من وصايا الرسول صل الله عليه وسلم .

من وصايا الرسول صل الله عليه وسلم :

من حديث أبى ذر جندب بن جنادة , وأبى عبد الرحمن معاذ بن جبل رضى الله عنهما : عن رسول الله صل الله عليه وسلم :" اتق الله حيثما كنت , وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن " رواه الترمذى .
كان رسول الله صل الله عليه وسلم ـ يحرص على تربية أصحابه على الإيمان الصادق والخلق الكريم , الذى يتمثل فى حسن علاقة المسلم بربه ونفسه والناس أجمعين , وفى هذه الوصية دعوة للتمسك بتقوى الله عز وجل التى من سار على نهجها سعد فى الدنيا والآخرة , وأى شئ أعظم من تقوى الله عز وجل وصدق من قال : ولست أرى السعادة جمع مال ـ ولكن التقى هو السعيد .
والتقوى هى وصية الله تعالى للأولين والآخرين قال تعالى :" ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله " سورة النساء 131 ـ

والتقوى معناها أن يجعل العبد بينه وبين الله وقاية من غضبه وعقابه , ويؤدى الطاعات ويجتنب المعاصى , والعبد مهما كان ملازما لتقوى الله تعالى , فقد يعتريه فى بعض الأحيان لمم الذنوب , ويقصر فى بعض الطاعات , فالإنسان عرضة بحكم كونه بشراً للوقوع فى الخطأ مهما كان على درجة من التقى والعفاف , وفى هذا الحديث علاج لهذا الجانب وتهذيب لهذا الخلل عند الإنسان , ولهذا يقول النبى صل الله عليه وسلم فى الحديث الذى معنا :" وأتبع السيئة الحسنة تمحها " وفى هذا طريق لعلاج ضعف النفس عندما يقع الإنسان فى الخطأ , ويؤكد هذا المعنى قوله تعالى :" وأقم الصلاة طرفى النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات " سورة هود 114 ـ

ومما يدل على أن الحسنات تمحو السيئات ما قاله النبى صل الله عليه وسلم فى الحديث من فضل الصلاة وحكمة تكررها فى اليوم خمس مرات , فى أنها تطهر ما علق بالعبد من خطايا وتغسله من ذلك كما يغسل البدن بالماء من حديث أبى هريرة رضى الله عنه أنه صل الله عليه وسلم قال :" أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شئ , قال " فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا " ثم تتجه الوصية بعد ذلك إلى معاملة الناس فيقول صل الله عليه وسلم :" وخالق الناس بخلق حسن " لأن فى الخلق الحسن معيار الإيمان الصادق وثمرة العبادة الخالصة , كما قال صل الله عليه وسلم :" أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا "

ويبين الرسول صل الله عليه وسلم أهمية حسن الخلق ومكانة المسلم المتمسك بالأخلاق الفاضلة , وأنها تنفع صاحبها يوم القيامة وتكون أثقل فى ميزانه , وينال بها درجة الصائم القائم كما فى حديث أبى الدرداء رضى الله عنه أنه صل الله عليه وسلم قال :" ما من شئ أثقل فى ميزان العبد من حسن الخلق , وغن صاحب الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة "

" ولا يقتصر الرسول صل الله عليه وسلم على الدعوة إلى مكارم الأخلاق , ومردودها على الإنسان فى معاملته لنفسه فقط , بل إنه صل الله عليه وسلم ـ يدعوا إلى الحرص على الأخلاق الكريمة كمنهج حياة فى معاملة الناس جميعا , وإن لم يعملوا بها معه لأن من أنبل الصفات وأسماها وأحبها إلى الله , أن يصل المسلم من قطعه , ويعطى من حرمه , ويعفو عمن ظلمه كما فى الحديث الذى رواه الطبرانى من حديث على رضى الله عنه يقول النبى صل الله عليه وسلم ـ :" ألا أدلكم على أكرم أخلاق أهل الدنيا والآخرة ؟ أن تصل من قطعك , وتعطى من حرمك , وتعفو عمن ظلمك " موقع من فقه الإسلام للشيخ سامى . ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من هدى الإسلام :


" الصدقة زيادة فى المال , وعفو القادة عزة , وتواضع المسلم رفعة "
من حديث أبى هريرة رضى الله عنه ـ عن النبى صل الله عليه وسلم ـ قال :" ما نَقصت صدقة من مال , وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزاً , وما تواضع أحد لله إلا رفعه " رواه مسلم
معانى الكلمات : الصدقة ـ هى ما يخرجه الإنسان من ماله على وجه القربة كالزكاة , والصدقة فى الأصل إنما تكون للمتطوع به وهو المستحب , والزكاة تكون فى الواجب على المسلم اخراجه .
والعز ـ هو القوة والمنعه ـ رفعه الله ـ أعلى قدره ومنزلته .

الشرح والإيضاح :

اتفق العلماء على أن العمل الصالح فى الإسلام جزء لايتجزء عن الإيمان الكامل , وأن الإيمان أصل وشعب أعلاها قول لاإله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق " وقد جاء هذا الحديث لنا بجملة من خصال الخير والبر , وبين لنا أن التصدق والتسامح , والتواضع من أجل القربات وأفضل الأعمال , التى ينبغى على المسلم أن يتحلى بها , وبذلك يسعد المجتمع الإنسانى ويسوده الأمن والأمان , وعن معنى الصدقة : هى دليل الصدق وبرهان الإيمان كما فى الحديث :" والصدقة برهان " ومنعها والبخل بها من علامة المكذبين بيوم الدين قال تعالى :" فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى , وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى " سورة الليل وقال فى شأن الكافرين الذين يمنعون حق الله بقولهم :" وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله قال الذين كفروا للذين أمنوا أنطعم من لويشاء الله أطعمه " سورة يسن

والصدقة تكون ببذل المال , وانفاقه فى وجوه الخير وأعمال البر , وليس من الصدقة مايعطى للمتسولين ومن يسألون الناس إلحافا , ومن فوائد الصدقة سواء كانت زكاة مفروضة أو صدقة تطوع , فيها تطهير للنفس من البخل والشح وهذا هو شر مافى الإنسان , ولذلك وجب عليه أن يُعود نفسه على العطاء والبذل وحب السخاء , فلسخى قريب من الله , وقريب من الناس , والعكس البخيل بعيد عن الله بعيد عن الناس , ومن ثم كان التمسك بالطاعات وملازمة الأعمال الصالحة , توصل العبد لمرضات الله والفوز بثوابه ونيل رحمته قال تعالى :" خذ من أموالهم صدقة تطهرهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم " سورة التوبة .

إن مد يد العون للفقراء والمحتاجين , واقراضهم من مال الله بما يحفظ عليهم ماء وجوههم ويقيهم شر التسول ومد اليد , أو إقامة دار لعلاج المرضى , أو لإيواء العجزة والبائسين , أو تقدمها لأى مشروع نافع للمجتمع من بناء مسجد أو مدرسة وغير ذلك , وهذه الأمور الأخيرة التى ذكرناها يُقدم عليها أولا حق الفقراء والأرامل والمساكين والمحتاجين , لأن بناء المؤسسات الخيرية والمستشفيات وغيرها كالمساجد والمدارس هو حق على الدولة أولا أن تقوم به فإن لم يفعلوا وجب على أغنياء المسلمين صدقة واجبة من غير الزكاة , وصدقة التطوع مشاركة فى خدمة مجتمعهم ووطنهم ففى المال " حق على الأغنياء من سوى الزكاة " ولهذا وعد الله تعالى بالمضاعفة للمنفقين فى وجوه البر والخير قال تعالى :" مثل الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم " سورة البقرة .

وليعلم المنفق أن الصدقة لاتنقص المال , وإنما تكون سببا فى نمائه وزيادته كما فى الحديث عنه صل الله عليه وسلم :" دووا مرضاكم بالصدقة , وحصنوا أموالكم بالزكاة " ذلك لأن المتصدق أطاع أمر ربه , فاستحق أن يبارك الله له فى ماله , وييسر له وسائل الكسب , ويفتح أمامه أبواب الرزق , قال تعالى :" وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه وهو خير الرازقين " وإذا كان الشيطان يقف فى طريق المتصدقين فيعدهم بالفقر , ويأمرهم بالبخل فإن الله تعالى يعدهم بزيادة المال ومضاعفة الأجر والثواب قال تعالى :" الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا " سورة البقرة ـ وأما من بخل واستغنى , وجمع المال واكتنزه , وغره بريقه وكثرته فهو عبد لهذا المال , ويعيش تعيسا عمره منهوما لايشبع , محروما لاينفق , والله سبحانه وتعالى لاينمى هذا المال وإن كثر , بل يمحق له بركته ويكون عليه وبال فى الآخرة , وحسبه صاحبه كذلك بغض الله تعالى وبغض الناس والعذاب الأليم فى الآخرة .

كما يحث الحديث على التعقل وضبط النفس , وعدم التهور والإندفاع إلى الشر , ويتمثل ذلك فى العفو عند المقدرة , فإن أقدر الناس على العفو أقدرهم على العقوبة
والعفو فى الإسلام مظهر من مظاهر العظمة والقوة , وليس علامة على الضعف والخوف كما يظن البعض , فعندما يعفو الإنسان عمن أساء إليه , ولم ينتقم ممن وقع فى قبضة يده , فأنت بذلك تكون كريم النفس , وبعفوك هذا تكون قد ملكت قلب من أساء إليك قال تعالى :" ولا تستوى الحسنة ولا السيئة فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم " ومن كان كذلك زاده الله تعالى عزا وقوة ومنعة , والعز فى طاعة الله , ويكثر بذلك أعوانه ومحبوه , وأما من تأخذه العزة بالإثم , وتسيطر عليه رغبة الإنتقام أو الأخذ بالثأر
, اظهاراً لجبروتهم وتشفيا لأضغانهم وما تمتلئ به قلوبهم من أحقاد , فإنهم أذلاء ضعفاء , تذهب ريحهم وسرعان ما تتلاشى قوتهم ويسقط جبروتهم , وينفض الناس من حولهم , ويعيشون فى ذعر , مطرودين من رحمة الله والناس .

كما يحث الحديث على اعمال الفكر , وطاعة الله , والأخذ بتعاليم الإسلام السمحة
ومن هذه الأخلاق خلق التواضع للناس , فإن ذلك عنوان على رجاحة العقل والنظر البعيد , وليس التواضع دليل الضعة والمهانة والضعف كما يُتوهم كثير من الناس , وكفى بالمتواضع شرفا ونبلا أنه قريب من قلوب الناس محبوب إليهم , وبذلك تسمو منزلته , ويرتفع بين الناس قدره .
وأما من تكبر وتجبر وترفع على الناس , بفضل جاه أو مال , أو حسب أو نسب , فلن يظفر بإحترام أحد أبدا , بل سيجر عليه كبره بغض الناس له , ونفورهم منه , وبذلك تسقط منزلته , ويهون على الناس أمره ؛ . . موقع من فقه الاسلام ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من الأخلاق المذمومة ـ اتهام الناس بما ليس فيهم :

قال تعالى :" وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم " سورة النور الأية 15ـ
وفى هذه الآية الكريمة تحذير من العواقب الوخيمة لهؤلاء الذين يتتبعون عورات الناس , ويسترقون السمع لأسرارهم , ثم يشيعون عنهم قالة السوء , أو يدينونهم قبل أن يحكم القضاء لهم أو عليهم , مع أن القاعدة الشرعية تثبت أن " المتهم برئ حتى تثبت إداننه " , وهؤلاء الباغون لايريدون بذلك إلا الإثارة الإعلامية , أو الحصول على الثراء المادى , ولو كان ذلك على حساب وأشلاء مكانة الأخيار والبراء , وهؤلاء المذمومون خُلقيا , والمرضى نفسيا لايقبلون لأنفسهم , أن يتحدث الناس عنهم بما أباحوا , أن يتحدثوا أو يحدثوا غيرهم بما رأوا من أولئك البراء ,

, والإسلام يقول ليس من المنطق الإنسانى , ولا من منهج القرآن أن يعامل الإنسان غيره بما لايحب أن يعامله هذا الغير , والرسول صل الله عليه وسلم يبين لنا فى الحديث أن إيمان الإنسان موقوف , أو ناقص , أو مرفوع فوقه حتى يتوب , يحب للناس ما يحب لنفسه كما قال صل الله عليه وسلم :" لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " من حديث أبى هريرة رضى الله عنه ورواه البخارى ومسلم وفى رواية لمسلم " حتى يحب لجاره أو لأخيه "

وفى رواية الإمام أحمد عنه صل الله عليه وسلم ـ :" لايبلغ العبد حقيقة الإيمان حتى يُحب للناس ما يُحب لنفسه من الخير " ولهذا خاطبهم الرسول صل الله عليه وسلم أشد خطاب كشف فيه عن سوء طويتهم , وكذب دعواهم الإيمان حيث قال :" يا معشر من أمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم
, فإن من اتبع عوراتهم , يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه فى بيته " رواه أبو داود باسناد حسن صحيح . ". موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

تفريج الكرب :

إن من شأن المسلم مع غيره من الناس أن يستر عليهم , وأن يفرج عنهم همومهم , وأن يساندهم عند الشدائد , وليعلم أن الجزاء من جنس العمل فجزاء التفريج التفريج , وجزاء التنفيس التنفيس وفى هذا يقول الرسول صل الله عليه وسلم :" من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة , ومن ستر على مسلم ستره الله فى الدنيا والآخرة " رواه مسلم فى صحيحه وقد نهى الإسلام عن الخوض فى الأعراض فقال تعالى :" لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين " سورة النور الأية 12 ـ

وشأن المسلم أن لا يتحدث عن أخيه إلا بالخير وألا يظن به إلا خيرا وفى ذلك قول سيدنا عمر رضى الله عنه :" لا تظن بكلمة خرجت من فم أخيك شراً وأنت تجد لها فى الخير محملا " وحين رأى سيدنا عيسى عليه السلام ـ الناس يقذفون إمرأة وقعت فى خطأ بالحجارة " لم تصل عقوبته إلى مارأى فقال لأصحابه :" من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر , فلم يرمها منهم أحد . ". موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

حرمات لاحقوق :

إن الإسلام يؤكد على ضرورة مراعاة حرمات الناس , وحياتهم الخاصة فأعراض الناس وحرماتهم لاينبغى لأحد , أن يمسها أويقترب منها إلا بما هو مشروع , حتى ما يحدث بين الناس بعضهم البعض من منازعات وخصومات , وضع لها الشرع ضوابط ومعايير لايجوز تعديها بأى حال من الأحوال وفى ذلك قول النبى صل الله عليه وسلم :" البينة على من ادعى واليمين على من أنكر " ويقول صل الله عليه وسلم :" أفرى الفرى أن يريا الرجل عيناه ما لم تريا " أى يشهد على ما لم يرى ويُدعى لشهادة لم يعلمها لأى غرض من أعراض الدنيا الزائلة , ولهذا يتشدد القرآن الكريم عند الشهادة على اثبات حق أو إبطاله ويأمر الله تعالى بهذه الشهادة فى قوله تعالى :" ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه أثم قلبه " سورة البقرة الأية 283 ـ

كما يجب على من يؤدى الشهادة أن تكون بشكل واضح لقول النبى صل الله عليه وسلم :" هل ترى الشمس ؟ قال نعم , قال : على مثلها فاشهد " وحتى لايكون فى اثبات الحق أى شبهة , بل متى وجدت الشبهات فإنه يقدم جانب العفو على جانب الحد كما فى الحديث عنه صل الله عليه وسلم :" إدرءوا الحدود بالشبهات فإن الإمام أن يخطئ فى العفو خير من أن يخطئ فى العقوبة " ويقول كذلك عمر بن الخطاب رضى الله عنه :" لأن أخطئ فى العفو خير من أخطئ فى العقوبة " , فالشهادة يجب أن تكون على فعل واضح وضوح الشمس لا لبس فيه خشية اتهام برئ لاذنب له , وبذلك يكون توجيه الإتهام دون سند أو قرينة يكون بذلك قذف يستحق صاحبه حد الجلد مع وصفه بالفسوق .

سوء الظن أكذب الحديث :

ويأتى تحذير الرسول صل الله عليه وسلم ـ مؤكدا من عدم انتهاك حرمات المسلم وفى ذلك قوله صل الله عليه وسلم :" كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه " ومن ثم لايجوز لأحد كائنا من كان , أن يخوض فى عرض غيره أو يُفشى أسراره أو يتهمه بشئ قد يكون فيه أو لايكون , وهذا من الكبائر التى حرمها الله ونهى عن ارتكابها , حتى نهى الإسلام عن مجرد سوء الظن فى إنسان مسلم ,
فقد جعل الإسلام لذلك عقوبة مشددة لكبح جماح المتطاولين قال تعالى :" يا أيها الذين أمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم " سورة الحجرات الأية 12 ـ وفى الحديث عنه صل الله عليه وسلم :" إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث , ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا "

كما نهى الإسلام عن التجسس وتتبع عورات الناس فقال تعالى :" لا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم " سورة الحجرات الآية 12 ـ والقاعدة الكلية العامة فى مجال التعامل بين الناس كما قال صل الله عليه وسلم :" لا ضرر ولا ضرار " ولقد وضع الإسلام مبادئ سامية , فوق ما تعرفه الإنسانية من مبادئ وقيم , من أجل الحفاظ على سلامة المجتمع واستقراره , وليعلم الإنسان أنه محاسب أمام الله على كل ما يعمل من قول أو فعل قال تعالى :" ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شئ أحصيناه فى كتاب مبين " سورة يس الأية 12 ـ فكل ما يلفظ به لسان الإنسان محاسب عليه قال تعالى :" ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد " سورة ق الأية 18 ـ

ولحرص الإسلام على سمعة الناس قدر أمانة الكلمة وأثرها فى النفوس , وأعلى من شأن الكلمة الطيبة حتى بلغت عنان السماء , وحط من شأن الكلمة الخبيثة لما لها من أثر سئ على النفوس قال تعالى :" ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها فى السماء " سورة إبراهيم الأية 24 ـ إلى قوله تعالى :" ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة إجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار " سورة إبراهيم الأية 26 ـ وقوله تعالى :" وقولوا للناس حسنا " سورة البقرة الأية 83 ـ فالكلمة الطيبة ترفع بصاحبها إلى مقام أمين حيث رضا الرحمن الرحيم , والكلمة الخبيثة تهوى بصاحبها إلى أسفل سافلين إلى سخط الله وغضبه حيث تهوى به فى النار ,

, ولذلك حرم الله تعالى الغيبة والنميمة , وهى ذكر مساوئ الآخرين وإذاعتها دون وجه حق ولهذا عرف الرسول صل الله عليه وسلم الغيبة هى ذكرك أخاك بما يكره قال إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته , وإن لم يكن فيه فقد بهته " وقال صل الله عليه وسلم عن النميمة :" لايدخل الجنة نمام " وقد قيل عمل النمام أضر من عمل الشيطان " لأن عمل النمام بالمواجهة وعمل الشيطان بالوسوسة , يقول تعالى :" إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة فى الذين أمنوا لهم عذاب أليم فى الدنيا والآخرة " سورة النور الأية 19 ـ

ـ  ولنا فى رسول الله أسوة حسنة الذى كان يعبر عن غضبه واستيائه , إذا أراد أن يتناول أحدا قد ارتكب جرما أو ذنبا فى سلوك شخص معين أن يقول :" ما بال أقوام يفعلون كذا أو كذا " من غير تعرض لذكر صاحب القول أو الفعل , حرصا من على ستره وعدم التشهير به , ولهذا يجب على الإنسان إذا أراد أن يذيع شيئا أو يتناول قضية ما بالكتابة أن يتثبت حتى لايشيع الفاحشة فى المجتمع وبذلك تكثر المفاسد والشرور قال تعالى :" يا أيها الذين أمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين " سورة الحجرات الأية 6 ـ ومن أراد الزيادة فلينظر تفسير سورة الحجرات على منتدى المساواة وحقوق الإنسان . موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

لاتدعوا على أنفسكم :

الدعاء عبادة تقوم على سؤال العبد ربَّه والطلب منه وحده ، والدعاء مخ العبادة وهو من أفضل العبادات التي يحبها الله تعالى  والتى لايجوز للعبد أن يصرفها إلى غيرالله عز وجل  , وقد جعل الدعاء لدفع الشر والمكروه وجلب الخير ولهذا حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم- من الدعاء على النفس أو الأولاد بالشر والهلاك  ، إذ يكون في لحظة يستجيب الله فيها الدعاء ، وذلك لما رواه جابررضي الله – أن رسول الله صل الله عليه وسلم- قال : "لا تدعوا على أنفسكم ، ولا تدعوا على أولادكم ، ولا تدعوا على أموالكم ، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء ، فيستجيب لكم". إن الإنسان عجول بطبعه ، كفور في أكثر أحواله ، كثير الجدل حتى مع نفسه ، ويسيطر عليه الغضب  لأتفه الأسباب ، ويثور على من يغضبه حتى لو لكان من يحبه  وينسى ما فعله به من صنائع المعروف ، وما يُخفيه له من الإحترام والحب فيسبّه ويشتمه ويدعوا عليه بالويل والثبور والهلاك وعظائم الأمور. .