بالدعاء تقضى الحاجات وتندفع البلايا والمكروهات :

من أدب الدعاء:

عن أبى هريرة رضي الله عنه عن النيئ صل الله عليه وسلم لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل قيل يا رسول الله ما الاستعجال ؟قال يقول قد دعوت وقد دعوت فلم أر يُستجاب لي فيتحسر ويدع الدعاء" رواه مسلم 1ـ في هذا الحديث الشريف يبين لنا الرسول صل الله عليه وسلم أن حقيقة الدعاء هي إخلاص القلب لله تعالى وعلى الداعي أن يثق في الإجابة فمن أدمن قرع الباب يوشك أن يفتح له والمسلم لا يقترح على الله كيف يستجيب له ومتى يستجيب 2ـ وحقيقة الدعاء ينبغي أن يكون بخير وان يبتعد عن كل ما فيه إثم والاستجابة منحة وفضل من الله القائل:" ادعوني أستجب لكم "سورة غافر 3ـ ومن حقيقة الدعاء أن يعلم العبد انه مستجاب فلا يصح له أن ييئس من تحقيق الإجابة فقد ورد عن أبى سعيد رضي الله عنه عن النبي صل الله عليه وسلم :"ما من مسلم يدعوا بدعوة ليس فيها إثم أو قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث إما أن يعجل له دعوته وإما يدخرها له في الآخرة وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها قال الصحابة إذن نكثر إلا من الدعاء قال الله أكثر"وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الدعاء علاج للنفس:

الدعاء ذكر وعبادة وله من الفضل والثواب ما للذكر والعبادة وعن النعمان بن بشير أن رسول الله صل الله عليه وسلم الدعاء هو العبادة ثم قرأ وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين " سورة غافر الآية :60 ـ والحديث رواه الترمذي وأبو داود بسند صحيح إن في الدعاء راحة للنفس وشفاء لها من الكرب والهم والقلق لأن الداعي يأمل في استجابة الله تعالى له تصديقا لقوله تعالى:" وإذا سألك عبادي عنى فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون سورة البقرة الآية : 186ـ وقول النبي صل الله عليه وسلم :" إن ربكم تبارك وتعالى حيى يستحى من عبده إذا رفع بديه إليه أن يردهما صفرا رواه أبو داود والترمذي إن الأمل في استجابة الله تعالى للدعاء يخفف من كرب المؤمن وهمه ويمده بقوة تعينه على التحمل والصبر وعن عبادة بن الصامت أن رسول الله صل الله عليه وسلم ما على الأرض مسلم يدعو الله إلا آتاه الله إياها أو صرف عنه من السوء مثلها ما لم يدعوا بإثم أو قطيعة رحم فقال رجل من القوم إذا نكثر قال الله أكثر" رواه الترمذي وعن بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال :"إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء "رواه الترمذي وعن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم ما من رجل يدعو الله إلا استجاب له فإما أن يعجل له في الدنيا وإما أن يدخر له في الآخرة وإما أن يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا ما لم يدعو بإثم أو قطيعة رحم أو يستعجل "رواه الترمذي وعن سلمان أن رسول صل الله عليه وسلم:" لا يرد القضاء إلا الدعاء ولا يزيد العمر إلا البر "رواه الترمذي .". وصل الله على محمد وآله وصحبه وسلم

على العبد أن يتوجه لله وحده بالدعاء:

قال الله تعالى " وقال ربكم ادعونى أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتى سيدخلون جهنم داخرين " الأية ومن الوباء الذى انتشر بين السذج التمسح بالأضرحة فهم يذهبون الى المقابر التى تحت القباب يسألون ساكنيها وان كانوا لا يعرفون عنهم شيئا يطلبون منهم أن يقضوا لهم من شفاء مريض أو نجاح تلميذ أو توفيق فى عمل أو غير ذلك وكيفما كانت حال صاحب القبر المسؤل فماذا يستطيع أن يفعل للسائل ؟ انه لايستطيع أن يعمل له شيئا يقول قائل نحن لا نسأل الموتى وانما نستشفع بهم لعل الله أن يجيب دعاءنا ونقول له ان الله تعالى أقرب اليك من الأولياء الذين تتجشم التعب والنفقة فى سبيل الوصول اليهم فأسأله سبحانه وتودد اليه بالطاعة والاستجابة لأوامره يعطك ما تريد يقول تعالى وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لى وليؤمنوا بى لعلهم يرشدون " سورة البقرة ـ هذا الى أن الشفاعة لله لا يعطيها الا لمن شاء من عباده قال تعالى من ذا الذى يشفع عنده الا بإذنه "سورة البقرة ان ما نرى من تمسح الناس بالأضرحة وتقبيل حديدها وخشبها وأرضها وصراخ الاستنجاد عندها وتقديم العرائض لها كما يفعل الجهال بضريح الامام الشافعى وغيره من الصالحين فى أى بلد من بلاد الاسلام مع أى ولى من الأولياء أو صحابى وغيره كمن يقول يابدوى أو ياحسين أدركنى أو يا فلان كل ذلك ضلال مبين وهو أشبه بعبادة الوثنين ونعوذ بالله تعالى من ذلك اننا نقرأ فى كل ركعة فى صلاتنا " اياك نعبد واياك نستعين " سورة الفاتحة ويقول النبى صل الله عليه وسلم " واذا سألت فسأل الله واذا استعنت فاستعن بالله رواه البخارى أو بعد ذلك نضرع الى غير الله أو نسأل غيره ؟ ان اللجوء الى الأضرحة والتمسح بها وسؤال ساكنيها كأنا من كان ضلال مبين وابتداع لايقره الدين فيجب علينا أن نلزم الدين كما هو فلا ننقص منه شيئا ولانبتدع فيه ماليس منه لأن الرسول صل الله عليه وسلم يقول " كل محدثة بدعة وكل بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار "التاج باب الاعتصام بالكتاب والسنة وقال تعالى " وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " سورة الحشر .ـ وصل الله على محمد وآله وصحبه وسلم

الأهم الدعاء :

الدعاء من أعظم العبادات وأهمها بل هو بوابة كل خير و أساس كل فلاح ، يقول بعض السلف:"تأملت الخير فإذا أبوابه كثيرة ووجدت أن ذلك كله بيد الله فأيقنت أن الدعاء مفتاح كل خير.على المسلم عندما يدعوا ربه عزوجل أن يلتزم بشروط الدعاء من خضوع وتواضع وصدق ورغبة وتوبة مما سلف من ذنوب , وأن يحمد الله و يسبحه قبل أن يدعوه و يصلي على النبي صل الله عليه وسلم قبل الدعاء وبعده وغير من الشروط ومتى توافرت شروط الدعاء وآدابه فإن الله سبحانه حيي كريم يجيب من دعاه ". ـ موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من أنفع الأدعية:

قول الله تبارك وتعالى " ربنا أتنا في الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " سورة البقرة ـ الآية : 201ـ وعن أنس رضي الله عنه قال :كان أكثر دعاء النبي صل الله عليه وسلم :"اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار . رواه البخاري ,عن أم كلثوم بنت أبي بكر عن عائشة رضي الله عنهما أن رسول الله صل الله عليه وسلم علمها هذا الدعاء ، فذكره": .اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله و آجله ما علمت منه و ما لم أعلم و أعو ذبك من الشر كله عاجله و آجله ما علمت منه و ما لم أعلم ، اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبدك و نبيك ، و أعوذ بك من شر ما عاذ بك عبدك و نبيك ، اللهم إني أسألك الجنة و ما قرب إليها من قول أو عمل و أعوذ بك من النار و ما قرب إليها من قول أو عمل ، و أسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيرا " .رواه الإمام احمد وابن ماجة وابن حبان وأبو يعلى في مسنده وصححه أيضا الشيخ الألباني رحمهم الله تعالى ,ـ ومن أروع الأدعية دعاء النبي صل الله عليه وسلم " اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرا لي وتوفني ما علمت الوفاة خيرا لي اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة وأسألك كلمة الحق في الغضب والرضي وأسألك القصد في الفقر والغنى وأسألك نعيما لا ينفد وأسألك قرة عين لا تنقطع وأسألك الرضي بعد القضاء وأسألك برد العيش بعد الموت وأسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم وأسألك الشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهدين. رواه الحاكم والنسائي من حديث عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنهما . " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الدعاء بالشفاء للمرضى

من حديث عائشة رضى الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اذا أتى مريضا أو أوتى به إليه قال أذهب الله البأس رب الناس أشف وأنت الشافى لا شفاء إلا شفائك شفاء لا يغادر سقما " الله سبحانه وتعالى ملجأ المؤمنين عند الكرب ويستعنون به عند الشدة وله الشكر والفضل على كل حال والرسول صلى الله عليه وسلم وهو القدوة الحسنة والمثل الطيب كان يلجأ الى الله تعالى فى كل أمر يصيبه ويستعين به فى دفع الشدة والبأس وشفاء المرضى ذلك لأن الشفاء من الله سبحانه وما الطبيب وفحصه والدواء وأثره إلا وسيلة يسرها لنا الله لحصول الشفاء ولا يفهم من الحديث أن يترك الإنسان إتخاذ الوسائل المختلفة للعلاج ولكن عليه بجانب ذلك أن يركن الى الله فى كل شئ مع إتخاذ الوسائل وعلى المسلم أن يترك الوسائل غير المشروعة فى العلاج كحمل التمائم والإنخداع بأ قوال الدجلين وصل الله على سيدنامحمد وعلى آله وصحبه وسلم

دعاء سيدنا يونس عليه السلام

قال تعالى " فنادي فى الظلمات أن لااله الا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين " سورة الأنبياء إن اللجوء الى الله سبحانه والاستغاثة به من أهم العبادات التى يجب أن يهتم به المؤمن وهى تعنى كمال الذل لله تعالى والتسليم المطلق والإذعان الكلى والتفويض الخالص لله جلت قدرته أنه سبحانه بيده الأمر وهو المتصرف فى سائر الوجود وهو القاهر فوق عباده وهو القادر على أن ينجى عبده مهما أحاط به من شدائد _ لااله الا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين " لما دعا به سيدنا يونس وشفعت الملائكة له أمر الله تعالى الحوت فقذفه الى ساحل نينوى (مكان بأرض العراق ) كما قال رب العزة " فنبذنه بالعراء وهو سقيم " سورة الصافات وقد طرحه الحوت على الأرض وهو عليل سقيم والظلمات كما قال ابن مسعود هى ظلمة بطن الحوت وظلمة الليل وظلمة البحر _ وعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أنه لما ذهب الحوت بسيدنا يونس فى البحار يشقها حتى انتهت به الى قرار البحر فسمع تسبيح الحصى فى قراره فعند ذلك قال لا اله الا أنت سبحانك _ وروى سعيد ابن المسيب عن سعد بن مالك قال سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول _ اسم الله الذى إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى هو دعوة سيدنا يونس فقلت يارسول الله أهي ليونس بن متى خاصة أم لكافة المسلمين ؟ قال هى ليونس خاصة ولجميع المسلمين عامة إذا دعوا بها ألم تسمع قول تعالى " فنادي فى الظلمات أن لااله الا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين فنجينه من الغم وكذلك ننجى المؤمنين " سورة الأنبياء ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

يُستجاب للعبد عاجلا أم آجلا :

كما في حديث جابر بن عبد الله رضى الله تعالى عنهما عن النبي صل الله عليه وسلم قال:" يدعو الله بالمؤمن يوم القيامة حتى يوقفه بين يديه فيقول عبدي إني أمرتك أن تدعوني ووعدتك أن استجيب لك فهل كنت تدعوني فيقول نعم يا رب فيقول أما أنك لم تدعني بدعوة إلا استجيب لك فهل ليس دعوتني يوم كذا وكذا لغم نزل بك أن أفرج عنك ففرجت عنك فيقول نعم يا رب فيقول فإني عجلتها لك في الدنيا ودعوتني يوم كذا وكذا لغم نزل بك أن أفرج عنك فلم تر فرجا قال نعم يا رب فيقول إني ادخرت لك بها في الجنة كذا وكذا قال رسول الله صل الله عليه وسلم فلا يدع الله دعوة دعا بها عبده المؤمن إلا بين له إما أن يكون عجل له في الدنيا وإما أن يكون ادخر له في الآخرة قال فيقول المؤمن في ذلك المقام يا ليته لم يكن عجل له في شيء من دعائه " هذا حديث تفرد بالفضل بن عيسى الرقاشي عن محمد بن المنكدر ومحل الفضل بن عيسى محل من لا يتوهم بالوضع. ". موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

وماذا بعد هذا اليوم ؟

بعد هذا اليوم نرجو الله تعالى أن يغفر لنا ما مضى وأن يعينني فيما هو آت وأن نعمل فيه الخير وأن نجتنب فيه المعاصي وأن يوفقنا فى حياتنا ويرزقنا الصحة والعافية ويغفر لوالدينا كما ربيانا صغارا وحنوا علينا كبارا وأن يرحم أجدادنا وجداتنا وجميع موتى المسلمين وان يوفق أمتنا لما فيه الخير والصالح والرشاد اللهم من أراد ببلادنا سوء فجعل كيده فى نحره واجعل تدبيره تدميره اللهم لاترفع لهم راية ولا تحقق لهم غاية واجعلهم عبرة وآية الهم اشف صدور قوم مؤمنين بوعدك ووعيدك واجعل عذابك على من ظلم وتجبر ولا رادع يردع ولاحياء يمنع واجعل نصرك للمسلمين فى كل مكان حتى تكون كلمة الله العليا وكلمة الذين كفروا السفلى اللهم إحفظنا بالإسلام قائمين وإحفظنا بالإسلام قاعدين ولا تشمت بنا الأعداء والحاسدين اللهم قنا عذابك يوم تبعث عبادك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ادعوا ربكم
قال تعالى " ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لايحب المعتدين " سورة الأعراف الآية 55_ والمعنى . اعوا ربكم أيها المؤمنون , وأنتم متذللين له خفية وسرا , وليكن الدعاء بخشوع وبعد عن الرياء , إن الله تعالى لايحب المتجاوزين حدود شرعه و وأعظم التجاوز الشرك بالله , كدعاء غير الله من الأموات والأوثان ونحو ذلك "
وعن كيفية الدعاء لله عروجل يقول ابن جرير الطبرى فى تفسيره فتح البيان
عند هذه الآية الكريمة " ادعوا أيها الناس ربكم وحده وأخلصوا له الدعاء , دون
ما تدعون من دونه من الألهة والأصنام – وتضرعا يعنى تذللا واستكانة بطاعته
وخفية يقول : بخشوع قلوبكم وصحة اليقين منكم بوحدانية الله تعالى فيما بينكم وبينه
لا جهارا مراءاة وقلوبكم غير موقنة وعن أبى موسى رضى الله عنه أنه صل الله عليه وسلم " كان فى غزوة فأشرفوا على واد يكبرون ويهللون ويرفعون أصواتهم فقال " يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إنكم تدعون سميعا قريبا معكم " وكذلك رواه البغوى وعين الغزوة بخيبر" صفحة(1)

النهى عن التعدى فى الدعاء
والاعتداء فى الدعاء رفع الصوت به وعدم الخشوع فيه ودعاؤه تعالى بغير أسمائه
الحسنى فإنه تعالى يقول " ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذرو الذين يلحدون فى أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون " سورة الأعراف الآية 180_
والمعنى أن الله تعالى له الأسماء الحسنى الدالة على كمال عظمته وكل أسمائه حسن
فاطلبوا منه بأسمائه ما تريدون واتركوا الذين يغيرون فى أسمائه بالزيادة والنقصان
أو التحريف كأن يسمى بها من لايستحقها كتسمية المشركين بها ألهتهم أو أن يجعل لها معنى لم يرده الله ورسوله , فسوف يجزون جزاء أعمالهم السيئة التى كانوا يعملون فى الدنيا , من الكفر بالله والإلحاد فى أسمائه وتكذيب رسوله صل الله عليه وسلم والمسلم الصادق يحرص على الدعاء مع الأدب والخشوع , والتضرع والخضوع لله عزوجل ومن كان كذلك استجاب الله دعائه وتقبل سائر عمله
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة(2)

بالدعاء تقضى الحاجات وتندفع البلايا والمكروهات

عن أنس رضى الله تعالى عنه : عن النبى صل الله عليه وسلم قال :" ليسأل أحدكم
ربه حاجته كلها حتى يسأل شِسْعَ نعله إذا انقطع "
وقال صل الله عليه وسلم " سلوا الله تعالى من فضله فإن الله تعالى يحب أن يسأل "
وقال تعالى " وقال ربكم ادعونى أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتى سيدخلون جهنم داخرين  " سورة غافر الآية 60_

حاجة العبد إلى الدعاء

ليس شئ أكرم على الله تعالى من الدعاء , وليس شئ أحب وأنفع منه فى تحقيق
الحاجة وإجابة المطلوب , ودفع الضر والشر وتفريج الكربات , وذهاب الهم
وجلب الخير والبركات , وإذا توكل العبد على مولاه وفوض الأمر , كله إليه
وأخلص فى عبادته وصدق فى نيته , وحضر بقلبه وخشعت جوارحه وألح على
ربه فى دعائه وسؤاله رغبا ورهبا , متوسلا إليه سبحانه بأسمائه وصفاته ومصليا على حبيبه ومصطفاه صل الله عليه وسلم , وهو موقن بالإجابة غير شاك مقرا بعز نفسه وفقره وحاجته إلى ربه الكريم ذى الفضل والإحسان , فإن الله تعالى لايرده
خائبا ولا يشمت فيه عدوا ولا حاسدا ,"
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (1)

من نماذج الدعاء فى حياة الأنبياء والمرسلين

لقد استعان الرسول صل الله عليه وسلم وجميع الرسل قبله والصالحون من عباد الله
بالدعاء فى أوقات شدتهم وحاجاتهم , وفى أقصى المحن والنكبات فأزال الكريم كربهم ودفع همهم وحزنهم , وحقق لهم الخير والسعادة ونجاهم من الضيم والمهانة
وأمنهم من الخوف وشفاهم من الأمراض وكشف عنهم الآفات والمكروهات
والنبى صل الله عليه وسلم يتحدث فيقول :" أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل " ويقول صل الله عليه وسلم فى حديث آخر " يبتلى المرء على قدر دينه فإن كان فى
دينه صلابة زيد فى بلائه "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (2)

محنة الخليل عليه السلام مع قومه
وبيان أهمية الدعاء

وهذا نبى الله الخليل إبراهيم عليه السلام يجتمع عليه أهل الكفر , وهو الوحيد بينهم يعبد الله تعالى ويوحده , ثم يوثقونه بالحبال ويضرمون له النار ويلقونه فيها
فاستعان عليهم بتفويض أمره إلى ربه وخالقه ومدبر شئون الكون والحياة
وقال لا إله إلا أنت سبحانك , وحين استقر به الحال فى النار قال " حسبى الله
ونعم الوكيل " وهذه هى عقيدةالمؤمن الصادق , عندما يلجأ إلى ربه ليكفيه ما أهمه
ويكشف ما نزل به , ويدفع عنه الضراء والبأساء , وفوض الخليل عليه السلام
الأمر لصاحب الأمر وهو سبحانه من يقول للشئ كن فيكون فقال الله تعالى " يانار كونى بردا وسلاما على إبراهيم وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين " سورة الصافات
ويتحول المكان من حوله بردا وسلاما كأطيب ما يكون , من النسيم الهادئ وبعد خروجه يقول ما كنت بأسعد حال ولا أطيب عيش منذ كنت فيها , ووددت أن أعيش حياتى كلها كما كنت فيها "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (3)

محنة نبى الله أيوب عليه السلام

وهذا نبى الله أيوب عليه السلام يدخل فى محنة , قاسية شديدة فقد ابتلاه الله تعالى
فى ماله فهلك كله وقد كان غنيا ثريا , وابتلاه الله فى ذريته من البنين والبنات فماتوا جميعا عندما انهدم عليهم البيت الذى كانوا يعيشون فيه , وابتلاه الله تعالى بالأمراض الموجعة حتى ابتعد الناس عنه , وعاش وحيدا ولم تقف بجواره إلا زوجته الوفية التقية البارة الصابرة , وقد كانت تسعى على قوته ولم يكن ابتلائه من الله تعالى لهوانه عليه السلام ولكن من , أجل تمحيصه ورفعة درجاته وزيادة ثوابه
وقد قال صل الله عليه وسلم :" لا يزال البلاء بالمؤمن فى نفسه وماله حتى يخرج من الدنيا وما عليه خطيئة "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (4)

أشد الناس بلاء الأنبياء

ولقد بلغ بنبى الله أيوب عليه السلام الغاية فى الصبر والتسليم , لقضاء الله وقدره
حتى صار قدوة فى العالمين يضرب به المثل , وقد قالت له زوجه رضى الله تعالى عنها ياأيوب لو دعوت الله يفرج عنك , فقال : لقد عشت سبعين سنة صحيحا "
فهل قليل لله أن أصبر له سبعين سنة .
ثم شعر النبى الصالح والعبد الصابر عليه السلام , أن المرض وصل به إلى أن
عجز عن القيام للصلاة ,وقد أحس بشماتة الأعداء الذين أشاعوا عنه أن مرضه
إنما هو لغضب الله عليه , ولقد سئل فيما بعد : ما كان أشد عليك فى بلائك ؟ قال
شماتة الأعداء فجار أيوب عليه السلام ورفع أكف الضراعة والإبتهال إلى عالم السر وأخفى أرحم الراحمين ورب المستضعفين مقرا بالعجز والإفتقار قال تعالى " رب إنى مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وأتينه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين " سورة الأنبياء الآية 84_
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (5)

التوسل بالدعاء عبادة

الدعاء ينفع المسلم مما نزل وما لم ينزل , فقد توجه نبى الله أيوب على السلام إلى ربه طامعا موقنا بأن الله تعالى سيحقق له مايريده ويكشف عنه بلواه ويشفيه من مرضه الذى طال به , فالله سبحانه وتعالى هو النافع الضار وهو من بيده الشفاء والعافية قال تعالى " وإذا مرضت فهو يشفين " سورة الشعراء
ولقد أظهر نبى الله أيوب عليه السلام حاجته وأقر لربه بفقره وعجزه وأنه سبحانه أرحم الراحمين , ولم يجزع أو يضجر أو يقول كلاما يتنافى مع العبادة والتوحيد لله
وصدر الدعاء من القلب الموقن بالإجابة الصافى بالإخلاص والتسليم والطاعة لله تعالى فأجاب الرحمن دعائه وحفظ عبده وصانه من أعدائه الشامتين فيه وحقق أمنيته
فقال له تعالى " أركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب " سورة ص الآية 42_ وفعل ما أمره ربه ونبع الماء واغتسل العبد الصابر وشرب , فعاد أنضر ماكان وأحسن ما يكون وألبسه الله تعالى حلة العافية, وأحسن إليه ربه بعد تمام الصحة والشفاء الكامل ,"
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (6)

فضل الدعاء وبركته

أن أتاه أهله الذين ماتوا بأن أحياهم الله له ليسعد بهم قلبه وقد أتاه
الله تعالى مثلهم سبع بنين وسبع بنات أنجبتهم الزوجة الصالحة ليكونوا قرة عين لها وله وأرسل الله سبحانه عليه سحابة على قد قواعد داره فأمطرت جرادا من ذهب فجعل يجمع فى ثيابه , وكما أن البلاء إختبار فالنعمة والغنى كذلك إختبار وقد ناداه ربه عندما جعل يجمع الذهب فى ثيابه , بقوله يا أيوب ألم أكن أغنيتك عما ترى
قال بلى يارب ولكن لا غنى لى عن بركتك "
فهو الصابر الشاكر المقر بحاجته دوما لربه وخالقه , وقد فعل الله تعالى به ذلك رحمة به , وتذكيرا للعباد فى كل زمان ومكان , أن الله تعالى لايبتلى الصالحين من عباده لهوانهم عليه وإنما ليضاعف الثواب , ويجزل لهم الجزاء والأجر ويرفع قدرهم ويعلى منازلهم وبذلك أصبح أيوب عليه السلام بعد ذلك قدوة لكل مبتلى
ومريض أن يأخذ منه الدرس فى الصبر والشكر وفى ذلك قوله تعالى " وذكرى للعابدين " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (7)

آسية بنت مزاحم ومحنتها مع زوجها فرعون عدو الله

لقد كانت آسية بنت مزاحم رضى الله تعالى عنها , امرأة فرعون مؤمنة تقية صالحة وكما قال عنها الرسول صل الله عليه وسلم " كمل من الرجال كثير , ولم يكمل من النساء إلا خديجة بنت خويلد رضى الله عنها , وفاطمة رضى الله عنها بنت محمد صل الله عليه وسلم
ومريم ابنت عمران عليها السلام , وآسية بنت مزاحم رضى الله عنها "
ومع إيمانها واخلاصها لربها كان زوجها , فظ غليظ عتل عنيد وقد كان يكرهها على الكفر بالله والعياذ بالله , وقد شد لها أوتادا فى الشمس وأمر أن تلقى عليها صخرة عظيمة , إن هى لم تكفر بالله وتؤمن بفرعون , وجاءت إليها الملائكة وأظلتها من حر الشمس بأجنحتها , وجأرت المرأة الصالحة بالدعاء إلى ربها وهى تريد الخلاص
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (

الدعاء فيه الخلاص

قال تعالى حكاية عنها " رب ابنى لى بيتا فى الجنة ونجنى من فرعون وعمله ونجنى من القوم الظالمين " سورة التحريم الآية 11_
وقد أجاب الله دعائها ورأت بيتها فى الجنة , فضحكت واستبشرت فلما هموا بالقاء الصخرة عليها نزع الله تعالى روحها , ونجاها من القوم الظالمين ونزلت الصخرة على جسد هامد لا روح فيه , فما أعظم رحمة الله تعالى بعباده الصالحين ورأفته
بالصادقين قال تعالى " إنهم كانوا يسرعون فى الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين " سورة الأنبياء الآية 90_
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (9)

لايقبل دعاء إلا برد المظالم :

قال سفيان الثورى رحمه الله تعالى : بلغنى أن قوما من بنى إسرائيل قحطوا سبع سنين حتى أكلوا الميتة , وكانوا يخرجون إلى الجبال يبكون , ويتوسلون بنبى لهم
فأوحى الله إليه :" لو مشيتم بأقدامكم حتى تحفى ركبكم , وتبلغ أيديكم عنان السماء
وتكلّ ألسنتكم عن الدعاء , فإنى لا أجيب لكم داعيا , ولا أرحم باكيا , حتى تردوا
المظالم إلى أهلها , ففعلوا فأمطرت السماء .
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ( 10 )

من موانع اجابة الدعاء :

ـ أكل الحرام , وشرب الحرام , ولبس الحرام , وفعل المعاصى عامة " وقال سفيان ابن عيينه رحمه الله ـ لا يمنعن أحدكم من الدعاء ما يعلم من نفسه فإن الله تعالى أجاب دعاء شر الخلق ابليس لعنه الله إذ قال :" قال رب فأنظرنى إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين " الآية 36 ـ 37 ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ( 11)

الخير في الدعاء :

الدعاء نافع للمسلم سواء استجيب له أم لم يستجيب ؛؛ وذلك لأنه إذا لم يجبه الله تعالى لصاحبه في الدنيا لحكمة يعلمها سبحانه عوضه عنه مثوبة وأجراً في الآخرة كما في حديث عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه قال رسول الله صل الله عليه وسلم :" ما على الأرض مسلم يدعوا الله بدعوة إلا آتاه الله إياها أو صرف عنه من السوء مثلها ما لم يدعوا بإثم وبقطيعة رحم " رواه الترمذي , وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صل الله عليه وسلم :ـ يقول الله تعالى للعبد يوم القيامة - أكنت ترى لبعض دعائك الإجابة ولا ترى لبعضه ؟ فيقول نعم فيقول الله تعالى له أما أنك ما دعوتني بدعوة إلا وقد استجبت لك فيها أليس دعوتني يوم كذا وكذا فوجدت فرأيت الإجابة ؟ فيقول بلى ودعوتني يوم كذا وكذا فلم تر الإجابة ؟ فيقول بلى فيقول الله تعالى فإني ادخرتها لك في الجنة فلا يبقى له دعوة إلا بينها له حتى يتمنى المؤمن أن دعواته كلها كانت ذخائره كلها في الآخرة " رواه البيهقي والحاكم , فمن الواجب على المسلم أن يكثر من الدعاء بإخلاص وخشوع وهو موقن بالإجابة ,وأن يعتقد أن الدعاء نافع له في كل حال في السراء أو الضراء لأنه مظهر من مظاهر العبودية والخضوع لرب العالمين . ( 12)

ولأنه أكرم عمل يتقرب به الإنسان إلى خالقه سبحانه وعن أبى هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صل الله عليه وسلم قال :"ليس شئ أكرم من الدعاء" رواه الترمذي وبن ماجة وأيضا حديث النبي صل الله عليه وسلم :" تعرف إلى الله تعالى في الرخاء يعرفك في الشدة " رواه الترمذي وهو حديث حسن صحيح من حديث بن عباس رضي الله تعالى عنهما ـ وقال الله تعالى:" وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون سورة البقرة الآية : 216ـ , إن من الواجب على المسلم أن يكثر من الدعاء بإخلاص وخشوع ثم بعد ذلك يترك النتائج لله يصرفها كيف يشاء بحكمته وإرادته فأنت تريد وأنا أريد والله يفعل ما يريد " موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (13)