سلوك المسلم بين القول والعمل :

سلوك المسلم بين القول والعمل :

ـ إن الاسلام يريد من المسلم أن يهتم بالفعل قبل القول فلا يقول إلا ما يفعل إعمالا لقول الحق تبارك وتعالي :" يأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لاتفعلون كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لاتفعلون " سورة الصف الآية 3ـ 4ـ  وهناك من يخاد ع الناس بالقول دون العمل ويحاول التباهى عليهم بالعلم فيلقي الي غيره بالنصح والوعظ وينسي أن يعظ نفسه وقد يكون هو أولي من غيره بذلك النصح وهذا الارشاد , ومن كلام الامام ابي حامد الغزالي رحمه الله تعالى :" فاقد النور لاينير لغيره " وأيضا قول الشاعرـ لاتنه عن خلق وتاتي مثله* عار عليك إذا فعلت عظيم* إبدا بنفسك فنهها عن غيها * فاذا انتهت فانت حكيم " وكم من أقوال ارسلتها الآفواه ووعتها الآذان ومنع تنفيذها غياب القدوة يقول الله تبارك وتعالي في شان هؤلاء وغيرهم {أتامرون الناس بالبر وتنسون انفسكم } البقرة الايه 44 _  وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ( 1)

خطباء الفتنة :

ومن حديث انس رضي الله عنه قال- قال : رسول الله صل الله عليه وسلم :" رأيت ليلة أسري بى أقواما تقرض شفاهم بمقارض من حديد فقلت من هؤلاء يا أخي يا جبريل ؟- قال: خطباء الفتنه " رواه ابن حبان في صحيحه وهناك من ينسب لنفسه فضل عمل من الاعمال النافعه وهو لم ينحزه ولكن يريد الظهور في المجتمع بمظهر لائق وليثبت لنفسه مكانه لم يقدم لها غير كلام منمق وليس هناك ما يبرر للانسان أن يقول مالايفعل وليس أمقت عند الله تعالي من عبد يدعى الصلاح ولايحمل بين جنبيه غير الفساد والكفر والعياذ بالله فذلك من صدق فيه قول الحق تبارك وتعالي :" ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله علي مافي قلبه وهو الد الخصام واذا تولي سعى في الارض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لايحب الفساد" سورة البقرة الآية 204ـ 205ـ  فالله تعالي مطلع علي قلوب العباد لاينظر الي صورهم وأشكالهم إنما ينظر الي قلوبهم وماتكنه ضمائرهم "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (2)

علاج النفس فى طاعة الله

إن تهذيب النفس وتزكيتها هى بدية الطريق إلى الله قال تعالى " وفى أنفسكم أفلا تبصرون " سورة الذريات وفى الحديث عن النبى صل الله عليه وسلم " لايزال المؤمن فى فسحة من دينه ما كان له واعظ من نفسه " وعندما يكون الضمير يقظ والحياء لباس المرء والتقوى زاده فلا عليه ما فاته من الدنيا قال تعالى " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين " سورة العنكبوت والمطلوب فى علاقة المسلم مع نفسه ابتناء على علاقته بربه تطهير قلبه من الصفات المذمومة , وتحلية بالصفات الطيبة والمحمودة قال تعالى " قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها " سورة الشمس وكان من دعائه صل الله عليه وسلم" اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

العلم بلا عمل

قال زياد أبو عمر بلغنى أن عيسى ابن مريم قال : " إنه ليس بنافعك أن تعلم , ما لم تعمل بما قد علمت , إن كثرة العلم لاتزيد إلا كبرا إذا لم تعمل به " وقال تعالى " يا أيها الذين أمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لاتفعلون " سورة الصف وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الأمور ثلاثة

أمر استبان لك رشده فاتبعه , وأمر استبان لك ضرره فاجتنبه , وأمر أشكل عليك فتوقف عنده " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

فى أدب الإيمان:

_ قال تعالى " يا أيها الين أمنوا لما تقولون مالا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لاتفعلون " وفى الآية الكريمة توبيخ وتقريع لمن يخالف فعله قوله , لأن ذلك يتنافى مع الإيمان الصادق , والإقتداء الصحيح برسول الله صل الله عليه وسلم , فالمسلم الصادق هو من إذا وعد وفى , وإذا قال صدق وإذا صدق أخلص لله تعالى فى السر والعلانية , ومن يخالف ذلك فقد اشتد بغض الله تعالى وغضبه عليه , وهو أن تقولوا بألسنتكم مالاتفعلونه فى أعمالكم وأحوالكم" ويقول النبى صل الله عليه وسلم " الإيمان بضع وسبعون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله , وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

جوهر الدين:

_ إن جوهر الدين وحقيقته يظهر أثره فى علاقة الإنسان مع الآخرين فى المجتمع الذى يعيش فيه , وترجمة الأخلاق الإسلامية إلى سلوكيات حياتيه عملية بما يعمل على تقدم الحياة وازدهارها , وهناك صنف من الناس جعلوا من الدين جسدا بلا روح وشكلا بلا مضمون والحقيقة التى يؤكد عليها الهدى النبوى تختلف عن هذا كله فيقول صل الله عليه وسلم " إن الله تعالى لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " رواه مسلم وابن ماجة إن الدين الحقيقى يعنى استقامة فى السلوك فى علاقة الإنسان بربه بالتمسك بالتقوى والعمل الصالح , وعلاقة الإنسان بنفسه وذلك من خلال تزكيتها بكل خلق كريم , والتخلى عن كل خلق ذميم وفى ذلك قوله تعالى " ونفس وما سواها , فألهما فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها " سورة الشمس الايه 7 _ 10_ وعلاقة بالناس بالتى هى أحسن وقد ورد فى الأثر " الدين المعاملة " وهذا هو ما ينبغى أن يكون عليه المسلم فى كل أعماله وسائر أحواله " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

يطلبون الدنيا بالدين:

_ كما فى الحديث النبوى والقدسى _ عن النبى صل الله عليه وسلم :" يخرج فى آخر الزمان أناس يطلبون الدنيا بالدين , يلبسون للناس جلود الضأن, من اللين ألسنتهم أحلى من السكر , وقلوبهم قلوب الذئاب " يقول الله تعالى :" أبى يغترون أم على يجترئون فبعزتى, حلفت لأبعثن عليهم فتنة , تدع الحليم فيه حيران " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

حكم ومواعظ :

_ جاء فى الحديث القدسى عن أبى موسى رضى الله عنه : _ أن الله تعالى : أوحى إلى عيسى ابن مريم عليهما السلام , يا عيسى عظ نفسك بحكمتى , فإن انتفعت فعظ الناس وإلا فاستحى منى " رواه الديلمى وفى الحديث وعظ وتذكير , وتخويف وارشاد , لما ينبغى أن يكون عليه الداعى والعالم , من الإهتمام بنفسه ونصحها والعمل بما يقول حتى تتحقق القدوة الحسنة , بين الناس ويعملوا بها عن يقين واقتناع _ قال تعالى : وإذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به " وقوله تعالى : فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم فى أنفسهم قولا بليغا " وقوله تعالى : هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين " والحكمة معناها الإخلاص فى العلم , واتقان العمل , وأما حكمة الله تعالى شأنه فى ذاته وصفاته تعنى معرفة الأشياء وإيجادها على غاية الإحكام وعلى غير مثال قال تعالى " ليس كمثله شئ وهو السميع البصير " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الصراع النفسى من مشاكله:

_ حين ينساق الإنسان وراء دوافع نفسه وغرائزها , ولا يهمه إلا إشباع حاجاته ورغباته فإنه يصبح كالطفل الذى لم تقوى إرادته بعد , ويصبح خاضعا لنفسه الأمارة بالسوء , قال تعالى وما أبرئ نفسى إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربى إن ربى غفور رحيم " سورة يوسف الآية 53_ وفى الأثر :" أعدى عدوك نفسك التى بين جنبيك , فمن أدبها أو قمعها آمن ظلمها " وعندما يبلغ الإنسان درجات الكمال الروحى والنفسى , فإن ضميره يستيقظ ويصبح كالمفتش المحاسب , والشرطى المراقب , والقاضى الذى يحكم , ومن ثم يقوى عنده الشعور بالذنب , ويلوم نفسه على ما فرط فى حق الله , ويتجه إلى ربه مستغفرا تائبا , وهو فى هذه الحالة واقه تحت تأثير النفس اللومة قال تعالى " لا أقسم بيوم القيامة ولا أقسم بالنفس اللوامة " سورة القيامة الآية 1_ 2_ وإذا داوم العبد على الإستقامة , وصدق فى توبته , وأخلص لله فى طاعته وابتعد عن كل ما يغضب الله , فإنه ولا شك سيحدث له صدق إيمانه وثبات يقينه نفسا مطمئنة يشعر فيها بحالة من الإستقرا والسكينة قال تعالى " يا أيتها النفس المطمئنة إرجعى إلى ربك راضية مرضية فادخلى فى عبادى وادخلى جنتى " سورة الفجر الآية 27 _ 30 _ ومن ثم يحدث للنفس حقيقة من التوازن التام بين المطالب البدنية والروحية , ويسعى الإنسان فى هذه الحالة إلى إلى تأنيب نفسه على ما يرتكب من أخطاء ويمتنع عن كل ما يغضب الله , ولكن كل بنى آدم خطاء ولا ينجح دائما فى مسعاه وخير الخطائين التوابون وهو من يلوم نفسه على ما فعلت لم فعلت كذا وكذا ؟ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

سلوك المسلم بين الخير والشر :

_ من حديث النواس بن سمعان رضى الله تعالى عنهما _ قال سألت النبى صل الله عليه وسلم :عن البر والإثم فقال :" البر حسن الخلق " والإثم ما حاك فى نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس " رواه البخارى إن الأساس الصحيح الذى يمكن من خلاله أن تتعرف على صلاح أو استقامة إنسان ما إنما يكون ذلك فى تلازم إيمانه وربطه بالأخلاق الإسلامية التى تضبط سلوك الفرد وعلاقاته , فمن حسنت أخلاقه مع الله والناس فهو المؤمن الصادق الذى ينوى الخير بقلبه ويفكر عند القيام به بعقله , ومن ساءت أخلاقه مات قلبه وأظلم عقله , عن مراقبة ربه , وتجرد من الوازع الدينى الذى يوجهه إلى الخير ويعصم الإنسان عن نزغات السوء , ويأخذ بيده إلى طريق الإستقامة والخلق القويم , وحتى يتعرف الإنسان على ماهو خير ليفعله وما هو حرام فيجتنبه , فعندما يقع الإنسان فيما حرم الله عليه , فإنه يشعر بالضيق والحرج لأن عمله يخالف الفطرة السليمة التى استودعها الله إياه , وهى حب الخير وفعله

, وعندما يرتكب الإنسان المحرمات فإنه يتوارى من الناس خزيا وخجلا وهو يخاف أن يراه أحد وهو يفعل ما حرم الله عليه فهو يخشى المذمة والعقوبة فقط فى الدنيا , وبهذا يمكن من السهولة بمكان أن يتعرف الإنسان على ما هو حرام فلا يقربه سواء فى القول أو العمل ,وهذه قاعدة عامة قد يستطيع كل مسلم أنار الله قلبه بالطاعة والعمل الصالح , أن يتعرف على ما يقوم به أهو حلال فأفعله أم حرام فأجتنبه وذلك من خلال ممارساته فإذا أنت لم تشعر بالضيق والحرج عند فعل شئ ما وشعرت بالراحة النفسية فهذا يكون خيرا , فإن وجدت نفسك تعلنه للناس فرحا به فهذا من الحلال فاستمسك به " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من أخلاق الإسلام الإحترام :

_ إن خلق الإحترام ينتج فى معناه وتحقيقه بين الناس قيمة التقدير , وعندما يكون الشخص نفسه جدير بهذا الخلق , فإنه يبعث فى نفوس الآخرين على أن يبادلوه بهذا المعنى , اللائق بإنسانية الإنسان , لأنه إذا كان الإحترام للذات مفقودا فإن ذلك سينعكس سلبا على إتجاهات الآخرين ومعاملتهم فيما بينهم , مما يؤدى إلى الفوضى فى أبسط ما يقولون ومايقومون به من أعمال , وعندما يغيب النظام تسود العشوائية ويشيع التخبط , بما يؤدى إلى الإختلال فى الموازين بين الأفراد والجماعات ومن ثم تضيع الحقوق ويتنسى العمل بالواجبات , وتنتهك المحارم وتتعدى الحدود بين ما يجوز وما لايجوز , ولا يمكن أبدا أن تصل أمة إلى حضارة راقية من غير نظام يحدد الإطار العام الذى يُجوز لكل فرد فى المجتمع أن يمارس فيه حياته وحريته دون أن يضر بالآخرين " فأنت حر ما لم تضر بنفسك وبغيرك " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من سلوك المسلم :

_ المسلم صاحب العقل السليم والفكر الناضج , دائما يتقرب إلى ربه بالدعاء , لأنه يؤمن أن الدعاء قلب العبادة , فهو فى نجوى وتضرع مع ربه يرجوه ويتوسل به وحده , أن يمنحه الجزاء الأوفى والعاقبة والخاتمة الحسنة , وهذ لايتأكد للعبد إلا إذا استقام أمره على فعل البر والخير , والصلاح والتقوى , من حديث بن مسعود رضى الله عنه أن النبى صل الله عليه وسلم كان يقول :" اللهم إنى أسألك الهدى , والتقى , والعفاف , والغنى " والهداية تكون بلزوم الطريق المستقيم , والتقوى : حذر دائم يمنع العبد من ارتكاب ما يغضب الله , والعفاف : يكون بصيانة النفس عما حرم الله , والغنى :يكون بالكفاية واليأس مما فى أيدى المخلوقين , " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

العيب فينا :

قال الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه ورضى عنه _
وأيم الله ما كان قوم فى خفض عيش , فزال عنهم إلا بذنوب
اقترفوها , لأن الله تعالى ليس بظلام للعبيد , ولو أن الناس
حين ينزل بهم الفقر , ويزول عنهم الغنى فزعوا إلى ربهم
بصدق نياتهم لرد عليهم كل شاردة , وأصلح لهم كل فاسد
قال الشاعر :
يقولون الزمان به فساد
وهم فسدوا وما فسد الزمان
ويقول غيره : نعيب زماننا والعيب فينا
وما لزمانا عيب سوانا
وكفى بالقرآن واعظا وشاهدا قال الله تعالى :
" إن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من سلوك المسلم :

_ أنه صاحب قلب تقى , وفؤاد ذكى , دائم البصر فى نفسه والتفتيش فى فى عيوبه , لما يحمله من ضمير يقظ , واحساس مرهف من خشية ربه سبحانه وتعالى , فدائما يحاسب نفسه عن تقصيرها , وما يقع فيه من ذنوب ومعاصى , فهو يعيش فى حذر وخشية , وطمع ورجاء فى فضل ربه الكريم الرحيم , ويتجه إلى ربه بمغفرة الذنوب وتكفير السيئات وهو يردد قول الله تعالى :" ربنا أمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار " سورة آل عمران والمسلم يحرص على طهارة نفسه وهو يتورع عن مقارفة الذنوب والمعاصى والفواحش والمنكرات عملا بقول الله تعالى :" الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش " وإن نظافة سلوك المؤمن من كبائر الإثم والفواحش , أثر من آثار الإيمان الصحيح , وهو دليل واضح على صدق إيمانه وصلاح قلبه وسلامة جوارحه فإنه لايستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه , ولا يستقيم قلبه حتى تستقيم جوارحه " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

بين القول والعمل :

قال تعالى :" يا أيها الذين أمنوا لما تقولون ما لاتفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لاتفعلون " سورة الصف  الآية 2ـ 3ـ
وفى هذه الآية الكريمة استنكار شديد على من يقولون ما لايفعلون , ولا يوفون بما يعدون , ويقولون بألسنتهم ما ليس فى قلوبهم , فكم من أقوال تُعجب السامع وتدهش من رأها لروعتها سجلها على نفسه المسئولون وغير المسئوولين , لايشك من سمعها
فى أن ذلك هو الإيمان والإخلاص والعزيمة , وأن العقيدة الصحيحة والخلق الكريم  قد تجسد مع منطقها , وقد سيطر على شخوصهم صيحة العزم والحزم , ثم بعد قليل وقد ذهبت هذه الأقوال دون أن يسجل من قالوها ووعدوا بها أى شئ  يقترن بفعل أو إصلاح , ولن تفلح أمة يكثر فيها القائلون الذين لايعملون بما يقولون , وإن قولا بلا عمل يؤكده الدليل على ضعف الخلق ورداءة الطبع وقمة الإستهتار قال تعالى :" ومن الناس من يقول آمنا بالله واليوم الآخر وماهم بمؤمنين " سورة البقرة الآية 8 ـ

وقال تعالى :" ومن الناس من يعجبك قوله فى الحياة الدنيا ويشهد الله على مافى قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى فى الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لايحب الفساد وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد " سورة البقرة الآية 206 ـ وهذا هو أخطر صنف من الذين يتقولون ولا يفعلون
وتفيض ألسنتهم غيرة على الإصلاح , ومنطقه رائع وجميل لكنه يخادع بمعسول قوله وسحر بيانه , وإذا كثر أمثال هؤلاء فى أمة ذلت بعد عزة , وافتقرت بعد غنى
وضعفت بعد قوة , وسيطرت عليها أطماع أعدائها فى الداخل والخارج .
ولا ننسى أو ننكر القلة القليلة التى تفى بما تعد , وتعمل بما تقول ولكنهم لايتحدثون عن أنفسهم بل إن ما يقومون به يشهد لهم بذلك فقد اعتنقوا شعار قول الله تعالى :"
وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون " سورة التوبة الآية 105 ـ
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

سلوك المسلم بين العلم والعمل :

إن كل راغب فى طلب النجاة فما له طريق , سوى اتباع المصطفى صل الله عليه وسلم _ فيما جاء به , فذاك هو السبيل المستقيم , والصراط السوى لمن اهتدى , وغيره سبل الضلالة والغواية والردى , فمن اتبع كتاب الله وسنة نبيه صل الله عليه وسلم ـ فيما صح عنه من قول أو فعل أو تقرير , فهذا إذا اتبعت هو الهدى , والرسول صل الله عليه وسلم ـ كما قال عنه ربه :" وماينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى " سورة النجم 3 ـ 4ـ والمسلم رجلا كان أو امرأة مطلوب منه أن يلتزم
بكل ماجاء عن ربه عزوجل وبلغه إليه رسوله صل الله عليه وسلم ـ فى العقائد والعبادات وأحكام الشريعة الإسلامية التى جمع رسول الله صل الله عليه وسلم ـ حقيقتها فى ضمن ماقال فى حديث جبريل عندما سأله عن الإحسان قال : أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " ومعناه : أن يراك حيث أمرك ـ ويفتقدك حيث نهاك ,

فالمسلم الحق هو من اقتفى أثر النبى صل الله عليه وسلم ـ ممتثلا أمر ربه عزوجل : ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولى المتقين " سورة الجاثية الآية 18 ـ 19 ـ ومن ثم ليس هناك شئ أعظم عند الله تعالى , وأقرب للقبول من العمل بالكتاب والسنة , فمن استبانت له السنة , فما كان ليدعها لقول كائن من كان , وإلا كان معتدٍ ظالم مخطأ فى العلم والعمل بالصواب ويقول بعض أئمة التصوف السنى " إذا رأيت الرجل يرتقى فى الهواء فلا تغتروا به , حتى تنظروا : كيف تجدونه عند الأمر والنهى وحفظ الحدود وأداء الشريعة ,

, وهذا هو المعيار والميزان الذى نفرق به بين الملتزم وغيره , فمن خرج عنها اتبع غير طريق المؤمنين حيث قال تعالى :" ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا " سورة النساء 115ـ
وفى ذلك أيضا يقول النبى صل الله عليه وسلم ـ لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به " ولهذا يقول الإمام الجنيد رحمه الله تعالى رداً على من يقولون بالوصول إلى الله مع تفلتهم من أحكام الشريعة والوقوع فى المخالفات , " نعم وصلوا ولكن إلى سقر " والعياذ بالله اللهم إنى أسألك علما نافعا وعملا متقبلا وشفاء من داء " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

نصائح غالية :

سأل أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضى الله عنه ابنه
الحسن رضى الله عنهما ـ قال مالسداد : قال دفع المنكر بالمعروف
قال ما الشرف : قال اصطناع العشيرة
قال ما السماح : قال البذل فى العسر واليسر
قال ما اللوم : قال احراز المرء ماله وبذل عرضه
قال ما الجبن : قال الجراءة على الصديق والنكوص عن العدو
قال ما الغنى : قال رضا النفس بما قسم الله لها وأن قل
قال ما الحلم : قال كظم الغيظ وملك النفس

قال ما المنعة : قال شدة البأس
قال ما الذل : قال الفزع عند الصدمة
قال ما الكلفة : قال كرم المرء فيما لايفيد
قال ما السؤدد : قال اتيان الجميل وترك القبيح
قال ما السفه : قال اتباع الدناءة وصحبة الغواة
قال ما الغفلة : قال ترك المسجد وطاعة المفسد
قال ما السرور : قال الجنة
قال ما الراحة : قال لقاء الله
" وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

التناقض بين السلوك والدين :

الذى ينظر إلى حال الكثير من المسلمين اليوم , يجد أن هناك انفصام بين الدين والسلوك مما يحدث فى مجتمعاتنا الإسلامية , من أفعال وأقوال ترفضها الأعراف السليمة والشرائع السماوية , وخاصة ما يكون من المسلمين , فى معاملتهم فيما بينهم
من فوضى وانحلال فى الأخلاق وانحلال فى العادات والمعاملات , حتى لم يبق لنا من الإسلام إلا اسمه ومن الدين إلا رسمه ,

, ورحم الله تعالى الإمام الجليل الشيخ محمد عبده عندما كان يدرس فى بلاد غير المسلمين , ورأى من معاملتهم فيما بينهم وحين رجع لبلاده قال وهو يرثى حال المسلمين وما آلوا إليه , قال :" وجدت هنالك أخلاق ولم أجد مسلمين وهنا وجدت مسلمين ولم أجد أخلاق " إلى متى ؟ ...وهل من عودة تتخلاها مراجعة كريمة من خلال ديننا وسنة نبينا محمد صل الله عليه وسلم والله تعالى يقول :" إن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " سورة الرعد
الآية 11 ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الإدعاء الكاذب :

كثير منا يدعي ما ليس فيه, حتى أننا صدقنا أنفسنا, ونحن ندرك أننا نكذب على بعضنا ومع هذا يرفض أحدنا تصديق الحقيقة.؟ ؛ فبعضنا يدّعي العلم وهو ليس
بعالم ؛؛ وبعضنا يدّعي الصدق وليس بيينا صادق ؛؛ وبعضنا يدّعي الحب وقلبه حقود حسود.؛ و كلنا يدّّعي الإسلام حتى وصل الأمر أن بيننا من يكـفّر الآخرين؛ ولقد نعى الإسلام علي هذا المسلك البغيض بقوله تعالى:" يا أيها الذين أمنوا لما تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لاتفعلون " سورة الصف الآية 2ـ 3ـ

وفي الآية الكريمة كما يقول أهل التفسير استنكار شديد على من يُخالف قوله فعله.  
.  موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم