تفسير آيات متنوعه من القرآن :

حول آية :
كما فى تفسير المنار للعلامة رشيد رضا من قوله تعالى :" ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم " من سورة آل عمران
وفى ذلك تأديب من الله تعالى لرسوله صل الله عليه وسلم _ واعلام بأن ذلك اللعن والدعاء على المشركين مما لم يكن ينبغى له .
وفيه بيان أن الدعاء إذا لم يقرن بالأسباب فهو سلبى .
والمعنى : أن المسلمين إذا أرادوا النصر على أعدائهم فلايكفيهم أن يقولوا " اللهم نكس أعلامهم , اللهم يتم أطفالهم , اللهم زلزل الأرض تحت أقدامهم , اللهم اجعلهم غنيمة للمسلمين , وبعد هذا لا نجد نصراً على الأعداء .
إن السلف الصالح إنما كانوا ينتصرون بالفعل لابالقول .
فالعمل العمل , والإستعداد الإستعداد , والأهبة الأهبة , قال تعالى :" وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة " سورة الأنفال ولا قوة إلا بالعلم والمال , ولا مال إلا بالعدل , ولا عدل مع الإستبداد ثم بعد كمال الإستعداد , يكون الذكر والإستمداد قال تعالى :" يا أيها الذين أمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون " هذا هو هدى القرآن وقد تمثل صورته فى النبى صل الله عليه وسلم _ وصالحى المؤمنين " انتهى بتصريف يسير " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من هدى القرآن الكريم :

قال تعالى :" محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم فى وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم فى التوراة والإنجيل كزرع أخرج شطأه فأزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين أمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيما " سورة الفتح الآية 29 ـ فى هذه الآية الكريمة دعوة لكل من شهد لله تعالى بالوحدانية , ولمحمد صل الله عليه وسلم _ بالرسالة أن يكونوا أهل لين ومحبة ورحمة على من ولاهم وفيما بينهم , وأهل شدة وغلظة على من عادهم وهذا من أوثق عرى الإيمان وكمال التوحيد الخالص لله تعالى , وخشية الله تعالى وطلب عفوه وفضله ورجاء رحمته وثوابه واقامة العبادات من صلاة وغيرها مما يحبه الله ويرضاه , هى من أسباب طمع العبد فى الفوز بجنته وفضله واحسانه ,

, وهذه هى الوسيلة التى بها أشرقت وجوههم ضياء وبهاء , حتى كان لذلك أثره ووصفه فى كتب الأوليين من التوراة والإنجيل , وبذلك سادوا وسادات دولتهم فى العالمين فأسقطوا عروش الأكاسرة , وخضعت لهم رقاب الجبابرة , حتى كملت فضائلهم , وجملت أخلاقهم فى عيون غيرهم , حتى قالوا لهم من أنتم ومن أى جنس قالوا : نحن المسلمين أتباع الإسلام ونبينا صل الله عليه وسلم _ نبى الرحمة والمرحمة , فهناك دخل الناس فى دين الله أفواجا من غير اغراء أو اكراه ولكن بفضل محاسنهم وسمو أفعالهم ونبل مقاصدهم , ولا عجب أن أصبح هؤلاء الأصحاب كيد الأعداء وغيظ الكفار , ولهذا قال أهل العلم من أبغض أصحاب محمد صل الله عليه وسلم _ فقد كفر , لأن من غاظه الله بالصحابة فقد وقع فى حقه ما يوجب ذلك وهو الكفر ,

, ولهذا فإن من أمن الإيمان الصحيح وشهد شهادة الحق , وامتثل الأوامر واجتنب النواهى , فقد وعده الله تعالى بالمغفرة لذنوبهم وأجرا عظيما منقطع النظير أعده الله لهم وهو الجنة , ووعد الله صدق وحق لايخلف الله وعده , فإلى كل من اقتفى أثر أصحاب محمد صل الله عليهم وسلم كما ورد فى الحديث :" أصحابى كالنجوم بأيهم إقتديتم إهتديتم " ومن كانت هذه حاله فإن له المنزلة الأسنى والفضل الأعظم , والسبق والكمال الذى لايلحقهم فيه أحد من هذه الأمة رضى الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشى ربه " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

فضل سورة الواقعة :

هذه السورة مكية , نزلت فى مكة المكرمة , قبل هجرة النبى صل الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة وعدد آياتها 96 ـ آية وفى فضلها روى عن النبى صل الله عليه وسلم ـ قال : " من قرأ سرة الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة أبداً " والفاقة الفقر والحاجة .
وهذه السورة تجمع بين خيرة الدنيا والآخرة , وتنطوى على كثير من البصائر والفوائد , فضلا عما فيها من أخبار وعلم الأولين والآخرين , وأخبار أهل الجنة والنار , وكذلك فيها توضيح وبيان لأمور العقيدة والإيمان بالله واليوم الآخر , ودلائل توضح لنا على عظيم قدرته وجلائل نعمه وفضله .

والواقعة من أسماء يوم القيامة , وهى تعالج قضية البعث والجزاء وترد على المكذبين الضالين , وفيها تذكير للناس بما يكون يوم القيامة وما يحدث من تغير للأرض والجبال , كما تتحدث عن أحوال الناس وأنهم ينقسمون إلى ثلاثة أقسام :
السابقون وهم أصحاب الدرجات العلا من الجنة , وأصحاب الميمنة وهم من يأخذون كتابهم بيمينهم وهم جمهور أهل الجنة , وأصحاب المشئمة وهم أهل النار وهم يعطون كتابهم بشمالهم ,

, وهذه السورة الكريمة تصف الأصناف الثلاثة وما يلقاه وصفا مفصلا , وتختم بتسبيح الله تعالى وتمجيده وتعظيمه وأنه سبحانه وتعالى هو الخالق القادر على أن يبعث الناس ليوم عظيم , يوم يقول الناس لرب العالمين .
ولما نزل قول الله تعالى :" فسبح باسم ربك العظيم " فى آخر السورة الآية 96 ـ
قال صل الله عليه وسلم :" اجعلوها فى ركوعكم " ولما نزل قول الله تعالى :" سبح اسم ربك الأعلى " سورة الأعلى ـ قال صل الله عليه وسلم :" اجعلوها فى سجودكم "
موقع من فقه الاسلام وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من نور الكتاب :

- قال تعالى " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذى إرتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم آمنا يعبدوننى لايشركون بى شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون " سورة النور الآية 55_ الله سبحانه وتعالى وعد الذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح أولا_ بالنصر المبين والعز والتمكين رغم أنوف الأعداء والحاسدين _ ثانيا _ أن يستخلفهم فى الأرض يتصرفون فيها تصرف الملوك فى ممالكهم كما استخلف بنى اسرائيل فى مصر والشام بعد إهلاك فرعون والجبارين _ ثالثا _ أن يجعل دينهم ثابت مقررا بحيث يستمرون على العمل به ويرجعون إليه فى كل ما يأتون وما يذرون _ رابعا _ أن يبدلهم من بعد الخوف من الأعداء أمنا بتأيدهم بالنصر والإعزاز , ولقد أنجز الله تعالى وعده هذا للمهاجرين وأظهرهم على جزيرة العرب وفتح لهم بلاد الشرق والغرب وصاروا إلى حال يخافهم كل من عداهم وبذلك رغبهم فى الطاعة العبادة " موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من هدى القرآن

ـ قال تعالى :" فتلقى آدم من ربه فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم " سورة البقرة الآية 27 ـ وهذه الكلمات التى ألهم الله تعالى بها نبيه وأبينا آدم وزوجه حواء معا عليهما السلام توبة واستغفاراً كما فى قوله تعالى :" قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين " سورة الأعراف الآية 23 ـ فتاب الله عليهما وغفر لهما ذنوبهما إنه سبحانه وتعالى هو التواب لمن تاب من عباده الرحيم بهم وعن أنس رضى الله عنه أن النبى صل الله عليه وسلم قال :" كل بنى آدم خطاء وخير الخطائين التوابون " رواه الترمذى وابن ماجة والحاكم وقال الحاكم صحيح الإسناد من فقه الاسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من هدى القرآن :

ـ قال تعالى :" وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم " سورة البقرة الأية 54 ـ الله سبحانه وتعالى يمن بالتوبة والمغفرة على من امتثل أمره واجتنب نواهيه , وفى الأية الكريمة دعوة لنبى الله موسى عليه السلام أن يذكر قومه بنعم الله تعالى وفضله عليهم , ومن ذلك دعوتهم إلى أن يقتل بعضهم بعضا تكفيرا لذنوبهم بسبب ظلمهم وعبادتهم العجل من دون الله تعالى فشرع الله سبحانه وتعالى لهم التوبة رحمة منه وفضلا بهذا القتل وقال لهم نبيهم وهذا أفضل لكم من الخلود الأبدى فى النار , فإن امتثلوا منَّ الله تعالى عليهم بقبول توبتهم , فهو سبحانه التواب الرحيم لمن تاب من عباده الرحيم بهم " موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من هدى القرآن :

ـ قال تعالى :" وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين " سورة البقرة الأية 58 ـ وفى الأية الكريمة توجيه لبنى إسرائيل من أتباع نبى الله تعالى موسى عليه السلام أن يذكروا نعم الله تعالى عليهم ومن ذلك أن الله تعالى أمرهم بسكنى مدينة بيت "المقدس " وأن يأكلوا من طيباتها وخيراتها من أى مكان فيها أكلا هنيئا , وأن يكونوا عند دخولهم هذا خاضعين لله تعالى ذليلين له وأن يطلبوا من الله تعالى العفو وغفران الذنوب , فإن فعلوا ذلك استجاب الله لهم , وسترها عليهم وزادهم من فضله وإحسانه خيرا وثوابا ". موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من هدى الإسلام :

قال تعالى :" الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح فى زجاجة الزجاجة كأنها كوكب درى يُوقد فى شجرة مباركة زيتونة لاشرقية ولاغربية يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدى الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شئ عليم " سورة النور 35 ـ
وفى الآية الكريمة مدح لذات الله تبارك وتعالى بأنه خالق الكون , وأن نور جميع الأشياء منه , فهو سبحانه وتعالى نور وحجابه نور , به إستنارت السموات والأرض وما فيهما , وكتاب الله تعالى وهدايته نور كما قال تعالى :" وأنزلنا إليكم نورا مبينا " سورة النساء آية 174 ـ وقال تعالى عن نبيه صل الله عليه وسلم ـ قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم " سورة المائدة 16 ـ

إن وجوده سبحانه وتعالى ظاهر واضح , كالنور ومن السهل جدٍ أن يؤمن به كل من ينظر ويتأمل بديع صنعه , ومن ثم لا عذر لأحد فى عدم الإيمان به بعد هذه الأدلة الواضحة , ويضرب الله تعالى مثلا لقوة هذا النور بما هو معهود , عن العرب كالمصباح الموضوع فى مشكاة , وهى الطاقة أو الكوة فى الحائط غير النافذة , والمصباح فى زجاجة يزيد ضوئه قوة كأنها كوكب درى , والزيت الذى يوقد هو أعلى صنف وهو زيت الزيتون , المأخوذ من شجرة مزروعة فى جو معتدل , لاحار ولابارد لا تصيبه الشمس أول النهار , ولا تصيبه آخر النهار , ولصفاء هذا الزيت يكاد يضئ ولو لم تمسسه نار , فهو مضئ ومع النار يزيد النور نور على نور , ذلك هو مثل الهدى فى قلب المؤمن , والله سبحانه وتعالى يهدى ويوفق لاتباع القرآن من يشاء من عباده , ليدرك هذه الحقيقة الكبرى بسهولة ويسر ". موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

فى نور آية :

ـ قال تعالى :" ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب " آية 8 ـ سورة آل عمران وفى الآية الكريمة دعاء وتضرع من المؤمنين الصادقين إلى رب العالمين , أن لا يَصرف قلوبهم عن الإيمان به بعد أن من عليهم بالهداية , وأرشدهم إلى الطريق المستقيم , وحبب إليهم الإيمان وزينه فى قلوبهم وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان , وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم ولهذا جاء رجل إلى الرسول صل الله عليه وسلم ـ يشكو إليه قسوة قلبه فقال له قل :" اللهم رب محمد صل الله عليه وسلم ـ أذهب غيظ قلبى وأجرنى من مضلات الفتن ما أحييتنى " . موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه

فى نور آية :

" قال تعالى :" قل لايستوى الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوى الله يا أولى الألباب لعلكم تفلحون " الأية 100 ـ سورة المائدة فى هذه الآية الكريمة ينعى ربنا سبحانه وتعالى على صنف من الناس قد أصيبوا بإزدواجية فى شخصياتهم وقد كسرت عروة المروءة والشهامة فيهم فأصبحوا , لايفرقون بين الخير والشر . والحق والباطل , والمؤمن الكافر , والعاصى والطائع , والجاهل والعالم , والمتبع لهدى الله والمبتدع فيه , والمال الحلال , والمال الحرام , والمنكر والمعروف , والخبيث والطيب , ويبين الله تعالى أنه لو حدث هذا بين الناس وسقطت المعايير الإنسانية , فضلا عما جاء به المنهج الإسلامى فقد نزعت بركة الوحى فيهم الذى يقول :" أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون " الأية 35 ـ سورة القلم

, فإن حدث هذا منكم أيها الناس كان الحكم جائر ومجحف , ولو أعجبك كثرة الهالكين من الخبيثين والخبيثات قال تعالى :" وإن تطع أكثر من فى الأرض يُضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون " الآية 116 ـ سورة الأنعام فاتقوا الله يا أصحاب العقول الناضجه , والفطر السليمة , والنفوس المستقيمة , وذلك المطلوب منكم أن تجتنبوا الخبيث من الأقوال والأفعال , وأن تحرصوا على  الطيبات فعلا وقولا  ومجاورة الطيبين وإعلموا أن الجنة دار الطيبين ولن تدخلوها إلا نفس طيبة كما قال الرسول صل الله عليه وسلم :" الجنة لن تدخلها إلا نفس مؤمنة " وفى رواية نفس طيبة . " موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى  وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من هدى القرآن :

ـ معنى قوله تعالى من سورة غافر :" ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا " أى أمتنا مرتين حين كنا فى عالم الذر فى بطون أمهاتنا نُطفا قبل نفخ الروح ـ وحين انقضى أجلنا فى الحياة الدنيا , وأحييتنا مرتين : فى دار الدنيا يوم ولدنا , ويوم بعثنا من قبورنا " وهو حوار دار بين الكافرين وبين الله تعالى جلا فى علاه " موقع من فقه الإسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من هدى القرآن :

يقول تعالى :" إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما " الأية 35 ـ سورة الأحزاب .
ـ هذه الآيات الكريمة تصف حال هؤلاء القوم الصالحين الذين أسلموا لله تعالى واستسلموا منقادين لأوامر ربهم الغفور الرحيم الذى لايضيع أجر من أحسن عملا من ذكر أو أنثى , ولقد وصفهم الله تعالى بصفات طيبة وأخلاق عالية , فقد صدقوا الله فى أقوالهم وأعمالهم فصدقهم وأطاعوه خوفا ورجاء , ومحبة واجلالا فرضى عنهم ورضى عنهن ,

, وقد حملهم على ذلك الصبر عن الشهوات والبعد عن المعاصى والشبهات , والإستقامة على الطاعات بإحتمال المكاره والمشاقات , وهم يخافون ربهم من فوقهم خوف الإجلال والتعظيم والرهبة والخشية , ولذلك كانوا من الحريصين على أداء ما كلفوا به من العبادات من إقامة الصلوات المفروضة , وصيام شهر رمضان المفروض , واخراج الزكاة إذا بلغ المال نصابا وحال عليه الحول , ولم يقفوا عند الفرائض بل زادوا عليها بالنوفل صلاة وصياما وصدقة , تقربا إلى الله تعالى ومحبة ,

وجعلوا بينهم وبين الحرام سدا منيعا فصانوا جوارحهم وفروجهم عن الزنى ومقدماته , وستروا عوراتهم كما أمرهم الله حياء من الله تعالى وأدب , فقد علموا أنه لا صلاح لحالهم وأحوالهن إلا فى ذكره سبحانه وتعالى ولذكر الله أكبر فرطبوا ألسنتهم بذكره حتى طهرت قلوبهم وزكت نفوسهم , وبذلك أقبلوا على ربهم ومولاهم فغفر لهم الذنوب وستر لهم العيوب , وأعد لهم ثوابا عظيما وأجرا كبيرا جنات تجرى من تحتها الأنهار فضلا منه وإحسان . . " موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من هدى القرآن :

قال تعالى :" والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولايؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا * وماذا عليهم لو أمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله وكان الله بهم عليما * إن الله لايظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لنه أجرا عظيما * فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا * يا أيها الذين أمنوا لاتقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابرى سبيل حتى تغتسلوا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيد طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إن الله كان عفوا غفورا * ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة ويريدون أن تضلوا السبيل * سورة النساء من الآية 38 ـ 44 ـ

ـ فى هذه الآيات الكريمة , أولا : توجيه وإرشاد للمؤمنين بما بينه الله تبارك وتعالى لهم من عدم اتباع سنن الكافرين وسلوك المنافقين , فيما يقومون به أعمال وينفقونه من أموال رياء وسمعة , من أجل نظر الناس لهم والإعجاب بصنيعهم , والذى يحمل كثير منهم على هذا الفعل الخبيث هو كفرهم وعدم إيمانهم بالله العظيم , وانكارهم لما أعده من جزاء فى يوم القيامة , ذلك أن الشيطان هو وليهم ويضلهم ضلالا بعيدا فهو الذى يحرضهم على ما يقومون به من أعمال الشر والمنكر وفعل القبيح فبئس المولى وبئس القرين والصاحب , ثانيا : أن الله سبحانه وتعالى لايرضى لعباده الكفر واتباع خطوات الشيطان , فأى ضرر يلحق بهؤلاء المجرمين لو أنهم سارعوا إلى التوبة والإيمان بالله تعالى وصدقوا بما أنزله الله من كتب على رسله , ومايُبشرون به من جزاء وفضل لمن أمن بالله واليوم الآخر فلو أنهم فعلوا مايوعظون به لكان خيرا لهم , ولكن الله تعالى مطلع على نوايهم الخبيثة وما تنطوى عليه نفوسهم الشريرة , وسيحاسبهم على ذلك ,

, ثالثا : وهو أن الله تعالى لايظلم أحدا من الناس على ما قدموا من أعمال البر والخير مادامت تصدر منهم عن عقيدة صحيحة وإيمان صادق وإخلاص له سبحانه فى السر والعلانية , فالحسنة عند الله تضاعف إلى سبعمائة ضعف ولو كانت مثل زنة ذرة الغبار التى تُرى من قبل شعاع الشمس , فإنه سبحانه يزيدها ويُكثرها لصاحبها , ويتفضل بالثواب العميم والأجر والمثوبة فى جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها , رابعا : وهو أن الله تعالى يأتى يوم القيامة لكل أمة برسولها الذى أرسلهم إليهم فى الدنيا ليشهد عليها بما عملت , فتكون النتيجة من أكثرهم التكذيب ثم تأتى أنت يامحمد ـ صل الله عليه وسلم ـ فتشهد لأمتك وتشهد أنت وأمتك على من كذبوا وأنكروا مجئ الرسل إليهم بأن رسلهم جاءتهم وأبلغتهم ما أنزل الله إليهم , خامسا : وفى هذا الموقف وما يصحبه من نكد وشدة ييئس الذين كفروا وعصوا ربهم ولم يُطيعوا رسلهم وخاتمهم محمد صل الله عليه وسلم ـ أن يجعلهم الله والأرض سواء , ويوم يقول الكافر ياليتنى كنت ترابا " سورةالنبأ ـ فهم يريدون أن يصيروا ترابا حتى لايبعثوا وهم لايستطيعون أن يكتموا ما فى نفوسهم , فقد ختم الله على أفواههم وشهدت عليهم جوارحهم بما كانوا يعملون

, سادسا : ثم ينتقل حديث القرآن الكريم عن جماعة المؤمنين بما أخذ الله تعالى عليهم عهد الإيمان به سبحانه وتصديقهم بما أخبرت به رسل الله وخاتمهم محمد صل الله عليه وسلم ـ وقد كان الله تعالى فى بدء الدعوة الإسلامية , يرعى جانب التخفيف فى تحريم الخمر حتى جاء التحريم المؤكد بالدلالة القطعية وكان ذلك من أسباب تمكين الإيمان فى القلوب واقبال النفوس على الطاعة والعبادة , فى حدود الأدب والإلتزام بما سنه الدين وشرعه رب العاملين , وبما يطهر الأرواح والأجساد من دنس الذنوب وما تتلبس به الأجساد , حال الجنابة بسبب الجماع فتكون الطهارة بالإغتسال وهو تعميم الجسد بالماء أو البول والغائط ويكفى فى ذلك غسل مكان الأذى والوضوء فقط ,

وبذلك يكون العبد أهلا لدخول المسجد والمكث فيه , والوقوف بين يدى ربه سبحانه وتعالى فى الصلاة , وبغير ذلك لاتصح العبادة حتى تتطهروا , ثم ينتقل حديث القرآن إلى ما منه الله علينا من نعمة التيسير ودرء المشقة ورفع الحرج عن جماعة المسلمين , وهو عند فقد الماء أو عدم القدرة على إستعماله بسبب المرض , أو حال السفر وهو مظنة للمشقة كالمرض , فإذا تلبس العبد بالجنابة أو أتى البول أو الغائط فقد أباح الله تعالى له التيمم بقصد الصعيد الطاهر وذلك بمسح الوجه واليدين منه بضربة واحدة وقيل ضربتين والأول أصح , ومن رحمته سبحانه أنه قد عفا عنكم وغفر لكم ,