نعمة الأمن والأمان من ( القرآن والسنة )

نعمة الأمن والأمان فى الإسلام :

عن أبى عبيد الله بن محصن الأنصارى الخطمى _ رضى الله عنه _ قال :
قال رسول الله صل الله عليه وسلم :" من أصبح منكم آمنا فى سربه , معافى فى جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذفيرها " رواه الترمذى _ وقال حديث حسن .
ومن حديث أبى هريرة رضى اله عنه _ قال :قال رسول الله صل الله عليه وسلم :" إذا أصبحت آمنا فى سبرك , معافى فى بدنك , عندك قوت يومك , فعلى الدنيا العفاء " رواه البيهقى فى شعب الإيمان . ( 1)

عندما نعيش مع حديث رسول الله صل الله على وسلم _ الذى يبين لنا فيه الوسائل التى تكون سببا فى قوام الإنسان , من العافية والمعافاة التى تتوافر فيها صحة الإنسان وسلامته من الأمراض والآفات , ومن كان كذلك فكأنما سَيق وجُمع وضُمن له من أسباب قوته ما يعينه على بقاء حياته , بكل وسائلها وجوانبها , مما يصحب غنى النفس , وطمأنية القلب , وراحة الضمير , وهذا كله من السعادة التى , لاتدانيها سعادة , والذى يتتبع المنهج الإسلامى , الذى أتم الله تعالى علينا نعمته , ورضيه لنا دينا , يجد الإسلام يهتم بنعمة الأمن والأمان , اهتماما كبيرا ويُعنى , بها عناية فائقة
وقد جعل له من القوت الذى تتوقف عليه حياته .                  ( 2)

, ولهذا أمتن الله تعالى بهذه النعمة , على خلقه وخاصة أهل مكة , وما كان منهم فى رحلة الشتاء والصيف , وهو سبحانه وتعالى يذكرهم فى سيق ذلك بعبادته , ويدعوهم إلى طاعته قال تعالى :" فليعبدوا رب هذا البيت * الذى أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف * سورة قريش الآية 3,4
وإذا كان الطعام حياة مادية للإنسان , فإن الأمن المعنوى أبلغ له ففى ظلال الأمن مع الفقر يستطيع أن يعيش الإنسان , ولايعيش مع الغنى والخوف , فالأمن شعور ثابت
ينبع من داخل النفس , ويلازم الإنسان , فيبعث فيه الإطمئنان , والراحة النفسية التى تتمثل فى الثقة واليقين فيما عند الله , بحيث يشعر الإنسان بالسكينة , ويشعره بالإعتماد على خالقه تبارك وتعالى , واستصحاب معية عز وجل له , بما يحميه ويحفظه قال تعالى :" أليس الله بكاف عبده ويخوفنك بالذين من دونه ومن يضلل الله فما له من هاد " سورة الزمر الآية 36 _ ( 3)

والأمن والأمان للإنسان مرتبط بإستقامته , على أمر ربه ومداومته على طاعته والإقبال على عبادته , وهذا هو الإيمان الصادق الذى يعصم من الوقوع فى المعاصى والإنزلاق فى الآثام والذنوب , وإذا توافرات هذه السلوك النابعة من الإيمان الصحيح الذى يضمن الأمن , يقول تعالى :" إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التى كنتم توعدون * نحن أولياؤكم فى الحياة الدنيا وفى الآخرة ولكم فيها ما تشتهى أنفسكم ولكم فيها ما تدعون * نزلا من غفور رحيم * " سورة فصلت الآية 30 _ 31 _ 32- ( 4)

وهكذا يتأكد الأمن للإنسان الطائع , والمستقيم فى سلوكه مع ربه ونفسه والمجتمع الذى يعيش فيه قال تعالى :" فمن أمن وأصلح فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون " سورة الأنعام 48 _
وإن الله تعالى قد وعد بالنصر المبين والعز والمكين , فى الأرض للمجتمع الذى يتمسك أفراده بالمبادئ الدينية والقيم الأخلاقية , قال تعالى :" وعد الله الذين أمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذى ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدوننى لايشركون بى شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون * " سورة النور الآية 55 _ ( 5)

ولقد نفر الإسلام من ترويع المجتمع أوالفرد واخافته من حديث رواه الإمام أحمد وأبو داود والطبرانى أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال :" من أخاف مؤمنا كان حقا على الله ألا يؤمنه من فزع يوم القيامة " ويقول تعالى :" والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا " سورة الأحزاب الآية 58
ولقد شدد الله تعالى النكير بالعذاب , الأليم لمن يقومون بكل صور الإيذاء للمؤمنين سواء كان بترويعهم أو تهديدهم أو نهب أموالهم , أو انتهاك حرماتهم وأعراضهم
أو سفك دمائهم , فكل ذلك ولاشك من , الإيذاء وإن تفاوتت درجاته ومن ثم يكون لكل فعل عقوبته المقررة فى الشريعة الإسلامية , مع ما احتملوه من بهتان واثم مبين
( 6)

ويقول تعالى :" إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله , ويسعون فى الأرض فسادا
أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزى فى الحياة الدنيا ولهم فى الأخرة عذاب عظيم " سورة المائدة الآية 33 _
وذلك الحرص من الإسلام على حقن الدماء , وصيانة أرواح الموطنين حيث يعتبر القتل ظلما جريمة شنعاء ومن أكبر الكبائر , لأنه سلب لحياة المجنى عليه بغير حق
وهدم لبنيان الله تعالى المعظم حرمته , بأعظم من حرمة الكعبة المشرفة , وفى ذلك أيضا اعتداء صارخ على حق الحياة لأى إنسان , وكذلك زعزعة لأمن المجتمع والفرد واستقراره وهدوءه , ولقد توعد الله تعالى قاتل النفس باللعنة والغضب وسوء المصير قال تعالى :" ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزؤه جهنم خلدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما " سورة النساء الآية 93_ ( 7)

ما يرشد إليه الحديث : حيث يبن لنا فيه الرسول صل الله عليه وسلم : "
أن كل من أصبح وهو يملك ماتقوم به حياته , فى نفسه وبين قومه ومايملكه وفى طريق سيره ومعاشه الذى يصل به إلى ضروريات حاجاته , وهو معافى فى جسده خاليا من الأمراض والآفات والأوجاع , سليما فى أعضائه وجوارحه , بعيدا عما ينغصه فى حياته من الألام وصنوف المصائب والرزايا , وعنده ما يقتات به ويشبع جوعته وما يسد حاجته , وما يلزمه نفقاتهم غير محتاج ولا متطلع إلى مافى أيدى الناس كان كمن ملك الدنيا بأسرها , وكان قد تساوى بمن ملك الدنيا . (

سأل الحجاج : الجوهرى : ما النعمة ؟ فقال : له , الأمن فإن رأيت الخائف لاينتفع بعيش , قال : زدنى , قال الصحة , فإنى رأيت السقيم لاينتفع بعيش , قال زدنى , قال الشباب فإنى رأيت الشيخ لاينتفع بعيش , وجاء فى بعض الكتب السابقة :
" إن عبدا أغنيته عن ثلاثة , لقد أتممت عليه النعمة : عن سلطان يأتيه , وطبيب يداويه , وعما فى أيدى أخيه " اللهم اكفنى بحلك عن حرامك وبطاعتك عن معصيتك وأغننا بفضلك عمن سواك " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ( 9)