تفسير آيات متنوعه من القرآن :

وفي التفسير الميسر :" كل نفس بما كسبت من أعمال الشر والسوء محبوسة مرهونة بكسبها، لا تُفَكُّ حتى تؤدي ما عليها من الحقوق والعقوبات، إلا المسلمين المخلصين أصحاب اليمين الذين فكُّوا رقابهم بالطاعة ، هم في جنات لا يُدْرَك وصفها، يسأل بعضهم بعضًا عن الكافرين الذين أجرموا في حق أنفسهم: ما الذي أدخلكم جهنم، وجعلكم تذوقون سعيرها؟ قال المجرمون: لم نكن من المصلِّين في الدنيا ، ولم نكن نتصدق ونحسن للفقراء والمساكين ، وكنا نتحدث بالباطل مع أهل الغَواية والضلالة ، وكنا نكذب بيوم الحساب والجزاء ، حتى جاءنا الموت ، ونحن في تلك الضلالات والمنكرات.. " . موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

‏ كلمات من نور :

قال تعالى :" فلا يحزنكَ قولهم إنَّا نعلمُ مايسرون وما يُعلنون" سورة يسن الآية 67 ـ
في هذه الآية الكريمة تسلية وتسريه لسيدنا رسول الله صل الله عليه وسلم ـ حتى لا ينشغل بأقوال البشر وما تقولوا به عليه من أكاذيب وافتراءات , وتذكير له صل الله عليه وسلم بعظمة الله تعالى وحمايته له وأنه عز وجل معه . وهكذا كل مسلم له شأن مع ربه يضمن حمايته وحبه له , ويُسدد خطاه ويحفظه من كل بلاء وسوء ," " . موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من هدي القرآن الكريم :

ـ لا كرب عليك ولك رب كريم ,يقول الله تعالى : واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون " سورة النحل الآية 127 ـ 128 ـ لقد كان من فضل الله تعالى على الأمة الإسلامية أن بعث فيهم رسولا من أنفسهم ومن أوسطهم وأفضلهم , نسبا وتاريخا وأخلاقا وهذا الرسول الكريم صل الله عليه وسلم ـ كان محبا للخير لقومه وحريصا على هداية أمته كما وصفه ربه بذلك قال تعالى :" لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم " سورة التوبة الآية 128 ـ فالرسول صل الله عليه وسلم يريد لأمته كل أنواع الخير الذي يوصلهم إلى باب الله تعالى ومرضاته بكل ما أوتي من قوة البيان والصبر والنصيحة للخير، كما في حديث أبي هريرة رضى الله عنه يقول الرسول صل الله عليه وسلم :" إنَما مثلى ومثل أمَّتي كمثل رجل استوقد ناراً، فجعلَت الدَّواب والفَراش يقعنَ فيه ، فأنا آخِذ بحُجَزكم وأنتم تقَحَّمون فيه " رواه مسلم ,

وفي الآية الكريمة أمر من الله تعالى  لنبيه عليه الصلاة والسلام بمواصلة السعي مع الصبر , ولا يكون ذلك إلا بالاجتهاد بالدعاء وبالركون إلى الله تعالى العلي القاهر  ، كما أمره بعدم الحزن مما اقترفه الأعداء في حق الإسلام والمسلمين ، ثم حثه ألَا يضيق أبداً من حِقدهم وكيْدهم ومكرِهم ، فهو سبحانه و تعالى محيطٌ بكل شئ , وحالنا اليوم والذي تعيشه الأمة الإسلامية يحتاج منا إلى هذه النصائح وتلك  الوصايا , وخاصة مع ازدياد حقد الأعداء , واضطراب مكرهم , وتشفيهم الخبيث والمتواصل  من الإسلام وأهله , ولهذا يُخاطب الله عز وجل أمة الإسلام في صورة النبي صل الله عليه وسلم ـ بعدم الضيق الذي يجر النفس إلى الحزن مما يؤدي إلى اليأس  بقوله تعالى :" ولا تك في ضيق مما يمكرون "

" ولذلك يقال: لا كرب ولك رب ، فعندما تضيق بك الدنيا والأهل والأحباب ، وتضيق عليك نفسُك ، فافزع إلى ربك ، لتكن في معيته سبحانه ولذلك قال تعالى بعد ذلك " : إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ". واليوم يجتمع علي أمتنا أعداء الإسلام وأذيالُهم في كل مكان من أرض الله ، كما تجتمع الأكلة على القصعة , وهناك حُزن وضيق يتمالُّك قلوبنا جميعا ، وحتى نأخذ الدرس والعبرة لا بد أن نسمع لهذا القرآن ، وندرس آياته ، ونقف عند المواقف التي تمثل واقعنا في السيرة النبوية لنستطيع أن نعالج واقعنا فإنه لا صلاح لأمتنا اليوم إلا بما صلح به أولها . قال تعالى :" ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ". سورة القصص والله أعلم . " موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من هدي القرآن :

تفصيل في قول الله تعالى السابق :" إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم , إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم "سورة المائدة الآية 33 ـ 34 ـ المحاربون لله ولرسوله ,هم الذين بارزوه بالعداوة , وأفسدوا في الأرض , بالكفر, والقتل , وأخذ الأموال , وإخافة السبل. والمشهور أن هذه الآية الكريمة , في أحكام قطاع الطريق , الذين يعرضون للناس, في القرى والبوادي, فيغصبونهم أموالهم, ويقتلونهم, ويخيفونهم, فيمتنع الناس من سلوك الطريق, التي بها , فتنقطع بذلك.

فأخبر الله أن جزاءهم ونكالهم - عند إقامة الحد عليهم - أن يفعل بهم واحد من هذه الأمور. واختلف المفسرون: هل ذلك على التخيير, وأن كل قاطع طريق, يفعل به الإمام أو نائبه , ما رآه المصلحة من هذه الأمور المذكورة؟ وهذا ظاهر اللفظ. أو أن عقوبتهم, تكون بحسب جرائمهم, فكل جريمة لها قسط يقابلها, كما تدل عليه الآية, بحكمها وموافقتها لحكمة الله تعالى. وأنهم إن قتلوا ولم يأخذوا ما لا تحتم قتلهم وصلبهم, حتى يشتهروا ويختزنوا, ويرتدع غيرهم. وإن قتلوا, ولم يأخذوا ما لا تحتم قتلهم فقط. وإن أخذوا مالا, ولم يقتلوا, تحتم أن تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف, اليد اليمنى, والرجل اليسرى. وإن أخافوا الناس, ولم يقتلوا, ولا أخذوا مالا, نفوا من الأرض, فلا يتركون يأوون في بلد, حتى تظهر توبتهم .

وهذا قول ابن عباس رضي الله عنه, وكثير من الأئمة, على اختلاف في بعض التفاصيل. " ذَلِكَ " النكال " لهم في خزي في الدنيا " أي: فضيحة وعار " ولهم في الآخرة عذاب عظيم " فدل هذا, أن قطع الطريق, من أعظم الذنوب, موجب لفضيحة الدنيا وعذاب الآخرة.
وأن فاعله, محارب لله ولرسوله. وإذا كان هذا شأن عظم هذه الجريمة , علم أن تطهير الأرض من المفسدين, وتأمين السبل والطرق, عن القتل, وأخذ الأموال, وإخافة الناس, من أعظم الحسنات, وأجل الطاعات, وأنه إصلاح في الأرض , كما أن ضده إفساد في الأرض." إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم " إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم " أي: من هؤلاء المحاربين. " فاعلموا أن الله غفور رحيم " أي: فيسقط عنه, ما كان لله, من تحتم القتل,والصلب, والقطع, والنفي.

ومن حق الآدمي أيضا, إن كان المحارب كافرا ثم أسلم. فإن كان المحارب مسلما, فإن حق الآدمي, لا يسقط عنه من القتل, وأخذ المال. ودل مفهوم الآية, على أن توبة المحارب - بعد القدرة عليه - أنها لا تسقط عنه شيئا. والحكمة في ذلك ظاهرة. وإذا كانت التوبة قبل القدرة عليه, تمنع من إقامة الحد في الحرابة , فغيرها من الحدود - إذا تاب من فعلها, قبل القدرة عليه - من باب أولى.ـ موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من هدي القرآن :

قال تعالى" : ولنبلونكم بشيء من الخوف و الجوع و نقص من الأموال و الأنفس و الثمرات و بشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله و إنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم و رحمة و أولئك هم المهتدون " سورة البقرة الآية 155 ـ ل 157 ـ قال تعالى :" ولنبلونكم من الخوف " أي ولنبلونكم بشئ من خوف الأعداء , " والجوع " ومن الجوع فإنه بئس الضجيع , وبنقص من الأموال التي هي عصب الحياة , ويتعسر لكم الحصول عليها , أو ذهابها , والأنفس , حيث تذهب بالموت أو الشهادة في سبيل الله تعالى , وبنقص من الثمرات من النخيل والأعناب والحبوب سواء بقلة إنتاجها أو بفسادها , ثم يُعقب الله تبارك وتعالى على حقيقة من حقائق الإيمان وثمرته بقوله : وبشر الصابرين " وهو خطاب لسيدنا رسول الله صل الله عليه وسلم ـ أن يبين لأمته ما يُفرحهم ويسرهم من حسن العاقبة في الدنيا والآخرة .

ولهذا كان لهؤلاء الصابرون أوصافا منها : أنهم إذا أصابهم شئ يكرهونه قالوا : إنا عبيد لله تعالى ومملوكون له , مدبرون بأمر وتصريفه , يفعل بنا ما يشاء بكل أنواع التصرفات , يقول الله عز وجل في الحديث القدسي " يا عبادي من رضي بقضائي وصبر على بلائي وقنع بعطائي وشكر نعمائي كتبته صديقاً وبعثته يوم القيامة مع الصديقين ولم يرض بقضائي ولم يصبر على بلائي ولم يقنع بعطائي ولم يشكر نعمائي فليخرج من تحت سمائي وليتخذ له رباً سواي وإنا إليه راجعون بالموت الذي هو نهاية كل حي , ثم البعث والوقوف بين يديه للحساب والجزاء , أولئك عليهم صلوات من ربهم و رحمة و أولئك هم المهتدون" هؤلاء الصابرون في الدنيا على ما يكرهون لهم ثناء من ربهم ورحمة عظيمة منه سبحانه وتعالى , وأولئك هم الذين هداهم الله تعالى على الرشاد والسداد . التفسير الميسر بتصريف". موقع فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من هدي القرآن :

قال تعالى :" واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون , إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون " سورة النحل الآية 127 ـ 128 ـ عندما تتصاعد الشدائد وتتزيد المكائد والضوائق وتُحاك المؤامرات ، وتنتشر الفتن فإن المؤمن الحق يُكابِدها جميعاً ، ويَخرج منها أقوى إيماناً وأوسَع صدراً، وأثْبت يقيناً وأعمَق ثِقة في الله تعالى في قضائه وقدَره ، في عدله وفضله ، في نصره وعزِّه وفي الحديث واعلم أن النصر مع الصبر " لذلك حزن رسول الله صل الله عليه وسلم على قومه لِما رأى مِن كفرهم وعنادهم وتكبُّرهم عن قبول الحق ، وهو يريد لهم الهداية والصلاح وذلك لمّا ذاق رسول الله صل الله عليه وسلم حلاوةَ الإيمان أحب أن يشاركه قومُه هذه المتعة الإيمانية .

والحق سبحانه وتعالى هنا يُسلِّي رسولَه صل الله عليه وسلم ، ويخفِّف عنه ما صدمته في قومه ، يقول له: " لا تحزن عليهم " ، ولا تُحمِّل نفسَك فوق طاقتها ، فما عليك إلَّا البلاغ ، كما خاطبَه ربُّه في آية أخري قال تعالى :" فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث آسفا " سورة الكهف: الآية 6 ـ أي: لا تكن مهلِكًا نفسك أسفًا عليهم , وفي الآية التي معنا ك" ولاتك في ضيق مما يمكرون " سورة النحل: 127ـ .والضيق يقَع للإنسان على درجات فقد تَضيق به بلدُه فينتقل إلى بلدٍ آخر، وربَّما ضاقَت عليه الدنيا كلها ، وفي هذه الحالة يمكن أن تسَعه نفسُه ، فإذا ضاقَت عليه نفسُه فقد بلَغ أقصى درجات الضِّيق ، كما قال تعالى عن الثلاثة الذين تخلَّفوا عن الجهاد مع رسول الله صل الله عليه وسلم :" وعلى الثلاثة الذين خُلفوا حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم : سورة التوبة: الآية 118. ـ

وبعد غَزوة أُحد عندما ظفر المشركون بالمسلمين في مثَّلوا بالشهداء تمثيلًا لم تَعرفه العرب  فبقروا بطونَهم ، وصلموا آذانَهم ، وجدعوا أنوفَهم ، إلى غير ذلك ممَّا يُقال من أنَّ المشركين ونساءهم فَعلوه بالشهداء  تشفِّيًا لِما أصابهم في يوم بدر، حتى أن هند بنت عتبة  زوج أبى سفيان - بقرَت بطنَ حمزة رضي الله عنه وأخذَت كبدَه ، وأكلَت شيئاً منها وحين رأي النبي صل الله عليه وسلم ما فعَل المشركون بحمزة رضي الله عنه  وغيرِه من شهداء المسلمين  حزنَ لذلك حزناً شديداً ، وحلف لئن أظفَرَه الله بالمشركين أن يمثِّل بسبعين منهم ، وكذلك فعَل كثيرٌ من المسلمين ، ولكنه عفا وأصلح  لما نزلت هذه الآيات:  " وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عُوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين , واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون " سورة النحل:  الآيات 126 - 128،

قيل: إنَّها نزلَت بالمدينة ، بعد غزوة أُحد ، ولهذا حُسِبت الآيات الثلاث من القرآن المدني ، على حين أنَّ السورة كلها - فيما عدا هذه الآيات الثلاث - مكِّية.قيل للإمام الشافعي: يا إمام ، أندعو اللهَ بالابتلاء أم بالتمكين؟ فقال الإمام الشَّافعي: " قال لن تمكن حتى تبتلي " قال تعالى :" أحسب الناس أن يُتركوا أن يقولوا أمنا وهم لايُفتنون , ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين " سورة العنكبوت الآية 2 ـ 3 ـ ويبين الله تعالى لنا أن وعده بالجنة يأتي للمجاهدين والصابرين قال تعالى :" أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين " سورة آل عمران الآية 142ـ ." موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه

من أسرار التنزيل :

قال تعالى :" والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لايخرج إلا نكدا كذلك نصرف الآيت لقوم يشكرون " سورة الأعراف الآية 85 ـ والمعنى: أن الأرض الكريمة التربة يخرج نباتها وافيا حسنا غزير النفع بمشيئة الله وتيسيره، والذي خبث من الأرض كالسبخة منها لا يخرج نباته إلا قليلا عديم الفائدة.فالأول: مثل ضربه الله للمؤمن يقول: هو طيب وعمله طيب.والثاني: مثل للكافر، يقول: هو خبيث وعمله خبيث، وفيهما بيان أن القرآن يثمر في القلوب التي تشبه الأرض الطيبة التربة ، ولا يثمر في القلوب التي تشبه الأرض الرديئة السبخة. تفسير الوسيط . ويقول صاحب الكشاف لولي الله الزمخشري رحمه الله تعالى : " وهذا مثل لمن ينجح فيه الوعظ والتذكير من المكلفين ، ولمن لا يؤثر فيه شيء من ذلك. وعن مجاهد: آدم وذريته منهم خبيث وطيب. وعن قتادة: المؤمن سمع كتاب الله فوعاه بعقله وانتفع به، كالأرض الطيبة أصابها الغيث فأنبتت. والكافر بخلاف ذلك. وهذا التمثيل واقع على أثر ذكر المطر. وإنزاله بالبلد الميت ، وإخراج الثمرات به على طريق الاستطراد ,

وقريب من معنى الآية الكريمة ما رواه الشيخان عن أبى موسى قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: "مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا، فكانت منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به."عن مجاهد: " والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدًا " ، قال: الطيب ينفعه المطر فينبت،" والذي خبث " السباخُ، لا ينفعه المطر، لا يخرج نباته إلا نكدًا. قال: هذا مثل ضربه الله لآدم وذريته كلهم، إنما خلقوا من نفس واحدة، فمنهم من آمن بالله وكتابه، فطابَ. ومنهم من كفر بالله وكتابه، فخَبُث. وأيضا في تفسير الكريم الرحمن لابن سعدي رحمه الله تعالى ,

قال تعالى :" والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لايخرج إلا نكدا كذلك نصرف الآيت لقوم يشكرون " سورة الأعراف الآية 85 ـ يعني والأرض الطيبة النقية إذا نزل عليها المطر: تُخْرج نباتًا طيبًا عظيم النفع " وذلك بإذن اللهِ ومشيئته" ، وكذلك المؤمن صاحب القلب الحي الطيب ، إذا سمع ما يَنزل من الآيات: يَزداد إيمانه وتَكثر أعماله الصالحة ،" والذي خبث لايخرج إلا نكدا ": يعني وأمَّا الأرض الرديئة فإنها لا تُخرج النبات إلا رديئاً قليلاً، لا نفعَ فيه، وكذلك الكافرُ لا ينتفعُ بآيات الله تعالى، " كذلك نصرف الآيت لقوم يشكرون .

": يعني مِثل ذلك التنويع البديع في ضَرْب الأمثال: أي نُنوِّع الحُجَج والبراهين لأُناسٍ يشكرون نِعَمَ الله تعالى ويطيعونه ، إذِ الشاكرون هُمُ المنتفعون بهذه الآيات التي فصَّلها اللّهُ في كتابه ، لأنهم يَرونها مِن أكبر النعم الواصلة إليهم من ربهم، فيَتلقونها فرحين بها، فيتدبرونها ويتأملونها ، فيُبَيِّن اللهُ لهم مِن مَعانيها، فيَزدادون بها يَقيناً ، وأما الكافرون الجاحدون فإنهم لا ينتفعون بها ، لأنّ قلوبهم خبيثة غافلة مُعرِضة ، ليستْ أهلاً لدخول آيات اللهِ فيها. . ". موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من هدي القرآن :

ـ قال تعالى :" فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا " سورة الإنسان الآية 12 ـ 14 ـيقول الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى عند تفسير هذه الآيات يخبر تعالى عن أهل الجنة وماهم فيه من النعيم المقيم وما أسبغ عليهم من الفضل العميم لايرون فيها شمسا ولا زمهريرا " أي ليس عندهم حر مزعج ولا برد مؤلم بل هي مزاج واحد دائم سرمدي لا يبغون عنها حولا " ا.هـ .

إن البرد الشديد آية من آيات الله عز وجل وجند من جنوده يسلطه على من شاء من عباده ، وهو من زمهرير جهنم روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم:" اشتكت النار إلى ربها فقالت: يارب ، أكل بعضي بعضاً ، فأذن لها بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف فهو أشد ما تجدون من الحر، وأشد ما تجدون من الزمهرير . وفي رواية: قالت النار رب أكل بعضي بعضا فأذن لي أتنفس ، فأذن لها بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف ، فما وجدتم من برد أو زمهرير فمن نفس جهنم وما وجدتم من حر أو حرور فمن نفس جهنم." رواه مسلم في صحيحه.". موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي  وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

بيان وإرشاد :

في هدي القرآن ـ قال الله تعالى :" وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله إنا إلى الله راغبون " سورة التوبة الآية 59 ـ ليست هذه الآية دعاء وإنما فيها رد وإخبار عن بعض المنافقين الذين همهم الدنيا أنهم يرضون ما إذا أُعطوا شيئاً منها ويسخطون إذا لم يُعطوا، فأرشدوا إلى الرضا بما آتاهم الله تعالى وقسم لهم وجعل لهم رسوله من الصدقات . وكما في التفسير الميسر : المعني : ولو أن هؤلاء المنافقين الذين يعيبونك يا محمد صل الله عليه وسلم ـ في قسمة الصدقات رضوا بما قسم الله لهم , وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله , ويُعطينا رسوله مما آتاه الله , إنا نرغب أن يوسع الله علينا ؛ فيغنينا عن الصدقة وعن صدقات الناس , لو فعلوا ذلك لكان خيرا لهم وأجدي ." . موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من هدي القرآن :

قال تعالى :" وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصاري تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين , بلى من اسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون " سورة البقرة الآية 111 ـ 112 ـ والمعني أن اليهود والنصاري ادعوا أن الجنة خاصة بهم ولن يدخلها غيرهم , وهذا الإدعاء الباطل نتاج تفكيرهم السيئ وأوهامهم الفاسدة , فأنزل الله تعالى قرآنا يُتلى في هذه المسئلة وهذا الإدعاء الكاذب يقول فيه قل لهم يا محمد صل الله عليه وسلم " أين دليلكم وبرهانكم على صحة ما تقولون به إن كنتم صادقين في دعواكم ؟,

ومن ثم بين الله تعالى لهم بعد ذلك أن الأمر ليس كما زعمتم أن الجنة تختص بطائفة دون غيرها , وإنما يدخل الجنة من استسلم لله وحده لا شريك له وهو مخلص مراقب لله تعالى في كل أقواله وأعماله , فمن فعل ذلك فله ثواب عمله عند ربه في الآخرة وهو دخول الجنة والنجاة من النار , ويكونون من الذين لا خوف عليهم من أن يُصيبهم أذى في مستقبلهم , ولا هم يحزنون على ما فاتهم من حظوظ الدنيا ." والله أعلم . " . موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من هدي القرآن :

قال تعالى " هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا اله إلا هو العزيز الحكيم " سورة آل عمران ـ والمعنى من التفسير الميسر هو وحده الذي يخلقكم في أرحام أمهاتكم كما يشاء من ذكر وأنثى وحسن وقبح وشقي وسعيد لا معبود بحق سواه العزيز الذي لا يغلب الحكيم في أمره وتدبيره . وفي الحديث عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صل الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: " إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما - نطفة - ثم يكون علقةً مثل ذلك، ثم يكون مضغةً مثل ذلك ، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ، ويؤمر بأربع كلماتٍ: بكَتْبِ رزقه وأجله وعمله ، وشقي أو سعيدٌ ، فو الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراعٌ ، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراعٌ ، فيسبق عليه الكتاب ، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ." رواه البخاري ومسلم. " . موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم