الحسد وآثاره السيئة على الفرد والمجتمع

الحسد وآثاره السيئة على الفرد والمجتمع:

 _ قال تعالى " فى وصف الأنصار المخلصين لله والرسول والناس أجمعين والذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولايجدون فى صدورهم حاجة مما أتوا " أى لاتضيق صدورهم من رؤية النعمة عند إخوانهم ولا يغتمون لها ولذلك أثنى عليهم ربهم بسلامة قلوبهم من الأذى وصفاء نفوسهم وطهارة ضمائرهم من أدران الحسد , وقد حذر من هذا المرض الوبيئ رسول الله صل الله عليه وسلم كما فى حديث أبى هريرة رضى الله تعالى عنه قال :" إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب " رواه أبو داود والأكل هنا عبارة عن عدم القبول وأن حسنات الحاسد مردودة عليه وليست بثابتة فى صحيفة عمله الصالح ذلك أن الحسد فى المعنى إعتراض على الله تعالى فيما لاعذر للعبد فيه لأنه لاتضره نعمة الله على أخيه والله تعالى حكيم فى قسمة الحظوظ بين عبيده ولايضع الشئ فى غير محله ( فإياك أن تقول يعطى الحلق للى بلى ودان وهى كلمة عظيمة فيها إعتراض على الله سبحانه فيما قسم بين عبيده ) فكأن الحاسد يعترض على الله تعالى فى قسمة المعيشة بين خلقه وينسب ربه للجهل والسفه ولم يرض بقضائه فلذلك ردت حسناته ولم تبق فى ديون عمله ومن ثم قال بعض العارفين " الحاسد جاحد لأنه لايرضى بقضاء الواحد " وقال صل الله عليه وسلم " الحسد يفسد الإيمان كما يفسد الصبر ( يعنى الشئ المر الذى تستعمله المرأة عند فطام الرضيع ) العسل " وقال عمر بن عبد العزيز رضى الله تعالى عنه " ما رأيت ظالما أشبه بمظلوم من الحاسد للنعمة غم دائم ونفس متتابع " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من الأمرض الإجتماعية الحسد:

_ جاء الإسلام بالأوامر والنواهى , ووعد القائمين عليها والحافظين لها بحسن الحال والمآل , وتوعد المخالفين لها والمتمردين عليها وخامة العاقبة فى الدنيا والآخرة قال تعالى " من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون " سورة النحل والحياة الطيبة لايتم تحصيلها إلا فى هناءة من العيش وسلامة القلوب من الأذى والتخلى عن الأمراض الإجتماعية كالكبر والحقد والحسد , وحل محل ذلك التواضع والمحبة والرحمة , كما لايجتمع فى قلب المرء ايمان صحيح وحسد لنعمة على مخلوق إلا كما يجتمع الصبر مع العسل ولا ريب أن المعجون من الصبروالعسل نكرة مجهولة وحقيقة غير معروفة لأحد وذلك لأن الرضا عن الله جلا وعلا فى قضائه وفعله جزء من الأجزاء التى لايتم الإيمان بدونها ولاتكزن حقيقة الإيمان إذا تخلى المرء عن واحد منها كما جاء فى حديث الإيمان " أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره أو حلوه ومره كما فى بعض الروايات قال سيدنا معاوية ابن أبى سفيان رضى الله عنه " كل أحد أقدر على رضاه إلا حاسد النعمة فإنه لايرضيه إلا زوالها " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

حقيقة الحسد :

_ قال العلماء : الحسد كراهية نعمة الغير وتمنى زوالها عنه سواء تمنى إنتقالها إليه أم لا"_ وهو من أقبح الذنوب وأشد ما يبتلى به إنسان والحسد مذموم بنوعيه إلا أن الثانى أشد حرمة من الأول والحسد ألم فى نفس الحاسد لايسكن إلا إذا زالت النعمة عن المحسود يقول عمر بن عبد العزيز رضى عنه ما رأيت ظالما أشبه بمظلوم من حاسد النعمة غم دائم ونفس متتابع , وهذا الحسد المذموم وذلك المرض المشؤم هو الداء العضال الذى ابتلى به كثير من الناس اليوم فأوغر صدورهم وأفسد ضمائرهم وفرق شملهم ومزق وحدتهم ففشلوا وذهبت ريحهم وتلاشت قوتهم حتى ذلوا واستكانوا وطمعت فيهم أعدائهم وهو أول ذنب عصى الله تعالى به لأن إبليس لم يحمله على رفض السجود لأبينا آدم عليه السلام إلا الحسد كما أن قابيل لم يحمله على قتل أخيه هابيل سوى الحسد وأى معصية تزيد على كراهيتك لراحة مسلم من  غير أن يكون لك منه مضرة أو ينالك منه سوء " وصل الله علي سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

أول ذنب :

ـ الحسد أول ذنب عصى الله به في السماء وأول ذنب عصى الله به فى الارض فأما السماء فحسد إبليس لآدم عليه السلام - وأما فى الارض فحسد قابيل لهابيل ولذا قال : " بعض المفسرين في قوله تعالى - على لسان الكفار في جهنم {ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والانس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأ سفلين} انه أراد بالذي من الجن ابليس والذى من الإنس قابيل وذلك أن إبليس أول من سن الكفر وقابيل كان أول من سن القتل وإنما كان أصل ذلك كله الحسد والعداوة والبغضاء" موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ضرر الحاسد

قال بعض الحكماء : ألزم الناس كآبة , رجل حسود وخليط الأدباء
وهو ليس أديب : وحكيم محتقر لدى الأقوام

قال على بن بشر المروزى كتب بن المباك هذه الأبيات :
كل العداوة قد ترجى إماتتها
إلا عداوة من عاداك من حسد
فإن فى القلب منها عقدة عقدت
وليس يفتحها راق إلى الأبد
إلا الإله فإن يرحم يحللها
وإن آباه فلا ترجوه من أحد
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

وقال سليمان التيمى :
الحسد يضعف اليقين , ويسهر العين ويكثر الهم
وقد صلى الأحنف بن قيس , على حارثة بن قدامة السعدى
فقال : رحمك الله كنت لاتحسد غنيا ولا تحقر فقيرا
وكان يقال لايوجد الحر حريصا , ولا الكريم حسودا

وقال الشاعر :

حسدوا النعمة لما ظهرت _ فرموها بأباطيل الكلم
وإذا ما الله أسدى نعمة _ لم يضرها قول أعداء النعم
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

النهى عن الحسد

من حديث بن مسعود رضى الله تعالى عنه _ قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم : " لا حسد إلا فى اثنتين : رجل آتاه الله مالا فَسُلَّط على هلكته فى الحق , ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضى بها ويعلمها " رواه البخارى

إن نعم الله تعالى على عباده كثيرة وهى , لا تعد ولا تحصى , ولا يستطيع حصرها العد قال تعالى " وإن تعدوا نعمة الله لاتحصوها إن الانسان لظلوم كفار "
وإن كل نعمة من النعم لها واجب , على كل مسلم أن يقوم به , وحق يجب عليه أن يؤديه .. فإذا قام المسلم تجاه كل نعمة بما يجب عليه لله تعالى , فقد قام بالواجب وأدى ما عليه من حق , وشكر نعم الله تعالى الوهاب , ومن ثم يصبح بذلك أهلا لزيادة النعم , ولرحمة الله ورضوانه قال تعالى " لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابى لشديد " سورة إبراهيم الآية 7_
ومن أجل النعم الالهية :

الاولى: وهى تتعلق بما هو قوام الحياة الدنيا , وتتحقق به ممارسة العمل والكسب
والمعاش وهى نعمة المال , "
والثانية: وتتعلق بما هو قوام الدين , وعلى ضوئه يكون موقف العبد , يوم لقاء الله وهى نعمة ( الحكمة ) وهو التى تتمثل فى العلم والفهم الصحيح والوعى السليم
والحديث يلفت الأنظار ويوضح لنا أهمية , هاتين النعمتين بما يحرك المشاعر والأشواق إلى الاتجاه إلى معالى الأمور , والتنافس الشريف إلى مكارم الأخلاق ,
ومحامد الفعال , فيقول:" لا حسد إلا فى اثنتين " فما معنى الحسد ؟ وما المراد
به فى الحديث ؟

والحسد نوعان :

النوع الأول :  حسد حقيقى , ويتمثل فى تمنى زوال النعمة عن صاحبها , سواء تمنى أن تكون النعمة له أم لا , ومتى تحقق هذا النوع وسيطر, على الانسان الحاسد فهو حرام بالاجماع ... قولا كان هذا الحسد أو فعلا أو تصميما , واستثن من ذلك العلماء ما إذا كانت النعمة لكافر , أو فاسق يستعين بها على معصية الله
النوع الثانى : وهو الحسد المجازى , وهو المراد فى الحديث , ومعناه الغبطة
وهى أن يتمنى الانسان لنفسه مثل النعمة التى عند غيره , من غير أن يتمنى زوالها عن صاحبها , وهذا يسمى منافسة , فإن كان فى الطاعات فهو عمل محمود , وفيه قوله تعالى " وفى ذلك فليتنافس المتنافسون " سورة المطففين " وإن كانت فى المعصية كان ذلك حراما ,

, وقد حذر منه الرسول صل الله عليه وسلم بقوله " ولا تنافسوا " وإن كان فى الأمور الجائزة فهو مباح , والحديث الذى معنا يبين لنا أنه لا غبطة أعظم ولا أقض من الغبطة فى هذين الأمرين :
الأول : رجل آتاه الله تعالى مالا فَسُلَّط ,على هَلَكَته فى الحق , وفى رواية ( فسَلَّطَهُ )
وهذا فيه قهر شهوة النفس البشرية,التى طبعت على الشح والحرص الشديد , وأن المؤمن الذى يثق بما عند الله, هو الذى ينفق ماله على هذه الصورة , ولها عبر بقوله ( هََلَكَته ) أى إهلاكه لبيان أن المال لايبقى منه شئ , ويضع الحديث قيدا لإنفاق المال على هذه الصورة هو قوله " فى الحق " أى فى الطاعات والوجوه المشروعة , ليزيل ما قد يلبس على البعض من الإسراف المذموم والتبذير المنهى عنه , كما يحتفظ لصاحب المال بجانب كبير منه , يؤدى به واجباته ويقوم به على رعاية أهله ومن تلزمه نفقاتهم .

الثانى : رجل آتاه الله الحكمة ... فهو يقضى بها بين الناس ويعلمها , والمراد بالحكمة هنا القرآن الكريم _ أوالعقل السليم الذى يزجر صاحبه , عن فعل القبيح
وقد ورد فى حديث آخر ما يفيد أن المراد بالحسد المذكور , هو الغبطة ولفظ الحديث
هو :
من حديث أبى هريرة رضى الله تعالى عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال : "
لاحسد إلا فى اثنتين : رجل علمه الله تعالى القرآن , فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار
فسمعه جار له فقال : ليتنى أوتيت مثل ما أوتى فلان , فعملت مثل ما يعمل , ورجل آتاه الله مالا فهو يُهَّلكُهُ فى الحق , فقال رجل ليتنى أوتيت مثل ما أوتى فلان فعملت مثل ما يعمل "
والحديث بذلك ينهى عن الحدث المذموم المحرم وهو أن يتمنى زوال النعمة عن غيره , ولابأس بالغبطة فى بعض الأمور , وهى أن يتمنى الانسان أن يكون له مثل غيره , وبيان فضل قراءة القرآن ومنزلة العلم وطالبي العلم .
وإن نعم الله تعالى كثيرة على الانسان وهى لاتعد ولا تحصى ومن أجلها نعمة المال ونعمة الحكمة " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

قالوا

لاتحقد على أحد فالحقد ينال منك أكثر مما ينال من خصومك , ويبعد عنك أصدقاءك , كما يؤلب عليك أعدائك , ويكشف من مساويك ما كان مستورا , وينقلك من زمرة العقلاء إلى حثالة السفهاء , ويجعلك تعيش بقلب أسود , ووجه أصفر , وكبدٍ حرىّ " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ذم الحسد _ قال سليمان التيمى :

الحسد يضعف اليقين , ويسهر العين ويكثر الهم "إن الحسد نتائجه وخيمة وعواقبه أليمة قال صل الله عليه وسلم " لا تحاسدوا ولا تقاطعوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا كما أمركم الله " وقال ابن سرين ما حسدت أحدا على شئ من أمر الدنيا , لأنه إذا كان من أهل الجنة فكيف أحسده على أمر الدنيا , وإن كان من أهل النار فكيف أحسده على أمر الدنيا وهو يصير إلى النار " وقالوا : الحاسد لاينال من المجالس إلا مذمة وذلا , ولا ينال من الملائكة إلا لعنة وبغضا ولا ينال من الخلق إلا جزعا وغما , ولا ينال عند الموقف إلا فضيحة ونكالا " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الحسد أصل الفتن ومنشأ الشرور والبلايا:

_ من حديث أبى هريرة رضى الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم :" إنه سيصيب أمتى داء الأمم قالوا : وما داء الأمم ؟ قال الأشر " وهو محرك: كفر النعمة _ والبطر " محرك: الطغيان عند توافر النعمة _ والتكاثر " بجمع المال والتنافس فى الدنيا والتباغض والتحاسد حتى يكون البغى " ومعناه مجاوزة الحد والإعتداء على خلق الله " ثم يكون الهرج " ومعناه القتل وهو بفتح الهاء وسكون الراء _ رواه ابن أبى الدنيا والطبرانى فى الأوسط بإسناد جيد وفيه تحذير شديد من التشاحن فى أمور الدنيا والتحاسد عليها , فإن ذلك أصل الفتن ومنشأ الشرور والبلايا " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

فى التحذير من الحسد :

_ لقد ذم الإسلام الحسد وندد على الحاسدين , حيث جعله الله تعالى من أوصاف المنافقين فقال تعالى :" وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور , إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لايضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط " سورة آل عمران الآية 119 _ 120 _ والمعنى لهذه الاية الكريمة_ الحسنة النعمة , كالرخاء والخصب والنصرة والغنيمة , والسيئة المصيبة , كالضيق والجدب والهزيمة , والأول هو الحسد والثانى الشماتة , وقد دلت الآية الكريمة على أنهما لايضران المحسود ولا المشموت به إذا ما إتقى الله وابتعد عما حرم الله تعالى عليه ونهاه عنه وصبر على مشاق التكاليف وعدواة المنافقين , ولم ينتقم منهم لنفسه بل فوض الأمر فيهم إلى الله تعالى " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

لاتُعادوا نعم الله :

قال عبد الله بن مسعود رضى الله عنه _
لا تُعادوا أنعم الله , قيل له : ومن يعادى نعم الله ؟
قال : الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من
فضله ؛ " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

عقوبة الحاسد خمس :

قال : أبو الليث السمرقندى : يصل إلى الحاسد خمس
عقوبات قبل أن يصل حسده إلى المحسود :
غم لاينقطع , مصيبة لايؤجر عليها , مذمة لايُحمد عليها ,
سخط الرب , يُغلق عليه باب التوفيق .  
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

احذر هؤلاء الثلاثة :

قال : الإمام الشافعى رحمه الله تعالى :
1ـ من نم لك نم عليك
2ـ من نقل إليك نقل عنك
3ـ من إذا أرضيته قال فيك ماليس فيك
كذلك إذا أغضبته قال فيك ما ليس فيك .
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

فى ذم الحسد والحاسدين:

ـ روى البيهقى فى شعب الإيمان عن الحسن البصرى رحمه الله ـ فى قوله تعالى :" ومن شر حاسد إذا حسد " سورة الفلق قال هو أول ذنب كان فى السماء وعن الأحنف ابن قيس : خمس هن كما أقول : لاراحة لحسود , ولا مروءة لكذوب , ولا وفاء لِمُلُوكٍ , ولا حيلة لبخيل , ولا سؤدد لسئ الخُلق " فمما يجب على العبد تركه الغل والحسد لأنه من أسباب العدوة والبغضاء كما فى حديث أنس رضى الله عنه قال صل الله عليه وسلم ـ لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخوانا " رواه مسلم فى صحيحه وقال تعالى :" أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله " سورة النساء الآية 54 ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

عن الحسد أنواعه الأسباب والعلاج :

الحاقد الحاسد للناس :

مقدمة :

صدر الحاقد الكاره دائما ما يكون ضيقا حرجا مليئا بالحزن يمزقه الكره ويسيل لعاب طمعه على ما فُضل به غيره؛ وهو لا يرتاح أبدا لأنه يرى أن الكل لا يستحقون ما هم فيه بينما هو وحده من يستحق. ولو أنه انشغل بأداء ما عليه واجتهد؛ ثم ترك النتائج لمن يخفض ويرفع ومن بيده الضر والنفع؛ لارتاح وأراح ، أما لو ظل يمد عينيه إلى ما تمتع به غيره من عرض الدنيا الزائل فإنه سيظل في ذلك العذاب طويلا ، إلا لو جرب يوما أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه. وهو بالمناسبة شعور أجمل بكثير من الحقد والكراهية والشحناء ، وبدلا من سيطرة تلك المشاعر على نفسه لدرجة تجعله يبغض ذلك المحقود عليه ، فإن عليه أن ينشغل بما ينفعه ويصلح حاله ، لعله يرزق نقاء السريرة وسلامة الصدر التى لا يعادلها شىء ، والتي هى من أعظم وأجل النعم ، وهي معيار الأفضلية كما صح أيضا عن الحبيب صلى الله عليه وسلم حين سألوه: أيُّ الناسِ أفضلُ؟ فأجاب: " كلُّ مخمومِ القلبِ ، صدوقِ اللسانِ"، قالوا: صدوقُ اللسانِ نعرفُهُ ، فما مخمومُ القلبِ؟ قال: " هو النقيُّ التقيُّ "، لا إثمَ عليهِ، ولا بغيَ ، ولا غلَ ّ، ولا حسدَ " واه ابن ماجه .

وقد قمت ببيان وجمع ما تريد السؤال عنه والإستفادة منه فى هذا الباب بعيدا عن التهويل والتهوين وبما جاء فى الشرع الحكيم وسنة النبى الكريم صل الله عليه وسلم ـ الذى لاينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى فالزمه " وإياكم ومحدثات الأمور وخير الهد هدى محمد صل الله عليه وسلم ـ وإليك مايأتى :ـ
تعريف الحسد :

الحسد: هو تمني زوال نعمة الغير " نعمة المحسود"  وإن لم يصر للحاسد مثلها ويعرف الحسد باسم العين أي الإصابة بالعين ويقال : رجل عائن أو معيان أو عيون أى شديد الإصابة بالعين .

أنواع الحسد :

الحسد المذموم للحسد المذموم نوعان وهما  :

النوع الأول: وهو أن يتمني شخص زوال النعمة من عند الآخرين.
النوع الثاني: وهو أن يتمني شخص أن يكون له مثل غيره من مال أو سلطان ، ولقد ذكر الله هذا النوع من الحسد في سورة القصص الآية 79 حيث يقول سبحانه وتعالي قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم”
الحسد المحمود : وهو الذي ذكره النبي صل الله عليه وسلم في كما فى السنة عنه قال النبي صل الله عليه وسلم:" لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق ، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها " فإذا كان هذا الحسد في الطاعة فهو محمود وإن كان في المعصية فهو مذموم.

دليل الحسد من القرآن والسنة :

ولايمكن أن ننكر الحسد فقد ذكره الله تبارك وتعالي في أكثر من آية من القرآن الكريم منها قوله تعالى :" وَد كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتي يأتي الله بأمره إن الله على كل شئ قدير " سورة البقرة الآية 109 ـ وقوله عز وجل :" أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما " سورة النساء الآية 54 ـ . وقوله عز من قائل :" سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لايفقهون إلا قليلا " سورة الفتح الآية 15 . وقوله تقدست أسماؤه :" وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون " سورة القلم الآية 51. وقوله سبحانه :" ومن شر حاسد إذا حسد " سورة الفلق الآية 5ـ

كما صحت الأحاديث فيه عن النبى الكريم صل الله علية وسلم ومنها عن أبي هريرة رضي الله عنه ـ عن النبي صل الله عليه وسلم قال: " إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تباغضوا وكونوا عباد الله إخوانا " . وعن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال: " لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث أيام" . ويقول الرسول الله صل الله علية وسلم " العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين " وروى البزار عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول اله صل الله عليه وسلم قال:"أكثر من يموت من آمتي بعد كتاب وقضائه وقدره بالأنفس " قال البزار يعني بالعين وقالت أسماء بنت عميس للنبي صل الله عليه وسلم يا رسول الله إن بني جعفر تصيبهم العين أفاسترقي لهم؟ قال:" نعم فلو كان في يسبق القدر لسبقته العين"

العلم الحديث يثبت الحسد :

لقد تكلم العلماء في عصرنا عن أشعة غير مرئية تخرج من عين الحاسد فتصيب من يحسد هو آخر ما أمكن للعلم أن يصل إليه في هذا الشأن وما أعلنته الجامعات ومعاهد العلم من أن العين تخرج منها أشعة تستطيع التأثير عن بعد في الماديات .
وعقلاء الأمم علي اختلاف مللهم ونحلهم لا تدفع أمر العين ولاتنكره فقالت طائفة إن العائن إذا تكيفت نفسه بالكيفية الرديئة انبعثت من عينه قوه سُمية تتصل بالمعين" المحسود" فيتضرر , والحسد بالعين هو حقيقة ملموسة لا يستطيع أحد أن ينكرها ، وهو عبارة عن تأثير أشعة تصدر من عين أو جسم الانسان الحاسد وتؤدي إلى إصابة المحسود بالأذي أو الهلاك سواء بالنظر أو عند سماع شىء يعجبه ، ويختلف الضرر أو التلف الذي يحدث للشخص المحسود حسب طبيعة الحاسد والحالة النفسية له.