منبع الشقاوة فى الأمن والغفلة ومنبع السعادة فى التيقظ والفطنة

وروى ابنُ حِبَّان في صحيحه والبيهقي في الشُّعَب من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صل الله عليه وسلم قال فيما يرويه عن ربه:  " قال الله - سبحانه وتعالى -: وعزتي وجلالي ، لا أجمع على عبدي خوفين ، ولا أجمع له أمنين؛ إن أَمِنني في الدنيا أخفتُه في الآخرة ، وإن خافني في الدنيا أمَّنتُه يوم القيامة"، وروى الترمذي وقال: حديث صحيح  عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قرأ رسول الله صل الله عليه وسلم:"  يومئذ تحدث أخبارها  "  ثم قال: " أتدرون ما أخبارها؟، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال:  " فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أَمَة بما عمِل على ظهرها، تقول: عمِلت كذا وكذا في يوم كذا وكذا، فهذه أخبارها ".. موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

دعوة المسلم للعمل من أجل حسن الخاتمة :

إن الله الكريم قد أجرى سنته في خلقه بكرمه - أنه من عاش على شيء مات عليه ، ومن مات على شيء بعث عليه.كما في حديث جابر رضي الله عنه قال سمعت النبي صل الله عليه وسلم يقول: "يبعث كل عبد على ما مات عليه"، رواه مسلم في صحيحه ومعنى الحديث كما قال النووي رحمه الله تعالى: "قال العلماء: معناه: يبعث على الحالة التي مات عليها، ومثله الحديث الآخر بعده "ثم بعثوا على نياتهم. " وقال المُناوي رحمه الله تعالى في التيسير بشرح الجامع الصغير"أي يموت على ما عاش عليه ويبعث على ذلك.ومعنى الحديث الحث على الاهتمام بالخاتمة والدعاء بحسنها والسعي لذلك بالطاعة فلا يصيبه الإعجاب بعمله الصالح ولا يقنطه ذنبه من رحمة الله نسأل الله حسن الخاتمة. وذكر الذهبي في كتابه الكبائر قوله: " وهذا كما جاء في حديث مروي : يموت كل إنسان على ما عاش عليه ، ويبعث على ما مات عليه" نسأل الله المنان بفضله أن يتوفانا مسلمين لا مبدلين ولا مغيرين."

وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى: " وهذا مصداق الحديث المشهور : يموت كل إنسان على ما عاش عليه ، ويبعث على ما مات عليه " ، ومن قبله قال أبو العباس القرطبي رحمه الله تعالى في المفهم : " وقد دل على صحة ذلك كله قول النبي صل الله عليه وسلم: "يموت المرء على ما عاش عليه، ويحشر على مات عليه" وقصة الرجلين كما رواه الإمام أبو داود في سننه: "قال أبو هريرة سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول كان رجلان في بني إسرائيل متواخيين فكان أحدهما يذنب والآخر مجتهد في العبادة فكان لا يزال المجتهد يرى الآخر على الذنب فيقول أقصر فوجده يوما على ذنب فقال له أقصر فقال خلني وربي أبعثت علي رقيبا فقال والله لا يغفر الله لك أو لا يدخلك الله الجنة فقبض أرواحهما فاجتمعا عند رب العالمين فقال لهذا المجتهد أكنت بي عالما أو كنت على ما في يدي قادرا وقال للمذنب اذهب فادخل الجنة برحمتي وقال للآخر اذهبوا به إلى النار."

قال أبو هريرة رضي الله عنه :"والذي نفسي بيده لتكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته".ويفسر هذا الحديث ما قاله العلامة المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:"قال الزركشي وهذه زيادة حسنة ترفع الإشكال من الحديث :"وهو من أهل النار" بسبب دسيسة باطنة لا يطلع الناس عليها "وإن الرجل ليعمل عمل"أهل النار" من المعاصي "فيما يبدو" أي يظهر "للناس وهو من أهل الجنة" لخصلة خير خفية تغلب عليه آخر أثر عمره فتوجب حسن الخاتمة". والله تعالى أعلم. العبد المسلم متى أخذ بالأسباب وأخلص في العمل وصدق في الإتباع، نال المطلوب بالدعاء؛

فهذه الأحاديث وغيرها في هذا الباب نفهمها كتحذير من الاستمرار والإصرار على المعصية،ومن كان نشيطا في بداية عمره ثم ابتلى بمرض يقعده عن أعماله فإن الله يكتب له من الأجر والثواب بمثل ما كان يعمله أيام قوته وصحته اعتبارا بنيته، كما روى الإمام أحمد رحمه الله تعالى بسنده عن أنس رضي الله عنه ، أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال: "إذا ابتلى الله العبد المسلم ببلاء في جسده، قال للملك: اكتب له صالح عمله الذي كان يعمل، فإن شفاه، غسله وطهره، وإن قبضه، غفر له ورحمه، والله تعالى أعلم. دعاء مؤلف :اللهم أطل أعمرنا وأحسن أعمالنا وبلغنا مما يرضيك آمالنا وارزقنا الإخلاص والسعادة في الدنيا والآخرة يا ذا الجلال والإكرام." . موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي . وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

كلمات من نور القرآن الكريم...

ياأيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون" سورة المنافقون الآية ٩ - والمعني:يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، لا تَشْغَلْكم أموالكم ولا أولادكم عن عبادة الله وطاعته، ومن تشغَله أمواله وأولاده عن ذلك، فأولئك هم المغبونون حظوظهم من كرامة الله ورحمته.الميسر.وصل الله تعالى وسلم وبارك علي سيدنا ومولانا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين وأزواجه أمهات المؤمنين وسلم تسليما كثيرا
في هذه الآية الكريمة نداء وبيان من الله العلي القادر مالك الملك وديان يوم القيامة والديان هو الله العزيز القاهر الذي يدين الناس يوم القيامة بما قدموا من أعمال إن كانت خيرا فخير وفازوا وأفلحوا وإن كانت شرا فشر خابوا وخسروا،

ويقول الله تعالى: يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه والله رءوف بالعباد. سورة آل عمران الآية ٣٠ ـ والمعني: وفي يوم القيامة يوم الجزاء تجد كل نفس ما عملت من خير ينتظرها موفرا لتُجزَى به، وما عملت من عمل سيِّئ تجده في انتظارها أيضا، فتتمنى لو أن بينها وبين هذا العمل زمنا بعيدا. فاستعدوا لهذا اليوم، وخافوا بطش الإله الجبار. ومع شدَّة عقابه فإنه سبحانه رءوف بالعباد. الميسر. وصل الله وسلم وبارك علي سيدنا ومولانا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين وأزواجه أمهات المؤمنين وسلم تسليما كثيرا

‏وفي هذا اليوم وما يحدث فيه من أهوال جلل تجعل الولدان شيبا، وتذهل كل مرضعة عما أرضعة وتري الناس سكارى وما هم بسكاري ولكن عذاب الله شديد. وهذا مما يجعل العبد لا يأمن مكر الله لأنه" لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون" سورة الأعراف وأن يكون علي أهبة الاستعداد في كل وقت للقاء ربه مسرعا إلي مرضاته وطلب رضاه بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، وأن من مات قامت قيامته وانكشفت له حقائق الأمور أمامه " يوم تبلي السرائر فما له من قوة ولا ناصر" سورة العديات, وصل الله وسلم وبارك علي سيدنا ومولانا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين وأزواجه أمهات المؤمنين وسلم تسليما كثيرا

وعرف إلي أي المسالك سالك إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار، فإياك وشؤوم المعاصي والذنوب، ولاتحقرن صغيرة فإن الجبال من الحصي واعلم أن صغائر الذنوب لتزال تجتمع علي العبد حتى تكاد أن تهلكه, وارضا بما قسمه الله تعالى لك من رزق تكن أغني الناس ويزيدك الله تعالي بالحمد علي النعم والشكر علي الأفضال, واحرص علي الطاعة مهما صغرت واحذر الذنوب مهما هانت فذلك أدعي لرضا ربك وقبول دعائك باستجابتك لأوامره , ومن عصي ووجل قلبه وخاف ذنبه وعقاب ربه الأعلى وندم علي فعله تاب الله عليه وهدي, وصل الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا

يقول الله تعالى:" وأقم الصلاة، إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر" سورة العنكبوت الآية: ٤٥.
‏ ومن ثم من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر. كانت بمثابة تمارين رياضية، نعم هو صلى ولكن لم يتحسن خلقه.
‏ ولهذا يقول الله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي:" انما اتقبل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتي، ولم يستطل بها على خلقي، ولم يبت مصرا على معصيتي، وقطع النهار في ذكري، ورحم المسكين وابن السبيل ورحم الأرملة ورحم المصاب" رواه البزار والزبيدي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما..وصل الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا

الأعمال بالخواتيم:

إذا صدق العبد في إيمانه بالله تعالى تحول هذا الإيمان إلي منهج عملي يترجم به في جميع أعماله وسائر أحوله، ويكثر من الحرص علي فعل الطاعات والمسارعة إلى الخيرات، وكل غايته من وراء ذلك أن يختم الله تعالى له بالحسنى، وخاتمة السعادة ، ولأجل تحفيذ النفس وترويضها علي فعل الخير كما في حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أن النبي صل الله عليه وآله وصحبه وسلم قال: "إنما الأعمال بالخواتيم"وصل الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا

ويقول الله عزوجل:" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون"سورة آل عمران الآية ١٠٢ - ففي هذه الآية الكريمة تذكير وتنبيه وحث للعبد علي أن يأخذ نفسه بأهبة الاستعداد لحسن الخاتمة، وأن لا يدركه الموت إلا وهو من المسلمين الذين أسلموا لله تعالى، وأخلصوا له الدين، وأذعنوا لأوامره، وانتهوا عن نواهيه ومحارمه.وصل الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا

فعلي العبد أن يحذر من ترك الطاعة والتسويف والتراخي بإهمالها، فالموت يأتي بغتة، فمن وفقه الله تعالى للعمل الصالح فليحافظ عليه حتي يأتيه اليقين، كما في قوله تعالى:" واعبد ربك حتى يأتيك اليقين" سورة الحجر: الآية ٩٩ - اليقين يعني أن علي العبد الاستمرار في الحرص علي الطاعة وعمل الخير حتى يدركه الموت وهو علي ذلك، فعن عائشة رضي الله عنها- عن النبي صل الله عليه وسلم- قال: "وكان أحب الدين إلى الله ما داوم صاحبه عليه"وصل الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
.

وصدق رسول الله صل الله عليه وآله وصحبه وسلم حيث قال:" إنما الأعمال بالخواتيم"
وعن حذيفة رضي الله تعالى عنه- قال، قال النبي صل الله عليه وسلم-: "من قال لا إله إلا الله؛ ابتغاء وجه الله، ختم له بها؛ دخل الجنة. ومن صام يوما ابتغاء وجه الله، ختم له به؛ دخل الجنة. ومن تصدق بصدقة ابتغاء وجه الله، ختم له بها؛ دخل الجنة". رواه الإمام أحمد في مسنده.وصل الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا

وعن أنس رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صل الله عليه وسلم- قال: "لا عليكم ألا تعجبوا بأحد حتى تنظروا بما يختم له؛ فإن العامل يعمل زمانا من عمره -أو قال برهة من دهره- بعمل صالح لو مات عليه دخل الجنة، ثم يتحول فيعمل عملا سيئا، وإن العبد ليعمل البرهة من دهره بعمل سيء لو مات عليه دخل النار، ثم يتحول فيعمل عملا صالحا، وإذا أراد الله بعبد خيرا استعمله قبل موته"، قالوا: يا رسول الله، وكيف يستعمله؟ قال: "يوفقه لعمل صالح، ثم يقبضه عليه"وصل الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
.

الأعمال بالخواتيم..

من أسباب حسن الخاتمة الحرص علي الدعاء والاستجابة الفورية لأوامر الله تعالى واجتناب نواهيه بترك المعاصي والذنوب وفعل الخير حتى يدركه الموت وهو علي ذلك..
كما في حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صل الله عليه وآله وصحبه وسلم قال: إنما الأعمال بالخواتيم"وصل الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
.

وهذه الجملة من الحديث، (إنما الأعمال بالخواتيم) تستدعي من العبد الاجتهاد والتشمير فى الحرص والمواظبة علي الأعمال الصالحة ولو كانت قليلة، حتى يختم له بالفلاح والقبول ،كما في حديث عائشة رضي الله عنها- عن النبي صل الله عليه وسلم- قال: "وكان أحب الدين إلى الله ما داوم صاحبه عليه" وإن الموت يأتي بغتة،  فحافظ علي العمل الصالح وفعل الخير حتى يأتيك اليقين، يعني الموت،كما في قوله تعالى:" واعبد ربك حتى يأتيك اليقين" سورة الحجر: الآية ٩٩ -دعاء مؤلف:اللهم اختم  بالصالحات أعمالنا، وثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، واختم لنا بخاتمة السعادة أجمعين.وصل الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
.
#موقع_من_فقه_الاسلام_للشيخ_سامي_محمود