من أخلاق الإسلام الشكر

الشكر عبادة :

الشكر عبادة وهو يدل على صدق الايمان وشكر النعمة هو استخدامها فيما خلقت فالعين خلقها الله للنظر والتأمل فى السموات ملكوت والأرض وأمر بغض البصر عما لايحل النظر اليه والأذن خلقها الله لسماع الخير ونهى عن سماع الاثم واللسان خلقه الله للتكلم بما يفيد الناس ونهى عن الكلام بالسب والشتم والغيبة والنميمة واليد خلقها الله لتعمل وتكسب وتنفع وتكتب ما يفيد ونهى عن استخدامها فى الضرب المؤذى والبطش والظلم قال الله تعالى ان البصر والفؤاد كل أولئك عنه مسئولا سورة الاسراء ومن الشكر لله القناعة بما قسم الله بما أعطاه الله واخراج الزكاة والصدقة على الفقراء والمساكين ومن الشكر لله تعالى ذكره وتمجيد آلائه واطاعة أوامره واجتناب نواهيه وعدم تعدى حدوده قال الله تعالى لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم ان عذابى لشديد سورة ابراهيم والشكر لله عرفان بفضله وشكر لنعمائه فى خلق الكون ونظامه وأسبابه وتوالى نعمه قال تعالى وما بكم من نعمة فمن الله سورة النحل وقال سبحانه وان تعدوا نعمة الله لاتحصوها سورة ابراهيم

دوام النعم بالشكر :

_ روى البيهقى عن على رضى الله عنه قال : إن النعمة موصولة بالشكر , والشكر متعلق بالمزيد , وهما مقرونان فى قرن ولن ينقطع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من العبد , " وعن محمد بن كعب القرظى قال : قال على بن أبى طالب رضى الله عنه _ ما كان الله ليفتح باب الشكر ويخزن باب المزيد , وما كان ليفتح باب الدعاء ويخزن باب الإجابة , وما كان ليفتح باب التوبة ويخزن باب المغفرة , أتلوا عليكم من كتاب الله : ادعونى أستجب لكم , وقال : لئن شكرتم لأزيدنكم , وقال : اذكرونى أذكركم , وقال : ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما " رواه ابن ماجة والعسكرى كذا فى كنز العمال وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

فضل سورة الفاتحة:

جاء في الحديث القدسي : " أن العبد إذا قال الحمد لله رب العالمين :" قال الله تعالى حمدني عبدي" جزء من حديث وعن عمر رضي الله تعالى عنه قال :" قد علمنا سبحان الله ولا اله إلا الله فما الحمد لله ؟ فقال بن عباس رضي الله تعالى عنه :" هي كلمة رضيها الله تعالى لنفسه وأحب أن تقال " وقال بن عباس رضي الله عنه الحمد لله كلمة الشكر وإذا قال العبد الحمد لله قال الله تعالى شكرني عبدي" رواه ابن أبى حاتم وعن الحكم ابن عمير قال فال رسول الله صل الله عليه وسلم :" إذا قلت الحمد لله رب العالمين فقد شكرت الله فزادك " وكما جاء في الحديث :" اللهم لك الحمد كله ولك الملك كله وبيدك الخير كله واليك يرجع الأمر كله " الحديث وعن أنس رضي الله عنه قال سول الله صل الله عليه وسلم :" ما أنعم الله على عبد نعمة فقال الحمد لله إلا كان الذي أعطى أفضل مما أخذ وعن أنس رضي الله عنه أيضا عن النبي صل الله عليه وسلم قال :" لو أن الدنيا بحذافيرها في يد رجل من أمتي ثم قال الحمد لله لكان الحمد أفضل من ذلك " قال القرطبي وغيره أي لكان إلهامه الحمد لله أكثر نعمة عليه من نعم الدنيا لأن ثواب الحمد لا يفنى ونعيم الدنيا لا يبقى قال الله تعالى :" المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا " سورة الكهف وعن جابر رضي الله عنه مرفوعا :" أفضل الذكر لا اله الا الله وأفضل الدعاء الحمد لله " رواه الترمذي وقال حديث حسن كما في تفسير الإمام ابن كثير رحمه الله وفى سنن ابن ماجة عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صل الله عليه وسلم :" حدثهم أن عبدا من عباد الله قال يارب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك فعضلت بالملكين فلم يدريا كيف يكتبانها فصعدا إلى الله تبارك وتعالى فقالا يا ربنا أن عبدا من عبادك قد قال مقالة لا ندرى كيف نكتبها قال الله وهو أعلم بما قال عبده ماذا قال عبدي ؟ قالا يارب انه قال لك الحمد يارب كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك فقال الله لهما اكتباها كما قال عبدي حتى يلقاني فأجزيه بها " وصل الله على محمد وآله وصحبه وسلم

القناعة والرضى بالقضاء:

__ ان سعادة الانسان وراحته النفسية منوطة بالقناعة وأن يرضى بما قسمه الله له من رزق وما وهبه من نعم وعن تطلعه الى من هو أكبر ثراء وأوفر منه نعما وفى عدم القناعة وعدم الرضى يؤدين الى سخط الانسان وتبرمه ويسببان له التعاسة والشقاء والاسلام يصى أتباعه بالقناعة والرضى لتتحقق لهم راحة البال واطمئنان النفس وكان عليه الصلاة والسلام يعلم أصحابه أن الغنى ليس بكثرة المال انما الغنى يكون فى قناعة النفس ورضاها واستغنائها وتعففها وعن أبى هريرة رضى الله عنه أن الرسول صل الله عليه وسلم قال ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس"رواه البخارى ومسلم والترمذى وكان رسول الله صل الله عليه وسلم يوصى أصحابه بعدم النظر الى من هم فوقهم فى أمور الدنيا لأن ذلك قد يؤدى الى السخط وعدم الرضا وأن ينظروا الى من هم دونهم فان ذلك أدعى الى حمدهم لله وشكره على ما فضلهم به على كثير من الناس من حديث أبى هريرة رضى الله تعالى عته قال صل الله عليه وسلم "انظروا الى من هو أسفل منكم ولاتنظروا الى من هو فوقكم فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم "رواه البخارى ومسلم والترمذى ومن حديث أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صل الله عليه وسلم من حديث طويل " اجتنب المحارم تكن أعبد الناس وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس وعن سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه أن الرسول صل الله عليه وسلم قال "من سعادة ابن آدم رضاه بما قضى الله تعالى ومن شقاوة ابن آدم تركه استخارة الله تعالى ومن شقاوة ابن آدم سخطه بما قضى الله تعالى رواه الترمذى فعلى الانسان أن يقنع بما قسمه الله له من رزق ويرضى عن ظروف وأوضاع حياته التى قدرها الله تعالى له " . وصل الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

فضل الشكر وحقيقته

جمع الله سبحانه وتعالى بين معنى الشكر وفضل الذكر فقال تعالى " فاذكرونى أذكركم واشكروا لى ولا تكفرون " سورة البقرة وقال تعالى " ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما " سورة النساء وعند الترمذى من حديث أبى هريرة رضى الله عنه قوله صل الله عليه وسلم " الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر " وحقيقة الصبر لا تتأكد إلا بالعلم ومعناه أن يعرف حق النعمة فيؤديها ويكون ذلك بشكر المنعم سبحانه وتعالى عملا بقوله تعالى " لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابى لشديد " سورة إبراهيم والحال ومعناه أن تكون للنعمة أثر على انطباعه النفسى والروحى من القناعة والرضا قال صل الله على وسلم " من بات آمنا فى سربه معافى فى بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذفيرها " والعمل بالنعمة تابعا لما يريده المنعم سبحانه وتعالى والله سبحانه وتعالى لا يرضى لنا إلا الشكر والتوفيق لما يحبه ويرضى من القيام بحق النعم قال تعالى " إن تكفروا فإن الله غنى عنكم ولا يرضى لعباده الكفر , وإن تشكروا يرضه" سورةالزمر وبذلك نعلم أن الشكر عمل بالقلب والجوارح واللسان , فاظهار الشكر باللسان يكون بكثرة الحمد ففى الحديث عنه صل الله عليه وسلم " إذا قلت الحمد الله فقد شكرت الله فزادك " وعمل الجوارح يكون باستعمالها فى الطاعة وكفها عن الوقوع فى المعاصى قال تعالى " ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا " سورة الإسراء وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

نعمة الشكر:

_ قال تعالى :"وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابى لشديد " سورة إبراهيم الآية 7 _ وفى هذه الآية الكريمة إعلام مؤكد وإخبار صادق بأن الجزاء من جنس العمل , وأنكم إذا شكرتم الله تعالى على نعمه وآلائه, فإنه سبحانه يزيد المحسنين من فضلة ويجزى الشاكرين بإحسانه , ولئن جحدتم نعمه سبحانه فقد عرضتم أنفسكم لغضب الله وقد خاب من إفترى ولهذا قال تعالى :" وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن فى الأرض جميعا فإن الله لغنى حميد " سورة إبراهيم الآية 8_ وفى الآية بيان وإنذار بأن الله تعالى هو الغنى وأنتم الفقراء , فلو ان جميع من فى الأرض كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما ضر الله تعالى ذلك شئ , ولو أن جميع من فى الأرض كانوا على أتقى قلب رجل واحد ما زاد ذلك فى ملك الله شئ , والله سبحانه وتعالى هو المستحق للحمد والثناء أولا وأخيرا وهو سبحانه المحمود على كل حال , وله الحمد فى الإولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من أخلاق الإسلام الشكر:

_ من حديث أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صل الله عليه وسلم :" لايشكر الله من لا يشكر الناس " رواه الإمام أحمد وأبو داود _ خُلق الشكر فى الإسلام له أهمية كبيرة , ومنزلة عالية , إذا تحقق هذا الخُلق فى حياة الناس فقد شكروا الله على الحقيقة كما بين لنا الحديث وهو يربط لنا بين شكر الله وشكر الناس , ولكن هناك من البشر من لايُعيرون هذا الخُلق إهتماما , والحياة بين الناس تحتاج منا إلى تنشيط روحى عملى مما يدعم العلاقات , ويرسخ قيمة التواصل والبر والمعروف من أجل مزيد من التعاون والتضامن وتحقيق الخير للمجتمع الإنسانى , وهذا الخلق الرفيع فى مقابل المجاملة من أجل دعم العلاقات , لا يكلف كثير عناء فالكلمة الطيبة صدقة ولها أثرها فى إقامة العلاقات والألفة بين الناس , كما أن للكلمة السيئة أثرها السلبى بما تدخله على النفوس من نفور وتباعد , وهناك من يأخذ ولا يعطى ويضن حتى بكلمة الشكر , التى لاتكلفه شيئا مقابل ما يعطى له من خدمات , والإسلام يقول لك إن من صنع لك معروفا فكافئه , وإن لم تكافئه فاشكروه حتى تعلموا أنكم كافئتموه " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من مكارم الأخلاق :

_ عن على بن أبى طالب رضى الله عنه : أنه قال يوما : سبحان الله ما أزهد كثير من الناس فى الخير عجبا لرجل يجيئه أخوه المسلم فى حاجة فلا يرى نفسه للخير أهلا , فلو كان لايرجوا ثوابا ولا يخشى عقابا لكان ينبغى أن يسارع , إلى مكارم الأخلاق فإنها تدل على سبيل النجاح , فقام إليه رجل وقال : يا أمير المؤمنين أسمعت من النبى صل الله عليه وسلم ؟ قال نعم , لم أوتى بسبايا طيئ وقفت جارية فقالت : يامحمد ( صل الله عليه وسلم ) إن ابنة سيد قومه وإن أبى كان يفك العانى ويشبع الجائع , ويكسوا العارى ولم يرد طالب حاجة أنا ابنة حاتم الطائى فقال النبى صل الله عليه وسلم يا جارية هذه صفات المؤمن ولو كان أبوك مسلما لترحمنا عليه , خلوا عنها فإم أباها كان يحب مكارم الأخلاق " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الرضا من أخلاق الإسلام :

الرضا بالله وبما قسم من الآداب المطلوبة , والأخلاق الكريمة التى رغب الإسلام فى تحصيلها والتمسك بها , وقد جعله الإسلام علاجا سليما لحل مشاكلنا الإجتماعية وأمورنا الحياتية , والذى ينظر إلى واقعنا المؤلم , لايجد إلا التسخط وعدم الرضا بالحال وما قسم الله من رزق , وهذا دليل عام على ضعف الإيمان فى القلوب , ولكى يثبت الإيمان ويبلغ العبد درجة اليقين , لابد من الرضا بالله تعالى , وبدينه , وبنبيه محمد صل الله عليه وسلم _ فقد روى الإمام مسلم فى صحيحه , عن العباس بن عبد المطلب رضى الله عنه _ أن رسول الله صل الله عليه وسلم _ قال :" ذاق طعم الإيمان من رضى بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صل الله عليه وسلم _ رسولا "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

كيف تحقق خلق الرضا بالله ورسوله :

يتحقق خلق الرضا من خلال الرضا بما قسمه الله تعالى : كما فى حديث أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم _ من يأخذ عنى هذه الكلمات فيعمل بهن ؟ فقال أبو هريرة رضى الله عنه فقلت : أنا يارسول الله , فأخذ بيدى فعد خمسا وقال : اتق المحارم تكن أعبد الناس .. وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس
.. وأحسن إلى جارك تكن مؤمنا .. وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما .. ولا تكثر من الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب " ...وارض بما قسم الله لك " رواه الترمذى بسند حسن . وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الرضى بقضاء الله وقدره يحقق لك خلق الرضا :

ومن ذلك مانزل بالصحابى الجليل سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه _ فقد كف بصره فرضى بقضاء الله تعالى , وكان ممن يستجيب الله لدعائه , فقيل له هلا دعوت لنفسك ليرد عليك بصرك ؟ .. فقال : قضاء الله عندى أحسن من بصرى "
وهذا دليل على الرضا بقضاء الله وقدره .
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

تنفيذ أوامر الله واجتناب نواهيه دليل على خلق الرضا :

_ قال تعالى :" يا أيها الذين أمنوا استجيبوا لله ولرسول إذا دعاكم لم يحيكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون " سورة الأنفال الآية 24 _
وفى الآية الكريمة نداء للمؤمنين الذين صدقوا فى إيمانهم بالله ورسوله , أن يستجيبوا لله وللرسول بفعل الأوامر , وترك النواهى وذلك من موجبات الطاعة والإستجابة لله وللرسول صل الله عليه وسلم _ وبالإستجابة لله وللرسول إصلاح لحياتكم فى الدنيا والآخرة وفى ذلك حياة للإنسان من موت الجهل والضلال .
إن خلق الرضا سبب من أسباب دخول الجنة , وبه يتعمق حسن الظن بالله تعالى
ويتأكد للعبد حقيقة الإيمان , وكمال اليقين , وحسن الإسلام .
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

بين النعم والنقم :

_ قال تعالى : " ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " سورة الأنفال آيه 53_ إن هناك نعما يسبغها الله تعالى على عباده وهى لاتحمل لهم فى طياتها إلا كل خير ونعما أخرى تحمل خيرا وشرا , ومن المثل الأول : ما يكون فى الدنيا والآخرة , ومن ذلك فى الدنيا الإيمان بالله تعالى وحسن الخلق وما يعين عليهما ولذلك كان النبى صل الله عليه وسلم يدعوا ويقول :" اللهم إنى أسألك صحة فى إيمان وإيمان فى حسن خلق " وأما ما يكون فى الآخرة من النعم فأعظمها سعادة وشوقا وحبا للمؤمنين , نزولهم بجوار الله تعالى وتمتعهم بالنظر إلى وجهه الكريم ونعم الآخرة مطلوبة لذاتها لأن العيش هو عيش الآخرة , وإن الدار الآخرة لهى الحيوان ,

" ولذلك كان النبى صل الله عليه وسلم يقول :" اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة " ومن المثل الثانى النقم التى لاتحمل إلا الشر من كل وجه وهى والعياذ بالله , مثل الكفر بالله وسوء الخلق وما يجر إلى شر منهما وهو دخول النار , وأما ما يكون نعما من وجه وشرا من وجه آخر , فهى فى الدنيا فقط مثل البلاء وما ينزل بالعبد من صحة ومرض , وغنى وفقر , والولد والجاه فهذه الأشياء قد تكون نعما إذا استخدمت فى مرضات الله كالمال والولد والجاه والغنى وغير ذلك والعكس يكون وكذلك إذا صبر العبد على الفقر والمرض فإنه الله تعالى يجزيه الجزاء الأوفى ويستحق رضوان الله تعالى , والعكس قد يكون شرا " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

فى شكر النعمة وفضلها :

_ فقد أخرج بن عساكر عن أبى الدرداد رضى الله عنه قال : ما أمسيت ليلة وأصبحت لم ير منى الناس بداهية ( يعنى مايسؤنى ) إلا رأيتها نعمة من الله تعالى عظيمة " وعنه أيضا قال : من لم ير أن لله عليه نعمة إلا فى الأكل والشرب فقد قل فهمه وحضر عذابه " ورواه أبو نعيم فى حلية الأولياء وكذا فى كنز العمال وصل الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

فى فضل الشكر :

_ الشكر من أعظم العبادات التى تحفظ على العبد نعم الله وألائه عليه , فالشكر يزيد النعم قال تعالى :" لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابى لشديد " سورة إبراهيم الآية 7_ وقال تعالى :" وسنجزى الشاكرين " سورة آل عمران آيه 145_ وقال تعالى :" وقليل من عبادى الشكور " سورة سبأ الآية 13_ والشكر من أعظم معانيه أن يكون قولا باللسان , وإخلاصا بالقلب , وعملا بالجوارح , فمن شكر اللسان أن تستر عيباً تراه من الآخرين , ومن شكر القلب أن تحب الخير لنفسك , كما تحبه لغيرك فلا تضمر السوء لأحد , ومن شكر الجوارح استعمالها فى طاعة الله وعدم تلويثها بالمعاصى والآثام , ومن الشكر أن تظهر الرضى عن الله بإظهار نعمه عليك فلا تسترها كما يفعل كثير من الناس وقد قال صل الله عليه وسلم :" التحدث بالنعم شكر , وتركها كفر " يعنى كتمها وفى الأثر من حدث شكر ومن كتم كفر " وفى جملة من حديث النبى صل الله عليه وسلم :" إن الله تعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده " وروى أن رجلا سلم على عمر ابن الخطاب رضى الله عنه فرد عليه السلام , ثم قال له عمر , كيف أصبحت ؟ قال : أحمد الله , فقال عمر ذاك الذى أردت " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

حقيقة النعم وشكرها:

_قال تعالى ولولا اذ دخلت جنتك فقلت ما شاء الله لا قوة الا بالله ان ترن أنا أقل منك مالا وولدا " سورة الكهف _ يقول الامام ابن كثير اى : هلا اذ أعجبتك حين دخلتها ونظرت اليها حمدت الله على ما أنعم به عليك وأعطاك من المال والولد ما لم يعطه غيرك وقلت ما شاء الله لا قوة الا بالله ولهذ قال بعض السلف من أحب شيئا من حاله أو ماله أوولده فليقل ما شاء الله لاقوة الا بالله وهذا مأخوذ من الاية الكريمة وعن انس رضى الله عنه قال صل الله عليه وسلم ما أنعم الله على عبد نعمة من أهل أو مال أو ولد فليقل ما شاء الله لا قوة الا بالله فلا يرى فيه آفة دون الموت وكان يتأول هذه الاية ولولا اذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة الابالله ومن حديث ابى هريرة قال رسول الله صل الله عليه وسلم الا أدلك على كنز من كنوز الجنة لا حول ولا قوة الا بالله فعلى المسلم ان يكون له قدوة فى رسول الله صل الله عليه وسلم فى اقوله وافعاله وجميع احوله وان يتخلص من عادته السيئة فى القول والعمل والسلوك وان لا يكون حبيس الامثال الشائعة التى كثير ما تخالف تعاليم الاسلام وخاصة فيما يتصل بأمور العقيد والتى تتنافى مع منهج الاسلام فى القول والعمل وصل الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم

الشكر والرضى:

_أخبرنا المولى تبارك وتعالى أن رضاه فى شكره , فقال تعالى :" وان تشكروا يرضه لكم " سورة الزمر وأثنى على خليله ابراهيم عليه السلام بقوله إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يكن من المشركين شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه الى صراط مستقيم " سورة النحل وأخبرنا أن الشكر هو الغاية من خلقه بل هو الغاية التى خلق عبيده لأجلها قال تعالى :" والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لاتعلمون شيئاوجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون " سورة النمل وقد ثبت فى الصحيحين عن النبى صل الله عليه وسلم :" انه قام الليل حتى تفطرت قدماه فقيل له اتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟قال أفلا أكون عبدا شكورا"

وثبت عنه صل الله عليه وسلم انه قال لمعاذ رضى الله عنه " والله انى لأحبك فلا تنسى ان تقول دبر كل صلاة "اللهم اعنى على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك " وفى صحيح مسلم عنه صل الله عليه وسلم انه قال:" ان الله ليرضى عن العبد يأكل الاكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها فكان هذا هو الجزاء العظيم الذى هو اكبر انواع الجزاء كما قال تعالى ورضوان من الله أكبر سورة التوبة قال ذلك مقابل شكره بالحمد وقال الحسن اكثروا من ذكر هذه النعم فان ذكرها شكر وقد امر الله تعالى نبيه ان يحدث بنعمة ربه فقال وأما بنعمة ربك فحدث " سورة الضحى اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم

من أخلاق المسلم القناعة :

_ فيما رواه الشعبى رحمه الله تعالى عن الإمام على رضى الله عنه قال : ياابن آدم ؛ لا تعجل هم يومك الذى يأتى على يومك الذى أنت فيه فإن لم يكن من أجَلِك يأت فيه رزقك , واعلم أنك لا تكتسب من المال فوق قوتك إلا كنت فيه خازنا لغيرك " كنز العمال , وروى ابن عساكر عن سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه قال : لإبنه : يا بنى ؛ إذا طلبت الغَناء فاطلبه بالقناعة فإنه من لم يكن له قناعة لم يغنه مال " كنز العمال وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

أنواع النعم :

جاء فى كتاب الفوائد لإبن القيم رحمه الله تعالى :

أن النعم ثلاث : نعمة حاصلة يعلم بها العبد , ونعمة منتظرة يرجوها , ونعمة هو فيها لايشعر بها , فإذا أراد الله تعالى إتمام نعمته على عبده عرفه نعمته الحاضرة , وأعطاه من شكره قيداً يُقيدها به حتى لا تشرد , فإنها تشرد بالمعصية وتُقيد بالشكر ,
ووفقه لعمل يستجلب به النعمة المنتظرة , وبصره بالطرق التى تسدها وتقطع طريقها , ووفقه لإجتنابها , وإذا بها قد وافت إليه على أتم الوجوه , وعرفه النعم التى هو فيها ولا يشعر بها . " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من فضل النعم :

مما يحكى ان اعرابيا دخل على هارون الرشيد , فقال : يا أمير المؤمنين :
ثبت الله عليك النعم التى أنت فيها بإدامة شكرها , وحقق لك النعم التى ترجوها
بحسن الظن به ودوام طاعته , وعرفك النعم التى أنت فيها ولا تعرفها لتشكرها
فأعجبه ذلك منه وقال ما أحسن تقسيمه .  " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

نعم الله لاتحصى :

إن نعم الله تعالى وعطاياه كثيرة ولاتعد , ولكن الإنسان بسبب جحوده وظلمه لنفسه
لايتذكر هذا إلا عند الشدة والضيق والمرض , وأما فى أوقات الرخاء والقوة , والصحة والمنعة ينصرف عن ربه ودينه , منهمك فى شهواته وملذاته , وإن من نعم الله تعالى علينا مانراه ونحسه ونعلمه , وهو ما ينتفع به الإنسان من النعم الظاهرة  ومنها ما لانراه وهو ما يدفعه الله تعالى عنا من البلاء , وهى من النعم الباطنة والمجهولة , وهى من أتم النعم على الإنسان , لأن دفع الضرر مقدم على جلب المنافع ,

ويقول بعض الصالحين : من أرضى الجوارح بالشهوات فقد غرس فى قلبه
شجر الندمات " ومن هنا نعلم أن تكريم الإنسان لايكون فى بسط النعم عليه , وليس فى التضيق والمنع إهانة له , بل التكريم يكون بالطاعة والإهانة فى المعصية
ولهذا يقول النبى صل الله عليه وسلم ـ نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس , الصحة والفراغ " رواه البخارى ويقول القائل : إذا كنت فى نعمة فارعها
فإن شكر الطاعات تزيد النعم
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

كلمات فى الشكر:

دخل سفيان الثورى على أبى عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام ـ ,
فقال له : يابن رسول الله مما علمك الله .
فقال : إذا تظاهرت الذنوب فعليك بالإستغفار , وإذا تظاهرت النعم فعليك بالشكر ,
وإذا تظاهرت الغموم فقل : لا حول ولا قوة إلا بالله .
فخرج سفيان وهو يقول : ثلاث وأى ثلاث , والتحدث بالنعم شكر .