قالوا عن الأسرة :

حنان الرسول صل الله عليه وسلم وأبوته :

لقد ضرب الرسول صل الله عليه وسلم ـ المثلى الأعلى فى شفقته ورحمته العامة والخاصة بأمته ومن الأمثلة على ذلك فى معاملته للأطفال , وحبه لأولاده وأحفاده
ففى الحديث الصحيح أن الأقرع بن حابس زار النبى صل الله عليه وسلم ـ فلما أخذ مجلسه واستقر به المقام , أقبل الحسن بن على رضى الله عنهما ـ على رسول الله صل الله عليه وسلم ـ فرحب به النبى صل الله عليه وسلم ـ وضمه إلى صدره وقبله بين عينيه , فتعجب الأقرع من فعل الرسول صل الله عليه وسلم ـ وعطفه الغامر وحنانه الفياض , ولم يستطيع أن يستر دهشته : فقال للنبى صل الله عليه وسلم ـ
متعجبا : أتقبلون صبيانكم ؟ فقال له النبى صل الله عليه وسلم ـ نعم : فقال الأقرع :
والله إن لى عشرة من الأولاد ما قبلت واحد منهم قط , وعندئذ قال رسول الله صل الله عليه وسلم ـ وما أفعل لك إذا كان الله تعالى قد نزع الرحمة من قبلك ؟ إن الله رحيم يحب الرحماء , من لايرحم لايرحم " إن الرحمة منهج حياة ويجب أن يسود حياة الناس , وخاصة فيما يتعلق بحياتهم الإجتماعية ومعاملة البشر , وإذا انعدمت الرحمة بين الناس فسدت الحياة , وعمت الفوضى وأكل الناس بعضهم بعضا . . موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

زينة الحياة الدنيا :

ـ الأبناء هم زينة الحياة الدنيا , وهبة من الله تعالى لخلقه , وقرة عين آبائهم , يجددون ذكراهم ويُحييون آثارهم وهم ورثتهم من بعدهم , ومن ثم كانت تربيتهم والإحسان إليهم وتوجيههم الوجهة الصالحة من حق الولد على أبيه , ولقد كان لرسول الله صل الله عليه وسلم المنهج القويم الذى كان يربى عليه الأبناء وما قاله منذ أربعة عشر فرنا ما زال نوراً , يضئ الطريق لمن يريد أن يربى أبنائه التربية الصحيحة , وتعليمهم بأسلوب بالغ الروعة ويتمشى مع عقولهم فقد قال صل الله عليه وسلم :" خاطبوا الناس على قدر عقولهم " وقال صل الله عليه وسلم :" من كان له صبى فليتصاب له " إن تربية الأبناء مسئولية كبيرة ولكنها سهلة ويسيره لمن أخذ بهدى رسول الله صل الله عليه وسلم وترسم خطاه وهى مبادئ صالحة لكل زمان ومصلحة لكل مكان فهل من مجيب ؟ موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من حقوق فلذات الأكباد :

من حق الولد على أبيه أن يوفر له حياة كريمة , بالقدر الذى يستطيع جهده تحصيله
من غير تعدى ولا تحايل على ماحرم الله , والسعى على المعاش لطلب الرزق عامة
ليكف بيته عن التطلع لما فى أيدى الآخرين من واجبات الإسلام , كما يقول صل الله عليه وسلم :" كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول " وهذه المطالب من مظاهر الحياة الدنيا قد تكفل الله بها ولم يرد منا إلا الأخذ بالأسباب , فإن السماء لاتمطر ذهبا ولا فضة , وهذا مما لاخلاف فيه لكن الذى نود أن نلفت أنظار الآباء إليه , هذه الحقيقة الكبرى التى يدور عليه غضب الله أو رضاه ,

, وهى ألا ننسى أن الله تعالى يريد من كل منا , أن نغرس فى نفوس أبنائنا التقوى والهداية والصلاح , وبث حقائق الإيمان فى نفوسهم , وأن نأدبهم على حب الرسول صل الله عليه وسلم ـ التمسك بالعمل الصالح والأخلاق الفاضلة , هذا هو الكنز الثمين الذى يجب على الآباء أن يتركوه لأولادهم من بعدهم حتى يضمن لهم السلامة , ويطمئن الأولاد إلى سعيهم فى الدنيا من بعد رحيل الأبوين وهذه هى سنة الحياة الله سبحانه وتعالى يقول فى كتابه الكريم :" وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديداً " سورة النساء الأية ـ

هذا هو منهج الإسلام فى مسيارة الحياة وعند تربية الأبناء أن نجمع فى تربيتهم بين المادة والروح , بين العقل والقلب , بين الدنيا والآخرة , بين الغيب والشهادة , بين النظر والعمل , بين التوكل على الله والأخذ بالأسباب , وبذلك نكون أهلا للصلاح والتقوى والخشية , مؤمنين طائعين مقبلين على الله بقلوبنا وجوارحنا , ومن ثم يمتد خيرنا لأبنائنا ويحوطهم الله تعالى بعنايته ورعايته يقول تعالى :" والذين أمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم وما ألتناهم من عملهم من شئ كل امرئ بما كسب رهين " سورة الطور الآية 21 ـ

فليكن ميراثنا الأول لأولادنا العمل الصالح , مع اليقين العميق أن ما عند الله لأولادنا هو خير وأبقى , وقد وعدنا الله تعالى بأن يحفظ لنا أولادنا من كل سوء , أن يجنبهم مضلات الفتن ومنكرات الأهواء ومصارع الشيطان فى حياتهم الدنيا . ونضرب لك مثلا من حياة السلف الصالح وموقفهم من أولادهم وما تركوا لهم من بعدهم .

ومما يروى أن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز ـ رضى الله عنه :
خَلَّف أحد عشر ابنا , فأخذ كل ابن من أبنائه ثلاثة أرباع الدينار وقال :
لهم عند وفاته : يابنى ليس لى مال فأوصى فيه .
وخَلَّف هشام بن عبد الملك أحد عشر ابنا فأصاب كل واحد من البنين
ألف الف دينار .
فأما أولاد عمر بن عبد العزيز فما رؤى أحد منهم إلا وهو غنى , ومنهم
واحد جَهَّز من ماله مائة ألف فارس فى سبيل الله .
وأما أولاد هشام ابن عبد الملك فما رؤى أحد منهم إلا فقير , موقع من فقه الإسلام للشيخ سامى .
ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

عن حب الأبوين للأولاد :

ـ يقول النبى صل الله عليه وسلم :" الأطفال دعاميص الجنة " والدعاميص نوع من الفرشات الجميله , ويقول الشاعر : إنما أولادنا بيننا ـ أكبادنا تمشى على الأرض ـ لو هبت الريح على أحدهم ـ إمتنعت عينى عن الغمض " والطفل ثمرة اللقاء الحار بين الزوجين , والأبوة والأمومة معنيان نبيلان أودع الله تعالى فيهما من رحمته ومودته , وسكب عليهما من بره ولطفه ما أورثهما معنى التلاحم والإستمرار قال تعالى :" ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة " سورة الروم الأية 21 ـ . موقع من فقه الإسلام للشيخ سامى ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

أدبوا أولادكم بالدعاء لهم :

مما روى عن كثير من العلماء والصالحين , أنهم كانوا يحرصون على تربية أولادهم وتأديبهم بالدعاء لهم وكانوا يحذرون من الدعاء عليهم , لأن فى ذلك فساد لهم ويجعلهم يُصرون ويُعاندون , فيما ماهم عليه من الخطأ والتقصير فهذا الفضيل بن عياض سيد من سادات هذه الأمة وعالم من علمائها الأكابر يدعو لولده عليَّ رحمه الله وهو صغير فيقول: اللهم إنك تعلم أني اجتهدت في تأديب ولدي علي فلم استطع ، اللهم فأدبه لي...، وهو مع هذا لم يتوان عن تعهده بالإصلاح والرعاية وحسن الأدب ، لكنه يعلم أن الأمر كله لله فيدعوه سبحانه ويتضرع إليه في صلاح ولده فيستجيب الله تعالى دعاءه ويصلح له ولده حتى أن بعض العلماء كان يفضل عليَّ بن الفضيل على أبيه على جلالة قدر أبيه رحمهما الله. ". موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

احذر الدعاء على أولادك :

أخبرنا النبي صل الله عليه وسلم عن ذلك بقوله: " ثلاث دعوات يستجاب لهن لا شك فيهن..." الحديث وذكر منها : " دعوة الوالد لولده" وفي رواية : "على ولده" .
مما لاشك فيه أن إجابة الدعوة على الولد قد تكون سببا في مزيد من العقوق والفساد لمن دعي عليه من الأولاد ، وقد جاء رجل على عبد الله بن المبارك رحمه الله يشكو إليه عقوق ولده فسأله ابن المبارك:" أدعوت عليه ؟ قال:نعم. قال اذهب فقد أفسدته.وهذا الجواب منه يدل على سعة علمه رحمه الله فإن الدعاء على الأولاد لن يزيدهم إلا فسادا وعنادا وعقوقا ، وأول من يشتكي هذا العقوق هو من تسرع بالدعاء على الأولاد. اللهم اهدى أولادنا وأصلح لنا ذرياتنا , واجعلهم قرة عين لنا في الدنيا والآخرة بفضلك وكرمك يا ذا الجلال والإكرام  ". موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى  وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

احذر الدعاء على أولادك :

إن مما ينبغي أن يكون معلوما ومستقرا في نفوس الآباء أن الدعاء على الأبناء من الممنوعات التي لا يجوز الاقتراب منها بحال ولقد نهى النبي صل الله عليه وسلم عن الدعاء على الأطفال فقال: " لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أموالكم ولا تدعوا على أولادكم ، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب".
إن الوالدين أو أحدهما قد يغضب لإساءة بعض الأبناء أو عقوقه ، وهما إن غضبا فحقهما لكن ينبغي ألا يلجأ الوالدان أو أحدهما في هذا الحال إلى الدعاء على الأولاد ؛ فإنهما أول من يكتوي  ويتألم إن أصاب أبناءهما مكروه ، وليستحضر الوالدان أن دعوة الوالد لولده أو عليه هي مما يستجاب ، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذ لك بقوله: " ثلاث دعوات يستجاب لهن لا شك فيهن..." الحديث وذكر منها : " دعوة الوالد لولده" وفي رواية : "على ولده" .

ومما لاشك فيه أن إجابة الدعوة على الولد قد تكون سببا في مزيد من العقوق والفساد لمن دعي عليه من الأولاد ، وقد جاء رجل على عبد الله بن المبارك رحمه الله يشكو إليه عقوق ولده فسأله ابن المبارك: أدعوت عليه؟ قال:نعم. قال اذهب فقد أفسدته.وهذا الجواب منه يدل على سعة علمه رحمه الله فإن الدعاء على الأولاد لن يزيدهم إلا فسادا وعنادا وعقوقا ، وأول من يشتكي هذا العقوق هو من تسرع بالدعاء على الأولاد. اللهم اهدى أولادنا وأصلح لنا ذرياتنا , واجعلهم قرة عين لنا في الدنيا والآخرة بفضلك وكرمك يا ذا الجلال والإكرام ". موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من فقه تربية الأبناء :

كما في حديث الإمام علي رضي الله عنه أن النبي صل الله عليه وسلم قال : " أدبوا أولادكم على ثلاث خصال : حُب نبيكم ، وحب أهل بيته ، وقراءة القرآن ، فإن حملة القرآن في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله مع أنبيائه وأصفيائه ." أورده السيوطي في الجامع الصغير . إن محبة النبي صل الله عليه وسلم تُعد من أعظم القيم الإسلامية التي ينبغي علي الآباء والأمهات أن يغرسوها في نفوس أولادهم , فمنهج الدين هو الحب والحب في الإسلام ليس مجرد أهواء أو نوازع وإنما هو حب لمنهج الله وطريق الله تعالى وإتباع سنة نبيه صل الله عليه وسلم ـ ذلك أن الحب في الإسلام قرين الطاعة لمنهج الله قال تعالى " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم " سورة آل عمران الآية 31ـ

وفى حب آل بيت رسول الله صل الله عليه وسلم ـ كما في الحديث عن النبي صل الله عليه وسلم _ إن مثل أهل بيتى فيكم مثل سفينة نوح , من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك , النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتى أمان لأمتى , قال تعالى : قل ما أسألك عليه من أجر إلا المودة فى القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا "سورة الشوري الآية 23 ـ . وكذلك أن يعملا على تعليمه العلم وخاصة حفظ القرآن الكريم وتفهيمه مبادئه وأحكامه , وأفضل الذكر تلاوة القرآن يقول أبو هريرة رضي الله تعالى عنه " أن البيت الذي يتلى فيه القرآن اتسع بأهله , وكثر خيره وحضرته الملائكة وخرجت منه الشياطين , وإن البيت الذي لا يتلى فيه القرآن ضاق بأهله وقل خيره وخرجت منه الملائكة وحضرته الشياطين "

ومن " آداب التلاوة " ـ الترتيل ـ وتحسين الصوت ـ بالقراءة وتجويدها ـ وحضور القلب فيها . والأنس بما يقرأ والتدبر قال تعالى " ورتل القرآن ترتيلا " سورة المزمل الآية 4 ـ وأهل القرآن المخلصون العاملون به جزاءهم يوم القيامة أنهم في ظل عرشه سبحانه وتعالى يوم لاظل إلا ظله مع عباد الله الصالحين وأولياءه وأصفيائه ." . موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

أولادنا أمانة في أعناقنا :

أولادنا هم ثمار قلوبنا ، وعماد ظهورنا ، وفلذات أكبادنا , وهم زينة الحياة الدنيا وبهجتها ، بهم تسر النفوس ، وتقر العيون يقول الله وتعالى: " المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك " سورة الكهف الآية46 ـ وحب الأبوين لأولادهما حب بالفطرة ، والوالدان هما مظهر الحنان والرحمة والشفقة بما أودعه الله فيهما من تلك المعاني ، ولولا ذلك ما اهتم الوالدان برعاية أولادهما ، ولا بكفالتهم ، ولا بالقيام بأمورهم ، والسهر من أجلهم. قال تعالى:"واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عند أجر عظيم " سورة الأنفال الآية 28 ـ ومعنى الآية : واعلموا - أيها المؤمنون - أن أموالكم التي استخلفكم الله فيها ، وأولادكم الذين وهبهم الله لكم اختبار مـن الله وابتلاء لعباده أيشكـرونه عليها ويطيعونه فيها أو ينشغلون بها عنه ؟

قال رسول الله صل الله عليه وسلم : " كلكم راع وكلكم مسئول، فالإمام راع وهو مسئول ، والرجل راع على أهله وهو مسئول، والمرأة راعية على بيت زوجها وهي مسئولة ، والعبد راع على مال سيده وهو مسئول ، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول" رواه البخاري , والراعي هو الحافظ المؤتمن الملتزم صلاح ما قام عليه , وما هو تحت نظره, ففيه أن كل من كان تحت نظره شيء فهو مطالب بالعدل فيه , والقيام بمصالحه في دينه ودنياه ومتعلقاته ، ومن هنا نفهم أن المسئولية ليست فقط في الإنفاق ولكن في غرس القيم والمبادئ الإسلامية.فعلى الأبوين الاهتمام بحسن تنشئة الأولاد ، ويسألان الله تعالى بما دعا به عبادُ الرحمن كما في قوله تعالى : " والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما "سورة الفرقان: الآية 74 ـ ومع الدعاء يجب الأخذ بالأسباب ، فيراعَى التوازن في معاملة الأولاد ، فلا مبالغة في اللين معهم مبالغة تدفعهم إلى التسيب والفساد ، ولا مغالاة في الشدة بما يضرهم في الدين والدنيا ، وذلك يحتاج إلى تعاون وثيق بين الأبوين ليقوم كل بدوره.والتأديب في مرحلة الطفولـة التي تتميّز بالمرونة والفطرة والتلقي ولكل بنـاء أساس فإن كانت دعائم الأسس متينة قام البناء على أفضل ما يكون بإذن الله تعالى ، فلا بدّ إذاً من زرع الفضائل والقِيَم والأخلاق في نفوس الأطفال ولا بد من تربيتهم في كافة الميادين .

الدعاء للأبناء :

من أهم الوسائل التي تساعد الأولاد على الاستقامة والطاعة لله ورسوله والسمع والطاعة البر بنا أن ندعوا لهم بصلاح دينهم ودنياهم وليس الدعاء بالصلاح قاصرا على صلاح آخرتهم بل تعيين الدعاء بصلاحهم العام في الدنيا والآخرة وصلاح أمورهم في الكسب والعلم والعافية والخير كله فإن ذلك من الفقه الذي هدى الله إليه أنبياءه والصالحين من عباده كما كان إبراهيم عليه السلام في دعائه لأبنائه بل وذريته من نسله حين دعا بدعوات مباركة كثيرة منها قوله تعالى : " رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء " ودعاؤه أيضا قال تعالى :" ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليُقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون "

" فملآ الله المكان خيرا وبركة وأفاض فيه أعذب ماء وأطيبه وأبركه " بئر زمزم" لا يزال خيره يفيض على من حوله إلى اليوم .وهذا البخاري رحمه الله – كما ذكر اللالكائي في شرح السنة " كان قد ذهبت عيناه في صغره , فرأت والدته الخليل إبراهيم عليه السلام في المنام فقال لها : يا هذه رد الله على ابنك بصره بكثرة دعائك , قال : فأصبح وقد رد الله عليه بصره." فدعاء والدة البخاري رحمهما الله كان له أثر كبير في رفع العجز وهو العمى عنه فارتد بصيرا ، فكان لذلك أثر في التكوين العملي للبخاري وقدرته عل طلب العلم والسفر وجمع الحديث فهي دعوة عمت بخيرها أمة الإسلام بأكملها حين استطاع هذا الرجل جمع أصح الكتب الحديثية حفظ بها السنة من الزيد والنقص فانظر كيف هو أثر الدعوة الصالحة للأبناء وأين يصل مداه.خامسا النهي عن الدعاء عل الأولاد : ولا يستقيم أن يبذل المسلم قصارى جهده في الدعاء لذريته وأبنائه بالخير والصلاح ثم في لحظة غضب واضطراب ينسف ما بناه بالدعاء عليهم بما لو استجيب له في ذلك لكانوا من الهالكين ,

ولقد وجه النبي صل الله عليه وسلم- إلى عدم عن الدعاء عل النفس والولد فقال:" لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا أولادكم ولا تدعوا على أموالكم لا توفقوا من الله ساعة يُسأل فيها عطاء فيستجيب لكم " رواه مسلم وجاء رجل إلى عبد الله بن المبارك رحمه الله- يشكو إليه عقوق ولده، فسأله ابن المبارك: "أدعوت عليه؟"، قال: "نعم"، قال: "اذهب فقد أفسدته".سادسا - أكل الحلال : ومن وسائل التربية غير المباشرة أكل الحلال وإطعام الأبناء منه ، وليس الأمر مقتصرا على المطعم والمشرب وإنما في كل نواحي الحياة ،فإنما البركة فيه والخير، فعن كعب بن عُجرة رضي الله عنه قال :" قال رسول الله صل الله عليه وسلم :" لَا يربوا لحم نبت من سُحت إلا كانت النار أولى به " صححه الألباني في "صحيح الترمذي" يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى:" الطعام يُخالط البدن ويُمازجه ويَنبُت منه فيصير مادة وعنصرا له , فإذا كان خبيثا فيستوجب النار ,

ولهذا قال النبي صل الله عليه وسلم :" كُل جٍسم نبت من سحت فالنار أولى به " . والجنة طيبة لا يدخلها إلا طيب " ا.هـ . فهذا الوعيد متعلق بمن كسب الحرام وأنفقه لكن مع ذلك ، فإنفاقه على الأبناء فيه مفسدة لنفوسهم وعقولهم ونشأتهم فإنه بمثابة السم لذواتهم ، وأرواحهم ، وهذا النبي صل الله عليه وسلم ـ عندما أُتي بتمر الصدقة فأخذ سبطه الحسن بن علي رضي الله عنهما- تمرة منها وجعلها في فيه فقال النبي صل الله عليه وسلم: "كخ كخ ليطرحها ثم قال: أما شعرت أنّا لا نأكل الصدقة"رواة البخاري ، فالإنفاق على الأبناء من الحلال من وسائل الحفاظ على فطرتهم سليمة نقية من الأمراض الحسية والمعنوية وتأمل في فقه إسماعيل والد البخاري رحمه الله وهو على فراش الموت يقول: "والله لا أعلم أني أدخلت على أهل بيتي يوما درهما حراما أو درهما فيه شبه" فكانت ثمرة ذلك أن رزقه الله من ذلك ولدا صالحا عالما محدثا هو الإمام محمد بن إسماعيل رحمه الله جدد الله به سنة الرسول صل الله عليه وسلم وأبقاها به محفوظة في أمة الإسلام فتأمل في بركة صنيعه وآثارها .

سابعا : القدوة وهذه الوسيلة هي أم الوسائل وأكثرها أثرا في تربية الأبناء لا سيما وقد أثبتت الدراسات النفسية والتربوية أن الأبناء يعتبرون آباءهم القدوة المطلقة ومصدر المعارف والمواقف والأخلاق والآداب وكل ما يتصل بأمور الحياة ، إن هذا السلوك هو بمثابة غريزة سببها رابطة الأبوة والأمومة! ولذلك جاء في الحديث عن رسول الله صل الله عليه وسلم أنه قال: " ما من مولود إلا يولد على الفطرة , فأبواه يُهودانه أو يُنصرانه أو يُمجسانه " رواه البخاري. ومهما بذل الآباء من جهد في توصية الأبناء وتوجيههم فما لم يكن كلامهم مقرونا بفعال تدل على صدقهم فقلما يكون مقنعا بالنسبة للأبناء ، فالسلوك السوي للأب أكبر وأبلغ في التعبير من التوجيه إلى السلوك السوي ! لاحظ كيف يزاحمك طفلك على سجادة الصلاة وأنت تصلي في بيتك ويركع ويسجد ويتشهد دون كلمة واحدة من توجيهاتك !! إنه يفعل ما تفعله ! ولعل هذا مما أشار إليه الحديث في قول الرسول صل الله عليه وسلم:" اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قُبوراً " رواه البخاري ومسلم.

صلاح الآباء يمتد أثره للأبناء :

قال تعالى :" والذين أمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم وما ألتناهم من عملهم من شئ " سورة الطور الآية 21 ـ إن صلاح الآباء يمتد أثره على ذريته من بعده ، وتبقى فيهم دليلا على فضل استقامته وبركة عمله الصالح وكرامة أهل الإيمان عند الله ، فلا تكاد تجد عبدا صالحا إلا وترى في ذريته لمسات الخير والهداية ونفحات الولاية والإيمان والصلاح ، وقد قص الله علينا قصة الغلامين اليتيمين في سورة الكهف وكيف حفظهما الله وحفظ لهما كنزهما بصلاح والدهما قال تعالى :" وأما لجدار فكان لغلامين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما و يستخرجا كنزهما رحمة من ربك " سورة الكهف .

قال ابن كثير: وقوله :" وكان أبوهما صالحا فيه دليل على أن الرجل الصالح يحفظ في ذريته ، وتشملهم بركة عبادته في الدنيا والآخرة ، بشفاعته فيهم ورفع درجتهم إلى أعلى درجة في الجنة لتقر عينه بهم ، كما جاء في القرآن ووردت السنة به". وقال أيضا : " وذكر أنهما حفظا بصلاح أبيهما ، ولم يذكر منهما صلاح ، وكان بينهما وبين الأب الذي حفظا به سبعة آباء ، وكان نساجا " . فتأمل في قوله "حفظا بصلاح أبيهما ولم يذكر منهما صلاح" لتعلم كيف يحفظ صلاحك أبناءك في حياتك ومن بعدك ، فهذه الوسيلة أصمت الوسائل وأبقاها ، وأرفعها وأعلاها قال الله تعالى: " والذين أمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شئ كل امرئ بما كسب رهين " سورة الطور: الآية 21.

قال ابن كثير رحمه الله :" يخبر تعالى عن فضله وكرمه وامتنانه ولطفه بخلقه وإحسانه ، أن المؤمنين إذا اتبعتهم ذرياتهم في الإيمان يلحقهم بآبائهم في المنزلة ، وإن لم يبلغوا عملهم لتقر أعين الآباء بالأبناء عندهم في منازلهم ، فيجمع بينهم على أحسن الوجوه بأن يرفع الناقص العمل ، ولا ينقص ذلك من عمله ومنزلته للتساوي بينه وبين ذلك . ". موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم