فقراء المدينة وهو يشير بما قال إلى أن الله تعالى يجزى , على الحسنة بعشرة أمثالها . ( 7)

وكان عثمان رضى الله عنه : أحد الستة الذين اختارهم عمر رضى الله عنه لينتخبوا من بينهم خليفة على المسلمين وقيل , أنهم مات رسول الله وهو عنهم راض , وكان هو المنتخب لها تولها وعمره ثمانية وستون عاما , ميلادية وسبعون عاما هجريه وكان عثمان حييا فلما وقف ليخطب , الناس بعد بيعته ارتج عليه ولم يجد ما يقول
عن منهج حكمة وطريقة معاملة الناس , فقال إن أول كل مركب صعب وإن أعش تأتيكم الخطبة على وجهها وماكنا خطباء وسيعلمنا الله .
وفى عهده رضى الله عنه امتدت الفتوحات الإسلامية ,فى جهات كثيرة ونال المسلمون من الغنئم مالا كثيرا ,فقد فتحت إقريقية فكان سهم الفارس فيها ثلاثة آلاف دينار وصالح قرى قريبة من القير وان , على ثلاثمائة قنطار من الذهب ومليونين ونصف مليون من الدنانير .                                   (

وكان أهم ما أثار عليه الفتنة هو خطابه الذى , أعطاه محمد بن أبى بكر وأرسله به إلى مصر ليتولاها بدلا من ابن أبى سرح , وكان كبار الصحابة وأم المؤمنين عائشة رضى الله عنها قد طلبوا من عثمان عزله , فلما كان بن أبى بكر فى الطريق إلى مصر خارج المدينة وجدوا غلاما لعثمان رضى الله عنه , ومعه خطاب لإبن أبى سرح فيه , إذا جاءك محمد بن أبى بكر , وفلان فاحتل فى قتلهم وقر على عملك
إلخ فرجعوا إلى الخليفة وقد تبين لهم , أن كاتب الخطاب هو مروان بن الحكم وكان كاتب عثمان ومعه خاتمه فطلبوا من عثمان , أن يدفع لهم مروان أو ليعتزل الحكم
                                                            ( 10)

وفى بداية الإضطرابات على عثمان رضى الله عنه _ وكان الأمر حرجا وشيطان الفتنة يحرك قرونه هنا وهناك أبى عثمان أن يدفع , لهم مروان خوفا أن يقتلوه وكان الأمر يستدعى أن يحاكم أولا ثم هم لاحق لهم فى عزله .
فأصر وأصروا .. حاصروه فى بيته ومنعموا عنه الماء حتى وقف على سطح داره
وشكا لهم ما يعانة وأهله من العطش , وذكرهم ببئر رومة التى إشتره لهم .
ودام الحصار أربعون يوما وقد حاول إمداده بالماء , كل من على بن أبى طالب
والسيدة أم حبيبة زوج رسول الله صل الله عليه وسلم _ وآخرون فلم يفلحوا أخذ عثمان يستعين بكل من يأنس فيه العون , وخصوصا طلحة وعليا والزبير .
                                                        (11 )

ووكل ابن عباس رضى الله عنهما أن يحج بالناس , وأمره أن يذهب إلى خالد بن العاص بمكة وقال قل له يقرأ عليك أمير المؤمنين السلام ويقول لك إنى محصور من كذا يوما لا أشرب إلا من الاجاج من دارى , وقد منعت بئرإشتريتها من صلب مالى يشربها الناس ولا أشرب منها شيئا .
لكن خالد قال لاطاقة لى بعداوة من يحاصرونه , وقد حضر إليه معاوية من قبل فطلب أن ينتقل معه إلى دمشق فلم يقبل واكتفى معاوية , بأن خرج إلى المسجد فوجد على بن أبى طالب ومعه الزبير وطلحة رضى الله عنهم , فحذرهم وحملهم مسئولية دم عثمان رضى الله عنه ثم عاد إلى دمشق , وكذلك ذهب عمروبن العاص إلى فلسطين , وكان يقيم بها منذ أن عزله عثمان , عن مصر لأنه فتحها فى عهد عمر
وكان كل شئ ينذر بالعاصفة , حتى اقترح الحسن بن على على أبيه أن يخرج إلى مكة , ( 12)

كان عدد من أبناء الصحابة منهم الحسن ومحمد بن طلحة , وعبد الله بن الزبير يقفون بباب عثمان ليمنعوا عنه الثائرين , وكان من كرم عثمان أن رجاهم وطلب من حراسه ألا يقتلوا واحدا وهكذا تقبل هذا الخليفة , أن يهدر دمه هو فداء لداماء الآخرين .
وكانت الأزمة عندما قتل فعلا واحدا , من الثائرين فتركوا بابه وتسوروا من بيت أحد الجيران ودخلوا عليه وكان المصحف بيده , وكانت زوجه نائلة بنت القرافصه تدفع عنه وهجم عليه محمد بن أبى بكر , فأخذ برأسه فقال له عثمان هذه لحية كان أبوك يكرمها فترك فهجم عليه , الآخرون فقتلوه وجرحوا زوجه وكانت هذه نهايه الخليفة المفترى عليه , وهكذا كان الخليفة الصالح الذى لم يشبه أحد من المسلمين فيما قام به من خدمة الإسلام والمسلمين , سواء قبل خلافته وبعدما صار خليفة فسبقه إلى الإسلام وأعماله لايتصف بها إلا قليل القليل وقد قتل هكذا حتى قيل فى رثائه
       قتلوا بن عفان الخليفة محرما  _ ومضى فلم أرى مثله مقتولا
        ضحوا باشمط عنوان السجود به _ يقطع الليل تسبيحا وقرآنا
                                                  ( 13)

كرامة سيدنا عثمان رضى الله عنه :

لقد أثنى رسول الله صل الله عليه وسلم على سيدنا عثمان رضى الله عنه ثناء حسنا
أيام تقديم ماله الضخم فى غزوة تبوك , حيث قال : ( ما ضر عثمان ما عمل بعد الموت ) وقال فيه ( عثمان تستحى من الملائكة ) وكان عثمان رضى الله عنه قد أعطى حق التفرس ( من الفراسة ) لعصاة بعض القوم فقد دخل عليه رجل فقال له :
أو يدخل أحدكم على وعيناه عليها أثر الزنا " فقال : الرجل أوحى بعد رسول الله , قال لا , ولكن تلك فراسة من الله يعطيها من يشاء من عباده , ولقد رأى رسول الله صل الله عليه وسلم ليلة حصاره وهو يقول له : ( غدا ستفطر عندنا ) فلم يطق البقاء
بعد " ( 14)
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

رسول الله صل الله عليه وسلم " أنا قادم إليك "

قال نافع عن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما :
أصبح عثمان بن عفان رضى الله عنه يحدث الناس ,
قال رأيت رسول الله صل الله عليه وسلم الليلة
فى المنام فقال : أفطر عندنا غدا فأصبح صائما
وقتل من يومه قبل غروب الشمس ,,
( 15 )
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم