من فقه العبادات ( اثر الحج في تربية الفرد)

عن الحج واثره فى تربية الفرد:

_- قال تعالى قد نرى تقلب وحهك فى السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام سورة البقره

يتجه المسلم كل يوم خمس مرات او اكثر إن هو صلى النوافل والمستحبات وهو يسجد لربه فيظل قلبه ابدا متعلقا بهذه القبلة المباركة مشبوب المشاعر نحوها وكيف لا وهى رمز العبادة وموطن النبوة وأول مسجد وضع فى الارض جعله الله تعالى لعبادته وتوحيده ومن ثم يصبح الحج الى بيت الله الحرام املا لكل مسلم لاتهدء عاطفته نحو الزيارة اليه والتملى بانواره ولذلك جعل الله الحج الى بيته الحرام ركنا من اركان الاسلام وفريضة لازمة فى العمر مرة واحدة على القادرين قال تعالى ولله على الناس حج البيت لمن استطاع اليه سبيلا ومن كفر فان الله غنى عن العالمين سورة آل عمران واستطاعة الحج انما تكون بالقدرة على مشقات الرحلة وامتلاك النفقة الضرورية فى ايام الحج ولا يشترط الثراء العريض ولا الصحة الموفور فمن استطاع ذلك فقد وجب عليه الحج الى بيت الله الحرام
ان الحج رحلة روحية وعبادة فريدة تترك اكرم الاثار فى نفس المسلم حيث تجددالذكريات وتطبعه بطابع التجرد لله والتزام شرعه فيقبل على ربه طائعا تائبا طامعا فى رحمته ورضوانه ولهذا كان الحج بهذا المعنى طهارة شاملة تمسح الخطايا وتكفر الذنوب وتبيض ما اسود من صحائف الانسان ليعود من الحج وقد محيت عنه ذنوبه وكأنه ولد من جديد قال صل الله عليه وسلم من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته امه رواه الخمسه ا لا ابا داود
والحج كما فى الحديث لايباشر النساء ولا يشاحن ولايسب ولا يؤذى احدا ولايفعل ما يغضب الله ولقد جمع الحج بين نفع الدنيا وثواب الاخرة فكما انه يطهر المسلم من خطاياه ويمسح عنه اوزاره فانه يتيح امامه الكسب والتعاون والتعارف مع اخوانه المسلمين من شتى بقاع الارض قال تعالى ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم سورة البقرة ومعنى هذا ان الحج عبادة تمحو الذنب وتمحق الفقر كما يقول الرسول صل الله عليه وسلم تابعوا بين الحج والعمرة فانهما ينفيان الفقر الذنوب كما ينفى الكير خبث الحديد والذعب والفضة وليس للحجة المبرورة ثواب الا الجنة رواه النسائى النسائى ومن هنا جاز للحاج أن يبيع وأن يشترى فيما يعينه على ضرورات حياته وتربية أولاده والقيام بشئونهم فلا بأس ما دامت النية منعقدة لأداء فريضة الحج
ويتعلم المسلم من الحج حقيقة المساواة وينزلون جميعا على حكم الله ويتجردون من ثيابهم التى الفوها والت يظهر فيها التفاوت الاجتماعى ويلبس كل منهم ازارا ورداء فى اخلاص وخشوع واخبات وخضوع فلا مكان للمباهاه وهم جميعا فى حرم الله قد لبو ا دعوته واقبلوا على كعبته واتوه جميعا خاشعين قائلين كما كان رسول الله صل الله عليه وسلم يقول لبيك الله ما لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك رواه الخمسة
فما اروع هذا الموقف وما اقدسه
يقول النبى صل الله عليه وسلم ما من مسلم يلبى الالبى من عن يمينه وعن شماله من حجر او مدر حتى تنقطع الارض من ها هنا وهنا وحين يطوف حول الكعبة فليس طوافه مجرد مجرد دوران حول بناء بل هو مناجاة لله وصلاة وتطلع وتضرع واستعانة والتجاء لصاحب الفضل وواهب الاحسان قال صل الله عليه وسلم الطواف حول البيت مثل الصلاة الا انكم لاتتكلمون فيه فمن تكلم فلا يتكلمن الابخير رواه الترمذى والحاكم و يقول صل الله عليه وسلم انما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمى الجمار لاقامة ذكر الله تعالى رواه ابو دواد واحمد والترمذى وكما يقول ايضا خير الدعاء دعاء يوم عرفة رواه الترمذى واحمد فالمعرض عن الحج معرض عن الله غير راغب فى ذكره ولا مهتد بهديه وهو بذلك بعيد عن دينه منحرف عن صراطه وفى ذلك يقول صل الله عليه وسلم من ملك زاد وراحلة تبلغه الى بيت الله ولم يحج فلا عليه الا ان يموت يهوديا او نصرانيا رواه الترمذى واحمد
             وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من معانى الحج :

روى البخارى ومسلم وأصحاب السنن الا أبا داود من حديث أبى هريرة رضى الله تعالى عنه عن النبى صل الله عليه وسلم قال:" من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه "
كما بينا أن الحج ركن من أركان الإسلام الخمسة ويجب على المسلم أن يؤديه عند الإستطاعة قال تعالى :" ولله على الناس حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غنى عن العالمين " سورة آل عمران.
وهذا الحديث الشريف يعطى لنا معاشر الإخوة لمحة مضيئة وتوجيه كريم وإرشاد هادئ لما ينبغى أن يكون عليه المسلم مع إخوانه المسلمين فى رحلة الحج المباركة من أدب رفيع وسلوك حميد وخلق كريم .
والحج مؤتمر إسلامى عالمى يجتمع فيه كل عام ألوف المسلمين من أقطار العالم الإسلامى ليؤدوا فريضة الحج كى يتعارفوا ويتشاوروا فيما يرفع شأن الأمة الإسلامية ويعلى كلمة الإسلام والمسلمين فتبدوا الوحدة الإسلامية فى أبها صورتها ويظهر المسلمون جميعا فى أخوة واحدة قال تعالى " وألف بين قلوبهم لو أنفقت مافى الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم " سورة الأنفال .
وفى هذا المؤتمر العالمى تسقط الفوارق بين المسلمين بسبب الجنس أو اللون أو اللغة ويشعر المسلمون جميعا بأنهم أمام الله سواء فالكل أحرم وخلع ملابسه ولبس إزارا ورداء لافرق بين غنى وفقير وكبير وصغير ولا حاكم ولا محكوم .
والحج هو العبادة الوحيدة التى تتطلب من المسلم بدنه وماله وروحه وإنه لجدير على من عزم على أداء فريض الحج أن يحرص على أدائه بأركانه وشروطه وسننه وآدابه فلا يزاحم أحدا فى الطواف حول الكعبة أو السعى بين الصفا والمروة أو عند الوقوف بعرفة أو فى رمى الجمار ولا يحتد فى مناقشته مع الرفاق فلا صخب ولا فسوق ولا جدال فى الحج والحج عندما يؤدى بهذه المعانى السامية يصبح رحلة روحية يكتسب المسلم منها صفاء النفس وطهارة القلب وعفة اللسان وتتجدد له الذكريات برؤية الأماكن المقدسة ويرى فيها المسلم وقد تجرد من متاع الدنيا ومن صحبة الأهل والمال والبلد فيقبل على ربه مخبتا عابدا طائعا تائبا طامعا فى رحمة من الله ورضوان وبذلك يعود المسلم من الحج وقد محيت ذنوبه وكأنه ولد من جديد " قال تعالى " وتزودوا فإن خير الزاد التقوى وإتقون يا أولى الألباب " سورة البقرة .
والمؤمن الصادق عندما يعود الى بلده بعد أن أدى فريضة الحج فهو على عهد مع ربه وكيف لا ومعه الزاد الذى يدعوه الى مواصلة الجهد وبذل الطاقة فى عبادة ربه رغبة منه فى أن يعيش حياته كلها فى ضيافة ربه الرحمن الرحيم ليظفر بخيرى الدنيا والآخرة فقد روى البخارى ومسلم عن النبي صل الله عليه وسلم " الحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا عدد خلقك وزنة عرشك ورضا نفسك ومداد كلماتك.

ماذا يتعلم المسلم من أداء فريضة الحج _:
أولا _ أن تؤدى فريضة الحج عند استطاعتنا لتأديتها
ثانيا _ أن المسلم يكتسب من فريضة الحج التعارف والتألف بين المسلمين وتشاورهم فيما يرفع شأن مجتمعهم الإسلامى
رابعا _ أن يتخذ من نظم الحج وتمارينه سلوكا لنا فى حياتنا اليومية فنتعلم النظام فلا نزاحم أو نتشاجر أو نسب ونشتم ولا نسلك سلوكا يضر بالفرد والمجتمع
والحج يكفر الذنوب كلها ويرى بعضهم أنه يكفر الصغائر دون الكبائر ويرى فريق آخر أنه يكفر الصغائر والكبائر ويرى فريق آخر أنه يكفر الصغائر والكبائر التى تتعلق بحق الله دون حق العباد ولذلك هناك آداب تجب على المسلم عندما ينوى أداء الحج كالأتى _:
1_ أن يقضى المسلم أو المسلمة ما عليه , من ديون قبل الحج وأن يبدأ بإخلاص التوبة إلى الله سبحان ويسأله تعالى , غفران الذنوب ليبدأ عهدا جديدا مع ربه ويعقد معه صلحا وتوبة لاغش فيها .  
2_ أن يستسمح خصومه وكل من له معه معاملة , حتى تكون نفقة حجه من حلال فإن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا , ولأن من حج من مال غير حلال ولبى " لبيك اللهم لبيك " قال الله تعالى له كما فى الحديث " لا لبيك ولا سعديك حتى ترد ما فى يديك "
3_  ومن علامات التوبة إخلاص النية ورد المظالم الى أهلها متى استطاع إلى ذلك سبيلا ويتوب إلى الله تعالى ويستغفره فيما عجز عن رده
4_ ومن علامات الإخلاص أن يتجرد من الرياء والفخر والتباهي بالمنصب والجاه
5_ أن يتخذ رفيقا صالحا يذكره إذا نسى ويصبره إذا جزع ويعينه إذا عجز
6_ أن يودع أهله وأن يبر والديه ويترضى اخوانه وجيرانه وأن يستسمحهم ويطلب دعائهم
7_ وعلى المسلم والمسلمة أن يكلفا نفسيهما فو ق طاقتهما فى المال والجهد البشرى
وأن يحرص كل منهما  على راحة غيره كما يحب ذلك لنفسه , وعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به  
8_ أن يحرص الحاج على التواجد فى , الحرم المكى أكبر ما يمكنه من وقت فإن النظر إلى الكعبة عبادة , وقراءة القرآن الكريم , وكذلك الطواف حول البيت كلما استطعت ذلك .
9_ أن تحث أهلك وأولادك من الأبناء والبنات , والإخوة والأخوات على تقوى الله والتزام الفرائض والتمسك بآداب الدين , وأن تخبرهم بما لك أو عليك .  

وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

حول آية من سورة الحج :

قال المفسرون فى قوله تعالى: " وأذن فى الناس بالحج يأتيك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق " سورة الحج
ولما فرغ إبراهيم الخليل عليه السلام من بناء البيت أمره الله تعالى أن يؤذن فى الناس بالحج فقال إبراهيم يارب وما يبلغ صوتى قال : أذن وعلى البلاغ فعلا على جبل أبى قبيس فقال يا أيها الناس إن ربكم قد بنى بيتا فحجوه فأسمع الله تعالى من فى أصلاب الرجال وأرحام النساء ممن سبق فى علم الله تعالى أن يحج فأجابوه لبيك اللهم لبيك ( والآذان بمعنى النداء والإعلام )
فوائد من أسباب النزول
أشكل على عروة بن الزبير رضى الله عنه " معنى قوله تعالى - إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو إعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما " سورة البقرة , ففهم أنه يجوز للإنسان أن يترك السعى بينهما ؟؟
فقالت له عائشة ام المؤمنين رضى الله تعالى عنها " بئس ما قلت يابن أخى لوكان الأمر كما ذكرت لقال الله تعالى " فلا جناح عليه ألا يطوف بهما " ثم أخبرته بأن الناس كانوا فى الجاهلية يسعون بين الصفا والمروة ويحجون فى سعيهم لصنمين من الأصنام أحدهما كان على الصفا يسمى ( إسافا ) والثانى على المروة ويسمى ( نائلة ) فلما دخل الناس فى الإسلام تحرج بعض الصحابة من السعى بينهما خشية أن يلتبس الأمر بعبادة الجاهلية فنزلت الآية الكريمة تدفع عنهم الإثم والحرج وتوجب عليهم السعى لله تعالى لا للأصنام فقد ردت عائشة الصديقة بنت الصديق رضى الله تعالى عنها على عروة فهمه وكان ذلك سببا لنزول الآية .".وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

فى بيت الله الحرام :

قال تعالى: " قد نرى تقلب وجهك فى السماء فلنولينك قبلة ترضاها " سورة البقرة , يتجه المسلم كل يوم أكثر من خمس مرات فى صلاته الفريضة والنافلة ويظل قلبه يهفو نحو القبلة المباركة مشدود المشاعر نحوها وكيف لا وهى رمز العبادة ووطن الأنبياء من لدن آدم إلى نبينا الخاتم صلى لله عليه وسلم والمسجد الحرام أول بيت جعله الله تعالى لعبادته وتوحيده , ومن هنا يصبح الحج إلى بيت الله تعالى أمل كل مسلم لايمل من التطلع إليه والشوق إلى رحابه وعندما أمر الله تعالى سيدنا إبراهيم ببناء البيت ورفع قواعده هو وولده إسماعيل عليهما السلام فلما انتهى من بنائه أمره الله تعالى أن يؤذن فى الناس بالحج فقال إبراهيم يارب وما يبلغ صوتى فقال الله تعالى:" أذن وعلينا البلاغ فصعد إبراهيم على جبل ابن أبى قبيس وقال :"أيها الناس إن الله تعالى :بنى بيتا فحجوا إليه فأسمع الله تعالى من فى أصلاب الرجال ومن فى أرحام النساء ممن كتب فى علم الله تعالى أن يحجوا فقالوا لبيك اللهم لبيك"  كما يقول أهل التفسير وأنزل الله تعالى " وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لاتشرك بى شيئا وطهر بيتى للطائفين والقائمين والركع السجود وأذن فى الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدا منافع لهم ويذكروا اسم الله " سورة الحج , وقد حفظ الله تعالى بيته وحماه وصانه وطهره وكرمه من أرجاس الطغاة و المعتدين وجعل من دخله آمنا وساوى فى الثواب والفضل والأجر بين أهل الحرم وغيرهم ممن يفدون إلى بيته قال تعالى: " إن أول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركا وهدى للعالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا " سورة آل عمران , وقد كان العرب فى الجاهلية يعظمون البيت عن تقليد لأبائهم فلما جاء الإسلام ربط البيت بفطرته الدينية والحقائق التاريخية وجعل الله تعالى البيت للمسلمين خاصة لأنه ميراث أبيهم إبراهيم الخليل عليه السلام فهو الذى أمره ربه برفع قواعده وإعادة بنائه وترميمه من بعد ما درست معالمه ولم يعد معروفا منذ بنته الملائكة فقال " وإذ بوأنا لأبراهيم مكان البيت " وبذلك أصبح البيت قبلة للمسلمين وحدهم قال تعالى :" ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين , إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبى والذين آمنوا والله ولى المؤمنين " سورة آل عمران ,ولهذا كان الحج من أركان الإسلام وفريضة من فرائضه تجب على المسلم القادر فى العمر مرة واحدة قال تعالى: " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غنى عن العالمين " سورة آل عمران , والإستطاعة للحج تكون بالقدرة على متاعب السفر وامتلاك النفقة الضرورية فى أيام الحج وليس شرطا الثراء العريض والصحة الموفورة يقول النبي صل الله عليه وسلم :"حجوا قبل ألا تحجوا فقد تعرض الحاجة وتمرض الدابة " فمن استطاع ذلك فقد وجب عليه الحج " وصل الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الحج أمل كل مسلم:

_ إن قلوب المسلمين تهفوا وتشتاق إلى زيارة بيت الله الحرام لأداء فريضة الحج تلك الفريضة التى هى ركن من أركان الإسلام إذ يلبى المسلم نداء الحق تبارك وتعالى " وأذن فى الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم " وعندما يلبى المسلم لأمر الله تعالى فإنه دليل على طهارة قلبه وصدق إيمانه فيما يقدم عليه وهذا يتطلب منه الإخلاص والتوبة الصادقة والإقلاع عن المعاصى والذنوب والعزم الأكيد على عدم العود إليها وإن خير من يقتدى به المسلم عند أداء عبادة الحج هو رسول الله صل الله عليه وسلم الذى قال خذوا عنى مناسككم وأن يتزود من أخلقه صل الله عليه وسلم ما يعينه على أداء هذه الرحلة الإيمانية حتى تؤتى ثمارها المرجوة ويتجرد المسلم من منافعه الشخصية ويوطن نفسه على تحمل المشقة ويتزود بمكارم الأخلاق فلا يكذب ولا يشاحن فلا رفث ولا فسوق ولا جدال فى الحج والحج يقيم نظام المجتمع على أساس من التعارف والتألف والتفاهم وما ذلك إلا من أجل علاج مشكلات المسلمين فالحج مؤتمر عالمى تلاتقى فيه الشعوب المسلمة على دين واحد وصعيد واحد وهدف واحد لتزداد الألفة والمحبة فيما بينهم  وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من أحكام العمرة :

العمرة هى زيارة بيت الله الحرام بطريقة مخصوصة
أولا حكمها سنة مؤكدة فى العمر مرة واحدة لقوله صلى الله عليه وسلم :-فيما رواه ابن ماجة "
الحج مكتوب والعمرة تطوع _ الفقه على المذاهب الأربعة ( مكتوب يعنى فرض _ والعمرة تطوع يعنى سنة )
ثانيا _ ميقاتها الزمانى
ليس للعمرة ميقات زمانى محدد فهى تصح فى جميع أوقات العام لكن يكره الإحرام بها فى :_
1_ يوم عرفه قبل الظهر
2_ يوم عيد الأضحى وثلاثة أيام بعده
3_ كما يكره فعلها فى أشهر الحج لأهل مكة إن كانوا ينوون أداء الحج فى ذات العام
ثالثا _ الميقات المكانى
أما الميقات المكانى فهو ميقات الحج إلا من كان بمكة فإن ميقاته فى العمرة (التنعيم )
وهو مكان يسمى الآن (مسجد عائشة ) فيخرج إليه مريد العمرة ليحرم من هناك ثم يعود لأدائها
رابعا _ أركان العمرة
للعمرة ركن واحد وهو الطواف بالكعبة أما الإحرام فشرط لصحتها وأما السعى بين الصفا والمروة والحلق أو التقصير فكل منها واجب من واجبتها كما سنبين وعلى كل من ترك واجبا من واجبتها أو ارتكب محظورا من المحظورات أن يذبح شاة
خامسا _ واجبتها
هى واجبات الحج فيما يتصل بالإحرام والطواف والسعى بين الصفا والمروة أو التقصير
سادسا _ كيفيتها
1- الإحرام : يحرم المعتمر كما يحرم الحاج مع مراعاة الواجبات التى يلتزم بها الحاج وهو محرم
2- الطواف : إذا دخل المعتمر البيت الحرام طاف( طواف الزيارة ) كما يطوف الحاج
3- السعى بين الصفا والمروة : بعد الإنتهاء من الطواف يسعى المعتمر بين الصفا والمروة كما يسعى الحاج
4- الحلق أو التقصير : إذا إنتهى المعتمر من السعى فعليه أن يحلق شعر رأسه أو يقصر والمرأة تقصر فقط وبذلك تتم عمرته ويحل له ما كان محرما عليه وهو محرم
سابعا _  ما تتفق فيه العمرة مع الحج -:
1_ يتفقان فى _ الإحرام _ والطواف – السعى بين الصفا والمروة – الحلق أو التقصير
2_ ويختلفان فى :_ العمرة سنة _ والحج فرض على من لم يحج , وسنة لمن سبق حجه
3_ ليس لأداء العمرة وقت محدد وأما الحج فوقته محدد كما سبق بيانه
4_ليس من أعمال العمرة الوقوف بعرفة بخلاف الحج فإن الوقوف بعرفة ركن من أركانه ويبطل الحج بدون
5- ليس للعمرة طواف قدوم أو وداع .. بخلاف الحج
6- الإحرام بالعمرة لأهل مكة أو المقيمن فيها من خارجها (التنعيم ) أما الإحرام بالحج لهم فمن محل إقامتهم
7- وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا عدد ما ذكرك الذاكرون وغفل عن ذكرك الغافلون

ثواب الحج والعمرة:

_ من حديث أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال " العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما , والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " والعمرة سنة مؤكدة فى العمر مرة واحدة لقوله صل الله عليه وسلم " الحج مكتوب والعمرة تطوع " والعمرة تتفق مع الحج فى الإحرام _ السعى بين الصفا والمروة _ الحلق والتقصير _ ويختلفان فى ـ العمرة سنة والحج فرض على من لم يحج وسنة لمن سبق حجه _ ليس لأداء العمرة وقت محدد فهى تصح فى أى وقت من أوقات العام أما الحج فوقته محدد _ ليس من أعمال العمرة الوقوف بعرفة بخلاف الحج فإن الوقوغ بعرفة ركن من أركانه ويبطل الحج بدونه _ ليس للعمرة طواف قدوم أو وداع بخلاف الحج _ الإحرام للعمرة لأهل مكة أو المقيمين فيها من خارجها" التنعيم " وأما الإحرام بالحج لهم فمن محل إقامتهم " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

العمرة فى رمضان

العمرة فى رمضان ثواب كبير يساوى ثواب حجة , روى البخارى " قال رسول الله صل الله عليه وسلم " لأمرأة من الأنصار سماها .. ما منعك أن تحجى معنا ؟ قالت كان لنا ناضج فركبه أبو فلان وابنه _ لزوجها وابنها , وترك ناضجا ننضج عليه قال فإذا كان رمضان اعتمرى , فإن عمرة رمضان حجة أو نحوا مما قال " وفى رواية مسلم قال : فعمرة فى رمضان تقضى حجة أو حجة معى " ولكن يجب أن نعلم مهما كان للعمرة من ثواب وفضل مثل الحج , الا أنها لاتسقط فريض الحج عمن عليه هذه الفريضة , أو أدلكم أيها الناس على ما أفضل من ذلك لمن اعتمر وحج مرار أن السعى على قضاء حاجة المسلم بالمال والجهد وخاصة فى الحال الذى نحن عليه اليوم وقد قال صل الله عليه وسلم " أحب الأعمال إلى الله تعالى سرور تدخله على مسلم أو تقضى عنه دينا أو تكشف عنه كربه أو تطرد عنه جوعا " وقال صل الله عليه وسلم " من أدخل على بيت مسلم من المسلمين لم يرض الله تعالى له ثوابا دون الجنة " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ماء زمزم:

_ بعد طواف القدوم والإنتهاء منه وصلاة ركعتين يسن للحاج أن يأتى الملتزم " باب الكعبة " ويشرب من ماء زمزم الذى قال عنه الرسول صل الله عليه وسلم :" خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم فيه طعام الطعم , وشفاء السقم " ويسن أن ينوى عند شربه , الشفاء ونحوه مما هو خير فى الدنيا والآخرة , والرسول صل الله عليه وسلم قال : " ماء زمزم لما شرب له وكان ابن عباس رضى الله تعالى عنهما إذا شرب من ماء زمزم يقول _ اللهم إنى أسألك علما نافعا , ورزقا واسعا , وشفاء من كل داء " وصل الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

انواع الحج
التمتع _ الإفراد _ القران
وأفضل أنواع الحج القران , ويليه فى الفضل التمتع , ثم الإفراد
1_ القران _ أن يحرم الحاج بالحج والعمرة معا ولايتحلل منهما حتى يقضى جميع المناسك , ويجزأه طواف واحد وسعى واحد .
قال صل الله عليه وسلم " من أحرم بالحج والعمرة أجزأه طواف واحد وسعى واحد عنهما حتى يحل منهما جميعا
صححه الترمذى وعليه هدى
2_ التمتع أن يحرم للعمرة فى أشهر الحج وبعد الإنتهاء من مناسك العمرة يتحلل ويباح له كل شئ ثم إذا كان اليوم الثامن من ذى الحجة وهو يوم التروية أحرم بالحج
قال تعالى " فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى " سورة البقرة وعليه هدى
والتمتع هو أفضل أنواع الحج اقتداء برسول الله صل  الله عليه وسلم " حيث أمر أصحابه أن يهلوا بالعمرة ويتحللوا إلا من ساق الهدى فإنه يبقى على إحرامه حتى ينهى مناسك الحج ,للحج وهذه الصورة بتلك الكيفية فيه إقتداء بالنبى صل الله عليه وسلم وهى الأفضل عملا بالسنة مع جواز غيرها كما فى حديث عائشة رضى الله تعالى عنها قالت : خرجنا مع مع رسول الله صل الله عليه وسلم فقال : " من أراد منكم يهل بحج وعمرة فليفعل , ومن أراد أن يهل بحج فليهل , ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل ...رواه مسلم وكان هذا التخيير فى أول إحرامهم عند الشجرة ( ذى الحليفة ) كما جاء فى رواية أحمد ولكن النبى صل الله عليه وسلم لم يستمر على هذا التخير بل نقلهم إلى ماهو أفضل وهو التمتع دون أن يعزم بذلك عليهم , أو يأمرهم به "
3_ الإفراد أن يحرم بالحج أولا ثم يؤدى أعماله وبعد فراغه من الحج يؤدى العمرة
فإذا أحرم بدأبقص الشعر وتقليم الأظافر والإغتسال والتطيب قبل لبس ملابس الإحرام
ثم ينوى ما يريد من هذه الأنواع " اللهم إنى نويت الحج والعمرة فيسره لى وتقبله منى ثم يلبى _
لبيك اللهم لبيك , ثم يصلى ركعتين قبل أن يخرج من منزله .
وقد أخرج البيهقى من حديث أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صل الله عليه وسلم قال _ إذا خرجت من منزلك فصل ركعتين تمنعانك مخرج السوء , ويقرأفى الإولى فاتحة الكتاب ( وقل يا أيها الكافرون ) وفى الثانية فاتحة الكتاب ( وسورة الإخلاص ) ولا مانع من الإغتسال فى البيت ولبس ملابس الإحرام ويندب عند ركوب السيارة أو الباخرة أو الطائرة أن يسمى الله ثلاثا _ ويسبحه , ويحمده , ويكبره ثلاثا ويقول سبحان الله الذى سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا منقلبون _ ويقول اللهم إنى أسألك فى سفرى هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى , اللهم هون علينا سفرنا هذا وطوعنا بعده , اللهم أنت الصاحب فى السفر والخليفة فى الأهل , اللهم إنى أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب فى الأهل والمال والولد
وعلى المسلم الحاج , أن يصون عينيه وجميع حواسه عن كل ما يغضب الله حتى يشمله قول النبى صل الله عليه وسلم " من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه " رواه الخمسة إلا أبا داود
                 وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

أول بيت وضع للناس:

_ وقد ورد فى الصحيحين عن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما قال قال : رسول الله صل الله عليه وسلم يوم فتح مكة ( إن هذا البلد حرم الله يوم خلق السموات والأرض فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة " وقال تعالى " إن أول بيت وضع للناس للذى ببكة مبارك وهدى للعالمين " سورة آل عمران قال النووى فى شرح مسلم وقد بنى هذا البيت خمس مرات _ بنته الملائكة , ثم ابراهيم عليه السلام , ثم قريش فى الجاهلية وحضر النبى صل الله عليه وسلم هذا البناء وله من السن خمسة وثلاثون وقيل خمسة وعشرون وبناه ابن الزبير ثم الحجاج بن يوسف " والله أعلم وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

فى قصة بناء البيت :

_ جاء ابراهيم عليه السلام إلى إسماعيل وهو يبرى نبلا له تحت دوحة قريبة من زمزم , فلما رأه قام إليه فصنعا كما يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد , ثم قال يا إسماعيل إن الله أمرنى بأمر : قال فاصنع ما أمر ربك , قال وتعيننى ؟ قال وأعينك , قال : فإن الله تعالى أمرنى أن أبنى هنا بيتا , وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها قال : فعند ذلك رفع القواعد من البيت , فجعل إسماعيل يأتى بالحجارة وإبراهيم يبنى حتى إرتفع البناء , جاء بهذا الحجر فوضعه له فقام عليه وهو يبنى وإسماعيل يناوله الحجارة وهما يقولان ( ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ) قال فجعلا يبنيان ويدورا حول البيت وهما يقولان ؟ " ربنا تقبل منه إنك أنت السميع العليم " هذا ما رواه البخارى فى صحيحه من حيث بناء إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام للكعبة المعظمة " قال الحافظ بن حجر فى فتح البارى , وفى رواية إبراهيم ابن نافع فى البخارى : حتى ارتفع البناء وضعف الشيخ عن نقل الحجارة فقام على حجر المقام وقد زاد فى حديث عثمان ونزل عليه الركن والمقام , فكان إبراهيم يقوم على المقام ويبنى عليه ويرفعه له إسماعيل , فلما بلغ الموضع الذى فيه الركن وضعه يومئذ موضعه وأخذ المقام فجعله لا صقا بالبيت " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من موطن الإستغفار عند أداء المناسك

_ قال تعالى :" ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم " سورة البقرة الآية 199 _ والمعنى أن الله سبحانه وتعالى يطلب من عباده المؤمنين عند أداء فريضة الحج أن يقفوا على جبل عرفه , التى أفاض منها الخليل إبراهيم عليه السلام, مخالفين بذلك من كان لايقف من أهل الجاهلية قبل الإسلام , وعرفات كلها مواقف إلا بطن ( عَرنة ) مكان معروف , والوقوف معناه الحضور بعرفات ويندب إستقبال القبلة وجبل الرحمة إن كان ذلك متيسرا للحاج وعلى الحاج أن يكثر من الدعاء والإستغفار وأن يقرأ ما تيسر من القرآن ويسن له أن يقول هذا الدعاء " لا إله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد يحى ويميت وهو على كل شئ قدير " وأن يسال الله تعالى أن يغفر له ذنوبه إنه هو الغفور لعباده المستغفرين التائبين رحيم بهم " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من معانى الحج :

_ الحج مؤتمر عالمى إيمانى يجمع بين شتات البشر من مختلف أجناسهم وألوانهم حول الكعبة المشرفة , يحوطهم الصفاء والنقاء والطهر من كل جانب , وفى أداء الحج تذكير للحجيج بيوم وقوفهم , بين يدى الله رب العالمين , وفى هذا الموقف يتعلم المسلم التواضع , ويربى فيه الخشوع والخضوع للمولى الكريم صاحب الفضل وواهب القوة والقدرة , وهكذا نجد أن هذه الفريضة المباركة , التى تنتشر علينا سحائبها فى أيامنا هذه , نجد أنها تحوى فوئد ودروس تربوية عديدة : تعلم المسلم الإخلاص لله سبحانه وتعالى والتجرد , فالنية الصادقة من أول واجبات الحج , ولا تصح هذه الفريضه إلا بالنية الخالصة لوجه الله تبارك وتعالى عملا بقول الله تعالى :" وما أمرو إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين " سورة البينة الآية 5 _ وحديث " إنما الأعمال بالنيات " وفى الحج يتعلم المسلم الشعور بالأخوة فى الدين والمساواة بين المؤمنين فالكل فى الحج سواء , رؤسهم متساوية لافرق بين رئيس ومرؤس ولا بين حاكم ولا محكوم , فالكل يقف بين يدى ربه هدفه أن يرضى الله عنه , ومن أعظم دروس الحج الإجتماعية التعاون والتضامن الذى يجب أن يجمع بين المسلمين , ويربى فيهم الإمتثال للطاعة , كما يزرع فيهم الشعور بالمسؤلية , فى مواجهة التحديات التى تكتنفهم من كل حدب وصوب , فهنيئا لمن أطاع خالقه و لبى نداء مولاه"
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من حكمة مناسك الحج :

_ ما فرض الله تعالى على عباده مما أمر به إلا لحكمة بالغة وغاية مثلى وليس لمجرد المشقة والتعب , وما شرع الله تعالى شيئا على عباده إلا لتحقيق مصالحهم فى المعاش والميعاد الدنيا والآخرة ومن هذه العبادات فريضة الحج أحد الأركان الخمسة ومبانية الكبرى إليه تشتاق النفوس وتهفوا الأرواح , وتتعلق القلوب بقبلة الله المباركة عند كل صلاة فى كل يوم وليلة , وعندما ينعم الله تعالى على من اختارهم لزيارة بيته فإنه يشعر بالفرحة والبشر وتنتابه البهجة والسرور وذلك من أول عمل يقوم به عند أداء المناسك أولا : الإحرام : فعندما يتجرد المسلم الحاج من الملابس التى قد تعود عليها مما يتزين به فى كل يوم ومن الناس من يلبسه فى الصباح لايرتديه فى المساء , وعند ارتداء ملابس الإحرام تسقط كل زينة ويلبس المسلم إزارا ورداء يستر نصفه الأسفل , ورداء يستر نصفه الأعلى , والحكمة من ذلك تعليم عباد الله تعالى أن خير ما يسترون به أنفسهم هو تقوى الله وأن الله تعالى لاينظر إلى صوركم وأجسامكم وما تتزينون به من ملابس , ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم "

" يقول تعالى :" يابنى آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يوارى سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير " سورة الأعراف الآية 26_ وعند ارتداء الحاج ملابس الإحرام يكون فى صورة الأشعث الأغبر المهيئ لأن يستجيب الله له دعائه فقد قال صل الله عليه وسلم :" رب أشعث أعبر ذى طمرين لا يعبأ به لو أقسم على الله لأبره " والأشعث الأغبر هو حاسر الرأس قد غبرت ثيابه من تراب الطريق والناس لايهتمون به لرث هيئته هذا لو رفع يده وقال يارب لاستجاب له , كما أن ملابس الإحرام تذكرنا فى هيئتها بأكفان الموتى , وأنه لابد من الرجعة إلى الله تعالى والحساب , وكما تجردت أيها المسلم الحاج من ملابس إحرامك وعن كل زينة , فلا بد وأن تتجرد عن كل ما تملك من أموال وعن وجاهة المنصب والجاه الذين بهما فساد الدين وضياع الأمانة والخلق وأنه لابد من الرجعة إلى الله قال تعالى :" كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى إن إلى ربك الرجعى " سورة العلق الآية 5_ إلى 8 _ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ثانيا : الإحرام من مكان معين :

وهذه حكمة إلهية فى مجملها الإمتثال والتسليم , لرب الأرباب وقيوم السموات والأرض بينها لنا من لاينطق عن الهوى صل الله عليه وسلم الذى قال فى حق عبادة الحج " خذوا عنى مناسككم " وهذه المواقيت المكانية التى يُحْرم منها الحجاج الذين جاءوا من كل فج عميق مثلها كالمواقيت الزمانية , التى يُهَلُ فيها للحاج وهى شوال , ذو القعدة وذو الحجة فيها أيضا , التسليم والخضوع لله رب الناس ملك الناس ولقد جعل رسول الله صل الله عليه وسلم _ لكل بلد ومن يجاوره أو يمر عليه ميقات

فميقات أهل مصر" رابغ " وميقات أهل المدينة " آبيار على " وميقات أهل اليمن " يَلَمْلَمْ " وميقات أهل العراق " ذات عِرق " وميقات أهل نجد " قرن المنازل " والحكمة من هذه المواقيت تظهر لنا من خلال , حرمة هذا البيت وعظمته فلا يدخل بيت الله من أجل العبادة وأداء النسك , إلا وهم محرمون بملابس لم يعصى فيها رب العالمين من قبل تعظيما لشأن البيت ورب البيت العتيق , وحتى يتعود الحجاج النظام
عند أداء النسك فلم يترك الأمر من غير خط سير مرورى , وحتى لا تحدث فوضى
فكل يُحرم من المكان الذين يعجبه , وقد علمنا فى حياتنا اليومية أن للنظام الأثر الحميد فى إدارة الحياة وسياسة الشعوب وتيسير الأمور .
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ثالثا : الطواف حول الكعبة :

الطواف حول الكعبة المشرفة التى تتوسط الدنيا تماما , والطواف حول البيت صلاة
كما قال صل الله عليه وسلم :" الطواف صلاة إلا أنكم تتكلمون فيه فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير " وهو دليل المحبة والشوق وذلك , عندما تقع عين الحاج على بيت الله فإنه تنتابه مشاعر لايستطيع أحد وصفها إلا من عاشها , والنظر إلى بيت الله والإلتفاف حوله بالتقبيل والإلتزام عبادة المخبتين وحب لبيت رب العالمين قال تعالى :" فليعبدوا رب هذا البيت الذى أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف "
والطواف بالبيت الحرام يقارب طواف الملائكة , الأخيار الأبرار الذين يطوفون بالبيت المعمور فى السماء السابعة وهو يوازى الكعبة تماما , يطوف حوله كل يوم سبعون ألف ملك لايعودون إلى البيت , مرة أخرى إلى يوم القيامة

وفى طواف الملائكة فى البيت المعمور فى السماء تتنزل الرحمات والبركات , على أهل حرم الله من الطائفين والعاكفين والركع السجود , ومن هنا يضاعف الثواب والأجر من لدن حكيم عليم , وحين يطوف الحاج فإنه يبتدى , من الحجر الأسود حيث قال صل الله عليه وسلم فى ذلك " الحجر الأسود يمين الله فى الأرض " ومعنى ذلك أنه يشهد لمن فبله أو استلمه أو أشار إليه , وكأنه باب وطريق للعهد مع الله غافر الذنب وقابل التوب , عهد على توحيده وطاعته والإخلاص له سبحانه فى العبادة , والإمتثال لأوامره والإبتعاد عما نهى عنه سبحانه وزجر . وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

رابعا : الشرب من ماء زمزم :

وهنيئا مريئا لمن أتى وشرب منه , وقد جعل الله تعالى الماء نوعان منه الماء العذب الفرات ومنه الملح الأجاج , وأما ماء زمزم فله خصائص ربانية ثلاث : فإنه طعام طعم للجائع , وشفاء سقم للمريض , فقد قال صل الله عليه وسلم :" ماء زمزم طعم لمن طعم , ورى لمن ظمئ , وشفاء لمن سقم "
وقال صل الله عليه وسلم :" ماء زمزم لما شرب له "
وماء زمزم فيض إلهى ورزق ساقه الله تعالى لعباده الصالحين , رحمة لهم ورعاية بهم وقد جعل الله تعالى من كل شئ سببا , وهيأ الله السبب والأسباب وذلك حين حين تفجرت المياه من الأرض تكريما , للسيدة الوفية الصالحة التقية والأم الحنون المتوسلة والمتوكلة التى رضيت بالله وبما قضاه , وأيقنت معه المعية والرعاية والحفظ من الضياع والهلاك

, والله سبحانه يتولى الصالحين والعاقبة عنده للمتقين
وكان من أسباب تفجير ماء زمزم , كذلك إكرام هذا الطفل الرضيع سيدنا إسماعيل
عليه السلام الذى كان نبيا ورسولا صادق الوعد , حيث رفعه الله تعالى مكان عليا
وافتداه بذبح عظيم .
إن كل من يشرب من ماء زمزم , يوقن بأن الله تعالى سيجعل من بعد عسرا يسرا
ومن بعد الضيق فرجا , ويرزقه من حيث لايحتسب , ومن يتوكل على الله فهو حسبه , فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ولن يغلب عسر يسرين "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

خامسا : السعى بين الصفا والمروة :

عندما فقدت السيدة هاجر الماء لوليدها , فإنها لم تيأس من فرج الله بل ظلت تبحث فى وسط الصحراء وأخذت فى السعى سبعة أشواط , فأتاها الله تعالى بالفرج بعد الضيق بخير ماء وجد على ظهر الأرض , وفى هذا أكثر درس وأبلغ عبرة للمتواكلين والمتقاعدين عن طلب الرزق , أن يسعوا على أرزاقهم متوكلين
على الله الغنى الحميد ولقد ضمن , الله تعالى الرزق للمسلم فى أى مكان
ولقد كان من أعمال أهل الجاهليه السعى , بين الصفا والمروة والأصنام توجد وتحوط الجبلين وهم يعظمونها حيث يزعمون , أنها آلهة ومن ثم أصبح السعى
خالصا لوجه الله الواحد الأحد الفرد الصمد, الذى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد
وفى ذلك تأكيد على أن السعى على الخير , لايضيع أجره وما ضاع حق وراءه مطالب فعلى أهل الإسلام جميعا أن يسعوا , من أجل نصرة دينهم وإسترداد مفدساتهم
بما يملكون من الأنفس والأموال والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون .

ولقد جعل الله تعالى من السعى حكمة وهدف , وكذلك تكريم لتلك الأم الصالحة التى لبت أمر ربها وأعانت زوجها على أداء ما كلف به , وبقيت فى مكان موحش قفر ولكنها قالت لزوجها فى إيمان الصادقين , وثبات المؤمنين أألله أمرك بهذا قال لها نعم قالت إذا لن يضيعنا , فعلى نساء اليوم أن يأخذن الدرس والعبرة من هذه المواقف الإيمانية وغيرها وأن تعين زوجها على , الإسترزاق من طلب الحلال كما كانت تفعل المرأة فى القديم تقول لزوجها " اتق الله فينا فإنا نصب على الجوع ولانصبر على نار جهنم " وأن تأخذ أيضا الدرس فى إحتمال تربيتها لأولادها , والصبر على ذلك مع إتخاذ الوسائل المشروعة مهما كلفها ذلك , فقد قيل " تموت الحرة ولا تأكل بثدييها " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

سادسا الوقوف بعرفة :

الوقوف على جبل عرفة هو يوم الإجتماع الأكبر لحجاج , بيت الله الحرام فى حشد
كبير يتلاقى من شتى بقاع الأرض , مع إختلاف ألسنتهم وألوانهم , وتباعد أوطانهم لأداء مناسك الحج , ولو فهم المسلمون الغاية من هذا الإجتماع وأنه دعوة للوحدة واتحاد الكلمة قال تعالى :" إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون " سورة الأنبياء الآية 92_ ولو عمل المسلمون بما أمرهم الله تعالى وما حملهم من رسالة , وأداء أمانة كُلفوا بها لصارو جسدا واحدا وفلبا واحدا ومشاعر واحدة تنبض , بالإحساس بالمسئولية ولأزالوا الخلافات فيما بينهم وصاروا بذلك قوة ناهضة , فى مواجهة أعدائهم بكل ما استطاعوا قال تعالى :" وأعدوا لهم ما إستطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم " سورة الأنفال الآية 60_