تفسير سورة الضحى

تفسير سورة الضحى

وهى مكية وعدد آياتها احدى عشر آية ونزلت بعد سورة الفجر

وفى السورة الكريمة تطمين للنبى صل الله عليه وسلم بعودة الوحى

بسم الله الرحمن الرحيم

والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى * وللأخرة خير لك من الإولى * ولسوف يعطيك ربك فترضى * ألم يجدك يتيما فأوى * ووجدك ضالا فهدى * ووجدك عائلا فأغنى * فأما اليتيم فلا تقهر * وأما السائل فلا تنهر * وأما بنعمة ربك فحدث *

المعنى اللفظى

والليل إذا سجى , سكن ورق واشتد ظلامه
وما قلى , ما أبغضك وكرهك وأهملك , بإبطاء الوحى عنك
فآوى , أى ضمك إلى من يرعاك جدك وعمك
عائلا , فقيرا قليل المال فأغنى نفسك بالقناعة والصبر
تقهر , فلا تغلبه على أمره لضعفه
تنهر , أى لا تزجره لفقره وحاجته

البيان العام

لما فتر الوحى عن رسول الله صل الله عليه وسلم , مدة من الزمن , وانقطع عنه وأحس بأنه وحده , فى مواجهة أهل الشرك والكفر والتحدى له منهم , حزن أشد الحزن وتألم كل الألم , وخاصة حينما كانت قريش الكافرة , تعيره بأن ربه قد قلاه
وأعرض عنه , فنزلت السورة _ وهى كلها موجهة إلى رسول الله صل الله عليه وسلم فى فيض من ود وحب ورحمة وايناس وقربى , لتؤنسه وتسرى عنه وتخفف ما به .

والله سبحانه وتعالى فى هذه السورة يقسم بوقتين عظيمين , من النهار والليل " والضحى والليل إذا سجى " وذلك ليستشعر قلب النبى صل الله عليه وسلم وقلب كل مؤمن بجو الإيناس والقرب فى الزمن والمشاعر , ثم يجئ جواب القسم مؤكدا هذه
المشاعر تأكيدا مباشرا , ويرد على الكافرين ردا قاطعا وحاسما " ما ودعك ربك ما قلى " وكيف ؟ يكون ذلك يا محمد وأنا ربك , وأنت عبدى المنسوب إلى , وأنا راعيك وكافلك بالتوفيق العظيم والرضوان الكامل , والنصر الأكيد , فى الدنيا والآخرة .

وفى استفهام تقريرى يذكر الله تعالى نبيه , بأنه لم يتركه أبدا من قبل فكيف يودعه
من بعد الوحى ؟ " ألم يجدك يتيما فأوى , ووجدك ضالا فهدى , ووجدك عائلا فأغنى " فقد رعاك فى يتمك ربك بكفالة جدك وعمك , وهدية من الحيرة والقلق
بالإيمان ودين الفطرة , وأغناك بالقناعة والكسب الحلال , ومساعدة الزوجة الوفية بمالها ( وهى السيدة خديجة رضى الله تعالى عنها ) وفى التحدث إلى النبى صل الله عليه وسلم وتذكيره من الملأ الأعلى , ما فيه من القرب والود والحب والإيناس ورفعة المنزلة وعلو القدر , وصدق الدعوة والإطمئنان إلى الوعد بالنصر , وغلبة هذا الدين .

وفى جو مكة المشحون بالكفر والطغيان , والإستبداد والجشع والشح : تجيئ هذه الأوامر الثلاثة , وصاية باليتيم الضعيف فى مجتمع الذئاب , وفى كل مجتمع بالإمتناع عن قهر اليتيم واهانته وكسر خاطره وإذلاله , وتوصية بالسائل بالرفق به
وإعطائه حقه وما تقوم به حاجته أو برده ردا جميلا كريما , وتوصية بالتحدث بنعمة الله تعالى فالله سبحانه يحب أن تظهر أثر نعمته على عبده , فى غير كبرياء أو استعلاء على الناس , ولكن من أجل شكر الله والبر بعباده , حيث يقصده كل محتاج
وفى مقدمة هذه النعم نعمة الإيمان والإسلام وكفى بها نعمة "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ايجاز البيان

فى سورة الضحى

والسورة الكريمة تتناول شخصية النبى صل الله عليه وسلم , وما حباه الله تعالى به من الفضل والإنعام , فى الدنيا والآخرة وليشكر الله تعالى على تلك النعم الجليلة
وتبدأ السورة الكريمة بالقسم على جلالة قدر النبى صل الله عليه وسلم , وأن ربه لم يهجره ولم يبغضه كما زعم المشركون , بل هو عبد الله رفيع القدر عظيم الشأن والمكانة قال تعالى " والضحى والليل إذا سجى , ما ودعك ربك وما قلى , وللأخرة خير لك من الإولى "
ثم بشرته بالعطاء الجزيل فى الآخرة , وما أعده الله تعالى لرسوله من أنواع الكرامات , ومنها الشفاعة العظمى " ولسوف يعطيك ربك فترضى "
ثم ذكرته الآيات بما كان عليه فى الصغر , من اليتم , والفقر , والفاقة , والضياع

فأواه ربه وأغناه , وأحاطه بكلاءته وعنايته " ألم يجدك يتيما فأوى ؟ ووجدك ضالا فهدى , ووجدك عائلا فأغنى ؟ "
وختمت السورة الكريمة بتوصيات كريمة ثلاث : مقابل تلك النعم الثلاث , ليعطف على اليتيم , ويرحم المحتاج , ويمسح دمعة البائس المسكين " فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر وأما بنعمة ربك فحدث " وفى ذلك ختم يتناسق فيه جمال اللفظ
مع روعة البيان والنسق " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

مختصر تفسير سورة الضحى

بسم الله الرحمن الرحيم

والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى * وللأخرة خير لك من الإولى * ولسوف يعطيك ربك فترضى * ألم يجدك يتيما فأوى * ووجدك ضالا فهدى * ووجدك عائلا فأغنى * فأما اليتيم فلا تقهر * وأما السائل فلا تنهر * وأما بنعمة ربك فحدث *

وفى الآيات 1_3 ) يقسم الله سبحانه وتعالى بالنهار كله, وبالليل إذا سكن بالخلق واشتد ظلامه , والله سبحانه وتعالى يقسم بما يشاء من مخلوقاته , وأما المخلوق
فلا يجوز له أن يقسم بغير خالقه , فإن القسم بغير الله شرك , وما تركك ربك يا محمد , وما أبغضك بإبطاء الوحى عنك .
( 4_ 5) ويبين الله تعالى لنبية أن الدار الآخرة خير له وأبقى من الدنيا , ولسوف يعطيك ربك _ يا محمد من أنواع الإنعام فى الآخرة فترضى بذلك .
( 6_ ويذكر الله تعالى نبيه الأكرم بما كان عليه من قبل , من اليتم فأواك
ورعاك , ووجدك لا تدرى ما الكتاب ولا الإيمان , فعلمك ما لم تكن تعلم , ووفقك لأحسن الأعمال ؟ ووجدك فقيرا , فساق لك رزقك , وأغنى نفسك بالقناعة والصبر ؟
( 9_ 11) فأما اليتيم فلا تسئ معاملته , وأما السائل فلا تزجره , بل أطعمه , واقض حاجته , وأما بنعمة ربك التى أسبغها عليك فتحدث بها "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

تفسير :قوله تعالى : وللآخرة خير لك من الأولى ولسوف يعطيك ربك فترضى
روى سلمة عن ابن إسحاق قال : وللآخرة خير لك من الأولى أي ما عندي في مرجعك إلي يا محمد ، خير لك مما عجلت لك من الكرامة في الدنيا . وقال ابن عباس : أري النبي صل الله عليه وسلم - ما يفتح الله على أمته بعده فسر بذلك فنزل جبريل بقوله : وللآخرة خير لك من الأولى ولسوف يعطيك ربك فترضى .
قال ابن إسحاق : الفلج في الدنيا ، والثواب في الآخرة . وقيل : الحوض والشفاعة . وعن ابن عباس : ألف قصر من لؤلؤ أبيض ترابه المسك . رفعه الأوزاعي ، قال : حدثني إسماعيل بن عبيد الله ، عن علي بن عبد الله بن عباس ، عن أبيه قال : أري النبي صل الله عليه وسلم - ما هو مفتوح على أمته ، فسر بذلك فأنزل الله عز وجل : " والضحى إلى قوله تعالى - ولسوف يعطيك ربك فترضى "

، فأعطاه الله جل ثناؤه - ألف قصر في الجنة ، ترابها المسك في كل قصر ما ينبغي له من الأزواج والخدم . وعنه قال رضي محمد ألا يدخل أحد من أهل بيته النار وقال السدي . وقيل : هي الشفاعة في جميع المؤمنين . وعن علي رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صل الله عليه وسلم - : يشفعني الله في أمتي حتى يقول الله سبحانه لي : رضيت يا محمد ؟ فأقول يا رب رضيت . وفي صحيح مسلم عن ، عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صل الله عليه وسلم - تلا قول الله تعالى في إبراهيم : فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم وقول عيسى : إن تعذبهم فإنهم عبادك ، فرفع يديه وقال : " اللهم أمتي " صل الله عليه وسلم : " أمتي " وبكى . فقال الله تعالى لجبريل" : اذهب إلى محمد ، وربك أعلم ، فسله ما يبكيك " فأتى جبريل النبي صل الله عليه وسلم - فسأل فأخبره .

. فقال الله تعالى لجبريل : "اذهب إلى محمد ، فقل له : إن الله يقول لك : إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك . وقال علي رضي الله عنه - لأهل العراق : إنكم تقولون إن أرجى آية في كتاب الله تعالى : قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله قالوا : إنا نقول ذلك . قال : ولكنا أهل البيت نقول : إن أرجى آية في كتاب الله قوله تعالى : ولسوف يعطيك ربك فترضى . وفي الحديث :لما نزلت هذه الآية قال النبي صل الله عليه وسلم - : " إذا والله لا أرضى وواحد من أمتي في النار " . الجامع للأحكام القرآن للقرطبى الجزء العشرون " . موقع فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

فضل سورة الضحى :

يقول الرسول الله صل الله عليه و سلم : " ما أنزل الله أية أرجى من قوله : و لسوف يعطيك ربك فترضى " فدخرتها لأمتي ليوم القيامة " . وهذه الآية من خصوصيات نبي الهدي ورسول الرحمة محمد صل الله عليه وسلم ـ لا يُنازعه فيها أحد من أمته . وهي بموضوعها وتعبيرها ومشاهدها ، لمسة من حنان . ويد حانية تمسح علي الآلام والمواجع ، وتسكب الرضا والأمل ، وأنها كلها خالصة للنبي صل الله عليه وسلم " كلها نجاء له من ربة وتسرية وتسلية وترويح وتطمين" . موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم