الصحابى الجليل الذى اهتز لموته عرش الرحمن : سعد ابن معاذ ابن النعمان رضى الله عنه :

الصحابى الجليل الذى اهتز لموته عرش الرحمن :

سعد ابن معاذ ابن النعمان رضى الله عنه :

مع بطل من أبطال المعارك , له منزلة كبيرة فى الإسلام , وزعيم من زعماء الأنصار , وله مكانة مرموقة بين قومه من الأوس , أسلم بإسلامه كثير من قومه ثم إكتمل إسلامهم بعد هجرة النبى صل الله عليه وسلم ـ إلى المدينة إنه الصحابى الجليل
سعد بن معاذ ابن النعمان بن امرىء القيس بن زيد بن عبد الأشهل السيد الكبير الشهيد أبو عمرو الأنصاري الأوسي الأشهلي البدري الذي اهتز العرش لموته
نقل ابن الكلبي عن عبد الحميد بن أبي عيسى بن جبر عن أبيه أن قريشا سمعت هاتفا على أبي قبيس يقول فإن يسلم السعدان يصبح محمد بن عبد الله بمكة لا يخشى خلاف المخالف فقال أبو سفيان من السعدان سعد بكر سعد تميم فسمعوا في الليل الهاتف يقول أيا سعد سعد الأوس كن أنت ناصرا , ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف
أجيبا إلى داعي الهدى وتمنيا ـ  على الله في الفردوس منية عارف
فإن ثواب الله لطالب الهدى ـ جنان من الفردوس ذات رفارف
فقال أبو سفيان هو والله سعد بن معاذ وسعد بن عبادة .

أسلم سعد بن معاذ على يد مصعب بن عمير رضى الله عنهما ـ فقال ابن إسحاق لما أسلم وقف على قومه فقال يا بني عبد الأشهل كيف تعلمون أمري فيكم قالوا سيدنا فضلا وأيمننا نقيبة قال فإن كلامكم عليَّ حرام رجالكم ونساؤكم حتى تؤمنوا بالله ورسوله قال فوالله ما بقي في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا وأسلموا
كان المتحدث الرسمى باسم الأنصار , وذلك عندما اجتمع المهاجرون والأثصار للإعداد لغزوة بدر الكبرى , بعد أن نجحت عير أبى سفيان وأراد النبى صل الله عليه وسلم ـ أن يستشيرهم ويتعرف على أرائهم فى المعاركة القادمة , فقال الرسول صل الله عليه وسلم ـ أشيروا على أيها القوم فتكلم المهاجرون كلاما حسنا , وكان منهم المقداد بن عمرو , ولكن النبى صل الله عليه وسلم ـ ظل ينظر إلى القوم ويقول لهم :" أشيروا على أيها الناس " فقال سعد بن معاذ والله لكأنك تريدنا يا رسول الله صل الله عليه وسلم ـ " أى الأنصار " قال أجل ,

فقال سعد بن معاذ رضى الله عنه ـ :" لقد أمنا بك وصدقناك " وشهدنا أن ما جئت به هو الحق , وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة , فامض لما أردت فتحن معك , فو الذى بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك , وما نكره أن تلقى العدو بنا غدا , إنا لصبر عند الحرب صدُقٌ عند اللقاء , لعل الله يريك منا ما تقر به عينك ", فازداد سرور رسول الله صل الله عليه وسلم ـ بقول سعد بن معاذ ورضاه عنه وعن الأنصار , ثم قال سيروا وأبشروا فإن الله تعالى قد وعدنى احدى الطائفتين , والله لكأنى الأن أنظر إلى مصارع القوم .
ولم يكتف سعد بن معاذ رضى الله عنه ـ بما أعلنه من شجاعة وبطولة أدخلت السرور على قلب رسول الله صل الله عليه وسلم ـ بل كان له رأى آخر يحفظ الرسول صل الله عليه وسلم ـ عند بدء المعركة من المخاطر , فأشار على النبى صل الله عليه وسلم ـ له أن يبنى له عريش ـ أى غرفة عمليات يدير منها المعركة , ليكون فى مأمن من مخاطر الحرب فوافق الرسول صل الله عليه وسلم ـ على ذلك .

وهكذا يكون الإيمان والإخلاص لصاحب الدعوة , لأن الحرب يحتاج لكل رأى صائب وتحتاج لكل الجهود من الجند والقائد , لكن حرص الجندى البطل سعد بن معاذ على أن يكون الرسول صل الله عليه وسلم ـ فى مأمن من أخطار الحرب وذلك لعلمه أن موت الجندى من السهل أن يعوض بغيره , ولكن موت القائد من الممكن أن يُغير من سير المعركة لصالح الأعداء .
قال أبو إسحاق عن عمرو بن ميمون عن ابن مسعود رضى الله عنه ـ قال انطلق سعد بن معاذ معتمرا فنزل على أمية بن خلف وكان أمية إذا انطلق إلى الشام يمر بالمدينة فينزل عليه فقال أمية له انتظر حتى إذا انتصف النهار وغفل الناس طفت فبينا سعد يطوف إذ أتاه أبو جهل فقال من الذي يطوف آمنا قال أنا سعد فقال أتطوف آمنا وقد آويتم محمدا وأصحابه قال نعم فتلاحيا فقال أمية لا ترفع صوتك على أبي الحكم فإنه سيد أهل الوادي فقال سعد رضى الله عنه ـ والله لو منعتني لقطعت عليك متجرك بالشام .

قال فجعل أمية يقول لا ترفع صوتك فغضب وقال دعنا منك فإني سمعت محمدا صل الله عليه وسلم ـ  يقول يزعم أنه قاتلك قال إياي قال نعم قال والله ما يكذب محمد. فكاد يحدث فرجع إلى امرأته فقال أما تعلمين ما قال لي أخي اليثربي زعم أنه سمع محمدا يزعم أنه قاتلي قالت والله ما يكذب محمد فلما خرجوا لبدر قالت امرأته ما ذكرت ما قال لك أخوك اليثربي فأراد أن لا يخرج فقال له أبو جهل إنك من أشراف أهل الوادي فسر معنا يوما أو يومين فسار معهم فقتله الله.
قال ابن شهاب وشهد سعد بن معاذ بدرا ورمي يوم الخندق فعاش شهرا ثم انتقض جرحه فمات .
قال ابن إسحاق حدثني أبو ليلى عبد الله بن سهل أن عائشة رضى الله عنها ـ  كانت في حصن بني حارثة يوم الخندق وأم سعد معها فعبر سعد بن معاذ عليه درع مقلصة قد خرجت منه ذراعه كلها وفي يده حربة يرفل بها وقد لبث قليلا يشهد الهيجا "يعنى الحرب " وحُمل ـ وهو يقول لابأس بالموت إذا حان الاجل .

يعني حُمل إلى بدر فقالت له أمه أي بني قد أخرت فقلت لها يا أم سعد لوددت أن درع سعد كانت أسبغ مما هي فرُمي سعد بسهم قطع منه الأكحل رماه ابن العرقة فلما أصابه قال خذها مني وأنا ابن العرقة فقال عرق الله وجهك في النار اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لها فإنه لا قوم أحب إلي من أن أجاهدهم فيك من قوم آذوا نبيك وكذبوه وأخرجوه اللهم إن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم فاجعلها لي شهادة ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة .
وعن هشام عن أبيه عن عائشة رضى الله عنه ـ قالت رَمى سعدا رجل من قريش يقال له حبان بن العرقة فرماه في الأكحل فضرب عليه رسول الله صل الله عليه وسلم ـ  خيمة في المسجد ليعوده من قريب قالت ثم إن كلمه تحجر للبرء قالت فدعا سعد فقال في ذلك وإن كانت قد وضعت الحرب بيننا وبينهم فافجرها واجعل موتتي فيها فانفجر من لبته فلم يرعهم إلا والدم يسيل فقالوا يا أهل الخيمة ما هذا فإذا جرحه يغذو فمات منها. متفق عليه .

, عن أبي الزبير عن جابر رضى الله عنه ـ  قال رُمي سعد بن معاذ يوم الاحزاب فقطعوا أكحله فحسمه النبي صل الله عليه وسلم ـ  بالنار فانتفخت يده فتركه فنزفه الدم فحسمه أخرى فانتفخت يده فلما رأى ذلك قال اللهم لا تخرج نفسي حتى تقر عيني من بني قريظة فاستمسك عرقه فما قطرت منه قطرة حتى نزلوا على حكم سعد فأرسل إليه رسول الله صل الله عليه وسلم ـ فحكم أن يقتل رجالهم وتسبى نساؤهم وذراريهم قال وكانوا أربع مائة فلما فرغ من قتلهم انفتق عرقه .
يزيد بن عبد الله بن الهاد عن معاذ بن رفاعة عن جابر رضى الله عنه ـ قال جلس النبي صل الله عليه وسلم :"   على قبر سعد وهو يدفن فقال سبحان الله مرتين فسبح القوم ثم قال الله أكبر الله اكبر فكبروا فقال عجبت لهذا العبد الصالح شدد عليه في قبره حتى كان هذا حين فرج له .

قال ابن إسحاق حدثني من لا أتهم عن الحسن البصري رحمه الله ـ قال كان سعد بن معاذ باديناً فلما حملوه وجدوا له خفة فقال رجال من المنافقين والله إن كان لبادينا وما حملنا أخف منه فبلغ ذلك رسول الله صل الله عليه وسلم ـ فقال " إن له حملة غيركم والذي نفسي بيده لقد استبشرت الملائكة بروح سعد بن معاذ واهتز له العرش "
يزيد بن هارون أنبأنا محمد بن عمرو بن علقمة عن أبيه عن جده عن عائشة رضى الله عنه ـ قالت خرجت يوم الخندق أقفو آثار الناس فسمعت وئيد الأرض ورائي فإذا سعد بن معاذ ومعه ابن أخيه الحارث بن أوس يحمل مجنة فجلست فمر سعد وعليه درع قد خرجت منه أطرافه وكان من أطول الناس وأعظمهم فاقتحمت حديقة فإذا فيها نفر فيهم عمر رضى الله عنه ـ فقال ما جاء بك والله إنك لجريئه ما يؤمنك أن يكون بلاء فما زال يلومني حتى تمنيت أن الأرض انشقت ساعتئذ فدخلت فيها وإذا رجل عليه مغفر فيرفعه عن وجهه فإذا هو طلحة فقال ويحك قد أكثرت وأين التحوز والفرار إلا إلى الله

يقول محمد بن عمرو عن محمد بن إبراهيم حدثني علقمة بن وقاص عن عائشة رضى الله عنها قالت أقبلنا مع رسول الله صل الله عليه وسلم ـ قافلين من مكة حتى إذا كنا بذي الحُليفة وأسيد بن حضير بيني وبين رسول الله صل الله عليه وسلم ـ فيلقى غلمان بني عبد الأشهل من الأنصار فسألهم أسيد فنعوا له امرأته فتقنع يبكي قلت له غفر الله لك أتبكي على امرأة وأنت صاحب رسول الله صل الله عليه وسلم ـ وقد قدم الله لك من السابقة ما قدم فقال ليحق لي أن لا أبكي على أحد بعد سعد بن معاذ وقد سمعت رسول الله يقول ما يقول قال قلت وما سمعت قال قال " لقد اهتز العرش لوفاة سعد بن معاذ "
حدثناإسماعيل بن مسلم العبدي حدثنا أبو المتوكل أن النبي صل الله عليه وسلم ـ ذكر الحمى فقال :" من كانت به فهو حظه من النار " فسألها سعد بن معاذ رضى الله عنه ـ ربه فلزمته فلم تفارقه حتى مات أبو الزبير عن جابر رضى الله عنه ـ قال رُمي سعد بن معاذ يوم الاحزاب فقطعوا أكحله فحسمه رسول الله صل الله عليه وسلم ـ بالنار فانتفخت يده فنزفه فحسمه أخرى .

حدثناأبو إسحاق عن عمرو بن شرحبيل قال لما انفجر جرح سعد عجل إليه رسول الله صل الله غليه وسلم ـ فأسنده إلى صدره والدماء تسيل عليه فجاء أبو بكر رضى الله عنه ـ فقال : وانكسار ظهراه على سعد بن معاذ فقال رسول الله صلى الله عليه ـ مهلا أبا بكر رضى الله عنه ـ فجاء عمر رضى الله عنه ـ فقال إنا لله وإنا إليه راجعون ورواه شعبة عنه محمد بن عمرو عن أبيه عن جده عن عائشة رضى الله عنه ـ قالت حضر رسول الله صل الله عليه وسلم ـ وأبو بكر وعمر سعد بن معاذ وهو يموت في القبة التي ضربها عليه رسول الله صل الله عليه وسلم ـ في المسجد قالت والذي نفس محمد بيده إني لاعرف بكاء أبي بكر من بكاء عمر وإني لفي حجرتي فكانا كما قال الله تعالى :" رحماء بينهم " سورة الفتح قال علقمة فقلت أي أمه كيف كان رسول الله صل الله عليه وسلم ـ يصنع قالت كان لا تدمع عينه على أحد ولكنه كان إذا وجد فإنما هو آخذ بلحيته .

وعن يزيد بن هارون أنبأنا إسماعيل بن أبي خالد عن رجل من الأنصار قال لما قضي سعد في بني قريظة ثم رجع انفجر جرحه فبلغ ذلك رسول الله صل الله عليه وسلم ـ فأتاه فوضع رأسه في حجره وسجي بثوب أبيض وكان رجلا أبيض جسيما فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ـ اللهم إن سعدا قد جاهد في سبيلك وصدق رسولك وقضى الذي عليه فتقبل روحه بخير ما تقبلت به روحا " فلما سمع سعد كلام رسول الله صل الله عليه وسلم ـ فتح عينيه ثم قال السلام عليك يا رسول الله إني أشهد أنك رسول الله وقال النبي صل الله عليه وسلم لأهل البيت استأذن الله من ملائكته عددكم في البيت ليشهدوا وفاة سعد بن معاذ قال وأمه تبكي وتقول ويل أمك سعدا : " حزامة وجدا " تطلب له السلامة والأمن " فقيل لها أتقولين الشعر على سعد فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ـ دعوها فغيرها من الشعراء أكذب ) هذا مرسل

وقال الواقدي أنبأنا معاذ بن محمد عن عطاء بن أبي مسلم عن عكرمة عن ابن عباس رضى الله عنهما ـ قال لما انفجرت يد سعد بن معاذ بالدم قام إليه رسول الله صل الله عليه وسلم ـ  فاعتنقه والدم ينفح من وجه رسول الله صل الله عليه وسلم ـ  ولحيته حتى قضى عاصم بن عمر عن محمود بن لبيد قال لما أصيب أكحل سعد فثقل حولوه عند امرأة يقال لها رفيدة تداوي الجرحى فكان النبي صل الله عليه وسلم ـ إذا مر به يقول كيف أمسيت وكيف أصبحت فيخبره حتى كانت الليلة التي نقله قومه فيها وثقل فاحتملوه إلى بني عبد الأشهل إلى منازلهم وجاء رسول الله فقيل انطلقوا به فخرج وخرجنا معه واسرع حتى تقطعت شِسوع نعالنا وسقطت أرديتنا فشكا ذلك إليه أصحابه فقال " إني أخاف أن تسبقنا إليه الملائكة فتغسله كما غسلت حنظلة " فانتهى إلى البيت وهو يغسل وأمه تبكيه وتقول " ويل أم سعد سعدا " حزامة وجدا " فقال :" كل باكية تكذب إلا أم سعد " ثم خرج به قال يقول له القوم ما حملنا يا رسول الله صل الله عليه وسلم ـ  ميتا أخف علينا منه قال :" ما يمنعه أن يخف وقد هبط من الملائكة كذا وكذا لم يهبطوا قط قبل يومهم قد حملوه معكم "

وحدثنا شعبة عن سماك سمع عبد الله بن شداد يقول دخل رسول الله صل الله عليه وسلم ـ على سعد وهو يكيد نفسه فقال " جزاك الله خيرا من سيد قوم فقد أنجزت ما وعدته ولينجزنك الله ما وعدك "
وعن حماد بن سلمة عن محمد بن زياد عن عبد الرحمن بن سعد بن معاذ أن بني قريظة نزلوا على حكم رسول الله صل الله عليه وسلم ـ فقد خشى الرسول صل الله عليه وسلم البلاء على المسلمين , وأراد موادعة غطفان , ومعاهدتها على الرجوع , ولها ثلث تمر المدينة , فأرسل إلى سعد بن معاذ فجييء به محمولا على حمار وهو مضنى من جرحه , فما أن علم بما قاله رسول الله صل الله عليه وسلم ـ قال له فى إباء يا رسول الله ؛ قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان , لانعبد الله ولانعرفه , وهم يطمعون أن يأكلوا منها تمرة إلا قِرى وهو ما يقدم للضيف " أو بيعا أفحين أن أكرمنا الله بالإسلام وهدانا إليه , وأعزنا بك وبه نعطيهم أموالنا ؟ والله مالنا بهذا من حاجة " فقال له " أشِر علي في هؤلاء " قال إني أعلم أن الله قد أمرك فيهم بأمر أنت فاعله قال " أجل ولكن أشر " قال لو وليت أمرهم لقلت بمقاتلتهم وسبيت ذراريهم فقال " والذي نفسي بيده لقد أشرت علي فيهم بالذي أمرني الله به"
وعن محمد بن صالح التمار عن سعد بن إبراهيم عن عامر بن سعد عن أبيه قال لما حكم سعد بن معاذ في بني قريظة أن يقتل من جرت عليه المواسي قال رسول الله صل الله عليه وسلم ـ لقد حكم فيهم بحكم الله الذي حكم به من فوق سبع سموات "
وعن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة قال لم يرق دم سعد حتى أخذ النبي صل الله عليه وسلم ـ بساعده فارتفع الدم إلى عضده فكان سعد يقول اللهم لا تمتني حتى تشفيني من بني قريظة .

وقال الواقدي حدثني سعيد بن محمد عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن ابيه عن جده قال كنت ممن حفر لسعد قبره بالبقيع فكان يفوح علينا المسك كلما حفرنا حتى انتهينا إلى اللحد ثم قال ربيح وأخبرني محمد بن المنكدر عن محمد بن شرحبيل بن حسنة قال أخذ إنسان قبضة من تراب قبر سعد فذهب بها ثم نظر فإذا هي مسك ورواها محمد بن عمرو بن علقمة عن ابن المنكدر
وقال الواقدي أنبأنا عبيد بن جبيرة عن الحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ قال كان سعد بن معاذ رجلا أبيض طوالا جميلا حسن الوجه أعين حسن اللحية فرمي يوم الخندق سنة خمس من الهجرة فمات من رميته تلك وهو يومئذ ابن سبع وثلاثين سنة فصلى عليه رسول الله صل الله عليه وسلم ـ ودفن بالبقيع .

وذكرابن سعد قال : أنبأنا محمد بن عمر حدثني إبراهيم بن الحصين عن داود بن الحصين عن عبد الرحمن بن جابر رضى الله عن أبيه قال لما انتهوا إلى قبر سعد نزل فيه أربعة الحارث بن أوس وأسيد بن الحضير وأبو نائلة سلكان وسلمة بن سلامة بن وقش ورسول الله صل الله عليه وسلم ـ واقف فلما وضع في قبره تغير وجه رسول الله صل الله عليه وسلم ـ وسبح ثلاثا فسبح المسلمون حتى ارتج البقيع ثم كبر ثلاثا وكبر المسلمون فسئل عن ذلك فقال :" تضايق على صاحبكم القبر وضم ضمة لو نجا منها أحد لنجا هو ثم فرج الله عنه"
قلت هذه الضمة ليست من عذاب القبر في شيء بل هو أمر يجده المؤمن كما يجد ألم فقد ولده وحميمه في الدنيا وكما يجد من ألم مرضه وألم خروج نفسه وألم سؤاله في قبره وامتحانه وألم تأثره ببكاء أهله عليه وألم قيامه من قبره وألم الموقف وهوله وألم الورود على النار ونحو ذلك فهذه الاراجيف كلها قد تنال العبد وما هي من عذاب القبر ولا من عذاب جهنم قط ولكن العبد التقي يرفق الله به في بعض ذلك أو كله ولا راحة للمؤمن دون لقاء ربه .

قال الله تعالى :" وأنذرهم يوم الحسرة " سورة مريم  وقال تعالى :"  وأنذرهم يوم الازفة إذ القلوب لدى الحناجر " سورة غافر  فنسأل الله تعالى العفو واللطف الخفي ومع هذه الهزات فسعد ممن نعلم أنه من أهل الجنة وأنه من أرفع الشهداء رضي الله عنه كأنك يا هذا تظن أن الفائز لا يناله هول في الدارين ولا روع ولا ألم ولا خوف سل ربك العافية وأن يحشرنا في زمرة سعد رضى الله عنه ـ
وعن شعبة حدثنا سعد بن إبراهيم عن نافع عن عائشة عن النبي صل الله عليه وسلم ـ قال " إن للقبر ضغطة ولو كان أحد ناجيا منها نجا منها سعد بن معاذ رضى الله عنه ـ  إسناده قوي عقبة بن مكرم حدثنا ابن أبي عدي عن شعبة عن سعد بن إبراهيم عن نافع عن صفية بنت أبي عبيد عن عائشة عن النبي  صل الله عليه وسلم ـ " لو نجا أحد من ضمة القبر لنجا منها سعد "

وعن يزيد بن هارون أنبأنا محمد بن عمرو عن واقد بن عمرو بن سعد قال دخلت على أنس بن مالك وكان واقد من أعظم الناس وأطولهم فقال لي من أنت قلت أنا واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ رضى الله عنه ـ قال إنك بسعد لشبية ثم بكى فأكثر البكاء ثم قال يرحم الله سعدا كان من أعظم الناس وأطولهم بعث رسول الله صل الله عليه وسلم ـ جيشا إلى أكيدر دومة فبعث إلى رسول الله صل الله عليه وسلم ـ  بجبة من ديباج منسوج فيها الذهب فلبسها رسول الله صل الله عليه وسلم ـ  فجعلوا يمسحونها وينظرون إليها فقال :" أتعجبون من هذه الجبة " قالوا يا رسول الله صل الله عليه وسلم ـ  ما رأينا ثوبا قط أحسن منه قال :" فوالله لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن مما ترون". قيل كان سعد بن معاذ وأسعد بن زرارة ابني خالة. وقال ابن إسحاق آخى رسول الله  صل الله عليه وسلم ـ   بين سعد بن معاذ وأبي عبيدة بن الجراح وقيل آخى بينه وبين سعد بن أبي وقاص وقد تواتر قول النبي   إن العرش اهتز لموت سعد فرحا به "

وعن إسماعيل بن أبي خالد عن إسحاق بن راشد عن أسماء بنت يزيد رضى الله عنها ـ قالت لما توفي سعد بن معاذ صاحت أمه فقال النبي صل الله عليه وسلم ـ ألا يرقأ دمعك ويذهب حزنك فإن ابنك أول من ضحك الله إليه واهتز له العرش " هذا مرسل
ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر أنه سمع رسول الله صل الله عليه وسلم ـ يقول وجنازة سعد بين أيديهم " اهتز لها عرش الرحمن"
ابن أبي عروبة عن قتادة عن أنس قال رسول الله صل الله عليه وسلم ـ وجنازة سعد موضوعة " اهتز لها عرش الرحمن " جماعة عن عطاء بن السائب عن مجاهد عن ابن عمر رضى الله عنهما يرفعه " اهتز العرش لحب لقاء الله سعدا "

وحدثنا يونس عن ابن إسحاق عن معاذ بن رفاعة قال حدثني من شئت من رجال قومي أن جبريل أتى رسول الله صل الله عليه وسلم ـ  حين قبض سعد معتجرا بعمامة من إستبرق فقال يا محمد من هذا الميت الذي فتحت له أبواب السماء واهتز له العرش فقام سريعا يجر ثوبه إلى سعد فوجده قد مات قال ابن إسحاق عن أمية بن عبد الله عن بعض آل سعد أن رجلا قال وما اهتز عرش الله من موت هالك ـ سمعنا به إلا لسعد أبي عمرو
عبد الله بن إدريس حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضى الله عنهما ـ ومنهم من أرسله قال قال رسول الله  صل الله عليه وسلم ـ" هذا العبد الصالح الذي تحرك له العرش وفتحت أبواب السماء وشهده سبعون ألفا من الملائكة لم ينزلوا إلى الأرض قبل ذلك لقد ضم ضمة ثم أفرج عنه"يعني سعدا رواه محمد بن سعد عن إسماعيل بن مسعود عنه أبو معشر عن سعيد المقبري أن رسول الله  قال :"  لو نجا أحد من ضغطة القبر لنجا سعد ولقد ضم ضمة اختلفت منها أضلاعه من أثر البول "هذا منقطع

ويروى أن النبي صل الله عليه وسلم ـ حمل جنازة سعد خطوات ولم يصح .
وعن الواقدي , حدثني سعيد بن محمد عن ربيح بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده أبي سعيد قال كنت ممن حفر لسعد قبره بالبقيع وكان يفوح علينا المسك كلما حفرنا قال ربيح فأخبرني محمد بن المنكدر عن رجل قال أخذ إنسان " قبضة " من تراب قبر سعد فذهب بها ثم نظر إليها بعد فإذا هي مسك، وروى نحوه محمد بن عمرو بن علقمة عن ابن المنكدر عن محمد بن شرحبيل بن حسنة .
محمد بن عمرو بن علقمة عن أبيه عن جده عن عائشة رضى الله عنها ـ قالت ما كان أحد أشد فقدا على المسلمين بعد النبي صل الله عليه وسلم ـ  وصاحبيه أو أحدهما من سعد بن معاذ
وقال الواقدي أنبأنا عبيد بن جبيرة عن الحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ قال كان سعد أبيض طوالا جميلا حسن الوجه أعين حسن اللحية عاش سبعا وثلاثين سنة .

ويقول أبو إسحاق السبيعي عن رجل عن حذيفة قال رسول الله صل الله عليه وسلم ـ اهتز العرش لروح سعد بن معاذ وروى سليمان التيمي عن الحسن قال رسول الله صل الله عليه وسلم ـ اهتز عرش الرحمن لوفاة سعد .
وذكر ابن سعد قال أنبأنا محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب عن مجاهد عن ابن عمر رضى الله عنهما قال اهتز العرش لحب لقاء الله سعدا قال إنما يعني السرير وقرأ قوله تعالى :" ورفع أبويه على العرش " سورة يوسف قال إنما تفسحت أعواده قال ودخل رسول الله صل الله عليه وسلم ـ قبره فاحتبس فلما خرج قيل يا رسول الله صل الله عليه وسلم ـ ما حبسك قال ضُم سعد في القبر ضمة فدعوت الله أن يكشف عنه .
وروى أبو نعيم حدثنا إسماعيل بن مسلم العبدي عن أبي المتوكل أن النبي صل الله عليه وسلم ـ ذكر الحمى فقال " من كانت به فهي حظه من النار " فسألها سعد بن معاذ رضى الله عنه ـ ربه فلزمته حتى فارق الدنيا كان لسعد من الولد عبد الله وعمرو فكان لعمرو تسعة أولاد , وظل سعد بن معاذ رضى الله عنه ـ جنديا مخلصا لدينه ونبيه صل الله عليه وسلم ـحتى وافته المنية ولقى ربه راضيا مرضيا , فرضى الله عن الصحابى سعد بن معاذ وجمعنا به فى مستقر رحمته والصحابة أجمعين . . موقع من فقه الإسلام للشيخ سامى ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .