من وصايا الإسلام حرصه على معاملة الجار بالإحسان إليه

الإسلام يوصى بالجار ويدعو للإحسان إليه :

_ الإنسان مدنى بطبعه , ولا يمكن له بحال أن يستغنى عن غيره , ولهذا جاءت الشرائع السماوية والتعليم الإلهية , ئؤكد على ذلك وخاصة الدين الإسلامى فقد حث على الإهتمام بالآخرين وحسن معاملتهم , وخاصة الجار حيث يوصى بالإحسان إليه , حيث قال صل الله عليه وسلم :" ما زال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه " وقال صل الله عليه وسلم :" والله لايؤمن والله لايؤمن قلنا من يارسول الله ؟ قال من لايؤمن جاره بوائقه " يعنى غشمه وظلمه " وقال صل الله عليه وسلم :" خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه , وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره "

فهذا هو ميزان التفاضل بين الجيران بعضهم بعضا , فالإحسان إلى الجار يجلب المحبة والمودة , وأن يتحمل كل منهما للآخر فى مايقع منه , من هفوات وزلات لكن الواقع اليوم يعطى صورة مغيرة لما يدعوا إليه الإسلام , فأغلب الجيران وللأسف يختلفون لأتفه الأسباب , وذلك من أجل منافع دنيوية , وتصرفات شخصية مبعثها الإنتقام وقصد الأذى , وقد يحدث بعض الخلافات بين الجيران والأهالى , بسبب أن طفلا ضرب غيره من أطفال الجيران , حتى ذهبت المروءة والحياء , والإسلام يدعوا إلى الصبر وتحمل الآخر , فعلى كل منا إذا أراد السعادة فى الدنيا والآخرة , أن يكف أذاه ويحفظ لسانه عن كل ما يسبب أذى لغيره , وخاصة الجيران واعلم أن أمور الدنيا المعاملة فيها كما تدين تدان , عند من لم يتمسك بما أمر الله , فأحسن إلى جارك تكن مسلما , واصبر على أذاه تكن محسنا قال تعالى :" يا أيها الذين أمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون " سورة آله عمران الآية 200_ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

حسن الجوار من مكارم الأخلاق :

_ حثنا الإسلام على مكارم الأخلاق وأن نعامل الناس بالحلم , وكف الأذى عنهم ومن ذلك الإحسان إلى الجار فقد قال صل الله عليه وسلم :" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره " متفق عليه والحديث الشريف يبين لنا أن من علامات الإيمان وكمال شعبه الواجبة أن يحسن المسلم جواره أخيه , وذلك بالبشر , وطلاقة الوجه , وكف الأذى , وبذل المعروف , وتحمل الجفا وغير ذلك من حسن العشرة , وكمال المروءة , وكان من دعاء سيدنا دواد عليه وعلى نبينا محمد اصلاة والتسليم :" اللهم إنى أسألك أربع وأعوذ بك من أربع , أسألك لسانا ذاكراً , وقلبا خاشعا , وبدنا صابرأً , وزوجة تعيننى فى دنياى وآخرتى , وأعوذ بك من ولد يكون على سيداً , ومن إمرأة تشيبنى قبل وقت المشيب , ومن مال يكون نعيما لغيرى ووبال على , ومن جار سوء إن رأى منى حسنة كتمها , وإن رأى سيئة أفشاها " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

فى حسن الجوار :

_ كان لأبى حنيفة رحمه الله تعالى _ جار اسكافى بالكوفة يعمل نهاره كله , فإذا جن الليل رجع إلى منزله بلحم وسمك , وخمر فيطبخ اللحم ويشوى السمك ويأكل ويشرب , فإذا دب فيه السكر أنشد , أضاعونى وأى فتى أضاعوا _ ليوم كريهة وسداد ثغر _ ثم لايزال يهذى ويردد البيت ويصيح إلى أن يغلبه السكر وينام , وكان الإمام أبو حنيفة يقوم الليل كله فى عبادة ربه , ويسمع صياح الرجل وإنشاده , ففقد صوته فى بعض الليالى فسأل عنه فقيل أخذه العَسَسُ " رجال الشرطة " منذ ثلاثة أيام وهو محبوس فى سجن الأمير , فصلى الإمام الفجر وركب بغلته وسا إلى أن يستأذن على الأمير فقال : ائذنوا له وأقبلوا به راكبا حتى يطأ بساطى هذا بحافر بغلته , فلما دخل أجلسه الأمير مكانه وقال : ما حاجة الإمام ؟ فقال له : لى جار إسكاف أخذه العَسَسُ منذ ثلاثة أيام فنأمر بإطلاقه , فقال : نعم : وكل من أخذه من تلك اللية إلى يومنا هذا إكراما لجار الإمام , ثم أمر بتخليته وتخليتهم أجمعين , فركب الإمام وتبعه جاره الإسكافى , فلما وصل إلى داره قال له الإمام : أترانا قد أضعناك ؟ فقال : لا بل حفظت ورعيت , جازاك الله خيرأً عن حسن الجوار ورعايته , والله لا أشرب بعدها خمراً فتاب من يومه ولم يعد إلى ماكان عليه " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

حق الجار على الجار :

_ أن يبتدئ جاره بالسلام , ولا يطيل معه الكلام , ولايكثر عليه السؤال
يعوده فى مرضه , ويعزيه عند مصيبته , ويهنئه عند فرحه , ويتلطف
لولده , ويصفح عن زلته , ويعاتبه برفق عند هفوته , ويغض عن حرمته
ويعينه عند استغاثته , ولا يديم النظر إلى خادمته " إحياء علوم الدين "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

أكثر الجيران حقوقا :

بين لنا الإسلام أن الجيران ليسوا سواء عند أداء حقوقهم , فهناك من الجيران من له ثلاثة حقوق وهو أفضل الجيران , ومنهم من له حقان , وجار له حق واحد وهو أدنى الجيران حقا , فأما الجار الذى له ثلاثة حقوق فجار مسلم ذو رحم , له حق الجوار وحق الإسلام وحق الرحم , وأما الجار الذى له حقان , فجار مسلم له حق الجوار وحق الإسلام , وأما الجار الذى له حق واحد , فجار مشرك لارحم له , وله حق الجوار فقط ". موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من حقوق الجار :

معنى الجارُ لغةً :

الجارُ - جارُ :هو لفظ ذو دلالات شتى نتطرق اليها فيما يلي :
الجارُ : المُجاور في المسكن. وفي المثل : " قد يُؤْخَذُ الجارُ بذنب الجار ". جمع ، جيران وجيرة وجواروأجوار
و الجارُ الشَّريك في العَقَار أَو التِّجارة .
و الجارُ المُجيرُ .و المستجير . و المُجار. و الجارُ الزَّوج. أو الزوجة .المعجم الوسيط

صور الجوار :

وقد تُصور من الجار معنى القرب ، فقيل لمن يقرب من غيره: جاره وجاوره وتجاور معه.ثم إن جمع جار جيران، والاسم هو الجوار، ويقال للمشارك في العقار والمقاسم: جار أيضاً.

الجار في السكن .
يظن بعض الناس أن الجار هو فقط من جاوره في السكن ، ولا ريب أن هذه الصورة هي واحدة من أعظم صور الجوار، لكن لا شك أن هناك صورًا أخرى تدخل في مفهوم الجوار.
الجار في العمل .

من حقوق الجوار فى الاسلام :

الوصية بحسن الجوار من أهمّ الأمور التي حثّ عليها الإسلام , ولقد جعل الإسلام من الواجبات والحقوق التي تبين محبة الجيران لبعضهم البعض , وقد قيل " الجار للجار حتى ولو جار " فالجار هو من يساعدك عندما تحتاج إلى العون ، وهو من يُسعفك عند مرضك , والله سبحانه تعالى ذكر الإحسان إلى الجار بعد ذكر عبادته وحده لاشريك له ، وبعد ذكر حقوق الوالدين وذي القربى واليتامى والمساكين ، مما يدل على عظم هذه الحقوق وتأكيدها ، قال تعالى : " يقول الله تعالى: " واعبدوا الله ولا تُشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربي واليتامى والمساكين والجار ذي القربي والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا " سورة النساء الآية 36 ـ

قال ابن عباس رضي الله عنه: " وَالْجارِ ذِي القربي " يعني الذي بينك وبينه قرابة. "َالْجَارِ الْجُنُبِ" الذي ليس بينك وبينه قرابة.والنبي صل الله عليه وسلم أوصى بالجار، وبين أن ذلك إنما هو بأمر الله عز وجل فقال صل الله عليه وسلم: " ما زال جبريل يوصيني بالجار، حتى ظننت أنه سيورثه " متفق عليه. أي: حتى ظننت أنه سيجعل له نصيباً من الميراث ويدخله في جملة الورثة , وذلك لعظم حقه , وقال النبي صل الله عليه وسلم: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليحسن إلى جاره " متفق عليه. لهذا نهض أصحاب محمد صل الله عليه وسلم ـ وسلفنا الصالح بتلك الرسالة مطبقين تعاليمها عمليا فيما بينهم وبين خالقهم وفازوا بسعادة العاجل والآجل ، بل إن في التزام أولئك النفر بتطبيق معايير الإسلام وتعاليمه عليهم وعلى غيرهم ما يدعو إلى الاعتبار والانبهار، ومن تلك القواعد التي أرستها الشريعة الإسلامية في التعامل ما بين الناس حقوق الجار.

حد الجوار :

الجار هو القريب منك في المنزل والمسكن والجوار، لغة هو المجاورلك ، وله حقوق عظيمة يجب القيام بها ، بحسب موقعهم من الدار، قال الإمام الشوكاني: روى القرطبي أن رجلا أتى النبي صل الله عليه وسلم ـ فجعل يشكو جاره، فأمر النبي ـ صل الله عليه وسلم ـ أن ينادي على باب المسجد " ألا إن أربعين دارا جارا ".
وقال الزهري : أربعون هكذا ، وأربعون هكذ ا ، وأربعون هكذا ، وأومأ إلى أربع جهات. وقد جعل النبي صل الله عليه وسلم ـ هذا النداء جوابا على شكوى الرجل لأن فيه إيذانا بخطورة حرمة الحوار حتى أنها لتمتد إلى أربعين دارا ، ومن يكلف بمراعاة حق أربعين لا ينبغي له أن يضيق ذرعا بحق واحد ، وهذا النوع من الزجر من أبلغ أساليب التأديب التي لا تؤثر إلا عن النبي صل الله عليه وسلم ـ.

فالجار يطلق على كل من تلاصق داره دارك ، وعلى غير الملاصق إلى أربعين دارا ، وقد سئل الحسن البصري رحمه الله تعالى : عن الجار فقال: " أربعين دارا أمامه وأربعين خلفه وأربعين عن يمينه وأربعين عن يساره" رواه البخاري في الأدب المفرد. وروي عن علي رضي الله عنه أن من سمع النداء فهو جار.وقيل: إن من صلى معك صلاة الصبح في المسجد فهو جار.وقد جعل الله عز وجل الاجتماع في المدينة جواراً، قال تعالى " لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يُجاورنك إلا قليلا " سورة الأحزاب الأية 60 ـ مما يدل على أن حد الجوار أكبر من ذلك.

من حقوق الجار :

حق الجار في القرآن الكريم:

ولأهمية حقوق الجوار في الشريعة الإسلامية وفي بناء النظام فى المجتمع الإسلامي فقد اهتم الكتاب العزيز بحق الجيرة والجيران ونبه المسلمين إليها بل شدد في ذلك مؤكدا على حقوق جميع الجيران دون استثناء أيا كان منزلة هذا الجار ودينه وجنسه ولونه . قال تعالى : " وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى المساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل" سورةالنساء الأية 36 ـ

حق الجار في السنة :

ولقد عنيت السنة النبوية الشريفة عناية خاصة لحق الجار وبينت ما يجب تجاهه من حقوق ينبغي مراعاتها ، وإن كانت من الحقوق العامة للمسلمين بعضهم على بعض ، إلا أنها تتأكد في حق الجيران ، لما لها من آثار طيبة في إشاعة روح الألفة والمودة.
ولا شك أن الجار له حقوق كثيرة نشير إلى بعضها ، فمن أهم هذه الحقوق:
كالإحسان إليه ، وكف الأذى عنه ، وتفقده ، وإعانته في حاجته وعيادته إن مرض ، قال صل الله عليه وسلم فيما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي شريح الخزاعي رضي الله عنه : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره" . وهذا الحقوق من أعظم حقوق الجيران ، وكف الأذى وإن كان حرامًا بصفة عامة فإن حرمته تشتد إذا كان متوجهًا إلى الجار، فقد حذر النبي صل الله عليه وسلم ـ من أذية الجار أشد التحذير، وتنوعت أساليبه في ذلك وفي الصحيحين عن أبي هريرة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي صل الله عليه وسلم ـ قال: " والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، قيل يا رسول الله من؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه " والبوائق هي الشرور والآثام والإيذاء .

وفي رواية للإمام مسلم : " لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه " . وأخرج الإمام أحمد في مسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رجل يا رسول الله صل الله عليه وسلم ـ إن فلانة تذكر من كثرة صلاتها وصدقتها وصيامها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها. قال : هي في النار"، وقال: إن فلانة تذكر من قلة صيامها، وصلاتها ، وإنها تتصدق بالأثوار من الأقط ، ولا تؤذي جيرانها ، قال: "هي في الجنة". عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم ـ من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليكرم ضيفه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت .

. وفي مسند الإمام أحمد رحمه الله عن أبي ذر رضى الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: " إن الله عز وجل يحب ثلاثة ، ويبغض ثلاثة" ، وذكر في الثلاثة الذين يحبهم: "رجل كان له جار سوء يؤذيه فيصبر على أذاه حتى يكفيه الله إياه بحياة أو موت". وانظر كيف حض النبي صل الله عليه وسلم ـ على الإحسان إلى الجار وإكرامه: "ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره". وعند مسلم: "فليحسن إلى جاره". بل وصل الأمر إلى درجة جعل فيها الشرع محبة الخير للجيران من الإيمان، قال :" صل الله عليه وسلم "والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره ما يحب لنفسه".".وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم ـ " من يأخذ عني هؤلاء الكلمات فيعمل بهن أو يعلِّم من يعمل بهن؟ فقال أ بو هريرة رضي الله عنه : فقلت: أنا يا رسول الله صل الله عليه وسلم ـ فأخذ بيدي فعد خمسًا ، وقال: اتق المحارم تكن أعبد الناس ، وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس ، وأحسن إلى جارك تكن مؤمنًا، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلمًا، ولا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب ". فبين أن الإحسان إلى الجار دليل على صدق الإيمان، وشعبة من شعبه، وسبب من أسباب زيادته وقوته. وقد قال بعض الحكماء: ثلاث إذا كن في الرجل لم يشك في عقله وفضله: إذا حمده جاره وقرابته ورفيقه ,

, وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله :صل الله عليه وسلم ـ "خير الأصحاب عند الله تعالى خيرهم لصاحبه ، وخيرات الجيران عند الله تعالى خيرهم لجاره. فقد ثبت عن صل الله عليه وسلم ـ أنه قال: " ما تقولون في الزنا؟" قالوا: حرام، حرمه الله ورسوله ، قال: " لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر من أن يزني بامرأة جاره، ما تقولون في السرقة ؟" قالوا: حرام ، حرمها الله ورسوله، قال: «لأن يسرق الرجل من عشرة أبيات أيسر من أن يسرق من بيت جاره، ومن أغلق بابه من جاره مخافة على أهله أو ماله فليس الجار بمؤمن". فلماذا كانت السرقة من الجار أشدَّ إثمًا من السرقة من عشرة بيوت؟ وما الذي ضاعف الجرم في تلك الجريمة؟ إنها حرمة الجار .

ومن حديث معاذ بن جبل عليه السلام: " قالوا: يا رسول الله! ما حق الجار على الجار؟ قال: "إن استقرضك أقرضته ، وإن استعانك أعنته ، وإن مرض عدته ، وإن احتاج أعطيته ، وإن افتقر عدت عليه ، وإن أصابه خير هنيته ، وإن أصابته مصيبة عزيته ، وإذا مات اتبعت جنازته ، ولا تستطيل عليه بالبناء فتحجب عنه الريح إلا بإذنه، ولا تؤذيه بريح قدرك إلا أن تغرف له ، وإن اشتريت فاكهة فأهدِ له ، وإن لم تفعل فأدخلها سرًّا ولا تخرج بها ولدك ليغيظ بها ولده." وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله! إن لي جارتين ، فإلى أيهما أهدي؟ قال: " إلى أقربهما منك باباً " ، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "والحكمة في ذلك أن الجار الأقرب يرى ما يدخل بيت جاره من هديةٍ وغيرها، فيتشوف لها، بخلاف الأبعد، وكذلك فإن الأقرب أسرع إجابة لما قد يقع لجاره من المهمات، ولا سيما في أوقات الغفلة. ومن حقوق الجيران إن مات أن يشيعه ، وإن استقرض يقرضه ، وإن أعور ستره ، وإن أصابه خير هنأه ، وإن أصابته مصيبة عزاه ، ولا يرفع البناء فوق بنائه ، فيسد عليه الريح إلا بإذنه.. وإليك تفصيل عن هذه الحقوق ليسهل الوقوف عليها منها:

1ـ أن يسمح الرجل لجاره بغرز خشبه في جداره ، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال: " لايمنع جار جاره أن يغرز خشبه في جداره. ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه : ما لي أراكم عنها معرضين ؟! والله لأرمين بها بين أكتافكم" متفق عليه.وجمهور العلماء حملوه على الندب والاستحباب وبر الجار والتجاوز له والإحسان إليه ، مستدلين بقوله صل الله عليه وسلم: "لايحل مال امرى مسلم إلا عن طيب نفس منه"  أخرجه البيهقي.
2ـ أن يتعاهد جيرانه ويطعمهم من طعامه إن رأوه أو شموا رائحته ويطفئ جوعهم إن علم بذلك وقدر عليه فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال له: " يا أبا ذر إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها ، وتعاهد جيرانك"  رواه مسلم.
وروت عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال لها: " ليس بالمؤمن الذي يبيت شبعان وجاره جائع إلى جنبه"  أخرجه الحاكم.

3ـ أن يقدم الجار الأقرب في الهدية مصداقا لقوله صل الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها لما سألته : «يا رسول الله إن لي جارين ، فإلى أيهما أهدي؟ قال: إلى أقربهما منك بابا" رواه البخاري.والحكمة في ذلك أن الأقرب يرى ما يدخل بيت جاره من هدية وغيرها فيتشوق لها ، بخلاف الأبعد ، كما أن الأقرب أسرع إجابة لما يقع لجاره من المهمات ولا سيما في أوقات الغفلة.كما أنه على المهدى له أن لا يستقله ويحتقره وإن كان قليلاً ولأجل كل ذلك قال صل الله عليه وسلم فيما رواه عنه أبو هريرة رضي الله عنه: " يا نساء المسلمات ، لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة" متفق عليه. : أي لا تحقرن أن تُهدي إلى جارتها شيئًا ، ولو أنها تُهدي لها ما لا ينتفع به.والفرسن: عظم قليل اللحم ، وهو خف البعير كالحافر للدابة. ويكون الإحسان للجار بطرق مختلفة: وهذه الأنواع تختلف باختلاف الجيران والمناسبات وحالة كل جار، وما ينزل به من أحداث الزمان ، كما يختلف باختلاف الشخص من فقر وغنى ، ووجاهة وضعة. ومن هذه الأنواع ما هو فرض عين ، ومنها ما هو فرض كفاية ، ومنها ما يكون مستحبًا. والجامع لهذا كله: أن تحسن إليه بكل ما تقدر عليه من قول وفعل ، وأن ترجو له الخير، وتحب له ما تحب لنفسك ، وتقدم له ما استطعت من معروف أيًا كان نوعه.

1ـ أن يعينه إذا استعان به.
2ـ أن يقرضه إذا استقرضه.
3ـ أن يعوده إذا مرض.
4 ـ أن يهنئه إذا أصابه خير.
5 ـ أن يعزيه إذا أصابته مصيبة.
6ـ أن يتبع جنازته إذا مات.
7 ـ أن لا يستطيل عليه بالبنيان فيحجب عنه الريح إلا بإذنه.
8 ـ إن اشترى فاكهة فليهد له منها.

قال الغزالي: اعلم أنه ليس حق الجوار كف الأذى فقط بل احتمال الأذى ، ولايكفى احتمال الأذى بل لابد من الرفق وإسداء الخير والمعروف.
الجار في شعر العرب . وقد كان العرب يفخرون بصيانتهم أعراض الجيران حتى في الجاهلية ، ومن ذلك:قول عنترة : حتى يواري جارتي مأواها * وأغض طرفي إن بدت لي جارتي وأما في الإسلام فيقول أحدهم: أعمى إذا ما جارتي خرجت * ما ضر جاري إذ أجاوره ألا يكون لبيته ستر حتى يواري جارتي الخدر ومن ذلك أنك إذا صعدت على سطح منزلك ورأيت عورة لجارك فحقُّ الإسلام غض البصر، وحق الجوار عدمُ خيانة جارك ، وهذا الحكم يدخل فيه الصعود إلى السطح أو النظر من النوافذ أو الشرفات أو النظر مما يسمّى بالمنور، ففيه النوافذ المطلة على أخيك المجاور،

فمن الأدب والإسلام أن تستأذن قبل صعودك ، كي لا تؤذي مسلمًا في بيته. أصاب الفتى من هتك جارته خبلُ * لأمرٍ فآذِنْ جـارَ بيتك من قبلُ أن تصعد . ومن جملة حق الجار أن الشركة في السرور معه ، ويصفح عن زلاته ، ولا يطلع من السطح إلى عوراته ، ولا يضايقه في وضع الجذع على جداره ، ولا يضيق طريقه إلى الدار، ولا يتبعه النظر فيما يحمله إلى داره ، ويستر ما ينكشف له من عوراته ، وينعشه من صدعته إذا نابته نائبة ، ولا يغفل عن ملاحظة داره عن غيبته ، ولا يسمع عليه كلامًا ، ويغضّ بصره عن حرمته ، ولا يديم النظر إلى خادمته ، ويتلطف لولده في كلمته ، ويرشده إلى ما يجهله من أمر دينه ودنياه.

مراتب الجيران :

1ـ جار له حق واحد وهو المشرك له حق الجوار.
2ـ وجار له حقان وهو الجار المسلم له حق الجوار وحق الإسلام.
3ـ وجار له ثلاثة حقوق وهو الجار المسلم له رحم له حق الجوار وحق الإسلام وحق القربى. . أمّا عن الجار غير المسلم فله أيضاً من الحقوق ما للجار المسلم من حقوق ما دام لا يعمل على أذيته ، والتخطيط ليكيد له.
وأما من حيث القرب فالجار إما أن يكون قريباً منك وإما بعيدا ً، ملاصقاً أو غير ملاصق ، ورتبة هؤلاء تتفاوت من حيث عدد الحقوق ومدى القرب ، والجار الأقرب يُقَدم على الجار الأبعد، وهو ما استشعره علماء الإسلام ، فهذا الإمام البخاري نجده يبوب في كتابه الأدب المفرد " باب الأدنى فالأدنى من الجيران"،

وذلك تنبيهاً على قدره، ويترتب عليه حسن المعاملة والوقوف بجانبه واجتناب أذيته ، وهذا من شأنه أن يكفل التعايش بين الناس في طمأنينة بسبب استشعار هذا البعد الديني في المعاملات ، وتحقيق الرحمة التي جاء بها الإسلام ، وكان الرسول الكريم صل الله عليه وسلم يسمي نفسه بها ، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : كان رسول الله صل الله عليه وسلم يسمي لنا نفسه أسماء فقال: "أنا محمد وأحمد والمقفى والحاشر ونبي التوبة ونبي الرحمة" رواه مسلم

حقوق الجار غير المسلم :

اعتنت الشريعة الإسلامية الغراء بحقوق غير المسلمين، ومعلوم أن الذين يحظون بكل هذه العناية هم الذين لا يؤذون جماعة المسلمين ، ولا يكيدون لهم كيداً ، ولا يناصبونهم العداء، ولهم ذمة.ولنا في رسول الله صل الله عليه وسلم القدوة الحسنة في حسن تعامله مع جيرانه من غير المسلمين ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: " كان غلام يهودي يخدم النبي صل الله عليه وسلم فمرض ، فأتاه النبي صل الله عليه وسلم يعوده ، فقعد عند رأسه فقال له: أسلم ، فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال له: أطع أبا القاسم صل الله عليه وسلم، فخرج النبي صل الله عليه وسلم وهو يقول: " الحمد لله الذي أنقذه من النار» رواه البخاري.وهذا عبد الله بن عمرورضي الله عنهما – وقد ذبح شاة نجده يقول: " أهديتم لجاري اليهودي ؟ فإني سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول: مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه" رواه أبو داود.فالخلاف في الدين لا يوجب ظلم الناس ، والمحافظة على حقوقهم مع اختلاف العقيدة ماداموا ملتزمين بواجباتهم.