من فقه العبادات ( اثر الحج في تربية الفرد)

ومما يلفت الأنظار أن الوقوف بعرفة يذكر المسلمين بيوم وقفهم , بين يدى الله تبارك وتعالى " يوم يقوم الناس لرب العالمين " سورة المطففين الآية 6_
والوقوف على جبل عرفة من أيام الله تعالى المشهودة , التى تشهد للإنسان وعلى الإنسان وفيه تغفر الذنوب ويتجلى الله تعالى على عباده بالرحمة والعفو ويندحر الشيطان لما يرى من تجاوز الله عن المذنبين , وعلى جبل عرفة أتم الله تعالى النعمة على المسلمين وأكمل لهم دينهم الذى ارتضاه لهم ونزلت آخر آية فى خطبة الوداع اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا " سورة المائدة الآية 3_ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

رمى الجمرات :

وبعد أن أفاض حجاج بيت الله الحرام , من وقوفهم بعرفة حيث تعرضهم لنفحات الله
ورحماته ومغفرة الذنوب , وإنه لاثواب للحج المبرور إلا الجنة
يندفعون بعد ذلك إلى رمى الجمرات , وهى عبارة عن حصاة مثل الحمصة أو الفولة كما بينا ذلك عند الحديث عن مناسك الحج , وبعد أن غفرت ذنوبهم أعلنوا الحرب على الشيطان فقد جمعوا له الجمرات من , مزدلفة ليقموا برجمه فى أماكن محدودة
وهذه الحرب فى رمى الجمار تظل متواصلة أربعة أيام , وفى ذلك تعليم للمسلم أن لا يمل من جهاد النفس والشيطان وأن الحرب , بينه وبين الشيطان لا تزال قائمة وأنها لن تخمد إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها قال تعالى :" إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا , إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير " سورة فاطر الآية 6_
_ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

فضل الله وثوابه على حجاج بيته

الحجاج والعمار وفد الله , ومن زار كريما يكرم , فما بالنا بمن زار أكرم الأكرامين
وأرحم من دعى وأكرم من سئل وهو الله , فى بيت من أعظم بيوت الله على وجه الأرض ومن هذا التكريم يتناثر فضل الله , العميم على الحجاج والمعتمرين حيث يكتب الثواب لمن صلى فى بيته الحرام بمائة ألف صلاة , وثواب من صلى فى المسجد النبوى تعدل ألف صلاة , وعلى جبل عرفة يغفر الله للمستغفرين ويرحم المسترحمين , ويعود الحاج إلى بيته ووطنه وقد غفرت ذنوبه , كيوم ولدته أمه
كما قال صل الله عليه وسلم :" من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من حجه كيوم ولدته أمه " اللهم أعطنا سؤلنا وبارك أعمالنا وارزقنا حج بيتك ياكريم
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

عن فضل المدينة والإقامة بها :

_ قال تعالى " والذين تبوءو الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون فى صدرهم حاجة مما أتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون " سورة الحشر الآية 9_ ومن حديث أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم " إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها " رواه البخارى ومسلم ومن حديث أبى سعيد رضى الله عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال " اللهم بارك لنا فى مدينتنا , اللهم اجعل مع البركة بركتين والذى نفسى بيده ما من المدينة شعب ولا نقب إلاعليه ملكان يحرسانها " رواه ابن ماجة وصححه العلامة الألبانى ومن حديث أنس رضى الله عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال :" اللهم اجعل بالمدينة ضعفى ما جعلت بمكة من البركة " رواه مسلم ومن حديث ابن عمر رضى الله عنهما قال : قال : رسول اله صل الله عليه وسلم :" من استطاع منكم أن يموت بالمدينة فليفعل فإنى أشهد لمن مات بها " رواه البخارى ومسلم وفى رواية :" فإنى أشفع لمن مات بها " اللهم إنى أسألك الشهادة فى سبيلك , أو الموت فى بلد رسولك " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

جزاء الحج :

_ قال تعالى :" هل جزاء الإحسان إلا الإحسان " سورة الرحمن الآية 60 _ من حديث بن عمر رضى الله عنهما قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم " وإذا قضى آخر طواف بالبيت , خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه " روا ابن حبان وحسنه الشيخ الألبانى رحمه الله تعالى كما فى صحيح الترغيب والترهيب وفى رواية للبزار " وأما طوافك بالبيت بعد ذلك , فإنك تطوف ولا ذنب لك يأتى ملك حتى يضع يده بين كتفيك فيقول : اعمل فيما تستقبل , فقد غفر لك ما مضى " حديث حسن لغيره إنظر المرجع السابق ومن حديث أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه عن النبى صل الله عليه وسلم قال :" إن أهل الجنة يتراءون أهل الغرف , من فوقهم كما تتراءون الكوكب الدرى الغابر فى الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم " قالوا يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لايبلغها غيرهم ؟ قال :" بلى والذى نفسى بيده , رجال أمنوا بالله و صدقوا المرسلين " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الإستجابة لنداء الحج:

_ قال تعالى وأذن فى الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام " سورة الحج _ و النبى صل الله عليه وسلم لم يحج إلا حجة واحدة وتسمى بحجة الوداع أو حجة الإسلام أو حجة التمام , والوداع هو الشعار الذى كان يكرره صل الله عليه وسلم فى أكثر من موقف فى هذه الحجة من حديث أبى الزبير رضى الله عنه أنه سمع جابر بن عبد الله رضى الله تعالى عنهما يقول :" رأيت النبى صل الله عليه وسلم يرمى على راحلته يوم النحر ويقول : لتأخذوا عنى مناسككم فإنى لا أدرى لعلى لا أحج بعد حجتى هذه رواه مسلم ومن الإقتداء برسول الله صل الله عليه وسلم أن يحج المسلم حجة مودع , كما يصلى صلاة مودع هكذا يقول النبى صل الله عليه وسلم : صلوا صلاة مودع " وإذا لم يقف الحاج بين يدى الله تعالى عند أداء المناسك , كمايقف بين يديه فى الصلاة ليتذكر القيامة ومشاهدها من عند خروجه من بيته وإرتدائه لملابس الإحرام , وتوديعه لأهله كناية عن موادعة الدنيا فمتى يحس الإنسان بهذه الأحاسيس الإيمانية الربانية , التى تجعل الحاج يعود من حجه كيوم ولدته أمه , إن فريضة الحاج كالصلاة التى تتطلب منك الخشوع والخضوع فكذلك الحج إلا أنكم تتكلمون فيه " فاللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ركن من أركان الإسلام :

الحج ركن من أركان الإسلام كما فى حدبث ابن عمر رضى الله عنهما قال قال رسول صل الله عليه وسلم ـ :" بنى الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله , وإقام الصلاة , وإيتاء الزكاة , , وصوم رمضان , وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا " رواه البخارى ـ فالحج إلى بيت الله الحرام هو الركن الخامس من أركان الإسلام قال تعالى :" ولله على الناس حج البين لمن استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غنى عن العالمين " سورة آل عمران وقال النبى صل الله عليه وسلم :" السبيل الزاد والراحلة " فنجد أن الإستطاعة شرط لأداء فريضة الحج سواء كانت الإستطاعة مادية أو صحية , فمن تيسر له الحج فلم يحج ولم يوص بحجته ولم يحج عنه بعض أهله لم يقبل الله منه الأربع التى قبلها . ". موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

مناسك الحج والحكمة منها :

يقول صل الله عليه وسلم :" خذوا عنى مناسككم " رواه مسلم
للحج مناسك عظيمة تؤدى , ففيه الطواف بالبيت , الذى يشبه طواف الملائكة حول البيت المعمور فى السماء عبادة لرب العالمين , وفيه تقبيل الحجر الأسود تيمنا برسول الله صل الله عليه وسلم ـ وفيه السعى بين الصفا والمروة والبدأ بالصفا والإنتهاء بالمروة تأسيا برسول الله صل الله عليه وسلم ـ حيث قال :" نبدأ بما بدأ الله به " وقال تعالى :" إن الصفا والمروة من شعائر الله " سورة البقرة وفيه الشرب من ماء زمزم وماء زمزم أفضل ماء على وجه الأرض حيث قال صل الله عليه وسلم :" ماء زمزم لما شرب له " وفيه أيضا الوقوف على جبل عرف وهو ركن الحج العظيم الذى لايتم إلا به فقال صل الله عليه وسلم فى ذلك :" الحج عرفة " وبدونه يقع الحج باطلا , وأيضا من مناسكه رمى الجمار دحضا للشيطان وكل هذه المناسك طاعة لله ورسوله صل الله عليه وسلم . ". موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الحج لمن استطاع إليه سبيلا :

يقول الله تعالى في كتابه الكريم":إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا, ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين"سورة الحج : الآية 96 ـ 97 ـ وقال تعالى :" وأتموا الحج والعمرة لله " سورة البقرة: الآية 196 ـ وقوله جل وعلا "وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق " سورة الحج : الآية 27 ـ وهذه الآيات كلها تؤكد لنا أن الحج فريضة على المسلم مرة واحدة في عمره ، والحج ركن من أركان الإسلام الخمسة كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم موجبا :" بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وان محمد رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام لمن استطاع إلى ذلك سبيلا " متفق عليه.

ما من مسلم سبق له الحج أم لم يحج إلا ويهفو قلبه شوقا وحنينا إلى زيارة بيت الله تعالى وزيارة الأماكن المقدسة كلما أهل عليه شهر ذي الحجة , والحج ركن من أركان الإسلام الخمسة التي يجب على المسلم أداؤه عند الاستطاعة في العمر مرة واحدة ولهذا من أنكره أوجحده فهو كافر مرتد خارج عن ملة,فإذا أعطاك الله عز وجل نعمة الصحة وزقك سعة في نعمة المال فسارع إلى أداء تلك الفريضة المقدسة ولا تتوان عن إقامة طاعة ربك , فربما لا تستطيع بعد ذلك أداء تلك الفريضة بسبب العذر مرض أو نفقة. يقول النبي صل الله عليه وسلم حاثاً ومذكراً كل مسلم ومسلمة :" تعجلوا إلى الحج فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له " رواه أحمد وأبو داود.وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال ,قال رسول الله صل الله عليه وآله سلم مذكراً ومحذراً :" من أراد الحج فليتعجل فإنه قد يمرض المريض ، وتضل الضالة ، وتعرض الحاجة " رواه أحمد وابن ماجة وحسنه الألباني.

وعن عبد الرحمن بن سابط يرفعه :" من مات ولم يحج حجة الإسلام لم يمنعه مرض جالس ، أو سلطان جائر ، أو حاجة ظاهرة ، فليمت على أي حال يهودياً أو نصرانياً".وقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه :" لقد هممت أن ابعث رجالاً إلى هذه الأمصار فينظروا كل من كان له جدة ولم يحج فليضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين "رواه البيهقي وصححه ابن حجر رحمه الله تعالى.وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال ، قال رسول الله صل الله عليه وسلم من كان له مال يبلغه حج بيت الله أو تجب فيه الزكاة فلم يفعل سأل الرجعة عند الموت " فقال له رجل : يا ابن عباس اتق الله ، فإنما يسأل الرجعة الكافر فقال : سأتلو عليكم بذلك قرآناً :" يأيها الذين أمنوا لا تُلهكم أموالكم وأولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون " سورة المنافقين رواه الترمذي وابن جرير.وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه :"استكثروا من الطواف بهذا البيت قبل أن يحال بينكم وبينه .وقال الحسن : لا يزال الناس على دين ما حجوا البيت واستقبلوا القبلة.

وروى مسلم في صحيحه عن أبى هريرة رضي الله عنه قال :خطبنا رسول الله صل الله عليه وسلم فقال: "أيها الناس إن الله كتب عليكم الحج فحجوا فقال رجل:يارسول الله أفي كل عام؟ فسكت حتى قالها ثلاثا ثم قال صل الله عليه وسلم : لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم ذروني ما تركتكم الحديث "و أجمعت الأمة سلفا وخلفا على وجوب الحج على المستطيع في العمر مرة واحدة وترك فريضة الحج والتقاعس عن أدائها والتفريط فيها مع القدرة والاستطاعة المالية والبدنية أمر خطير وإثم كبير خاصة إن لم ينشغل المسلم بالتفكير وإعداد نفسه للحج طالما كان واجدا المال والقدرة فالمولى عزوجل ألزم القادرين بالأداء حيث قال :" ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا "

واللام هنا في لفظ الجلالة تفيد الإلزام كما قال أهل اللغة, وعقب سبحانه وتعالى بقوله في ختام الآية الكريمة :" ومن كفر فإن الله غني عن العالمين فكأنه عزوجل يجعل عدم الحج مع القدرة عليه كفرا أو من الأسباب التي تؤدي للكفر خاصة إذا كان الترك بإنكار وجحود,ولهذا يجب على المسلم المسارعة لأداء فريضة الحج ، وألا يتكاسل عن أداء الفريضة العظيمة. فلا يأخذنك التسويف ، ولا تلهينك الأماني وسل نفسك : إلى متى وأنت تؤخر الحج إلى العام القادم؟ ومن يعلم أين أنت العام القادم أفوق التراب أم تحته ؟ وتأمل في حال الأجداد كيف كانوا يحجون على أقدامهم و يسيرون شهوراً وليالي ليصلوا إلى البيت العتيق؟ دعاء مؤلف :اللهم أكرمنا جميعا بزيارة بيتك المحرم والتمتع بالنظر إليه والوقوف بين يدي نبيك وعبدك وحبيبك وصفيك وأفضل خلقك محمد صلوات الله عليه وآله وسلم ." . موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي . اللهم صل الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم

في فضل الحج وثوابه :


الحج معناه القصد : أي قصد مكة المكرمة البلد الحرام أم القرى وهي أطهر بقاع الأرض في زمن معين وهو أشهر الحج هي شوال وذو القعدة و عشر ليالي من ذي الحجة بهيئة معينة, حيث يلبس المسلم ملابس الإحرام لأداء عبادة الطواف حول البيت العتيق والسعي بين الصفا والمروة والوقوف بعرفة في يوم التاسع من ذي الحجة والمبيت بمنى ورمي الجمرات وأداء سائر المناسك,استجابة لأمر الله عزوجل وابتغاء مرضاته وقد رغب الشارع الحكيم في أداء هذه الفريضة والقيام بها على أكمل وجه وأتمه وبين لنا الرسول الكريم صلوات الله عليه وآله وسلم أن الحج من أفضل الأعمال وأعظم القربات التي يتوجه بها العبد لخالقه,

وكما جاء في الصحيحين عن أبى هريرة رضي الله عنه قال ": سئل النبي صل الله عليه وسلم أي العمل أفضل؟ قال : إيمان بالله ورسوله قيل ثم ماذا؟ قال :جهاد في سبيل الله قيل ثم ماذا؟ قال :حج مبرور" وفي الصحيحين أيضا عن أبى هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله صل الله عليه وسلم :" العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" وقيل في بر الحج أن يعود منه صاحبه زاهدا في الدنيا يعني ليست في قلبه ويكون مقبلا على الآخرة,وقيل :أيضا الحج المبرور الذي لا يخالطه إثم وفي بعض الأحاديث أن بر الحج يكون بلين الكلام وإطعام الطعام .

وبينت لنا السنة الشريفة المطهرة أن الحج لون من ألوان الجهاد كما في حديث الطبراني في الكبير والأوسط ورواته ثقات,وأخرجه أيضا عبد الرزاق عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صل الله عليه وسلم فقال :يارسول الله إني ضعيف وإني جبان لا أقوى على الجهاد فقال له النبي صل الله عليه وسلم : "هلم إلى جهاد لا شوكة فيه الحج هو جهاد الضعيف والكبير والمرأة "وفي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت:قلت يارسول الله نرى الجهاد أفضل الأعمال أفلا نجاهد؟ تعني النساء فقال لها النبي صل الله عليه وسلم" : لكن أفضل الجهاد وأجمله الحج المبرور "تقول السيدة عائشة رضي الله عنها : فلا أدع الحج بعد أن سمعت هذا من رسول الله صل الله عليه وسلم .

فالحج منحة إلهية وجائزة ربانية وفرصة عظمية لتكفير الخطايا والسيئات كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه يقول النبي صل الله عليه وسلم:"من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته" رواه البخاري ويتبين لنا ذلك كما في قصة إسلام عمرو بن العاص رضي الله عنه فيما رواه مسلم وابن خزيمة,قال عمرو بن العاص رضي الله عنه :لما جعل الله الإسلام في قلبي وشرح الله صدري للإيمان أتيت رسول الله صل الله عليه وسلم ,فقلت : أبسط يدك يا رسول الله لأبايعك قال عمرو؛ فبسط رسول الله صل الله عليه وسلم يده ولكني قبضت يدي فقال : مالك يا عمرو؟ قلت :أشترط يارسول الله قال :ماذا تشترط؟ قلت : أن يغفر لي قال : أما علمت أن الإسلام يهدم ما قبله وأن الهجرة تهدم ما قبلها وأن الحج يهدم ما قبله"

ومن هنا نعلم أنه إذا أدى المسلم فريضة الحج بإخلاص نية ونقاء عقيدة وطيب نفقة غفر الله له ما سلف من ذنوبه كما في حديث جابر وابن مسعود رضي الله تعالى عنهما , يقول النبي صل الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي وغيره وصححه :" تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة"والذي يؤدي الحج والعمرة مخلصا لله تعالى قاصدا وجه الكريم ,مصحوب بمعيته سبحانه وتعالى حيث إنه زائر لبيته عز وجل وافد على مولاه ومن كانت هذه حاله فلن يخيب الله تعالى له رجاء ولن يرد له دعاء وإنما سيكرم وفادته ويجزل له المثوبة والعطاء,كما في حديث النسائي وابن ماجه وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه ,يقول النبي صل الله عليه وسلم":الحجاج والعمار وفد إن دعوه أجابهم وإن سألوه أعطاهم وإن استغفروه غفر لهم" والنفقة في الحج والعمرة تعدل النفقة في سبيل الله أجرها عظيم وثوابها جزيل ومخلوفة على باذلها طالما كانت من حلال.دعاء مؤلف : اللهم حبب إلي الإحسان وكره إلينا الكفر والفسوق و العصيان و نجنا من سخطك وعذابك برحمتك ياغياث المستغيثين ." . موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي . اللهم صل الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم

ما جاء في فضل التلبية:

كان رسول الله صل الله عليه وسلم يلبي يقول :"لبيك اللهم لبيك..لبيك لا شريك لك لبيك..إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك...لبيك اللهم لبيك." رواه البخاري مسلم ,ومعناها: أي استجبت لك يا الله استجابة بعد استجابة. كأنا بهم قد سمعوا صدى ذلك النداء الخالد والإعلام الجليل والأذان الإبراهيمي الفريد:" وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق " سورة الحج، فهبوا مجيبين ذلك النداء من كل حدب وصوب، يشدهم الحب ويحدوهم الشوق إلى البيت العتيق .
و في تكرار التلبية أجر عميم وثواب عظيم ومعناها نداء بعد نداء وطاعة بعد طاعة , ومن صفة التلبية أن يقول القارن: لبيك عمرة وحجة، ويقول المفرد بالحج: لبيك حجاً، ويقول المتمتع والمعتمر: لبيك عمرة. ولا بأس في الزيادة على هذه التلبية، فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صل الله عليه وسلم كان يسمع الصحابة يقولون: "لبيك ذا المعارج"، فلم يأمرهم بالتزام اللفظ الوارد، وجاء في بعض صيغ التلبية في السنن من حديث أنس "لبيك حقاً حقاً، تعبداً ورقا"، و"لبيك إله الحق"

ومن حديث أبي هريرة.وكما في حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال أن النبي صل الله عليه وسلم سئل :" أي الحج أفضل ؟ قال :" العج والثج ." رواه الترمذي. يقول الإمام ابن قدامة رحمه الله تعالى في كتابه المغنى حول هذا :" ومعنى العج :" رفع الصوت بالتلبية , والثج: إسالة الدماء بالذبح والنحر. " إن ذكر الله تعالى هو من أعظم العبادات، وأشرف القربات ويزيد شرفاً وفضلاً عندما يكون عند بيت الله الحرام..ذلك المكان الشريف والبيت المهيب.هذا وقد سن رسول الله صل الله عليه وسلم :ـ للحاج المسلم أذكاراً يرددها في حجه لبيت الله تعالى..من ذلك: التلبية للحج وفي الحج..كذلك يسن للحاج أن يكثر في حجه من التكبير والتهليل والتحميد،فعن سهل بن سعد رضي الله عنه أنه قال أن النبي الله صل الله عليه وسلم قال : "ما من مسلم يلبي إلا لبى من عن يمينه أو عن شماله من حجر أو شجر أو مدر ، حتى تنقطع الأرض من هاهنا وهاهنا " رواه الترمذي وابن ماجة ,

, وعن حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صل الله عليه وسلم قال :" ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر ؛ فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد " رواه أحمد وصحح إسناده الشيخ أحمد شاكر المحدث المصري . والتلبية شعار المحرم، وهي مسنونة ومؤكدة ولا يجب بتركها شيء، وذهب بعضهم إلى أنها ركن من أركان الحج والعمرة، فطالما أحرم ولم يلبِ لم يصح إحرامه، وبعضهم جعلها واجبة فإذا لم يلبِ فعليه دم، لأنه ترك واجباً، ولكن أكثر الفقهاء على أنها سنة ولكنها تتأكد، فهي سنة مؤكدة". فعن خلاد بن السائب بن خلاد عن أبيه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم :" أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال والتلبية "رواه الترمذي. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال أن النبي صل الله عليه وسلم قال : "ما أهل مهل قط ولا كبر مكبر قط إلا بُشِّرَ ، قيل يا رسول الله :" بالجنة ؟ .. قال :" نعم " رواه الطبراني. ويستحب للمسلم الحاج البداية بالتلبية إذا استوي على راحلته، لما روى أنس وابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صل الله عليه وسلم لما ركب راحلته واستوت به أهل " رواه البخاري.

ومعنى الإهلال رفع الصوت بالتلبية من قولهم: استهل الصبي إذا صاح، والأصل فيه أنهم كانوا إذا رئي الهلال صاحوا فيقال: استهل الهلال، ثم قيل لكل صائح: مستهل وإنما يرفع الصوت بالتلبية". وذكر بعض العلماء للتلبية إحدي عشر موضعاً تتأكد فيها: إذا علا نشزاً. أي: إذا رقى مكاناً مرتفعاً لبى إذا هبط وادياً. أي: منخفضاً إذا صلى مكتوبة. أي: فريضة من الفرائض إذا أقبل الليل إذا أقبل النهار إذا التقت الرفاق، وكانوا يتلاقون في الطريق وهم يمشون أو ركباناً على الإبل إذا ركب دابته أو مركوبه إذا نزل إذا سمع من يلبي، فيجدد التلبية إذا رأى البيت. الموطن الحادي عشر: إذا فعل محظوراً وهو ناسٍ، كتغطية رأس، ولبس مخيط، ونحو ذلك".وعن التكبير أيام منى وإذا غدا إلى عرفة,كان عمر رضي الله عنه يكبر في قبّته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج مِنى تكبيرا. وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشه وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعاً، وكانت ميمونة رضي الله عنها- تكبر يوم النحر، وكن النساء يكبرن خلف أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد. أخرجه البخاري في صحيحه. وتخفض المرأة صوتها في حضرة الرجال الأجانب.

ويقول ابن القيم رحمه الله تعالى: وقد اشتملت كلمات التلبية على قواعد عظيمة وفوائد جليلة:
إحداها: أن قولك لبيك يتضمن إجابة داع دعاك ومناد ناداك، ولا يصح في لغة ولا عقل إجابة من لا يتكلم ولا يدعو من أجابه.
الثانية: أنها تتضمن المحبة كما تقدم، ولا يقال لبيك إلا لمن تحبه وتعظمه، ولهذا قيل في معناها: أنا مواجه لك بما تحب، وأنها من قولهم امرأة لبة أي محبة لولدها.
الثالثة: أنها تتضمن التزام دوام العبودية، ولهذا قيل: هي من الإقامة أي أنا مقيم على طاعتك.
الرابعة: أنها تتضمن الخضوع والذل أي خضوعا بعد خضوع من قولهم: أنا ملب بين يديك أي خاضع ذليل.
الخامسة: أنها تتضمن الإخلاص ولهذا قيل: إنها من اللب وهو الخالص.
السادسة: أنها تتضمن الإقرار بسمع الرب تعالى إذ يستحيل أن يقول الرجل لبيك لمن لا يسمع دعاءه.

السابعة: أنها تتضمن التقرب من الله ولهذا قيل: إنها من الإلباب وهو التقرب.
الثامنة: أنها جعلت في الإحرام شعاراً لانتقال من حال إلى حال ومن منسك إلى منسك، كما جعل التكبير في الصلاة سبعاً للانتقال من ركن إلى ركن؛ ولهذا كانت السنة أن يلبي حتى يشرع في الطواف فيقطع التلبية ثم إذا سار لبى حتى يقف بعرفة فيقطعها ثم يلبي حتى يقف بمزدلفة فيقطعها ثم يلبي حتى يرمي جمرة العقبة فيقطعها. فالتلبية شعار الحج والتنقل في أعمال المناسك، فالحاج كلما انتقل من ركن إلى ركن قال: لبيك اللهم لبيك، كما أن المصلي يقول في انتقاله من ركن إلى ركن: الله أكبر، فإذا حل من نسكه قطعها كما يكون سلام المصلي قاطعا لتكبيره.
التاسعة: أنها شعار لتوحيد ملة إبراهيم الذي هو روح الحج ومقصده بل روح العبادات كلها والمقصود منها، ولهذا كانت التلبية مفتاح هذه العبادة التي يدخل فيها بها.

العاشرة: أنها متضمنة لمفتاح الجنة وباب الإسلام الذي يدخل منه إليه وهو كلمة الإخلاص والشهادة لله بأنه لا شريك له.
حادية عشرة: أنها مشتملة على الحمد لله الذي هو من أحب ما يتقرب به العبد إلى الله وأول من يدعي إلى الجنة أهله وهو فاتحة الصلاة وخاتمتها.
الثانية عشرة: أنها مشتملة على الاعتراف لله بالنعمة كلها ولهذا عرفها باللام المفيدة للاستغراق أي النعم كلها لك وأنت موليها والمنعم بها.
الثالثة عشرة: أنها مشتملة على الاعتراف بأن الملك كله لله وحده فلا ملك على الحقيقة لغيره.والله أعلم. ". موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.