من أدب الحديث فى الإسلام :

أدب الحديث :

حرص الإسلام على تربية أفراده على الأخلاق الكريمة والآداب الرفيعة وحتى تثمر الأخلاق وتؤتى أكلها لابد من حسن التعامل بين الناس فى علاقتهم بعضهم ببعض وحتى تقوم هذه العلاقة على المودة والألفة والإحترام المتبادل والحب الصادق بين المجتمع وأفراده حثنا القرآن الكريم على أدب الحديث إذا تحدثنا مع غيرنا من عدم رفع الصوت ومقاطعة الكلام بالتحدث فيما لايعنى وخصوصا مع الوالدين والمعلمين وكل من هم أكبر منا سنا ومكانة قال تعالى " واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير " سورة لقمان وكذلك من آداب الحديث الحرص على استعمال الألفاظ الرقيقة والمهذبة وأن نبتعد عما يؤذى من الأقوال البذيئة والجارحة عند مخاطبتنا لغيرنا حتى لايندم من تحدث معك ويقول ياليتنى مارأيته أو ذهبت إليه وبذلك ينفر الناس منك ويبتعدون عنك ولهذا يقول النبى صل الله عليه وسلم " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده " وإذا قام المسلم بحق الأدب فى معاملته لغيره بحسن الكلمة وطيب القول صار من المقربين إلى قلوبهم وأعطوه حقه وتمنوا لو لم ينتهى الحديث معه حتى لو كان أصغر منهم أو تكلموا معه فى لقاء أو غيره من غير معرفة سابقة , وإن أى مجتمع يحرص على التمسك بالآداب والمثل والعادات السليمة تقوى بين أفراده الروابط الإجتماعية والعلاقات الإنسانية وتتم المحبة ويعم الخير " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا عدد ما ذكرك الذاكرون وغفل عن ذكرك الغافلون

حفظ اللسان
قال رسول الله صل الله عليه وسلم " لمعاذبن جبل رضى الله تعالى عنه " أمسك عليك لسانك ولا يجرك الغضب إلى التسرع بالنطق فقال معاذ رضى الله تعالى عنه وهل نؤخذ يا رسول الله بولات اللسان ؟ فقال الرسول صلوات الله عليه و آله " ويحك يا معاذ وهل يكب الناس على وجوههم فى النار إلا حصائد ألسنتهم ؟
وفى هذا القبس الشريف والضياء اللامع من أنوار النبوة بيان وترهيب من خطر اللسان على الإنسان إذا أساء وله أثره الحميد إذا أحسن .
وقد كتب رجل لحكيم يقول له : لما تبخل على الناس بالكلام ؟ فقال الحكيم : إن الخالق سبحانه وتعالى قد خلق لك أذنين ولسانا واحدا لتسمع أكثر مما تتكلم به لا لتقول أكثر مما تسمع .
               وقالوا : يموت الفتى من عثرة بلسانه _ وليس يموت المرء من عثرة الرجل
   وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

سوء الأدب

دخل عروة بن مسعود الثقفى على النبى صل الله عليه وسلم " فجعل يحدثه ويشير بيده حتى تمس لحيته _ والمغيرة بن شعبة رضى الله تعالى عنه واقف على رأس رسول الله صل الله عليه وسلم بيده السيف _ فقال له _ اقبض يدك عن لحية رسول الله صل الله عليه وسلم " قبل أن ترجع إليك فقبض عروة يده وعروة هذا هو عظيم القريتين الذى قالت قريش فيه :" لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم " سورة الزخرف 31_ الآية  ولما قدم وفد تميم على النبى صل الله عليه وسلم " ناداه رجل منهم _ من وراء الجدار _ يا محمد , اخرج إلينا فأنزل الله تعالى " إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لايعقلون " سورة الحجرات الآية _4_ وقال تعالى " لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا " سورة النورالآية _63_ ونظر أبو بكر الصديق رضى الله تعالى عنه إلى رجل يبيع ثوبا , فقال له : أتبيع الثوب ؟ قال لا عافاك الله , قال : لقد علمتم , لوتتعلمون قل لا وعافاك الله ,
                        وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ليس الكذاب الذى ينمى خير
الأصل فى الشريعة الإسلامية أن الكذب محرم بكل صوره وفى كل علاقة وعمل وهذه هى القاعدة العامة لكن من فضل الله تعالى علينا أن استثنى هذه القاعدة منها كما فى حيث أم المؤمنين عائشة رضى الله تعالى عنها قالت " لم يصرح رسول الله صل الله عليه وسلم بالكذب إلا فى أمور ثلاثة , فى الحرب فإن الحرب خدعة , وفى الصلح بين المتخاصمين , وبين الرجل وزوجته يقول لها وتقول له " فالجندى الذى أسره العدو فيسألوه عن ثغور المسلمين , والمرأة غير الجميلة وهى كذلك حتى ترضى لابأس بأن توصف بالجمال حتى يرضيها زوجها وهى كذلك مع زوجها
وقد جاءت إمرأة إلى سيدنا عمر تبكى وتقول طلقنى فلان , قال لها ولم ؟ قالت سألنى عن هيئته فقلت إنك أقبح خلق الله فقال عمر ويحك ياأمرأة كيف تقولين هذا ؟
قالت سألنى أفأكذب ؟ قال نعم اكذبى وهذا دليل على جواز الكذب فى حديث الرجل مع زوجته وحديثها كذلك معه " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة(1)

الإباحة لما فيه إصلاح
إن الإسلام دائما يحرص على كيان الأسرة من التصدع والإنهيار وذلك مما يعود على المجتمع بالخير والفلاح والصلاح وليس فى ذلك ما يدعوا بالضرر على أحد من الناس ,قال أبو كاهل رأيت إثنين متخاصمين فسعيت بينهما بالصلح كذبا أى ذهبت إلى هذا فقلت له إن فلانا يذكرك بخير ويود أن يأتى إليك ليصالحك , وذهبت إلى الثانى وقلت له مثل ذلك فالتقيا فتصالحا بسبب كذب أبى كاهل فقلت فى نفسى أصلحت بينهما وأهلكت نفسى وذهبت إلى رسول اله صل اله عليه وسلم وقلت له , هلكت يارسول الله ؟ قال : وما أهلكك؟ قلت فعلت كذا وكذا فقال الرسول صل الله عليه وسلم يا أبا كاهل , أصلح بين الناس قلت يا رسول الله , أفأكذب ؟ قال ياأبا كاهل أصلح بين الناس , وهذه كذبات يراد بها الحفاظ على الأسرة ولا يترتب عليها أى ضرر , وأما إذا كان فى هذا ضرر لطرف دون الآخر فلا يصح الإقدام عليه لأنه ليس هناك ما يدعوا للإصلاح عندما تصلح فى ناحية وتفسد فى أخرى ولأنه بفعل ذلك يكون قد أضاع القصد الطيب الذى يريده الإسلام " صفحة(2)
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

طوبى لمن اشتغل بعيوبه :
إن من أخطر ما يقع فيه الإنسان المسلم فى حياته هو انشغاله بعيوب غيره عن عيوب نفسه , والنفس البشرية جبلت على الأمر بالسوء إلا ما رحم ربى , فلقد خدع الإنسان هواه على حب ذاته ولايرى عيبا لنفسه مهما كثرت هذه العيوب وهو ينشغل بعيوب الآخرين عن عيوب نفسه وقد أخبرنا الرسول صل الله عليه _ أن أعلى مقام فى الجنة لمن انشغل بعيوب نفسه عن عيوب غيره يقول صل الله عليه وسلم " طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس " والذى ينظر فى حياتنا التى نعيشها يجد أن من أسباب انتشار الخومات بين الناس كان بسبب خوض بعضهم فى عيوب بعض وتناقل الحديث عن الآخرين سواء كان كذبا أو صدقا , فلا هو نصح بالحسنى من نقل لكى يصلح عيبه ولكن لامه ووبخه بشدة وعنفه بما حز فى نفسه من غضب عليه فجعل الآخر يرد عليه بخصومة وعناد ولذلك انتشرت العدوات فيما بيننا ولنا فى رسول الله صل الله عليه وسلم _ الأسوة والقدوة , فرغم أن الله تعالى قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ,نجده صل الله عليه وسلم _ يضع نفسه دائما فى مقام متواضع ويتحدث عن نفسه بما يدل على أنه ليس لأحد بعد رسول الله صل الله عليه وسلم أن يتعالى على غيره مهما كانت مكانته وذلك عندما جاء إليه رجل وهو يقول له يا سيدنا ويا ابن سيدنا ويا خيرنا ويا ابن خيرنا فقال للرجل هون عليك نفسك ما أنا إلا ابن إمرأة كانت تأكل القديد بمكة " وهو نوع من الخبز كانوا ينضجونه فى حرارة الشمس " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة (1)

اشتغل بإصلاح عيبك

وهكذا نرى أبهة النبوة التى تتمثل فى سيد ولد آدم لايرى لها أثر فى عينة صل الله عليه وسلم وكيف لا ومن دعائه " اللهم اجعلنى فى عينى صغيرا وفى أعين الناس كبيرا " وهذا تعليم لنا بأن نتواضع ونتهم أنفسنا دون اتهام لغيرنا , كيف ومما أثر عنه صل الله عليه وسلم " إن تغفر اللهم تغفر جما وأى عبد لك ما ألما " كيف والله وحده هو الأعلم بمن اتقى وبالصالح من المفسد وقوله صل الله عليه وسلم " إنه ليغان على قلبى فا ستغفر الله فى اليوم والليلة مائة مرة " فهو يستغفر مع عدم وقوعه فى الذنوب وهذا يعنى أن لا يأمن الإنسان على نفسه وقد كان بعض الصالحين يقول " يرى أحدنا القذة فى عين أخيه ولا يرى القشف فى قفاه " وقال بعضهم " عندما أرى العيب فى غيرى أصلحه فى نفسى " وفى ذلك يقول صل الله عليه وسلم " المؤمن مرآة أخية " وبذلك نرى أن التطفل بعينه هو الإنشغال بعيوب الناس مما يدعوا ذلك إلى التعالى بكل معانيه لأن صاحبه يظن نفسه الأفضل وأنه منزه عن الخطأ مترفع عن كل العيوب وأن الناس دونه فى كل شئ فيتمادى فى عيوبه وأخطائه من غير أن يشعر يقول النبى صل الله عليه وسلم ثلاث مهلكات , شح مطاع , وهوى متبع , واعجاب المرء بنفسه " وهكذا تتفاقم عليه السيئات فيعض على يديه ندما ويشعر بالخزى والخجل ويحاول جاهدا أن ينجوا من تراكم الذنوب يقول النبى صل الله عليه وسلم " كل بنى آدم خطأ وخير الخطائين التوابين" صفحة( 2)
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من حسن الأدب عند الحديث :
ينبغى على المسلم أن يتعلم حسن الأدب عند الإستماع كما يتعلم حسن الأدب عند الكلام
فكلاهما مطلوب , وحتى يعلم الناس أحرص على الإستماع منك على أن تقول : فاحذر أن
تسرع فى القول فيما يجب عنه الرجوع بالفعل , وقد قالوا من حسن الأدب أن تغالب أحد على كلامه
وإذا سئل غيرك فلا تجب عنه , وإن حدث بحديث فلا تنازعه إياه , ولا تقتحم عليه فيه , ولا تُشعره أنك
تعلمه , ومما يقال أن هشاما بن عبد الملك أرسل إلى ملك الروم كتابا فيه من هشام أمير المؤمنين إلى
الملك الطاغية , فكتب إليه ماظننت أن الملوك تسب , وما الذى يؤمنك أن أجيبك : من ملك الروم إالى
الملك المذموم " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

آداب المجالسة
قال أحد الأدباء :
إياكم ومجالسة أقوام يتكلفون بينهم زخرف القول غروا
ويتملقون فى الكلام خداعا , وقلوبهم مماوءة غشا
وغلا وحسدا وكبرا , وحرصا وطمعا , وبغضا وعداوة
ومكرا وختلا دينهم التعصب , واعتقادهم النفاق
وأعمالهم الرياء , واختيارهم شهوات الدنيا
يتمنون الخلود فيها مع علمهم بألا سبيل إلى ذلك
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من أدب الحديث
أمانة الكلمة وحسن الخلق
من حديث أبى أمامة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم _" أنا زعيم ببيت فى ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا , وببيت فى وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا , وببيت فى أعلى الجنة لمن حسن خلقه " رواه أبو داود ( ربض الجنة هو فناؤها الخارجى والمحيط بها , والمراء , هو الجدل فى غير طائل ومما لايفيد )

وفى هذا الحديث الشريف دعوة من الرسول صل الله عليه وسلم وبيان وتوضيح إلى أنواع من السلوك الحميد والعمل الطيب النافع الذى يعود على المجتمع بالخير العميم والفضل الواسع الذى يدعم الأخوة بين المسلمين , مما يقوى رابطة الألفة والمحبة والمودة بينهم , ليحيوا حياة طيبة كريمة فى مجتمع قوى متماسك مترابط يسوده التعاون والتضامن مما يجعلهم فى أوج العزة والكرامة التى ترفع شأنهم وتعلى مكانتهم فى العالمين

وقد وصف الله تعالى المؤمنين بعفة اللسان وحسن السلوك فى معاملتهم مع غيرهم بقوله تعالى " قد أفلح المؤمنون الذين هم فى صلاتهم خاشعون , والذين هم عن اللغو معرضون " سورة المؤمنون _ والمسلم إذا تكلم مع غيره وأقرب الناس إليه عنى بموضوع الكلام وأسلوب أدئه , فهو لايهرف بما لايعرف , ويتحدث فى تؤدة ورفق , وهدوء وطمأنية حتى يصل مع غيره إلى رأى قاطع سديد , ولا يحول تجريح غيره وتسفيه رأيه , وإن كان مخالفا لرأيه بل يدعوا بالحكمة والموعظة الحسنة ويصبر ويحتسب , عسى الله أن يحدث بعد ذلك أمرا , ولا يلجأ إلى الجدل العقيم الذى لايغنى ولايسمن , ولايجنى من ورائه إلا البغضاء والكرهية , ولايستعمل الحدة فى الكلام ولو كان يرى نفسه على الحق , حفاظا على صلاته بالناس , وإبقاء على المودة بينهم وتوفير للوقت والجهد الذى لايفيد فى غير طائل , ولا يغنى من الحق شيئا قال تعالى " ولا تنزعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين " سورة الأنفال الآية 46_

وإن من أخص صفات المسلم أنه صادق مع الله ومع نفسه ومع الناس جميعا فهو لايكذب أبدا فى حديثه حتى ولو كان يقصد المزاح والمداعبة , لأن ذلك يحط من شخصيته ويجرح كرامته و يفقده ثقة إخوانه وحبهم له , بما يجعله يبرر لسلوكه الخاطئ, ويعلل تصرفاته السيئة , ولن يجد بعد ذلك من يصدقه , ويطمئن لحديثه فيحس بالعزلة , ونفور الناس منه , وإن كان ولابد من المزاح والمداعبة فلتكن صادقا فيما تقول من غير سخرية ولا حط من كرامة ولا خدش عرض , فالرسول صل الله عليه وسلم كان يمزح ولا يقول إلا حقا وصدقا وهكذا كان الصحابة والتابعون من بعده قال صل الله عليه وسلم " ولايزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا " صدق رسول الله صل الله عليه وسلم
والأخلاق الحسنة , والصفات النبيلة , والسلوك القويم , هو الذى يميز المسلم ويرفع من شأنه بين الناس , فحسن الخلق , هو المقياس الصادق , والعنوان الدقيق الذى به يعرف صلاح الرجل وتقواه , ولقد بين لنا رسول الله صل الله عليه وسلم الهدف

الأسمى من الرسالة التى بعث بها فقال صل الله عليه وسلم " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " رواه أحمد والترمذى
وإن علينا معاشر الآباء والأمهات كفل ووزر ما يقع فيه أولادنا من سلوكيات خاطئة , وأعمال مخالفة لتعاليم الإسلام , فالتربية الإسلامية هى أساس النجاح وعنوان السعادة المنشودة التى تعود على الفرد والمجتمع بالخير والإستقامة , والتربية تبدأ من البيت ثم المسجد ويلى ذلك المدرسة فهل قمنا بهذا الواجب الذى أمرنا الله تعالى به وحثنا عليه قال تعالى " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة " سورة التحريم ويقول الإمام على رضى الله عنه " علموا أولادكم فإنهم مخلقون لزمان غير زمانكم " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

سلوكيات عامة
كيف يكون المسلم عفيف فى قوله وفعله وسلوكه
والمقصود بالعفة فى القول والعمل , أن يكذب وإن كان مازحا , وألا يجادل وإن كان محقا , وأن يكون حسن الخلق قال صل الله عليه وسلم " ليس المؤمن بالطعان واللعان ولا الفاحش ولا البذئ " وقال تعالى " وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما " سورة الفرقان وقال تعالى " والذين لايشهدون الزور " سورة الفرقان
وقال تعالى " إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون , يا أيها الذين آمنوا لايسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس لاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون " يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم "
سورة الحجرات

إن كل ما نبهت عنه الآيات الكريمة والحديث النبوى الشريف مما لاينبغى أن يتصف به مسلم لأن الكذب والمجادلة بالباطل , وشهادة الزور وبذاءة اللسان , واللمز والتنابز بالألقاب , والسخرية من الناس , واساءة الظن بهم , وغيبتهم والتجسس عليهم وغشهم كل ذلك من شأنه ، أن يحدث تصدعا وشقاقا وتمزقا فى علاقة المسلمين بعضهم ببعض , والإسلام من خلال توجيهاته ووصاياه يحرص كل الحرص على تماسك المجتمع الإسلامى , وفى ذلك دليل على قوة المجتمع  وعزة وتماسك أفراده قال تعالى " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله " سورة آل عمران
والإسلام يطالب المسلم أن يكون عفيف الجوارح فكما يتعفف فى قوله ويحفظ لسانه  فكذلك يتعفف فى فعله ويحفظ سمعه وبصره وقلبه  قال تعالى " ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا " سورة الإسراء
وقد حرم الإسلام علينا أن يتسمع إنسان حديث قوم بغير علم منهم ولارضا قال صل الله عليه وسلم " من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون صب فى أذنيه الآنك يوم القيامة " رواه البخارى ( والآنك _ هو الرصاص المذاب )

ومما لايجوز للمسلم أن يجلس فى مجلس يغتاب فيه أحد وهو يسمع ولا ينكر عليهم ذلك فإ ن فعل كان شريكا له فى إثم الغيبة فكل مايحرم قوله وفعله حرم الله تعالى الإستماع له والمشاركة فيه والجلوس إليه قال تعالى " سماعون للكذب أكالون للسحت " سورة المائدة وفى الحديث عنه صل الله عليه وسلم " المغتاب والمستمع شريكان فى الإثم " وعلى المسلم أن يقدم النصح لمن ينم ويغتاب غيره فإن لم يستجب فلا يجلس معه قال تعالى " وإذا رأيت الذين يخوضون فى آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا فى حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين " وما على الذين يتقون من حسابهم من شئ ولكن ذكرى لعلهم يتقون " سورة الأنعام

ومما حرم الإسلام كذلك ترويج الشائعات التى تحدث بلبلة , وهزات يضيق بها الناس وخاصة ما يتصل بالأحوال العامة والأعراض قال تعالى " إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة فى الذين آمنوا لهم عذاب أليم فى الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لاتعلمون " سورة النور ويقول النبى صل الله عليه وسلم يامعشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لاتؤذوا المسلمين ولاتعيروهم , ولاتتبعوا عوراتهم , فإن من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته , ومن تتبع عورته يفضحه ولو فى جوف رحله " رواه الترمذى وابن ماجة
إنه مما يحرم على المسلم أن يتتبع بسمعه وبصره عورات الناس فإن ذلك تجسس نهى الله عنه بقوله " ولاتجسسوا " سورة الحجرات وفى الحديث " ولا تحسسوا ولا تجسسوا "

وقال تعالى " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم " وقال " وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن , ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها " سورة النور وفى الآيات نهى للمؤمنين عن إيذاء المؤمنات وغيرهن ممن يعشن معنا فى المجتمع الإسلامى وخاصة الشباب ممن يسببن مضياقات رخيصة لبعض الفتيات بتعليقات تخدش حيائهن مما يؤدى إلى جر مشكلات معهن أو مع أولياء أمورهن والمسلم الصادق هو الذى يربأ بنفسه عن هذا العبث ومثل هذه الأخلاق التى يتصف صاحبها بالعار والحماقة ومن الواجب على المسلم أن يبتعد عن كل ما يعرض نفسه للمذلة ويوقعها فى الحرج , إنه يعف عن سفاسف الأمور وعن اللغو والباطل قال تعالى " وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم " سورة النور
فعلى المسلم أن يحرص على حسن المعاملة مع الناس كل الناس فالدين المعاملة "
وإن من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم "
قال تعالى " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا " سورة مريم " وصل الله على سيدنا وعلى آله وصحبه وسلم

قالوا:

شرف الكلمة قبل حريتها _ إن الذين يريدون أن يقولوا ما يشاؤون باسم حرية الكلمة , ينسون أن شرف الكلمة قبل حريتها , ولم نجد أمة تسمح بالخيانةالوطنية باسم الحرية , ولكن هناك نفر عندنا يريدون خيانة الشرف الإجتماعى باسم حرية الكلمة , ولو كان عندنا رأى عام واع لحاكمهم كما يحاكم خونة الوطن فى قضاياه الوطنية " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من أدب الحديث

على المسلم إذا تكلم أن يتخير ألفاظه وأن يصون لسانه عن فاحش الكلام وبذئ القول , وأن يتمهل فى الجواب ويصمت أكثر مما يتكلم , فإن لسان المؤمن من أمام قلبه , ولسان المنافق من وراءه وقد روى عن النبى صل الله عليه وسلم أنه قال لعمه العباس بن عبد المطلب رضى الله عنه " يعجبنى جمالك قال : وما جمال الرجل يا رسول الله قال : لسانه " وقال بعض البلغاء يستدل على عقل الرجل بقوله وعلى أصله بفعله وقال بعض الشعراء _ وإن لسان المرء ما لم تكن له _ حصاة على عوراته لدليل " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من الحديث عدم التناجى دون الآخر

عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال : قال سرول الله صل الله عليه وسلم : (
إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى , رجلان دون الآخر , حتى تختلطوا بالناس من أجل أن ذلك يحزنه) " رواه البخارى"

حرص الإسلام على حسن العلاقات بين الناس ,وخاصة فيما يتعلق بإجتمعاتهم ومجالسهم ولهذا شرع لها من الآداب ما يصونها عن التفكك , ويقيمها على أساس من المودة والإخاء والحب , يقول الله تعالى " يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا فى المجالس فافسحوا يفسح الله لكم ,
وإذا قيل لكم انشزوا فانشزوا " سورة المجادلة
والمعنى الكريم للآية " يا أيها الذين صدقوا الله , واتبعوا رسوله ,إذا تحدثتم فيما بينكم سرا , فلا تتحدثوا بما فيه إثم من القول , أو بما هو عدوان على غيركم ,
أو مخالفة لأمر الرسول , وتحدثوا بما فيه خير وطاعة وإحسان , وخافوا الله بامتثالكم أوامره واجتنابكم نواهيه , فإليه وحده مرجعكم بجميع أعمالكم وأقوالكم التى أحصاها عليكم , وسيجازيكم بها "

والآية تدعوا المسلمين إلى أن يفسح بعضهم لبعض , فى المجالس عند القدوم واللقاء
وفى ذلك دليل على الإحترام والمحبة وهو ما يقوى الروابط بينهم ويدعم الألفة والمحبة بينهم .
ويتحول الحديث من الكلام على العموم إلى الخصوص , حيث يوضح لنا الرسول صل الله عليه وسلم فى الحديث , ما إذا كان المجلس يتكون من ثلاثة , فينهى فى الحديث عن أن يتهامس اثنين بالكلام دون الثالث , حتى لا يظن بهما ظن السوء
فقد يظن أنهما يتأمران به , أو يسخران منه أو لايأتمناه على حديثهما , وذلك يحزنه
ويملأ قلبه حقدا وغيظا , من هذين المتهامسين "

وهذا النهى يقع على ما إذا كان العدد ثلاثة , وأما إذا كان العدد أكثر من ثلاثة
فإن تهامس اثنين , لا يكون له من الضرر أو التأويل مثله إذا كان العدد ثلاثة
وأما إذا زاد العدد واختلطوا بناس كثيرين , فإن شأن هذه الجماعة الكثيرة
أن يحدث بعضهم بعضا , من غير أن يظن بهما السوء .
ومن آداب المجالس أيضا المجادلة بالتى هى أحسن , وخفض الصوت فى الحديث
وعدم السخرية من الغير , وعدم ذكر أحد الغائبين بما يكره , وبذلك تخلص المجالس للمودة والحب والتشاور , ودراسة العلم , والمزاح البرئ الذى تسلم منه الأعراض
من بذئ القول , وبذلك تجعل المجالس منها أماكن لدعم المحبة والإخاء , وهذا ما ينبغى أن يكون بين المسلمين . وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من الشعر حكمة

أنشد بعضهم فى مكارم الأخلاق _ أحب مكارم الأخلاق جهدى _ وأكره أن أعيب وأن أعابا _ وأصفح عن سباب الناس حلما _ وشر الناس من يهوى السباب _ ومن هاب الرجال تهيبوه - ومن حقر الرجال فلن يهابا " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من أدب الحديث

إحذر لسانك

الإسلام يدعونا إلى حسن العلاقة مع الآخرين , ومن ذلك أدب الحديث فى مخاطباتهم وتناول الكلام معهم , ولو علم الإنسان حقيقة أن كلامه يحصى له ويعد عليه لما تكلم
قال تعالى " إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين والشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد " سورة ق الآية 17 _ 18 _
وحتى يكون الإنسان فى مأمن من لسانه راضيا بذلك ربه ومحبوبا من حوله من أقرانه , يجب عليه أن يحذر كثرة الكلام فى غير طائل , وأن يختصر كلامه عند الحديث بحيث يفى بالغرض الذى من أجله يتحدث قال تعالى " لا خير فى كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس " سورة النساء الآية 114 _ وعلى الإنسان أن لا يتحدث بكل مايسمع ويراه فإن هذا مدعاة له أن يقع فى الخلط والكذب من حديث أبى هريرة رضى الله تعالى عنه أن النبى صل الله عليه وسلم قال :" كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع " رواه مسلم
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ( 1)