من هدى القرآن مختارات من " التفسير " آداب الإستئذان "

من أدب الإسلام الإستأذان :

قال تعالى :" يا أيها الذين أمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم حناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم * وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستئذنوا كما استئذن الذين من قبلهم كذلك يبين الله لكم أياته والله عليم حكيم *
والقواعد من النساء اللاتى لايرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم * سورة النور الآيات 58 ـ 60 ـ . ( 1)

المعنى العام :

هذه الآيات تدور حول الآداب الإسلامية التى يجب أن يتمثلها المسلمون فى بيوتهم
ومن ذلك :
1ـ أن من واجب المسلمين فى أسرهم , أن يأخذوا على خدمهم سواء كانوا ذكوراً أو إناثا فى بيوتهم , وكذلك صبيانهم الذين لم يصلوا إلى حد البلوغ , بإلتزام آداب الإستأذان عند الدخول عليهم فى أوقات ثلاثة :
أ ـ عند صلاة الفجر بـ عند الظهيرة ج ـ بعد صلاة العشاء .
وذلك لأن هذه أوقات جرت فيها العادة بأن تبدل الثياب , ويتغير نظام الملبس , وقد تنكشف فيها العورات , ما لاينبغى أن تطلع عليه عين لأحد هؤلاء عليه . ( 2)

وأما فى غير هذه الأوقات فلا حرج عليهم فى أن يدخلوا بغير استئذان , لأن أعمال المنزل , وأوضاعه المألوفة , والروابط والصلات بين من يستظلون بظله تقتضى أن يتردد بعضهم على بعض , وهذه أحكام عرضتها الآيات فى بيان واضح , لتلتزم عند العمل بها ولا ينبغى لأحد أن يحيد عنها , وقد شرعها العليم الخبير بتكوين النفوس
وبما يجرى فيها , الحكيم فى تشريعه فيما يناسبها وما تصلح به أحوال عباده , فى جميع أمورها وسائر أحوالها . (3)

2 ـ وتدعوا الآيات إلى أن الصبيان إذا وصلوا حد البلوغ , وجب عليهم أن يستأذنوا فى كل وقت وكل حال , شأن أمثالهم من البالغين قبلهم , لاختلاف حالهم بعد البلوغ عما كانت عليه قبله , والله عليم بما صاروا عليه , ولهذا فإنه سبحانه قد جعل لهم من التشريع ما يناسب حالهم .
3 ـ وتبين الآيات أن للعجائز من النساء اللاتى بلغن سنا لايطمعن معها فى الزواج يباح لهن التخفف من بعض الملابس , لكن فى غير تبرج بزينة , لأن النظرة إليهن
تكون محمتلةً بهيبةِ الكِبَر وجلاله , ومع ذلك فإن الإستتار أفضل لهن تعففا وبعداً عما يريب , والله سميع عليم , سميع لكل مايلفظن به , عليم بما تنطوى عليهن نفوسهن عليه , فعليهن مراقبة الله تعالى فى سائر أحوالهن وأعمالهن . (4 )

ومن هذه الآيات نتعلم أن الإسلام لايترك أدق العلاقات دون تنظيم , وأنه فى تنظيمه وتشريعه من أحكام , يرعى التكوين الجسمى والنفسى وأطوار النمو للفرد , فقد جعل الإسلام لكل مرحلة من مراحل نموا الإنسان وبناءه علاج يمر به , وبذلك يرعى الإسلام خير المجتمع ومصلحته , وحين يوجه الإسلام إلى أن يؤدب الصبيان
بآداب الإسلام عند الإستأذان , فإنه كذلك يدعوا الكبار إلى أخذ الحيطة والمحافظة على المظهر اللائق فى الملبس داخل بيوتهم , وفيها حث للعجائز على ما يتجملن به من التعفف والإحتشام , ومن هذا ندرك أن الإستئذان إذا كان بهذه الدرجة من العناية فى محيط الأسرة والبيت , فهو فى العموم عند دخول الغرباء بين الأسرأوجب قال تعالى :" يا أيها الذين أمنوا لاتدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها " سورة النور الأية 27 ـ . موقع من فقه الاسلام ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .( 5)

من أخلاق القرآن وأحكامه : (آداب الاستئذان )
سيظل هذا الدين الخاتم تصدح أنواره فى المشارق والمغارب , إلى أن يرث الأرض ومن عليها رضى الأعداء بذلك أم سخطوا قال تعالى :" إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " سورة الحجر الأية ـ وستظل أحكامه وشرئعه فى القمة والمقدمة ظاهرة
قال تعالى :" هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون " سورة الصف الأية ـ وسوف تنتصر هذه الأمة وتستعيد مجدها ومكانتها , ما أخذت بأسباب النصر وحققت أمر الله تعالى ونهيه , وطبقت منهج القرآن والسنة . (6)

ومن هذه الأوامر النواهى التى حض الإسلام على تطبيقها والحرص على العمل بها , ما كان من آداب الاستئذان , وإنه لأمر جد خطير لو علم الناس بذلك وما يترتب على التفريط فى تنفيذه من أخطار , وهناك كثير من الناس ينظرون على هذا أنه أمر ثانوى ولا يدخل فى , صميم الحياة واقامة البيوت وتربية الأسر , وأن ذلك لا يتمشى مع تقدم العصر , وانطلاقه غير المحدود لكن الإسلام فى أحكامه لا ينظر إلى فرد أو جماعة دون البشر جميعا , فأحكام الإسلام عامة وليست لعصر معين , ولا لفترة زمنية , بل هو شرع ودين للناس جميعا , ولك زمان ومكان .
(7)

مادة الاستئذان :

ولأهمية الإستئذان وعظم خطره , نجد الإسلام قد اهتم به إهتماما واعيا , وذكر القرآن الكريم مادتها ومواطن استعمالها , بما لايزيد على أكثر من ثمانين مرة
وحديثنا فى هذا الموضوع والذى يهمنا ويجدر بالإهتمام , هو الحديث عن استئذان من يريد أن يدخل من خارج البيت , أو من يريدون التنقل من الحجرات من داخله .
وقد اكثر أهل العلم من الحديث حول مادة الإستئذان والإستئناس , لكنها فى النهاية تؤدى إلى أن الإستئذان والإستئناس لافرق بينهما , وإن كان الإستئناس أعم وأشمل من الإستئذان , لأن الإذان معناه الإشارة للمستأذن بأن يدخل , أما الإستئناس فيكون عن تأنى للمستاذن والإستيثاق من أنس أهل البيت , ورغبتهم به من عدمه يوضح
                                                                                    (

هذا ما جاء فى قول الله تعالى :" يا أيها الذين أمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا ذلك أزكى لكم والله بما تعملون عليم ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم والله يعلم ما تبدون وما تكتمون " سورة النور الآية 27 ـ 29 ـ وهذا إنما يكون فى حق من هم خارج البيت , أى أنهم ليسوا من أسرة البيت وليسوا بداخله , وأما من هم بداخله ويريدون
أن ينتقلوا فيه يقول الله تعالى فى ذلك:" يا أيها الذين أمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم حناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم " سورة النور . (9)

الإستئذان فى البيوت :

وهنا إشارة لطيفة وهى أن القرآن الكريم استعمل , الإستئناس عند ارادة دخول بيوت الآخرين , والإستئذان عند إرادة دخول الأطفال أو الخدم حجرات البيوت و
وأما عن علة الحكم الأول فقد قصد به القرآن الإيناس والإستعلام , قبل الدخول , وبذلك تزول عنه الوحشة متى أذن له , ويحس بأنه مفبول ومرغوب فى دخوله
أو أنه مكروه مبغوض , وعن علة الحكم الثانى من استأذان الصبيان والخدم فهو من باب الأدب والإحترام حتى لاتقع أعينهم على ما لايحل من عورات .
وفى كلا الموضعين نداء من الله تعالى لفئة خاصة من الناس , وهم المؤمنون وهم الذين يستجيبون لأوامر الله ونهيه ويتأدبون بآداب القرآن والسنة , وبهذا يكون أهل التفريط والإفراط فى أحكام الله وعدم تطبيقها , والعمل بها خارجون من هذا النداء وهم ليسوا بالمؤمنين . (10)

وفى النداء الأول توجيه لأهل الإيمان ينهاهم فيه عن دخول بيوت الغير , بدون استئناس وتسليم , وهذه البيوت إن كانت ممن تسكن وأذن لنا بالدخول دخلنا فإن لم يؤذن لنا رجعنا , وربما يكون فى البيت من يسكنه ولكنهم يصمتون , لحرج سيقع عليهم ممن يدخل عليهم , أو لايرغبون فى دخوله وهذا ربما يكون أفضل من أن نلقن أبنانا الكذب فى أن يقولوا " فلان ليس موجود وهو فى الحقيقة موجود فنكون قد كذبنا بذلك وعودنا أطفالا على الكذب " ولذلك يجب على من يرجع ولم يؤذن له بالدخول , أن يؤول الصمت وعدم الإذن تأويلا حسنا , وألا يفضى ذلك إلى غضب ولا إلى قطيعة بين المؤمنين . واما البيوت الخالية ولنا فيها مصالح كمؤسسات الحكومة وغيرها مما فيها مصالح عامة للناس دخلناها بدون إذن ولا إثم علينا فى ذلك (11)

بين الأمر والنهى :

وقد يقول البعض لماذا ؟ هذا الأوامر وتلك النوهى , نقول لأن الله تعالى يريد لنا الخير والسعادة وأن نتأدب بأخلاق الإسلام , فأوجب على المسلم عند دخول بيت غيره من الناس أن يستأنس ويستأذن فيسلم على أهل البيت ثلاثا ـ السلام عليكم :
فإن أذن له بعدها أو فى خلالها دخل , وإلا انصرف مأجوراً مشكوراً من غير غضب أو تبرم قال تعالى :" وإن قيل لك ارجعوا فارجعوا ذلك أزكى لكم " , ولأن فى اقتحام البيوت من غير استأذان يكشف عورات ويهتك الحرمات , ومن ثم يحدث الشقاق وتوغر الصدور بالعداوة والأحقاد , وهذا الدين يريد أن يكون بين أهل المحبة والألفة كالجسد الواحد , يالم لألمه , ويفرح لفرحه
فالإستأذان الإستئناس والتسليم يُزيل الريبة , وظن السوء ويبعد التهمة , ويجعل الزائر محترما وكبيرا فى عين المزور. ( 12)

والبيوت غير المسكونة لايجوز للمسلم دخولها ولا اقتحامها , فحرمة البيوت تمنع ذلك وتحرمه , وقد يكون فيها من الأشياء التى تجعل أهلها فى حرج ممن يراها ويشاهدها من الناس , وقد يتهم ويجنى من وراء ذلك المصائب والمشاكل التى تجلب له العار والخيانة ولقد جاءت امرأة إلى رسول الله صل الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله صل الله عليه وسلم ـ إن أكون فى بيتى على الحالة التى لا أحب أن يرانى
عليها أحد , لا ولد ولا والد فيأتنى آت فيدخل علىَّ فكيف أصنع ؟ فأنزل الله تعالى قوله :" يا أيها الذين أمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنوا وتسلموا على أهلها " بعد نزول هذه الآية قال الصديق أبو بكر رضى الله عنه ـ يا رسول الله صل الله عليه وسلم ـ فكيف بتجار قريش الذين يختلفون بين مكة والمدينة , والشام وبيت المقدس ولهم بيوت معلومة على الطريق , فكيف يستأذنون وليس فيها سكان فأنزل الله تعالى :" ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم " (13)

بين القاء السلام والإستأذان :

والسنة الشريفة تفيض بهذا المعنى تفصيلا وبيانا , ومن ذلك أن رجلا استأذن على رسول الله صل الله عليه وسلم ـ وهو فى البيت فقال : أألج ؟ فقال صل الله عليه وسلم لخادمه , اخرج إلى هذا فعلمه أدب الإستأذان فقال له : السلام عليكم , أأدخل " وأيضا جاء زيد بن أسلم رضى الله عنه جاء إلى ابن عمر رضى الله عنهما ـ فقال : أألج فأذن له , ثم قال لاتقل : أألج , ولكن قل السلام عليكم , فإن قيل لك وعليك فقل : أأدخل ؟ فإذا قالوا أدخل فادخل " واستأذن عمر رضى الله عنه ـ على رسول الله صل الله عليه وسلم ـ فقال السلام عليك يا رسول الله صل الله عليه وسلم ـ أيدخل عمر ؟
ولهذا قال أهل العلم : إن كان القادم يرى أحدا من أهل البيت سلم أولا ثم استأذن فى الدخول , وإن كانت عينه لا ترى أحدا قدم الإستأذان على السلام " جمعا بين ما ورد من أدلة . ( 14)

ومن آدب الإستئذان :

أن يعلن عن اسمه كما يفعل الكثيرون ومن حديث جابر رضى عنه قال :" أتيت النبى صل الله عليه وسلم فدققت الباب فقال : من ذا ؟ فقلت : أنا فقال عليه الصلاة والسلام : أنا : أنا كأنه كرهها " رواه البخارى ومسلم . وأن يستأذن ثلاث مرات ـ قال صل الله عليه وسلم :" الإستئذان ثلاث فإن أذن لك إلا فارجع " رواه البخارى ومسلم
فالإستئذان يكون بالسلام ثلاث مرات فإن أذن له أثنائهما أو بعدهما دخل , وإلا انصرف كما فى حديث أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه ـ كنت جالسا فى مجلس من مجالس الأنصار فجاء أبو موسى رضى الله عنه ـ فزعا , فقلنا له : ما أفزعك ؟
فقال : أمرنى عمر أن أتيه فأتيته , فاستأذنت ثلاثا فلم يؤذن لى فرجعت فقال : ما منعك أن تأتينى ؟ فقلت قد جئتك فاستأذنت ثلاثا فلم يؤذن لى , وقد قال صل الله عليه وسلم ـ إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع , فقال : لتأتنى على هذا بالبينة أو لأعاقبنك , فقال أبى بن كعب رضى الله عنه ـ لا يقوم معك إلا أصغر القوم , قال أبو سعيد رضى الله عنه ـ وكنت أصغرهم فقمت معه فأخبرت عمر أن النبى صل الله عليه وسلم قال ذلك " ( 15)

ومن آداب الإستئذان عدم الوقوف فى مواجهة الباب :

يقول العلامة بن كثير رحمه الله تعالى ـ أنه ينبغى للمستأذن على أهل المنزل ألا يقف تلقاء الباب بوجهه , ولكن ليكن الباب عن يمينه أو عن يساره لما رواه أبو داود عن عبد الله بن بُسر رضى الله عنه قال : كان رسول الله صل الله عليه وسلم ـ كان رسول الله صل الله عليه وسلم ـ إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه , ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر ويقول: السلام عليكم : السلام عليكم "
والحكمة من عدم استقبال الباب والوقوف يمينا أو يساراً , حتى لايقع بصره على ما لايحل كشفه ولا يحب أهل البيت أن يراه " ومما قاله سعيد بن عبادة رضى الله عنه جئت إلى النبى صل الله عليه وسلم وهو فى بيته فقمت مقابل الباب فاستاذنت , فأشار إلىَّ أن تباعد وقال : هل الإستئذان إلا من أجل النظر " ولقد جعل الإستاذان والسلام من أجل التنبيه أن هناك طارق بالباب , وكذلك لتهيئة أهل البيت لمقابلة الطارق أو عدم مقابلته , أو يحصل الإذن بالدخول أو عدمه . ( 16 )

الإستأذان على المحارم :

ولنعلم أن الإستأذان ليس متوقفا على دخولنا بيوت غيرنا , بل يجب أن يكون كذلك مع المحارم داخل البيت كالأم الأخوة والأخوات البالغين , حتى لاتقع بصره على عورات من ذكر فقد قال صل الله عليه : أأستأذن على أمى ؟ قال : نعم , قال إنها ليس لها خادم غيرى أفأستأذن عليها كلما دخلت ؟ قال صل الله عليه وسلم ـ:" أتحب أن تراها عريانه ؟ قال لا , قال : فستأذن عليها " ( 17)

استأذان الصغار :

مما تقدم ذكره هو فى شأن الكبار وبيوت الآخرين , حتى أن أهل العلم قالوا أن العين الناظرة خلسة إلى عورات البيوت لو فقئت ذهبت هدراً , بدون دية ولا قصاص وبهذا جاءت الأحاديث عن النبى صل الله عليه وسلم ـ وأما عن ما يتعلق بأحكام الصبيان والخدم ودخولهم على بعض فى البيت الواحد والأسرة الواحدة ؟
يقول تعالى :" يا أيها الذين أمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم ..." وفى ذلك توضيح وبيان أن الخدم والصبيان الذين لم يبلغوا الحلم , أى سن الإحتلام والبلوغ , هؤلاء يستأذنون فى أوقات ثلاثة , قبل صلاة الفجر , ووقت الظهيرة , ومن بعد صلاة العشاء , فهذه أوقات راحة يلجأ فيها الإنسان , إلى التخفف من الملابس وقيودها
وخاصة وقت الظهيرة وهو وقت قصير تحدث عنه القرآن بقوله :" وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة " فهذه ثلاث أوقات يباح للإنسان فيها عدم التحوط فى الستر اللازم ولذلك من أجل تعليم الصغار أدب الإستأذان وردعه عن الدخول بدون استأذان ولا اعلام . ( 18)

استأذان الكبار :

وإذا بلغ الأطفال سن الإحتلام والتكليف عليهم أن يلتزموا , بالإستأذان فى كل الأوقات شأنهم فى ذلك شأن الكبار من الرجال والنساء , وقد ذكر البخارى فى الأدب المفرد عن نافع عن ابن عمر رضى الله عنهما : أنه كان إذا بلغ بعض ولده الحلم لم يدخل عليه إلا بإذن " وإذا لم يكن مع الرجل فى بيته إلا امرأته فلا يجب عليه الإستأذان لكن إذا خرج ينبغى أن يخبرها بمجيئه للتتجهز له فلا يرى منها مايكره كما بين ذلك رسول الله صل الله عليه وسلم ـ ( 19 ) موقع من فقه الاسلام ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .