مواضيع متفرقة فى فضائل ( شهر رمضان )

صيام رمضان بين البذل والإنفاق

يطل علينا شهر رمضان المبارك من كل عام ضيفا بنفحاته وبركاته وقد فرض الله تعالى صيامه على عباده المؤمنين , بما وضحه من فضل وبينه رسول الله صل الله عليه وسلم بما فيه من المعطيات والبركات , يبقى بها على الدوام موسما للطاعات وبابا من أبواب الخيرات والبر والإحسان , وهو شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار وشهر الشكر والتوبة والإنابة , وشهر القرآن وليلة القدر وشهر المعجزات والفتوحات , وشهر التكافل والتراحم والتواصل الإجنماعى , وإن هذا الشهر لغيره من الشهور كنور متلألئ وسراج وهاج , لما يحاط به من جوانب البر والخير فى مختلف جوانب الحياة , ودورانا حول هذا المعنى , تظهر لنا تلك الصورة التى تتبدى فى مظاهر البر والإنفاق فى سبيل الله , ويزيد على ذلك إجتهاد العباد فى أعمال العبادة وألوان الطاعة , انطلاقا من الإقتداء بالرسول صل الله عليه وسلم وما كان عليه من هدى كريم , وصفه لنا أمين الوحى جبريل عليه السلام , من كونه صل الله عليه وسلم ( كان أجود ما يكون فى رمضان وكان أجود بالخير من الريح المرسلة )
والعطاء والبذل لايكون ماديا فقط ولكنه كذلك يتحقق فى السعى والجهد بالوقت وتحصيل العلم ونشره وتعليمه لمن لايعلمه

وإن الإهتداء بتوجيهات ووصايا رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام وما جاء فى فضل هذا الشهر المبارك تظهر لنا ماله من مكانة رفيعة ومنزلة عالية .
فقد ذكر عنه الصحابة رضوان الله عليهم أنه صل الله عليه وسلم كان يخطب فيهم فى آخر رمضان فيما رواه ابن خزيمة فى صحيحه عن سلمان الفارسى رضى الله عنه قال :خطبنا رسول الله صل الله عليه وسلم فى آخر يوم من شعبان فقال : " يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم شهر مبارك , فيه ليلة خير من ألف شهر , شهر جعل الله تعالى صيامه فريضة , وقيام ليله تطوعا , من تقرب فيه بخصلة من الخير , كان كمن أدى فريضة فيما سواه .

وهو شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة , وآخره عتق من النار , فاستكثروا فيه من أربع خصال , خصلتين ترضون بهما ربكم , وخصلتين لاغنى بكم عنهما , فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم , فشهادة أن لا إله إلا الله وتستغفرونه , وأما الخصتان اللتان لا غنى بكم عنهما , فتسألون الله الجنة وتعوذون به من النار
ومن فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه , وعتقا له من النار وكان له مثل أجره , من غير أن ينقص من أجر الصائم شئ "
ولقد توالت علينا أحاديث كثيرة فى فضل البذل والإنفاق , وخاصة فى هذا الشهر الكريم , الذى ينادى فيه مناد عند استقبالنا لهذا الشهر , يا باغى الخير أقبل ويا باغى الشر أدبر , وتصفد فيه الشياطين , ومن حديث أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم " ما من يوم يصبح العباد فيه إلا وفيه ملكان ينزلان فيقول أحدهما اللهم أعط منفقا خلفا , ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا "

ومن حديث عدى بن حاتم رضى الله عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال " اتقوا النار ولو بشق تمرة " ومن حديث أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال : " يا ابن آدم أنفق ينفق عليك "
إن اغتنام الفرصة فى هذه الشهر الكريم المبارك والمسارعة فيه لكل ما هو خير وبر , من كثرة العبادة وامتثال الطاعة كالصلاة , وتلاوة القرآن الكريم , والإحسان للخلق بالمال والبدن ومن الأخلاق الفاضلة كالتسامح والعفو , عنهم وهو من أعظم ما يكون من الأعمال الصالحة , فلنحرص على الخير فى هذا الشهر الكريم , ولو إفطار مسلم على شق تمرة أو جرعة ماء , وفى ذلك الفوز العظيم والثواب العميم والعتق من النار . وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة (1)

الصيام والقرآن :

من فضائل هذا الشهر العظيم المبارك الذى فرض الله تعالى صيامه , هو الشهر الذى اختاره الله جل شأنه , لنزول القرآن الكريم فيه , وبهذا يكون شهرا كريما عظيما قال تعالى " شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن , هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه " سورة البقرة
والصيام والقرآن من الوسائل العظيمة , لهدية الإنسان وتهذيب نفسه , وسمو روحه وتقوى قلبه ومعرفته لربه , ومراقبته فى السر والعلانية , وإن للصيام والقرآن عظيما الأثر فى نجاح الإنسان وفلاحه فى الدنيا ونجاته فى الآخرة قال تعالى " إن هذا القرآن يهدى للتى هى أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا " سورة الإسراء ولهذا حثنا الرسول صل الله عليه وسلم على تلاوة القرآن فى رمضان وغيره تمكينا لحجته , واستضاءة بنور حكمته , ومن ذلك حديث ابن عباس رضى الله عنه , حيث كان رسول الله صل الله عليه وسلم , يلقى جبريل كل ليلة من رمضان  فيدارسه القرآن والمدارسة أى القراءة " رواه الشيخان

وعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما , أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال :
" الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة , يقول الصيام : أى رب منعته الطعام والشهوة فشفعنى فيه , ويقول القرآن منعته النوم بالليل فشفعنى فيه , قال فيشفعان " رواه أحمد والطبرانى فى الكبير
وعن كعب أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال : ينادى مناد يوم القيامة :
إن كل حارث يعطى بحرثه , ويزداد أهل الصيام والقرآن فيعطون أجرهم بغير حساب " رواه أبو داود فى سننه
وبالقرآن الكريم تخشع جوارح المؤمنين , لربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم لذكر الله
وفيه الهدى , يهدى به من يشاء من عباده قال تعالى " الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثانى تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم , ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله , ذلك هدى الله يهدى به من يشاء من عباده , ومن يضلل الله فما له من هاد " سورة الزمر

وأما الذين يعرضون عن آيات الله , وينبذونها وراء ظهورهم ويتركون العمل بما فيها يقول تعالى فيهم " فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها , سنجزى الذين يصدفون عن آياينا سوء العذاب بما كانوا يصدفون " سورة الأنعام
والقرآن الكريم هو كلام الله تعالى المعجز والمنزل لفظا ومعنى على عبده ورسوله محمد صل الله عليه وسلم بواسطة أمين الوحى جبريل عليه السلام , وبلغه رسول الله صل الله عليه وسلم إلى أمته قارئا بألفاظه المنزلة من عند الله تعالى , ومتبعا لقرأته بل كان جمعه بأمر الله تعالى حيث قال " إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه " سورة القيامة

وأمر الله سبحانه عند تلاوة القرآن بالإستعاذة من شر الشيطان الرجيم كما أمر بالوضوء عند اتيان الصلاة فالإستعاذة واجبة قال تعالى " فإذا قرأت القرآن فا ستع بالله من الشيطان الرجيم , إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون , إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون " سورة النحل
وفى القرآن الكريم هداية الناس وسعادتهم أجمعين وذلك بتدبر آياته والعمل بها يهدى الناس إلى الصراط المستقيم ," صراط الله الذى له مافى السموات والأرض ألا إلى الله تصير الأمور " سورة الشورى
وقال تعالى " كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحكيم " سورة إبراهيم

والقرآن الكريم هو الشافع والمشفع , وهو العروة الوثقى وحبل الله المتين .
يقول الرسول صل الله عليه وسلم " القرآن أفضل من كل شئ دون الله , وفضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله تعالى على خلقه , فمن وقر القرآن فقد وقر الله تعالى , ومن لم يوقر القرآن لم يوقر الله , وحرمة القرآن عند الله تعالى كحرمة الوالد على ولده , والقرآن شافع مشفع وما حل ( أى خصم مجادل مصدق ) فمن شفع له القرآن شُفع , ومن محل به القرآن صدق , ومن جعله أمامه قاده إلى الجنة , ومن جعله خلفه ساقه إلى النار , وحملة القرآن هم المحفوفون برحمة الله , الملبسون نور الله , المعلمون كلام الله , من والاهم فقد والى الله , ومن عادهم فقد عادى الله يقول الله تعالى : يا حملة القرآن استجيبوا لربكم بتوقير كتابه , يزدكم حبا ويُحببكم إلى

عباده , ويدفع عن مستمع القرآن بلوى الدنيا , ويدفع عن تالى القرآن بلوى الآخرة ومن استمع إلى آية من كتاب الله  , كان له أفضل مما تحت العرش إلى النجوم
" تفسير القرطبى
ومما جاء فى فضل القرآن ما قاله الرسول الكريم صل الله عليه وسلم فى وصفه قوله
" إن الله تعالى أنزل هذا القرآن , آمرا وزجرا , وسنة خالية ومثلا مضروبا , فيه نبأكم وخبر ما كان قبلكم ونبأ ما بعدكم وحُكم ما بينكم , لايخلقه طول الرد , ولا تنقضى عجائبه , وهو الحق , ليس بالهزل من قال به صدق ومن حكم به عدل , ومن خاصم به فلح , ومن قسم به أقسط , ومن عمل به أجر , ومن تمسك به هدى إلى صراط مستقيم , ومن طلب الهدى من غيره أضله الله , ومن حكم بغيره قصمه الله , وهو الذكر الحكيم والنور المبين والصراط المستقيم , وحبل الله المتين , والشفاء النافع , عصمة لمن تمسك به , ونجاة لمن اتبعه , لا يُعوج فيُقوم , ولا يزيغ فيستعتب " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
                                                                        صفحة (2)

وفى الصيام إصلاح للنفس

جاء الإسلام برسالة عامة لتحقق للعباد الهدف والغاية التى من أجلها خلقوا , وجعل لهم من الوسائل والمقاصد التى تسموا بالنفس إلى مدارج الكمال الإنسانى , وتتمثل هذه المقاصد فى توحيد الله تعالى والإقرار بأنه الحق وهو الخالق الرازق ذو القوة المتين وهو سبحانه الحكم العدل الذى يتصرف فى خلقه بما يشاء وكيف يشاء قال تعالى" ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين " سورة الأعراف واصلاح النفس وهداية الإنسان إلى التى هى أقوم , تكون أكثر تحققا فى شهر رمضان الكريم وذلك من خلال الوسائل , التى جمع لنا الله تبارك وتعالى فيها من القيم الإسلامية والتعاليم الدينية كل أصول الخير ومعالم الطريق , وهى تتمثل فى الأخوة الإنسانية , والأخوة الدينية ويظلالها التسامح , وخلق الصبر والحكمة , والذى تنتظم به حياتنا الإجتماعية بما يكفل التراحم والتعاون و حب الخير للآخرين فالصيام لم يأت بفعل السلب فقط الذى يتمثل فى الإمساك عن شهوتى البطن والفرج وإنما جاء لغاية نفتقدها , فى صومنا العملى وهو اصلاح النفس لنستعيد قيم الإسلام التى افتقدناها فى حياتنا كالعدل والمساواة بين الجميع فكلنا نصوم فى وقت واحد ونفطر فى وقت واحد , ولا فرق فى ذلك بين غنى وفقير , ولا بين حاكم ومحكوم قال تعالى " يا أيها الناس إن خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم " سورة الحجرات وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الصيام والدعاء

الدعاء طريق الفلاح وسلم النجاة فى الدنيا والآخرة

لقد أمرنا المولى جل شأنه , بأن نتوجه إليه بالدعاء , وأن ندعوه خوفا وطمعا
ونتضرع إليه فى الرخاء والشدة , ونلجأ إليه فى كل لحظة , والإنسان دائما فى
حاجة إلى ربه, وخالقه فيدعوه ويتضرع إليه قال تعالى : وإذا سألك عبادى عنى
فإنى قريب أجيب دعوة الداع إذا داعان فليستجيبوا لى وليؤمنوا بى لعلهم يرشدون " سورة البقرة الآية 186_
وقال سبحانه وتعالى " أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء
الأرض أإله مع الله قليلا ما تشكرون " سورة النحل الآية 62_
ولقد كان الأنبياء والمرسلين, يتوجهون إلى جل شأنه بالدعاء , فى كل وقت وحين
لاجيئين إليه وبه مستغثين ومتضرعين , وعلى نهجهم سار المسلمون , والمؤمنون
ولجأوا إلى ربهم متضرعين , ومستغثين وتوجهوا إليه خاشعين , فاستجاب لهم ربهم
إنه هو السميع العليم , قال تعالى " إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أنى ممدكم بألف من الملائكة مردفين " سورة الأنفال

وقد لجأ إليه الرسول صل الله عليه وسلم حين عودته من الطائف يدعوه إليه خاشعا متضرعا يقول " اللهم إنى أشكوا إليك ضعف قوتى , وقلة حيلتى , وهوانى على الناس يا أرحم الراحمين , أنت رب المستضعفين وأنت ربى , إلى من تكلنى إلى بعيد يتجهمنى , أم إلى عدو ملكته أمرى , إن لم يكن بك غضب على فلا أبالى , ولكن عافيتك هى أوسع لى , أعوذ بنور وجهك الذى أشرقت له الظلمات , وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة , من أن تنزل بى غضبك أو يحل على سخطك , لك العتبى حتى ترضى , ولا حول ولا قوة إلا بك"
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة(1)

الدعاء عبادة

مما لاشك فيه أن فى الدعاء تتمثل العبودية الخالصة والعمل الصالح يقول النبى صل الله عليه وسلم" الدعاء مخ العبادة " رواه الترمذى من حديث أنس رضى الله عنه
ومما لايخفى على مسلم أن الدعاء مطلوب فى كل وقت , ولكنه يتخصص فى الأوقات المباركة الفاضلة ومن ذلك أيام الصيام فى رمضان المبارك , شهر القرآن الكريم , حيث تفتح فيه أبواب السماء , كما يستحب للمسلم أن يكثر من من الدعاء
فى ما يصومه فريضة كانت أو نافلة, تقربا إلى ربه سبحانه وتعالى , وابتغاء مرضاته وطمعا فى وجه الكريم وفى ذلك يقول النبى صل الله عليه وسلم " ثلاثة لاترد دعوتهم , الصائم حين يفطر , والإمام العادل , ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام وتفتح لها , أبواب السماء ويقول الرب : وعزتى وجلالى لأنصرنك ولو بعد حين " من حديث أبى هريرة رضى الله عنه رواه أحمد والترمذى وحسنه وابن ماجة

وفيما رواه ابن خزيمة فى صحيحه والبزار قال رسول الله صل الله عليه وسلم "
ثلاثة حق على الله , ألا يرد لهم دعوة , الصائم حين يفطر , والمظلوم حتى ينتصر ,
والمسافر حتى يرجع "
وعن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم "
الصائم لاترد دعوته " رواه الترمذى وحسنه
وعن عبد الله بن أبى مليكة عن عبد الله بن عمر بن عمرو بن العاص _ رضى الله عنهما _ قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم " إن للصائم عند فطره لدعوة ما ترد" رواه البيهقى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة(2)

وفى فضل شهر رمضان واستحباب الدعاء

من حديث عبادة بن الصامت رضى الله عنه , أن رسول الله صل الله عليه وسلم
قال : يوما وقد حضر رمضان :
" أتاكم رمضان شهر بركة يغشاكم الله فيه , فينزل الرحمة , ويحط الخطايا , ويستجيب الدعاء , ينظر الله تعالى إلى تنافسكم فيه , ويباهى بكم ملائكته , فأروا الله فى أنفسكم خيرا فإن الشقى من حرم فيه رحمة الله عز وجل " رواه الطبرانى ورجاله ثقات

وعن سلمان الفارسى رضى الله تعالى عنه قال : خطبنا رسول الله صل الله عليه وسلم فى آخر يوم من شعبان قال :
" أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك , شهر فيه ليلة خير من ألف شهر , شهر جعل الله صيامه فيضة , شهر أوله رحمة , وأوسطه مغفرة , وآخره عتق من النار
فاستكثروا فيه من أربع خصال , خصلتين ترضون بهما ربكم , وخصلتين لاغناء لكم عنهما , فإما الخصلتين اللتان ترضون بهما ربكم , فشهاده ألا إله إلا الله وتستغفرونه , وأما الخصلتان اللتان لا غناء بكم عنهما , فتسألون الله الجنة , وتعوذون به من النار " رواه البيهقى وابن خزيمة فى صحيحه
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة(3)

منزلة الدعاء وحصره بين آيات الصيام

إن من الملاحظ الهامة والجديرة بالذكر, ومما يلفت الانتباه أن الآيات التى تتحدث عن شهر رمضان والصيام وأحكامه , وحكمته ذكرت متتالية فى سورة البقرة وتخللها قوله تعالى " وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان
فليستجيبوا لى وليؤمنوا بى لعلهم يرشدون " سورة البقرة
ولا شك أن وضع هذه الآية الكريمة بين آيات الصيام الشريفة , له حكمته ودلالته , فإن كل وضع فى القرآن الكريم له حكمته , ويرى أهل التفسير والفقه بأنه من الحكمة
التى تبدو جلية واضحة , فى تخلل آية الدعاء فى وسط الآيات البينات التى تتحدث عن الصيام وفضل شهر رمضان , وهو أن الدعاء فى أثناء ذلك جدير بالاستجابة
بإذن الله تعالى _ وذلك لما يحيط به من جو , العبودية والخضوع لله تعالى والخشوع له , والتقوى وهى ثمرة من ثمرات الصيام , حيث يبين سبحانه وتعالى أنها من حكمة الصيام حيث يقول اله تعالى " يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون " سورة البقرة 186_
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة(4)

ويستجيب الله الدعاء ويحب من دعاه

ومن المعلوم أن الدعاء أثناء الصيام جدير بالاستجابة , بإذنه تعالى وذلك لما يتصف به الصائم من السمو النفسى , والصفاء الروحى , الذى يكون عليه الصائم ومن حديث أبى هريرة رضى الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم قال الله تعالى " كل عمل ابن آدم له , إلا الصوم فإنه لى وأنا أجزى به , والصيام جنة , فإذا كان يوم صوم أحدكم , فلا يرفث ولا يصخب , فإن سابه أحد أو قاتله , فليقل إنى صائم , والذى نفس محمد بيده , لخلوف فم الصائم أطيب من ريح المسك , للصائم فرحتان يفرحهما , إذا أفطر فرح بفطره , وإذا لقى ربه فرح بصومه " رواه البخارى  واللفظ له , ومسلم

وفى رواية أخرى للبخارى
" يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلى , الصيام لى وأنا أجزى به والحسنة بعشر أمثالها "
وفى رواية لمسلم كل
كل عمل بن آدم يضاعف , الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف , قال الله تعالى : إلا الصوم فإنه لى وأنا أجزى به , يدع شهوته وطعامه من أجلى , للصائم فرحتان
فرحة عند فطره , وفرحة عند لقاء ربه , ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة (5)

الصيام والإستغفار

طاعة لربنا واستجابة لأداء , فرائضه نصوم شهر رمضان الذى قال فيه المولى جل شأنه " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون " سورة البقرة

ويقول النبى صل الله عليه وسلم " من صام رمضان إيمانا وإحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " رواه مسلم

وفى معنى" إيمانا وإحتسابا " قال الإمام الخطابى رحمه الله تعالى " أى صامه على نية وعزيمة , وهو أن يصوم على التصديق والرغبة فى ثوابه , طيبة بها نفسه غير كاره له , ولا مستثقل لصيامه , ولا مستطيل أيامه , لكن يغتنم طول أيامه لعظم الثواب , ويقول الإمام البغوى رحمه الله تعالى " قوله إيمانا واحتسابا , أى طلبا لوجه الله تعالى وثوابه " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة (1)

فضل شهر رمضان وما جاء فيه

وفيما رواه ابن خزيمة فى صحيحه من حديث سلمان رضى الله عنه قال : خطبنا رسول الله صل الله عليه وسلم فى آخر يوم من شعبان فقال :" يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم , شهر مبارك فيه ليلة خير من ألف شهر , شهر جعل الله صيامه فريضة
وقيام ليله تطوعا , من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريض فيما سواه
وهو شهر الصبر , والصبر ثوابه الجنة , وشهر المواساة , من فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار , قالوا يا رسول الله صل الله عليه وسلم " ليس كلنا يجد ما يفطر به الصائم فقال صل الله عليه وسلم " يعطى الله تعالى هذا الثواب من فطر صائما على تمرة أو مذقة مذقة [_ بفتح الميم _ وسكون الدال _ وفتح القاف ]( بضع من اللبن على قليل من الماء ) أو شربة ماء , وهو شهر أوله رحمة , وأوسطه مغفرة , وآخره عتتق من النار ,  فاستكثروا فيه من أربع خصال , خصلتين ترضون بهما ربكم , وخصلتين لاغناء لكم عنهما , فإما الخصلتين اللتان ترضون بهما ربكم , فشهاده ألا إله إلا الله وتستغفرونه , وأما الخصلتان اللتان لا غناء بكم عنهما , فتسألون الله الجنة , وتعوذون به من النار.
              وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة(2)

بين الصيام والإستغفار

إن فى الإستغفار مع الصيام مرضاة للمولى جل شأنه حيث يحصل العبد على عفو الله ومغفرته ومما لايخفى على مسلم  ان الإستغفار مطلوب فى كل الأوقات وسائر الأحوال , ولقد كان من فضل الله تعالى أيضا على عباده الصائمين ى شهر رمضان أن الملائكة , تستغفر لهم فى كل يوم وليلة , حتى إذا كانوا آخر ليلة غفر الله لهم جميعا وفى ذلك حديث رواه البيهقى عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما عن رسول الله صل الله عليه وسلم قال :" أعطيت أمتى فى شهر رمضان خمسا لم يعطهن نبي قبلى ,,
أما واحدة : فإنه إذا كان أو ليلة من شهر رمضان , ينظر الله عز وجل إليهم
ومن نظر الله تعالى إليه لم يعذبه أبدا .
وأما الثانية " فإن خلوف أفواهم حين يمسون أطيب عند الله تعالى من ريح المسك
وأما الثالثة : فإن الملائكة تستغفر لهم كل ليلة .
وأما الرابعة : فإن الله تعالى يأمر جنته , فيقوال لها استعدى وتزينى لعبادى , أو شكوا أن يستريحوا إلى دارى وكرامتى ,
وأما الخامسة : فإنه إذا كان آخر ليلة غفر لهم جميعا , فقال رجل من القوم , أهى ليلة القدر : فقال لا ألم تر إلى العمال يعملون , فإذا فرغوا من أعمالهم وفوا أجورهم "
رواه الإمام أحمد والبزار والبيهقى
            وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة (3)

هل من مستغفر يغفر له ...؟

ومن حديث عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه عن النبى صل الله عليه وسلم
قال : " إذا كان أول ليلة من شهر رمضان , فتحت أبواب الجنان , فلم يغلق منها باب واحد الشهر كله , وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب واحد الشهر كله .
وغلغلت عتاة الجن , وينادى مناد كل ليلة إلى انفجار الفجر :
يا باغى الخير يمم وأبشر , ويا باغى الشر أقصر وأبصر .
هل من مستغفر يغفر له ؟
هل من تائب يتوب الله عليه ؟
هل من داع يستجاب له ؟
هل من سائل يعطى ؟
ولله عز وجل كل فطر من شهر رمضان كل ليلة , عتقاء من النار ستون ألفا
فإذا كان يوم الفطر أعتق الله تعالى مثل ما أعتق فى جميع الشهر ثلاثون مرة
ستين ألفا , ستين ألفا " رواه البيهقى
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة(4)

بين الصيام والقيام ومغفرة الذنوب

من حديث أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه , عن النبى صل الله عليه وسلم قال :
" من صام رمضان وعرف حدوده , وتحفظ ما ينبغى أن يتحفظ كفر ما قبله "
رواه ابن حبان فى صحيح والبيهقى
وفى رواية للنسائى أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال : " إن الله تعالى فرض صيام رمضان وسننت لكم قيامه , فمن صامه وقامه إيمانا وإحتسابا , خرج من ذنوبه كيوم ولادته أمه .
وفيما رواه البخارى ومسلم وإبو داود , أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال :
" من قام رمضان إيمانا وإحتسابا غفر , له ما تقدم من ذنبه . "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة(5)